#1  
قديم 04-16-2017, 01:57 PM
الصورة الرمزية Eng.Jordan
Eng.Jordan غير متواجد حالياً
إدارة الموقع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: الأردن
المشاركات: 25,392
افتراضي أصل الأتراك ومواطنهم .. الدكتور علي الصلابي


الفصل الأول
جذور الأتراك وأصولهم
المبحث الأول
أصل الأتراك ومواطنهم

في منطقة ماوراء النهر والتي نسميها اليوم (تركستان) والتي تمتد من هضبة منغوليا وشمال الصين شرقاً الى بحر الخزر (بحر قزوين) غرباً، ومن السهول السيبرية شمالاً الى شبه القارة الهندية وفارس جنوباً، استوطنت عشائر الغز([1]) وقبائلها الكبرى تلك المناطق وعرفوا بالترك أو الأتراك([2]).
ثم تحركت هذه القبائل في النصف الثاني من القرن السادس الميلادي، في الانتقال من موطنها الأصلي نحو آسيا الصغرى في هجرات ضخمة. وذكر المؤرخون مجموعة من الأسباب التي ساهمت في هجرتهم؛ فالبعض يرى أن ذلك بسبب عوامل اقتصادية ، فالجدب الشديد وكثرة النسل، جعلت هذه القبائل تضيق ذرعاً بمواطنها الأصلية، فهاجرت بحثاً عن الكلاء والمراعي والعيش الرغيد([3]) والبعض الآخر يعزوا تلك الهجرات لأسباب سياسية حيث تعرضت تلك القبائل لضغوط كبيرة من قبائل اخرى أكثر منها عدداً وعدة وقوة وهي المغولية، فأجبرتها على الرحيل، لتبحث عن موطن آخر وتترك أراضيها([4]) بحثاً عن نعمة الأمن والاستقرار وذهب الى هذا الرأي الدكتور عبداللطيف عبدالله بن دهيش([5]).
واضطرت تلك القبائل المهاجرة أن تتجه غرباً، ونزلت بالقرب من شواطئ نهر جيحون ، ثم استقرت بعض الوقت في طبرستان، وجرجان([6])، فأصبحوا بالقرب من الأراضي الاسلامية والتي فتحها المسلمون بعد معركة نهاوند وسقوط الدولة الساسانية في بلاد فارس سنة 21هـ/641م([7]).

اتصالهم بالعالم الاسلامي:
في عام 22هـ/642م تحركت الجيوش الاسلامية الى بلاد الباب لفتحها وكانت تلك الأراضي يسكنها الاتراك، وهناك ألتقى قائد الجيش الاسلامي عبدالرحمن بن ربيعة بملك الترك شهربراز، فطلب من عبدالرحمن الصلح وأظهر استعداده للمشاركة في الجيش الاسلامي لمحاربة الأرمن ، فأرسله عبدالرحمن الى القائد العام سراقة بن عمرو، وقد قام شهر براز بمقابلة سراقة فقبل منه ذلك، وكتب للخليفة عمر بن الخطاب t يعلمه بالأمر، فوافق على مافعل، وعلى إثر ذلك عقد الصلح، ولم يقع بين الترك والمسلمين أي قتال، بل سار الجميع الى بلاد الأرمن لفتحها ونشر الاسلام فيها([8]).
وتقدمت الجيوش الاسلامية لفتح البلدان في شمال شرق بلاد فارس حتى تنتشر دعوة الله فيها، بعد سقوط دولة الفرس أمام الجيوش الاسلامية والتي كانت تقف حاجزاً منيعاً أمام الجيوش الاسلامية في تلك البلدان، وبزوال تلك العوائق، ونتيجة للفتوحات الاسلامية ، أصبح الباب مفتوحاً أمام تحركات شعوب تلك البلدان والاقاليم ومنهم الاتراك فتم الاتصال بالشعوب الاسلامية، واعتنق الاتراك الاسلام، وانضموا الى صفوف المجاهدين لنشر الاسلام وإعلاء كلمة الله([9]).
وفي عهد الخليفة الراشد عثمان بن عفان t تم فتح بلاد طبرستان، ثم عبر المسلمون نهر جيحون سنة 31هـ، ونزلوا بلاد ماوراء النهر، فدخل كثير من الترك في دين الاسلام، وأصبحوا من المدافعين عنه والمشتركين في الجهاد لنشر دعوة الله بين العالمين([10]).
وواصلت الجيوش الاسلامية تقدمها في تلك الاقاليم فتم فتح بلاد بخارى في عهد معاوية بن أبي سفيان t وتوغلت تلك الجيوش المضفرة حتى وصلت سمرقند، وما أن ظهر عهد الدولة الاسلامية حتى صارت بلاد مارواء النهر جميعها تحت عدالة الحكم الاسلامي وعاشت تلك الشعوب حضارة إسلامية عريقة([11]).
وازداد عدد الأتراك في بلاط الخلفاء والأمراء العباسيين وشرعوا في تولي المناصب القيادية والادارية في الدولة؛ فكان منهم الجند والقادة والكتاب. وقد ألتزموا بالهدوء والطاعة حتى نالوا أعلى المراتب.
ولما تولى المعتصم العباسي الخلافة فتح الأبواب أمام النفوذ التركي وأسند إليهم مناصب الدولة القيادية وأصبحوا بذلك يشاركون في تصريف شؤون الدولة، وكانت سياسة المعتصم تهدف الى تقليص النفوذ الفارسي ، الذي كان له اليد المطلقة في إدارة الدولة العباسية منذ عهد الخليفة المأمون([12]).
وقد تسبب اهتمام المعتصم بالعنصر التركي الى حالة سخط شديدة بين الناس والجند، فخشي المعتصم من نقمة الناس عليه، فأسس مدينة جديدة هي (سامراء) ، تبعد عن بغداد حوالي 125كم وسكنها هو وجنده وأنصاره.
وهكذا بدأ الأتراك منذ ذلك التاريخ في الظهور في أدوار هامة على مسرح التاريخ الاسلامي حتى أسسوا لهم دولة إسلامية كبيرة كانت على صلة قوية بخلفاء الدولة العباسية عرفت بالدولة السلجوقية([13]).




