#1  
قديم 11-14-2016, 08:49 PM
الصورة الرمزية Eng.Jordan
Eng.Jordan غير متواجد حالياً
إدارة الموقع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: الأردن
المشاركات: 25,392
افتراضي مقابلة مع الاقتصادي الاميركي المفكر آلفن توفلر


اختاره عملاق صناعة المحاسبة العالمية"اكسنتشر"ضمن العشرة الأوائل من كبار المفكرين والمثقفين الأكثر تأثيرا في عالم ادارة الأعمال وقضاياه الاستراتيجية، لكنه أيضا الاقتصادي والاستشاري والناقد الأميركي آلفن توفلر الذي أثار ضجة عالمية بكتابه المشهور"صدمة المستقبل"الذي نشره بالتعاون مع زوجته أوائل السبعينات وسلسلة كتبه اللاحقة التي ترجمت الى 15 لغة وبيع منها 15 مليون نسخة ونال عليها جوائز دولية وتبنتها جامعات في أميركا واليابان وأوروبا وأميركا اللاتينية ودرستها شخصيات سياسية وقادة عالميون. وفي الظروف الدقيقة التي يعيشها الشرق الأوسط ولا تنعكس على مستقبل علاقاته مع القوة العظمى الوحيدة في العالم وحلفائها وحسب بل تفرض تحدياتها وتداعياتها الآنية والمستقبلية على عالم الأعمال في الشرق الأوسط وربما العالم الاسلامي قاطبة، أجرت"الحياة"مع آلفن توفلر مقابلة هي الأولى من نوعها لصحيفة عربية محاولة تسجيل آراء شخصية متميزة في عالم الفكر الاستراتيجي المستقبلي الأميركي في شأن غالبية هذه المسائل المأمل أن تشكل بداية نقاش لحوار أوسع. وفي ما يأتي نص المقابلة:
> منذ صدور كتابك"صدمة المستقبل"أصبحت الحاجة للتأقلم مع التغيير أكثر الحاحا سيما مع تعاظم زخم ثورة المعلومات، الموجة الجديدة التي أبرزتها في كتابك الأحدث"الموجة الثالثة"مالذي يتوجب على منطقة الشرق الأوسط فعله لتجنب صدمة مستقبل؟
- ما يحدث في الولايات المتحدة الآن ليس ظاهرة جديدة بدأت مع أسواق المال واصدارات الأسهم والانهيار وكل الأزمات الأخرى. قبل خمسين عاماً بدأنا بالانتقال من اقتصاد يقوم على قوة العضلات الى اقتصاد يعتمد على قوة العقل أو المعرفة، ومع هذا الانتقال جاءت تغيرات مؤسساتية وسياسية وثقافية. انك لاتفصل بين اقتصاد أو تطورات اقتصادية وبين الثقافة والدين ونظام العائلة وكل العناصر الأخرى التي تدخل في نطاق المجتمع. اذا بدأنا بالتغيير ولم نبتكر تشكيلة قوية من التقنيات لمعالجة المعطيات والمعلومات والمعرفة وحسب بل بدأنا بتغيير الهيكل السياسي. وعلى سبيل المثال كان فقط بعد انطلاق مسار التغيير أن بدأنا نشهد حملات الدفاع عن الحقوق المدنية وحقوق المرأة والبيئة وما شابه ذلك. وبدأنا كذلك عملية تغيير جوهرية شاملة للمؤسسات. ان أميركا اليوم منشغلة في بناء أسلوب حياة جديد يتواءم مع الاقتصاد والمجتمع الجديدين. لكنني أعتقد بأن الأميركيين لا يدركون ما يجري. وبالتأكيد أن الناس خارج الولايات المتحدة لا يفهمونه لأنه جديد ومختلف وفق كثير من المقاييس.
