#1  
قديم 08-05-2012, 01:54 PM
الصورة الرمزية Eng.Jordan
Eng.Jordan غير متواجد حالياً
إدارة الموقع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: الأردن
المشاركات: 25,392
افتراضي رحلات بيركهارت في شرقي الأردن ودورها في التواصل الحضاري قراءة في مستويات من التواصل"

بسم الله الرحمن الرحيم
رحلات بيركهارت في شرقي الأردن ودورها في التواصل الحضاري قراءة في مستويات من التواصل"
د. امجد ممدوح الفاعوري
أستاذ مساعد في كلية الآداب -جامعة الإسراء الخاصة
رقم الهاتف الخلوي: 0776306708
البريد الالكتروني: amjad.faouri@yahoo.Com
الملخص
تُعد الرحلات مظهرا من مظاهر الاتصال والتواصل مع الآخر، فهي أداة تفاعل وتواصل داخل الثقافة الواحدة من جانب، ومساحة احتكاك بين الثقافات المختلفة من جانب أخر، فقد أفادت الشعوب بعضها بعضا.
لقد لمس الرحالة الفوارق بين مختلف الثقافات في البلدان التي قصدوها، وألمّوا بمظاهر الحضارة في تلك البلدان، وقارنوا ما شاهدوه، أو سمعوه بما هو في بلدانهم، ثم قاموا بنقل ما في مجتمعاتهم إلى المجتمعات التي زاروها، كذلك نقلوا بعد عودتهم إلى بلدانهم تجارب غيرهم إليهم.
استطاع الرحالة أن يرسموا صورة لمعظم عادات الشعوب وتقاليدها، وأنظمتها، وكذلك مختلف الأنشطة السياسية، والاقتصادية، والعمرانية، والثقافية، وغيرها. فبيّنت كتب الرحلات بشكل عام العلاقات التي تربط مختلف الجماعات القائمة على أساس الأخذ والعطاء، ومساهمة كل جماعة في تطور الحضارة الإنسانية، وازدهارها بحيث ساهم الجميع في تكوين المجتمع الإنساني، وهذا خلاف ما ادعاه بعض الباحثين في تاريخ الحضارات من وجود حضارات حية وأخرى غير حية بالمعنى المطلق للكلمة.
لقد رصد الرحالة نوافذ المعالم الحضارية في مختلف الجوانب الحياتية في البلدان التي زاروها، وعكست رحلاتهم صورة واضحة عن أحوال الشعوب بمختلف الجوانب.فكانت الرحلات نوافذ للاتصال بالآخر، واكتشاف ثقافته وحضارته ومن ثم الانفتاح عليه والتواصل معه.
إن تقديم كتب الرحلات لصورة الآخر أثار في الشعوب الرغبة والمنافسة والتفوق من خلال إطلاع كل جماعة على الأخر، والتواصل معه بطريقتها الخاصة.
لقد اقترن ذلك الاتصال بنهوض ثقافي، وتطور حضاري في مختلف المجتمعات التي وان اختلفت في بعض أنماط حياتها بحكم البيئة، إلا أن تلك الجماعات صاغتها ثقافة واحدة.

إن النماذج التي أثرت التلاقح بين الحضارات عديدة على اختلاف أماكنها الجغرافية وخصائصها الثقافية المتنوعة، وهنا يقف الباحث أمام مهمة التعمق في البحث عن نماذج لها فرادة من حيث إسهامها في خلق التواصل الثقافي على الرغم من التباين الحضاري بين الرحالة بوصفه زائراً، والمكان المزار بوصفه ثقافة للآخر قد تحمل في طياتها الثقافية تنوعا قد يستحسنه ذلك الزائر وقد يستقبح جوانب منه، وهذا يستدعي دوما من الباحث أن يكون منتبها لسؤال مصداقية المشاهدة، أو بمعنى آخر الالتفات إلى سؤال،خلفية الرحالة الثقافية وتأثير انعكاساتها في مشاهدة الآخر.

ويبدو بناء على ذلك أنه من غير المستحسن أن تتم دراسة نماذج لرحالة قد تكون مختلفة في فترتها وظروفها والأماكن التي زاروها، بمعنى أن المنهجية العلمية في هذا المقام تكون أكثر دقة في حال دراسة نموذج لهذه الرحلات لوضع نقاط الحقائق فوق حروف الوقائع.

