#1  
قديم 11-11-2012, 01:36 PM
الصورة الرمزية Eng.Jordan
Eng.Jordan غير متواجد حالياً
إدارة الموقع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: الأردن
المشاركات: 25,392
افتراضي براجماتية الكتابة العربية، دراسة في اللسانيات الاقتصادية


د. محمد أحمد أبو عيد

جامعة البلقاء التطبيقية، كلية إربد الجامعية



مستخلص: قصدت هذه الدراسة إلى إظهار العوامل البراجماتية والاقتصادية التي تقف وراء التحولات الكتابية في اللغات، بوجه عام، واللغة العربية، بوجه خاص، وعليه، فقد خلصت الدراسة إلى أن ثمة قوانين براجماتية اقتصادية تتحكم في مثل هذه التحولات، من مثل: قانون السياق وقانون البساطة والوضوح وقانون السهولة والجهد الأقل وقانون الوفاء.

وجنحت الدراسة إلى القول، من بعد ذلك، إلى أن العربية تُخْضِعُ كتابتها لهذه القوانين على نحو تكاملي وكلي ودينامي، وهو ما جعل الباحث يصف ذلك الخضوع بالعبقرية والبراعة.

* نشأة الكتابة العربية:

يعد ابتكار الكتابة منجزاً بشرياً ينطوي على الكثير من التحولات، فقد أسهم الابتكار في الرقي الإنساني، بعامة، وكان له أثر كبير في التاريخ اللغوي، بخاصة، مع التنبه هنا، إلى ضرورة الميز بين الابتكار والتطور (1)، فالابتكار كان لكتابة صورية ذات استعمالات محدودة ومن قبل أعيان القوم، وقد دفع التطور الفكري بهذه الكتابات الصورية لأن تتحول لكتابات صوتية، مقطعية ثم أبجدية، وعليه، يمكن النظر لابتكار الأبجدية على أنه منجز أشد تحولاً وعظمة من ابتكار الكتابة.

ويختلف الدارسون في تحديد النشأة الأولى للأبجدية في العالم (2)، فقد عدّ سوسير الأبجدية اليونانية نموذجاً أصيلاً لكل الأبجديات في العالم (3)، في حين رأى آخرون أن الأبجدية الفنيقية هي الأبجدية التي انبثقت عنها الأبجدية اليونانية والأبجديات الأخرى (4).

وبغض النظر عن الخلاف في ذلك وطبيعته، فإن ما يجدر بالدراسة أن تتوقف عنده، هو ذلك التخالف في حال الأبجديتين اليونانية والفنيقية عند بدء الاستعمال لكل منهما.

فلقد استعمل اليونان ومنذ البدايات الأولى لأبجديتهم، كتابة تمثل الأصوات اللغوية جميعاً، بما في ذلك الحركات (5)، بينما أهمل الفنيقيون والساميون، عموماً، تمثيل تلك الحركات، واكتفوا بكتابة صامتية، فحسب (6).

وكان عدد من الدارسين الغربيين استنبط من التمثيل اليوناني المبكر للحركات دلالات كثيرة، فمنهم من عدّ ذلك التمثيل الأكثر وفاءً للغة (7)، وهو أمر ذو دلالة سيكولوجية كبرى، أعطى الثقافة اليونانية تفوقها الفكري على الثقافات القديمة الأخرى (8)، بل إن الكتابة الأبجدية اليونانية، وفق هؤلاء الدارسين، سبيل الديمقراطية، إذ كان من الميسور على الناس جميعاً تعلمها، وكانت بذلك سبيلاً للعالمية، بقدرتها على استيعاب الألسن الأجنبية (9).

وفي الجانب المقابل عدّ هؤلاء الدارسون البدايات الأولى للكتابات السامية متعثرة، فهي بدايات متأخرة عقلياً (10)، إذ إن القارئ للكتابات الفنيقية والسامية الأولى يتكئ على مادة غير مكتوبة إلى جانب المادة المكتوبة، وينبغي عليه أن يعرف اللغة التي يقرؤها، ليضيف الحركة المناسبة للصوامت، ومن ثم، فالكتابة السامية الصامتية، كانت ولا تزال، إلى حد كبير، جزءاً من عالم حياة إنسانية تقع خارج النصوص (11).

وبغض الطرف، عن تلك المقولات، التي لا تنظر إليها الدراسة إلا بوصفها مقولات شوفينية استعلائية لا تصدر عن معاينة علمية دقيقة للواقع اللغوي والكتابي، فإنها، أي الدراسة، تجنح إلى القول بأن النشأة الأولى للأبجدية، أي أبجدية، كانت متوافقة مع طبيعة النظام اللغوي الممثلة له مع ما يتطلبه ذلك من رموز.

