#1  
قديم 04-11-2012, 07:32 AM
الصورة الرمزية يقيني بالله يقيني
يقيني بالله يقيني غير متواجد حالياً
متميز وأصيل
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: جمهورية مصر العربية
المشاركات: 4,854
افتراضي سحرة فرعون‏.‏ وبنوا إسرائيل‏!‏


بسم الله الرحمن الرحيم

سحرة فرعون‏.‏ وبنوا إسرائيل‏!
بقلم: أحمد عبد المعطي حجازي
لم تكن مجرد فلتة من فلتات اللسان‏,‏ تلك العبارات العنيفة التي استخدمها مرشد الاخوان المسلمين‏,‏ وهو يهاجم الإعلاميين المصريين فيقول إنهم كسحرة فرعون الذين جمعهم لسحر الناس وبث الرعب والرهبة في قلوبهم من دعوة موسي عليه السلام‏!,‏


والإعلاميون المصريون هم في نظر مرشد الاخوان رسل الشيطان, يوحي لهم بأن يصوروا للشعب أن الاخوان هم بديل الحزب الوطني المنحل, وأنهم سيدمرون البلد! ـ أقول إن هذه العبارات لم تكن فلتات لسان, وانما هي موقف ثابت وثقافة موروثة يتبناها الاخوان هم وسواهم من المنتمين لجماعات الإسلام السياسي ويصدرون عنها, لا في تعاملهم مع الإعلاميين وحدهم, بل في تعاملهم مع مصر كلها بما تمثله مصر من ماضيها وحاضرها, بحضارتها القديمة الحية, ونهضتها الحديثة الرائدة.

مرشد الإخوان لم يكن يهاجم بهذه العبارات العنيفة مهنة بالذات, وإنما كان يهاجم كل من ينتقد الإخوان ويعارضهم, ويكشف خططهم, ويتحدث عن سرقتهم للثورة, ووراثتهم للحزب الوطني المنحل, وتنكرهم للدولة المدنية التي بنيناها في القرنين الأخيرين بالدم والدموع, وللنظام الديمقراطي الذي نسعي لتدعيم أسسه وتصحيح مساره, وسواء اشتغل خصوم الاخوان بالإعلام أو بغير الاعلام, فهم في نظر الدكتور المرشد من سحرة فرعون الذين يخدعون الناس ويوهمونهم بأن ما يلقونه أمامهم من العصي والحبال حيات تسعي! وبدلا من أن يناقش الاخوان معارضيهم ويقنعوهم إذا استطاعوا بصحة أفكارهم ومواقفهم, أو يقتنعوا هم بما يراه غيرهم, بدلا من الحوار, وتبادل الرأي, ومقارعة الحجة بالحجة, والبحث المشترك عن الصواب كما يفعل المؤمنون بالديمقراطية حقا وصدقا, وبأن الحقيقة نسبية, وأنها ليست احتكارا لحزب أو جماعة, يلجأ الاخوان لشتم المعارضين واتهامهم بالتضليل والتزوير.

وهذه ليست الواقعة الأولي ولن تكون الأخيرة التي يلجأ فيها الاخوان وسواهم من جماعات الإسلام السياسي لهذا الأسلوب, وخاصة حين تعوزهم الحجة, ويعجزون عن تفنيد التهم الموجهة لهم كما يفعلون مع الذين يعترضون علي الخلط بين السياسة والدين, ويطالبون بالفصل بين ما يجب أن يكون إيمانا وتسليما وهو العقائد الدينية التي لا يملك فيها أحد لأحد شيئا, لأنها بطبيعتها شأن خاص, وبين ما يخضع بالضرورة للشك والمراجعة, والقبول والرفض, والتجريح والتصحيح, وهو النشاط الدنيوي كله فكرا وسياسة, وقولا وفعلا, فإذا أصر الاخوان ومن تبعهم علي الخلط كان من حقنا أن نتهمهم بتسخير الدين للسياسة, لأننا نعيش في الدنيا التي تسعي بعض القوي والجماعات للانفراد فيها بالثروة والسلطة, وتستخدم الدين في تبرير مساعيها الشريرة, أما الدين فهو ليس بحاجة للسياسة, وليس بحاجة للسلطة, وانما يحتاج الدين لمكان واحد هو قلب الإنسان ما وسعتني أرضي ولا سمائي, وإنما وسعني قلب عبدي المؤمن!

