#8  
قديم 08-31-2019, 12:48 PM
الصورة الرمزية عبدالناصر محمود
عبدالناصر محمود غير متواجد حالياً
عضو مؤسس
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 56,039
ورقة ذكريات (7)

ذكريات (7)
_________

(د. ياسر حسين)
____________

غرة المحرم 1441 هـــ
31 / 8 / 2019 م
______________





الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فقد جاءني في يوم الثلاثاء الموافق 22 رمضان 1434 هجرية -أثناء الاعتكاف في مسجد الخلفاء الراشدين وأثناء "اعتصام رابعة" الذي كان يُفتي المتحدِّثون في منصته الحاضرين فيه بأنه أفضل من الاعتكاف في المسجد الحرام- أحد الزملاء الأطباء ممَن كان معنا في الكلية -وبعد حدوث الانقسام بين الإخوان والسلفيين سنة 1979 م كان مِن ضمن مَن استمر على انضمامه لجماعة "الإخوان" رغم مُحَافَظَته على السمت السلفي مِن إعفاء اللحية، وغير ذلك، وظل كذلك مُحافِظًا على علاقات جيدة مع السلفيين بحُسن خُلُقه وأدبه- وطَلَب مني المحادثة.

فتحدث معي أنهم -أي "الإخوان"- قد أَدرَكوا أنه مِن الصعب جدًّا عودة الدكتور "مرسي" وعودة الدستور، وأنهم يبحثون عن حلٍّ سياسي للأزمة؛ فإن كان لا يزال لكم تَواصُلات؛ فسَاهِموا في ذلك.

وكَلَّمتُه كثيرًا في قضية "المصالح والمفاسد"، وأن سلوك "الإخوان" هذه المرة ليس كسلوكهم طيلة عدة عقودٍ مِن الزمان منذ خرجوا من سجون عبد الناصر، وحين تواجدوا في المشهد السياسي؛ فقد سُجِن المرشد الحالي الدكتور "بديع" قبل ذلك ولم يُقَرِّرُوا الدخول في معركة صِفرِيَّة، وسُجِن المهندس "خيرت الشاطر" ولم يَدخلوا في معركة صِفرِيَّة، والدكتور "مرسي" نفسه كان مسجونًا أثناء قيام الثورة في يناير2011م؛ فما الذي قَلَب موازينهم هذه المَرَّة حتى قرروا الدخول في معركة صِفرِيَّة يَخرُجون منها هم الخاسرين -عند كل العقلاء- خاصة أن المسئولين قد عَرَضوا قبل ذلك حلولًا لعدم الوصول إلى هذه الأزمة، وخَطَر الفَضِّ بالقُوَّة؟!

وتكلمتُ معه عن الأدلة الكثيرة مِن الكتاب والسُنَّة في مراعاة المصالح والمفاسد، ومُوازَنات القدرة والعجز؛ حتى قال لي: لمَ لا تأتي لتقول هاتين الكلمتين "الحِلْوِين" على "منَصَّة رابعة"؟.

فقلت له: أتريد أن أُقتَل؟ إن كثيرًا أو أكثر مَن في الاعتصام يُكَفِّرونني أو يحكمون عَلَيَّ بالنِّفاق والخيانة.

فقال: الحقيقة أن الأكثر يرونك كذلك!
=====
فقلت: إذا كنت تريد أن أقول هاتين الكلمتين فابدأ بتغيير الخطاب المُستَعمَل على المنَصَّة بدلًا مِن التكفير والتخوين، كَلِّم الناس أن المسألة اجتهادية وأن المُخالِف -أعني نحن- مجتهِدون مخطِئون، وعندما يستقر في نفوس الناس ذلك أحضر أنا هناك لأُدَافِع عن وجهة نظري وأُقنِعهم بأن اجتهادي هو الصواب وليس الخطأ؛ لكن مع استعمال العاطفة المُؤَجَّجَة بكلام أمثال: عاصم عبد الماجد، ومحمد عبد المقصود، وفوزي السعيد؛ فلا يمكن أن يسمع كلامي أحدٌ!

فقال: وهل تظن أننا لو أَمَرنا الناس بالانصراف سينصرفون؟! لن يَنصرفوا أبدًا لمجرد الطلَب!

