العودة   > >

مقالات وتحليلات مختارة مقالات ..تقارير صحفية .. تحليلات وآراء ، مقابلات صحفية منقولة من مختلف المصادر

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
  #1  
قديم 09-25-2013, 07:47 AM
الصورة الرمزية عبدالناصر محمود
عبدالناصر محمود غير متواجد حالياً
عضو مؤسس
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 56,202
ورقة حول الإجتماع والإفتراق


حول الإجتماع والإفتراق
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(د. محمد العبدة)
ـــــــــــــــــــــــ

http://taseel.com/UploadedData/Pubs/Photos/_3352.jpg

إن مايجري في مصر وهي كبرى دول المنطقة هو عودة إلى وراء الوراء وهذا شئ محزن ومؤسف، عاد إرهاب الدولة وحكم العسكر وعاد الخوف من شيء يسمى المباحث وأمن الدولة، عاد حكم العسكر الدي جثم على صدور المصريين أكثر من خمسين سنة.

ليس جديدا الحديث عن ضرورة الإجتماع وخاصة لأهل العلم والرأي والمشورة، ولكن الحديث هو عن الفعل والتطبيق حتى لانكون ممن يبسط القول ويخزن الفعل كما يقول الصحابي الجليل عبدالله بن عمرو بن العاص. كيف ينتصر الإسلام على أعدائه وأهله متفرقون؟ إن اولى خطوات الإنتصار هي وحدة الصف كما أمر القرآن الكريم وحث على ذلك.

مامعنى أن يكون لأصحاب الإتجاه الواحد عدة أحزاب؟ وما معنى أن يكون التفرق على أساس ديني أحيانا أو على أساس إقليمي جغرافي وقد يكون أحيانا على أساس طبقي. لماذا توسم حياتنا بالتفرق في كل شيء ولماذا تتنابذ العقول على المعنى الصحيح؟ ويساعد على ذلك العناد والمكابرة والجهل. كيف يفتن الناس مرة أو مرتين ثم لا يذكرون ولا يعقلون؟ لماذا يتسلط علينا أراذل القوم ولا نفقه أين مكامن القوة لمجابهة هذا السوء وهذا الإضطراب والتزلزل في المفاهيم.

إن كثرة الإنقسامات والتحزبات للأشخاص والهيئات والجماعات مما يدعو ضعفاء اليقين الذين لم يرسخ الايمان في قلوبهم أن يقل عندهم الإكتراث بالدين، وكاد بعض الناس أن ييأس من كثرة اللقاءات والحديث عن التعاون لما يرون من عدم الجدية في العمل، وهكذا نصبح فتنة للناس.

إن التعصب الحزبي أنهك المسلمين وأضعفهم، وهذا يعود إلى التربية الخاطئة، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: "لا يجوز للمعلمين أن يحزبوا الناس ويفعلوا مايلقي بينهم العداوة والبغضاء، وليس لمعلم أن يحالف تلامذته على الإنتساب إليه، والأصل أن تعلق الأمور بمحبة الله ورسوله، أما إذا تعلقت الأمور من المحبة والبغضة والموالاة والمعاداة والنصرة والخذلان بما يخالف هذا الأصل مثل الأنساب والقبائل والعرب والفرس والترك، أوالإنتساب إلى إمام معين أو شيخ كل ذلك من أمور الجاهلية المفرقة للأمة" (1). وهذا التحزب مرض أصيب به كثير من المسلمين مع أن أصل التجمع والتعاون على البر والتقوى مطلوب ولا أحد ينكره.

