تفاقم الأزمة الدبلوماسيّة الإسرائيليّة-الألمانيّة

الأزمة , الدبلوماسيّة , الإسرائيليّة-الألمانيّة , تفاقم

APRIL 30, 2017تفاقم الأزمة الدبلوماسيّة الإسرائيليّة-الألمانيّة الخطيرة وتل أبيب تتهّم برلين بتمرير قرارٍ ضدّها في اليونيسكو ومسؤول بالخارجيّة: تأثيرنا على ألمانيا بات بالحضيض





الناصرة-“رأي اليوم”- من زهير أندراوس:





يومًا بعد يوم يتبيّن أنّ ألمانيا ضاقت ذرعًا بالسياسات التي تنتهجها تل أبيب، وباتت العلاقات بينهما متوتّرةً جدًا، وتقترب بخطى حثيثةٍ إلى أزمةٍ دبلوماسيّةٍ خطيرةٍ بينهما، كما أفادت، اليوم الأحد، صحيفة (هآرتس) العبريّة، نقلاً عن مصادر سياسيّة إسرائيليّة رسميّة ورفيعة المُستوى.



وبحسب المصادر عينها، فإنّ التوتّر الشديد بين البلدين ازداد حدّةً فيما يتعلّق بسياسة الحكومة الإسرائيليّة تجّاه القضية الفلسطينيّة. ونقل مُرسال الشؤون السياسيّة في الصحيفة باراك رافيد، عن مسؤولين كبار في الخارجيّة الإسرائيليّة قولهم إنّ ألمانيا لم تُقدّم المُساعدة لإحباط مشروع قرارٍ ضدّ إسرائيل في اليونيسكو، لا بل أكثر من ذلك، فإنّها عملت بجهودٍ كبيرةٍ من أجل التوصّل إلى تفاهمٍ مع الدول العربيّة، والذي يُتيح لدول الاتحاد الأوروبيّ عدم التصويت ضدّ القرار المُعادي لإسرائيل، بحسب المسؤولين في تل أبيب.



ونقلت الصحيفة عن محفلٍ كبيرٍ ورفيع المُستوى في الخارجيّة الإسرائيليّة، طلب عدم الكشف عن اسمه، نقلت عنه قوله إنّه في الأسبوع الماضي أجرى نائب المدير العّام لوزارة الخارجيّة الإسرائيليّة، ألون أوسبيز، محادثةً صعبةً وقاسيّة جدًا مع السفير الألمانيّ في تل أبيب، كالمانس فون غيتسي، وخلالها احتجّ بشدّةٍ على تصرفات ألمانيا فيما يتعلّق بالقرار المُعادي للدولة العبريّة في اليونيسكو، لافتَا إلى أنّ الجلسة عُقدت بعد مرور يومين على الأزمة بين وزير الخارجيّة الأمانيّ ورئيس الوزراء الإسرائيليّ، بنيامين نتنياهو.





وبدا نتنياهو كَمَنْ أراد أنْ يلعب لعبة حافة الهاوية مع وزير الخارجية الألمانيّ زيغمر غابريال، حين وجّه إليه إنذارًا يشرِط فيه لقاءَه المقرر سلفاً به، بإلغاء غابريال اجتماعًا حدّدّه مع منظماتٍ إسرائيليّةٍ مدنيّةٍ تنتقد الاحتلال. وكالعادة، تعلّقت حسابات نتنياهو، على الأرجح، بقطف العائد الشعبيّ أوْ بالأحرى الشعبويّ (Populism) لموقفه هذا في الشارع اليمينيّ الذي يشهد منافسةً شديدةً على استقطابه من قبل شركائه الحكوميين.



ولعلّ نتنياهو رأى أنّه إذا نجح في دفع رئيس الدبلوماسيّة الألمانيّة إلى إلغاء اجتماعه بمنظمتي “كسر الصمت” و”بتسيليم” المناهضتين للاحتلال، فإنّه يكون قد سجّل موقفًا يُحتسب له في رصيده اليمينيّ، وإذا فشل، كما حصل فعلاً، فإنّه سيحصد الرصيد نفسه، لكن في ظلّ خسارةٍ سياسيّةٍ معنويّةٍ يكون تسبّب فيها مع أبرز حليفٍ أوروبيٍّ لتل أبيب.



والمرجّح أنّ نتنياهو فوجئ بردّ فعل غابريال الذي اختار عدم الاستجابة لإنذاره وأصرّ على لقاء المنظمتين، واصفًا اللقاء بـ”منظمات معارضة لأنشطة إسرائيل” بـ”الأمر الطبيعي للغاية”، إذْ “لا يُمكن الحصول على صورة كاملة وشاملة حول وضع أيّ دولة إذا التقينا فقط بمسؤوليها الحكوميين”.



