#1  
قديم 05-02-2017, 02:24 PM
الصورة الرمزية Eng.Jordan
Eng.Jordan غير متواجد حالياً
إدارة الموقع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: الأردن
المشاركات: 25,410
افتراضي الانتخابات الإيرانية .. توقعات وسيناريوهات


كتبها : علي عاطف





لا تشكل الانتخابات الرئاسية الإيرانية أهمية كبرى داخل إيران فحسب، بل علي مستوي المنطقة العربية ومنطقة الشرق الأوسط ولدي بعض الدوائر الغربية؛ نظراً لأهميتها وتأثيرها علي السياسة الخارجية، حتي وإن كانت تلك الأهمية محدودة إلي حد ما بفعل نمط النظام الإيراني نفسه وتفاعلاته الداخلية.

فالأهمية التي تكتسبها تلك الانتخابات لدى متابعيها خارجياً تأتى من كونها منتجة لرئيسٍ ما ينتمي لتيارٍالمحافظينأو الإصلاحيين، وهذا بدوره يشكل طبيعة ومستقبل التحرك الإيراني في منطقة الشرق الأوسط، وكذلك مستقبل العلاقة بين العواصم الغربية وطهران.

لذا، تتمحور الإشكالية التي نحاول معالجتها في هذه الورقة حول دور المتغيرات الدولية والإقليمية والمحلية علي نتيجة الانتخابات الرئاسية الإيرانية 2017،في ظل التجاذبات والتفاعلات السياسية الداخلية والمؤثرات الخارجية علي مستقبل العلاقة بين إيران ودول المنطقة والقوى الغربية.


ديناميكية اتخاذ القرار في إيران:

ينص الدستور الإيراني في مادته الأولي علي أن إيران جمهورية إسلامية تستند في أحكامها وقراراتها علي المصادر الإسلامية والقرآن الكريم، وتستمد القرارات شرعيتها من الاستفتاء الذي أُجرِي في إيران عقب ثورة مارس 1979، وتمت الموافقة عليه بنسبة 98.2%. وتنص المادة الثانية في الدستور كذلك علي الدور القيادي والرئيسي للمرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية، ودور أفكاره في استمرار وديمومة الحياة السياسية هناك.
يمثل النظام الإيراني شكلاً غير معتاد لأنظمة الحكم في العالم، فمن المعروف أن يكون رئيس الجمهورية في النظام الرئاسي هو رأس السلطة وفي البرلماني يكون رئيس الوزراء أو ما يعادله هو الممثل الأول للسلطة، إلا أن النظام الإيراني يتميز بحالة تكاملية في عملية اتخاذ القرار،فالرئيس، الممثل للسلطة التنفيذية، والمؤسسات التشريعية والقضائية لها دور مؤسساتي في اتخاذ القرار، إلا أن القرار الاستراتيجي يصدر بإشراف المرشد الأعلى للجمهورية الإيرانية الإسلامية، حيث ينص الدستور في مادته 57 علي أن تلك السلطات الثلاث يشرف عليها المرشد والإمام المختص بهم (يقصد به حالياً على خامنئي)، إلا أن الناخب الإيراني وعبر الانتخابات، يفرز في النهاية المرشح المناسب من وجهة نظره لمنصب معين، وتلك السلطات الثلاث منفصلة عن بعضها البعض، لكن يربط بينها الرئيس الإيراني نفسه(المادة 57)، وينص الدستور علي تفاعل المؤسسات التالية في إنتاج القرارالإيراني:-
الانتخابات الإيرانية وسيناريوهات Untitled-25.jpg
:-

  • المرشد الأعلى للثورة الإيرانية:
يتمركز قلب النظام السياسي الإيراني حول مفهوم “ولاية الفقيه”، الذي يمثله المرشد الأعلى، فيؤكد الدستور علي أن المرشد (الولي الفقيه) والإيمان به هو من صميم عقيدة النظام السياسي الإيراني، وحدد الدستور صلاحياته في 11 وظيفة، منها ما يلي:

  • تحديد السياسات العامة لإيران والإشراف علي تنفيذها بعد استشارة مجمع تشخيص مصلحة النظام.
  • إصدار الأمر بالاستفتاءات العامة.
  • قيادة القوات المسلحة وإعلان الحرب والسلمو النفير العام.
  • العفو أو التخفيف من عقوبات المحكوم عليهم.
  • القائد الأعلي للحرس الثوري الإيراني.
  • إمضاء حكم تعيين رئيس الجمهورية أو عزله.

  • السلطة التنفيذية:
يترأس السلطة التنفيذية رئيس الجمهورية، وينتخب لمدة أربع سنوات، ولا يجوز إعادة انتخابه لأكثر من دورتين متتاليتين، ولكن يمكن أن يترشح من جديد بعد مرور فترة واحدة بعد الفترتين،و نص الدستور الإيراني المعدل لعام 1989، علي صلاحيات رئيس الجمهورية في الآتي:
  • توقيع المعاهدات والاتفاقيات.
  • يرأس السلطة التنفيذية فيما عدا الأمور التي تخص مباشرة القيادة العليا الإيرانية.
  • يعمل علي تنفيذ مواد الدستور.
  • مباشرة أمور التخطيط والميزانية والشؤون الإدارية والتوظيفية للبلاد بشكل مباشر أو عن طريق شخص أخر.
ويشمل هرم السلطة التنفيذية الوزراء ونواب الرئيس الذي له الحق في تعيينهم أو إعطاء صلاحيات إضافية له، كما أن هناك أمراً آخر غير حاضر في العديد من دول العالم ما يعرف بوزارة الأمن والمخابرات الإيرانية.
ج- السلطة التشريعية:
تتكون السلطة التشريعية من جهازين هما، مجلس الشوري الإسلامي، ومجلس ***** الدستور، وينتخب أعضاء مجلس الشوري البالغ عددهم 270 نائباً عن طريق الاقتراع السري المباشر ولمدة 4 سنوات، ويختص المجلس بسن القوانين في مختلف المجالات، والتصديق علي فرض الأحكام العرفية في إيران في حالات الحرب والظروف الاضطرارية (المادة79). كما يختص المجلس بـمناقشة مشروعات القوانين والتعديلات.
أما مجلس ***** الدستور فهو المختص بضمان ***** ونفاذ أحكام الشريعة الإسلامية، بما أن الدستور نص علي أن الإسلام هو مصدر التشريع، ويتكون من 16 عضواً فقيهاً يختار المرشد بنفسه 6 منهم وهناك 6يجرى اختيارهم من قِبل رئيس السلطة القضائية، ويعمل المجلس لمدة 6 سنوات.
د- السلطة القضائية:
تشمل أربعة هياكل هي رئيس السلطة القضائية ووزير العدل ورئيس المحكمة العليا والمدعي العام، و نص الدستور الإيراني علي استقلال السلطة القضائية.
وعلي الرغم من تلك التقسيمات المؤسساتية إلا أن الرئيس فى إيران لا ينفرد بإقرار وإصدار القرارات المصيرية والاستراتيجية. فالمرشد الأعلي هو من يقرر الأمور الاستراتيجية والمصيرية للسياسة الإيرانية، خاصة التي تتعلق بالسياسة الخارجية، أو الدفاعية والأمنية، هذا بالإضافة إلي دور مراكز قوى أخرى، مثل الحرس الثوري الإيراني والمخابرات والمجلس الأعلي للأمن القومي وغيرهم في تحديد مصير القرار الإيراني.