([1]) انظر: تاريخ الترك في آسيا الوسطى، بارتولد ترجمة أحمد العيد ص106.

([2]) انظر : أخبار الأمراء والملوك السلجوقية تحقيق د. محمد نور الدين ص2-4.

([3]) انظر: قيام الدولة العثمانية، ص8.

([4]) انظر: كتاب السلوك، أحمد المقريزي، ج1، قسم 1 ، ص3.

([5]) انظر: قيام الدولة العثمانية للدكتور عبداللطيف دهيش، ص8.

([6]) انظر: الكامل في التاريخ (8/22).

([7]) انظر: شوقي أبوخليل: نهاوند ، ص55-70.

([8]) انظر: تاريخ الأمم والملوك محمد بن جرير الطبري (3/256،257).

([9]) انظر: الدولة العثمانية والشرق العربي ، محمد انيس ، ص12،13.

([10]) انظر: فتوح البلدان ، احمد بن يحيى البلاذري ، ص405،409.

([11]) انظر: خراسان لمحمود شاكر ، ص20-35.

([12]) انظر: قيام الدولة العثمانية، ص12.

([13]) انظر: المصدر السابق، ص12.
المصدر: ملتقى شذرات

__________________
(اللهم {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} (البقرة:201)
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
الأتراك, الدكتور, الصلابي, ومواطنهم


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
أدوات الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع أصل الأتراك ومواطنهم .. الدكتور علي الصلابي
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الصلابي يدعو الجزائر لرعاية مؤتمر للمصالحة في ليبيا عبدالناصر محمود أخبار منوعة 0 03-09-2017 07:41 AM
الصلابي يدعو البرلمان والمجلس الرئاسي لإعادة السلطة للشعب الليبي عبدالناصر محمود أخبار منوعة 0 02-06-2017 07:54 AM
الصلابي يقترح عقد جلسة للمصالحة في ليبيا برعاية جزائرية عبدالناصر محمود أخبار منوعة 0 12-31-2016 07:53 AM
الصلابي يدعو لوقف إطلاق النار في ليبيا عبدالناصر محمود أخبار عربية وعالمية 0 06-11-2016 03:36 AM
الصلابي يجدد دعوته للمصالحة الوطنية في ليبيا عبدالناصر محمود المسلمون حول العالم 0 03-17-2016 07:28 AM

   
|
 
 

  sitemap 

 


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 11:00 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59