#1  
قديم 07-30-2019, 06:41 AM
الصورة الرمزية عبدالناصر محمود
عبدالناصر محمود غير متواجد حالياً
عضو مؤسس
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 56,134
ورقة عظمة القرآن وهدايته وثواب تلاوته


عظمة القرآن وهدايته وثواب تلاوته
____________________

(د. أحمد فريد)
__________

27 / 11 / 1440 هـــ
30 / 7 / 2019 م
______________


1476732410.jpg


الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فالقرآن عظيم لعظمة مَن تكلم به، وهو الله -عز وجل-.

وعظمة مَن نزل به: وهو جبريل -عليه السلام-: (نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ . عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ) (الشعراء:193-194).

وعظمة مَن نزل عليه: وهو نبينا الكريم -صلى الله عليه وسلم-، سيد الأولين والآخرين، وإمام الأنبياء والمرسلين.

وعظمة الأمة التي نزل إليها، وهي أمة محمد -صلى الله عليه وسلم-: قال الله -تعالى-: (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ) (آل عمران:110).

وعظمة الزمان الذي نزل فيه: في ليلة القدر: (لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ) (القدر:3)، وفي رمضان: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ) (البقرة:185).

وعظمة المكان الذي أنزل فيه: مكة المكرمة أو المدينة المنورة.

وعظمة اللغة التي نزل بها: (بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ) (الشعراء:195)، باللغة العربية لغة أهل الجنة.

وقد أقسم الله -عز وجل- قَسَمًا عظيمًا بهذا القرآن، والعظيم لا يقسم إلا بعظيم، فقال -عز وجل-: (فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ . وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ . إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ . فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ . لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ) (الواقعة:75-79)، وقال -تعالى-: (وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَىٰ بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعًا) (الرعد:31)، أي: لو أن قرآنًا مِن سلطانه، وهيمنته، وعظمته، أن يحرِّك الجبال، أو يقطِّع الأرض، أو يكلم الموتى؛ لكان هذا القرآن، وحذف الجواب للعلم به مِن السياق.

وقال -عز وجل-: (لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ) (الحشر:21)، أي: لو نزل هذا القرآن على جبلٍ وتفهم ما فيه؛ لرأيتَ الجبل على صلابته، خاشعًا متصدعًا مِن خشية الله.

وإنما ينتفع بالقرآن أهل الإيمان به، أما أهل الكفر والشكوك والريب فلا يزدادون به إلا خسارًا، قال -تعالى-: (قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ) (فصلت:44)، فهو هداية كاملة للمؤمنين، وشفاء لما في الصدور مِن الشبهات والشهوات، والذين لا يؤمنون به العيب فيهم، ففي آذانهم وقر، أي: طبقة عازلة، تمنع وصول القرآن إلى قلوبهم، وهم كذلك في ضلالٍ بعيدٍ.

فالقرآن كتاب هداية، ولكن الهداية لا تصل إلى قلوبهم؛ لوجود الوقر في آذانهم؛ ولأنهم في ضلالٍ بعيدٍ لا يسمعون هدايته، كمَن ننادي عليه وهو في مكانٍ بعيدٍ.

وانتفاع العبد بالقرآن بحسب إيمانه، وقد قرر أهل السُّنة والجماعة أن الناس يتفاوتون في درجات الإيمان، فكلما كان المسلم أكثر إيمانا يكون انتفاعه بالقرآن أكثر، وهدايته به أتم.

سمع غلام شهده عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قوله -تعالى-: (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا) (محمد:24)، فقال الغلام: "على قلوب أقفالها حتى يفتحها الله -عز وجل-"، فأعجب به عمر، فلما استخلف عمر استعمله، فهذه الأقفال هي أقفال الغفلة، فلما فُتحت هذه الأقفال، استشعر العبد حلاوة القرآن وتأثر به.

وصلى ابن أبي أوفى -قاضي البصرة- بالناس الفجر بسورة المدثر، فلما بلغ قوله -عز وجل-: (فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ . فَذَٰلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ . عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ) (المدثر:8-10)، أخذته شهقة فمات.

