#1  
قديم 07-17-2013, 03:10 PM
الصورة الرمزية جاسم داود
جاسم داود غير متواجد حالياً
متميز وأصيل
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: سوريا
المشاركات: 1,456
سؤال الصدقة وآثارها


بسم الله الرحمن الرحيم

ان الحمد لله نحمده ونستعين به ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا وسيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضله الله فلا هادى له واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له وان محمد عبده ورسوله ... أما بعد :

روى الترمذي في جامعه من حديث أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه و سلم قال: [ إن الصدقة تطفئ غضب الرب وتدفع ميتة السوء ] وكما أنها تطفئ غضب الرب تبارك وتعالى فهي تطفئ الذنوب والخطايا كما تطفئ الماء النار وفي الترمذي عن معاذ بن جبل قال : [ كنت مع رسول الله صلى الله عليه و سلم في سفر فأصبحت يوما قريبا منه ونحن نسير فقال ألا أدلك على أبواب الخير ؟ الصوم جنة والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار وصلاة الرجل في جوف الليل شعار الصالحين ثم تلا { تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا ومما رزقناهم ينفقون } ] .

وفي بعض الآثار :
باكروا بالصدقة فإن البلاء لا يتخطى الصدقة وفي تمثيل النبي صلى الله عليه و سلم ذلك بمن قدم ليضرب عنقه فافتدى نفسه منهم بماله كفاية فإن الصدقة تفدي العبد من عذاب الله تعالى فإن ذنوبه وخطاياه تقتضي هلاكه فتجئ الصدقة تفديه من العذاب وتفكه منه ولهذا قال النبي صلى الله عليه و سلم في الحديث الصحيح لما خطب النساء يوم العيد [ يا معاشر النساء تصدقن ولو من حليكن فإني رأيتكن أكثر أهل النار ] وكأنه حثهن ورغبهن على ما يفدين به أنفسهن من النار وفي الصحيحين عن عدي بن حاتم قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم [ ما منكم من أحد إلا سيكلمه ربه ليس بينه وبينه ترجمان فينظر أيمن منه فلا يرى إلا ما قدم وينظر أشأم منه فلا يرى إلا ما قدم وينظر بين يديه فلا يرى إلا النار تلقاء وجه فاتقوا النار ولو بشق تمرة ] .

وفي حديث أبي ذر أنه قال : [ سألت رسول الله صلى الله عليه و سلم ماذا ينجي العبد من النار ؟ قال الإيمان بالله قلت : يا نبي الله مع الإيمان عمل ؟ قال أن ترضخ مما خولك الله أو : ترضخ مما رزق الله قلت : يا نبي الله فإن كان فقيرا لا يجد ما يرضخ ؟ قال يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر قلت : إن كان لا يستطيع أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ؟ قال فليعن الأخرق قلت : يا رسول الله أرأيت إن كان لا يحسن أن يصنع ؟ قال فليعن مظلوما قلت : يا رسول الله أرأيت إن كان ضعيفا لا يستطيع أن يعين مظلوما ؟ قال ما تريد أن تترك في صاحبك من خير ؟ ليمسك أذاه عن الناس قلت : يا رسول الله أرأيت إن فعل هذا يدخل الجنة ؟ قال ما من مؤمن يصيب خصلة من هذه الخصال إلا أخذت بيده حتى أدخلته الجنة ] ذكره البيهقي في كتاب شعب الإيمان قال عمر بن الخطاب : ذكر لي أن الأعمال تتباهى فتقول الصدقة : أنا أفضلكم وفي الصحيحين عن أبي هريرة قال : [ ضرب رسول الله صلى الله عليه و سلم مثل البخيل والمتصدق كمثل رجلين عليهما جبتان من حديد أو جنتان من حديد قد اضطرت أيديهما إلى ثدييهما وتراقيهما فجعل المتصدق كلما تصدق بصدقة أنبسطت عنه حتى تغشى أنامله وتعفو أثره وجعل البخيل كلما هم بصدقة قلصت وأخذت كل حلقة مكانها ] .