المقدمة:
يرتبط التواصل بالعلاقة بالآخر والحداثة، لان الحداثة ثورة التواصل، والتواصل بكل تعبيراته سمح للحداثة بالانتشار أكثر وبالتفاعل أو التنابذ مع مختلف المرجعيات الثقافية الإنسانية.
لقد أصبح التواصل أكثر ضرورة، لان الحداثة قدمت إشكالا أخرى للحياة والوجود البشري مما انتهى الأمر إلى ما يشبه الفوضى.
والتواصل يدل على عدم اتفاق أو عائق، لان التواصل بداهة لا يأتي مع ما هو متفق عليه، رغم انه يسعى إلى ذلك.
سأتناول في هذه الورقة دراسة للرحلة الشهيرة التي قام بها الرحالة الأوروبي يوهان بير كهارت أوائل القرن التاسع عشر في زيارة للمنطقة العربية، ومنها منطقة شرق الأردن بما يلقى الضوء على فترة مهمة من تاريخ دولة من دول المشرق العربي؛ فالدراسات دوما تتخذ طابع الشكوى من قلة ما كتب في البلدان التي كانت خاضعة لحكم الدولة العثمانية خاصة في جوانب غير سياسية.
تنبه أهمية رحلات بيركهارت من كونها تقدم لنا صورة للآخر، ففيها حشد كبير من التفصيلات في مختلف جوانب الحياة التي قد لا نجد نظيرها في مدونات التاريخ المألوفة.
لقد أدت الرّحلة دورا كبيرا في الكشف عن جوانب الحياة اليومية مثل العادات والتقاليد، والبيئة والملبس والمأكل والاحتفالات والحكايات. لقد عدت رحلات بيركهارت عاملا مهما من عوامل التفاعل الثقافي حيث ترك لنا اثأرا قيمة عن المناطق التي قصدها.
كان جون لويس بيركهارت أو يوفان لودفيغ بيركهارت من الأسماء المعروفة في أوروبا في النصف الأول من القرن التاسع عشر، لأنه اكتشف البتراء للعالم، ولأنه كان أول رحالة أوروبي غربي وصل مكة المكرمة والمدينة المنورة كحاج مسلم باسم الشيخ إبراهيم عبد الله، ووصف للأوروبيين بدقة شعائر الحج عند المسلمين، وقد ترك بيركهارت ثروة كبيرة من المعلومات المدعمة بالخرائط والرسوم عن بلاد الشام ومصر وبلاد النوبة والحجاز صدرت في عدة مجلدات بعد وفاته، وقد بقيت هذه المجلدات مصدرا مهما للأوروبيين عن المنطقة، وخاصة فيما يتعلق بالبدو، ولا تزال هذه المجلدات تصدر بين حين وآخر في العربية في أكثر من ترجمة.
ولد يوهان بير كهارت عام 1784 م في لوزان بسويسرا لأب من أصل ألماني، ونشأ في ألمانيا بعد أن لجأ إليها والده بعد الاحتلال الفرنسي، حيث درس بيركهارت في جامعة لايبزغ وتوبنغن التي اشتهرت باهتمامها بالدراسات الشرقية، وقد تعرف هناك إلى الطبيب والعالم الأنثروبولوجي يوهان بلومنياخ الذي نقل إلى بيركهارت روح البحث في مجاهل إفريقيا، وقد تحمس بيركهارت الشاب وتقدم لللجمعية الإفريقية في لندن للوصول إلى مدينة تمبكتو، التي كانت تثير خيال الأوروبيين باعتبارها مركزاً لتجارة الذهب وغيره من السلع الثمينة، وقد رأى بيركهارت أن الطريق الأفضل هو الذهاب إلى الحجاز ومنها إلى تمبكتو برفقة الحجاج العائدين إلى هناك.

وبعد موافقة الجمعية الإفريقية على تمويل رحلته، سافر بيركهارت إلى حلب حيث قضى سنتين هناك (1810-1812م) يتعلم فيها اللغة العربية ويجول في المناطق المجاورة برفقة البدو من قبيلة عنيزة، وكان بيركهارت قد أعلن اعتناقه للإسلام وتسمى باسم إبراهيم، مما سهل عليه الاختلاط مع سكان المنطقة، وإلى تلك الفترة تعود خبرة بيركهارت بالبدو، حيث أخذ يهتم بالقبائل المنتشرة في بلاد الشام ويتعرف على عاداتها وتقاليدها وأفراحها وأتراحها، مما كان يشكل مادة مثيرة للأوروبيين المهتمين بالاطلاع على كل ما يتعلق بالمنطقة.