وكان الحسن يكثر البكاء ويقول: "أخاف أن يطرحني في النار ولا يبالي".

مَن لم يكن له مثل تقواهم، لا يدري ما الذي أبكاهم.

ومن لم يشاهد جمال يوسف، لا يدري ما الذي آلم يعقوب.

مَن لم يبت والحب حشو فؤاده لـم يـدرِ كـيـف تـفـتـت الأكـبـاد

فكلما ازداد إيمان العبد، وازداد حبه للقرآن يكون انتفاعه به أتم، ففي الحج أو العمرة، أو الاعتكاف، وفي أجواء الإيمان التي يزداد فيها الإيمان؛ يستشعر العبد حلاوة القرآن، ويصل القرآن إلى شغاف قلبه، بخلاف سماعه في أماكن الغفلة أو أوقات الغفلة.

القرآن كتاب هداية:
==========
قال الله -تعالى-: (إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ) (الإسراء:9)، فكلما اقترب المسلم مِن القرآن، وأكثر مِن سماعه وتلاوته، يكون أقوم عقيدة، وأقوم أخلاقًا وآدابًا، وأقوم أحوالًا، وأقوالًا، وأعمالًا.

فهداية القرآن في العقيدة أكمل هداية، فاسمع قوله -عز وجل-: (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ . اللَّهُ الصَّمَدُ . لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ . وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ) (الإخلاص)"، وقوله -عز وجل-: (مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ) (المؤمنون:91)، فانتظام أمر العالَم يدل على أن إلهه واحد، فيستحيل أن يكون للكون إلهان، والأمور منتظمة تسير بقوانين ثابته لا تتغير ولا تتبدل، وقال -تعالى-: (لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا) (الأنبياء:22).

وردَّ القرآن على شبهات اليهود والنصارى، فقال -عز وجل-: (إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ . الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلَا تَكُن مِّنَ الْمُمْتَرِينَ . فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ) (آل عمران:59-61).

وبيَّن القرآن أن العقيدة ليس فيها تنازلات أو مداهنات؛ فأجاب على مَن أشار على النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يعبدوا إلهه سنة، وأن يعبد آلهتهم سنة، وقد يقبل هذا العرض أصحاب الفكر المصلحي، فيقولون: سوف يجدون حلاوة عبادة الله -عز وجل- إذا عبدوا إلهنا سنة؛ فنزل قوله -عز وجل-: (قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ . لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ . وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ . وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ . وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ . لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ) (الكافرون).

والقرآن يربي في قلب المؤمن الملكات الوجدانية، فيجعله يستشعر تقوى الله -عز وجل-، وهو يسمع: (وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ) (الحديد:4)، وقوله -عز وجل-: (مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِن ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ) (المجادلة:7)، ويستشعر الخوف مِن الله -عز وجل- عندما يسمع: (وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) (آل عمران:175)، وقوله -عز وجل-: (إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالْغَيْبِ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ) (الملك:12)، وقوله -عز وجل-: (وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ) (الرحمن:46).




______________________________________________
المصدر: ملتقى شذرات

رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
القرآن, تلاوته, عظمة, وثواب, وهدايته


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
أدوات الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع عظمة القرآن وهدايته وثواب تلاوته
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
فضل وثواب عياده المريض صابرة شذرات إسلامية 0 10-12-2016 06:08 AM
حق تلاوته عبدالناصر محمود شذرات إسلامية 0 05-16-2015 03:20 PM
اسماء شباب وبنات بوسائط رمضانية 1433 هـ Eng.Jordan شذرات إسلامية 2 06-22-2012 06:11 PM
منظمة ليبرالية يهودية تستهدف ابناء وبنات السعودية Eng.Jordan الملتقى العام 0 04-18-2012 01:17 PM
موسوعة بنين وبنات التعليمية Eng.Jordan الحاسوب والاتصالات 0 02-17-2012 07:44 PM

   
|
 
 

  sitemap 

 


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 08:22 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59