بدلا من أن يراجع الاخوان المسلمون أنفسهم كما راجع الاسلاميون الأتراك أنفسهم, وكما راجع التوانسة أنفسهم يتهمون خصومهم بأنهم سحرة فرعون, بل هم يتهمونهم بأشنع من ذلك, فالديمقراطية كفر, والعلمانية إلحاد,إلي آخره!

واذا كان الإعلاميون المصريون وخصوم الاخوان عامة يجلسون كما يراهم المرشد في المكان الذي يجلس فيه سحرة فرعون, فالصورة لها بقية لا تكتمل إلا بها كما لا يكتمل النهار إلا بالليل, وبقيتها أن يجلس المرشد العام للاخوان المسلمين في المكان المقابل للمكان الذي وضع فيه الإعلاميين, وهو مكان موسي عليه السلام, والجماعة من حوله واقفة في المكان الذي يقف فيه بنو إسرائيل!

هذه الصورة التي رسمها مرشد الاخوان للاعلاميين المصريين ولنفسه ليست فلتة لسان كما قلت في بداية المقالة, وانما هي موقف ثابت وثقافة موروثة يتبناها الاخوان والسلفيون ويشيعونها, فلا يرون في الحضارة المصرية القديمة إلا ما يعتبرونه وثنية, ولا يرون في النهضة المصرية الحديثة إلا أنها تقليد للغرب وخروج علي الإسلام.

وكلام المرشد عن سحرة فرعون يستدعي كلام غيره عن فرعون الذي أصبح صفة تطلق علي الرئيس المخلوع وعلي غيره من الحكام المستبدين, دون تمييز, ودون علم, ويستدعي دعوة غيره لهدم الآثار المصرية أو تغطيتها, ويستدعي سوي ذلك من صور التعصب والتطرف والجهل والأمية الثقافية والعدمية القومية والتنكر لحضارتنا القديمة ولتاريخنا السابق للإسلام, كأن الفراعنة كانوا كلهم طغاة متوحشين, وكأن مصر القديمة كلها كانت مرتعا للشر والقهر والعبودية, وكأن أجدادنا القدماء لم يكونوا أول المتحضرين, وأول الكاتبين, وأول القارئين, وكأن هؤلاء الذين يشتمون الفراعنة يتحدثون عن مجهول لا نعرفه, كأن الحضارة المصرية قد اندثرت وذهبت آثارها أدراج الرياح ولم تعد تدهش البشر وتأتي بهم من أنحاء الدنيا, وتمثل لهم عظمتها الحية, وتؤكد سبقها للتبشير بما جاءت الديانات السماوية الثلاث تبشر به, فقد عرفت حضارتنا التوحيد, وعرفت البعث, وعرفت يوم الحساب, وعرفت الثواب والعقاب, وعلمت البشر أن يميزوا بين الخير والشر, وبين العدل والظلم, وبين الامتثال لقوانين الغاب والامتثال لصوت الضمير.

وسوف أقدم لكم مثلا واحدا من آلاف الأمثلة التي تشهد للمصريين بما بلغوه من نضج سياسي وسمو روحي, أقدم لكم ما قاله مصري بسيط من عامة الشعب يحاسب الحاكم ويشكو ما تعرض له من ظلم, وهو خون انبو الذي اشتهر باسم الفلاح الفصيح.