رحلات بيركهارت في شرقي الأردن ودورها في التواصل الحضاري
"قراءة في مستويات من التواصل"
يتحدث هذا البحث عن رحلة بيركهارت في سورية الجنوبية، والتي اكتشف من خلالها البتراء. ([1]) لقد فضل بيركهارت سلوك الطريق الممتدة من دمشق إلى القاهرة مفضلاً إياها على الطريق المارة عبر القدس وغزة.والسبب كما يقول هو: الرغبة في الحصول على معلومات عن جبال شرقي الأردن، وزيارة المناطق المجهولة والواقعة بين شرق البحر الميت والبحر الأحمر. ولأن هذه المناطق شبه مجهولة لهذا عزم على اكتشافها. وهذه الطريق التي سلكها محفوفة بالمخاطر، فهذا الطريق ينتشر عليه عدة عشائر بدوية. ويقول إنه لم يكن يتوقع جمع معلومات كثيرة وهامة بالنسبة لجدتها وطرافتها.([2])
كان بيركهارت يحمل عدة رسائل توصية لجميع شيوخالبلقاء وقائد الحامية التركية من باشا دمشق إلا أنه كان يخشى على نفسه من بعض منلا يدين للدولة بالولاء، وهذا معناه انه لم يكن يسيح في سوريا دون تغطية من السلطات المحلية الحاكمة ومركزها دمشق أو على الأقل بعلمها، والدليل انه كان يحمل كتبا إلى زعيم عرب البلقاء وإلى قائد خيالة الباشا الذين أرسلهم لمساعدة البلقاوية ضد بني صخر،هذه الكتب مصدرها باشا دمشق . ([3]) وذكر بيركهارت أن صعوبة زيارة أحد المسافرين تتوقف كلياً على حسن العلاقات القائمة بين هؤلاء الأعراب والباشا. فإذا كانت بينهم صداقة يصبح بالإمكان إيجاد أحد أفراد القبيلة بسهولة ليقوم بالخدمة كدليل. أما إذا كانوا أعداء فإن المسافر يتعرض لخطر السلب، وإذا كانت العداوة بين الفريقين شديدة فربما تعرض للقتل. ([4]) كما كان بيركهارت يحمل كتاب توصية لشيخ الكرك أعطاه سيد مسلم من دمشق كانت زوجته من مواليد الكرك وقد قدمه بعبارات جعلته يتوقع استقبالاً حسنا.([5])
لقد لجأ بيركهارت لحماية نفسه جراء هذا الطريق المحفوف بالعشائر البدوية إلى اللبس البدوي وليس أي لبس فقد اختار اللباس الأكثر شيوعاً عند البدو فاكتفى بفرس لم تكن ذات نسب أصيل حتى لا تثير طمع العرب.([6]) وهنا المسألة متعلقة بالرغبة في تحقيق اختراق لثقافة الأخر من خلال سهولة تمرير وجوده بهيئة لا تتنافر وتقاليد المجتمع البدوي المحلي،وربما يؤشر ذلك على تقمص شخصية اقرب إلى الاندماج وصولا إلى التواصل المرجو من هذا الحراك،فهذا التخفي شرط ضروري لتقريب مسافة الحوار وتحقيق الطمأنينة لشخصه.