وفي ذلك، يقول سوسير: "عندما يوضع نظام ألفبائي للمرة الأولى، فإنه يعكس في بدايته حالة اللغة، عكساً فيه قدر كافٍ من الخضوع لمقتضيات المنطق، اللهم إلا إذا كان ذلك النظام الأبجدي استعير من لغة أخرى، مع ما يحمل في طياته من شائن الاختلالات" (12).

إن نص سوسير يجعل النشأة الأولى للأبجديات السامية، ومنها العربية، متوافقة مع المنطق، بغض النظر عما إذا كانت الأبجدية وضعت من الساميين أنفسهم، أو أنها استعيرت من اليونان، ففي الحالة الأولى يكون الساميون، وفق سوسير، قد وضعوا الأبجدية، وفق مقتضيات المنطق، وفي الحالة الثانية، وعلى فرض وقوعها، يكون الساميون قد حذفوا الحركات القصيرة من الكتابة الأبجدية اليونانية، لإدراكهم أن ذلك ما يقتضيه المنطق اللغوي الخاص بلغتهم، وفي الحالتين فإنهم لم يأخذوا حذف الحركات من الكتابة من أبجدية أخرى؛ بل كان هو، أي حذف الحركات، فعلهم الذاتي، النابع من إحساسهم الفطري وإدراكهم اللغوي لما ينسجم مع لغتهم.

على أية حال فإن هذه الرؤية، لا تتناقض مع القول بأن الأبجدية اليونانية في تمثيلها للحركات كانت هي الأخرى تخضع لمقتضيات المنطق، بل إن مثل هذا القول ليعزز من الفكرة التي تذهب إليها الدراسة؛ إن مهمة هذه الدراسة والدراسات اللاحقة بيان الكيفية التي تنسجم أو لا تنسجم فيها الأبجديات أو الكتابات مع نظامها اللغوي، والكشف، من ثمّ، عن العوامل البراجماتية، التي تقف وراء التعديلات أو التغييرات التي يجريها أبناء اللغة المعينة على كتاباتهم.

لقد كانت النشأة الأولى للكتابة الأبجدية العربية متفقة في كثير من تفصيلاتها والنشأة الأولى للكتابات السامية عموماً، فجاء الخط العربي الجنوبي المسند، وهو الممثل للمرحلة السابقة للكتابة الشمالية، خالياً من أي إشارة للحركات طويلة وقصيرة (13).

وجــاءت الكتابة العربية الشمالية، والمنبثقة عن الأصل النبطي، وفــق أكثر الدارسين (14)، خالية هي الأخرى من الإشارة للحركات (15)، مع التنبيه، هنا، إلى أن هذه الكتابة الشمالية هي التي ذاعت وانتشرت بين العرب، وهي التي جرت عليها التعديلات القديمة والمعاصرة، ومن ثم، فإن مهمة هذه الدراسة، حصراً، هي الوقوف على العوامل البراجماتية التي دفعت الكتابة العربية نحو حالات متعددة من التطور.

لقد كانت الأبجدية، أي أبجدية، وكما يقول درنجر 1984 Dringer، كتابة ديموقراطية، مضادة للكتابات الثيوقراطية، وهي فتح في تطور الثقافة المكتوبة ذو نتائج ثورية فيما يتعلق بحياة اللغة ولأثر الكتابة في الحياة الاقتصادية والاجتماعية (16).

* اللسانيات والكتابة:

إذا كانت الدراسة قد حددت هدفها بالوقوف على العوامل البراجماتية التي دفعت بالكتابة العربية نحو التطور، فإنها معنية، من جهة أخرى، بتحديد موقعها من العلم اللغوي، وتحديد الموقع يتأتى من بيان في ما إذا كانت مثل هذه الدراسة جزءاً من اللسانيات، أو جزءاً من علم آخر، وفي الآن نفسه، فإن تحديد الموقعية يتطلب بيان الإطار النظري العام للبراجماتية، للخلوص منه إلى ملامح البراجماتية في المكتوب العربي؛ إن ما هو آت فيه بيان لذلك:

يفترض عدد من علماء اللغة أن مهمة اللسانيات تتمركز في تناول اللغة المنطوقة فقط، وأن عليها أن تستبعد الدراسة للمكتوب تماماً (17)، والحق أن هذه النظرة، وكما يرى الدارس الحالي، نبعت أساساً من فهم غير دقيق لمقولات العالم اللغوي الكبير فرديناند دي سوسير؛ فسوسير فصل الكتابة عن النظام اللغوي (18)، وهو مما لا شك فيه، عند الدارس، غير أن هذا الفصل لا يقود بالضرورة إلى تجنب دراسة الكتابة، لسانياً، إذ إن سوسير نفسه ينص على أن من غير الممكن أن نسقط من حسابنا هذه الطريقة التي تصور بها اللغة على الدوام (19)، وهو يقصد بذلك الكتابة.