ورغم تعليق غابريال على رفض نتنياهو استقباله بالقول إنّ هذا ليس كارثة، ولن يُغيّر من موقفي تجاه إسرائيل، إلّا أنّ صحيفة “دير شبيغل” الألمانية وصفت الحادثة بـ”الإهانة الدبلوماسية”. وفي وقت لاحق، رفض وزير الخارجية الألمانيّ الردّ على اتصالٍ هاتفيٍّ من نتنياهو الذي قالت مصادر مقرّبة منه إنّه أراد أنْ يتحدث مع غابريال ليشرح له بشكلٍ شخصيٍّ سبب تحفظه على اجتماعه بمنظمتي “كسر الصمت” و”بيتسيلم” ولماذا قرر عدم لقائه.



وتأتي الحادثة الدبلوماسية الحالية في أجواء من التوتر الضمنيّ بين تل أبيب وبرلين. وكانت وسائل إعلام عبرية نقلت قبل أيّامٍ عن مسؤولٍ ألمانيّ قوله إنّ العلاقات بين الجانبين بلغت مستوى متدنيًا بشكلٍ غيرُ مسبوقٍ على مدى السنوات الأخيرة. ووفقاً للمسؤول الألمانيّ، فإنّ البرامج التي أخذ نتنياهو يدفع بها منذ تولي دونالد ترامب منصب الرئاسة الأمريكيّة قد أدّت إلى أزمةٍ في العلاقات بين ألمانيا وإسرائيل. وذكر المسؤول الألمانيّ أيضًا أنّ من الخلافات الأساسية، توسيع البناء في المستوطنات وقانون تسوية البؤر الاستيطانية. وكانت المستشارة الألمانية ألغت الاجتماع الحكوميّ السنويّ المشترك مع الحكومة الإسرائيليّة الذي كان مقرراً الشهر المقبل احتجاجًا على إقرار قانون التسوية في الكنيست الإسرائيليّ.



وكانت وسائل إعلام ألمانيّة قالت إنّ حالة من الاستياء العام تعم الوسط السياسي في ألمانيا، بسبب ما تعتبره ألمانيا تلاعبًا قام به نتنياهو حول ما صدر عن المستشارة الألمانيّة ميركل من تصريحات خلال لقاءها الأخير معه، وبحسب هذه المصادر فإنّ ما ادعاه نتنياهو من تصريحات بخصوص الموقف الألمانيّ الرسميّ من حلّ الدولتين غير صحيح البتة.



وقالت صحيفة “دي فيلت” الألمانيّة، إنّ مسؤولين بالحكومة الألمانيّة ونواب بالبرلمان انتقدوا بشدة رئيس حكومة إسرائيل، بسبب تصريحاته التي أطلقها عقب لقائه الأخير بميركل، بأنّها تنظر إلى القضية الفلسطينيّة بنفس الأسلوب الذي ينظر إليه، في دلالة إيحاءيه منه على أنّ ألمانيا لها نفس التوجه الذي تتخذه تل أبيب حيال حل الدولتين، الأمر الذي ترفضه تل أبيب وتحاول إيهام العالم بأنّ ألمانيا تتخذ نفس الموقف.



وأضافت الصحيفة بأنّ هناك حالة من الدهشة أصابت مكتب ميركيل عقب تلاعب نتنياهو بتصريحاتها بشأن حلّ الدولتين، خاصّةً وأنّها أكّدت أمامه مجددًا وأمام وسائل الإعلام أنّه لا يوجد أيّ تغييرٍ في موقف ألمانيا حول رؤيتها لحل قضية النزاع الفلسطينيّ الإسرائيليّ.



وبحسب المسؤولين في تل أبيب، فإنّ الخطوة الألمانيّة الأخيرة في اليونيسكو بدأت قبل الأزمة بين نتنياهو ووزير الخارجيّة الأمانيّ، مع ذلك شدّدّوا على أنّ الأزمة المذكورة جعلت من مهمّة تل أبيب إقناع برلين بالعدول عن خطوتها ضدّ إسرائيل في اليونيسكو مهمّة شبه مستحيلةً.



ونقلت الصحيفة العبريّة عن مسؤولٍ رفيعٍ جدًا في الخارجيّة الإسرائيليّة قوله: تبينّ لنا في الأيّام الأخيرة بأنّ قدرتنا على “استغلال” ألمانيا حتى تُساعدنا في سياساتنا وصلت إلى الحضيض، على حدّ تعبيره.

المصدر: ملتقى شذرات