كيف ينتخب الرئيسٍ في إيران؟



رؤساء إيران منذ 1979 حتي الآن:
كان أول رئيسٍ لإيران عند رحيل الشاه محمد رضا بهلوي عام 1979 هو “أبو الحسن بني صدر” الذي تولي الرئاسة من 4 فبراير 1980 إلي 22 يونيو 1981، فبعد نجاح الثورة داخلياً جرى انتخاب بني صدر كأول رئيسٍ لإيران لمدة 4 سنواتٍ في يناير 1980، إلا أن بني صدر اختلف مع الخميني في بعض القضايا السياسية،وتصاعد التوتر بين الطرفين، فاتهم الخميني بني صدر بالعجز والضعف في عملية قيادة القوات الإيرانية في الحرب مع العراق(سبتمبر 1980-أغسطس1988)، فانتهي الأمر برحيل بني صدر ومجيء رئيسٍ آخر.
ثم جاء بعد بني صدر محمد علي رجائي، الذي تولي منصبه في الفترة (2أغسطس1981- 30 أغسطس 1981)، إلا أن رجائي تم اغتياله مع رئيس وزرائه محمد جواد باهنر أثناء اجتماع لمجلس الوزراء عن طريق التفجيرات التي نفذتها حركة مجاهدي خلق المعارضة، ودُفن كلاهما بمكانٍ واحد.
وجاء من بعده رئيساً المرشد الأعلي الإيراني الحالي، علي خامنئي في الفترة (13 أكتوبر 1981– 16 أغسطس 1985) ثم تولي فترة أخرى (16 أغسطس 1985- 3 أغسطس 1989)، وخلفه علي أكبر هاشمي رفسنجاني لفترتين متتاليتين من 3 أغسطس 1989 إلي 2 أغسطس 1997، ثم جاء الإصلاحي محمد خاتمي في الفترة بين 2 أغسطس 1997، حتي 3 أغسطس 2005، وجاء من بعده واحدٌ يعد أكثر من أثار الجدل، وهو محمود أحمدي نجاد وذلك لفترتين متتاليتين من 3 أغسطس 2005 إلي 5 أغسطس 2013، حتي انتخب الرئيس الحالي حسن روحاني في 4 أغسطس 2013.

كيف يأتي الرئيس في إيران:

أعلن وزير الداخلية الإيراني “عبد الرضا رحماني فضلي” أن الانتخابات الرئاسية المقبلة ستُجري يوم الجمعة 19 مايو 2017، وتُعد تلك هي الانتخابات الرئاسية الثانية عشر التي تُجري في إيران منذ تأسيس النظام الجديد هناك عام 1979.
وتنص المادة الثالثة من قانون الانتخابات الرئاسية في إيران علي أن وزارة الداخلية عليها أن تمهد لإجراء الانتخابات الرئاسية في إيران علي الأقل قبل 5 أشهر من انتهاء مدة الرئاسة الحالية.
وينص قانون الانتخابات في إيران علي بعض الشروط التي يجب توافرها في المرشح، منها:

أن يكون المرشح رجلاً وإيراني، إلا أن المتحدث باسم مجلس ***** الدستور، عباس علي كدخدايي، أعلن في 14 يناير الماضي، أنه لا مانع من ترشح النساء للانتخابات الرئاسية في إيران.

أن يحمل الجنسية الإيرانية.

أن يكون حسن السير والسلوك، ولم يسبق الحكم عليه.

ذو حكمة وتدبير.

أن يكون مؤمناً بالأسس التي تقوم عليها الجمهورية الإيرانية والمذهب الرسمي للدولة.
هذا علي أن يقوم مجلس ***** الدستور بتحديد صلاحية الأفراد المرشحين من عدم، ثم بعد ذلك يأتي دور الناخب الإيراني.
وينص الدستور الإيراني في مادته السادسة علي أن شؤون الدولة تسير طبقاً للرأي العام الداخلي، أي عن طريق الانتخابات، ويفوز المرشح للرئاسة في حال حصوله علي الأغلبية المطلقة أي(50%+1)، وإذا لم يحصل المرشح علي تلك النسبة تُعاد الانتخابات يوم الجمعة من الأسبوع اللاحق له،حسب المادة 117، ويتم تسجيل أسماء المرشحين في الانتخابات الإيرانية لمدة 5 أيام تبدء في تلك الانتخابات من 11 إبريل حتي 15 من نفس الشهر 2017،وهناك مدة يحددها القانون الإيراني للدعاية الإعلامية للانتخابات الرئاسية تبلغ 20 يوماً من 28 أبريل حتي 17 مايو.
أما الجدول الزمني لاختيار الرئيس الإيراني فهو طبقاً للدستور سيسير وفقاً للآتي:

11 إبريل: صدور أمر من الداخلية الإيرانية ببدء العملية الانتخابية.