إن سوسير، قصد في أطروحاته إلى أن يفصل تماماً، بين المنطوق والمكتوب، وإلى أن يقاوم محاولات الكتابة اغتصاب الدور الأساسي للغة (20)، وإلى أن يقاوم طغيان الكتابة على اللغة وتسببها بالفساد اللغوي (21)، ولكن أولئك جميعاً، لا ينبغي أن تذهب باللسانيين جميعاً إلى إقصاء الكتابة من دائرة اهتماماتهم.

ومن هنا، يرى مارتينيه أن درس الكتابة يشكل موطناً مهماً للسانيات، رغم إقراره بانفصال الكتابة عن اللغة (22)، وبذلك، وفق مارتينيه في الربط بين استقلال الكتابة عن اللغة، من جهة، وعدم استقلال علمها عن اللسانيات، من جانب آخر.

لقد كان ما ذهب إليه مارتينيه أساساً انطلق منه دريدا في مرحلة لاحقة لنقد حصر اللسانيات ذاتها في اللغة المنطوقة (23)، ومن ثم، الانطلاق نحو تأسيس علم لغوي في الكتابة لا ينفصل بل يندغم مع اللسانيات، وهو ما أطلق عليه دريدا Delagrammatologie، علم الكتابة، وهو معني، على نحو أساس، بدرس الآثار المكتوبة، مع ما في ذلك من معارضة للسوسيريين (24)، وهم من ترى الدراسة أنهم فاقوا سوسير في موقفه المتشدد من الكتابة، بل وذهبوا إلى ما لم يذهب إليه.

ولعل مما عزّز توجهات دريدا، لسانياً، ما ذهبت إليه اللسانيات التطبيقية والاجتماعية من الاحتفال بالمكتوب إلى جانب المنطوق، وتناول الكتابة بوصفها حقلاً للسانيات (25).

إن الكتابة، وبوصفها حقلاً لغوياً، تعني اللسانيين بالمقدار والأثر الذي تحدثه في الكيان اللغوي (26)، وعليه، فإن دراسة الكتابة، لسانياً، تقود، بالضرورة، إلى النجاح في الفصل بين المنطوق والمكتوب، والبعد باللغة والتحليل اللغوي عن المؤثرات الكتابية، إن ما سبق بسطه لا يقصد منه القول باحتكار اللسانيات لحقل الكتابة، بل هو حقل تتعاور عليه علوم كثيرة، لا بد أن تكون اللسانيات في قلبها، ومن هنا، فإن هذه الدراسة تكون قد حددت موقعها بالقلب من اللسانيات.



- البراجماتية واللسانيات الاقتصادية:

ثمة توجه عند علماء اللغة المعاصرين لربط اللسانيات بالاقتصاد (27)، وقد نتج عن ذلك فرع جديد للسانيات، هو اللسانيات الاقتصادية، والتي بدورها تندغم بالبراجماتية اللغوية أشد الاندغام وأمكنه، إذ نجد أن ما يقال في البراجماتية اللغوية، يقال بنحو أو بآخر في اللسانيات الاقتصادية.

ولعل أبرز المحاور المشتركة والتي تتم دراستها في اللسانيات الاقتصادية والبراجماتية:

أ التطور اللغوي: إذ إنه، أي التطور، لا يمكن أن يكون اعتباطياً، بالمعنى الفلسفي واللغوي للاعتباطية، بل لا بد من أن تكمن وراءه عوامل متنوعة، منها العوامل الاقتصادية والبراجماتية (28)، مع الإشارة، هنا إلى تنوع أضرب التطور اللغوي من صوتي وصرفي ونحوي ودلالي وحتى نصي، وأمثلتها في اللغة أكثر من أن تحصر.

ب قانون السهولة أو قانون الجهد الأقل، بما هو قانون براجماتي يمثل المنحى الاقتصادي في اللغة، إن قانون السهولة والتيسير Law of least effort (الجهد الأقل)، مظهر من مظاهر البراجماتية اللغوية، إذ نجد أنه يهدف إلى تحقيق حد أعلى من الأثر بحد أدنى من الجهد، فاللغة سلوك بشري، والبشر ميالون بطبعهم إلى الاقتصاد في الجهد والوقت ما أمكنهم ذلك، ومن تطبيقات ذلك في الأصوات تسهيل الهمزة أو إلغائها من وسط الكلمة (29).