لكن احدى المشاكل الرئيسية هي أن تغيير المؤسسات يسير بسرعة أقل من التكنولوجيا. ولدينا في الولايات المتحدة الآن نظام اتصالات آني رائع وتكنولوجيا رائعة لكن المؤسسات لم تصمم لتمارس عملها في هذا النظام الاقتصادي الجديد. وهذا في اعتقادي هو ما يحدث في الولايات التحدة. وأعتقد أنه يشكل سبباً مهما للعداء الموجه ضد أميركا بغض النظر عن فلسطين أو العراق والأعمال العسكرية وكل المسائل التي تجدها في صحف اليوم.
الشرق الأوسط أهدر فرصة عظيمة
وتحدث عملية الانتقال الى الاقتصاد المعتمد على العقل على مستوى عالمي، تبدأ في أميركا وتنتشر في المناطق الأخرى من العالم، لكن، لسوء الحظ، ببطء شديد الى الشرق الأوسط. وأعتقد في الحقيقة بأن الشرق الأوسط أهدر فرصة كبيرة للقفز الى أمام. عندما بدأت عائدات النفط الضخمة بالتدفق في السبعينات وعوضاً عن استثمارها في التعليم والتجديد والتكنولوجيا المتقدمة، ذهب معظمها، في اعتقادي، الى المصارف الأميركية والأوروبية ثم تحول قروضا الى دول أميركا اللاتينية. والسبب في ذلك أن القيادات - الحكومات ورجال الأعمال في الشرق الأوسط اما أنهم لم يدركوا ما يحدث أو خافوا من مخاطر الاستثمار. وفي النتيجة أهدرت فرصة عظيمة لاعادة هيكلة الاقتصادات الشرق أوسطية بحيث لاتبقى معتمدة على النفط.
صدمة المستقبل
وبالاجابة على السؤال: ما الذي يمكن عمله للقفز الى مستوى أعلى من الأداء الاقتصادي؟ من الواضح أن التعليم يأتي في المقدمة. والمقصود هو التعليم الحديث المعاصر. والأمر الثاني هو، في اعتقادي، الموقف الحضاري ازاء الزمن اذ لدي انطباع، وصححني ان كنت مخطئا، أنه في المنطقة هناك قدر هائل من التركيز على الماضي بدلا من المستقبل. ويلعب هذا الموقف دورا مهما في تحقيق التنمية الاقتصادية، فاذا ركزنا أكثر من اللازم على الماضي وأقل من اللازم على امكانات المستقبل يصبح من الصعب بمكان تحقيق تغييرات معتبرة. وثمة أمر آخر هو مسألة الانفتاح على التجديد. ان أحد الأمور التي تجدها في النظام الاقتصادي الاجتماعي الأميركي ترحابه الشديد بالتجديد التكنولوجي والاقتصادي ومكافأته بسخاء. ويختلف الحال في كثير من الدول الأخرى سوى أن هذا الاختلاف لاعلاقة له بالاسلام وانما له علاقة بالشيوعية وتقاليد الشركات اليابانية التي لاتكافئ التجديد الفردي كما تفعل الولايات المتحدة بل انها تعاقبه بطرق شتى. ان الأمور المعنية بتحقيق التنمية الاقتصادية تختلف تمام الاختلاف عن المسائل التي يناقشها الاقتصاديون عادة في الصحف.
النفط نعمة أم نقمة !
