#1  
قديم 08-31-2012, 06:00 PM
الصورة الرمزية Eng.Jordan
Eng.Jordan غير متواجد حالياً
إدارة الموقع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: الأردن
المشاركات: 25,392
افتراضي تنمية الموارد في الجهات الخيرية


ورقة بحثية, بحث,دراسة,بحوث.دراسات مشروع تخرج,مراجع
ورقة مقدمة للملتقى السنوي السابع للجهات الخيرية بالمنطقة الشرقية
تنمية الموارد في الجهات الخيرية
15- 17/ 3/ 1428هـ
بعنوان
الجوانب الشرعية في تنمية الموارد ( البشرية / المالية ) في الجهات الخيرية
الدكتور / أحمد بن موسى السهلي
رئيس الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم
بمحافظة الطائف
http://www.comqt.org/vb/
بسم الله الرحمن الرحيم
الجوانب الشرعية في تنمية الموارد ( البشرية والمالية ) في الجهات الخيرية

ورقة بحثية, بحث,دراسة,بحوث.دراسات مشروع تخرج,مراجع
$ مقدمة :
حمداً لمن أنزل الشرائع لإقامة نظام البشر ، وتحقيق الفلاح في الدنيا والفوز بالأخرى ، وجَعَلَ القرآن الكريم خاتمة الشرائع ، مصدقاً لما بين يديه من الكتاب ومهيمناً عليه ، وأرسل الصادق الأمين رحمة للعالمين ، فكانت بعثته رحمة ودينه يسرا ، ورسالته كلها محاسن ، فصلوات الله وسلامه عليه ما تغنى بآي التنـزيل مسلم ، وما هما المزن على الوديان ، وعلى الآل والأصحاب قاطبة والتابعين لهم بإحسان ..
أما بعد ..
فإن ما شرعه الله تعالى لعباده من الأحكام هو المنهج الرباني الذي تحيا به النفوس ، وتستنير به العقول ، وتنتظم أمور الأمة في حياتها ، ويسمو به الفرد والجماعة ، وتسعد به الأمة حين يبسط ظلال العدل على الناس كلهم ، ويهديهم إلى الصراط المستقيم .
ولذا شُبِّهتْ الشريعة بمورد الماء ، فكما أن الماء به حياة كل شيء ، فكذلك الشريعة في الأخذ بها حياة النفوس والعقول ، وصلاح الأولى والأخرى ، والضرب في هذه الأرض على نور وهدى ، والمولى تقدست أسماؤه قد امتن علينا بهذه النعمة الكبرى فقال سبحانه : (( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً ))([1]) .
ولما كان الدين الإسلامي هو نعمة كبرى على الخليقة جميعاً ، والمرسل به رحمة للعالمين كما قال جل وعلا : (( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين )) ([2]) . كان الدين الإسلامي محققاً لمصالح العباد كلها في العاجل والآجل ، ودارئاً لكافة المفاسد عنهم قليلها وكثيرها ، لأنه لا تتحقق الرحمة ولا تتم النعمة لبني آدم إلا بالعيش في كنف هذين الركنين العظيمين اللذين ينظمان مقاصد سائر الأحكام ، ومن هنا قال أهل العلم إن ابتناء الشريعة كلها على *** المصالح ودرء المفاسد([3]) .
ولذلك كان الدين الإسلامي نظاماً عالمياً شاملاً ينظم شؤون الحياة ، ويشرع لهم كل ما يحقق المصالح ، ويدفع عنهم المفاسد ، ويهديهم إلى الصراط السوي .
وإنه ليسرني في هذا المقام أن أقيد بعض الاجتهادات عن الجوانب الشرعية في تنمية الموارد (( البشرية والمالية )) في الجهات الخيرية .
وذلك ضمن فعاليات اللقاء السنوي السابع للجهات الخيرية بالمنطقة الشرقية وطبيعة العنوان يقتضي أن يكون قسمين ..
$ - المحور الأول : تبيان الضوابط الشرعية لتنمية الموارد البشرية وإدارتها .
$ - المحور الثاني : الضوابط الشرعية لإدارة الموارد المالية وتنميتها .


تبيان الضوابط الشرعية لتنمية إدارة الموارد البشرية
$ - تمهيد :
وقبل الخوض في تبيان هذه الضوابط يحسن أن أتطرق بلمحة عجلى إلى أهمية تنمية الموارد البشرية للجهات الخيرية ، لأن قوة أي جهة من هذه الجهات إنما تكمن في قوة القائمين عليها من العنصر البشري ، فهم قطب الرحى الذين تستمد الجمعيات قوتها من نتاجهم ، وبأيديهم الارتقاء بها إلى المستوى المتوقع ، فهم الوسيلة العظمى لتحقيق أهداف هذه الجمعيات الخيرية ، ولا يتم ذلك إلا إذا كانت كفاءتهم الإنتاجية في أعلى مستوياتها ، ومواهبهم المطلوبة هنا في أرقى مراتبها ، ولذلك ليست الموارد المالية وحدها وإن كانت وفيرة تتحقق بها ما تصبو إليه الجمعيات من النجاح والاهتمامات النبيلة التي اضطلعت بأعبائها .
ومهما كانت قوة خططها ، وحزم لوائحها ، وصحة أنظمتها فإنها على سلامتها تتلاشى حتى لا يعود لها أثر فعال ، إذا انهار قطب الرحى ، أو تدنى مستوى كفاءته عن المرتبة المنشودة ، فإن رداءة إدارته تجعل تلك القوة التخطيطية والقوى التنظيمية عقيمة كحبر على ورق ، ولا يسع الناظر فيها إلا أن يتمثل بالجملة الشهيرة (( يا له من فتح لو كان معه رجال )) .
وهنا تكمن أهمية تنمية الموارد البشرية في المنظمات الخيرية ، فوجب ضبطها ، وإرسال الأضواء الشرعية عليها.


ضوابط تنمية الموارد البشرية
$ - أولاً / انتقاء الكفاءات
حث الإسلام على انتقاء ذوي الكفاءات ، والناس ينشؤون متفاوتين في القدرات والمواهب التي منحهم الله تعالى إياها ومن العدل ونبل الرأي أن تجعل العالم بالحساب محاسباً ، والمتأهل للإدارة مديراً وهكذا ، ومن الظلم أن تجعل الجاهل معلماً ، والضعيف في الإدارة مديراً ، بل يجب أن يختار لكل عمل من هو أصلح له .
وقد جعل النبي r من علامات انتظار الساعة أن يوسد الأمر إلى غير أهله ، وذلك تضييع للأمانة كما في الصحيح وغيره .
فالنجاح بصفة عامة يكمن في تكوين المجتمع على أساس الكفايات ، لا على أساس المحسوبيات أو العصبيات أو الاعتبارات الأخرى ، وقد غدا أسامة بن زيد قائداً عاماً لجيش المسلمين بفضل كفاءته ومواهبه ، وهو مولى رسول الله r وابن مولاه ، وفي صحيح البخاري وغيره ، عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال : (( بعث النبي r بعثاً وأمر عليهم أسامة بن زيد ، فطعن بعض الناس في إمارته ، فقال النبي r : إن تطعنوا في إمارته فقد كنتم تطعنون في إمارة أبيه من قبل ، وأيْم الله إن كان لخليقاً للإمارة .. الحديث([4]) .


ورقة بحثية, بحث,دراسة,بحوث.دراسات مشروع تخرج,مراجع



$ - ثانياً / وضع الرجل المناسب في المكان المناسب :
ولما كان في الإسلام التوظيف مبنيٌ على وضع الرجل المناسب في المكان المناسب ، حذر الشرع من تخطي هذه القاعدة ، واعتبر خرمها خيانة للأمة وغشاً للمجتمع ، وفتحاً لباب الضعف الإداري ، وقد روي عن النبي r أنه قال : (( من ولى على عصابة رجلاً وهو يجد من هو أرضى لله منه فقد خان الله ورسوله والمؤمنين )) ([5]) ، والحديث ، وإن كان فيه ضعف ، فالنصوص العامة تشهد له .
فدل هذا الحديث على أن الوظائف في الدولة الإسلامية تقتضي شروطاً تجب مراعاتها في وضع الرجل المناسب في مكانته المناسبة مع مواهبه ومؤهلاته دفعاً لعجلة التقدم ، ورقياً بالأمة إلى مرتبة النجاح ، وإرضاءً لله عز وجل ، وفي الإخلال بذلك بتولية من يكون أقل صلاحاً من ذاك ، أو تولية من لا يصلح أصلاً لأسباب خارجية كالعصبية والقرابة أو بسبب رشوة ونحو ذلك ، فإن هذا خيانة لله تعالى وللأمة .


$ - ثالثاً / الإحسان والاتقان :
فالإحسان والإتقان مطلوبان شرعاً لأن الله كتب الإحسان على كل شيء كما ثبت في صحيح مسلم ، ولا يتحققان إلا إذا وضع الإنسان في مكان ترفعه مؤهلاته ومواهبه وقدراته الإدارية إلى مرتبة الإتقان والإحسان ، فليست العبادة وحدها تكفي ، وقد صرف النبي r أبا ذر الغفاري t عن الولاية أي تولي الوظائف والإمارة حين طلب ذلك ، وقال له : (( يا أبا ذر إنك ضعيف ،وإنها أمانة وإنها يوم القيامة خزي وندامة إلا من أخذها بحقها وأعطى الذي عليه فيها )) ([6]) .
وهكذا رأى النبي عليه والصلاة والسلام أن أبا ذر الغفاري لم تكن مواهبه الإدارية مؤهلة له لمرتبة الإمارة وسياسة الناس ، واعتبره ضعيفاً في هذا المجال ، فصرفه عن طلبه هذا مع محبته r له ، وتزكيته له بأنه أصدق الناس لهجة ، ونحو ذلك ولذا فقد كان من هديه r أن يختار للقضاء أناساً ، ولجمع أموال الزكاة أناساً ، ولقيادة السرايا والحملات العسكرية آخرين ، مراعياً في ذلك كله مؤهلاتهم ومواهبهم ، وسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم حافلة بالشواهد .
$ - ولذلك يرى شيخ الإسلام ابن تيمية أنه على الدولة على وجه الإلزام إعداد الكفايات من المواطنين للقيام بوظائفها ، والنهوض بالخدمات العامة ، وهي فكرة لم تسبق إليها الحضارات قبل الإسلام ، إلا أنه رحمه الله يرى جواز تولية أصلح الموجود ، وإن لم يكن متأهلاً ، حتى يتم تأهيل الكوادر وهذا نص كلامه :
(( ومع أنه يجوز تولية غير الأهل للضرورة إذا كان أصلح الموجود ، فيجب مع ذلك السعي في إصلاح الأحوال حتى يكمل في الناس مالا بد لهم من أمور الولايات والإمارات ونحوها )) ([7]) .
$ - وبناء على ما قدمنا كان من الأهمية بمكان تنمية إدارة الموارد البشرية ، أو ما يسمونها بإدارة العاملين (( لتحسين نوعية حياة العمل للعاملين بما يكفل فعالية أداء العاملين ورضاهم ، وذلك من منطلق أن الإدارة الجيدة للموارد البشرية يمكن أن تكون مصدراً جوهرياً لتحسين الإنتاجية .
واليوم نجد أن عدداً من المنظمات الكبيرة الناجحة يرجع نجاحها بدرجة كبيرة إلى قدرتها على الإدارة الفعالة لمواردها البشرية ، وقدرتها على استقطاب واختيار موظفين ومديرين على درجة عالية من المهارة والكفاءة )) ([8]) .

