#1  
قديم 06-21-2013, 03:43 PM
الصورة الرمزية Eng.Jordan
Eng.Jordan غير متواجد حالياً
إدارة الموقع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: الأردن
المشاركات: 25,412
افتراضي أسباب الضعف في اللغة العربية


ندوة المجمع الثقافيّة الأولى

الموضوع: أسباب الضعف في اللغة العربية

عَقَد مجمع اللغة العربية الأردني ندوته الثقافية الأولى في مقرِّه في جبل الحسين الساعة الرابعة من بعد ظهر يوم الأحد 18/12/1977م الموافق 8/1/1398هـ. وكان موضوع الندوة (أسباب الضعف في اللغة العربية). وقد أدارها رئيس المجمع الأستاذ الدكتور عبدالكريم خليفة، واشترك معه فيها كلٌّ من عضو المجمع الأستاذ الدكتور محمود إبراهيم، والدكتور نصرت عبدالرحمن، من أعضاء الهيأة التدريسية في قسم اللغة العربية في كلية الآداب، في الجامعة الأردنية. وحضر الندوة عدد من أعضاء المجمع، ونخبة من المهتمين باللغة العربية، والكُتّاب الأردنيين، ومن العاملين في مديرية التربية في محافظة عمان.
استهلَّ الدكتور عبدالكريم خليفة الندوة بالإشارة إلى أن هناك مشكلة حقيقية تستدعي الاهتمام والمناقشة، وهي مُشْكلة الضعف العام في اللغة العربية؛ فعلى الرغم من انتشار التعليم في العالم العربي بشكل واسع، لا يزال خرّيج الدراسة الثانوية، في الغالب، يعجز عن قراءة صفحة واحدة قراءة صحيحة، وعن كتابة رسالة قصيرة دون أخطاء كثيرة: في الإملاء، وفي التركيب، وفي القواعد الصرفية والنحوية. وليس خريج الجامعة بأحسن حالاً منه. يضاف إلى ذلك أن الكثيرين من المعلمين والمعلمات، حتى ممَّن يُدَرِّسون اللغة العربية نفسها، يعانون ضعفاً ملموساً فيها، وكذلك الكثيرون من الكتاب أنفسهم، ولا سيما من الشبان.
وأشار الدكتور خليفة إلى أن هذه، في الواقع، مشكلة خطيرة، لأن اللغة هي مرآة الأمّة، وهي رابطة الوحدة التي تشمل الأمّة في كل أرجاء وطنها الكبير، وعلى الرغم من أن الموضوع قد استأثر باهتمامٍ واسعٍ وطويل الأمد من جميع الهيآت المعنية باللغة العربية، ظَلَّ الضعف كما هو، ولم تُتَّخَذ أية خطوة عملية نحو معالجته.
وقال الدكتور خليفة: إننا نجتمع الآن مع هذه النخبة الطيّبة من الأساتذة والمربّين الحريصين على كرامة اللغة العربية، لكي نتبادل الرأي معهم في هذا الموضوع الحيوي، لَعلَّنا نضع أيدينا على مَواطن الداء، ونتعاون معاً على أن نجد له الدواء.
ثم أعطى الكلمة للدكتور محمود إبراهيم، فبدأ بالحديث على الازدواجية في اللغة، وقال: إن الطفل يتعوّد على سماع اللهجة العامّيّة في البيت والشارع، وعلى التحدّث بها؛ وحين يصل إلى المدرسة يجد أمامه لغة أخرى جديدة عليه، يبدأ بتعلُّمها على معلّميه، فيحسّ عندئذ بِهُوَّة واسعة بين اللغة التي اعتادها، واللغة الجديدة التي بدأ يتعلمها، فكانَّ هذه لغة أجنبية يُفْرَض عليه أن يتعلَّمها وأن يُتَرجِم إليها أفكاره؛ وهذا سبب من أسباب الضعف الذي نعاني منه في اللغة العربية.
وقال الدكتور محمود: إِن هناك أسباباً أخرى عديدة، لا يمكنه أن يفصِّل الحديث فيها دفعة واحدة، ولكنه يقتصر الآن على هذا السبب الأول – وهو الازدواجية- على أن يعود إلى تناول بعض الأسباب الأخرى.