> كتبت وتحدثت عن ظهور الاسلام من جديد وخطر الارهاب، وبشكل أعم، الفوضى التي تبعت الحرب الباردة، هل الشرق الأوسط والولايات المتحدة متجهان الى صدام حضاري وكيف يمكن تفادي هذا الصدام سيما وأن الحضارة الاسلامية ساهمت في بناء المدنية الحديثة؟
- دعني بادئ ذي بدء أقول بأنك تبالغ، ربما، في درجة اطلاعي على الاسلام. ان معرفتي بالاسلام ضحلة وصحيح أنني أقتني كثيراً من المؤلفات لكنني لا أعتبر نفسي على درجة عالية من المعرفة بالاسلام. بل أنا مراقب من الخارج. ويتهيأ لي أن الحضارة الاسلامية عندما كانت في ذروتها في الماضي، وبعبارة أخرى، في عصرها الذهبي، تم تحقيق انجازات في العلوم الأولية وأعتقد بأن العلم الحديث بدأ في القرن السابع عشر حيث كانت هذه التطورات جد متقدمة عن بقية العالم المعاصر، ربما باستثناء الصين وان كنا لانعرف عنها الشيء الكثير. وفي أي حال، كان العصر الذهبي للحضارة الاسلامية أيضا عصر قوة اقتصادية في الشرق الأوسط وكان هناك الكثير من الانفتاح على التجديد. وهذه هي الأسباب: كان هناك أولاً الموقع الاستراتيجي للشرق الأوسط بين آسيا وأوروبا. وعملياً كان لدى مجتمعات الشرق الأوسط فرصة، وفعلياً ما يشبه احتكار السيطرة على التجارة البرية بين المجتمعات الآسيوية والأوروبية، لتلقي الأفكار المتدفقة من الخارج ومعها التجديد والتحديات. وحتى في يومنا هذا وفي أي مكان في العالم عندما يكون لديك ميناء يكون لديك منفذ الى الثقافات الأخرى. ويشكل هذا الأمر حافزاً ثقافياً وفلسفياً، وأضيف، دينياً. كان هناك اذا ميزة اقتصادية وكان هناك انفتاح على الأفكار الخارجية. لكنني أعتقد بأن شعلة هذين العاملين خبت عندما وجدت أوروبا طريقا للتبادل التجاري مع آسيا من دون المرور عبر الشرق الأوسط، وذلك بالدوران حول رأس الرجاء الصالح. ومع ازدهار التجارة الأوروبية وما صاحبها من تطورات ثقافية انطلقت الثورة التي نطلق عليها اسم"التنوير". لماذا تخلف الشرق الاوسط؟ لاأدري. هل يكمن سبب التخلف بسبب"لعنة النفط". النفط خبر سيئ حيثما كان وليس فقط في الشرق الأوسط. وأعتقد أن السبب الرئيس لكون النفط مشكلة هو أن الحكومات تقيم حساباتها المالية على النفط وتعيش على انتاج النفط بينما الدول الأخرى التي لا تملك النفط تستمد مصادرها المالية من الضرائب التي تفرضها على المواطنين أو تجمع الأموال من مصادر متنوعة بدلا من الاعتماد بشدة على مصدر وحيد.
العودة الى الصراع
من الواضح لي أن هناك على الجانبين أناس يرحبون بوقوع صدام بين الولايات المتحدة والشرق الأوسط. لكنني لست واثقا، أو لنقل أنني لا أعرف شخصاً واحداً في الولايات المتحدة يرغب بقيام حرب ضد الاسلام. الحديث عن الصدام موجود والحجج موجودة وحدث أن تفوه الرئيس الأميركي جورج بوش بعبارة"حملة صليبية"لأنه جاهل في التاريخ .... لكنني لاأعتقد بأن هناك امرئاً يرحب حقا بفكرة الصدام الحضاري. في كتابنا"الحرب ونقيضها"الذي نشرته وزوجتي عام 1993، استخدمنا عبارة"صراع الحضارة"لكننا لم نقصد ما عناه صاموئيل هنتينغتن في كتابه صراع الحضارة واعادة صياغة النظام العالمي اذ أن تعريف الحضارة بالنسبة الى هنتينغتن ارتبط الى حد كبير بالدين بينما استخدمنا كلمة حضارة بشكل مختلف، فهي بالنسبة الينا تعني كل ما نفعله. انها أسلوب حياة. وأجد من الصعب الاعتقاد بأن معظم المسلمين في العالم، الـ 1.5 بليون أو 1.2 بليون نسمة، أن هذا العدد الهائل من الناس يريد النزاع. أعتقد بأن الذين يريدون النزاع على الطرف الأميركي، بل على الطرفين، لا يشكلون سوى نسبة هزيلة من السكان. لكنهم يؤثرون ويصنعون التاريخ. وما حدث في مدريد كان عملية تغيير للنظام فرضت من الخارج. اننا اليوم نكافح، انظر الى أفغانستان والعراق بعد 11 أيلول سبتمبر 2001. يخيل الى بأن أتعاطف مع الباحثين المسلمين الثلاثين الذين ساهموا في اعداد تقرير الأمم المتحدة تقرير التنمية العربي عن التحديث. لكنني لاأعرف مدى التأييد الذي يحظون به أو حتى مدى الحرية التي يملكونها للترويج لهذه الأفكار في الدول المختلفة.