$الأمور بمقاصدها $
$- واستناداً إلى القاعدة الفقهية المستنبطة من الكتاب والسنة ( الأمور بمقاصدها ) ، فإنه يجوز أن تدفع جمعية مـا تكاليف تطوير العاملين بها سواء عن طريق الدورات أم عن طريق تبني دراسة كاملة لمرحلة البكالوريوس أو الماجستير أو الدكتوراه بحيث تخدم مصلحة الجمعية ، وذلك للاعتبارات التالية :
أ)- لأن في ذلك مصلحة محققة تعود فيما بعد على تطوير أنشطة الجمعية والرقي بها إلى المستوى المنشود ، بفضل إعداد الكفاءات اللازمة ، ورفع مستواها لاستغلال هذه الكفاءات لتحقيق الأهداف المنشودة ، وقد تقرر في القواعد الفقهية أن للوسائل حكم المقاصد فما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب ، ومالا يتم المسنون إلا به فهو مسنون ، ووسيلة المباح مباح يشهد لهذه القاعدة قول الله تعالى : (( ذلك بأنه لا يُصيبهم ظمأ ولا نصب ولا مخمصة في سبيل الله ولا يطئون موطئاً يغيظ الكفار ولا ينالون من عدوٍ نيلاً إلا كتب لهم به عمل صالح إن الله لا يضيع أجر المحسنين ، ولا ينفقون نفقة صغيرة ولا كبيرة ولا يقطعون وادياً إلا كتب لهم ليجزيهم الله أحسن ما كانوا يعملون )) ([9]) .
والحديث الصحيح (( من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سلك الله به طريقاً إلى الجنة )) ([10]) ، والحديث المتفق عليه : ( إنما الأعمال بالنيات .. ).
فأعمال المكلف وتصرفاته قوليه كانت أو فعليه تختلف أحكامها ونتائجها باختلاف مقصود الشخص وغايته من وراء تلك الأفعال والأقوال والتصرفات ، فما دام أن القيام بالأعباء المالية لشريحة من العاملين ، سيعود نفعه على تلك الجمعية بفضل تلك القدرات بالتطوير والرقي المطلوبين فلهذه الوسائل حكم المقاصد إذ هي المفضية إلى تحقيق المقاصد وبدونها قد تكون المقاصد معرضة للاختلال أو الانحلال([11]) .
ب)- المصلحة في مثل هذا المثال متحققة ، إذ أن العنصر البشري الكفؤ ذا المهارة العليا كما أسلفنا هو الوسيلة العظمى للرقي بالجمعية إلى المستوى الرفيع ، بفضل ما يتميز به من مهارة وخبرة، وما دامت المصلحة متحققة أو يغلب على الظن تحققها فتشرع الوسيلة التي تفضي إليها لما ذكر أنفا .
ج)- وقد أدرك بعض علماء العصر أهمية تأهيل العنصر البشري لنجاح أهداف الجمعيات الخيرية ، فسلكوا هذا المسلك ورأوا جواز قيامها بالتكاليف المادية لتأهيل عناصرها لانخراطهم في دورات تدريبية أو إتمام دراستهم ، استناداً إلى قاعدة الأمور بمقاصدها والنظر إلى قاعدة المآلات فكل ما كان طريقاً إلى مُحلَّل فهو حلال فيأخذ حكمه ، وما كان طريقاً إلى الحرام فهو حرام ويؤخذ حكمه ، وما كان طريقاً إلى المسنون فهو مسنون ويؤخذ حكمه ، وما كان طريقاً إلى مكروه فهو مكروه ويأخذ حكمه لأن موارد الأحكام قسمان ..
أ) مقاصد .
ب) ووسائل . والوسائل هي الطرق المفضية إلى المقاصد وحكمها حكم ما أفضت إليه تحليلاً وتحريماً([12]) .


القسم الثاني
الضوابط الشرعية لإدارة الموارد المالية في العمل الخيري
$ - مقدمة :
لامراء أن الموارد المالية من الأهمية بمكان ، وهي تأتي في الدرجة الثانية ، بعد أهمية الموارد البشرية ، لذلك كانت تنمية الموارد المالية من المشروعات الأساسية لتنمية مصادر التمويل في الاسلام ، وهي وفيرة ، وقد حثت الشريعة الاسلامية على استثمار الأموال ، ودعت إلى ذلك ، لكسب مايشبع حاجات الناس ، فهي تؤكد على الاستفادة منها بجميع الطرق الممكنة والمباحة شرعاً ، وذلك أنها كلما تحسنت أموال الجمعيات الخيرية ، كانت أقدر على أداء دور إيجابي فعّال في مشاريعها ، وخاصة في الانفاق على الأيتام ، والفقراء ، والأرامل ، و حلقات التحفيظ ، ومساعدة المعسرين ، ومن يقصد العفاف - بالزواج - .
وقد حرصت الشريعة الإسلامية على الاستمرار في استثمار الأموال في كل مايعود بالنفع على الفرد والجماعة ، ولا يمكن أن تؤدي الجمعيات الدور المرجوا منها من الاستثمار ، وأموالها محبوسة معطلة .
والجمعيات الخيرية لاتكون قوية إلا إذا كانت ذات رصيد ، ومال وفير ، وهذا لايتأتى إلا باستثمار المال المتوفر لديها في مشاريع انتاجية ، وما لايتم الواجب إلا به ، فهو واجب ([13]) .
وقد أخرج الترمذي ([14]) عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد الله بن عمرو بن العاص ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، خطب فقال : ( من ولي يتيماً له مال ، فليتجر له ، ولا يتركه حتى تأكله الصدقة ) وورد بلفظ عن عمر رضي الله عنه في الموطأ : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( اتجروا في أموال اليتامى حتى لاتأكلها الزكاة ) ([15]) ، وهذا دليل واضح على مشروعية استثمار أموال الجمعيات الخيرية من وجوه .
$ - أولاً :- لأن الحث على استثمار أموال اليتامى يعطي دلالة تشريعية على مشروعية استثمار أموال أهل الاحتياج من الضعفاء ومن في حكمهم بجامع الضعف في كلٍ ، بل العلة في المقيس أظهر منها في المقيس عليه ، بدليل أن اليتيم يملك مالاً ملكاً تاماً ، يستقل به ، والجهة التي تنفق عليها الجمعية الخيرية لاتملك إلا ملكاً عاماً محدوداً .
$ - ثانياً : - إن الجهات الخيرية انفاقها على أصناف ، وأجناس ، ومنهم اليتامى ، وهم يتزايدون ، وإذا لم تستثمر أموالهم بما فيه غبطة لهم ، فستنفد ، وربما انقطع المدد ، فيحل بهم الضرر ، ودفع الضرر مطلوب ، وما دام لايتحقق إلا بتقليب المال طلباً للربح ، فالاستثمار وهو الوسيلة الوحيدة لدفع الضرر المطلوب شرعاً لما تقدم أن للوسائل حكم المقاصد .
$ - ثالثاً :- أن المولى تقدست أسماءه سمى المال خيراً في غير موضع من كتابه الحكيم ، وهو حث ضمني على استثمار الأموال ، وزيادة الخير خير ، واستثمار أموال الجمعيات بالضوابط الشرعية والتجارية من فعل الخير ، قال تعالى : ( وافعلوا الخير لعلكم تفلحون ) الحج 77 .
$ رابعاً : - في الحديث الذي سيأتي معنا في بيع المزاد – أن رسول الله صلى الله عليه وسلم باع حلساً وقدحاً بدرهمين ، وقال لصاحب الدرهمين اشتري بدرهم فأساً وحبلاً ، واذهب واحتطب لكي ينتفع بنتاج سعيه بعد أن باع حلسه وقدحه ، فهذا إشارةٌ صريحة لاستثمار المال وإن قل ، لأن ذلك الصحابي لو أكل ثمن القدح والحلس لآل أمره إلى العوز والفاقة ، لذلك وجهه النبي الكريم صلى الله عليه وسلم إلى ما هو أفضل ، وجمع له بين أن يشتري طعاماً ، وبين نوع من الاستثمار للمال الباقي بطريق العمل ليدر عليه مالاً يومياً .






وعلى كل ، فلسنا بصدد استعراض مصادر التمويل في الاسلام ، وذكر أدلتها ، إذ الذي يهمنا بيان الضوابط الشرعية لتنمية الموارد المالية ، للأعمال الخيرية ، وهذه المواضيع تحتاج إلى ضوابط .

$ - أولاً : ضابط خاص بالزكاة التي ترد إلى صندوق الجمعيات :
إذا كانت الأموال من موارد الزكاة ، فلا يجوز استثمارها ، ولا المضاربة بها ، بل يجب صرفها في الحال ، لأن الزكاة ركن من أركان الإسلام ، وشعيرة من الشعائر العظام ، جعلها الله حقاً لأهلها الذين حددهم النص القرآني بقوله تعالى : (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (60) التوبة .
فالزكاة جاءت لإشباع حاجات أصحابها الملحة ، لكي تحقق أهدافها – لذلك أجمع أهل العلم على وجوب صرف الزكاة فوراً إلى مستحقيها ، ولا يجوز تأخيرها عمداً بغير عذر وسبب ، فقد جاء في الحديث المتفق عليه([16]) الذي رواه ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث معاذاً إلى اليمن ، وقال له مما قال :( إن الله فرض عليهم صدقة في أموالهم ، تؤخذ من أغنيائهم ، فترد على فقرائهم ) ، فهذا هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وما كان عليه خلفاؤه الراشدون رضوان الله عليهم ، والجمعيات الخيرية ليست إلا واسطة بين الأغنياء والفقراء ، ومن يستحقونها من بيقة الأصناف الثمانية ، فالجمعية مؤسسة تقوم بالوكالة عن أهل الاستحقاق للزكاة ، وقد ورد في كتب الخراج والأموال أن الخلفاء لايبقون من مال الزكاة شيئاً في بيت المال مراعاة لتحقيق فورية صرفها إلى أربابها ، ولذلك فإن استثمار أموال الزكاة والمضاربة بها يؤدي إلى تأخير صرفها ، ووصولها إلى مستحقيها ، ويُحوّل مال الزكاة إلى وقف بتحبيس أصله ، وتسبيل منفعته ، وهذا لايجوز ؛ وهو ما أفتت به اللجنة الدائمة للإفتاء والبحوث العلمية في المملكة العربية السعودية([17]) .