من11 إلي 13 إبريل: تشكيل هيئة تنفيذية من مسئولي المدن.

من 11 إلي 15 إبريل: تسجيل المرشحين لأسمائهم لمدة 5أيام.

من 16 إلي 20 إبريل: النظر في صلاحية المرشحين للانتخابات من قِبل مجلس ***** الدستور الإيراني.

من 21 إلي 25إبريل: مد مهلة النظر في صلاحية المرشحين.

من 26إلي 27إبريل: إعلان وزارة الداخلية أسماء المرشحين للانتخابات.

من 28 إبريل إلي 17 مايو: فترة الدعاية الانتخابية.

18 مايو: حظر الدعاية الانتخابية للمرشحين.

19 مايو: بدء التصويت لاختيار أحد المرشحين.


من يحدد الآخر في إيران، الرئيس أم الرؤى السياسية المستقبلية؟

الانتخابات الإيرانية وسيناريوهات Persian-heritage-Row-of-Iran-Flags-in-Front-of-Tehran-Skyline-000069113725_Full-460x310.jpg

تبرز نقطة غاية في الأهمية عند الحديث عن انتخاب رئيس جديد لإيران، فالرئيس لا يحدد مستقبل السياسات، بل السياسات المصيرية والرؤى المستقلبية في إيران هي من تحدد هُوية الرئيس القادم لإيران أولاً ثم يأتي الدور النهائي للناخب الإيراني في حسم المنافسة. فعبر مجلس ***** الدستور الذي يحدد في النهاية صلاحية المرشحين للرئاسة،تلعب القيادات الإيرانية العليا دوراً في تحديد هوية الرئيس القادم داخل المجلس، فالمسؤولين يعرفون المرشحين جيداً وهل هم من المحافظين أم من الإصلاحيين، و المجلس له الحق في رفض ترشح أحد منهم.
كما أن انتخابات 2009، التي أتت بأحمدي نجاد مرة أخري لسدة الرئاسة كانت دليلاً قوياً علي مدي نفوذ الهيئات التنفيذية والعليا في الانتخابات الإيرانية، خاصة الرئاسية منها. وإن تاريخ إيران منذ عام 1979، إلى الآن ليثبت بشكل واضح أن الرئيس يأتي نتيجة اتساقه مع السياسات المستقبلية للدولة، وليس الرئيس هو من يحدد تلك السياسات الاستراتيجية، هذا بالإضافة إلي التصفية النهائية للمرشحين من قِبل الناخب الإيراني. وتلك هي أهم الدلائل:-

اختلاف جوهري يقود إلي الإقالة:
لم تكن الجمهورية الإيرانية آنذاك قد تبلورت مؤسساتها أو الرؤى المستقبلية لها، لذا حدث صدامٌ مع أول رئيس لها، وهو “أبو الحسن بني صدر”، فقد اختلف بني صدر مع القادة الإيرانيين آنذاك حول ملفاتٍ مهمة مثل عملية احتجاز الرهائن الأمريكيين، وإدارة الحرب مع العراق، فضلاً عن الخلافات مع مجلس الوزراء، لذا فإن رؤى بني صدر اختلفت جذرياً مع توجهات الدولة الاستراتيجية، فتمت إقالته تحت عنوان أنه” لا يتمتع بالجدارة السياسية”، وبعد ذلك انتخب أحد المؤيدين والداعمين لسياسة الجمهورية الوليدة آنذاك، وهو محمد علي رجائي، إلا أنه تم اغتياله بعد ذلك بقليل.

الحرب مع العراق بحاجة إلي رئيس محافظ:
تولي خامنئي رئاسة الجمهورية في ظل احتدام الصراع والحرب المسلحة بين العراق وإيران، وكانت إيران آنذاك بحاجة إلي رئيسٍ يتوافق وسياساتها حول الحرب مع العراق والمخاطر التي تهددها، خاصة أن فترة رئاسته كانت حساسة جداً، لذا فقد رشحته القوى الثورية الإيرانية آنذاك لرئاسة الجمهورية، وكان متوافقاً مع رؤى القيادة الإيرانية والشارع كذلك الذي دفعته ظروف الحرب وتهديد إيران إلي التوجه نحو خيار المحافظين، حيث إن الشارع الإيراني كلما كانت الظروف متدهورة وزادت المخاطر لجأ في الغالب إلي المحافظين، وإذا كانت الأمر يستلزم الإصلاحيين لجأ الناخب إليهم.

الرغبة في إعادة الإعمار تستلزم الإصلاحيين:
بعد انتهاء الحرب مع العراق، التي كان لرفسنجاني دورٌ كبير في إنهاءها؛ لدفعه القادة الإيرانيين آنذاك إلي قبول قرار مجلس الأمن الدولي رقم 598 بوقف إطلاق النار مع العراق، كانت إيران بحاجة ماسة إلي ترتيب الداخل وإعادة الإعمار، فكانت أنظار الشارع تتجه صوب الإصلاحيين، فكان الخيار الأنسب هو رفسنجاني، ولذا، فقد حاول رفسنجاني الانفتاح علي أكثر من جهة لصالح إيران، فعمل علي تشجيع التقارب مع الغرب، ومحاولة فرض النفوذ الإيراني إقليمياً، كما حاول داخلياً إصلاح الاقتصاد الإيراني بالاعتماد أكثر علي اقتصاد السوق، وكانت إيران لاتزال بحاجة إلي مزيدٍ من الانفتاح الغربي والإصلاحات الداخلية، فكان التيار الإصلاحي لا يزال يعبر عن الميل العام للشارع الإيراني في تلك الفترة.
حيث انتخب محمد خاتمي رئيساً لإيران لدورتين متتاليتين من 2 أغسطس 1997 حتى 3 أغسطس 2005، فكانت الأولوية لبناء الدولة في ذلك الوقت أكثر من استعداء الغرب، فعمل خاتمي من جانبه علي إطلاق مشروعه المعروف بـ “حوار الحضارات”، للتقريب بين طهران والعواصم الغربية، بل فتح جميع سفارات الدول الأوروبية في عهده، وزار العديد من دول العالم منها المملكة العربية السعوديةعام 1997، وأُبُرمت اتفاقية أمنية بينهما في 2001، ورد السعوديون الزيارة لاحقاً بسفر وزير الداخلية السعودي آنذاك الأمير “نايف بن عبد العزيز” إلي طهران في إبريل 2001، وشجع خاتمي الإصلاحات الداخلية في إيران، من حرية التعبير وحقوق المرأة والمجتمع المدني، إلي أن اصطدم بعد ذلك بالعديد من القوي السياسية الداخلية.