> هل يعني ذلك بأن الارهاب فرض نفسه على العلاقات بين الشرق الأوسط والولايات المتحدة؟
- نعم... أعتقد بأن عددا قليلا من الناس يشن حرباً ويرغب في أن يراها، وهو يراها حقا صراعاً دينيا. انهم اناس خطيرون جدا، انهم خطر على الطرفين بل هم خطر على أطراف كثيرة، على الجميع. وأجزم بضرورة محاربتهم بكل قوة. أعلم بأنه من الصعب على بعض الحكومات مواجهتهم الا أن هؤلاء الناس يشنون حربا تتجاوز الحدود الوطنية لدولة ما ويسعون للاطاحة بحكومات عربية واسلامية لكنهم لايفكرون على المستوى الوطني وانما يعملون وفق استراتيجية اقليمية وعالمية. وهم يستغلون التسهيلات التقنية المتاحة التي لم يفعلوا شيئا لتطويرها وتمويلها، فهم بالطبع لم يخترعوا التكنولوجيا العالية والاتصالات والانترنت التي يستخدمونها. ومن المفارقة أن الذي أطلق الانترنت هي وزارة الدفاع الأميركية. انهم يستغلون أفضل التقنيات التي تقع أيديهم عليها.
الارهاب بدأ مع سقوط الشاه
> أحدث الارهاب ضرراً عظيما في الجانبين لكن هل تنظر أميركا الى الدول العربية بمنظار الارهاب؟
- عندما تكون منهمكا في صراع ما يغدو من الصعب عليك النظر الى أبعد منه. والحقيقة أنني لا أعلم أي نسبة من المسلمين متورطة في ذلك. أعتقد بأنها نسبة هزيلة.
لكنني في المقابل أقرأ واذا قرأ امرؤ تاريخ أسامة بن لادن منذ المراحل المبكرة، من السودان الى القرن الأفريقي الى أفغانستان. وليس تاريخه وحسب بل أعداد كبيرة من الناس الذين حصلوا على التمويل من ايران في وقت مبكر وضخوا استثمارات ضخمة في أشياء ذات استخدام حربي، في معسكرات التدريب وتسهيلات البنية التحتية مثل الطرق السريعة. لقد بدأت عملية البناء هذه، بدأت الايديولوجيا هذه، قبل نصف قرن أو يزيد. ليست ايديولوجيا قديمة لكن بدأ تطبيقها العملي ومحاولات فرضها مع سقوط الشاه في ايران على أقل تقدير. انه نزاع قائم منذ وقت طويل. والمشكلة أن معظم الناس كانوا مشغولين بشؤون حياتهم اليومية. وكان هذا بالتأكيد حال هذا الجزء من العالم الولايات المتحدة وكان من غير شك أيضا حال غالبية المسلمين التي تكدح لتوفير لقمة العيش لأسرها. والنتيجة أن هذا النزاع لم يسترع قدراً كبيراً من الاهتمام الا حين سقط نظام الشاه وتسلم آيه الله الخميني السلطة والى أن وقعت أحداث 11 أيلول.
خطر على كل عاقل
> قال وزير الخارجية السعودية الأمير سعود الفيصل هنا في الولايات المتحدة أخيراً أن أسامة بن لادن لم يكتسب ايديولوجيته في السعودية وانما في أفغانستان.
