#1  
قديم 05-30-2019, 05:54 AM
الصورة الرمزية عبدالناصر محمود
عبدالناصر محمود متواجد حالياً
عضو مؤسس
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 56,039
ورقة أزمة الروهينجا .. حين تموت القضية بالنسيان!


أزمة الروهينجا .. حين تموت القضية بالنسيان!
_____________________________

(أحمد مصطفى الغر)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

25 / 9 / 1440 هــــ
30 / 5 / 2019 م
______________

الروهينجا بالنسيان! 829052019095626.png




1.2 مليون شخص لاجئ، من بينهم 660 ألف طفل و276 ألف من النساء، يعانون من نقص الخدمات الصحية، و1.1 مليون شخص منهم 605 آلاف طفل و253 ألف من النساء يواجهون نقصا في الحصول على المياه النظيفة، إلى جانب 696 ألف طالب أصبحوا خارج العملية التعليمية بسبب ظروف اللجوء، كما يفتقد مليون شخص من بينهم 550 ألف طفل و230 ألف امرأة إلى خدمات الإيواء. هذه الأرقام على الرغم من ضخامتها وفداحتها فإن المخاوف تتزايد من نسيان هذه القضية في ظل تراجع حظوظها من صفحات الجرائد ونشرات الأخبار، فبالرغم من أن أقلية مسلمي الروهينجا هى الأقلية الأكثر تعرضاً للاضطهاد في العالم، إلا أن قضيتهم لم تعد تحظى بالدعم الكافي والتكاتف المطلوب من عالمٍ تدعي دوله ليل نهار أنها تناصر حقوق الانسان.

حين تغدو حياة الإنسان بلا قيمة!
==================

في مخيمات النزوح التي تكتظ بالآلاف لا تزال متطلبات الحياة اليومية مطلباً ملحاً صعب المنال، سواء بالنسبة للاجئي الروهينجا أوالسلطات البنغالية التي تؤويهم على أراضيها، فمع مطلع شمس كل صباح يوجه صغار مسلمي الروهينجا الجياع ضربة جديدة في خاصرة الضمير الإنساني الذي غيّب قضيتهم ونسيها على إثر واقع الحياة المتسارع، من المؤسف أن نجد حجم التبرعات التي تم جمعها لإعادة ترميم كاتدرائية نوتردام في باريس بعد ساعات قليلة من حريقها الضخم، أضعاف مضاعفة لقيمة التبرعات التي جُمعت من أجل مساندة أقلية الروهينجا المسلمة في مخيمات اللجوء في بنجلاديش؛ الذين فروا من بطش السلطات في بلدهم الأم ميانمار (المعروفة كذلك باسم بورما)، حيث تحصد أرواحهم آلة عنف وقمع ما زالت تعمل أدواتها فيهم قتلا وتشريدا وتنكيلاً، في حين يواجه من هربوا إلى بنجلاديش شبح الجوع والعوز في معسكرات اللجوء القاحلة.

لقد تحولت التلال في جنوب شرق بنجلاديش إلى بحر لا نهاية له من خيام لاجئ أقلية الروهينجا المسلمة، بعد أن باتوا بلا دولة ولا جنسية بعد رفض ميانمار الاعتراف بمواطنتهم، ومن بقوا في ميانمار فإنهم يواجهون الاضطهاد والملاحقات من الجيش وحشود من البوذيين، حيث يقومون بحرق قراهم وتدمير منازلهم في حملة لدفعهم إلى النزوح خارج البلاد. فأقلية الروهينجا هم ضحايا سياسة رسمية من الفصل العنصري والممنهج دفعتهم للعيش على هامش منطقة فقيرة أصلا وهو إقليم راخين، وقد دأبت الحكومات المتعاقبة في ميانمار على القول إن مسلمي الروهينغا ليسوا جماعة عرقية فعليا، وأنهم في واقع الأمر مهاجرون بنغال يعتبرون بمثابة أحد آثار عهد الاستعمار المثيرة للخلاف، لذا فإن الدستور لا يدرجهم ضمن جماعات السكان الأصليين الذين من حقهم الحصول على المواطنة، ويواجهون عداوة شديدة من الأغلبية البوذية.

مناشدات بلا قيمة!
==========
بين الحين والأخر، تتواتر مناشدات الأمم المتحدة ومجلسها لحقوق الإنسان للسلطات في ميانمار لوضع حد فوري للعنف الممنهج وانتهاكات القانون الدولي ضد الأقلية المسلمة فيها، لكن حكومة ميانمار لا تعطي بالاً لما يوجه إليها، فالسلطات هناك لاتزال عازمة على الاستمرار في سياسة التمييز المنهجي والمؤسسي والتطهير العرقي ضد الروهينجا، بل إن دعوات الأمم المتحدة، وسعيها عبر منظماتها المختلفة لاحتواء الأزمة وعودة اللاجئين إلى مواطنهم، تقابل دائما برفض سلطات ميانمار، كما أنها لا تسمح لوكالاتها بالوصول بشكل مستقل إلى ولاية راخين التي تمثل مركز أزمة الروهينجا. وفي يناير الماضي، انتقد الأمين العام للأمم المتحدة "أنطونيو جوتيريش" جهود ميانمار البطيئة للغاية للسماح بعودة اللاجئين الروهينجا المسلمين لقراهم، واصفا عدم إحراز تقدم بأنه "مصدر إحباط هائل".
في وقت سابق، وافقت ميانمار على عودة بعض اللاجئين الذين فروا إلى بنجلاديش بموجب اتفاق ينقصه الضمانات أبرمته مع جارتها في نوفمبر2017، لكن الأمم المتحدة تصر على أن سلامة الروهينجا تعد شرطا أساسيا لعودتهم، كما أن ولاية راخين الشمالية ما تزال تشهد توترات عرقية وأعمال عنف. وفي ديسمبرالماضي طرحت بريطانيا مشروع قرار في مجلس الأمن بشأن قضية الروهينجا، كان من شأنه أن يحدد موعداً نهائياً للسلطات كي تطرح استراتيجية لمعالجة أزمتهم، لكن مخرجات إجتماع المجلس كانت هى والعدم سواء في ظل تعنت وإصرار ميانمار على سياستها بالتطهير العرقي بحق الروهينجا.