مرحلة خطيرة لا مكان فيها للإصلاحيين:
كانت إيران بعد غزو العراق عام 2003، وظهور الخطر الأمريكي بتوجيه ضربةٍ عسكرية أمريكية أو إسرائيلية لها، بسبب أنشطتها النووية،بحاجة إلي رئيسٍ مفوّه يستطيع التواصل مع الغرب وإرسال رسائل القيادة والنظام والشعب برمته له،فلم يكن الاتجاه العام للشارع الإيراني ومؤسسات الدولة يميل في ذلك الوقت إلى الخطاب الإصلاحي والتهدئة مع الغرب حيث رأى ذلك غير مناسب لتلك المرحلة الخطيرة التي استقر فيها الأمريكيون والبريطانيون وغيرهم علي الحدود الغربية لإيران، فكان يجب في تلك الفترة إبراز مواطن القوة لدي إيران وإمكانها الرد بالمثل، إذا ما قامت الدول الغربية بضرب إيران.
كما يمكن القول إن الرئيس الإيراني نجاد كان مقدمة ومرحلة أولية لاستقدام رئيسٍ إصلاحي آخر يُكمل ما أقدم عليه نجاد، فكان الصدام الإيراني اليومي مع القوي الغربية في عهد نجاد رسالة بأن إيران لن تقلع عن المضي قدماً في ملفها النووي، ما يُقوي ويُرسّخ من الأرضية التي تلعب عليها إيران من أجل الحل النهائي – أوشبه النهائي – للملف النووي، وهو إلغاء العقوبات الاقتصادية مقابل تقييد عملية تخصيب اليورانيوم وضمان عدم إنتاج طهران لأسلحة نووية، وهو ما تم في عهد روحاني.

آثار العقوبات الاقتصادية تستوجب رئيساً إصلاحياً:
بعدما أنهكت العقوبات الغربية الاقتصاد الإيراني، وتم عزل إيران عن النظام الاقتصادي العالمي، كانت الحاجة إلي من يقوم بالمرحلة التالية لإكمال ما بدأه نجاد في الفترة (2005-2013)، فكان ميل الناخب الإيراني إلى التيار الإصلاحي الذي يستطيع التفاوض حول الملف النووي، الذي يمكن من خلاله إلغاء العقوبات الاقتصادية الغربية علي طهران، ما يُمكّن من إرضاء الداخل الإيراني وزيادة شعبية النظام السياسي لدي المواطنين الإيرانيين الذين أنهكوا هم الآخرون بفعل تلك العقوبات، وزاد إحباطهم تجاه النظام بفعل ذلك.

معارك الإصلاحيين والمحافظين حول سدة الرئاسة:

الانتخابات الإيرانية وسيناريوهات GettyImages-668463966-570-460x310.jpg

تأتي الانتخابات الرئاسية الإيرانية هذه المرة في ظل أجواء سياسية واقتصادية مختلفة عن الدورة السابقة،فبعد التوصل إلي الاتفاقية النووية بين إيران والقوي الغربية في يوليو 2015، زادت الآمال والتوقعات لدي الإيرانيين حول النمو والتحسن الاقتصادي، إلا أنهم فوجئوا في نهاية ولاية حسن روحاني أن الوضع لم يتغير كثيراً، وحالهم الاقتصادي والمعيشي لم يتحسن حتي بقدر التحسن في العلاقات بين طهران والغرب، ما دفع المواطن العادي إلي التشكيك في أهمية تلك الاتفاقية النووية، بلوفي الانفتاح مع الغرب وجدواه من الأساس، كل هذا يلقي بظلاله علي الدورة الانتخابية الـ12 في تاريخ الانتخابات الرئاسية الإيرانية منذ عام 1979.
و انتهت عملية تسجيل المرشحين لأسمائهم في الانتخابات الرئاسية الإيرانية يوم 15 إبريل الحالي، وشهدت العملية تسجيل 1636 مرشحاً في الانتخابات، حسبما أعلن رئيس لجنة الانتخابات بوزارة الداخلية الإيرانية في مؤتمرٍ صحفي يوم السبت 15 إبريل الجاري، وقد بلغ عدد النساء بعد أن تم السماح لهن بالترشح 137 امرأة مقابل 1499 مرشحاً من الذكور، وينقسم المرشحون الإيرانيون في معظم الانتخابات الرئاسية الإيرانية غالباً إلي 3 أقسام هي المحافظين والإصلاحيين (إضافة إلي المعتدلين) والمستقلين.
و أعلن مجلس ***** الدستور موافقته علي أهلية ترشح 6 أشخاص للانتخابات الرئاسية، وهم: حسن روحاني وإبراهيم رئيسي وإسحاق جهانجيري ومحمد باقر قاليباف ومصطفي مير سليم ومصطفي هاشم طبا وزير الصناعة الأسبق، وينتمي كلٌ منهم إلي تيارٍ محدد،وتتفاعل تلك التيارات في الانتخابات الرئاسية الحالية كالتالي:
التيار المحافظ وآمال العودة من جديد:
يحشد التيار المحافظ بشكلٍ عام والأصوليون بشكل خاص بشدةوراء الانتخابات الرئاسية الحالية في إيران، من أجل البقاء وتعزيز مكانتهم داخل الساحة السياسية الإيرانية، و شكل التيار المحافظ لذلك جبهة موحدة تُعرف باسم “الجبهة الشعبية لقوي الثورة الإسلامية”، وحشدوا العديد من المرشحين الذين يملكون رصيداً قوياً من الناحية السياسية داخل المجتمع الإيراني، من أبرزهم المرشح الأصولي “ابراهيم رئيسي”.
يُعد رئيسي،ذو الـ56 عاماً، من أبرز المرشحين بقوة في الانتخابات الرئاسية الإيرانية؛ لعلاقته القوية بمؤسسات الدولة النافذة في إيران، ويأتي علي رأسهم المرشد الأعلي علي خامنئي، الذي ولّاه ثلاثة مناصب كبيرة برغبة من الأخير، وهي: عضو بمجلس الخبراء و”سادن” العتبةالرضوية في مدينة مشهد، بالإضافة إلي تنصيبه كنائبٍ عام بمحكمة رجال الدين الخاصة، وتتبع مؤسسة العتبة الرضويةمؤسسة “بنياد”الاقتصادية الضخمة التابعة لبيت المرشد نفسه في إيران، التي تشكل حوالي 20% من الدخل القومي الإيراني(غير النفطي)، ولذا، فإن رئيسي بات يُعرَف في إيران بـ (رجل المرحلة).
وإلي جانب ذلك، يدعم الحرس الثوري الإيراني والباسيج رئيسي، وكانت زيارة كلٍ من محمد علي جعفري (قائد الحرس الثوري الإيراني) وقاسم سليماني (قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني)، ومحمد رضا نقدي (قائد الباسيج السابق) بمثابة إعلان مراكز القوي الإيرانية النافذة دعمهم لترشح رئيسي في الانتخابات.
و إلي جانب رئيسي تبرز العديد من الوجوه المحافظة الأخري التي اختارتها لجنة المحافظين، مثل محمد باقر قاليباف عمدة طهران، الذي عُيّن رئيساً لخلية الأزمات في طهران إثر اندلاع الاحتجاجات عقب فوز نجاد عام 2009، واتخذ قاليباف موقفاً مضاداً لنشاط الحركة الخضراء في إيران. ويُعد قاليباف من المقربين لمجلس الخبراء هناك، وكان قد خاض 3 انتخابات رئاسية سابقة، إلا أن فرص فوزه مقارنة برئيسي تُعد أقل ولكنه احتمال وارد؛ لقربه من دوائر صناعة القرار الإيرانية.
ويُعد مصطفي مير سليم،رئيس المجلس المركزي لحزب المؤتلفة الإسلامي الذي شغل كذلك وزارة الإرشاد الإسلامي في فترة رئاسة رفسنجاني الثانية، من المرشحين الأقوياء والمجمع عليهم من قبل حزب المؤتلفة الإسلامي بزعامة “محمد نبي حبيبي”، وكان من أول المرشحين للانتخابات الرئاسية الإيرانية الحالية، فضلاً عن أنه شغل وزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي في الحكومة الثانية للرئيس الأسبق هاشمي رفسنجاني، كما قدم حزب المؤتلفة الأصولي مرشحاً آخر هو وزير التربية السابق “حميد رضا حاجي بابائي”، إلا أن مجلس ***** الدستور لم يوافق علي طلب ترشحه، ووصل المرشح “مهردادبذرباش” إلي لجنة الانتخابات متأخراً، فأعلنت بعض المواقع الإيرانية أنه قد تأخر عن موعد التسجيل للانتخابات، إلا أن بذرباش، مرشح الجبهة الأصولية –عاد وأعلن انسحابه لصالح مرشحي الجبهة، كما تقدم للترشح كذلك كلٌ من النائب الأصولي السابق علي رضا زاكاني، والنائب حميد رضا حاجي بابائي، اللذان رفضهما المجلس لاحقاً.
وبناءُ علي ذلك، يُعد ابرهيم رئيسي من أبرز وأقوى مرشحي المحافظين والأصوليين في الانتخابات الرئاسية الحالية، إلا أن المفاجآت المعتادة التي تلقي بها أحداث الانتخابات لا تجعل عملية الحسم حول مصير الرئيس القادم ممكنة.

الإصلاحيون يجتمعون حول روحاني:
توقع رئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام الإيراني السابق هاشمي رفسنجاني (1934-2017) فوز الرئيس الحالي الإصلاحي حسن روحاني بفترة رئاسية ثانية، وبالفعل يعقد التيار الإصلاحي في إيران، باستثناء الحركة الخضراء، كثيراً من الآمال حول الرئيس الحالي روحاني للفوز بفترة رئاسية ثانية،حيث أعلن المجلس الأعلي لرسم سياسات الإصلاحيين في إيران ترشح الرئيس الحالي روحاني لخوض الانتخابات الرئاسية، وأعلن زعيم كتلة الإصلاحيين في البرلمان الإيراني محمد رضا عارف دعم الأحزاب الإصلاحية لروحاني للفوز بولاية ثانية.
كما يلقي روحاني دعماً من الطبقة المتوسطة من الطلاب والجامعيين والموظفين الحكوميين والمثقفين،ومع كل هذا الدعم، إلا أن مستقبل روحاني الانتخابي والرئاسي يكتنفه غموض شديد للعديد من الأسباب أهمها:

الوضع الاقتصادي بعد التوقيع علي الاتفاقية النووية:
انصب جل اهتمام الإيرانيين عام 2015، حول الآمال الواسعة والمكاسب الاقتصادية والسياسية التي يمكن أن يجنيها المواطن الإيراني العادي جَرّاء التوقيع علي اتفاقية نووية مع الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية، وخرج الإيرانيون للشارع ابتهاجاً بتلك النتيجة.
إلا أن أشهراً قليلة بعد يوليو 2015، كشفت عن صدمة الإيرانيين بشأن نتائج الاتفاقية من الناحية الاقتصادية، فالاقتصاد الإيراني لا يزال يعاني من العقوبات المفروضة عليه من جانب الغرب، حيث وصلت قيمة الأموال المجمدة إلي نحو 120 مليار دولار، ولا تزال إيران تعاني من قلق الشركات الأحنبية من الاستثمار فيها، وعلي الرغم من انخفاض معدل التضخم الإيراني بنسبة 0.3% إلا أن نسبته لازالت مرتفعة 6.9%، ووصلت قيمة العملة الإيرانية مقابل الدولار الواحد إلي ما يقارب 4.1 ألف تومان في بدايات العام الحالي، ولا يزال معدل البطالة مرتفعاً بعد توقيع الاتفاقية النووية حيث وصلت نسبتها في إيران إلي 12%،ونسبتها بين الشباب (15-24 عاماً) تصل إلي ما يقاربا لـثلث.
ويكفي لبيان أهمية الملف الاقتصادي في مستقبل العملية الانتخابية الإيرانية تصريح وزير العمل والرفاه الإيراني في 8 أغسطس 2015، بأن:”كل خمس دقائق ينضم إيراني إلي عدد العاطلين عن العمل”، كما توقعت دراسة أعدها مركز أبحاث بالبرلمان الإيراني أن يصل معدل البطالة في عام 2020، إلى نحو 15.9%، وعليه، فإن الملف الاقتصادي في إيران يشكل أولوية لدي الناخبين.

صعود ترامب واليمين المتطرف في أوروبا:
ما يدعم بروز المحافظين أكثر علي الساحة ويعزز من فرصهم، وسنوضح تلك النقطة لاحقا.

رحيل رفسنجاني:
حيث كان هاشمي رفسنجاني من أكبر الداعمين لروحاني في الانتخابات الرئاسية، وصرّح في أوائل نوفمبر 2016، بأن روحاني سيفوز بولاية ثانية عام 2017، وقال إن :”معظم الذين صوتوا لصالح روحاني في الانتخابات الرئاسية السابقة 2013 سعيدون باختياره وعمل حكومته”،إلا أن وفاته في الثامن من يناير 2017 شكل انتقاصاً من فرص روحاني للفوز بالرئاسة تلك المرة.

عدم إيفائه بوعوده حول الحريات:
ما يقلص إلي حدٍ ما فرص الرئيس الحالي في الفوز هو أنه لم يف بوعوده أمام الناخب الإيراني حول إعطاء مزيدٍ من الحريات وإطلاق سراح السجناء السياسيين، كما أن الحركة الخضراء غير راضية عن سايسات روحاني في هذا المجال؛ لعدم إطلاق سراح معتقليها.

معارضة المحافظين:
كما يتكتل الإصلاحيون وراء روحاني، فإن المحافظين يتكتلون ضده، كما اتهم المحافظون روحاني علي لسان رئيس السلطة القضائية الإيرانية”صادق لاريجاني”بالاعتماد في تمويل حملته الانتخابية عام 2013 علي رجل الأعمال الإيراني المحكوم عليه بالإعدام “بابك زنجاني” في قضية احتيال بقيمة 2.8 مليار دولار من خلال التزوير والفساد.ما يهدد صورة روحاني أمام الناخب الإيراني.
كما ترشح نائب الرئيس الإيراني الحالي” اسحاق جهانجيري” للرئاسة، إلا أنه يمكن القول إن ترشح جهانجيري هو لدعم فرص التيار الإصلاحي للفوز بالرئاسة، فهو يمكن أن ينسحب لصالح المرشح الأول حسن روحاني. وقدم محمد هاشمي، شقيق الرئيس الراحل هاشمي رفسنجاني، أوراق ترشحه، إلا أنه لم يتم الموفقة علي طلب ترشحه، إلا أن محمد هاشمي يري، مثله مثل جهانجيري، أن ترشيحه كان سيأتي لضمان فرص المرشح الأساسي للفوز، ويقصد بذلك حسن روحاني، وعليه، فإن الإصلاحيين يبدو أنهم يتفقون حول مرشحٍ أساسي وهو الرئيس الحالي حسن روحاني.

المستقلون يثيرون ضجة أكبر:
أثار ترشح الرئيس الإيراني السابق أحمدي نجاد ضجة كبيرة في إيران، بعدما أعلن ترشحه في 12 أبريل الجاري، ذلك لأن المرشد الإيراني كان قد “نصحه” بعدم الترشح مرة أخري؛ حفاظاً علي وحدة الصف الداخلي، حسبما قال، إلا أن ترشح نجاد يثير لغطاً لدي البعض، فلماذا يصر نجاد علي الترشح بعد “نصيحة” خامنئي له بعدم الترشح؟
يقول نجاد، إن حديث خامنئي له يُعد بمثابة “نصيحة”، فلم يمنعه خامنئي صراحة من ذلك، وقد اعترض المحافظون علي نلك الخطوة، وانتقدوا نجاد بشدة، إلا أنه قد تم الإعلان لاحقاً في 20 إبريل الجاري عن رفض ترشح أحمدي نجاد.
وفي الواقع، فإن نجاد من المحتمل أن يكون قد ترشح لدعم مرشح الرئاسةونائبه السابق حميد بقائي، الذي لم يحظ هو الآخر بالقبول، فقد صرّح نجاد بأنه لا خطط لديه للترشح، ولكنه يدعم بقائي بوصفه المرشح الأفضل من وجهة نظره، إذاً فترشح نجاد كان لدعم فرص فوز نائبه السابق حميد بقائي، الذي يقول اسفنديار رحيم مشايي عن سبب ترشحه:” إننا نريد شخصاً عندما يصبح رئيساً يعلن بحنان وحب أنه يواصل الطريق باسم أحمدي نجاد”.
يتضح من ذلك أن الانتخابات الرئاسية الإيرانية لربما تحتدم المنافسة فيهابدءاً من 19 مايو المقبل حول مرشحين أو ثلاثة بارزين فقط، وهم “ابراهيم رئيسي وحسن روحاني، ومحمد باقر قاليباف”، وكلٌ منهم هو مرشح لتيار محدد، هذا إذا لم تفاجئنا الانتخابات الإيرانية بالجديد الذي لا نعرفه ولا نتوقعه.