ج قانون البساطة والوضوح، وهو ما ينبغي لنا أن نربطه بالعلاقة بين العلامات وما تشير إليه من مورفيمات ومقاطع وفونيمات، والعلاقة المزدوجة كذلك بين الحرف (الرمز الكتابي) والفونيم (30)، مع الإشارة هنا إلى أن الحرف إذا ما أشار إلى فونيمات عـدة، أو أن الفونيم الواحد مثل بعدة من الحروف، فإن العلاقة تكون معقدة (31)، وعليه، فإن البساطة تتمثل في أن تكون علاقة الفونيم بالحرف هي علاقة واحد لواحد وبالعكس.

د مبدأ الوفاء، وهو من أظهر مبادئ الاقتصاد اللغوي، ويتعلق بالكيفية التي يسمح بها نظام كتابة معين بتمثيل الوحدات اللغوية على نحو دقيق وكامل (32).

هـ مفهوم السياق، ويعدّ مفهوماً أساسياً من مفاهيم البراجماتية، وهو مفهوم يستدعي هويات المشاركين في الحدث الكلامي، والمحددات الزمانية والمكانية، والمعتقدات ومقاصد المشاركين (33).

إن الهدف النهائي الذي تسعى إليه العمليات البراجماتية والاقتصادية في مدار اللغة يتمثل في ترشيد الاستخدام للألفاظ والعبارات بالدلالات الأكثر إيجازاً، والأقل جهداً وكلفة في الكتابة والطباعة (34).

وتجدر الإشارة، في هذا السياق، إلى أن القوانين والتوجهات الاقتصادية والبراجماتية لا تسير في اللغة، باضطراد، وحتمية؛ فقد يعمل القانون اللغوي في اتجاه معين ليحدث أثراً ما، ولكن اللغة التي خضعت لهذا القانون لا تجد بأساً في الخضوع لقانون آخر، قد يكون معاكساً للقانون الأول في الاتجاه (35)، فالاقتصاد اللغوي قائم على السهولة والصعوبة معاً، لا على تجاوز الصعوبة فقط، وفي اللغة شواهد كثيرة على ذلك (36).



* الاقتصاد في الكتابة:

ارتبطت الكتابة منذ نشأتها الأولى بالاقتصاد، فالخط المسماري في بلاد ما بين النهرين، وهو من أقـدم الخطوط المعروفة 3500 ق.م، نما جزئيـاً من نظام لتسجيل العلامات الاقتصادية (37)، وكان تقدم القراءة والكتابة في بابل القديمة مدفوعاً بالاقتصاد المتمثل بمسك الدفاتر والضرائب والإنتاج المنظم؛ وكذلك فإن الاقتصاد ظل عند السومريين ميدان الكتابة الأوحد (38).

إن مما تجنح إليه الدراسات اللغوية الاقتصادية أن تاريخ الكتابة ليس إلا تطوراً مدفوعاً بغايات اقتصادية، لعل أظهرها اقتصاد الجهد الذي يقلل قائمة العلامات الأساسية في أي كتابة، ومن ثم، كانت الأبجدية الهدف النهائي بعيد الأجل لتطور الكتابة الذي اتجهت إليه منذ البداية، وحجة ذلك عند اللسانيين الاقتصاديين أن قائمة العلامات الأساسية للألفبائية أصغر من قوائم أنظمة الكتابة الأخرى (39).

لقد تفوقت الكتابة الأبجدية على غيرها من الكتابات لأنها كتابة اقتصادية، أي: كتابة بسيطة ووافية وكفؤة، وهي بذلك، تحدد الحد الأقصى لكل الخصائص الاقتصادية، إن أولئك السمات تدعم قيام فرضيتين أساسيتين في البراجماتية الكتابية تتمثلان في (40):

- إن نظام الكتابة الجيد هو تمثيل قريب جداً من اللغة التي يستعمل فيها.

- إن تقليل عدد العلامات الأساسية هو ميزة كاملة.

إن هذين الافتراضين صحيحان جزئياً، ذلك أن المبالغة في تطبيق إحدى هاتين الفرضيتين وتفعيلها لن يكون إلا على حساب الفرضية الأخرى، فتحسين وفاء النظام الكتابي للغة مثلاً، لا يكون إلا بزيادة عدد العلامات الأساسية فيها (41).

على أية حال، فإن التحولات الكتابية وما يستكنّ خلفها من عوامل اقتصادية وبراجماتية، أمر يختلف في ملامحه العامة والخاصة من لغة إلى أخرى. ومن ثم، فإن الدراسة ستحاول الوقوف عند أبرز تلك الملامح في الكتابة العربية، وهذا بيان ذلك.



أوجه الاقتصاد اللغوي في الكتابة العربية:

- الكتابة العربية- الثبوت والتحول:

اقترض العرب كتابتهم من الأنباط، وكان حالها زمن الاقتراض كحال الكتابات السامية، عموماً، فهي كتابة تخلو في معظم السياقات من الإشارة للحركات القصيرة أو الطويلة. وهي تحوي رموزاً يشير بعض منها إلى أكثر من صوت لغوي (42).