قال أبو هريرة : فأنا رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول بإصبعه هكذا في جبته فرأيته يوسعها ولا تسع ولما كان البخيل محبوساً عن الإحسان ممنوعا عن البر والخير وكان جزاؤه من جنس عمله فهو ضيق الصدر ممنوع من الانشراح ضيق العطن صغير النفس قليل الفرح كثير الهم والغم والحزن لا يكاد تقضى له حاجة ولا يعان على مطلوب فهو كرجل عليه جبة من حديد قد جمعت يداه إلى عنقه بحيث لا يتمكن من إخراجها ولا حركتها وكلما أراد إخراجها أو توسيع تلك الجبة لزمت كل حلقة من حلقها موضعها وهكذا البخيل كلما أراد أن يتصدق منعه بخله فبقي قلبه في سجنه كما هو والمتصدق كلما تصدق بصدقة انشرح لها قلبه وانفسح بها صدره فهو بمنزلة اتساع تلك الجبة عليه فكلما تصدق اتسع وانفسح وانشرح وقوي فرحه وعظم سروره ولو لم يكن في الصدقة إلا هذه الفائدة وحدها لكان العبد حقيقا بالاستكثار منها والمبادرة إليها وقد قال تعالى : { ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون } .

كان عبد الرحمن بن عوف ـ أو سعد بن أبي وقاص ـ يطوف بالبيت وليس له دأب إلا هذه الدعوة :
رب قني شح نفسي رب قني شح نفسي فقيل له : أما تدعو بغير هذه الدعوة فقال : إذا وقيت شح نفسي فقد أفلحت .


والفرق بين الشح والبخل أن الشح هو شدة الحرص على الشيء والاحفاء في طلبه والاستقصاء في تحصيله وجشع النفس عليه والبخل منع إنفاقه بعد حصوله وحبه وإمساكه فهو شحيح قبل حصوله بخيل بعد حصوله فالبخل تمرة الشح والشح يدعو إلى البخل والشح كامن في النفس فمن بخل فقد أطاع شحه ومن لم يبخل فقد عصي شحه ووقي شره وذلك هو المفلح { ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون } .

والسخي قريب من الله تعالى ومن خلقه ومن أهله وقريب من الجنة وبعيد من النار والبخيل بعيد من خلقه بعيد من الجنة قريب من النار فجود الرجل يحببه إلى أضداده وبخله يبغضه إلى أولاده .



وإذا كان السخاء محموداً فمن وقف على حده سمي كريماً وكان للحمد مستوجباً ومن قصر عنه كان بخيلاً وكان للذم مستوجباً وقد روي في أثر : إن الله عز و جل أقسم بعزته ألا يجاوزه بخيل والسخاء نوعان : فأشرفهما سخاؤك عما بيد غيرك والثاني سخاؤك ببذل ما في يدك فقد يكون الرجل من أسخى الناس وهو لا يعطيهم شيئاً لأنه سخا عما في أيديهم .



الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على خير خلق الله
دمتم برعاية الله وحفظه
المصدر : كتاب الوابل الصيب لابن القيم


المصدر: ملتقى شذرات

__________________

رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
الشيقة, وأثارها


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
أدوات الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع الصدقة وآثارها
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الصدقة ثم الصدقة قبل رمضان صابرة شذرات إسلامية 0 05-17-2016 06:05 AM
الصدقة وما أدراك ما الصدقة صابرة الملتقى العام 0 06-16-2015 06:39 AM
ظاهرة الاحتفال بالمولد النبوي وآثارها عبدالناصر محمود شذرات إسلامية 0 01-06-2015 08:16 AM
مسببات ظهور البطالة وآثارها الاقتصادية Eng.Jordan بحوث ومراجع في الإدارة والإقتصاد 0 06-25-2013 10:37 AM
العولمة وأثارها الاقتصادية على المصارف Eng.Jordan بحوث ومراجع في الإدارة والإقتصاد 0 02-21-2012 12:42 PM

   
|
 
 

  sitemap 

 


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 05:02 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59