#1  
قديم 06-05-2014, 09:43 AM
الصورة الرمزية Eng.Jordan
Eng.Jordan غير متواجد حالياً
إدارة الموقع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: الأردن
المشاركات: 25,372
افتراضي رؤية نقدية هادفة لكتاب اللاهوت العربي" ليوسف زيدان


زينب قرأت كتاب "اللاهوت العربي" ليوسف زيدان بناء على تزكية أحد الاخوة المنبهرين به، والذي قال أنه مليء بالذخائر ...
وكتبت عنه النقد التالي:
---------------------------------------------
لاأستطيع نقد الكتاب كله، لأن هذا يستلزم مني تأليف كتاب مماثل له في الحجم... وأشك في ان رأيي سيكون له أي تأثير في المعجبين بهذه النوعية من الكتب.. لكنني سجلت ملاحظات سريعة لنفسي.. وعذرا لأني لا املك وقتا لشرحها.. لعلها مع ذلك تكون واضحة

الانتقاد الأساسي بالنسبة لي على الكتاب يكمن في ثلاث نقط
الاولى: التدليس والتحريف المتعمد لكثير من احداث التاريخ التي اعرفها بشكل قطعي، مما يجعلني متشككة في الاحداث الاخرى التي تحدث عنها والتي اجهلها : كتفاصيل الصراعات المسيحية
الثانية: ابتساره لمشاكل علم الكلام وانتقائيته في الحديث عنها وفي تعريفها لتخدم فكرته ,,, وهذا ليس من الموضوعية والامانة العلمية في شيء
الثالثة والاهم: تناوله للبحث بناء على فكرة تطور الاديان، والتي يقوم عليها علم الاجتماع الغربي، والذي يرتكز الى فكرة ان الناس كانت بلا دين، ثم تطورت ديانتها الى عبادة المجهول او الطبيعة ثم الاوثان ثم التثليث ثم التوحيد، وسيستمر التطور حتى يصل لعبادة العلم او الالحاد حين يستغني الانسان بالعلم والعقل عن الدين..
بهذه العقلية وهذا الاسلوب من المقاربة يفسر التشابه بين الاديان ويصر عليه ويلح عليه، ويخلط الحابل بالنابل فيها ويظلم بعضها لصالح بعض..

والأسلوب الاسلامي للمقاربة، المستند لما اخبرنا به الله تعالى خالق الكون والعالم به من خلال كتابه العزيز (والذي يجب ان نكون مؤمنين به كمسلمين) ان التطور لم يكن وفق هذا المدرج، بل بدأ الناس مؤمنين من لدن سيدنا آدم أبو البشر، ثم انحرفوا بسبب اغواء الشياطين وهوى الانفس، فأرسل الله لهم الرسل، فكانت سلسلة التاريخ سلسلة من الضياع عن درب الله ثم العودة له برسالة جديدة حتى جاءت خاتمة الرسالات.. وعلى ضوء هذا التفسير القرآني يسهل علينا جدا ان نفهم التشابه الموجود بين الديانات الثلاث موضوع البحث، بل وحتى بقايا الملل والديانات المختلفة التي لا تخلو من بقايا مواعظ من انبياء سابقين –الله اعلم بهم-

وبالمجمل فإن الكتاب اشعرني بتقارب شديد بينه وبين كتاب دان براون "شيفرة دافنشي" مع الاختلاف بين الاسلوب القصصي والاسلوب العلمي (كما يفترض به) لكن الغرض واحد وهو تمييع مفاهيم الدين وازالة الفواصل بينها، وخلط الحق بالباطل، ثم ادعاء ان العنف في العالم متولد من النزعات الدينية، (وهي دعوى سمعتها من نوال السعداوي ومن مريم نور وعدد من الملحدين.. يدعون لنبذ التدين لانه سر العنف في العالم) مع ان الحقيقة الموضوعية والتاريخية تفيد ان العنف سببه الطمع الدنيوي في المال والسلطة والسيطرة، والذي يحول الدين الحق دونه، فيكون صراع يبدؤه اهل الباطل نحو اهل الحق لازاحتهم وخنق اصواتهم المنادية بالعدل والحق (وليس العكس.. ليس ان اهل الحق يريدون اخراس اهل الباطل فيبدؤون بالعنف كما يصور الكاتب) وعندها يضطر اهل الحق للدفاع عن انفسهم، (حرب دفاعية) او عن المستضعفين من اهل ملتهم (الفتوحات) ويمكن للتعمق في هذه الفكرة مراجعة كلام الشيخ الغزالي عن الجهاد في الاسلام.
وتاريخ العنف المسيحي الذي لم يبدأ الا بعد ان اقتحمت الوثنية المسيحية وسيطرت عليها، فعندها بدأ العنف المسيحي.. هذا التاريخ الدموي لا يمكن بحال ان يسحب ويطبق على التاريخ الاسلامي... (وحروب الابادة المسيحية ومحاكم التفتيش، لا يجوز ان تقارن او يعمم حكمها على مراحل بسيطة من الصراع بين الفرق الاسلامية.. كانت دائما الفرق الضالة هي البادئة بها)