على أن الكتابة النبطية وبرغم ما يصدر عن بعض الباحثين من وسمها بالخلو من الإعجام (43)، ظهر فيها مثل هذا الإعجام في عدة من النصوص المتأخرة (44)، وهو ذات الإعجام الذي ظهر في بعض النقوش العربية المبكرة، والتي يعــود أحدها إلى سنة 22هـ (45)، مما يؤشــر على أن الإعجام في المكتوبات العربية قد ظهر منذ مرحلــة مبكرة سابقة لظهوره المزعوم على يد نصر بن عاصم الليثي ت 89هـ، ويحيى بــن يعمر العدواني ت 129هـ، وهما من تشير إليهما الروايات العربية القديمة على أنهمـا واضعا الإعجام (46)، وهو ظهور يؤشر على وعي اقتصادي مبكر.

وفي السياق ذاته، كان ظهور الشكل في المكتوبات العربية متطابقاً مع الآلية التي ظهر فيها في الكتابة السريانية (47)، وذلك وفــق مــا جاء بالنص منقولاً عن أبي الأسود الدؤلي ت 69هـ، وهو يملي على رجل من عبد القيس (48).

وذلك ما جعل الباحث الحالي، وفي دراسة سابقة له، يخلص إلى القول بأن كلاً من أبي الأسود الدؤلي ويحيى بن يعمر العدواني ونصر بن عاصم الليثي طبق عمله على القرآن الكريم، وكان في ذلك أول من طبق، بدليل اتصال الحديث عن أعمالهم في الروايات العربية بذكر العمل في القرآن الكريم، وعلى ذلك فإن الرجال الثلاثة كانت لهم أولية الاستعمال في القرآن الكريم، من غير أن تكون لهم أولية الوضع أو الابتكار (49).

على أية حال، وبغض النظر عن النتيجة التي تنتهي إليها الدراسات فيما يتعلق بالمبتكر الأول للإعجام والشكل، فإن الدراسة الحالية تستخلص من ذلك كله أن الكتابة العربية مرت بطورين:

- الطور الأول: وكانت الكتابة فيه تخلو من نقاط الإعجام، وعليه، فقد كان الجرافيم الواحد (الرمز الكتابي) يشير إلى أكثر من فونيم (وحدة صوتية)، وبناءً عليه، كانت الحاء (ح) تقرأ حاءً أو جيماً أو خاءً، وكانت الباء (ٮ) تقرأ باءً أو تاءً أو ثاءً، وكذلك قرأت الدال (د) دالاً أو ذالاً؛ ويتحكم في قراءة الحرف على هذا الوجه أو ذاك قانون اقتصادي سبقت الإشارة إليه، هو قانون السياق، ذلك أن العربي في هذه المرحلة ما كان ينظر للحرف إلا مرتبطاً بحروف الكلمة الأخرى، ولا يكتفي بذلك، بل ينظر في الكلمات المجاورة التي قد تقف عند حدود التركيب أو تتجاوزه، وبذلك حقَّ لنا القول بأن كتابة هذه المرحلة كانت كتابة نسقية سياقية بالكامل.

وإلى جانب قانون السياق كان غياب الإعجام ونقطه يتكئ على فرضية اقتصادية أساسية تقول بأن الكتابة الأجود هي تلك الكتابة التي تقلل قدر الإمكان من علاماتها الأساسية (50)، ولو كان ذلك على حساب فرضية اقتصادية أخرى، تربط بين الاقتصاد وبين التمثيل الكتابي الأوفى للمنطوق (51)، وهو ما لم تحصل عليه الكتابة العربية بسبب مراعاتها للسياق الكتابي، وإهمالها للتماثل الأوفى بين المنطوق والمكتوب.

وفي مرحلة لاحقة، وتجنباً للغموض الذي لا ينجح السياق، دوماً، في فك طلاسمه، وقد لا ينجح البتة في حالات نادرة، جنحت الكتابة العربية لقانون السهولة والوضوح وتقريب المسافة أكثر من المنطوق، وعليه، كان ذلك التعديل المصطلح عليه تراثياً باسم "الإعجام"، وكان الثمن الذي دفعته الأبجدية لوفائها للمنطوق وسعيها للسهولة والوضوح هو مضاعفة عدد علاماتها الأساسية تقريباً، ففي حين كانت الكتابة تحوي الرموز الآتية ( ا، ٮ، ح، د، ر، س، ص، ط، ع، ڡ، ك، ل، م، هـ، و)، صارت الكتابة تحوي حروف الهجاء المعروفة (أ، ب، ت، ث، ج، ح، خ، د، ذ، ر، ز، س، ش، ص، ض، ط، ظ، ع، غ، ف، ق، ك، ل، م، ن، هـ، و، ي).

