أزمة النظام المالي والمصرفي الدولي وبديل البنوك الإسلامية

البنوك الإسلامية , النظام المالي

ورقة بحثية مقدّمة لفعاليات الملتقى الدولي حول:

"أزمة النظام المالي والمصرفي الدولي وبديل البنوك الإسلامية"

-المحــور الخامس-

حمل المرجع كاملاً من المرفقات

كفـاءة التمويـل الإسلامـي

فـي ضـوء التقلبـات الاقتصاديـة الدوريـة

إعـداد:

أ. د. صالـح صالحـي

Salahsalhi606@hotmail.com

د. عبد الحليـم غربـي

halimgherbi@yahoo.fr

كلية العلوم الاقتصادية وعلوم التسيير، جامعة سطيف/الجزائـر

05-06 ماي 2009

جامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية، قسنطينة

تمهيـد:
يعتمد التمويل الإسلامي على معدَّلات المشاركة المتنوعة المرتبطة بالحركية الاقتصادية الحقيقية، في حين يعتمد التمويل التقليدي على آلية الفوائد الربوية المسبقة التي تُنمِّي الاقتصاد الرمزي المضاربي الذي لا يرتبط في كثير من الحالات بالاقتصاد الحقيقي؛ ومن ثمّ فهو يُعدّ من بين العوامل الأساسية للأزمات والتقلبات الاقتصادية الدورية.
ولقد بيَّنت الأزمة المالية الحالية للنظام المالي والمصرفي التقليدي حجم الخسائر في الأصول المالية والتي تُقدَّر بأكثر من 50 ألف مليار دولار، وتحوّلت إلى أزمة اقتصادية بدأت بحالة من الركود والكساد.
وقد ظهرت أهمية التمويل الإسلامي الذي يربط الاقتصاد الحقيقي بالاقتصاد المالي في احتواء الأزمات الاقتصادية والمالية والدورات المرتبطة بها.
وسوف نُبرز الكفاءة الاستخدامية للتمويل الإسلامي في التخفيف من حدّة التقلبات الاقتصادية؛ حيث سنتعرّض في هذه المداخلة للمحاور التالية:
- أولاً: الكفاءة التمويلية المرتبطة بتنوع الصيغ وتعدُّد أساليب التمويل الإسلامي؛
- ثانياً: كفاءة التمويل الإسلامي المتعلقة باحتواء التقلبات الاقتصادية الدورية؛
- ثالثاً: الكفاءة المرتبطة بتكامل أشكال وصيغ التمويل الإسلامي؛
- رابعاً: تقدير الكفاءة التطبيقية المتوقَّعة لصيغ وأساليب التمويل الإسلامي.