نقول ذلك من منطلق أن بيركهارت أبدى تخوفه إزاء ذلك،ففي ذهنه أن الرحالة المنقب عن الآثار في الماضي بنظر أهل المنطقة لم يكن سوى ساحر أجنبي لديه خبرة سحرية عجيبة يكشف بواسطتها الكنوز الأثرية القديمة، فما إن يبدأبإجراء القياسات ورسم المشاهد حتى يتوافد عليه الناس يطالبونه بالكنز المدفون، وربما فقد حياته وهم يجادلونه. ([7])لذلك كان بيركهارت غير قادر على إعطاء وصف كامل لآثار وادي موسى، لأنه كان يعرف جيداً سلوك الناس من حوله، كما أنه كان دون حماية وسط برية لم يشاهد فيها أي رحالة. ([8]) ولذلك بنظره فإن فحصاً دقيقاً لهذه الآثار الفنية التي أنجزها (الكفار)، كما يدعون هنا، يبعث على الشك في كونه ساحراً يبحث عن الكنوز، ويصبح أقل ما يمكن أن يلاقيه أنه يحتجز ويمنع من القيام برحلته إلى مصر، ويُسلب على الأرجح من نقوده الموجودة في حوزته ومن يومياته التي هي بالنسبة له أثمن منها بكثير. ([9])وهذا جعله يلتزم الحذر خلال جميع أسفاره في الصحارى فقد عبّر بأنه لم يسمح أبداً للعرب برؤية بوصلته، لأنهم سيعتبرونها بكل تأكيد آلة سحر. وحينما يكون ممتطياً جواداً يأخذ الاتجاهات دون أن يراه أحد من تحت عباءته العربية الفضفاضة وفي مثل هذه الظروف يفضل ركوب الفرس لأنه يمكن تعليمها بسهولة كيف تقف ساكنة تماماً، وحينما يكون ممتطياً جملاً، وهو الذي لا يمكن إيقافه أبداً بينما يواصل رفاقه السير، كان مضطراً أن يقفز عنه حينما يريد أخذ اتجاه، ثم يقعد القرفصاء على الطريقة الشرقية كأنما يلبي نداء الطبيعة.([10])
وهنا يمكن الحديث عن مبالغة في الأمر، وربما ما ذكره كان في خياله أكثر مما كان في الواقع، ومع ذلك يدل على التخوف من الآخر، وبهذا المعنى نقرأ التباين الثقافي، فمجرد هذه المخاوف حتى لو كانت في سياق نظري فإنها علامة على الاعتراف بهذا التمايز الحضاري.
وهذا يفسر جنوح بيركهارت إلى بعض الحيل لتحقيق أهدافه، فقد كان يعرف أن مجرد رغبته الفضولية في مشاهدة وادي موسى سيبدو مريباً جداً في أعين العرب ولهذا ادعى بأنه نذر ذبح عنزة تكريماً لهارون الذي كان يعلم أن ضريحه يقع عند طرف الوادي، وبهذه الحيلة تتوفر له الوسيلة لمشاهدة الوادي في طريقه إلى الضريح. ولم يكن لدليله ما يعترض عليه في ذلك، فقد أخرسه كلياً الخوف من أن يجر على نفسه غضب هارون في حالة مقاومته لهذه الرغبة. ([11])ويبدو أن حكاية ذبح الأضحية على قبر سيدنا هارون لم تكن لتنطلي على الدليل المرافق لبيركهارت في البتراء، فقد ألح عليه دليله بأن يذبح العنزة التي أحضرها معه من الشوبك لهذا الغرض ولكنه زعم بأنه نذر التضحية بها على الضريح نفسه.([12])
لقد كان بيركهارتواعياً إلى أنه كان "في منطقة قفر لم يزرها أي رحالة من قبل"، ولذلك سرعان ما ثبتحدسه، وثبت له أن ما اكتشفه ووصفه هو البتراء بعينها، مما جعله يشتهربسرعة في العالم بكونه "مكتشف البتراء." لقد شكل البحث عن البتراء هاجسا له طوال رحلته، حيث ذكر أن هناك اعتقادا عاما بين قساوسة بيت المقدس بأن الكرك هي البتراء القديمة. ولكنه كان يرى أن هناك سبباً وجيهاً للظن بأنهم مخطئون في اعتقادهم. ولهذا فمن المرجح أن الكرك هي "كركس أومانورام Charax Omanorum" التي ذكرها (بليني).