وفي إطار الخط الذي اتبعته الكتابة في حالة الإعجام وهو محاولة تقريب المكتوب من المنطوق، طلباً للسهولة والوضوح، عمدت الكتابة الأبجدية العربية إلى إدخال رسم الحركات الطويلة والقصيرة إليها؛ فاستخدمت رمزي الواو والياء (و، ي) واللذين مثلا في مرحلة أولى الواو والياء شبهي الحركة، لتمثيل الواو والياء الحركات الطويلة، واستخدم رمز الهمزة (ا) لتمثيل الألف الحركة الطويلة (52)، وفي الآن نفسه، أدخلت رسوم الحركات القصيرة، لتجنب اللبس والغموض أيضاً، ومن ثم، فقد تحقق الوضوح واقتربت الكتابة أكثر من المنطوق على حساب زيادة أخرى في علاماتها الأساسية.

على أن الكتابة العربية ظلت في رسمها لرموز الحركات القصيرة تراوح بين قانونين اقتصاديين، هما قانون السهولة والوضوح وقانون السياق، إذ إنها وبرغم وجود رموز خاصة بتلك الحركات، لم تعمد إلى تمثيلها في كل المواضع، بل مثلتها في مواضع محددة، كما في النصوص عالية التقديس، حيث يتطلب النص سهولة القراءة ووضوحها، تجنباً للخطأ أو اللحن في موضع مقدس، وكذلك في الكلمات الغريبة وفي النصوص المدفوعة أمام صغار الناشئة، إذ يأتي تمثيل الحركات القصيرة كتابياً في مثل ذلك، من باب فك الاستغلاق وفض الغموض واللذان لا يحتملهما السياق الكتابي.

أما في عامة النصوص الأخرى، فعمدت الكتابة العربية لإهمال رسم الحركات القصيرة، وجرت على ذلك منذ وضع الشكل إلى يوم الناس هذا، تخفيفاً منها لعلاماتها الأساسية في المكتوب العملي، وتفعيلاً منها لقانون السياق، وفي الآن نفسه، فإنها تعمد في إهمالها لرسوم الحركات القصيرة في مواضع لا تتطلب مثل ذلك التمثيل إلى قانون الجهد الأقل أو السهولة.

إن مرد مضاعفة المكتوب العربي في حال خطه باللاتينية عائد إلى أن تلك الكتابة اللاتينية تستبدل التمثيل الأفقي للحركات القصيرة بالتمثيل العمودي لها، مما يجعل اللغة تزداد كمية، ومثل ذلك، أن نكتب عبارة "سنستدرجهم" بالحروف اللاتينية، لتصير Sanastadrijouhoum (53). وعليه، فقد أقصت الكتابة العربية نفسها عن مثل ذلك الفائض الكمي (redundant) للكلمة المكتوبة، لحساب سهولة قراءة الكلمات، سياقياً، وبالاستغناء عن تمثيل الحركات القصيرة فيها، وهو توجه اقتصادي موغل في البراعة.

وعليه، كانت الكتابة العربية وبعد الإصلاحات التي أجريت عليها، والتي تمثلت بالإعجام والشكل، كانت في ذلك، وعلى نحو عبقري، قد خضعت لجملة من القوانين والعوامل البراجماتية الاقتصادية، وبنحو قد يبدو للنظرة العابرة أنه متناقض ومتعارض، ولكنه بتفحص جوانبه المختلفة لا يبدو إلا متكاملاً وكُلّي النظرة ودينامي؛ فلقد أصبحت الكتابة بعد تلك الإصلاحات يشير كل رمز فيها إلى صوت واحد، وكل صوت له رمز واحد، وذلك بغض الطرف عن بعض الخروقات البسيطة، وبغض الطرف أيضاً عن الغياب المسوغ لرموز الحركات القصيرة في بعض السياقات، وهو ما يحقق قوانين السهولة والجهد الأقل، والبساطة والوضوح، والسياق، والوفاء، جملة واحدة.

وفي الإطار نفسه، لا بد من الإشارة إلى أن العلاقة التبادلية التي وصلت إليها الكتابة العربية، وهي علاقة واحد لواحد بين الجرافيمات والفونيمات، تنسجم مع أحدث الكتابات الصوتية المعتمدة من اللغويين المعاصرين، والتي تسير وفق المبدأ المشهور: رمز واحد لكل فونيم واحد (54).

من جهة أخرى، فإن الإعجام لا يوصف في الكتابة العربية إلا بوصفه قيمة خلافية تجعلنا أمام رمز جديد مختلف عن الرمز السابق، ولا عبرة في ذلك باتفاق الشكل بين عدة من الرسوم كما في ج، ح، خ، فقيمة الحرف سلبية تماماً، والشيء الوحيد الجوهري هو ألا تختلط العلامة بعلامة أو علامات أخرى (55)، إذ إن علامات الكتابة اعتباطية، فلا علاقة مثلاً بين الجرافيم (الحرف) والصوت الذي يشير إليه (56).