كيف يمكن للمتغيرات الدولية والإقليمية التأثير علي تحديد هوية الرئيس الإيراني القادم؟



هناك العديد من المتغيرات الدولية والإقليميةالتي ستؤثر علي الناخب الإيراني وعلي مجلس ***** الدستور الإيراني وعلي المؤسسات النافذة في إيران في تحديد هوية الرئيس القادم، وتنقسم تلك المتغيرات إلي دولية وإقليمية علي النحو التالي:



المتغيرات الدولية الأكثر تأثيراً :

الإدارة الأمريكية الجديدة:
يأتي علي رأس تلك المتغيرات انتهاء فترة ولاية إدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، وتولّي إدارة جديدة بزعامة الجمهوريين وعلي رأسها رجل الأعمال الأمريكي دونالد ترامب، فإذا كانت الإدارة الأمريكية السابقة كانت تميل إلي التفاوض مع الإيرانيين وتجنب الصراع بكل أنواعه معهم، فإن الإدارة الجديدة لاتنتهج هذا النهج.
فلقد أعلن الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب حتي قبل مجيئه إلي البيت الأبيض عن الخطر الإيراني في المنطقة والعالم، وأعلن أنه لا يقبل هذا الاتفاق النووي الموقع عام 2015 بوضعيته هذه، وإنما يريد إما التخلص منه أو تغيير بنوده، كما أنه أعلن عن حظر دخول مواطني بعض الدول الإسلامية كان من بينها إيران في 27 يناير الماضي، ومن المتوقع استمرار سياسة ترامب علي هذا النهج مع النظام الإيراني؛ خاصة في ظل الحضور القوي لبعض المسؤولين الأمريكيين المناهضين لإيران حول ترامب، مثل عمدة نيويورك السابق رودولف جولياني، والسيناتور الأمريكي السابق جون كيل، بالإضافة إلى عضو الكونجرس السابق دونكان هانتر الذي يدفع دائماً الإدراة الأمريكية باتجاه الحل العسكري الحاسم مع إيران، بل أنه يشجع الأمريكيين علي استخدام الأسلحة النووية ضد إيران.
ولذا، فإن مستقبل العلاقات الأمريكية الإيرانية في ظل الإدارة الأمريكية الجديدة لا يبدو مبشراً، ما يدفع الناخب والمسؤولين الإيرانيين أكثر إلي خيار المحافظين.
إلا أن خيار المحافظين لا يلوح في الأفق؛ ذلك لأن مصالح النظام الحالية لا تقتضي عزل إيران مرة أخري، كما فعل نجاد، وفي نفس الوقت لا تقتضي مصالح الرأسماليين الإيرانيين الانفتاح غير المحدود علي الغرب؛ حتي لا يهدد ذلك مصالحهم الاقتصادية، بل ومصالح الحرس الثوري الإيراني نفسه.

صعود حكومات اليمين المتطرف في أوروبا:
يبدو أن هناك موجة منتصاعد حكومات اليمين المتطرف في أوروبا. ففي فرنسا حصل حزب الجبهة الفرنسي علي 27% من الأصوات في الانتخابات البرلمانية في ديسمبر 2015، وتشارك زعيمة الحزب “مارين لوبان” في جولة الاعادة في الانتخابات الرئاسية الحالية بعد حصولها على المركز الثاني في الجولة الأولي.
وفي ألمانيا حصل حزب” البديل” الألماني علي نسبة 25% من الأصوات في انتخابات الولايات التي أجريت في مارس 2016،أما في بريطانيا، فقد حصل حزب “الاستقلال” البريطاني علي نسبة مرتفعة من الأصوات في انتخابات البرلمان الأوروبي، فضلاً عن حصوله علي مقعدٍ واحد في البرلمان البريطاني.
هذا الصعود غير المفاجئ لليمين الأوروبي،الذي يتبني وجهات نظرٍ مضادة لكل ما غير أوروبي، سيشكل، بالإضافة لصعود ترامب، تغييراًفي الرؤي التكتيكية لطهران ربما يدفعها للمعاملة بالمثل، كما تقول طهراندائماً في خطاباتها مع الغرب، فتعمل الأخيرة علي الدفع برئيسٍ من المحافظين؛ خاصة أن الاتفاقية النووية لم تحقق كثيراً من المكاسب الاقتصادية لإيران، لذا فلربما لا تعول طهران عليها كثيراً.

الأزمات في الشرق الأوسط:
تأتي الأزمة السورية في مقدمة تلك الأزمات، فمن المتوقع أن يأتي رئيسٌ جديد يحظي بتأييد من مؤسسات الحرس الثوري الإيراني والجيش،كما تشكل الضربة الجوية الأمريكية علي مطار الشعيرات السوري تغيراً ومنعطفاً آخر في السياسة الخارجية الأمريكية تجاه الوضع في سوريا.
حيث بدأت الولايات المتحدة بالتدخل العسكري المباشر مرة أخري في الشرق الأوسط، هذا فضلاً عن إلقاء ما تسمي بـ “أم القنابل” أو GBU-43/B في أفغانستان علي معاقل تنظيم داعش الإرهابي، التي تًعد من أكبر القانبل الأمريكية غير النووية التي يصل وزنها إلي 11 طن، ما يمثل تطوراً لم يسبق له مثيل منذ حرب العراق عام 2003، هذا كذلك لربما يؤيد الرأي القائل بصعود المحافظين إلي سلطة الرئاسة مرة أخري في إيران، ومن ناحية أخري، فإن التقارب في العلاقات التركية الروسية حول الأزمة السورية ربما يمثل نقطة انطلاقٍ للمتشددين للترويج لفشل السياسة الخارجية لحكومة روحاني، حيث إن تقارباً بين موسكو- أنقرة يعني تباعداً بين طهران وموسكو حول الملف السوري.