$- ثانياً : الأموال التطوعية ، وهي الصدقات العامة – كأن يقول المتبرع ، هذا صدقة جارية ، أو وقف ، أو الوصايا العامة التي يوصي بها أهل الخير من ثلث تركته أو أقل من ذلك ، فهي التي يجوز استثمارها ، وهذه الأموال التي تحتاج إلى ضوابط ، ومدار كلامنا عليها .
$ الضوابط الشرعية العامة لإدارة الموارد المالية في العمل الخيري $
1-الاسثتمار في الأسهم ( مضاربةً او استثمارا ) :
هذ ا المسلك من مسالك التنمية لابد فيه أن يكون نشاط الشركة التي يتم فيها استثمار أموال الجمعيات الخيرية – نشاطاً مباحاً ، لأن حكم تملك الأسهم ، والتصرف فيها بيعاً ، وشراءً يختلف باختلاف نشاط الشركة ، ومن الممكن تقسيم هذا النشاط إلى ثلاثة أنواع :
$ النوع الأول : شركة ذات نشاط مباح شرعاً – فالمساهمة والمضاربة في شركة نشاطها مباح جائز باتفاق أهل العلم ([18]) لعموم أدلة الكتاب والسنة والإجماع – قال الإمام موفق الدين ابن قدامة : ( أجمع المسلمون على جواز الشركة في الجملة ) قال صاحب المجموع : ( فإن أحداً من العلماء لم يخالف في جوازها ) وقال ابن حجر نقلاً عن ابن بطال : ( أجمعوا على أن الشركة بالدراهم والدنانير جائزة ) ، وهذا النوع من الشركة لسنا بصدد مناقشته لاتفاق أهل العلم على إباحة المشاركة فيها ، والذي نحن بصدد مناقشته وعرضه القسم الثاني والثالث .
$ النوع الثاني : النشاطات المحرمة اتفاقاً ، كما إذا كانت الشركة تتاجر في الخمور ، أو المخدرات ، أو بيع لحم الخنزير ، أو تتعامل بالربا ، كشأن بعض الشركات العالمية ، وغالباً – المسيطر عليها يهود او نصارى – وهؤلاء لايتحرجون من الحرام – وقد ذكر ابن قدامة : ( أن مايشتريه أو يبيعه اليهودي أو النصراني من الخمر بمال الشركة أو المضاربة يقع فاسداً ، وعليه الضمان ، لأن عقد ال**** يقع للموكل ، والمسلم لايثبت ملكه على الخمر ، والخنزير ، فأشبه مالو اشترى به ميتة أو عامل بالربا ) ([19]) وقال مثل هذا الشيرازي ([20])الشافعي – ( لايجوز مبايعة من يعلم أن جميع ماله حرام ) ،والدليل على التحريم عموم قول الله تعالى : (وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ) المائدة ( 2) ([21]) .
والمساهمة في هذا النشاط التجاري من التعاون على الإثم والعدوان فهو محرم ، وحديث نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن مشاركة اليهودي والنصراني إلا أن يكون الشراء والبيع بيد المسلم .
وسئل ابن عباس رضي الله عنه عن رجل ي*** الغنم ، ويشارك اليهودي والنصراني ، قال ابن عباس : ( لايشارك يهودياً ولا نصرانياً ، ولا مجوسياً ، قال : قلت : لم ؟ قال : لانهم يربون والربا لايحل ) ([22]) .
فالتحريم من أجل الربا ، لامن أجل كونه يهودياً أو نصرانياً ، لأنهما لايحجزهما دين عن التعامل بالربا ، وبيع الخمر ، وما شابه ذلك ، وإلا فيجوز مشاركة اليهودي والنصراني ، إذا تولى المسلم البيع والشراء – وخصه بعض أهل العلم بالذمي الذي له ذمة وعهد مع المسلمين ،ويدفع الجزية([23]) ، وعلى كل ، فالشركات المحرمة سواء اكانت عالمية أم محلية ، لايجوز المشاركة فيها ، ولا تملك أسهمها ، ولا التعامل معها ، وقد قال الله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآَخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ ) (267) البقرة .
وفي الحديث الصحيح : عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إن الله تعالى طيب لايقبل إلا طيباً ، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين ، فقال تعالى : (يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ) (51) المؤمنون . وقال تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ) (172) البقرة ... الحديث([24]) ، وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( والذي نفسي بيده لايكسب عبد مالاً من حرام ، فينفق فيه ، فيبارك له فيه ، ولا يتصدق فيقبل منه .... الحديث ) ([25]) ، والآيات والأحاديث في الباب كثيرة ، وشهيرة .
وأما إن كانت الشركة قد حصرت نشاطها في الربويات ، فهذا أيضاً قاصمة الظهر ، فقد توعد الله تعالى المتعاملين بالربا بالحرب بما لم يتوعد به فاعل غير هذه الكبيرة ، فقال سبحانه وتعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (278) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ (279) البقرة .
قال الإمام مالك رحمه الله تعالى : ( إني تصفحت كتاب الله تعالى ، وسنة نبيه ، فلم أر شيئاً اشر من الربا ، لأن الله آذن فيه بالحرب ) ([26]) .
وبعد هذا العرض : تقرر تقييد الضابط الأول ، وهو :
( أن لاتكون الشركة المساهَم فيها تتجر في محرم أو انحصر نشاطها في التعامل بالربا .