وفي ذلك، فـإن شكل الرمز الكتابي، وكما يقول أحد أشهر اللسانيين الغربيين، ليس على أي قدر من الأهمية، لأن ما هو مهم تخالفه ضمن النظـام الكتابي الواحد مع غيره من الرمـوز (57).

ودليل تلك القيم الخلافية للحرف المعجم في العربية، أن ناشئة المتعلمين سرعان ما تدرك تلك القيم، فلا تعود، بعد ذلك، إلى الخطأ في ميز الحروف عن بعضها، إن إحدى الدراسات الجادة للأخطاء الكتابية عند الناطقين بالعربية خلصت إلى أن الإعجام قد يشكل على المتعلمين في الصف الأول الابتدائي فقط (58).

ولاحظ دارس آخر أن الأخطاء الإعجامية يسيرة، مقارنة بالأخطاء الإملائية الأخرى، فاللبس الناجم عن خطأ في وضع النقاط نادر، بل يمكن تداركه بسرعة (59).



- الكتابة العربية- الوصل والفصل:

تتيح حالة التشكيل النمطي لكثير من الرموز العربية المكتوبة (الجرافيمات)، تتيح لها المجال لتكوين مصفوفات متماثلة لمجموعة من الحروف، يمكن من عدم تكرار رسمها في الطباعة، وفي حالة الاتصال، عياناً، فالشكل (د) يأتي ملائماً لرسم خمسة من الحروف لا يميز بينها إلا الإعجام، وهي (د، تـ، ثـ، يـ، بـ)، والشكل (حـ) يأتي ليلائم ثلاثة من الرسوم، هي (جـ، حـ، خـ) (60).

وفي حالة الانفصال يكون الشكل (ب)، ملائماً من الناحية الطباعية لرسم ثلاثة حروف، هي (ب، ت، ث) والشكل (ر) ملائم لرسم حرفين عند الوصل أو الفصل، هما ( ر ز، ـر، ـز)، ويأتي (سـ)، و(س) ملائماً لرسم (سـ، شـ، وس، وش)، وذلك في حالتي الوصل والفصل معاً (61).

وبذلك، يتغير شكل الحروف العربية بالاتصال ليطال التغيير عشرين حرفاً من أصل الثمانية والعشرين حرفاً، (بـ تـ ثـ جـ حـ خـ سـ شـ صـ ضـ عـ غـ فـ قـ كـ لـ د ذ ـهـ يـ) (62).

وعلى ذلك، فإن الطباعة العربية، خضعت هي الأخرى لقوانين اقتصادية وبراجماتية من مثل قانون الجهد الأقل وقانون السياق.

الهوامش

(1) فلوريان كولماس، اللغة والاقتصاد، ص255-256.

(2) غانم الحمد، الكتابة الأبجدية، ص29.

(3) سوسير، دروس في الألسنية العامة، ص52.

(4) فلوريان كولماس، ص314.

(5) والتر أونج، الشفاهية والكتابية، ص175.

(6) المصدر نفسه، ص175-176.

(7) كولماس، ص314.

(8) والتر أونج، ص175.

(9) المصدر نفسه، ص176.

(10) المصدر نفسه، ص176.

(11) المصدر نفسه، ص175.

(12) سوسير، ص52.

(13) غانم الحمد، ص33.

(14) محمد أبو عيد، الأبجدية العربية في ضوء علم اللغة الحديث، ص5-6.

(15) المصدر نفسه، ص6.

(16) كولماس، ص274.

(17) جاك دريدا، في علم الكتابة، ص167-168.

(18) سوسير، ص49.

(19) المصدر نفسه، ص49.

(20) المصدر نفسه، ص49.

(21) المصدر نفسه، ص58.

(22) جاك دريدا، ص167-168.

(23) المصدر نفسه، ص103.

(24) المصدر نفسه، ص13.

(25) والتر أونج، ص52.

(26) سوسير، ص58.

(27) كولماس، ص281.

(28) يحيى عبابنة، ص9.

(29) ريم معايطة، براجماتية اللغة ودورها في تشكيل بنية الكلمة، ص18.

(30) كولماس، ص313.

(31) المصدر نفسه، ص313.

(32) المصدر نفسه، ص313.

(33) يحيى عبابنة، ص8.

(34) مهدي التميمي، أساسيات في اقتصاد اللغة العربية، ص27.

(35) يحيى عبابنة، ص9.

(36) سمير استيتية، اللسانيات، المجال والوظيفة والمنهج، ص62.

