#1  
قديم 11-14-2016, 03:58 PM
الصورة الرمزية Eng.Jordan
Eng.Jordan غير متواجد حالياً
إدارة الموقع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: الأردن
المشاركات: 25,372
افتراضي المعرفة قوة .. من يتحكم في المعلومات يتحكم في العالم


المعرفة قوة .. من يتحكم في المعلومات يتحكم في العالم

21-01-2013 09:49 AM - عدد القراءات : 128
كتب سامي الزبيدي
كل الخبراء في مجال المعلومات وفي المجال المعرفي يؤكدون أن حروب المعرفة والعلوم هي حروب المستقبل؛ لأنها حروب السيادة والسيطرة والقوة، وعليه بدأت دول عدة تشكل مرافق أمنية علمية هدفها تجسسي في الدرجة الأولى، وضبط التطورات العلمية العالمية؛ لأن هذا يحسب في إطار القوة والتأثير والحضور العالمي، إذ لم يعد هناك من يسأل عن الحجوم، فثمة شركات صغيرة مدخلاتها السنوية بالمليارات من وراء العلوم والمعرفة والتقنية. المعرفة قوة .. من يتحكم في المعلومات يتحكم في العالم


الحرب المعلوماتية التي دشنت بين الصين وشركة محرك البحث الأعظم في العالم ''جوجل'' تعد نمطا جديدا من الحروب المستقبلية المتصلة بالمعلومات والتحكم في تدفقها، وإذا كانت المعرفة قوة بحسب المفكر والسياسي اللبناني أنطون سعادة، وبحسب الدكتور فهد العرابي الحارثي في كتابه الجديد، فإن من يتحكم بتدفق المعرفة عبر العالم هو المنتصر في أية مواجهة رقمية مقبلة.

ففي الحقيقة لم تكن حرب ''جوجل'' مع بكين حربا معزولة عن السياق العالمي الذي بدأ يتغير بصورة جذرية على إيقاع ثورة المعلومات؛ إذ إنه في الوقت الذي فرضت فيه الشبكة العنكبوتية نفسها كأداة معلوماتية خارقة فقد أسست لنوع غير مسبوق من الصدام بين القوى العالمية، وسرعان ما تطور هذا الصراع التكنولوجي إلى صدام حضاري وسياسي واقتصادي وفي المحصلة سياسي عنوانه الأساس محاولة دول العالم وقف الهيمنة الأمريكية على الشبكة المعلوماتية، وكانت الأمم المتحدة ساحة لتلك الحرب، حيث طالبت معظم دول العالم وقف الاحتكار الأمريكي للشبكة المعلوماتية من خلال المطالبة بتوسيع قاعدة منظمة ''إيكان'' التي تسيطر عليها الحكومة الأمريكية سيطرة مطلقة.

باءت محاولات الدول المطالبة بتوسيع ''إيكان'' بالفشل نتيجة تعنت واشنطن في التنازل عن احتكار هذه المنظمة إلى عام 2009 عندما سمحت جزئيا لبعض الدول الحليفة بالاشتراك في إدارة هذه المنظمة، وهذا الوضع يسمح للولايات المتحدة باحتكار التحكم بتدفق المعلومات عبر العالم ومراقبته ـــ إن اقتضت الضرورة ـــ وتضمن كذلك سيطرة واشنطن على التجارة الدولية التي تزداد اعتمادا على الإنترنت في تنفيذ صفقاتها.

الأزمة لا تزال تتفاعل، حيث أبدت عديد من الحكومات رغبة جامحة في إخضاع شبكة الإنترنت إلى اتفاقية دولية، متعددة الأطراف، على غرار شبكة الهواتف الدولية باعتبارها ترى في منظمة ''إيكان'' أداة خطيرة للهيمنة الأمريكية، حيث تتمتع واشنطن بسلطة استثنائية على المنظمة، إضافة إلى أن لجنة المستشارين التابعة للمنظمة ـــ المؤلفة من ممثلين من دول أخرى ـــ مجردة من أية صلاحيات حقيقية.