وبالنسبة لجدلية العنف، فتفسير سيد قطب لها افضل من تفسيره واحق.. واكثر انسجاما مع ايماننا بالله وبشرعه.
تلك هي الخطوط العامة لاعتراضي على الكتاب.. وهناك نقاط تفصيلية المحت اليها سريعا فيما يلي:


• تشكيكه في القرآن، مثل قوله عن إقحام قصة لقمان في السورة
• زعم أن العرب والعبرانيين لا تؤمن بالتداخل بين الرب والبشر ولا بنوة الاله وهذا كذب لان العرب كانوا يقولون عن الملائكة بنات الله.. واليهود قالوا عن عزير انه ابن الله
• التشابه في الالفاظ بين العبرية والعربية لا يعني التطور الديني.. بل يعني تطور اللسان اللغوي من لغة مشتركة لشعب واحد.. الى لغتين منفصلتين
• تعبيره ان الاسلام يعبر عن ذاته بكذا وكذا وكأنه وضع بشري.. وهذا لا يجوز ممن شخص مسلم ولا حتى بحجة الموضوعية
• انكاره معجزة ولادة المسيح من أم دون أب وتقريره انه ابن يوسف النجار.. هكذا وبمرور الكرام وكأنه امر واقع
• إنكاره معنى الأمية انها عدم القراءة والكتابة مع انه مصرح به في القرآن {وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك إذن لارتاب المبطلون}
• اجتزأ آيات القتال عن سياقها وأسباب نزولها ليرسخ فكرة العنف في الدين... وحسابه على الله
• شكك في اصح الاحاديث، حين قال عن حديث متفق عليه بين البخاري ومسلم انه "قاله النبي او نسب اليه" ص 151 وهذا امر ليس بالهين ابدا بل هو ضرب للمصدر الثاني للشريعة (ضربة على الماشي ولا من شاف ولا من دري)
• نقله روايات ضعيفة، يذكر بنفسه في الهامش ضعفها ، لكنه يعتمد عليها في بناء حبكة كتابه وترسيخ نظريته الباطلة (152) فهل هذا اسلوب علمي او موضوعية؟
• كرر كثيرا فكرة ان القرآن نزل للعرب (لا للعالمين) وانه رسالة للعرب خاصة واما غير العرب فينادون به من مكان بعيد، وهذا مخالف لقطعيات الدين (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) (وأرسلناك للناس كافة بشيرا ونذيرا) (وتكرار الخطاب القرآني تارة للمؤمنين وتارة للناس أجمعين، دون ان يخاطب العرب ويخصهم بالخطاب ولا مرة) . كما أنه مخالف للواقع المعاش الذي يثبت منذ فجر الاسلام دخول الاعاجم فيه، واسبقيتهم وفضلهم، وتعداد المسلمين من غير العرب في يومنا هذا اضعاف اضعاف اعداد العرب
• أخطاء تاريخية عديدة.. أذكر منها :
زعمه ان هشام بن عبد الملك فعل شيئا ما بعد خلافة عمر بن عبد العزيز... مع ان خلافته كانت قبل عمر بن عبد العزيز، وقبل سليمان بن عبد الملك والوليد بن عبد الملك..
انكاره عمر سيدنا نوح الطويل مع انه مثبت في القرآن
زعمه ان لعيسى عليه السلام نسبا متصلا من ناحية أبيه يوسف النجار..
انكاره ان العرب عبدوا بنات لله واعتقدوا بوجود وسائط بين الله والبشر.. قال تعالى: {أفرايتم اللات والعزى، ومناة الثالثة الأخرى، ألكم الذكر وله الأنثى، تلك إذن قسمة ضيزى}
انكاره ان اليهود زعموا ان لله ابناء، بينما القرآن يثبت هذا
• علم الكلام خبط فيه خبط عشواء وتحدث على هواه وحشد من الغث والسمين ما يحتاج كتابا مستقلا للرد عليه...
• وكذب حين حاول المقارنة بين الاسلام والمسيحية في هذا.. فالارثوذكس النصارى قتلوا الهراطقة (اشخاصا وشعوبا ووقعت بينهم حروب) .. اما اهل السنة المسلمين (ممن طاب له ان يسميهم ارثوذكس) فقد بينوا ضلال اولئك ال"هراطقة" (يعني كانت حربا فكرية لا سلاحية) ولم يقاتلوهم الا عندما رفع المبتدعة انفسهم السلاح واثاروا الفتن .. يعني الموقف معكوس تماما.. لكنه يضلل القارئ ليصل للنتيجة التي يريدها وهي ربط العنف بالدين سواء كان دين حق او ضلال .. دون تفرقة.. فإن كان الدين نتيجته الحتمية هي العنف فلماذا يشرعه الله؟ ولماذا لا يترك الله الناس ليقودهم المفكرون والفلاسفة وامثال زيدان هذا نحو السلام والطمأنينة بدل ان ينزل لهم دينا يحرضهم على العنف.؟ ياله من رب ظالم.. هكذا يصوره (وأستغفر الله من هذا) ثم يضع لك بين قوسين (الله تعالى) ليزعم انه ينزه الله، وهو يتهمه بأنه يشرع للناس العنف، او انه عاجز غافل، يشرع للناس شريعة للهداية غافلا عن طباع الناس التي خلقها والتي سيكون تجاوبها مع هذه الهداية هو بالقطع العنف.. يعني في الحالين انتقاص من الله تعالى وطعن في الاديان كلها.. قبل التحريف وبعده.. لانه لاحظ ان ديننا الاسلامي غير محرف، وان انحرفت طوائف عنه، الا انه محفوظ بحفظ الله له، لكن تعميم الكاتب يفيد انه حتى الدين المحفوظ والمؤمنون بالدين المحفوظ غير المحرف سينحرفون للعنف لا محالة.. فالخلل اذن من واضع الدين سبحانه وتعالى عما يصفون
• اتهامه للاسلام باحتقار المرأة.. وحشو ذلك بأكاذيب منها ان الرجل يرث الضعف او الكل.. فمتى كان يرث الكل؟
• اعتماده على البدع الصوفية في اعتبار المساواة بين الديانات بأن هناك وساطات بين العبد والرب .... بدل ان يأتي على ذلك بدليل من نصوص القرآن او السنة.. ومعروف ان هذا النوع من الصوفية مبتدع وليس من الاسلام في شيء ولا يحمل الاسلام وزره.
• زعمه أن الاسلام يعبد الشعوب للحكام واستناده على أجزاء من احاديث معينة يفسرها على هواه.. وما حرر الفكر الانساني من سيطرة الحكام الا الاسلام.. ولا علاقة لنا بعلماء السلاطين .. ولا مستغلي الدين لخدمة اغراضهم، لان زيدان يحاكم الدين نفسه لا المتدينين به حتى لو زعم غير هذا.. بل انه في الاسلام بالذات اخذ يحاكم الدين لا المنتسبين اليه ويستند لايات واحاديث مجتزأة .
هذا ولي ملاحظات اخرى كثيرة جزئية ولكن فاتني تدوينها اثناء القراءة.. ولا يتسع وقتي لاعادة تعقبها...