إن المدنيات والحضارات لا تقوم إلا على شعوب ومجتمعات فيها انسجام كبير وتشابه في الإعتقاد والأخلاق، فالتنافر والإختلاف لا يساعدان على الاستقرار الذي يمهد لنشوء المدنية. قد يقول بعضهم: إن كثرة التجمعات والأحزاب دليل على الحيوية والناس متفاوتون والإختلاف من طبيعة البشر ولايمكن جمع الناس أو صهرهم في بوتقة واحدة، أما أن الإختلاف من طبيعة البشر فهذا صحيح ولكن أن تكون كثرة التجمعات دليل على الحيوية فهذا غير صحيح، الحديث هو عن كثرة التفرق بحيث تذهب قوة الأمة ولا تستفيد من علمائها ومثقفيها، وهذه دول كبرى عريقة في إتاحة الحرية والديمقراطية لا نجد فيها رغم كثرة سكانها إلا حزبان كبيران كالولايات المتحدة وبريطانيا.

إذا كان المخلصون مقتنعون بالإجتماع على الحق ووحدة الصف فلماذا يتخوفون من الإقدام على هذه الخطوة، بل لماذا نرى الواقع غير هذه القناعات، القضية إذن أننا أمام أحد أمرين: إما أن المسلمين لم يتقنوا هذا الفن، لم يتقنوا أساليب التوحد وطرائقه وحواراته وخطواته المدروسة، أو أن هناك أهواء خفية داخلية هي التي تمنع مثل هذا العمل الضروري وخاصة في هذه الظروف، وفي هذه الحوادث المؤلمة التي تمر بها المنطقة، وأشد هذه الأهواء هو حب الرئاسة التي لايفصح عنها عادة.

إن التدرج في خطوات التوحد قد يكون أحد السبل المناسبة، مع ما يصاحب ذلك من المصارحة والصدق حتى تقتلع جرثومة الشك والإرتياب في الآخر، وقد كان من عناية الرسول صلى الله عليه وسلم بأمر الاتفاق والتعاون على الخير وإقامة العدل قوله عن حلف الفضول (لودعيت إليه في الإسلام لأجبت) وقال تعالى: (الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين) فالمتقون لايكونون أعداء ولا يتفرقون، وهذا يؤكد أن الإصلاح لا يكون فعالا إلا إذا انبثق من داخل النفس، من المؤمن التقي الذي يتحدى كل عائق وكل ضغط خارجي.

لنتصور أن للمسلمين هيئة كبرى من العلماء والخبراء المستقلون، تتحدث باسمهم وتدافع عنهم وكلمتها مسموعة، أليس هذا مما يدعو الدول القريبة والبعيدة أن تنظر لهم بعين الإحترام وبعين الهيبة أيضا، ولذلك يسعى الأعداء بكل جهدهم كي لا يكون للمسلمين كلمة جامعة، ومن الأمثلة في تاريخنا الحديث أن الصدر الأعظم في الدولة العثمانية خليل باشا دعا إلى مؤتمر تتوحد فيه قوى الإسلام، كان ذلك عام 1865م وقد جاءه رد من خلال مذكرة فرنسية تقول: إن الوحدة لن تكون في مصلحة المسلمين لأنه سيظهرهم بمظهر المتعصبين الذين يتوحدون على أساس ديني، وهذا مما يزيد الضغوط الأجنبية عليهم؟

إن ضرورة الوحدة أو الإتحاد لا يعني أن الأمر سهلا، بل هو بحاجة مع الإخلاص والنوايا الحسنة إلى عقل كبير لا يفكر في اللحظة الآنية بل في المآلات والمستقبل، ويفكر في النتائج المثمرة للوحدة، عقل لا يغرق في الجزئيات على حساب الأصول المتفق عليها، عقل فيه من المرونة أن يقبل بالخطوات المتدرجة، لا أن يكون كما قال الشاعر: "لنا الصدر دون العالمين أو القبر" فإما وحدة اندماجية فورية أو نبقى متفرقين، ويبقى التشرذم والضعف الذي طال أمده .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
{التأصيل للدراسات}
ــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر: ملتقى شذرات

رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
الإجتماع, يوم, والإفتراق


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع حول الإجتماع والإفتراق
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
علم الإجتماع الديني عبدالناصر محمود بحوث و مراجع و دراسات تربوية واجتماعية 2 02-19-2015 08:04 AM

   
|
 
 

  sitemap 

 


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 03:59 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59