وقارن بيركهارت بينات المؤلفين المتضمنة في كتاب فلسطين لرولاند فبدا له من المرجح كثيراً أن تكون الخرائب في وادي موسى هي خرائب البتراء القديمة، ومما يلفت النظر قول يوسيبيوس: أن ضريح هارون يظهر قرب البتراء. وهو على الأقل مقتنع من كل ما استخلصه من معلومات أنه لا توجد أية خرائب أخرى ذات أهمية بين طرفي البحر الميت والبحر الأحمر تنطبق أوصافها على تلك المدينة. ([13]) لقد أدرك بيركهارت أنه عرف التقسيم الطبيعي للبلاد الذي يبدو أنه كان معروفاً جيداً للأقدمين، لأنه من المرجح أن اسم البتراء العربية (بترا بلاد العرب) قد أطلق على جزء من السهل العلوي وجبال الشراة والجبال والكرك والبلقاء، ولابد أن الحدود الغربية العربية كانت الوادي الكبير أو الغور – وادي عربة. ([14]) وهذا له صلة بثقافة بيركهارت وتكوينه الديني،بمعنى مجرد ورود إشارات عن هذه المنطقة التي يرتحل فيها في الكتاب المقدس هذا يؤكد ان هناك معرفة مسبقة مكتنزة في ثقافة بيركهارت ووعيه ويضفي بذات الوقت قيمة فيها من القداسة على هذه المنطقة التي بهذا المعنى لم تكن تعبر فقط عن ثقافة محلية وإنما ترقى إلى أن تحمل في طياته مرموزا عالميا كونها تحتضن أنبياء ارتبطوا برسالة سماوية، فهناك قبر هارون وهناك عين النبي موسى.ومن هنا تبدو هذه المناطق التي اكتشفها بيركهارت تقترب من خلفية ثقافية تبعث على الحكم بان هناك ثمة تواصلا يقوم على شغف معرفي لدى بيركهارت فهو يريد أن يعيد اكتشاف رموز دينية مقدسة لازمة لإيمانه المسيحي.
يتبين من وصف بيركهارت للمواقع التي زارها محاولته إظهار جمالية المكان من خلال الأسلوب في وصف الأمكنة في ظلّ حركية الزمن وامتداده، ربما ليترك الأثر النفسي على الآخرين، ومن الأمثلة على ذلك وصفه كنيسة طبرية بأنها من أروع الكنائس التي شاهدها في سورية، وتأتي في المرتبة الثانية بعد كنيسة القبر المقدس – كنيسة القيامة- في القدس.([15]) ومن هنا وتحقيقا للتواصل في ثقافة بيركهارت كان لزوما عليه أن يبدع في وصف دور العبادة المسيحية،ظنا منه ان هناك وسطا ثقافيا طاغيا بدد مرموز هذه الأماكن باعتبار أن الديانة السائدة في المنطقة لم تكن المسيحية.
والمنهج الذي اتبعه بيركهارت في دقة الوصف ربما هدف من ورائه إعطاء صورة جميلة عن المنطقة لكي يشوق من يطلع على كتابه المجيء إلى هذه المناطق، فقد أعطى صورة أقرب للواقع. ويتضح ذلك من حديثه عن مدينة أم الرصاص الخربة التي كان من المستحيل عليه زيارتها بسبب الوضع الأمني، فرجا أن يحالف الحظ أحد الرحالين في المستقبل فيقوم بهذه الزيارة.([16])وليس عبثا أن يذكر بيركهارت أم الرصاص التي تمنى أن يزورها وتعذر ذلك لصعوبة الوصول لها امنيا،فأم الرصاص علامة فارقة على التواصل، فيها الراهب بحيرا الذي مر به رسول الله قبل أن يعرف أحد اختياره ليكون نبيا، إلا مقولة الراهب بحيرى التي عبرت تماما عن التواصل بين الديانات السماوية ، فالتبشير بالرسول محمد كان في المسيحية، وأم الرصاص بهذا المعنى هي الزمن المسيحي والإسلامي.
