#1  
قديم 05-19-2017, 01:13 PM
الصورة الرمزية عبدو خليفة
عبدو خليفة غير متواجد حالياً
متميز وأصيل
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 721
افتراضي شروط الحاكم إذا أوتيحت الفرصة


بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه، الذي بعثه الله رحمة للعالمين، وصاحب الفضل على البشرية جمعاء بما جاءها به من المبادئ التي إن تمسكت بها نالت خير الدنيا والآخرة كما كان حال من سلف من الأمة، ومن زاغ عنها أخزاه الله وأذله في الدنيا والآخرة كما هو حال البشرية اليوم إلا من رحم الله.
لقد أظهر الحكام الذين أخلعتهم شعوبهم والذين هم قب قوسين من الخلع قسوة كبيرة مع شعوبهم خلال الثورات التي اشتعلت ضد حكمهم الفاسد وكأن الله تعالى أراد أن يفضح هؤلاء الحكام في آخر أيامهم، ويُظهر ما تكنه قلوبهم للناس من استهانة بدمائهم واسترخاص لأرواحهم؟ ونسوا الإسلام الذي يقول:
[ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا ] {المائدة:32} ويقول (وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنصُوراً)
لقد كشفت الأحداث الأخيرة طبيعة بعض من يحكم المسلمين وتبين أنهم على استعداد لأبادة جميع من يعارضهم من الشعب، لذلك أتيت بهذه المقالة التي تلقي الضوء على ما ينبغي أن يكون عليه حاكم المسلمين من الصفات، أهديها إلى الشعوب الثائرة اليوم ومن يساندها من أهل القوة والمناعة ليضعها الكل أمام عينيه عند فرصة اختيار الحاكم، ولا أقصد بهذه المقالة المقارنة ما بين ما هو واقع اليوم، وبين عظماء خلافتنا الغراء لأنه من الظلم أن يقارن الذهب بالتراب، ولكن على العالم أن يعلم أن أفضل نظام للحكم هو نظام ( الخلافة ) اسمعوا إلى هذه القصة.
كتب عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه لما ولي الخلافة إلى الحسن البصري أن يكتب إليه بصفات الإمام العادل فكتب إليه الحسن رحمه الله.
(( اعلم يا أمير المؤمنين إن الله جعل الإمام العادل قوّام كل مائل , وقَصدُ كل حائــــــــــــــر
وصلاح كل فاسد , وقوة كل ضعيف , ومنصفة كل مظلــــــــــــوم , ومفزع كل ملهــــــــوف
والإمام العادل كالراعي الشفيق على إبله , الرفيق بها , الذي يرتاد لها أطيب المراعــــــــي
ويذودها عن مراتع التهلكة , ويحميها من السباع , ويكفيها أذى الحر والقر.
والإمام العادل يا أمير المؤمنين كالأم الشفيقة , البــِـرّة الرقيقة بولدها حملته كرهاً وولدته كرها
وربته طفلاً , تسهر بسهره وتسكن بسكونه , وتفرح بعافيته , وتغتم بشكايته , ترضعه تارة
وتفطمـــــــــــــــــــــــــــــــــــه أخرى.
والإمام العادل , وصي اليتامى , وخازن المساكين , يُربّي صغيرهم ويموّن كبيرهـــــــــــــم
كالقلــــــــــــــــــــــــب بين الجوارح تصلُح بصلاحه وتفسد بفساده .
والإمام العادل يا أمير المؤمنين , هو القائم بين اللـــــــــــــه وبين عباده , يسمع كلام الله ويُسْمِعُهُم ,
وينظر الى الله ويُربيهُم , وينقادُ الى الله ويقودهم .
فلا تكن يا أمير المؤمنين فيما ملككَ الله عز وجل كعبدٍ إئتمنـــــه سيده واستحفظه ماله وعياله
فبــــــــدد المال وشـــــــــــــــــرّد العيــــــــــــــــــــــــال .
واعلم يا أمير المؤمنين أن الله أنزل الحـــــــــــدود ليزجــــــــــر بها عن الخبائث والفواحش
فكيف إذا أتاها من يليها ؟ وأن الله انزل القصاص حياة لعباده فكيف إذا قتلهم من يقتص لهم ؟
فاذكر يا أمير المؤمنين المــــــــوت وما بعده , وقلة أشياعك عنده , وأنصارك عليه , فتزود له
ولما بعده من الفزع الأكبـــــــــــر.
واعلم يا أمير المؤمنين أن لك منزلاً غير منزلك الذي أنت فيه , يفارقك أحباؤك فتزود بما
يصحبك فيـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــه.
واذكر يا أمير المؤمنين إذا بُعث ما في القبور وحُصّل ما في الصدور فالأسرار ظاهره
والكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها , فلا تحكم في عباد اللــــــــه حكم الجاهلين
ولا تسلك بهم سبيل الظالمـــــــــــين , ولا تـُســـــــلط المستكبريــــــن على المستضعفين
فإنهم لا يرقبون في مسلم إلا ّ ولا ذمــــــــــــــــــــــة, فتبوء بأوزارك وأوزار أوزارك وتحمل
أثقالك وأثقالاً مع أثقالك , ولا يغرنك الذين يتنعمون بما فيه بؤسك ويأكلون الطيبات في دنياهم
بإذهاب طيباتك في آخرتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك .
ولا تنظر يا أمير المؤمنين إلى قدرتــــــــــــك اليوم , ولكن انظر إلى قدرتك غـــــــــــــــــداً
