#1  
قديم 12-03-2014, 08:46 AM
الصورة الرمزية عبدالناصر محمود
عبدالناصر محمود غير متواجد حالياً
عضو مؤسس
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 56,139
ورقة معركة التعليم الإسلامي مع العلمانية التركية


معركة التعليم الإسلامي مع العلمانية التركية*
ــــــــــــــــــــــ

11 / 2 / 1436 هــ
3 / 12 / 2014 م
ــــــــــــ

الإسلامي العلمانية التركية _8886.jpg


قصة معركة التعليم الديني في تركيا طويلة وعنيفة، فمنذ أن ألغيت الخلافة الإسلامية العثمانية على يد أتاتورك عام 1924م بإيعاز وتخطيط من الغرب، والحرب على الشريعة الإسلامية عموما والتعليم الديني خصوصا في هذا البلد المسلم تجري على قدم وساق.

ومع وجود الكراهية الشديدة للإسلام وشريعته من قبل العلمانية التي استوردها أتاتورك من الغرب، لم يكن غريبا أن ينفذ الأخير شروط معاهدة لوزان عام 1923م، المتمثلة في قطع كل صلة لتركيا بالإسلام، وإلغاء الخلافة الإسلامية إلغاء تاما، وهو ما حصل بعد عام واحد، وإخراج الخليفة وأنصار الخلافة والإسلام من البلاد ومصادرة أموال الخليفة، واتخاذ دستور مدني بدلا من دستور تركيا القديم.

والحقيقة أن علمانية أتاتورك لم تكتف بذلك، فقد ألغت حكومته -والحكومات العلمانية المتعاقبة- التعليم الديني في المدارس، كما تم إلغاء كلية الشريعة في اسطنبول عام 1933م، بعد أن تم تقليل عدد الطلاب تدريجيا، ثم حرمت الحكومات العلمانية استعمال الحرف العربي لطبع المؤلفات التركية.

وعلى الرغم أن قانون توحيد التدريس الذي أقرّه البرلمان التركي في مارس 1924م لم ينص صراحة على إلغاء أنواع التعليم التي كانت سائدة في العهد العثماني، إلا أن ترسيخ العلمانية والمبادئ الأتاتوركية كهوية بديلة؛ جعل من تصفية الهوية الإسلامية ضرورة حتمية، وذلك من خلال تجفيف منابع التعليم الديني عبر إغلاق مؤسساته، ورفض تصنيف الخريجين ضمن فئة موظفي الدولة.

ومع وصول حزب العدالة والتنمية إلى سدة الحكم في تركيا، بدأ شكل التعليم يتغير ليأخذ اتجاها جديدا يسمح بتعليم القرآن والعلوم الإسلامية، ليحظى الجيل التركي الجديد بفرصة الحصول على هذا النوع من التعليم منذ الصغر بحرية مطلقة، عكس الأجيال السابقة التي حرمت منه بسبب قرارات الحكومات العلمانية المتعاقبة.

وبعد موافقة البرلمان التركي على إصلاح نظام التعليم وإدخال القرآن الكريم والسيرة النبوية الشريفة مواد اختيارية في المرحلتين المتوسطة والثانوية، وإدارة وزارة الأوقاف والشؤون الدينية التركية لمراكز تعليم القرآن الكريم بعد أن كانت إدارتها بيد وزارة التربية الوطنية، أصبح التعليم الديني في تركيا قانونيا، بل وبإشراف الدولة أيضا.

ويرى الحزب الحاكم في تركيا أن التعليم الديني وسيلة من أهم الوسائل للوقاية من الانحلال الأخلاقي، وقد صرح الرئيس التركي رجب طيب اردوغان في معرض افتتاح إحدى المدارس الدينية في أنقره الشهر الماضي: "إن نحو مليون طالب مقيدون في مدارس "الإمام الخطيب" هذا العام ارتفاعا من 65 ألفا فقط عام 2002 عندما تولى حزب العدالة والتنمية السلطة.

في هذه المدارس يتعلم الصبيان والبنات في فصول منفصلة ويخصصون نحو 13 ساعة أسبوعياً للتعليم الإسلامي إضافة إلى المنهج الدراسي العادي ويدرسون اللغة العربية والقرآن وسيرة الرسول محمد.

لكن معارضي هذا التوجه من العلمانيين يرون فيه حملة غير مرغوبة لإقامة مجتمع أكثر التزاماً بالدين الإسلامي، وقد احتج عدد الآباء الذين يريدون أن يكون تعليم أبنائهم علمانيا -حسب قولهم– على تخصيص فصول من المدارس ضمن حملة للتوسع في التعليم الديني بمدارس "الإمام الخطيب".

وقد أعلنت الناطقة باسم مبادرة «لا تلمسوا مدرستي» وهي تجمع للآباء الغاضبين الكنور بيرول : "نحن نعارض حكومة التعليم بالقواعد الدينية... هذا النظام ليس له جذور لدى الشبان ممن لهم رؤية تتطلع لمستقبل مستنير بالعلم بل في جيل يثمن الطاعة".

إنها نفس الشبهة الواهية التي أراد الغرب العلماني تكريسها في نفوس أتباعه في العالم، ألا وهي أن الدين يتعارض مع العقل والعلم، وإذا كان هذا الأمر ينطبق على ما الغرب الذي عانى من هيمنة الكنيسة وتسلطها على الحياة الفكرية والسياسية والعلمية، نظرا لتحريف الديانة النصرانية، فإنه لا ينطبق بأي حال من الأحوال على الإسلام المحفوظ بحفظ الله تعالى.

ومن المبررات التي يسوقها علمانيو تركيا على التعليم الديني، ما ذكرته "فيليز قورلو" وهي أم لتلميذ بمدرسة "قادر ريزان هاس" في اسطنبول حيث تقول بعد أن تم تحويل مبنيين للتعليم الديني: "إن تلاميذ المرحلة الابتدائية يتكدسون الآن في مبنى واحد".

والحقيقة أن علمانيي تركيا أدركوا أن انتشار هذه المعاهد "إمام خطيب" -والتي حظيت بإقبال شعبي ملحوظ نظرا لجودة التعليم والانضباطية الفائقة فيها- وتزايد الإقبال عليها يرفع من أسهم الأحزاب الدينية، ويوفر لها قاعدة عريضة تدعم حضورها القوي على المستويين السياسي والاجتماعي، ويمهد لعودة التمسك بالهوية الإسلامية من جديد، وهو ما تخشاه العلمانية وتحاربه بكافة الوسائل الممكنة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــ
*{التأصيل للدراسات}
ــــــــــ
المصدر: ملتقى شذرات

رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
معركة, التركية, التعليم, العلمانية, الإسلامي


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
أدوات الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع معركة التعليم الإسلامي مع العلمانية التركية
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الحرب العلمانية على الوقف الإسلامي عبدالناصر محمود مقالات وتحليلات مختارة 0 11-29-2014 08:31 AM
العلمانية تتمدد وتتضخم في العالم الإسلامي عبدالناصر محمود مقالات وتحليلات مختارة 0 11-14-2014 08:11 AM
العلمانية التركية و العلمانية المصرية : توافق أم تطابق ؟! عبدالناصر محمود مقالات وتحليلات مختارة 0 06-13-2013 09:38 AM
تهاوي العلمانية في مصر عبدالناصر محمود مقالات وتحليلات مختارة 0 05-22-2013 07:41 AM
أمجاد الأسطول الإسلامي في معركة ذات الصواري Eng.Jordan شذرات إسلامية 0 01-21-2012 03:12 PM

   
|
 
 

  sitemap 

 


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 05:48 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59