لم يكتف بيركهارت بالنقل والمشاهدة، إذ نجده باستمرار يبدي رأيه ويعلق على الذي يشاهده أو ما ينقله عن غيره، سواء من الإدلاء المرافقين له أو من خلال المصادر المدونة والرحالة والجغرافيين السابقين الذين سبقوه لزيارة المنطقة، إما مؤكدا ذلك، أو مشككا فيه، وكان أحيانا يعلن صراحة شكه في بعض المعلومات،وذلك من أجل تدعيم ما يشاهده ويدونه. ([17])
فقد ذكر بيركهارت أن دليله أخبره أنه لا توجد آثار قديمة في بعض الوديان، ويعلق على ذلك بأنه لا يعتمد كثيراً على إفادة هؤلاء الناس بالنسبة لمثل هذه المواضيع. ([18]) وعلق على ما أشار إليه فولني (Volney) من أن هناك بضعة بلدان فقط تحدث فيها تغييرات في المناخ بصورة مفاجئة كما هي الحال في سورية، بأنه لم يكن في حياته أكثر اقتناعاً بذلك منه في زيارته لأحد الوديان في سورية الجنوبية.([19]) وانتقد بيركهارت سترابو (( strabo بأنه لا يأتي على ذكر أي من أشجار القصب والأثل الفطرية.([20])كما انتقد دنفيل لكونه قد ارتكب خطأ حينما زعم أن أحد الأنهار يصب في إحدى البحيرات. ([21]) وذكر أن وادي الواله هو نفس الوادي الذي أطلق عليه نهاليل في خريطة دانفيل ولكن هذا الاسم الأخير غير معروف لدى العرب ومنبعه لا يبعد بهذه المسافة التي تظهر في الخريطة.([22])وربط بين اسم أحد المواقع مع اسم فينان أو فينون الذي يقع حسب رواية يوسيبيوس بين البتراء والزارا (وادي الحسا)([23]).فالملاحظ على بيركهارت انه يعتمد على ذاكرته في كثير من معلوماته،([24]) وهذا له دلالات إيجابية تؤشر على ثقافة واسعة بتاريخ المنطقة وجغرافيتها من جهة،ولكنها تحمل محظورا قد يدخلها ضمن دائرة سلبية يتمثل بأن الذاكرة قد تخون صاحبها أحيانا، ويترتب على ذلك تقديم معلومات خاطئة.
وهذا يرسخ فكرة التواصل المعرفي،فهذا الجانب يشير إلى نضج محاولة بيركهارت إذ أنها لم تكن فاتحة لاقتحام المكان وثقافته بل كانت حلقة من حلقات المزيد من المعرفة للمكان وأهله وثقافته، بمعنى أن محاولة بيركهارت تستقرئ في إطار توفر معرفة سابقة، لذا فمن المتوقع أن تكون محاولته ذات قيمة معرفية أكثر عمقا لأنها افترضت الإفادة من الخبرات السابقة والإرث المعرفي الذي حصله من جاؤوا للمنطقة قبل بيركهارت.فهو لم يأت على المنطقة خالي الذهن بل كانت له أسبقية معرفية عنها حصلها عن طريق أكثر من مصدر،فهناك القراءات للمصادر العربية مثل المقريزي وهناك الرحالة الأجانب من الأوروبيين تحديدا الذين سبقوه وبعض من زاروا المنطقة أثناء حملات محمد علي باشا على بلاد الشام. ([25])
ويلاحظ على بيركهارت حرصه على قراءة النقوش الموجودة على الجدران، وكان يقوم بتدوينها ، وكان إذا عجز عن قراءة بعض النصوص إما لرداءة الكتابة، تدعوه الأمانة العلمية أن يذكر ذلك. ([26])
رغم أن بيركهارت أفاد من الآخرين الذين سبقوه غير أنه لم يحرم نفسه من متعة توجيه النقد لهم فهو ينتقد لأنه رأى بأم عينه وفي هذه الحالة فإن نقده يكون موضع جدية ويعبر تماما عن الحقيقة التي تحسب في هذه الحالة عليه. ([27])