البلدان التي تريد تقاسم السيطرة على الإنترنت مع واشنطن، ونقل هذه المسؤولية إلى الأمم المتحدة حجتها ضعيفة إزاء الحجة الأمريكية؛ إذ إن وزارة التجارة الأمريكية ترى أنه من الأفضل ألا ترخي قبضتها على الشبكة العنكبوتية خشية من احتمال صعود قوي للديكتاتوريات، التي ستكون في حوزتها وسائل جديدة لكبح الحريات في بلدانها، إذ انتقلت السيطرة على الإنترنت إلى هيئة دولية مضيفة أنها تخشى من سيطرة ''بيروقراطيين'' دوليين غير كفوئين على شبكة الإنترنت.



ما الإيكان؟



تعد إيكان I cann أكبر محول في الشبكة، حيث ترتكز الشبكة العالمية على جهاز كومبيوتر واحد يلقب ''الأصل الأخير'' الذي ينظم آليات عمل 12 كمبيوتر يطلق عليها تسمية ''الخدم الأصليين'' على مستوى الكرة الأرضية. وهذا الجهاز الموجود في مكان سري، هو بمنزلة كبير مسيطر عليه من قبل الـ ''إيكان''، شركة خاصة ذات هدف غير ربحي خاضعة لسلطة وزارة التجارة الأمريكية.

الإنترنت أيضا اختراع أمريكي في زمن الحرب الباردة حين بدأ البنتاجون يبحث عن طريقة يطور فيها نظام الاتصال (التواصل) ليتمكن من الوقوف أمام الهجومات النووية، وليتيح للمسؤولين السياسيين والعسكريين التواصل فيما بينهم. ثم إن الأمريكيين سواء على مستوى الشركات، أو الباحثين والمهندسين هم الذين اخترعوا الإنترنت في قسم أساسي منها، ومولوا انتشارها بواسطة المال العام في البداية، ثم بواسطة قطاعهم الخاص في مرحلة لاحقة؛ ما منحهم سيطرة مطلقة على الشبكة الأم. وهم يمسكون بجميع الخيوط؛ إذ بإمكانهم تعطيل الشبكة متى شاؤوا حتى لو لم يضغطوا على أي زر وهم لا يرغبون في التخلي عن الرقابة التي يتمتعون بها حاليا.

إذن فخلفية الإنترنت الأمنية بالنسبة إلى الولايات المتحدة جعلت منه أداة ـــ غير عسكرية للهيمنة على الحلفاء قبل الأعداء، وهو ما يلقى مقاومة متعاظمة من دول العالم، خصوصا النامية منها، حيث تزداد ضيقا بالهيمنة الأمريكية على هذه الوسيلة الاتصالية، كما ازدادت اعتمادا عليها في تصريف شؤونها العامة.

يرى إجناسيو راموني مدير تحرير جريدة ''لوموند ديبلوماتيك'' أن عام 1989 يعد مؤشرا على نهاية حقبة وبداية أخرى، وهو العام الذي شهد انهيار جدار برلين وما تلاه من أحداث كونية كاندلاع حرب الخليج الأولى عام 1991، وانهيار الاتحاد السوفياتي في 1991، حيث استولت الولايات المتحدة على مكانة الأمم المتحدة، فهي المرة الأولى في تاريخ البشرية التي تبسط فيها دولة نفوذها القوي على مجموع الكرة الأرضية.

فعلى المستوى السياسي، ليست هناك أزمة في العالم لا تتدخل فيها أمريكا بشكل مباشر أو غير مباشر: حرب البوسنة مثلا انتهت باتفاقيات دايتون في الولايات المتحدة وليست في الأمم المتحدة. وكذلك الشأن بالنسبة إلى مسلسل السلام في الشرق الأوسط الذي ترعاه الولايات المتحدة. وقل الشيء نفسه في مناطق أخرى كالبلقان وكوسوفو. إنها الحكم والفاعل السياسي الكبير.

أما على المستوى الاقتصادي، فتتجاوز الولايات المتحدة بكثير جل بلدان العالم، سواء فيما يخص الاقتصاد المادي أو المالي أو الافتراضي. يكفي أن نقول: إن المحرك أو قلب الاقتصاد المالي العالمي هو سوق نيويورك، فجميع العمليات التبادلية أو المضاربات تتم هناك.