أجيال ضائعة!
-----------

كانت مدارس بنجلاديش تقبل سراً منذ أعوام بعض طلبة الروهينجا ممن يعيشون في مخيمات اللجوء مترامية الأطراف على ساحل البلاد الجنوبي، لكن مع صدور قرار طرد المئات من طلاب الروهينجا بِموجب قرار حكومي، لِكونهم من لاجئي أقلية روهينجا ميانمار ولا يحملون الجنسية، فإن أجيالاً كاملة منهم قد باتت مهددة بالضياع، فحتى التعليم قد باتوا محرومين منه، فعلى عكس بعض الدول التي تستقبل لاجئين وتسمح لهم بالتعلُّم في مدارسها المحلية والحصول على شهادات معترف بها، كما أن بعضها تتيح فرصاً أمام المؤسسات حتى تُدرّس المناهج الوطنية في المخيمات، ولكن بنجلاديش لا تعترف بالأغلبية العظمى من الروهينجا كلاجئين، ولا تصدر شهادات ميلاد لمن يُولدون في المخيمات، ما يجعل وضعهم القانوني غامضاً. وبالرغم من وجود بعض المراكز التعليمية التي تديرها جمعيات أهلية ومنظمة الأمم المتحدة في المخيمات، إلا أنها لا تقدّم في الغالب سوى مناهج غير متكاملة، وهو ما يجعل مئات الآلاف من الأطفال في أكبر مستوطنة للاجئين في العالم، يواجهون خطر ضياع سنوات التعليم الأساسية وفرصة الحصول على مؤهلات تعليمية.

عقوبات ومحاكمات
==========
فرضت الولايات المتحدة هذا الشهر عقوبات على 4 من قادة الجيش والشرطة في ميانمار ووحدتين في الجيش لاتهامهم بارتكاب تطهير عرقي بحق مسلمي الروهينجا، وارتكاب انتهاكات واسعة النطاق لحقوق الإنسان في أنحاء ميانمار، كما توعد وزير الخارجية الأمريكي "مايك بومبيو" بأن تواصل الولايات المتحدة محاسبة المسؤولين عما وصفه بـ "تطهير عرقي بغيض للمسلمين الروهينجا في ميانمار". يأتي هذا في حين عاقبت إحدى محاكم ميانمار أحد زعماء الحركة القومية في ولاية راخين "آيي مونغ"، بالسجن 20 عاما، و "مونغ" هو الرئيس السابق لحزب أراكان الوطني الذراع السياسية للحركة القومية الأراكانية الإثنية البوذية التي تعارض وجود مسلمي الروهينجا في هذه المنطقة من غرب البلاد.
قضية منسية!

يوصف مسلمو الروهينجا بأنهم أكثر شعب مضطهد في العالم، وقد وصفتهم متحدثة باسم الأمم المتحدة في عام 2009 بأنهم "أكثر شعب بلا أصدقاء في العالم"، إذ لا ترغب الدول المجاورة في إيوائهم، وقد سمح الحكم العسكري الديكتاتوري في ميانمار لعقود، في إثارة القلاقل الطائفية، واستغلها أيضا لصالحه، ومن المؤسف أنه لم يتغير شيء بالنسبة لأوضاع الروهينجا بعد تولي حزب "أون سان سو تشي" - الحائزة على جائزة نوبل للسلام - للسلطة في انتخابات تاريخية فتح فيها المجال لأول مرة للتنافس، لكن "سو تشي" شاركت في عدم الدفاع عن الروهينجا وكانت تصريحاتها حول الأزمة دائما مخيبة للآمال، بل إنها تتستر على الجرائم التي يرتكبها الجيش. مأساة الروهينجا الأخرى هى أن وسائل الإعلام العالمية لم تستطع تغطية الوضع المعقد في ولاية راخين، وبالتالي فإن أكثر الأقليات تهميشا في العالم لا تحظى قضيتهم بالتغطية الاعلامية الكافية، كما يتم إغفال القضية بالكامل أحيانا، وهو ما يجعل قضيتهم في طريقها للنسيان.


_________________________________________
المصدر: ملتقى شذرات

رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
أزمة, الروهينجا, القضية, تموت, بالنسيان!


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
أدوات الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع أزمة الروهينجا .. حين تموت القضية بالنسيان!
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
ملياردير أمريكي: أزمة مالية كارثية خلال 2017 و 2018 أقوى من أزمة 2008 Eng.Jordan أخبار اقتصادية 0 01-09-2018 10:29 AM
اسباب عدم التعاطف مع الروهينجا. عبدو خليفة المسلمون حول العالم 3 09-06-2017 11:01 AM
الروهينجا .. حكاية شعب بلا وطن عبدالناصر محمود مقالات وتحليلات مختارة 0 09-05-2017 07:46 AM
ليبيا ؛ أزمة أخلاق وأعمال لا أزمة أرزاق وأموال !! بقلم // د. فتحي خليفه عقوب ابو الطيب مقالات وتحليلات مختارة 0 11-27-2013 11:27 PM
الروهينجا.. حكاية شعبٍ بلا وطن ام زهرة المسلمون حول العالم 0 05-25-2013 06:06 PM

   
|
 
 

  sitemap 

 


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 02:58 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59