وأنت مأســـــــــــورٌ في حبائل الموت وموقوف بين يدي الله في مجمع ٍ من الملائكــــــــة
والنبييّــن والمرسلين وقد عنــــــــــت الوجوه للحي القيوم .
إني يا أمير المؤمنين وإن لم أبلغ ما بلغه ُ أولو النهى من قبل , فأنزل كتابي إليك
كمـــــــــــــــــداوي حبيبــــــــــــــــــه , يسقيه الأدوية الكريهة لما يرجو في ذلك من
والصحة العافيـــــــــــــــــــــة.
والسلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته
* منقول *
************************************************** *********
وبعد رسالة الإمام حسن البصري رحمه الله نطرح سؤالا: إذا كان الحاكم على هذه الصفات هلِ يمكن أن تقوم ضده الثورات أو حرب أهلية يموت فيها الآلاف وتدمر البلاد وينهار الاقتصاد وتعود الأمة إلى نقطة الصفر في كل شيء؟ الجواب لا ، بل ستكون الأمة هي الحارس للنظام وللحاكم معا، ويسود الاستقرار وتستخدم الأمة طاقتها في الإبداع في كل مجالات الحياة. فالإسلام وحده الذي جاء البشرية بشريعة ميزتها أنها صالحة لكل زمام وقوم ومكان، وأظهر للوجود نظاما للحكم فريد وجديد لم تعرفه البشرية من قبل، أسسه الرسول صلى الله عليه وسلم في المدينة وسار عليه الخلفاء الراشدون ومن تبع نهجهم أمثال عمر بن عبد العزيز والمهتدي العباسي (1) ونور الدين الشهيد(2) الذين أدركوا صلتهم بالله وأخلصوا النية، فقضوا في حكمهم بالتساوي حتى بينهم أنفسهم وبين جميع أفراد الأمة، فأحدثوا بذلك في المسلمين روابط اجتماعية لا تكاد توجد بين أشقاء من أب واحد وفي حضانة أم واحدة، ولكنها وجدت في هذا الطراز السامي من الحكم المحمدي الذي خلفه فيه الخلفاء الراشيدون .
وبقية مسألة وهي : لماذا لا تفكر الشعوب الإسلامية أو بتعبير أدق الأمة قمة وقاعدة في هذا الأمر؟ وتعمل على إحياء نظام الإسلام في الحكم الذي لا يختلف اثنان على أن الأمة لم ترقى إلى صدارة الأمم إلا به، وما فقدت مكانتها إلا ببعدها عنه، لذلك ينبغي للأمة ألا تغتر في هذا المجال بأي بديل لنظامها وتتبرأ من كل أنظمة تأله أصحابها وتنسى أنهم في قبضة الجبار.
والخلاصة أن الاستقرار وطمأنينة المجتمع والرفعة والسؤدد والنهضة والعزة وهلم جرا من هذه المعاني لا تتحقق بالسبة للأمة إلا في إسلامها ولا كلام، وأن الأمة مسئولة عن تحقيق ذلك وصدق الله العظيم إذ يقول ( وإنه لذكر لك ولقومك وسوف تسألون الزخرف آية 44.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الهامش
(1) كان الخليفة المهتدي بالله رجلا تقيا شجاعا حازما محبا للعدل متقيدا بسيرة عمر بن عبد العزيز في العدالة والحكم، حاول أن يعيد للخلافة العباسية هيبتها ومكانتها، ويوقف طغيان الأتراك واستبدادهم؛ فحاول إحداث الفرقة في صفوفهم وضرب بعضهم ببعض لإضعافهم وبث الخلاف بينهم، ولكنهم انتبهوا لمحاولته الذكية وأسرعوا في التخلص منه. ويكيبيديا.
(2) الملك العادل أبو القاسم نور الدين محمود بن عماد الدين زنكي (511 - 569 هـ / 11 فبراير 1118 - 15 مايو 1174) وهو ابن عماد الدين زنكي بن آق سنقر. يُلقَّب بالملك العادل، ومن ألقابه الأخرى ناصر أمير المؤمنين، تقيّ الملوك، ليث الإسلام، كما لُقَّب بنور الدين الشهيد رغم وفاته بسبب المرض. وهو الابن الثاني لعماد الدين زنكي. حكم حلب بعد وفاة والده، وقام بتوسيع إمارته بشكل تدريجي، كما ورث عن أبيه مشروع محاربة الصليبيين. المصدر السابق.
المصدر: ملتقى شذرات

__________________
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
أوتيحت, الحاكم, الفرصة, شروط


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
أدوات الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع شروط الحاكم إذا أوتيحت الفرصة
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
على العالم التقاط الفرصة للتعامل مع حماس عبدالناصر محمود أخبار عربية وعالمية 0 05-04-2017 02:40 PM
لا تفوّت الفرصة الاولى صابرة الملتقى العام 0 09-16-2015 05:52 AM
الفرصة التربوية الإيمانية عبدالناصر محمود شذرات إسلامية 0 09-13-2015 07:32 AM
شروط النصر عبدالناصر محمود دراسات ومراجع و بحوث اسلامية 0 02-23-2015 08:38 AM
من الأزمة إلى الفرصة* عبدالناصر محمود مقالات وتحليلات مختارة 0 06-30-2014 09:08 AM

   
|
 
 

  sitemap 

 


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 12:50 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59