$ - النوع الثالث من الشركات : شركات ذات نشاط مختلط أي اختلط الحلال بالحرام ، وقد تكون الشركة أصلها حلالاً ، لكنها تتعامل بالحرام ، بأخذ فوائد ربوية من البنوك أو تستقرض بفائدة ، وهذا النوع فيه خلاف بين أهل العلم .
1-فبعض أهل العلم قال بتحريم المشاركة في هذه الشركة التي لها نشاط مختلط ، وممن قال بالتحريم : اللجنة الدائمة للإفتاء في المملكة العربية السعودية ، وهيئة الفتوى في بيت التمويل الكويتي ، ومجمع الفقه الاسلامي ، وغيرهم من أهل العلم ([27]) ، واستدلوا على عدم الجواز بعموم الآيات المحرمة للربا : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (130) آل عمران وقوله : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (278) البقرة ، وما أخرجه البخاري عن جابر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لعن الله آكل الربا وكاتبه ، وشاهديه ، وقال هم سواء ) ([28]) .
وقد قال فقهاؤنا القدامى : أن المساهم في شركة ترابي هو مرابي ، سواءً اكان الربا قليلاً أم كثيراً ، فلا يجوز لمسلم أن يستثمر في الربا ، لأن الشركة مبناها على الوكالة ([29]) .
والقاعدة الفقهية تقول : ( إذا اجتمع الحلال والحرام غلب الحرام ) ([30]) ، إذا اختلط درهم حرام بدرهم حلال ، فيحرم التصرف فيهما حتى يميزه إن أمكن تمييزالحرام، وإن لم يمكن تمييزه فإن كان غير منحصر فعفو ، كإذا اختلط في البلد حرام لاينحصر ، أما إذا كان لايتوصل إلى استعمال المباح إلا بالحرام غلب الحرام احتياطاً ([31]) .
2- وذهب بعض أهل العلم إلى إباحة التعامل مع الشركات ذات النشاط المختلط الحرام بالحلال ، مالم ينص نظامها الأساسي على التعامل بالربا مع اشتراط تقدير العنصر الحرام الذي دخل على عائدات الأسهم ، واستبعاده بصرفه في أوجه الخير المختلفة ، وعدم الانتفاع به بأي شكل من أشكال الانتفاع ، ذهب إلى هذا القول الشيخ : محمد الصالح العثيمين – رحمه الله تعالى – والشيخ : عبد الله المنيع ، والهيئة الشرعية لشركة الراجحي المصرفية ، وغيرهم من الباحثين ([32]) ، واستدلوا على ماذهبوا إليه بالقاعدة الفقهية : ( يثبت تبعاً مالا يثبت استقلالاً ) ومن امثلتها : جواز بيع العبد مع ماله ، فقد ثبت في صحيح مسلم : (من ابتاع عبداً فماله للذي باعه ، إلا أن يشترط المبتاع ) فدل الحديث على أن السيد إذا جعل لعبده مالاً ، وأراد السيد بيع العبد ، واشترط المشتري للعبد ، المال الذي بيد العبد يكون تبعاً له إذا رضي البائع – فقد أجاز الرسول صلى الله عليه وسلم هذا الشرط ، لأن أصل العقد على العبد لا على المال ، والتابع لاحكم له ، ويدخل ضمن القاعدة الفقهية : ( يثبت تبعاً مالا يثبت استقلالاً ) ([33]) .
3- وهناك قول ثالث للشيخ مصطفى الزرقا ، قال : ( الشركات التي يكون موضوع نشاطها محرماً ، فهذه يكون تداول أسهمها شراءً ، وبيعاً ، واستثماراً غير جائز شرعاً ، وذلك كشركات الخمر والخنزير ، ونحوها ، والشركات التي تهدف إلى التجارة ، وتكون تجارتها في الأموال المباحة ، فهذه إذا كانت تقترض بالربا ، ونحو هذا من المعاملات الممنوعة شرعاً ، فهذه يمكن منعها – أي منع تداول أسهمها على المستثمرين الصغار ، أما الشركات ذات الخدمات العامة التي تؤدي خدمات ضرورية للمجتمع تعجز عنها بعض الدول بنفسها ، فهذه الشركات لايحجر على الناس أن يتداولوا أسهمها ، ويمتلكوها ، لكن عليهم أن يفرزوا العوائد الربوية بطريقة حسابية تقريبية ، ولا يشترط التدقيق التام بالفلس ، ويخرجوها من أموالهم ) ([34]) ، وهذا قول مردود عليه ، ولا يستند إلى دليل لا من كتاب ولا سنة ، ولا إجماع ، ولا قياس صحيح ، لكن هنا لسنا بصدد الرد عليه .
4 - وهناك قول رابع هو أن : ( الشركات ذات نشاط يختلط فيه الحلال والحرام , فالحكم يدور مع غلبة أحدهما على الآخر , فإن غلب الحرام اشتد النهي , وان قل فباب الورع واسع , والاصل الحل )
(( على ان حاجة الناس الى أسهم الشركات في البلاد الاسلامية ملحة فالافراد محتاجون الى استثمار مدخراتهم , والدول محتاجة بل ومسؤولة عن توزيع ثروات شعوبها والى استثمارات متنوعة بما يعود على الأمة بالخير والرخاء والقوة , ولو امتنع المسلمون من شراء الأسهم لأدى ذلك الى أحد امرين :
-توقف المشروعات الحيوية في أهل الاسلام .
-غلبة غير المسلمين على هذه الشركات ذات الاسهم , وعلى ايرادتها , أو غلبة الفسقة والفجرة على ذلك كله )) ([35]) وهذا القول للشيخ صالح بن حميد ويمكن الاستدلال لهذا القول بما يلي :
ثبت في الصحيحين وغيرهما ان النبي صلى الله عليه وسلم مات ودرعه مرهون عند يهودي في طعام اقترضه لأهله ([36]) .
قال الحافظ في الفتح (( وفي الحديث جواز معاملة الكفار فيما لم يتحقق تحريم عين المتعامل فيه وعدم الاعتبار بفساد معتقدهم ومعاملاتهم فيما بينهم , واستنبط جواز معاملة من أكثر ماله حرام )) ([37]) وقال النووي ( أجمع المسلمون على جواز معاملة أهل الذمة وغيرهم من الكفار اذ لم يتحقق تحريم مامعه ) ([38]) ونستطيع ان نستخلص من هذا القول أن الشركة التي نشاطاتها مختلط فيه الحلال وفيه الحرام ان أصحابه يرون انه لا باس من معاملاتها بشرط ان لا يتمحض المال الحرام لصاحب الأسهم .
وتحدث ايضا مفتي الازهر عن الاستثمار المعمول به في البنوك الاسلامية مثل بنك فيصل الاسلامي فقال : المعروف أنه لا يجري على نظام الفوائد المحددة مقدما , بل خاضعة لمدى ماحققه المشروع من كسب ، قال : فالتعامل على هذا الوجه مشروع في الاسلام , باعتباره مقابلا لما جرى عليه فقهاء المسلمين في إجازة عقود المضاربة والشركات التي يجري فيها الكسب والخسارة ([39]) وبناء على ماقدمناه من نصوص وما عرضنا , من اقوال اهل العلم .
فإن من الضوابط الشرعية للمضاربة والإستثمار التي تقوم بالتعامل بها الجمعيات الخيرية أن لايحدد الربح سلفا , بل يخضع موضوع المعاملة للربح والخسارة , فان حدد الربح كانت الفائدة محرمة ( والفقهاء متفقون على أن تحديد مبلغ من النقود معلوم لأحد الطرفين في المضاربة يفسدها , بالإجماع , كما نقل ذلك ابن المنذر وابن قدامة وغيرهما ) ([40])
وقال القرضاوي : (( واني لأعجب كل العجب ممن يقول : ان تحريم الربح مقدما إنما هو من اجتهاد الفقهاء ولا دليل عليه من الكتاب والسنة , فما يقول هذا إلا من يجهل السنة ويجهل الاجماع كليهما , وهما مصدران من المصادر الأساسية للأحكام الشرعية وقد دلا على تحريم الربح )) ([41])
وإنما ذكرنا هذا لأن هناك من يتحيل ويحاول إباحة مثل هذا الضرب من المعاملة حتى لايكاد يوجد للربا محلا في باب المعاملات ، فالورع مطلوب ولا سيما من اهل الفضل والصلاح كالجمعيات الخيرية ، وكان السلف نماذج فريدة في الورع ولاسيما في المعاملات المالية كان ابن سيرين يدع الحلال تأثما وقد ترك أربعين ألفا فيما لاترونه به اليوم بأسا ([42]) وقال ايوب( مارأيت رجلا أفضل من القاسم لقد ترك مائة الف وهي حلال ([43]) ,وطريق الورع لاتخفى , ومسلك الاحتياط أولى قال الشخ ابن حميد : (( وفي الشركات ذات النشاط المختلط إذا كان الحلال فيها هو الغالب فيراعى الضوابط الآتية :
أ - قصد تغييرها الى الحلال المحض والسعي في ذلك من خلال صوت المساهم في الجمعية العمومية , أو مجلس الادارة , وغلبة الظن بقوة التاثير .
( ب) لا يتجه الى مافيه شبهه الا عند الحاجة ومصلحة المسلمين واقتصادهم من اجل التنمية والاستثمار , وتقوية الأمن من خلال الشركات الكبرى .
( ج) التخلص من الحرام والمشتبه فيه الداخل عليه من نشاطات هذه الشركة , وسؤال مسؤولي الحسابات فيها , او بأي طريقة ممكنة ويصرف تلك في جهات خيرية ))
وعزا هذه الضوابط الى كتاب بحث الاستثمار في الأسهم ([44]) وأقر هذه الضوابط ولم يعلق عليها.
قلت : ان هذه الضوابط التي قيدها الشيخ في الجامع في فقه النوازل ([45]) مندرجة تحت قولنا وطريق الورع لاتخفى : بيان ذلك :إن قصد تغييرها الى الحلال المحض , هو مطلب كل مسلم موفق , والجمعيات الخيرية غالبا لايكون عناصرهاإلا من أهل العلم والمعرفة , والتقوى والتوفيق , ومن كان بهذه السمات فانه سوف يسعى جاهدا من طريق ثقله في تلك الشركة لتقويم مااعوج , وتنقية مااختلط بالشركة من قذى , حتى يصل الى الهدف ،وهنا ننبه الى أمرين مهمين :
$ - أولهما : ان الطريقة الشرعية الوحيدة للاستثمار الحلال تجارة اوزراعة أو صناعة أو غيرها هي التي تتم دون تحديد سابق للربح والخسارة كل عام أو في كل صفقة , وفقا لما تجري عليه البنوك الاسلامية والشركات الاسلامية فهذا التعامل في نطاق الكسب الحلال , وهو داخل في اطار عقد المضاربة الشرعية وغيرها من عقود التعامل الإسلامية المشروعة ، ويكون الربح من استثمار الأموال بهذه الطريقة حلالاً لشدة الحاجة إليها في التعامل .
(( لأن من الناس من هو صاحب مال ولايهتدي الى التصرف فيه ، ومنهم من هو صاحب خبرة ودراية بالتجارة وغيرها من طرق الاستثمار ولا مال له فأجيز عقد المضاربة الشرعية وغيرها لتنظيم وتبادل المنافع والمصالح , وهذا ماتجري عليه البنوك الإسلامية دون تحديد )) ([46])
وهذه الصورة تنطبق على القول الأول من الشركات ذات النشاط المباح , في طبيعتها ومعاملاتها , فيباح الإشتراك فيها , وتملك اسهمها , والتعامل معها , غير انه ينبغي مراعاة عدم التعامل والمتاجرة في اسهم هذه الشركات قبل بدء الشركة في نشاطها , من تملك بعض الاصول وشراء المباني مثلا الا مع مراعاة احكام الصرف , لان الشركة قبل بدء نشاطها وتحول أموالها أو جزء كبير من اموالها الى سلع وخدمات ولم تزل نقودا فيجب مراعاة احكام الصرف فيها ([47]))) .
$- الأمر الثاني : ماجاء في بند ( ب) ، وهو قوله : ( لايتجه إلى مافيه شبهة إلا عند الحاجة ، ومصلحة المسلمين ، واقتصادهم من اجل التنمية والاستثمار ، وتقوية الأمن من خلال الشركات الكبرى ) هذا الكلام فيما يظهر لي محل نظر لأنه يفتح الباب مع المتساهلين على مصراعيه ، فلا بد من ضابط يضبط الأمر ، وإلا يبقى الأمر على المنع أحوط للدين ، ويعرض مثل هذا في وقته على لجان الفتوى والمجامع الفقهية – ينظروا من خلال المصالح والمفاسد ، وقاعدة أخف الضررين ، وتحقيق المصلحتين ، وخير الخيرين ، ودفع شر الشرين .
$ - والذي يظهر لي رجحانه – والله أعلم - هو القول الأول – القول بالتحريم للشركة المختلطة - لقول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( الحلال بين والحرام بين ، وبينهما أمور مشتبها لايعلمها كثير من الناس ، فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه ، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام ، كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه ، ألا وإن لكل ملك حمى ، وحمى الله محارمه ) متفق عليه ، وهذا لفظ رواية مسلم ، وفي لفظ البخاري : ( من ترك مااشتبه عليه كان لما استبان أترك ، وان اجترأ على مايشك فيه من المأثم أوشك أن يواقع مااستبان ) ، وللحديث الصحيح الأخر : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( دع مايريبك إلى مالا يريبك ) ([48]) والله اعلم .


(ب) - الضوابط الشرعية لإستخدام التقنية الالكترونية الموجودة لدى البنوك في التبرع للجمعيات :
والمقصود من هذا العنوان أنه هل يحق للجمعيات الخيرية استخدام وسائل التواصل الحديثة المهيأة في البنوك لحض الناس على التبرع للجمعية , مع مايتطلب ذلك من إمكانات وتكاليف مالية متمثلة في شراء الاجهزة كالانترنت والتليفون وغيرها والاضطلاع باعباء الرسوم المقرررة على التواصل عبر هذه الاجهزة , من أموال الجمعية ؟ واذا كان الافتاء بالجواز فما الضوابط الشرعية التي يجب ان تقيد هذا الاستخدام ؟
وأقول : ان استخدام هذه التقنيات الحديثة كاسلوب من اساليب جمع التبرعات المالية او العينية ذات اثر فعال وتؤوب بالمصلحة المحققة للجمعيات (( وقد قامت احدى المنظمات الخيرية الاسلامية في الولايات المتحدة الامريكية بتجربة استقبال (43) مكالمة وكانت حصيلة التبرعات ( 7240) دولاراً امريكياً , وهذه التجربة تبين أهمية استخدام الهاتف في جمع التبرعات.
وتعطي مؤشرا واضحا ان استخدام التقنية الالكترونية ذات اثر فعال في هذا الميدان وبناء على ذلك فإن الضوابط تتمثل في الاتي .
( أ ) : الذي يظهر لي أنه لامانع من استخدام الجمعيات الخيرية التقنيات الحديثة باشكالها المتعددة في تنمية موارد الحمعية المالية , ولاباس بدفع المال اللازم من مواردها لتأمين هذه الوسائل الحديثة : لما في ذلك من المصلحة الراجحة , والمنفعة المحققة للجمعية , والوسيلة النافعة التي تفضي الى المطلوب , لها حكم ذلك المقصد كما هو مقرر في موضعه .
( ب) – دفع المال من موارد الجمعية في هذا المجال يجب أن يقدر بقدر الحاجة فقط ، لأن الصرف من أموال الجمعية مثل الضرورة ، والضرورة تقدر بقدرها ، فإذا قام بالمطلوب جهاز واحد مثلاً ، حرم التوسع بشراء اجهزة اخرى ، لأن هذا تزيّد لامعنى له ، وخروج عن معاني التحري ، والورع ، وارتكاس في بؤرة التساهل ، وإنفاق لأموال الجمعية في غير محله .
( ج) – يجب أن يقتصر استعمال أجهزة الجمعية على مصالحها فقط ، فيحرم مثلاً أن يرتفق بهذه الأجهزة موظفوا الجمعية في غير الغرض الذي شريت من أجله ، لأن الباب هنا أضيق ، ولو فتح باب التساهل في كافة مقتنيات الجمعيات لأدى ذلك إلى الإضرار بها ، وأدى ذلك إلى تعطيل المقتنيات ، أو تلفها .
(د) – من آكد الواجبات المحافظة على أموال الجمعيات ، ووضعها في مواضعها ، لأن التعدي على هذا المال ، إنما يعني الاعتداء على حق جماعة محتاجين إلى ماتبذله هذه الجمعيات من بر وإحسان ، ويزداد الإثم عظماً إذا كانت هذه الجمعيات جمعية أيتام أو تقوم بخدمة كتاب الله تعالى بتعليم أولاد المسلمين كتاب ربهم ، فكان المعتدي على أموال هذه الجمعية يحاول بقصد أو بغير قصد إقفال باب هذا الخير العظيم .