فقلت له: إن السبب في ذلك هو طريقة الخطاب المُستَعمَل أيضًا؛ فإذا غَيَّرتُم الخطاب تَغَيَّرَت المواقف، ولكن على أي حال؛ ما هو الحل السياسي الذي تراه؟

فقال: مُبَادَرَة الدكتور "سليم العَوَّا"، وكان الدكتور "سليم العَوَّا" قد طرَح مُبَادَرَة للخروج مِن الأزمة بأن يخرج الدكتور "مرسي"، ويعلن تفويضه لشخصية يُتَّفَق عليها لصلاحيات رئيس الدولة إلى أن تتم انتخابات رئاسية جديدة وفقًا للدستور الذي تم إيقاف العمل به.

فقلت له: هذا المَطلَب في ظل بقاء الدستور معناه أنك تطلب مِن الناس أن يُسلموا أنفسهم لأعواد المشانق أو السجن؛ فإن مَن يُعطِي التفويض في ظل الدستور يمكنه إلغاؤه في أي لحظة بمجرد أن يَتَمَكَّن؛ هل تتصور أن يَقبل الطرفُ الآخر -بعد ما تمكن واستقر له الأمر- أن تعيده إلى نقطة البداية، وأن يكون تحت رحمة تفويض يمكن إلغاؤه في أي لحظة؟!

فقال: فماذا ترى من حل؟
---------------------
قلت: لو تم الاتفاق على شخصية يتم منح التفويض لها يكون ذلك مقترنًا بإعلان الاستقالة من الدكتور "مرسي" فلا يصبح رئيسًا بعد التفويض، فلا يمكنه إلغاؤه؛ فتُعطِي للطرف الآخر احتمالية التفكير في الأمر؛ فسَكَتَ وقال: أعطني فرصة حتى نسأل "مكتب الإرشاد": هل يوافِقون على هذا التعديل أم لا؟

ولا زلت أنا إلى يومنا هذا أتعجب من التوقف عن قبول هذا الاقتراح! وكأن الأمر كان عندهم يُعَدُّ لترتيبٍ آخر، هل كان متصورًا في مبادرةٍ كهذه أن تكون مقبولة دون هذا التفكير البديهي؟ أم أنهم يتصورون أن الطرف الآخر سيَقبل بغباءٍ بهذه الشروط التي يشترطها مَن هو في موقف الضعف لا في موقف القوة؟!

ولا زلت أقول في نفسي إلى يومنا هذا: إذا كان هذا ما وصلوا إليه في أثناء "اعتصام رابعة" من عدم إمكانية عودة الدكتور "مرسي" والوضع السابق على أحداث 30/6 و3/7/2013؛ فلماذا المُكَابَرَة إلى يومنا هذا والإصرار على التفكير الوهمي والخيالي الذي كان يُقْسِمون عليه على "منصة رابعة" ويجعلون المتحدثين يَقُصُّون على الناس المنامات المؤكِّدَة للعودة ووجود "جبريل" بينهم في الاعتصام، وصلاة النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خلف "مرسي"!، والحلف بالطلاق بالثلاثة -بل بالألف- أن الدكتور مرسي راجع القصر! بل وتحديد موعد لذلك؟! إلى غير ذلك مِن التُرَّهَات التي كان المتحدِّثون يَخدَعون بها الجُموع للأسف، أو خَدَعوا أنفسهم بها أَوَّلًا، بل وصل الأمر إلى ادِّعاء أن مَن يَشُكّ في ذلك يشك في الله -عَزَّ وَجَلَّ-، وإنا لله وإنا إليه راجعون.

ومتى كانت المنامات دليلًا شرعيًّا تُهمَل مِن أجله أدلة الشريعة وأحوال الواقع؟!

ورغم مرور أكثر من 6 سنوات على هذه القناعة؛ إلا أن القرار الجريء بالتراجُع وتخطئة النفس -الذي هو النقطة الأولى وحركة البداية لكي يُنظر في تغيير الواقع- لا يزال صعبًا أو مستحيلًا على القيادات الحالية التي فقدت بوصلتها بسبب غياب العلم الشرعي وغياب موازين الواقع الحقيقية، وخديعة أعداء الأُمَّة لهم في الغرب بأنهم مِن ورائهم ولن يتركوهم! وإنا لله وإنا إليه راجعون.

وانتهت المُقابَلَة على أني انتظر منه رَدًّا لطرح المحاولة للوصول إلى حلٍّ للأزمة.

وفي اليوم التالي وُجِّهَت إلينا دعوة لمقابَلَة القيادة السياسية؛ فقررت الخروج مِن الاعتكاف يومًا وليلة لمحاوَلَة منع سفك الدماء وتعريض البلاد لمخاطر الاحتراب الأهلي والفوضى المحتملة، ولهذا حديث آخر.

والله المستعان.