ويلاحظ على بيركهارت أنه ذو عقلية تحليلية واضحة، حيث كان يلجا أحيانا إلى أسلوب الاستنباط والتقدير للوصول إلى بعض الحقائق، فلم يكن يكتفي بالمعلومات التي يذكرها له الإدلاء أو الرفاق في الرحلة بل كان يستنتج. فمثلا رجح بيركهارت أن تكون الأسماء على شاكلة "بني عبيد" و"بني جهمة" قد اشتقت من أسماء قبائل عربية استوطنت هناك قديماً، وقد حاول أن يحصل على معلومات عن أصل هذه التسميات. إلا أنه لم يتمكن من الحصول على معلومات تؤيد وجهة نظره، إذ إن الأهالي لا يزعمون أنهم من سلالة هذه العشائر، ولكنهم يقولون إن هذه هي أماكن سكناهم منذ أمد بعيد. ([28])كما يرجح أن البحر كان يغطي مساحة واسعة من الأراضي التي زارها. ([29]) وعندما تحدث عن معجزة تعرض في كنيسة في الناصرة على المؤمنين، وهي عبارة عن عمود رائع من الغرانيت بقيت منه قاعدته وقسمه العلوي وقد فقد القسم الأوسط من اسطوانته. ومنذ ذلك الحين بقي القسم العلوي مدلى من السقف وبأعجوبة. كأنما يجذبه إليه حجر مغناطيس. وجميع المسيحيين في الناصرة (وعلى رأسهم رهبان الأخوية) يميلون إلى الاعتقاد بهذه الأعجوبة، ولكنه يعلق على ذلك أن الواضح تماماً أن القسم العلوي من العمود متصل بالسقف. ([30]) وعندما لم تسنح له الفرصة للهبوط إلى تخوم البحر الميت، أضاف بضع ملاحظات جمعها من أهالي الكرك. وذكر أن أخبار العرب عن هذا الموضوع غامضة ومتناقضة إلى حد يستحيل معه تقريباً الحصول على أية معلومات دقيقة منهم. فهم يتحدثون مثلاً عن شجرة رمان وهي تعطي ثمراً شبه الرمان تماماً إلا إنه عند فتحها لا تحتوي على شيء سوى مسحوق كالغبار. وهم يزعمون أن هذه هي شجرة تفاح سدوم (مدينة بفلسطين القديمة دمرها الله لانغماس أهلها بالرذيلة والفساد) ومع ذلك فهناك أشخاص آخرون ينكرون وجودها. ([31])
اتبع بيركهارت منهجا جغرافيا تمثل في تحديده المكان جغرافيا، ومن الأمثلة على اهتمامه بالوصف الجغرافي الدقيق للمناطق التي زارها حديثه عن البحر الميت الذي ذكر أنه يدعى بحرة لوط.([32]) والذي يعنينا هنا أن بيركهارت استفاد من الوصف الجغرافي ليوظفه في إشارات حضارية عن العرب وعلاقاتهم التجارية مع أوربا،فقد أشار إلى أن العرب يجمعون الحرير ويبرمونه ليصبح فتيلاً يستعمل في إطلاق نيران بنادقهم وهم يفضلونه على الفتيل المعتاد لأنه يشتعل بسرعة.
ويمكن أن يحصل منه على أكثر من عشرين حمل جمل سنوياً وربما وجد نافعاً لمصانع الحرير والقطن في أوروبا.([33])
وبعد أن ينتهي بيركهارت من الوصف الجغرافي ينتقل بعد ذلك للحديث عن تاريخ المكان،([34]) ويلاحظ هنا أنه كان يركز في تاريخ المكان على الجانب الديني.
ومن الأمثلة على تركيز بيركهارت على الجانب الديني في تاريخ الأماكن خاصة انه عمد إلى تبيان قيمة هذه الأماكن لإتباع الديانات السماوية، فمثلا وصفه إحدى الآبار المسماة بئر يعقوب التي يقال إنها البئر التي ألقى فيها أبناء يعقوب أخاهم يوسفويذكر أنه يحترمها المسلمون والمسيحيون. ([35])
قدم بيركهارت صورة ترسخ فكرة التنوع الثقافي من خلال فكرة قبول التسامح الديني والسماح للآخر بممارسة شعائره الدينية الأمر الذي يؤكد أن هناك تسامحا دينيا يفند مقولة أن الدولة العثمانية كانت تحظر ممارسات العبادة للطوائف والأديان الأخرى، فقد قدمبيركهارت وصفاً قيماً لليهود في صفد وطبرية، فذكر أن أكبر أحياء بلدة صفد مأهول كلياً باليهود الذين يولون صفد اهتماماً خاصاً باعتبارها مكاناً مقدساً عندهم، وفي الحي مائة وستون عائلة أو مائتان منها أربعون أو خمسون عائلة من أصل بولندي. والباقون من يهود اسبانيا وشمالي إفريقيا وأنحاء مختلفة من سورية.وفسر حرص اليهود على السكن في صفد وطبرية بأنهما من أربع مدن مقدسة وردت في التلمود إضافة إلى القدس والخليل، وفسر قدسية طبرية عند اليهود، لأنه يعتقد أن يعقوب أقام فيها، ولأنها تقع على شاطئ بحيرة طبرية التي منها سيقوم مسيح اليهود حسب رأي التلمود.([36])