وأُعطِيت الكلمة بعده إلى الدكتور نصرت عبدالرحمن، فبدأ بتلاوة نَصٍّ أخذه من (أدب الكاتب لابن قتيبة) يعيب فيه على المتأدبين ضعف لغتهم؛ ثم تلاه بِنَصٍّ لأحمد أمين في الموضوع نفسه، من كتابه (فيض الخاطر) في المعنى نفسه. ثم قال: إِن بين هذين النَصَّين نحو ألف عام من الزمن، ومع ذلك كانت الشكوى تَتَردَّد في كليهما من ضعف لغة الكتاب. فالشكوى إذن قديمة جدّاً، رافقت تاريخ الأَدب العربي كُلَّه، ولا تزال تتكرَّر بالنغمة عينها.
وقد أنكر الدكتور نصرت أسباب هذه الشكوى، وقال إنها غير قائمة، لأنه لا يزال لدينا اليوم كُتّاب يكتبون بلغة أفضل من لغة أحمد أمين نفسه، وهذا يعني أن اللغة العربية بخير، وأن الشكوى المتكررة ليست سوى من قبيل القلق الحريص على أن تَظَلَّ اللغة قويَّة عزيزة.
غير أن الدكتور نصرت عاد فاعترف بوجود المشكلة، وتحدَّث على سبب من أسباب الضعف في اللغة العربية، إذ قال: إن الكتب المدرسية في البلدان الغربيّة توضع على أُسُسٍ تربوية ونفسية تَعْرف مقدرة الطالب في كل مرحلة من مراحل الدراسة، فتجعل لكل مرحلة قاموساً من المفردات خاصاً بها. وأما عندنا فقد لاحظ المتحدث أن كتاب القراءة للصف السادس الابتدائي، أصعب في مفرداته وتراكيبه من كتاب الصف الثالث الإعدادي، مما يَدلُّ بوضوح على عدم وجود خطَّة تعليمية ذات أسس نفسية وتربوية سليمة. فلا غرابة إذن في أن يشعر الطالب بشيء من الفتور والتردد أمام الصعوبة اللغوية التي تَبْرُز له في كتب المدرسة.
وعَقَّب الدكتور عبدالكريم خليفة على ذلك بأن حاول تلخيص ما قاله الزميلان: الدكتور محمود إبراهيم والدكتور نصرت عبدالرحمن، ثم وجَّه الكلام إلى الحضور، وقال إِن لديهم من الأفكار والآراء حول الموضوع ما يمكن أن يزيد الموضوع إنارة وبلورة.
واشترك في المناقشة كل من السادة: حسني فريز، ومحمد عطيات، والأستاذ مصطفى الزرقا، وروكس العزيزي، وعبدالرحمن بشناق، والدكتور محمد بركات أبو علي. ثم طلب الدكتور محمود إبراهيم الكلمة، فعلَّق على رأي زميله الدكتور نصرت عبدالرحمن فقال: إِن ما يراه الزميل المحترم من أن اللغة العربية بخير، وأنه ليس في الإمكان أبدع مما كان، معناه أن المشكلة غير موجودة، وأن مناقشتها لا ضرورة لها؛ ولكن الواقع أن ما يراه من أن هناك اليوم كُتّاباً يكتبون بلغة أفضل من لغة أحمد أمين، إنما هو أمر ينطبق على أفراد معدودين، وليس على المتعلّمين والمثقفين عامة. وقال إن استمرار الشكوى منذ زمن ابن قتيبة، إلى زمن أحمد أمين، ثم إلى اليوم دليل واضح على أن هناك مشكلة حقيقية تقتضي العلاج.
ثم أشار الدكتور محمود إلى أن المشكلة تكمن في أكثر من سبب واحد: فهناك الكتاب المدرسي الذي لا تُراعَى فيه سنّ الطالب ومقدرته الذهنية؛ وهناك المنهاج الذي لم يوضع على أُسُسٍ نفسية وتربوية وتعليمية سليمة؛ وهناك المعلم الذي كثيراً ما يكون هو نفسه ضعيفاً في اللغة وقواعدها وبلاغتها. وما لم يُعَدَّ المعلّم إِعداداً جيّداً، سيظلّ هو أحد الأسباب الكبرى في ضعف اللغة عند طلابه.