أولاً: الكفاءة التمويلية المرتبطة بتنوع الصيغ وتعدُّد أساليب التمويل الإسلامي

1- التعريف بصيغ وأساليب التمويل الإسلامي: يقوم التمويل الإسلامي على صيغ متنوعة أهمها[i]:
- أسلوب التمويل التشاركي: هو نوع من التمويل يشمل المشاركة والمضاربة:
· المضاربة: هي عقد من عقود الاستثمار يتم بموجبها المزج والتأليف بين عنصري الإنتاج "العمل ورأس المال" في عملية استثمارية تُحقّق فيها مصلحة الملاك والعمال المضاربين؛ وتتّخذ المضاربة عدة أنواع منها: مضاربة مطلقة، مضاربة مقيَّدة، مضاربة مؤقتة، مضاربة مستمرة، مضاربة ثنائية، مضاربة مركبة؛
· المشاركة: هي عقد من عقود الاستثمار يتم بموجبه الاشتراك في الأموال لاستثمارها وتقليبها في النشاطات المختلفة؛ بحيث يُسهم كل طرف بحصة في رأس المال؛ والمشاركة تقتضي وجود طرف يملك المال وطرف يملك المال والجهد معاً؛ ومن ثمّ يتحمَّل جزءاً من الخسارة على قدر استثماره من ماله الخاص، وتتنوع المشاركة حسب التقسيم المستخدم: المشاركة الجارية، المشاركة الاستثمارية، المشاركة المستمرة، المشاركة المنتهية، المشاركة الثابتة، المشاركة المتناقصة، المشاركة في الاستيراد، المشاركة في التصدير...
- أسلوب التمويل التجاري: هو نوع من التمويل يشمل بيع المُرابحة وبيع السَّلَم:
· بيع المُرابحة: هي عقد من عقود الاستثمار التجارية، يتم بموجبها التمويل بالبيع، فهي بصورتها البسيطة عملية بيع بمثل الثمن الأول مع زيادة الربح، أي بيع السلعة بثمن التكلفة مع زيادة ربح متفق عليه بين البائع والمشتري؛
· بيع السَّلَم: هو عقد من عقود الاستثمار وصيغة من صيغ التمويل يتم بموجبها التمويل بالشراء المسبق، لتمكين البائع من الحصول على التمويل اللازم، فهو بيع آجل بعاجل، فالآجل هو السلعة المباعة التي يتعهد البائع بتسليمها بعد أجل محدَّد، والعاجل هو الثمن الذي يدفعه المشتري؛
- أسلوب التمويل التقاولي والتأجيري: هو نوع من التمويل يشمل الاستصناع والتأجير:
· الاستصناع: هو عقد من عقود الاستثمار وصيغة من صيغ التمويل يتم بموجبها صنع السلع بأوصاف معلومة، بمواد من عند الصانع، على أساس أن يدفع المستصنع مبلغاً معيَّناً سواء عند بداية العقد أو خلال فترات متفاوتة أثناء أداء الصانع للعمل المتفق عليه بينهما، وذلك حسباً للاتفاق الموجود في العقد؛
· التأجير: يرتكز التأجير على بيع المنفعة، فالمموِّل يقوم بشراء الأصول والمعدّات والأجهزة المطلوبة من المستأجر لمدة محدَّدة مقابل إيجار دوري، ويتَّخذ هذا الأسلوب عدة أنواع منها: الشراء من البائع والتأجير له، التأجير المباشر، الإيجار المنتهي بالتمليك.
- أسلوب التمويل الزراعي: هو نوع من التمويل يشمل صيغ الاستثمار الزراعية ومنها:
· المزارعة: هي تقديم عنصر الأرض والبذر المحدَّدة لمالك معيَّن إلى عامل (المزارع) ليقوم بالعمل والإنتاج، مقابل نصيب مما يخرج من الأرض (الإنتاج) وفق نسبة لكل منهما؛
· المساقاة: هي تقديم الثروة النباتية (الزرع والأشجار المثمرة) المحدَّدة لمالك معيَّن إلى عامل ليقوم باستغلالها وتنميتها (الري أو السقي والرعاية) على أساس أن يوزَّع الناتج في الثمار بينهما بحصة نسبية متفق عليها؛
· المغارسة: هي تقديم الأرض المحدَّدة لمالك معيَّن إلى طرف ثانٍ ليقوم بغرسها بأشجار معيَّنة حسب الاتفاق المبرم بينهما، ويكون الشجر والإنتاج بينهما.
- أسلوب التمويل التكافلي والتضامني: هو نوع من التمويل يشمل:
· التمويل التكافلي الوقفي: هو تحويل لجزء من المداخيل والثروات الخاصة إلى موارد تكافلية دائمة تُخصَّص منافعها من سلع وخدمات وعوائد لتلبية احتياجات الفئات المتعدِّدة المستفيدة؛
· التمويل التضامني الزكوي: هو التعبئة الإجبارية للموارد الزكوية التضامنية لتأمين السلع والخدمات الأساسية والرعاية الاجتماعية للفقراء ومحدودي الدخل وتنشيط الحركية الاستثمارية.
إن هذا التنوُّع الصيغي والتعدُّد في أساليب التمويل يؤدي إلى تغطية الاحتياجات التمويلية لمختلف مؤسسات العجز، بما يتناسب مع طبيعتها وحجمها ومجال نشاطها. وفيما يلي نوجز صيغ الاستثمار وأساليب التمويل المرتبطة بها في هذا الشكل التخطيطي:



[i] راجع: صالح صالحي، المنهج التنموي البديل في الاقتصاد الإسلامي: دراسة للمفاهيم والأهداف والأولويات وتحليل للأركان والسياسات والمؤسسات، دار الفجر للنشر والتوزيع، القاهرة، 2006، ص: 402-408.

المصدر: ملتقى شذرات