( ج) – الصدقات الجارية ، وضوابط استثمارها
أبرز صور الصدقات الجارية الوقف ، وهو تحبيس الأصل ، وتسبيل المنفعة ([49]) لقوله صلى الله عليه وسلم لعمر بن الخطاب : ( حبّس الأصل ، وسبل الثمرة ) وفي لفظ لمسلم : ( إن شئت حبست أصلها ، وتصدقت بها ) ([50]) ، ومما ورد في الصدقة الجارية مارواه الشيخان عنه صلى الله عليه وسلم قال : : ( إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث ، صدقة جارية او علم ينتفع به ، أو ولد صالح يدعو له ) ([51]) .
وفي حديث آخر صحيح : ( سبع تجري للعبد بعد موته ، وهو في قبره ، من علم علماً ، أو أجرى نهراً ، أو حفر بئراً ، أو غرس نخلاً ، أو بنى مسجداً ، أو ورث مصحفاً ، أو ترك ولداً يستغفر له بعد موته ) ([52]).
وقد أدرك الرعيل الأول من الصحب الكرام أهمية الوقف ، فسارعوا إلى وقف الدور ، والأراضي ، والأسلحة ، والمزارع ، وغيرها ، رغبة في نيل ما أعد الله تعالى لصاحب الصدقة الجارية من ثواب مستمر ، وجزاء لاينقطع ، ومن أشهر الوقف في العصر النبوي ، وقف بئر رومة على المسلمين ، فقد كانت ليهودي يبيع ماءها لأهل المدينة ليشربوا منها ، فلما هاجر الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ، وليس فيها ماء يستعذب غير بئر رومة قال : من يشتري بئر رومة ، فيكون دلوه مع دلاء المسلمين ، وله الجنة ؟ فاشتراها عثمان رضي الله عنه ، وأوقفها على أهل المدينة ) فللوقف أثر بارزٌ ([53]) ، في التنمية بأنواعها ، ومن ذلك اوقاف يخصص ريعها لخدمة العلم ، والدعوة إلى الله تعالى ، والاهتمام بحملة كتاب الله العظيم ، وفي كثير من المجالات الخيرية ، وفي وقتنا الحاضر يمكن الاستفادة من الوقف في المنظمات الخيرية من خلال المشاريع الاستثمارية المختلفة ، من مشاريع تعليمية وصحية ، واجتماعية ، واقتصادية ، وصناعية ، وزراعية ، يصرف ريعها على تنمية مشروعات المنظمة الخيرية نفسها ، والمشروعات الخيرية الأخرى ([54]) .
إذا علم ذلك ، فهل للجمعيات الخيرية شراء دور للسكنى مثلاً ، او غيرها ، ووقفها لاستثمار ريعها لصالح الجمعية ؟ وهل يمكن جمع مال من عدة جهات ، وتوظيفه في هذا الباب ؟ وما الضوابط الشرعية التي يجب ان تضبط هذا الباب ؟
وقبل الدخول في تفاصيل هذا التساؤل ، لابد من نظرة عامة على هذا المسلك .
أولاً : المفروض ان الجمعية منحصر عملها في القيام باعمال البر والإحسان ، وأن كافة مشاريعها الاستثمارية لاتقوم بها إلا إذا غلب على الظن ان فيها غبطة للجمعية ، ونفعها ظاهراً ينمي مواردها ، ويرقى بمستواها إلى تحقيق اهدافها التي تسعى جاهدة لنيلها .
فإذا كان في وقف دور مصلحة ، ويتحقق به مقصود الشرع ، لأنه وسيلة لتحقيق المقاصد الشرعية ، فلا اعتراض على ذلك .
قال الغزالي في المستصفى : ( عن المصلحة في الأصل عبارة عن *** منفعة أو دفع مضرة ، ثم بيّن مقصوده من المصلحة بقوله : ( ولسنا نعني بها ذلك ، فإن *** المنفعة ، ودفع المضرة مقاصد الخلق ، وصلاح الخلق في تحقيق مقاصدهم ، ولكننا نعني بالمصلحة المحافظة على مقصود الشرع ، ومقصود الشرع من الخلق خمسة ، وهو ان يحفظ عليهم دينهم ، ونفسهم ، وعقلهم ، ونسلهم ، ومالهم ، فكل مايتضمن هذه الأصول ، فهو مصلحة ، وكل مايفوت هذه الأصول فهو مفسدة ، ودفعه مفسدة ) ([55]) .
إذاً فعندنا مصلحة دينية ، ولدينا إحدى الوسائل : أي الطرق المفضية إلى تحقيق المصلحة .
قال ابن عاشور : المقاصد : هي المتضمنة للمصالح والمفاسد في أنفسها ، والوسائل هي الطرق المفضية إليها ، والوسيلة إلى أفضل المقاصد هي أفضل الوسائل . ([56]) .
ولا يمتري اثنان أن الوقف إذا كان ريعه كثيراً ، ونتاجه وفيراً ينمي موارد الجمعيات ، ويكون أحد الروافد المهمة ، فهو وسيلة مأمونة ، ومورد شبه مضمون .
وبما ان للوسائل حكم المقاصد ، فيكون وقف الجمعيات الخيرية من أفضل الوسائل .
وبناءً على ذلك فالجمعية إذا رأت مصلحة ظاهرة أن تحبس أصلاً او أصولاً ، ليكون هذا التحبيس رافداً استثمارياً لتنمية موارد الجمعية ، وهذا موضع اتفاق بين فقهاء الأمة ، وقد اهتم النبي صلى الله عليه وسلم بالجانب الاقتصادي للمسلمين ، وضرب لهم سوقاً خاصاً بهم ، وحبس أصله على المسلمين ، وأعفاهم من الخراج عليه ، وقال لهم : ( هذا سوقكم ، فلا ينتقص ولا يضرب عليه خراج ) ([57]) .
وقد ضرب المسلمون في مختلف العصور أروع الأمثال في ميدان الوقف لتحقيق أهداف إنسانية شملت كثيراً من نواحي البر ، حتى شملت الحيوان ، وهذه من مميزات الحضارة الاسلامية .
وهنا تفصيل لابد من أخذه بعين الاعتبار ، وهو أن وقف الجمعيات الخيرية لايخلو من أحد أمرين :
الأمر الأول : أن ترد إلى الجمعية أموال من المتبرعين والمتبرع أطلق للجمعية الصلاحية ، ولم يحدد جهة معينة ، ثم ترى هذه الجمعية أن المصلحة شراء أصول ووقفها ، ليكون ريعها لنماء موارد الجمعية ، فهذا الوقف في هذه الصورة صحيح مشروع لالبس فيه ولا إشكال ، بل هو موضع اتفاق بين الفقهاء.
الأمر الثاني : أن تطلب الجمعية مثلاً من المتبرعين التبرع لشراء دار مثلاً لوقفها ، ويتبرع الناس على هذا الأساس ، مع أن كل متبرع إنما يدفع جزءاً ضئيلاً من قيمة الأصل الذي سيشرى ، فهل للجمعية في هذه الحال إشراك عدد من المتبرعين في وقف أصل واحد ، فيكون الوقف صحيحاً ، والتحبيس نافذاً ؟
الظاهر انه لامانع شرعي يمنع ذلك ، وممن قال بذلك شيخنا العلامة مفتي الديار السعودية عبد العزيز بن باز – رحمه الله تعالى – قال ذلك – لي - مشافهة ، بموافقة بقية أعضاء اللجنة الدائمة ماعدا الشيخ عبد الله بن غديان حفظه الله تعالى .

ضوابط استثمار الصدقة الجارية
أولاً – أن يتحرى القائمون على الجمعيات مافيه غبطة ومصلحة الجمعية التي يديرونها ، ويشرفون عليها ، فإذا راى مجلس إدارة الجمعية أن مشروعاً ( مّا) فيه غبطة للجمعية – التي يشرف عليها – والمصلحة – في الغالب – متحققة في المشروع المراد تنفيذه – بناءً على دراسة وتقارير متكاملة من أصحاب الاختصاص ، وهو مايسمى بالجدوى الاقتصادية للمشروع - فالذي يظهر أن هذا لامحظور فيه شرعاً – لأن التجارة والمشاريع الإنمائية تقوم على الربح والخسارة – وهي غيب في علم الله تعالى – هذا فيما يتعلق بالسيولة المالية إذا رأت الجمعية أن تشتري بها رقية – عمارة – لتكون صدقة جارية ، وقد سبق تأصيل الموضوع شرعاً .
أما مايتعلق ببعض الأوقاف القائمة على الجمعيات ، إلا أن مواردها ضئيلة ، ورأى مجلس الإدارة هدمها ، وبنائها من جديد لتفعيلها أكثر لكي تكون جدواها الاقتصادية أعلى ، وأفضل من قبل ، فلا محظور شرعاً في ذلك بعد دراسة الأمر من قبل لجان متخصصة كما سيأتي في الفقرة التي يعد هذه .
ثانياً – وهذا يقتضي الاستعانة باهل الخبرة والتجربة ، والاستفادة ممن لهم باع طويل في ميدان الاستثمار ، فإذا وصل مجلس الإدارة إلى غلبة الظن بوجود الغبطة ، والفائدة المرجوة ، وكان ذلك بعد بحث الموضوع من كافة الجوانب ، فاليقدم مجلس إدارة الجمعية على قضية التحبيس التي يرى أن فيها غبطة للجمعية ، والله تعالى الموفق .
ثالثاً – طرح بعض الكتاب وجهة نظر جيدة حول الموضوع حيث قال : ننصح المنظمات الخيرية في حال ممارستها للاستثمار أن تراعي الآتي :
1-ان تعمل على إنشاء شركة أو جهاز إداري مستقل عن المنظمة الخيرية ، يهتم بشؤونها الاستثمارية من جميع الجوانب ، فإذا خسرت هذه الشركة أو الجهاز الإداري في استثماره ، فإن المنظمة الخيرية لاتتأثر بذلك ) ([58]) ، وقد قلنا سابقاً ان أموال الجمعيات الخيرية شبيهة بأموال الأيتام بل قد تكون الجمعية جمعية أيتام ، فيتجر بالأصلح للجمعية كما يتجر بالأصلح لمال اليتيم .
وهذه النصيحة ، وإن كانت مهمة إلا أنها لايمكن ان تكون محلها في الجمعيات المتواضعة ، لأن الجمعيات المحدودة يؤثر على مواردها سلباً كثرة التقسيمات الإدارية ، وينهش منها جزءاً ذا بال من مالها ، وهذا ليس من صالحها ، فكان ينبغي تقييد هذه النصيحة بالجمعيات العظام ، التي تتدفق مواردها من كل جهة ، وقد خطت خطى ثابتة ، وارتقت رقياً ملحوظاً ، بفضل إمداداتها المتكاثرة .