- الواضح أن أسامة كان له علاقة كر وفر مع السعودية. ويسعدني أن وزير الخارجية يرغب في التأكيد على أن السعودية لا علاقة بها بهذه الأفكار. لكنه صحيح أيضا أنك اذا نظرت الى الأحداث التي وقعت في العقد أو العقدين الماضيين، من منظور شخص يقف في معسكر في أفغانستان، ستجد عملا ارهابيا يعقبه عمل ارهابي، تفجير مبنى سفارة أو سفينة أو ما شابه. أعتقد أن الادارة الأميركية السابقة لم تُقدر ما كان يحدث تقديرا كافيا. نظرت الى هذه الأعمال على أنها أحداث عشوائية ولم تر فيها ايديولوجيا. اعتبرتها مجرد أعمال اجرامية وتعاملت معها بعقلية رجل الشرطة لكنها لم تكن كذلك. كانت شيئا أكثر تماسكاً وتنظيماً وأشد تسليحاً مما يمكن لأي شرطي التعامل معه. انها منظمة متطرفة كبيرة جداً وتشكل، في اعتقادي، خطراً على كل عاقل.
الذكاء مقابل المعلومات
> من أقوالك المشهورة أن بامكان المرء أن يحصل على كل المعلومات المتاحة لكن سيبقى عليه أن يشكك بها ويستخدم ذكاءه وخبرته الشخصية. ما الذي يقوله ذلك لقادة الأعمال في الشرق الأوسط؟
- المعلومات الكمية أمر جيد. ولدينا الآن امكانات أفضل في مجال جمع المعلومات. وهذا حسن لكنني أقول: حذار من منح المعلومات كل ثقتك اذ لا بد لك أن تسأل عن الافتراضات التي تقف خلف هذه المعلومات. اذ كان لديك مجموعة من المعطيات أو الاحصاءات عن مشكلة ما، فلا بد أن تسأل: ما هي الافتراضات الحسابية التي استخدمت في جمعها؟ ولماذا وقع الخيار على احصاءات بعينها وليس غيرها في التعامل مع المشكلة نفسها. نعلم أن مجرد جمع المعلومات لا يجعلها صحيحة أو علمية. ونعلم أيضا أنه حالما تدخل المعلومات حلبة سياسية فان السياسيين لا يهمهم صحة هذه المعلومات من عدمها. ان ما يهمهم هو ما اذا كان بامكانهم استخدامها، وما اذا كانت تشكل سلاحاً جيداً لبرنامجهم السياسي، كائنا ما كان.
قيادات الشرق الاوسط
> غالبية رجال الأعمال في الشرق الأوسط، خصوصا في دبي حيث ستلقي كلمة في وقت لاحق من السنة، تلقت علومها أو خبراتها في الولايات المتحدة والغرب عموما، ما هي التحديات التي تواجههم في عصر المعلومات؟ وكيف تجمل الصفات الواجب توافرها لدي قيادات الأعمال في الشرق الأوسط؟
- أعتقد أن التحديات التي يواجهها قادة الأعمال في الشرق الأوسط هي، في بعض جوانبها، نفسها التي يواجهها قادة الشركات في المناطق الأخرى من العالم. في برامج ماجستير ادارة الأعمال، واذا قرأت أدبيات الأعمال بشكل عام، ستجد كتباً كثيرة تحدث المديرين التنفيذيين عن الاستراتيجية. وغالبا ما تشمل أمورا مثل: عليك أن تعلم ما يفعله الموردون. عليك أن تعلم ما يفعله الزيائن وهكذا دواليك.