وختم الدكتور عبد الكريم خليفة المناقشة بقوله: إن هذه هي ندوتنا الأولى، وقد خَصَّصناها لمعالجة أسباب الضعف في اللغة العربية، لأن المجمع قام أساساً من أجل خدمة هذه اللغة الشريفة، لغة القرآن الكريم، ولغة الأمة العربية بأسرها. والمجمع يَعْتَبر هذه اللغة أمانةً مقدسة في عنقه، يحرص على سلامتها، وعلى كرامتها وعلى تلافي أسباب الضعف فيها.
وقال الدكتور خليفة إِن لغتنا ليست أكثر صعوبة من للغات الغربية، فنحن لو أخذنا تصريف الأفعال باللغة العربية، وقارَنَّاه بتصريف الأفعال في اللغة الفرنسية، مثلاً، لوجدنا أن لغتنا أسهل كثيراً. وضرب على ذلك مثلاً من تصريف الفعل: (ذَهَبَ) ومقابله بالفرنسية (ALLER) وبَيَّن كيف يتنقّل الفعل بالفرنسية بين شكلين مختلفين كل الاختلاف، فيقال:
Je vais- Tu vas- I1 va
Nous allons, vous allez, ils vont
فهناك فِعْلان يتصرفان معاً، لا فِعلٌ واحد، في حين أن الفعل العربي يَظَلُّ واحداً في كل تصريفاته.
وعَقَّب على ذلك بقوله: إِن الصعوبة إذن ليست في اللغة نفسها، بل هي في أسباب أخرى خارجة عنها: من المنهاج، والكتاب المدرسي، والمعلم؛ ومتى صلحت هذه كلها استطعنا التغلب على المشكلة من أساسها.
وأضاف قائلاً إن هناك شيئاً من الصعوبة الفعلية في قواعد الصرف والنحو، ولكن هذه الصعوبة تزول متى عرفنا كيف نتغلب عليها بالحكمة، وبأنْ لا نُعَلِّم الطلّاب منها إلا ما هو أساسيّ، وعلى شكل دوائر: تبدأ صغيرة، ثم تَكْبُر مع تعاقُبِ الصفوف، ونُمُوَ الطالب. وأما حين نعطي الطفلَ كلَّ صعوبات القواعد وهو ما يزال دون سنّ النضج، فنحن نضع العقبات في سبيل تعلُّمه للغة، ثم نلومه على التقصير في فهمها.
وشَكَر الدكتور خليفة للمشاركين في الندوة تَفَضُّلَهم بالحضور، وحسنَ تعاونهم بالمشاركة في مناقشة المشكلة، ووعد بأن يمضي المجمع في ندواته لخدمة اللغة العربية، معتمداً على مشاركتهم وتعاونهم وتشجيعهم للمجمع ولرسالته المقدسة.
المصدر: ملتقى شذرات

__________________
(اللهم {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} (البقرة:201)
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
أسباب, اللغة, العربية, الضعف


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
أدوات الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع أسباب الضعف في اللغة العربية
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
من طرائف اللغة العربية.. صابرة الملتقى العام 0 02-25-2016 07:40 AM
أسباب تأجيل القمة العربية عبدالناصر محمود أخبار عربية وعالمية 0 02-12-2016 07:47 AM
بحث عام عن اللغة العربية ام زهرة دراسات و مراجع و بحوث أدبية ولغوية 0 10-31-2013 10:46 PM
أسلوب التعلّم عند دارسي اللغة العربية: طلاب كلية اللغة العربية في جامعة الإنسانية بقدح نموذجاً Eng.Jordan بحوث و مراجع و دراسات تربوية واجتماعية 0 06-16-2013 10:09 AM

   
|
 
 

  sitemap 

 


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 04:59 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59