محاولة زعم ان الدين يتفاعل مع عقليات الشعوب فيتأثر بها ويتغير بحسب الشعب الذي يعتنقه.. ومن هنا تغيرت النصرانية في مصر واكتسبت فكرة الثالوث وابن الله وتجسد الاله... وظهر الهراطقة الذين يرفضون هذه الفكرة في بلاد العرب (الشام)
والتفسير الديني والتاريخي البسيط والواضح لهذا هو ان مهد الديانة المسيحية كان بلاد الشام (فلسطين تحديدا) لهذا من الطبيعي ان تكون الطوائف ذات الايمان الصحيح والاصلي في بلاد الشام، وانه بانتشاره للبلاد الاخرى وفي ظل الاضطهاد والملاحقة الرومانية بدأ التحريف يدخله..
والواقع يثبت كذب نظرية ان الشعب بحسب خصائصه ومعتقداته السابقة يطوع الفكر الدين ويغيره، واكبر دليل على هذا مصر نفسها اليوم حيث تجمع طوائف متعددة من النصارى، ومسلموها يتراوحون بين صوفية متطرفة تؤمن بالخرافات والهبل، وصوفية معتدلة علمية، واخوان، وسلفية معتدلة، وسلفية متشددة تعتقد بكفر الصوفية المتطرفة، عدا عن المتدينين العاديين الذين يفهمون من الدين انه صلاة وصيام فقط، والملحدون، والبهائيون.. فهذه كلها تجليات مختلفة ومتناقضة لنفس الدين من نفس الشعب... وهذا ينقض اساس نظريته التي بنى عليها كتابه.

بقلم أم عبد الهادي
المصدر: ملتقى شذرات

__________________
(اللهم {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} (البقرة:201)
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
ليوسف, لكتاب, اللاهوت, العربي", رؤية, سيداو, هادفة, نقدية


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
أدوات الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع رؤية نقدية هادفة لكتاب اللاهوت العربي" ليوسف زيدان
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الأردن .. "جبهة العمل الإسلامي" تدعو لرفض اتفاقية "سيداو" لتحرير المرأة ابو الطيب الأردن اليوم 0 11-10-2013 01:23 AM
منهج لغتي الصف الأول الفصل الثاني توزيع + عروض بوربوينت لكتاب الطالب + عروض بوربوينت لكتاب النشاط + التحضير + اوراق العمل احمد ادريس عروض تقدمية 2 04-18-2013 12:02 AM
عرض وتلخيص لكتاب "النبوءة والسياسة" Eng.Jordan كتب ومراجع إلكترونية 0 02-13-2013 09:43 PM
الترجمة العربية لكتاب «التأثير العربي في أوربا العصور الوسطى» Eng.Jordan كتب ومراجع إلكترونية 0 11-08-2012 09:42 PM
قطوف أدبية - دراسة نقدية في التراث العربي احمد ادريس دراسات و مراجع و بحوث أدبية ولغوية 0 01-20-2012 06:17 PM

   
|
 
 

  sitemap 

 


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 07:26 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59