الدائرة الكوكبية
يدور كل شيء حول المستوى الأول من علاقات شركة ما بمحيطها المباشر من موردين وعملاء وممولين. لكن في الواقع أن الشركات لم تعد تتواجد خارج ما أطلقنا علينا اسم"دائرة كوكبية"اذ أنها تضطر بشكل متزايد للاعتماد على منظمات من خارج بيئتها والتعامل معها. ونجد في ما آل اليه مصير مؤسسة"مونسانتو"أفضل مثال على الواقع الجديد. كادت المنظمات غير الحكومية الأوروبية أن تدمر سنوات من الجهد الذي بذلته مونسانتو في مجال المنتجات الغذائية المعدلة وراثياً. ولم تأت الضربة من شركة منافسة كما لم تنجم عن مشكلة مع الموردين أو الموزعين بل جاءت من خارج عالم الأعمال. هناك أعداد متزايدة من القوى الخارجية التي تؤثر في نتائج بيانات الشركات. لذلك أصبح لزاما على المديرين التنفيذيين التنبه للقوى الخارجية التي يمكن أن تغزو عالمهم.
الشركات العائلية معالم اثرية!
وبالنسبة لصفات القيادة لا أؤمن بالتطبيق الشمولي أو بمجموعة محددة من الأدوات أو الأفكار. تختلف المجتمعات باختلاف ثقافتها وتقاليديها وكل منها يحتاج الى أدوات تتناغم مع الواقع المحلي. ولا أؤمن بوجوب الافتراض بأن مجموعة معنية من فنون الادارة يمكن أن تكون فعالة في كل مكان. أعرف أنه في كثير من الدول النامية لديك شركات عائلية ضخمة. كان لي اتصالات شخصية مع مثل هذه الشركات في المكسيك واندونيسيا وأماكن أخرى. وتقليديا ينظر في الغرب الى هذه الشركات على أنها معالم أثرية من عصر سابق. لكنني لا أعتقد بأن هذا الانطباع صحيح كل الصحة. وفي بعض الدول يمكن للشركات العائلية أن تكون النموذج الأكثر مواءمة لواقعها ومحيطها.
كذلك لا أعتقد بأنك يمكن أن تكون مديراً تنفيذياً من دون أن تعرف شيئاً ما عن تقنية المعلومات والاتصالات والأهمية التي تحظى بها المعرفة بالمقارنة مع القوة العضلية. ان تقنية المعلومات تمكننا من الانتقال بالقيمة المضافة الى مستويات أعلى في الاقتصاد الجديد، وما زال بالامكان بناء مشاريع انتاجية تعتمد على التكنولوجيا مستويات متدنية من التكنولوجيا والأجور والاستثمار، لكن هذه طريقة الماضي التي سيحل محلها تدريجيا مشاريع انتاجية أكثر تقدما وربحية تعتمد على الذكاء والصور والأفكار والرموز وكل ما نستطيع حشره في كلمة المعرفة.
دور الشركات العائلية في التنمية
> هل يمكنك التعقيب على موضوع الشركات العائلية؟
- نحن نعرف كثيراً عن الأمور السيئة. وكثير ما نعرفه عن رأسمالية المحاباة والمحسوبية. ونعرف أنه عندما تصبح عائلة ما فاحشة الثراء وتصبح لها مصالح واسعة تصبح حقيقة من حقائق الواقع. وقد يكون ما تفعله الشركات العائلية أحيانا غير مفيد للبلد. وشيء آخر عن هذه الشركات أنها تميل لأن تصبح مجموعات ضخمة، ففي البلدان ذات الاقتصادات الصغيرة لا يمكنك بناء شركة كبيرة بما فيه الكفاية في قطاع واحد من الأعمال، وبالتالي تصبح لديك مجموعة من الشركات. لكن الشركات العائلية وفي كثير من الدول هي الجهات التي تملك الامكانات المطلوبة لتنمية الاقتصاد وادخال التكنولوجيا الجديدة وعناصر القوة التي يمكن أن ت***ها هذه التكنولوجيا للاقتصاد. وأكرر هنا ما قلت سابقاً، وهو أن الشرق الأوسط أهدر في السبعينات فرصة عظيمة وكان يمكن له أن يصبح"سيليكون فالي".