مستقبل العلاقات الإيرانية- الأمريكية في ضوء الانتخابات الرئاسية:

الانتخابات الإيرانية وسيناريوهات iranusflags23-460x310.jpg
إن الساحة الدولية لطالما تفاجئنا بما هو غير متوقع، فعلي مستوي العلاقات الأمريكية– الإيرانية في ظل الرئيس القادم يبرز تصوران للعلاقات الجانبية:-

السيناريو الأول: وصول رئيس من المحافظين للرئاسة:
في ظل صعود إدارة أمريكية جديدة برئاسة ترامب تنهج سياسة مغايرة لما كانت تنتهجه إدارة أوباما، وفي ظل حضور بعض المستشارين والوزراء المناهضين للعديد من العواصم الشرق أوسطية بما فيها طهران، من المحتمل أن تستمر التوترات الجانبية بين واشنطن وطهران، وفي ظل ذلك، فمن المتوقع استمرار الحرب الكلامية بين الجانبين.
فقد صرّح الرئيس الأمريكي “ترامب” أثناء حملته الانتخابية بعدم رضاءه عن الاتفاقية النووية مع طهران، وأنه يريد التخلص منها، ما سيشكل تصعيداً خطيراً في العلاقات بين الجانبين، يمكن أن يعيد العلاقات إلي سابق عهدها، خاصة في ظل فترة أحمدي نجاد (2005-2013). كذلك،وبينما يحاول بعض المسؤولين في البنتاجونفي ظل توجه الإدارة الأمريكية الجديدة وضع خيار الحل العسكري على الطاولة للتعامل مع إيران، فإن ذلك من المحتمل أن يعمل علي تصعيد مقابل من جانب طهرانسيؤثر سلبياً وبشكلٍ كبير علي أمن واستقرار الشرق الأوسط.

السيناريو الثاني: فوز رئيسٍ من الإصلاحيين:
من المتوقع أن تستمر عملية المقايضة السياسية والاقتصادية بين واشنطن وطهران، فإذا كانت الإدارة الأمريكية الجديدة تريد إلغاء الاتفاقية النووية علي سبيل المثال، فإن الجانب الإيراني الإصلاحي من المحتمل أن يعمل تقليل الخسائر وزيادة فرص المكاسب، فمن وجهة النظر الإصلاحيين الإيرانيين أن “تعديل الاتفاقية” أفضل من إلغاءها، والتعامل البراجماتي مع الغرب والولايات المتحدة سينتج واقعاً أفضل من الصدام معها، وعليه، فإن لهجة الخطاب الناري من المحتمل أن تقل، وفرص التعاون مع الغرب والسيطرة على تطورات المواقف الثنائية من المحتمل أن تزداد.

وأخيراً، فيمكن القول إنالانتخابات الرئاسية الإيرانية لا تأتي نتائجها فقط بفعل الشارع الإيراني، ولكن تكون نتيجة الانتخابات مرهونة بالعديد من المتغيرات الدولية والإقليمية والمحلية في إيران،فالعلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية والغرب، وتنامي حدة الصراع في الشرق الأوسط، بالإضافة إلي دور العوامل الداخلية السياسية والاقتصادية في إيران التي تلعب أدواراً مهمة لدي المؤسسات الإيرانية المختلفة بدءاً من المرشد الإيراني والحرس الثوري إلي مجلس ***** الدستور، فإذا كانت الظروف الحالية بشقيها الدولي والمحلي، ترجح حظوظ المحافظين، إلا أن القرار النهائي يعود للناخب الإيراني، الذي بات على مقربة من تحديد مصير رئيسه القادم.


المراجع والمصادر:

1-صالح حميد،”انتخابات إيران..ما حظوظ روحاني للفوز بولاية ثانية”، العربية، 9 يناير 2017.
http://ara.tv/bq28x
2-فرح الزمان شوقي،”1636 مرشحاً للانتخابات الرئاسية الإيرانية أبرزهم روحاني ونجاد”، العربي الجديد، 15 إبريل 20177.
http://bit.ly/2o3DcVa
3-”Candidates for Iran Presidential Election”, the Media Express, April 6th 2017.

http://bit.ly/2onbA9v
4-”Iran Sets Presidential election for May 2017”, Reuters, July 27th 2016.

http://reut.rs/2a9AnHf
5- BozorgmehrSharafedin,”Ex-Iranian President Ahmadinejad submits his **** for presidential election”,Reuters,April12th, 2017.

http://reut.rs/2pCeGHF
6- David E. Thaler and AlirezaNader,”Deep-Seated EntanglementsThe *** of Iranian Leadership Can Be Negotiated, Not Unraveled”, Rand Corporation, spring 2010.

http://bit.ly/2oseXLj
المصدر: ملتقى شذرات

__________________
(اللهم {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} (البقرة:201)
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
الانتخابات, الإيرانية, توقعات, وسيناريوهات


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
أدوات الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع الانتخابات الإيرانية .. توقعات وسيناريوهات
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
توقعات بإقالة حفتر عبدالناصر محمود أخبار منوعة 0 07-08-2015 03:47 AM
مدهش .. أهم 10 توقعات مستقبلية في عالم التكنولوجيا Eng.Jordan علوم وتكنولوجيا 0 05-22-2015 12:15 PM
توقعات علمية في عام 2014 Eng.Jordan علوم وتكنولوجيا 0 01-04-2014 05:37 PM
توقعات بإفلاس ثانوية ابن خلدون الإسلامية عبدالناصر محمود المسلمون حول العالم 0 10-01-2013 08:10 AM
توقعات بارتفاع حصة البنوك الإسلامية إلى 20% احمد ادريس أخبار اقتصادية 0 03-26-2012 06:49 PM

   
|
 
 

  sitemap 

 


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 02:35 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59