(د ) شرعية وضع نسب من قيمة التبرعات المالية لمن ساهم في إيجاد هذا المورد ، سواءً اكان مالياً ام عينياً

اليكم توضيح هذه الصورة بمثال ، ليتم بعد ذلك تكييف الصورة فقهياً ، ومن ثم بيان الحكم الفقهي في المسألة ، لأن الحكم على الشيء فرع عن تصوره ، كما هو مقرر عند العلماء .
يحصل اتفاق بين مسؤول الجمعية مثلاً ، وبين من يقوم بجمع التبرعات مباشرة من المتبرعين ، بان له نسبة مئوية محددة يستحقها من المال الذي قام بجمعه من المتبرعين ، ولنفرض مثلاً أنه تم الاتفاق على أن يأخذ من المال النقدي او العيني خمسة في المائة ، فإن تحصل ألفاً استحق خمسين ، وهلم جرا .
فهل هذه الصورة مشروعة ؟ بحيث أن مايأخذه جامع التبرعات حلال ، أم أن هذه الصورة مرفوضة ؟ هذا ماسنوضحه في الإجابة التالية :
ولنسمع قول الفقهاء في تعريف الجعالة :
قال البهوتي : أولاً : الجعالة هي اصطلاحاً ان يجعل جائز التصرف شيئاً متمولاً لمن يعمل له عملاً معلوماً كرد عبده من محل كذا ، أو بناء حائط كذا ، او عملاً مجهولاً من من مدة معلومة كشهر كذا أو مدة مجهولة ، فلا يشترط العلم بالعمل ولا المدة ، ويجوز الجمع بينهما هنا بخلاف الإجارة – إلى أن قال : ودليلها قوله تعالى : ( ولمن جاء به حمل بعير ) يوسف ( 72) ، وحديث اللديغ ...) ([59]) .
وعرفه الشيخ زكريا الأنصاري بقوله : ( وشرعاً التزام عوض معلوم على عمل معين ) ([60]) ، ولا يخرج المثال الذي عرضناه عن هذا التعريف ، فالعوض معلوم من جهة النسبة ، والعمل معين ، والجهالة منتفية ، فليس في صورة المثال بأس إن شاء الله تعالى .
ومن فوائد هذه الجعالة : أنها قد تكون حافزة لهؤلاء العاملين على انتقاء الأساليب المؤثرة ، وارتياد الأماكن التي يتوقع أن يكون فيها من يسند الجمعية ، وأهدافها ، وفي هذا مصلحة محققة .
ثانياً : قد ينازع في مشروعية هذه الجعالة على هذه الصورة منازع فيقول : إن الاختلاف في هذه الصورة من وجهين :
الأول : عدم العلم بمقدار العمل .
ثانيهما : أن العوض ، وإن كان معلوم النسبة إلا أنه مجهول المقدار .
ونجيب عليه : بانه قد صرح أهل العلم بانه لايشترط العلم بمقدار العمل كما نص عليه البهوتي فيما مر ، وقال السيوطي في بيان ماافترق فيه الإجارة والجعالة مانصه : ( إفترقا في أمرين : أحدهما تعيين العامل في الإجارة دون الجعالة ، والآخر : العلم بمقدار العمل معتبر في الإجارة دون الجعالة ) ([61]) .
وأما جهالة مقدار العوض ، فالجواب عليه من ثلاثة أوجه :
أولاً : ليست هذه جهالة محضة ، وإنما هي جهالة مقدار فقط ، ومعرفة النسبة تقلل مخاطر الغرر ، فلا يدخل في جمع التبرعات إلا وهو عالم بما سيحصل عليه من نسبة مما سيجمعه من مال .
ثانياً : ان الجعالة وسيلة إلى تحصيل المقصود ، ومن قواعد الفقه المقررة أنه يغتفر في الوسائل مالا يغتفر في المقاصد ، قال السيوطي في الأشباه والنظائر : ( ومن ثم جزم بمنع الضمان ، وجرى في الكفالة خلاف ، لأن الضمان التزام للمقصود ، وهو المال ، والكفالة للوسيلة ، ويغتفر في الوسائل مالا يغتفر في المقاصد ، وكذلك لم تختلف الأمة في إيجاب النية للصلاة ، واختلفوا في الوضوء ) ([62]) .
وما دامت الجعالة وسيلة إلى المقصود ، وهو جمع المال ، فيغتفر فيها شائبة الجهل.
ثالثاً : ذكر الفقهاء أن الإمام إذا قال لمسلم إن دللتني على القلعة الفلانية فلك منها جارية ، ولم يعين الجارية ، قال السيوطي : فالصحيح الصحة ، كما لو جرى من كافر ([63]) فصورة مسالتنا أشبه بهذه الصورة والله أعلم .

هـ : شرعية بعض وسائل التبرعات كالمزاد العلني على سلعة كقرآن أو ساعة أو غيرهما .
1- الكلام على هذا المحور يقتضي أن نتحدث عن هذه الوسيلة ، فهي وسيلة من جملة الوسائل المعروفة لجمع التبرعات للجمعيات الخيرية ، والمزادات التي تقوم المنظمات الخيرية بإقامتها نوعان :
أ – مزاد علني .
ب- مزاد صامت .
وقبل تكييف هذا النوع من البيوع يجدر بنا أن نعرف بيع المزاد ، ونثبت شرعيته من عدمها .
2-بيع المزاد : هذه الجملة مركبة من كلمة ( بيع ) و ( مزاد) .
فالبيع يعرفه أهل اللغة : بأخذ شيء وإعطاء شيء .
واصطلاحاً : مبادلة مال بمال ، ولو في الذمة ، أو منفعة مباحة بمثل أحدهما على التأبيد غير رباً ، وقرض ([64]).
والمزاد : مصدر ، زاد يزيد ، واستزاد فلانًا إذا طلب منه الزيادة على ما أعطاه ، والمزايدة مفاعلة من زايد غيره إذا أعطى زيادة في سلعة معروضة على آخر سوم ، قال ابن منظور : تزايد أهل السوق في السلعة إذا بيعت فيمن يزيد ) ([65]) .
3-ومن خلال التعريف اللغوي والاصطلاحي للبيع ، ومعنى المزايدة لغة نعرف بيع المزاد : أنه مبادلة مال بمال معروض للبيع بالنداء عليه بطلب الزيادة من الحاضرين واستقرار السعر بعد ذلك على آخر شخص يسوم .
4-حكمه : ذهب جمهور أهل العلم ([66]) إلى جواز بيع من يزيد ، وهو الراجح لما ثبت عن أنس بن مالك رضي الله عنه - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( باع حلساً ، وقدحاً ، وقال : من يشتري هذا الحلس ، والقدح ؟ فقال رجل : أخذتهما بدرهم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : من يزيد على درهم ، من يزيد على درهم ؟ فأعطاه رجل درهمين فباعهما منه ) رواه الترمذي ([67]).
5-المزاد العلني ([68]) : وحقيقته : ( أن تقوم المنظمة الخيرية بعد جمع المواد العينية بأن تعرض في مزاد علني يرتبه القائمون على هذه المنظمة ، ويتم بيع هذه المواد لصالحها) .
6-المزاد الصامت : وهو نفس المزاد السابق ، ولكنه يختلف عنه في أنه يطلب من كل شخص يرغب في شراء سلعة معروضة في المزاد كتابة اسمه ، وذكر المبلغ الذي يعرضه لشراء السلعة ، ثم تجمع هذه الأوراق ، وفي نهاية المزاد تعطى السلعة للشخص الذي قدم أعلى سعر ([69]) .
وهذان المزادان يجب أن يتما وفق الضوابط الشرعية ، فلا تبيح المنظمة لنفسها أن تتعدى هذه الضوابط بحجة انها صدقة لله عز وجل ، وهذا الضوابط الشرعية التي يجب أن تتحقق في المزادين العلني والصامت ، تتمثل في الضوابط التالية :
أولاً : أن تكون السلع المعروضة مما يصح بيعها ، لاستكمالها شروط البيع المذكورة في كتب الفقه ، بل وينبغي للجمعيات الخيرية تجنب إقامة المزادات فيما اختلف أهل العلم فيه ، إذا كان بعضهم يصحح البيع ، والآخرون يحرمونه كبيع المصاحف مثلاً ، فالجمهور على جواز بيعه ، وصحة تملكه ، وهناك قول يمنع بيع المصحف ، قال البهوتي : ( والمصحف لايصح بيعه ) ذكره في المبدع أن الأشهر لايجوز بيعه ، قال أحمد : لانعلم في بيع المصحف رخصة ، قال ابن عمر : وددت أن الأيدي تقطع في بيعها ) ([70]) ، واستدل هؤلاء أيضاً بما يلي :
أ‌-قالوا أن تعظيمه واجب ، وفي بيعه ابتذال له ، إلى آخر ماذكروه ، وما يهمنا في هذا المقام أن تكون الجمعيات الخيرية ملتزمة في تعاملاتها كلها بالضوابط الشرعية ، لتكون مكاسبها طيبة ، واعمالها مباركة بفضل تطبيق النهج الإسلامي في شؤونها كلها .
ب‌-الضابط الثاني : أن يكون المزاد العلني مقصوراً على الراغبين في الشراء لنفع الجمعية ، فلا ينبغي أن يندس في الراغبين في الشراء عناصر من الجمعية مثلاً لمحاولة رفع سعر السلع المعروضة لايقاع المزودين ، لأن هذا من بيع النجش المنهي عنه شرعاً، وليترك ذلك لهم ، فإنهم ماجاؤوا للشراء إلا لنفع الجمعية ، ما طابت به أنفسهم ثمناً للسلع ، وإن كان ضعف ثمن المثل فهو حلال ، لقوله عز وجل : ( إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم ) النساء ( 29 ) وفي الحديث الصحيح : ( لايحل مال امريء مسلم إلا عن طيب نفس منه ) ([71]) .
ج- أن تبتعد الجمعيات في تنمية مواردها عن الشبهات ، فإن في ذلك براءة للذمة ، واتقاء للحرام ، والتقوى من أهم أسباب الرزق بنص التنـزيل الحكيم ، وفي الحديث الصحيح : ( فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ، ومن وقع في الشبهات كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يواقعه ) ، ولا مراء أن بركة اتقاء الشبهات ستعود على الجمعية الخيرية بالنماء المادي والمعنوي ، فقد أخرج أحمد في المسند ([72]) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إنك لن تدع شيئاً لله إلا أبدلك الله به ماهو خير لك منه ) وفي رواية له أيضاً : ( إنك لن تدع شيئاً اتقاء الله عز وجل إلا أعطاك الله خيراً منه ) قال السخاوي في المقاصد : ورجاله رجال الصحيح ([73]) .
وخلاصة الحكم المستخلص مما عرضناه أن زيادة قيمة أسعار المبيعات بحجة أن الزيادة أعني زيادة قيمة أسعار المبيعات تدخل كتبرع لابأس بذلك إن شاء الله تعالى مادام الشراء عن تراض ، وطيب نفس ، شريطة أن لايكون على صفة النجش .