دور المرأة في العمل
> ما المطلوب اذاً للنجاح في عصر المعلومات؟
- هناك معوقات حضارية عدة للتنمية... وعلى سبيل المثال وضع المرأة في عدد من الدول. اذا كنا نعتزم فعلا الانتقال الى اقتصاد قائم على المعرفة لكننا نحول دون المرأة والعمل فاننا نحرم القوة العاملة من نصف عقول المجتمع. لست هنا بصدد الاقتراح بأن كل امرأة بحاجة لأن تعمل لكن الحقيقة أن النساء يرفدن الاقتصاد بطاقات عظيمة وعلى أعلى المستويات. من الذي يقود"هيوليت باكارد"؟ انها كارلي فيورينا. ان اعتبار المرأة غير قادرة أو حجبها تطبيقا لمبدأ تقسيم العمل وبقائها في المطبخ يعيق مسيرة التنمية بدرجة كبيرة.
أهمية الخيال في ادارة الأعمال
> الشرق الأوسط مبتلى بالأزمات. كيف يمكن لرجال الأعمال النجاح في مناخ من هذا النوع؟
- ان أحد الأشياء التي تفعلها الحرب والنزاعات هو أنها تخفض درجة اليقين. لكن حتى في الأوقات العادية لا بد أن تكون على استعداد للمفاجآت. تحدث أشياء غريبة فجأة. اذا كنت مديراً تنفيذياً ومسؤولاً عن استراتيجية شركتك وبقائها واذا كنت تفتقد الى الخيال فهذه مشكلة. لم تحظ نظرية الادارة هذه بحقها من التطوير. ان المطلوب هو الخيال. يجد بعض الناس صعوبة في تخيل أشياء خارج واقعه التقليدي. ولم يكن بمقدور الأميركيين تخيل أحداث 11 أيلول، وأعتقد ان الحدث كان قصورا في التخيل. في عالم الأعمال هناك رجال أعمال ذي قدرة هائلة على التخيل. ونعرف العبارة التي استخدمها الرئيس السابق لشركة"انتل"آندي غروف. تحدث عن حاجة رجل الأعمال لأن يكون مشككا الى درجة الهوس، أن يكون يقظاً على الدوام باحثاً عن التهديدات المحتملة. لكن هذه التهديدات المحتملة يمكن، نظرياً، أن تأتي من جهات غير مألوفة والمديرون ليسوا مدربين على التمحيص فيها. لقد حصل استفتاء في بلدة صغيرة في أميركا أخيراً وكان من نتيجته أن منع عملاق صناعة تجارة التجزئة"وول مارت"من افتتاح فرع له في هذه البلدة. أصيب الجميع بالذهول. انها ليست بلدة غنية، بل هي فقيرة. قال سكان البلدة لـ"وول مارت"عبر الاستفتاء: أجل، قلت بأنك ستوفر فرص عمل لكننا لا نريدك في بلدتنا.
لا بد لرجال الأعمال من توسيع نطاق القضايا التي يفكرون بها لتشمل قضايا لم تدخل في اطار تعليمهم. لا بد أن يكونوا ذوي خيال وأن يسألوا أنفسهم: ما هو أسوأ ما يمكن أن يحدث؟ هل هناك مصدر خطر لم أفكر به؟ ومن ثم لا بد لهم من اعمال الخيال بايجابية في البحث عن سببل لتجاوز المخاطر المحتملة. ولا بد من أن يسألوا: كيف نستخدم الخيال لانتاج منتجات جديدة واقامة علاقات جديدة؟ من السهل على المرء أن يقول ذلك كله لكنه من الصعب جداً على مدير تنفيذي يعيش الضغوط اليومية للعمل أن يطبقها فعلاً. نحن لا نتحدث تقليدياً عن حاجة رجال الأعمال للخيال: اننا نقول لهم أنتم بحاجة لمعرفة كيفية قراءة البيانات المالية، تعلم مجموعة من القواعد. ان هذه لثقافة محدودة. ان الخيال هو الذي يفشل بالعادة عندما تتعرض شركة ما لكارثة أن تنهار أو تخسر الفرص.