أما من الناحية العسكرية فتعتبر الولايات المتحدة أكبر قوة عسكرية على وجه الأرض ليست هناك أي قوة في العالم توازيها في مجال الأبحاث العسكرية والمناورات، فميزانية البحث العسكري الأمريكي تفوق مجموع العمليات العسكرية الفرنسية ككل (نحو ثلاثة مليارات دولار)، ثم أن الميزانية العسكرية الأمريكية هي ضعف مجموع ميزانيات القوة الخمس الأولى في العالم، هي أول قوة فضائية، وأول قوة نووية وأول قوة عسكرية.

ويرى راموني أنه على المستوى التكنولوجي، فإن نظام الإنترنت هو نظام أمريكي يفرض على العالم، ولا تقبل أمريكا نظاما آخر لا تراقبه، مهما كان متطورا.

في المقابل، يسأل الباحثان الفين وهايدي توفلر في كتابهما (أشكال الصراعات المقبلة.. حضارة المعلوماتية وما قبلها) كيف سيكون على العالم مواجهة (الحروب الصغيرة) التي لا تكف عن الاندلاع، عن كيفية التنبؤ بـ / أو احتواء الحروب الدامية التي تخاض عادة في ميادين قتال تزدحم بـ (الحقائق الصورية) و(الذكاء الاصطناعي)، وأسلحة مستقلة بذاتها، ما أن تبرمج حتى تقرر من تلقاء نفسها متى تضرب، ومن تضرب؟



حرب بلا دماء



يرى الباحثان أن العالم دخل مرحلة غير مسبوقة من التاريخ؛ إذ يعكف الغرب عموما والولايات المتحدة على وجه التحديد، على إنتاج تقنيات غير قاتلة تستهدف برامج المعلوماتية لدى العدو، تصبح معها عديمة الجدوى وتبطل في النهاية الطائرات ودباباته.

غير أن الحرب القادمة هي حرب معلوماتية وهو ما يفسر إصرار الولايات المتحدة على الاحتفاظ بالسيطرة على الإنترنت؛ فالحرب المعلوماتية تتكون من جنود على هيئة جديدة: مثقفون بلا بزات عسكرية يكرسون أنفسهم لكسب معركة المعرفة قبل اندلاعها.

وبحسب الباحثان، فإن عديدا من استراتيجيي المعرفة العسكرية المستقبلية، يستطيعون رسم سياسات دقيقة؛ بغية تطويع أو تحييد جزء من القوة الذهنية للبلدان المستهدفة وتتضمن مشاريع معدة لتثبيط عزيمة أو منع رجال العلم أو مهندسين لا يستغنى عنهم من الالتحاق بمعسكر الخصوم المحتملين.

يرى الباحث يحيى اليحياوي، أن الفجوة الرقمية بين القوى المهيمنة على المعرفة والعالم الثالث إلى اتساع وهو ما ينذر بأشكال جديدة من الهيمنة ''التي تعكس مزيجا من العوامل السوسيواقتصادية الواسعة، خصوصا عدم كفاية البنى التحتية والتكلفة العالية للإنتاج وضعف الإنتاج المحلي والقدرة اللامتساوية للاستفادة، على المستويين الاقتصادي والاجتماعي، من أنشطة شديدة الكثافة بالمعلومات''.



حرب عربية إسرائيلية



ليست المعلوماتية فقط أدوات حرب وهيمنة تقوم بها القوى الكبرى، وتحديدا الولايات المتحدة فقط، بل يرى باحثون أن المعلوماتية هي أيضا ساحة للحروب والهيمنة؛ ففي منطقتنا العربية شهدت الشبكة العنكبوتية حربا عربية إسرائيلية من نوع خاص تمثلت فيما سمي ''حرب الهاكرز'' واستمرت عامي 2000 و2001، إذ قام كل طرف بتعطيل أو تخريب مواقع للطرف الآخر، فقد تم في الشهر الأول لهذه المعركة وهي أعنف فترة لهذه الحرب غير المعلنة حتى الآن ـــ تخريب 40 موقعا إسرائيليا مقابل 15 موقعا عربيا.