الأطباق الخيرية
جرت العادة في مناطق عدة من المملكة العربية السعودية ان يصنع أهل الحي في دورهم مطعومات متنوعة لصالح الجمعية الخيرية ، ويقصدون بذلك إعانة الجمعية بقيمة هذه المطعومات ، ويشتريها الآخرون ، وهم يعلمون أن عائدات هذه المطعومات ستصب في خزانة الجمعية الخيرية ، وحينئذ ربما اشترى المرء ماليس بحاجة إليه ، وإنما يصنع ذلك دعماً للجمعية وتشجيعاً لها ، وهو في غالب الأحيان يكون سمحاً في الشراء ، طيب النفس بما يدفعه من ثمن ، وربما يكون الثمن ضعف قيمة المطعوم ، وهذه الصورة في الواقع لانرى فيها إشكالاً شرعياً ، فهؤلاء تبرعوا بالطعام للجمعية ، أي لصالح الجمعية ، وأولئك اشتروا بدون غش ولا إجبار ، ولا استحياء ، وكلا الطرفين يقصد دعم المشاريع الخيرية ، ووضع المال في موضعه ، والقضية قضية بيع وشراء ، وفي التنـزيل الحكيم : ( وأحل الله البيع وحرم الربا ) ويقصدون دعم الجمعية ، ومساندتها بطريق غير مباشر ، ولا يظهر لنا في هذا مايقتضي منع هذه الصورة ، وإخراجها من إطار الحل ، وإن اعترض معترض مثلاً فقال : وما لنا ولهذه الأطباق ، فليعط صاحب الطبق المتبرع ثمن الطبق نقداً ، قلنا : قد يكون صانع الطبق في داره لايملك النقد ، ولكنه يجد مكونات الطبق موجودة في داره ، ويحب أن يساعد بما يجد ، أو تحب ربة البيت ان تنفق مما يوجد في بيتها ، ولو بعثت بأجزاء هذا الطبق لما أغنت شيئاً ، ولكنها عندما تحولها إلى مطعوم أعني أكلة مرغوبة ، صار لها قيمة نافعة ، ووقعت موقعها .

الخاتمة
وبعد : هذه إلماحة عجلى في الضوابط الشرعية في تنمية الموارد البشرية والمالية في الجهات الخيرية ، والتي أرجو أن تلتزم بها الجمعيات الخيرية فأسجل في هذه الخاتمة النقاط التالية :
1-الشريعة الإسلامية ، شريعة كاملة شاملة ، فيها تبيان كل شيء ، تضع أنجع الحلول للمشكلات البشرية ، فقد عُنيت بالجانبين الروحي والمادي ، وعُنيت بالفرد والجماعة ، وعُنيت بالراعي والرعية على حد سواء ، أقامت توازناً فذاً ، وفريداً بين المصلحة الفردية ، والمصلحة الجماعية .
2-جمعت بطريقة فريدة بين الواقعية والمثالية فيما شرعت .
3-أقامت الحياة على التقوى ، والشعور برقابة الله تعالى ، فهي شريعة متميزة ، مستقلة لأنها إلهية المصدر ، شُرعت لتنظيم حياة الناس – وفق مقاصد الشريعة الإسلامية للقيام بحق الاستخلاف في الأرض ، قال أبو حامد الغزالي : ( المصلحة في الأصل عبارة عن *** منفعة ، أو دفع مضرة – ثم بين مقصود المصلحة بقوله : ( ولسنا نعني بها ذلك فإن *** المنفعة ، ودفع المضرة مقاصد الخلق ، وصلاح الخلق في تحقيق مقاصدهم ، ولكننا نعني بالمصلحة المحافظة على مقصود الشرع ، ومقصود الشرع من الخلق خمسة هو : ان يحفظ عليهم دينهم ، ونفسهم ، وعقلهم ، ونسلهم ، ومالهم ، فكل مايتضمن هذه الأصول فهو مصلحة ، وكل مايفوت هذه الأصول فهو مفسدة ) أهـ .
4-بينت الضوابط الشرعية لتنمية الموارد البشرية منها :
أ‌-انتقاء الكفاءات .
ب- وضع الرجل المناسب في المكان المناسب .
ج- إحسان العمل واتقانه .
د- جودة العمل مطلوب شرعاً وعقلاً ، وعرفاً ، وهذا يحتاج إلى تأهيل ، وتأهيله من مسؤولية الجهة التي يعمل بها ، والنفقة عليه من صندوقها للإرتقاء بالجمعية ، فالوسائل لها أحكام المقاصد ، وما لايتم به الواجب فهو واجب .
5- أوضحتُ الضوابط الشرعية للموارد المالية في اعمال الخير بطريق غير مخل بالمقصود .
6- الزكاة مورد مالي مهم ، يجب صرفه لمستحقيه فوراً ، ولا يجوز المضاربة بمال الزكاة ، والتجارة فيها .
7- الأموال التطوعية يجوز استثمارها – لكن بضوابط شرعية .
8- التقنيات الحديثة ، وسيلة مهمة للإرتقاء بالعمل الخيري.
9- شددت في المحافظة على أموال الجمعيات ، ووضعها في المكان الصحيح لها فهي بمثابة أموال اليتامى .
10- الصدقات الجارية كالأوقاف ، والوصايا ، وما شابه ذلك يجوز استثمارها حسب الضوابط الشرعية .
11- جواز أخذ النسبة المئوية لمن يجمع تبرعات للجمعية ، وأنها جعالة يسري في حقها حكم الجعالة.
12- عرفت بيع المزاد – المركب من جملتين ، وشرحت معنى المزاد العلني والمزاد الصامت .
13- تحفظَت على المفردة الواردة في المحاور ، وهي كلمة ( سلعة كقرآن مثلاً ) .
14-كل ذلك ورد في ثنايا البحث موثقاً بالنصوص القرآنية والأحاديث النبوية مؤطراً بالقواعد الأصولية ، والفقهية ، ومقاصد الشريعة الاسلامية موثقاً بالمراجع العلمية .
15- وأخيراً بعد هذه الجولة القصيرة مع تنمية الموارد البشرية والمالية في الجمعيات الخيرية ، يسرني أن أردد قول الله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) الحج (77) .
والله أرجوا أن ينصر دينه ، ويعلي كلمته ، ويرفع الظلم عن المسلمين المستضعفين ، ويرد كيد الكائدين في نحورهم ، كما أسأله أن يغفر لي زللي ، إنه سميع قريب مجيب .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد ، وعلى آله وصحبه اجمعين

مراجع البحث
1-القرآن الكريم .
2-تفسير القرطبي.
3-صحيح البخاري .
4-صحيح مسلم .
5-فتح الباري شرح صحيح البخاري لابن حجر العسقلاني.
6-شرح صحيح مسلم للنووي .
7-مسند الإمام احمد .
8-موطأ الإمام مالك .
9-سنن الترمذي .
10-سنن ابن ماجه .
11-المستدرك للحاكم .
12-صحيح الترغيب والترهيب .
13-ضعيف الترغيب والترهيب.
14-سلسلة الأحاديث الضعيفة للألباني .
15-مصنف ابن أبي شيبه .
16-السنن الكبرى للبيهقي.
17-صحيح الجامع الصغير .
18-المغني لابن قدامة الحنبلي .
19-الروض المربع لمنصور البهوتي الحنبلي .
20-السياسة الشرعية .
21-إدارة الموارد البشرية للدكتور زكي محمود هاشم .
22-القواعد النورانية لابن تيمية .
23-الأشباه والنظائر للسيوطي .
24-الأشباه والنظائر لابن نجيم .
25-الفروق للقرافي .
26-البحر المحيط للزركشي .
27-البحر الرائق لابن نجيم .
28-مشروعية الانفاق على الأنشطة الإعلامية للدكتور أحمد السهلي .
29-الموافقات للشاطبي.
30-فتاوي شيخ الاسلام ابن تيمية .
31-قواعد الأحكام للعز بن عبد السلام .
32-تيسير التحرير .
33-مغني المحتاج .
34-طرق استثمار الأموال للدكتور محمد عبد الله عربي .
35-فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء والبحوث العلمية .
36-فتح القدير لابن همام الحنفي.
37-مواهب جليل لحطاب المالكي .
38-الوجيز لأبي حامد الغزالي.
39-المنثور في القواعد للزركشي .
40-حول الأسهم وحكم الربا للشيخ محمد العثيمين .
41-بحوث في الاقتصاد الاسلامي للشيخ عبد الله المنيع .
42-مجلة المجمع الفقهي .
43-الجامع في فقه النوازل للشيخ صالح بن حميد .
44-بحوث وفتاوى إسلامية في قضايا معاصرة .
45-فوائد البنوك هي الربا الحرام .
46-الورع لابن أبي الدنيا .
47-تنمية الموارد البشرية في المنظمات الخيرية لسليمان العلي .
48-المستصفى .
49-مقاصد الشريعة الإسلامية .
50-حاشية الجمل على المنهج .
51-مغني المحتاج للشربيني .
52-معجم مقاييس اللغة .
53-لسان العرب لابن منظور.
54-حاشية ابن عابدين على الدر المختار.
55-الفتاوى الهندية للشيخ نظام .
56-بداية المجتهد .
57-روضة الطالبين .
58-نظام تامين مشتريات الحكومة.
59-المقاصد الحسنة .