النفط أثمن من هدره بتشغيل السيارات وتدفئة المنازل
> يتحدث محللون عن ذروة انتاج النفط، أن انتاج النفط مقبل على بلوغ الذروة التي لا بد له بعدها من الانخفاض، وبما أن الشرق الأوسط ينفرد بقسط كبير من الاحتياط الدولي أليس من المفترض أن يكون ذلك حافزاً على قيام علاقات أفضل بين الشرق الأوسط والولايات المتحدة؟
- بالتأكيد. من وجهة نظر أميركا اذ كان هناك خطر انخفاض انتاج النفط بعد عدد من العقود والأجيال، وكان هناك عداء محتمل بين المجتمعات فان الاستراتيجية الموائمة للولايات المتحدة ستتمثل في فرض الضرائب على استهلاك البنزين، أكثر مما هي عليه الآن، وضمان استجابة المستهلك. ومن ثم اطلاق مشروع"منهاتن"لتطوير خلايا الوقود والأنواع الأخرى من البدائل التقنية للسيارات المعتمدة على النفط. وأعتقد أن ذلك ينسحب على العالم قاطبة.
أما بالنسبة للنفط فأعتقد أنه من الهدر، بل من الهدر الفاحش، أن يستخدم لتشغيل السيارات وتدفئة المنازل سيما أنه منتج متعدد التطبيقات متنوع الاستخدامات.
لا أقول ان علينا أن نتوقف عن استخدام النفط وانما يتوجب علينا استخدامه لأغراض ذات قيمة اضافية أعلى. ان اعتماد العالم على النفط لأغراض ذات قيمة مضافة منخفضة هدر فاحش. وبقدر ما يستمر النفط نافعاً فان الشركات والدول التي تنتقل بعيداً عن الاستخدام ذي القيمة المضافة المنخفضة الى القيمة المضافة الأعلى ستحقق نتائج أفضل في المحصلة النهائية.
ليس بمستطاعنا في الوقت الحالي اغلاق آبار النفط هناك في الشرق الأوسط كما ليس بمستطاعنا الاستغناء عن النفط هنا الولايات المتحدة. لكن ربما هناك حاجة لقيام تعاون استراتيجي، تعاون وليس تنافساً، بين الشرق الأوسط وزبائنه من الدول المستهلكة لدرس كيفية الانتقال الى استخدامات ذات قيمة مضافة أعلى وكيفية انتقال الدول المستهلكة الى مصادر بديلة للطاقة. دعنا ندعو الى عقد مؤتمر للدول المنتجة، ولنركز على الشرق الأوسط، والدول المستهلكة لارساء استراتيجية مشتركة قادرة، في المقام الأول، على نقل النفط الى استخدامات ذات قيمة مضافة أعلى، وفي المقام الثاني، تشجيع عملية تطوير مصادر الطاقة البديلة للمواصلات ووضع نهاية لهدر النفط.
المصدر: ملتقى شذرات

رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
آلفن, مقاتلة, المفكر, الاميركي, الاقتصادي, توفلر


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
أدوات الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع مقابلة مع الاقتصادي الاميركي المفكر آلفن توفلر
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
توفلر... إننا نعيش اليوم حضارة الموجة الثالثة Eng.Jordan مقالات وتحليلات مختارة 1 11-14-2016 06:46 PM
إنشاء حضارة جديدة سياسة الموجة الثالثة .. الفين وهايدي توفلر ج2 Eng.Jordan كتب ومراجع إلكترونية 0 11-14-2016 03:13 PM
إنشاء حضارة جديدة سياسة الموجة الثالثة.. الفين وهايدي توفلر ج 3 Eng.Jordan كتب ومراجع إلكترونية 0 11-14-2016 03:11 PM
رحيل ألفين توفلر أشهر علماء الدراسات المستقبلية Eng.Jordan مقالات وتحليلات مختارة 0 11-14-2016 02:17 PM
لا تخبروا والدتي : الغرب الاميركي الموحش Eng.Jordan أخبار عربية وعالمية 0 11-06-2012 05:43 PM

   
|
 
 

  sitemap 

 


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 10:20 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59