__________________________________________________
رد مع اقتباس
  #9  
قديم 09-06-2019, 07:07 AM
الصورة الرمزية عبدالناصر محمود
عبدالناصر محمود غير متواجد حالياً
عضو مؤسس
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 56,039
24 ذكريات (8)

ذكريات (8)
______

(د. ياسر حسين)
____________

7 / 1 / 1441 هـــ
6 / 9 / 2019 م
_____________




الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فقد جاءتنا دعوة يوم 23 رمضان سنة 1434 هجرية لمقابلة القيادة السياسية؛ فوجدنا فيها فرصة لعرض فكرتنا في الحل السياسي، ووازَنْتُ بين مُواصَلة الاعتكاف في العشر الأواخر وبين الخروج لهذا اللقاء بنفسي؛ وقررتُ الخروج؛ لأن إصلاح ذات البين ومنع سفك الدماء أولى بلا شك من الاعتكاف؛ فذهبت مع المهندس جلال مُرَّة، والمهندس أشرف ثابت، والدكتور بسام الزرقا.

وتَمَّ اللقاء... واستعرضنا الوضع السياسي والمجتمعي، ونَقلَت القيادة السياسية شكوى سكان منطقة "رابعة" من الاعتصام وما يتعرضون له من عدم إمكانية الاستمرار في حياتهم اليومية، وصعوبة الحركة والانتقال، وذكروا أن هذه الآلاف تمارس حياتها اليومية من الطعام والشراب وقضاء الحاجة في الميدان، وأَكَّدَ ذلك أحدُ إخواننا الحاضرين أنه مَرَّ مِن هناك ووجد مَن يعترضون الناس بتشنج لمطالعة بطاقاتهم، وأنهم في قلقٍ شديدٍ وتوترٍ واضح، كما أن الشرطة تراقِب بطاقات الناس؛ فالناس في شِدَّةٍ في هذه المنطقة.

وقلنا: إنه لا بد من حل لهذه المشكلة، وأمامنا ثلاث سيناريوهات عرضناها بوضوح: على الحضور:

الأول: الفَضّ باستعمال القوة الخشنة وإطلاق النار:

وقلنا: هذا أسوأ الحلول؛ لما يتضمنه أولًا مِن سفك الدماء المعصومة شرعًا -وهذا الذي يُحَرِّكُنا أولًا-، وثانيًا: للآثار الخطيرة على المجتمع من وجود فئةٍ كبيرة منه -لا يمكن إهمالها ولا القضاء عليها- تُعَادِي المجتمع نفسه، وتُكَرِّس المظلومية، ثم تصل إلى تكفير المجتمع والدولة، وأن مشكلتنا الآن هي وليدة ونتاج أزمة الستينيات في سجون "عبد الناصر"، فالشخصيات القيادية الحالية في "الإخوان" تتعامل مع المجتمع بخلفية ما لقوه وهم شباب -في نحو العشرين من عمرهم أو أقل-؛ بالإضافة إلى الفكر المنحرف الذي تَشَرَّبوه بلا علمٍ مِن القيادات القطبية في ذلك الوقت داخل السجن.

وقلنا: إننا نخشى أنه حتى بعد حل الأزمة الحالية تتفجر أزمات مماثلة بعد 40 أو 50 سنة من الآن بسبب هذه النوعيات لو دخلت السجون، ووقع سفك للدماء.

ثم إن هؤلاء الشباب المعتصمين في النهاية هم أبناؤنا وأبناؤكم وأبناء الشعب المصري -مصريون ينتمون لهذا البلد على أي حال وإن أخطأوا، وبأي درجة كان خطؤهم-؛ فالمطلوب التصحيح للأخطاء لا الانتقام؛ وكان الجواب: نحن معكم أن هذا هو أسوأ الحلول.

- السيناريو الثاني: استعمال القوة الناعمة في إنهاء الاعتصام مِن الغازات المسيلة للدموع، والهراوات، ونحو ذلك:

وهذا أقل ضررًا بلا شك، ولكنه أيضًا يترتب عليه ولا بد إصابات مِن قتلى وجرحى بنسبة أقل، ولكن لا بد أن تكون له آثار سيئة على المجتمع في الجملة.

فكان الجواب: معكم على ذلك أيضًا.

- السيناريو الثالث: "الحل السياسي"، وقلنا: هذا أفضل الحلول وأقلها خسارة على البلاد والمجتمع:

فكان الجواب الفوري: أيدينا مع أيديكم على الحل السياسي، ولكن كيف هذا الحل السياسي؟!