ورقة بحثية, بحث,دراسة,بحوث.دراسات مشروع تخرج,مراجع


[1]) المائدة ( 3 ) .

[2]) الأنبياء ( 107 ) .

[3]) الموافقات للشاطبي ( 2/ 6 ، 37 ) .

[4]) صحيح البخاري ، مناقب المهاجرين ، باب مناقب زيد بن حارثة ( 2/ 303 ) .

[5]) أخرجه الحاكم في المستدرك ، وضعفه الألباني ج2/ 40 في ضعيف الترغيب والترهيب – أنظر سلسلة الأحاديث الضعيفة ج 10 / 4545

[6]) رواه مسلم في كتاب القضاء – أنظر صحيح الترغيب والترهيب ج 2/ 2176 .

[7]) السياسة الشرعية . ص (36) .

[8]) د. زكي محمود هاشم ، إدارة الموارد البشرية ص (31) . ط الكويت ذات السلاسل .

[9]) التوبة (120-121) .

[10]) أخرجه مسلم برقم (2699) عن أبي هريرة .

[11]) أنظر هذه المعاني في القواعد النورانية لابن تيمية ص169 ، والأشباه والنظائر للسيوطي ص8 ط دار الباز ، والفروق للقرافي ج2/153 ، والبحر المحيط للزركشي ، ومحاضرة لكاتب هذه الأسطر. أحمد السهلي بعنوان شرعية الإنفاق على الأنشطة الإعلامية ص9 .

[12]) أنظر الموافقات للشاطبي ج4/194-195-210-211 ط دار المعرفة ، وفتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية ج28 /212 ، وقواعد الأحكام للعز ابن عبدالسلام ج1/87 وما بعدها .

[13] - أنظر هذه المعاني في تيسير التحرير ج 2/ 213 ، مغني المحتاج ج4 / 213 ، طرق استثمار الأموال – بحث للدكتور محمد عبد الله عربي – مجمع البحوث ص 130 وما بعدها .

[14] - سنن الترمذي ، كتاب الزكاة – باب ماجاء في زكاة مال اليتيم – ضعيف الجامع الصغير برقم 2179 ، قال : رواه الترمذي ، وقال في إسناده مقال ، لأن المثنى بن الصباح ضعيف.

[15] - الموطأ بشرح الزرقاني ج 2/ 103

[16] - البخاري برقم ( 1395 ) ومسلم برقم ( 19) .

[17] - فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء والبحوث العلمية ج 9/ 403 – 404 .

[18] - المغني ج7 /109 تحقيق د التركي والحلو ط دار هجر ، المجموع شرح المهذب ج14 / 63 ط دار الفكر ، فتح الباري ج5/ 159 ، رد المحتار لابن عابدين ج3 / 364 ، مواهب جليل لحطاب ج7 / 64 .

[19] - المغني ج7 / 110 – 111 .

[20] - المجموع شرح المهذب ج 9 / 343 .

[21] - أخرجه الخلال ، وذكره صاحب المغني ج7 / 110 ، وانظر مصنف بن أبي شيبه ج 4 / 268 ، والبيهقي في السنن الكبرى ج5 / 335 .

[22] - مصنف ابن أبي شيبة في كتاب البيوع والأقضية – باب مشاركة اليهودي والنصراني ج 4 / 268 ، والبيهقي في السنن الكبرى ج5 / 335 .

[23] - هذه المسالة خلافية بين أهل العلم ، ولمزيد من التفصيل ، ومعرفة أقوال أهل العلم ، وأدلتهم ومناقشتها راجع إن شئت - فقه الإمام بن سيرين في فقه المعاملات لكاتب هذه الأسطر / احمد بن موسى السهلي ج2/616-619 .

[24] - أخرجه مسلم والترمذي بسند صحيح – أنظر صحيح الترغيب والترهيب ج2/ 1717 ومشكاة المصابيح ج 2 / 2760 .

[25] - أخرجه أحمد في المسند والبغوي في شرح السنة – أنظر مشكاة المصابيح ج2/ 13 برقم 2771

[26] - تفسير القرطبي ج 1 .

[27] - أنظر فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والافتاء ج13/ 407 ، والفتاوى الشرعية في المسائل الاقتصادية ، السؤال رقم 225 ص 505 ، مجلة المجمع الفقهي ع7 / ج1/ ص 692 ، أنظر كلام الفقهاء القدامى في المسألة في الكتب التالية : فتح القدير لابن الهمام الحنفي ج6/ 155 ، ومواهب الجليل لحطاب المالكي ج7/66 ، والوجيز لابي حامد الغزالي ، الشافعي ج1/186 ، والمغني لابن قدامة الحنبلي ج7 / 110 ، وما بعده

[28] - الحديث رواه البخاري ومسلم – أنظر صحيح الجامع ج2 / 5090

[29] - المغني ج5/3 ، والروض المربع ص277.

[30] - الأشباه والنظائر للسيوطي ص 105 .

[31] - المنثور في القواعد للزركشي ج1/ 125 .

[32] - أنظر بحث للشيخ محمد العثيمين بعنوان ( حول الأسهم ، وحكم الربا ) ص20 ، وبحوث في الاقتصاد الاسلامي للشيخ عبد الله المنيع ص 346 ، وقرار الهيئة الشرعية لشركة الراجحي المصرفية رقم 182 في 7/ 10 / 1414هـ ، ومجلة المجمع الفقهي ع 7/ ج1/ 73 .

[33] - أنظر الأشباه والنظائر للسيوطي ص 20 ، والأشباه والنظائر لابن نجيم ص121 .

[34] - مجلة مجمع الفقه الاسلامي ع7 ج1/ 796 .

[35] - الجامع في فقه النوازل ص (77) للشيخ صالح بن حميد

[36] - صحيح البخاري : باب من رهن درعه رقم (2509) ومسلم : في المساقاة ([36])م (1603) .

[37]-فتح الباري (5/141)

[38]- شرح صحيح مسلم (11/44)

[39] بحوث وفتوى اسلامية في قضايا معاصرة ( 3/ 394)

[40]- أنظر المغني : ( 5/19)

[41] - فوائد البنوك هي الربا الحرام ص ( 91 – 92)

[42] - ا لورع لابن أبي الدنيا ص 180

[43] - المرجع السابق

[44]- انظر من ص ( 40-41)

[45]- ص (77)

[46]- بحوث وفتوى اسلامية في قضايا معاصرة ( 3/343) للشيخ جاد الحق .

[47] - الجامع في فقه النوازل ص (76)

[48] - المغني ج4/201

[49] - الروض المربع ص 312 .

[50] - صحيح : أخرجه مسلم في الوصية : باب الوقف رقم 1632 .

[51] - البخاري : الوصية : باب مايلحق الإنسان من الثواب بعد وفاته (5/73) وسلم في الوصية : باب مايلحق الانسان من الثواب رقم ( 1631 ) .

[52] - صحيح الجامع الصغير (1/ 674) رقم ( 2/36 ) .

[53] - البخاري : المساقاة : باب في الشرب ، ومن راى صدقة الماء ( 3/ 22 ) .

[54] - تنمية الموارد البشرية والمالية في المنظمات الخيرية ص ( 140) .

[55] - المستصفى ( 1/ 284) .

[56] - مقاصد الشريعة الإسلامية ص 413 .

[57] - أنظر سنن ابن ماجه في سننه ج2/751 برقم 2233 في باب الأسواق ودخولها ، وكتاب المدينة النبوية في فجر الإسلام والعصر الراشدي – لمحمد حسن شراب ج1/ 355 -356 ط دار القلم – دمشق .

[58] - تنمية الموارد البشرية ، والمالية في المنظمات الخيرية : ص ( 141 لسليمان العلي .

[59] - الروض المربع ص ( 307) .

[60] - حاشية الجمل على شرح المنهج ( 3/ 621) .

[61] - الأشباه والنظائر للسيوطي ص 790.

[62] - المصدر السابق ص 293.

[63] - الأشباه والنظائر للسيوطي ص 475.

[64] - الروض المربع لمنصور البهوتي الحنبلي ص 376 ، وانظر تعريفات بقية المذاهب إن شئت في الكتب التالية : البحر الرائق ج5/277 لابن نجيم الحنفي ، ومواهب جليل ج4 / 222 لحطاب المالكي ، ومغني المحتاج ج2/2 للشربيني الشافعي .

[65] - أنظر معجم مقاييس اللغة ج3/40 / ولسان العرب ج3 / 199 لابن منظور .

[66] - أنظر حاشية ابن عابدين على الدر المختار ج5 / 103 ، والفتاوى الهندية للشيخ نظام ، وجماعة من علماء الحنفية ج3/ 210 ، وبداية المجتهد ج1/ 165 ، وروضة الطالبين ج3/ 413 ، والبحر الرائق ج6 / 108 ، والمغني ج4 / 239 .

[67] - رقم 1218

[68] - أنظر نظام تأمين مشتريات الحكومة مادة 38، 39 .

[69] - العلي : تنمية الموارد البشرية والمالية في المنظمات الخيرية : ( 174) .

[70] - الروض المربع ص 221 .

[71] - أخرجه أبو داود كما في صحيح الجامع الصغير رقم ( 7662 ) .

[72] - المسند ( 5/ 363) .

[73] - المقاصد الحسنة : ص 577 برقم 949 .
المصدر: ملتقى شذرات

__________________
(اللهم {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} (البقرة:201)
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
مراجع, بحث, بحوث.دراسات مشروع تخرج, تنمية الموارد, دراسة, ورقة بحثية


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
أدوات الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع تنمية الموارد في الجهات الخيرية
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
التدوير الوظيفي ومدى اسهامه في تنمية الموارد البشرية pdf Eng.Jordan بحوث ومراجع في الإدارة والإقتصاد 7 09-10-2015 05:38 PM
تنمية الموارد البشرية مدخل إستراتيجى لتحقيق الميزة التنافسية فى منظمات الأعمال العصرية Eng.Jordan بحوث ومراجع في الإدارة والإقتصاد 0 09-25-2014 12:55 PM
تنمية الموارد المائية و الأمن المائي Eng.Jordan بحوث ودراسات منوعة 0 11-03-2013 08:58 PM
وسائل وأفكار للدعوة في الجهات الخيرية Eng.Jordan شذرات إسلامية 0 03-25-2012 08:11 PM
عزوف الشباب عن العمل التطوعي في الجهات الخيرية بمنطقة الباحة من وجهة نظر القائمين عليها Eng.Jordan بحوث و مراجع و دراسات تربوية واجتماعية 0 01-10-2012 10:26 AM

   
|
 
 

  sitemap 

 


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 03:05 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59