ويرى باحث عسكري عراقي مقيم في عمان، أن الحرب المعلوماتية الدفاعية تشمل جميع الوسائل الوقائية المتوافرة ''للحد'' من أعمال التخريب التي قد تتعرض لها نظم المعلومات. بالطبع فإن هذه الوسائل الوقائية هي فقط ''للحد'' و''التقليل'' من الأخطار، فليس من المتوقع عمليا أن توجد وسائل ''تمنع جميع'' الأخطار. إن اتخاذ قرار بشأن استخدام وسيلة من تلك الوسائل يعتمد على تكلفة تلك الوسيلة وعلاقتها بحجم الخسارة التي يمكن أن تنتج في حالة عدم استخدامها ، فمن غير المقبول والمعقول أن تكون قيمة هذه الوسيلة الوقائية المستخدمة أعلى من قيمة الخسارة التي تقوم تلك الوسيلة بالحماية منها. ويضيف إن ازدهار صناعة تقنية المعلومات وانتشارها في السنوات القليلة الماضية كان سببا في ازدهار وانتشار صناعة أدوات التخريب المعلوماتية. فعن طريق مواقع كثيرة على شبكة الإنترنت، يمكن للشخص قليل الخبرة الحصول على أدوات تخريبية عدة يمكن استخدامها لشن هجوم على أجهزة حاسوبية مرتبطة بالشبكة وإحداث أشكال مختلفة من التخريب.

جملة القول إن من يتحكّم في المعلومة يتحكّم في العالم، فاليوم نعيش تخمة في معلومات فهذا الفيض من المعلومات يغمرنا فيه ونعجز عن فصل المعلومة المفيدة عن المعلومة عديمة الجدوى.

والأنكى أن آلة إنتاج المعلومات تفوق بكثير القدرة على هضمها. عوضا أن نتروّى ونحلّل المعلومة نبتلعها بسرعة؛ لأنّ سيل المعلومات يتدفّق ولن يترك لنا المجال للتمعّن. الوقت يسير بسرعة ولا مجال للتراخي. فالمعلومة ليست كما يتراءى للبعض رديفة للعلم والمعرفة، وهو ما يسمى بالإغراق المعلوماتي الذي يضعف القدرة على التحليل لصالح التبني دون تمحيص، وهو شكل مستحدث من الهيمنة الثقافية، فالتبادل اللامتكافئ للمعلومات بين الشمال والجنوب من شأنه أن يعمق الفجوة وبالتالي يعمق التبعية.

السيطرة على تدفق المعلومات لا يزال بيد الولايات المتحدة التي ترى في تحكمها وسيلة لإبقاء سيطرتنا على التجارة الدولية وضبط الخصوم وتطويعهم ضمن سياق مصالحها الاستراتيجية، فالولايات المتحدة التي فجرت أول قنبلة نووية لا تزال القوة الأعظم ليس بما تملكه من رؤوس نووية، بل بإحكامها القبضة على الشبكة العنكبوتية التي توفر لها قدرة عالية على السيطرة غير المحدودة على الحلفاء قبل الأعداء.



© 2012 جميع الحقوق محفوظة لــ المركز العربى لأبحاث الفضاء الالكترونى
المصدر: ملتقى شذرات

__________________
(اللهم {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} (البقرة:201)
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
المعلومات, المعرفة, العالم, يتحكم


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
أدوات الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع المعرفة قوة .. من يتحكم في المعلومات يتحكم في العالم
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
هل عمل الإنسان في حياته يتحكم في طريقة موته؟ صابرة شذرات إسلامية 0 02-24-2016 07:57 AM
دراسة بعنوان دور تكنولوجيا المعلومات في إدارة المعرفة Eng.Jordan بحوث ومراجع في الإدارة والإقتصاد 2 01-15-2015 01:33 AM
فوضى نعم ولكن من يتحكم بها؟ عبدالناصر محمود مقالات وتحليلات مختارة 0 10-14-2014 08:02 AM
من يتحكم في الصراع اليمني؟ عبدالناصر محمود مقالات وتحليلات مختارة 0 09-10-2014 08:21 AM
زجاج ذكي يتحكم بأشعة الضوء وحرارته حسب "مزاجك" ام زهرة الحاسوب والاتصالات 0 08-16-2013 06:42 PM

   
|
 
 

  sitemap 

 


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 09:42 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59