(37) والتر أونج، ص168.

(38) كولماس، ص262.

(39) المصدر نفسه، ص312.

(40) المصدر نفسه، ص313.

(41) المصدر نفسه، ص313.

(42) محمد أبو عيد، ص6.

(43) غانم الحمد ، ص51.

(44) رمزي بعلبكي، ص163.

(45) محمد أبو عيد، ص8.

(46) المصدر نفسه، ص8.

(47) المصدر نفسه، ص9-10.

(48) المصدر نفسه، ص9.

(49) المصدر نفسه، ص8.

(50) كولماس، ص313.

(51) المصدر نفسه، ص313.

(52) محمد أبو عيد، ص81.

(53) مهدي التميمي، ص39.

(54) محمد أبو عيد، ص95-96.

(55) جاك دريدا، ص167.

(56) المصدر نفسه، ص167.

(57) المصدر نفسه، ص167.

(58) محسن علي، مهارة الرسم الكتابي، ص220.

(59) محمد أبو الرب، الأخطاء اللغوية، ص226.

(60) مهدي التميمي، ص36-37.

(61) المصدر نفسه، ص36-37.

(62) المصدر نفسه، ص36.





المصادر

- جاك دريدا، في علم الكتابة، ترجمة: أنور مغيث ومنى طلبة، المجلس الأعلى للثقافة، ط1، القاهرة، 2005.

- رمزي بعلبكي، الكتابة العربية والسامية، دراسات في تاريخ الكتابة وأصولها عند الساميين، دار العلم للملايين، ط1، بيروت، 1981.

- ريم معايطة، براجماتية اللغة ودورها في تشكيل بنية الكلمة، الطبعة العربية، دار اليازوري، عمان، الأردن، 2008.

- سمير استيتية، اللسانيات، المجال والوظيفة والمنهج، عالم الكتب الحديث، ط1، إربد، الأردن، 2005.

- سوسير، دروس في الألسنية العامة، ترجمة: صالح القرمادي ومحمد الشاوش، ومحمد عجينة، الدار العربية للكتاب، 1985.

- غانم الحمد، علم الكتابة العربية، دار عمار، ط1، عمان، 2004.

- فلوريان كولماس، اللغة والاقتصاد، ترجمة: أحمد عوض، سلسلة عالم المعرفة، عدد 263، مطابع الوطن، الكويت، نوفمبر 2000.

- محسن علي، مهارة الرسم الكتابي وقواعدها والضعف فيها، الأسباب والمعالجة، دار المناهج، ط1، عمان، 2008.

- محمد أبو الرب، الأخطاء اللغوية في ضوء علم اللغة التطبيقي، دار وائل للنشر، ط1، عمان، 2005.

- محمد أبو عيد، الأبجدية العربية في ضوء علم اللغة الحديث، رسالة ماجستير، قسم اللغة العربية، كلية الآداب، جامعة اليرموك، إربد، الأردن، 1998.

- مهدي التميمي، أساسيات في اقتصاد اللغة العربية، دار المناهج للنشر والتوزيع، ط1، عمان، الأردن، 2006.

- والتر أونج، الشفاهية والكتابية، ترجمة: حسن البنا عزالدين، سلسلة عالم المعرفة، عدد 182، الكويت، فبراير، 1994.

- يحيى عبابنة، من مقدمته لكتاب ريم معايطة، براجماتية اللغة ودورها في تشكيل بنية الكلمة، الطبعة العربية، دار اليازوري، عمان، الأردن، 2008.
المصدر: ملتقى شذرات

__________________
(اللهم {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} (البقرة:201)
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
اللسانيات, الاقتصادية, العربية،, الكتابة, براجماتية, دراسة


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
أدوات الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع براجماتية الكتابة العربية، دراسة في اللسانيات الاقتصادية
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
توظيف اللسانيات الحاسوبية في خدمة الدراسات اللغوية العربية " جهودٌ ونتائج " Eng.Jordan دراسات و مراجع و بحوث أدبية ولغوية 0 06-30-2013 11:43 AM
مكونات دراسة الجدوى الاقتصادية لأى مشروع Eng.Jordan الملتقى العام 1 01-08-2013 11:09 PM
دراسة الجدوى الاقتصادية وتقييم المشروعات Eng.Jordan بحوث ومراجع في الإدارة والإقتصاد 0 12-15-2012 10:41 PM
مكونات دراسة الجدوى الاقتصادية لأى مشروع Eng.Jordan الملتقى العام 0 03-12-2012 01:25 PM
دراسة الجدوى الاقتصادية وتقييم المشروعات Eng.Jordan بحوث ومراجع في الإدارة والإقتصاد 0 01-10-2012 12:59 AM

   
|
 
 

  sitemap 

 


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 07:03 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59