فتكلمنا عن إمكانية هذا الحل وقلنا: هناك مبادرة عرضها الدكتور سليم العَوَّا. وقبل أن نشرح فكرتنا في هذه المبادرة بتعديلها وعدم قبولها كما هي بلا شك، قاطَعَنا المتحدث بحدة وحَسم -خلاف سائر الجلسة-: "هناك خارطة طريق تم إعلانها وتم الاتفاق عليها، ومَن أراد السير فيها فأهلًا وسهلًا، وإلا فغير مقبول أي شيءٍ آخر". قلنا: نحن لم نكمل كلامنا -وما كنت أدري أن ذِكر اسم الدكتور العَوَّا يؤدي إلى كل هذه الحدة والحسم-، قلنا: وما سنعرضه لا يتعارض مع خارطة الطريق ولا يمثِّل مسارًا آخر، بل يمثل حسن تطبيق لها بأقل قدر من الخسائر، ونحن لا نقصد مبادرة العوا كما هي؛ بل مع تعديل جوهري أساسي لها؛ لأن خطاب التفويض من الدكتور مرسي الذي كان قد عَرَضه في المبادرة لشخصية يتفق عليها الطرفان لا بد أن يتضمن استقالته، وهذا هو الفرق الجوهري عن المبادرة؛ الاستقالة من منصب الرئيس، وبالتالي يصبح خاليًا، وبالتالي تعقد انتخابات رئاسية مبكرة كما هو متفق عليه في خارطة الطريق المعلن عنها في 3/7، وبهذا نتجنب سفك الدماء والضغوط الدولية واتهامات انتهاك حقوق الإنسان؛ وكل هذا قد يعرض البلاد لمخاطر نحن في غنى عنها؛ فكانت الإجابة المُبَشِّرَة بالنسبة لنا: إننا لن نرفض ما عَرَضتم، ولن نقبله أيضًا؛ ولكن نقول: اِعرِضوا هذا الحل على القوى السياسية؛ فإن اتفقتم عليه فنحن موافِقون على ما اتفقتم عليه مسبقًا وبلا شروط.

فقلنا لبعضنا: إذًا الباب مفتوح، وإن لم يكن على مصراعيه إلا أنه ليس مغلقًا، ويمكننا تجنيب بلادنا ومجتمعنا مشاكل لا تُحصى.

وانصرفنا على وعد بالتواصل، واتصلنا بالدكتور يونس -الذي تَعَذَّرَ حضوره هذا الاجتماع لعذر عنده-، وقلنا له يتصل بالأحزاب والقوى السياسية لعقد اجتماع للنظر في مستقبل البلاد وحل الأزمة.

وبالفعل تواصَل الدكتور يونس مع الدكتور سيد البدوي -رئيس حزب الوفد آنذاك- واتفقوا على دعوة الأحزاب والقوى السياسية لاجتماع عاجل يوم الخميس -أي في الغد- لبحث الأوضاع.

وبالفعل تم الاجتماع، وحضر الدكتور يونس وعرض وجهة النظر في أن أسوأ الحلول هو حل القوة الخشنة، وأن أفضل الحلول هو الحل السياسي، وكانت المفاجأة لنا أن نصف الحاضرين وافقوا على ذلك، ونصفهم تقريبًا أيضًا رفضوا!

كانت المفاجأة في أن نسبة الرفض كانت كبيرة جدًّا في تصورنا!

قال الرافضون: "الإخوان" لن ينزلوا ولن يستجيبوا إلا بالدم! وظَلَّت المحاولات مستمرة طوال ساعات الاجتماع في إقناع الرافضين بأن الدم أسوأ ما يكون على المجتمع والدولة، ولا يصح أن نحل أزمة وقتية ونصدر لأولادنا وأحفادنا بعد 40 أو 50 سنة أزمة أعنف منها!

ولم يُسفر الاجتماع عن شيءٍ مُتَّفَقٍ عليه، ولكن فتح الباب لاجتماع آخر يوم الأحد الذي يليه؛ لمحاولة إقناع الرافضين.

وفي مساء يوم الخميس 24 رمضان كان "جون ماكين" -رئيس الأغلبية الجمهورية في مجلس النواب الأمريكي- في زيارة التقى فيها بقيادات من كل الاتجاهات، وفوجئت بتصريحات مُخَيِّبَة للآمال بشكل عنيف؛ إذ أعلَن أننا لا بد أن نسمي الأشياء بأسمائها؛ فكما نسمي البَطَّة بَطَّة فلا بد أن نقول عن الانقلاب أنه انقلاب، وأن مصر مقبلة على حمامات دم قريبًا!