يقول خون انبو للحاكم: يا دفة المركب لا تنحرف, ويا أيها السند لا تمل, ويا أيها الخيط لا تتذبذب, لقد تزحزح العدل تحتك وأقصي عن موضعه, الموظفون يشاغبون, والموعظة الحسنة أهملت, وها هم القضاة يتخاطفون ما سلب مني, ها أنت رئيس وبيدك ميزان, اذا اختل الميزان فأنت مختل, وإن سترت وجهك عمن يطفف الكيل فمن يرفع العار؟ أقم العدل لرب العدل, فإنما الخير بالخير, والحسني لها ما هو أحسن منها, والعدل باق الي الأبد!

هل يكون صاحب هذه الشكوي عبدا مقهورا أم يكون ناصحا أمينا حرا شجاعا؟ والحاكم الذي يستقبل هذا الفلاح البسيط وينظر في شكواه هل يكون طاغية متوحشا, أم هو حاكم مسئول يؤدي عمله, وقد يخطئ, لكنه يفتح بابه للشاكين ويستمع لنصائحهم؟ لكنها الخرافات الإسرائيلية التي رسمت هذه الصورة المزيفة للفراعنة وللحضارة الفرعونية, فصدقناها كأننا لسنا أحفاد الفراعنة, وكأننا لا نملك هذه الآثار وهذه النصوص التي تكذبها وتناقضها.

بل نحن نقول إن أفضل ما لدي الإسرائيليين وغيرهم من الشعوب المجاورة منقول عن المصريين وحضارة المصريين, ولقد ولد موسي في مصر, ونشأ فيها, وتعلم من كهنتها, واقتبس من علمها وحضارتها, واستعد لحمل الرسالة التي كانت أولي رسالات السماء, والذين يتعاملون مع تاريخنا السابق علي الاسلام كما لو كان جاهلية يتبرأون منها كما يتبرأ غيرهم من جاهليته مخطئون, وهم واحد من اثنين: متعصب يخلط الدين بالعلم ويعمم ما يقال في حادثة محددة علي التاريخ كله, أو ناقل منحاز للروايات والخرافات الإسرائيلية التي لم يسلم من الوقوع تحت تأثيرها بعض المؤرخين والمفسرين المسلمين.

فاذا كانت هذه هي نظرة الاخوان المسلمين لحضارتنا القديمة, فهي هي نظرتهم لنهضتنا الحديثة التي ينكرون كل ما تحقق فيها, لأنه جديد لم يأت به نص قديم, فالدولة الوطنية مرفوضة عندهم, والنظم الديمقراطية متهمة, والمناهج العقلانية كفر والحاد, وتلك هي ثقافة الجماعات الإسلامية ومواقفها التي تعلنها أحيانا وتتستر عليها أحيانا أخري, ولا تستطيع أن تغيرها لأنها تخلط علي الدوام بين ما يجب للدين وما يجب للعلم, وبين الانتماء للدين والانتماء للوطن.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــ
دمتم بخير

المصدر: ملتقى شذرات

__________________


رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
سحرة, فرعون‏.‏, إسرائيل‏!‏, وبنوا


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
أدوات الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع سحرة فرعون‏.‏ وبنوا إسرائيل‏!‏
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
شجرة الكاجو .. صابرة الملتقى العام 2 08-15-2016 05:43 AM
فكرة مشروع بيع اوراق شجرة المورينجا ( شجرة الحياة ) وايضا بذور وشتلات مورينجا Eng.Jordan الزراعة 0 11-26-2015 03:33 PM
أسد يتسلق شجرة عبدالناصر محمود الصور والتصاميم 0 05-28-2015 06:12 AM
250 ألف شجرة في يوم عبدالناصر محمود الملتقى العام 0 05-18-2015 09:44 AM
إسرائيل‏:‏ خطة أمريكية جاهزة لضرب مشروع إيران النووي .. يقيني بالله يقيني أخبار الكيان الصهيوني 0 05-18-2012 10:51 AM

   
|
 
 

  sitemap 

 


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 12:29 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59