ضِقت جدًّا في هذه الأيام وأنا في الاعتكاف وقلت: هو يغازل الإخوان، بل قطعًا يُوَرِّطهم ويَدفعهم إلى الحائط ليصطدموا به صدمة عنيفة فظيعة -ربما مُحَطِّمة-، وهو يوهمهم أن الأمريكان معهم.

دعوتُ الله في اعتكافي بالستر، وأن يجنب الله المسلمين والبلاد شرهم.

وفي صباح يوم الجمعة أرسلت رسالة لزميلنا الدكتور الذي كان قد حضر يوم الثلاثاء وأخبرني أن نتدخل في الحل السياسي؛ لأنهم -أي الإخوان- اقتنعوا بأن عودة الدكتور مرسي والبرلمان والدستور شبه مستحيلة، وأنهم يريدون حلًّا سياسيًّا سلميًّا، فأرسلتُ له رسالة؛ أطلب سرعة الرد على اقتراحنا بتعديل مبادرة الدكتور "العوا" بأن يُقَدِّم الدكتور مرسي استقالته مع تفويض شخصية يتفق عليها جميع الأطراف في صلاحياته، وفي صلاة الجمعة حضر معي صديق طبيب -وهو صديق لهذا الدكتور أيضًا، زميل لنا، لكنه أقرب للسلفية ولا أظن أنه ينتمي للإخوان، أو لا أعرف انتماءه للإخوان- ومعه صديق له من بورسعيد، وطلب الجلوس معي بعد الصلاة؛ وإذا بهم يحاولون إقناعي لتغيير موقفنا لمُوَافَقَة "الإخوان" والذهاب إلى "رابعة"! وأن هذا كفيل بتغيير كافة الموازين!

فتعجبت للغيبوبة في التفكير، والسذاجة في وزن الأمور، وتأكدتُ في نفسي أن الأمريكان والغرب قد أوهَموهم بالتأييد؛ فيحتاجون التأييد الشعبي للدعوة السلفية لحسم الأمر في ظنهم!

وعجبًا فَكَّرُوا، وعجبًا وثقوا في عَدُوٍّ لدود! -فبعد خمس سنوات ونصف من هذا التاريخ قرأت تصريحات لبعض قادة "الإخوان" أن "جون ماكين" خدعهم بالتأييد وألبسهم في الحائط! وهو ما كنت استنبطتُّه من تصريحاته ليلة الجمعة يوم الخميس؛ فقلت للرسولين: أنا في انتظار ردٍّ على مبادرة للحل السياسي مِن قِبَل "الإخوان"، وانصرفا.

وبعد العصر جاءني الرد الصادم المُحبِط من زميلنا الدكتور -بموقف عكس موقفه الثلاثاء 180 درجة- برسالة على "الواتس" نَصُّها: (الكل هنا مجمعون على سقوط الانقلاب وعودة الرئيس وعودة الدستور وعودة البرلمان؛ ونحن في انتظارك هنا على منصة "رابعة" لتعلن تصحيح اجتهادك؛ ونحن نحملك على الأعناق!)، وإنا لله وإنا إليه راجعون.

أكتفي الآن بهذا القدر مِن الذكريات، وقد مرت ذكرى "رابعة" بسلام، وكنت أخشى مِن تكديرها؛ فكتبت هذه الذكريات لعل شبابنا وشباب الاتجاهات الإسلامية المختلفة يدرِكون حقيقة موقفنا وحقيقة سعينا في ذلك الوقت.

ونحمد الله على سداد القرار في وقت عصيبٍ وفتنة مُدلَهِمَّة، لا زالت آثارها إلى اليوم.

على أن نُسَجِّل باقي الذكريات في كتابٍ -إن شاء الله-.




__________________________________________________
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
ذكريات


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
أدوات الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع ذكريات
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
من ذكريات تجربة انتهت صابرة الملتقى العام 0 01-07-2019 05:32 PM
ذكريات// المسكية والسلملك زهير شيخ تراب أدباء وشعراء شذرات 1 08-20-2014 08:08 AM
ذكريات/// سوق الخجا وملابس العيد زهير شيخ تراب أدباء وشعراء شذرات 0 08-14-2014 08:26 AM
يا زهرتي هذي بقايا ذكريات .. صباح الورد أخبار ومختارات أدبية 2 09-07-2012 07:57 AM
أشلاء من ذكريات... صباح الورد نثار الحرف 6 07-18-2012 01:26 PM

   
|
 
 

  sitemap 

 


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 09:36 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59