وفي إطار وصف تنوع الثقافات في المنطقة، تناول بيركهارت اليهود في صفد وطبرية جميع نواحي معيشتهم، فوصف الحياة الاقتصادية والاجتماعية لهم، كما تحدث عن الخلافات بين اليهود الذين ينتمون إلى قوميات مختلفة، ووصف المستوى التعليمي لليهود المتمسكين بدينهم، وحرص على الاطلاع على المخطوطات المتوافرة عند اليهود. وأشار إلى بعض العادات الغريبة عند اليهود،([37]) وهذا يدل على أنه رآها غريبة لعدم وجودها عند اليهود في بلاده، ففي صلاتهم بينما الحاخامات يتلون مزامير داود أو الصلوات المستخرجة منها، يعبر المصلون في كثير من الأحيان بأصواتهم أو بإشاراتهم عن معنى بعض الفقرات المشهورة. وكمثال على ذلك حين ينطق الحاخام الكلمات "ممجد الرب بصوت البوق" يقلدون صوت البوق من خلال قبضاتهم المضمومة.([38]) وحينما تحدث عاصفة رهيبة ينفخون ويصفرون ليمثلوا عاصفة. ويحدث في كثير من الأحيان أنه بينما بعضهم لا يزالون يزمجرون لتمثيل العاصفة يكون الآخرون قد بدئوا صرخات الصالحين وهكذا يشكلون جوقة موسيقية يصعب على أي شخص باستثناء العبري، أن يسمعها بخشوع.([39]) وقارن بين أوضاع اليهود في الفترات التاريخية المختلفة، فذكر أن اليهود يتمتعون بحرية دينية مطلقة، منذ أن تولى سليمان باشا ولاية عكا، وأصبح حاييم فارحي وزيره الأول، مقارنة بحكم الجزار باشا حيث كانوا في الأغلب مضطرين لدفع إتاوات فاحشة. أما حالياً فهم يدفعون ضريبة الخراج فقط.([40]) ووصف بيع اليهود المحرمات الدينية وإظهار غناهم بأنه سلوك غير حكيم كما يجب أن يكون. وتحدث عن سن الزواج عند اليهود، ووصف الترتيب الديني عند اليهود. وتحدث عن اعتزاز اليهود بأصلهم القومي، فقد وجد بين اليهود البولنديين شخصاً من بوهيميا وهو ألماني شريف، وقد تملكه الفرح حين سمعه يتكلم لغته، وتنقل به في الدار يقدمه إلى جميع معارفه. وفي كل دار كان يقدم له الكونياك. ([41])ووصف الحياة المعيشية لليهود بأنه يمكن التكهن بسهولة أن كثيرين منهم غير قانعين بقسمتهم. ولم يغفل ذكر بعض المشاحنات بين المسلمين واليهود، فذكر أنه في عام 1799 نهب المسلمون الحي اليهودي في صفد وذلك بعد انسحاب الفرنسيين من عكا.([42])ويمكن القول هنا بأن وصف بيركهارت لليهود يدل على أنهم كانوا حاضرين في المنطقة وبالتحديد شمال فلسطين، والاهم من ذلك أن بيركهارت يرسخ فكرة أن اليهودية هي دين وليست قومية،وهذا تأكد من خلال تقسيمه لأتباع هذه الديانة من قوميات مختلفة،ويحسب له أنه مايز بين اليهود على أساس معيار حضاري فإشارته كانت واضحة بأن يهود أوروبا مختلفين عن يهود المنطقة،وهذا يعني أن التواصل الحضاري وعنوانه الدين في هذه الحالة اليهودية لم يكن بقيمة التواصل الذي تفرضه طبيعة الثقافة نفسها.
ومن أبرز ما أظهره بيركهارت أنهلا يوجد فرق حضاري بين المسيحيين والمسلمين،وقدم أمثلة في العادات والتقاليد واللباسفلا يوجدما يميز بعضهم عن بعض في شيء،ويظهر أن الدين ليس له أي اعتبار يدعو للتمييز بينهم، وكثيرا ما ينحاز المسلمون إلى جانب أحد النصارى في المشاجرات إذا وجدوا أنهمظلوم، كما أن الطرفين يتزاوران في الأعياد والمناسبات,والنسوة يسمرن معا علىأبواب البيوت وجوانب الطرقات، فهو يقول "وفي الحقيقة إني لم أر أي خلاف بين مسلم ونصراني, بل على العكس، فقد شاهدت شجارا حدث بين نصراني كاثوليكي، ونصراني يوناني، وقد تدخل المسلمون لفض الخلاف،كما إن أحد المسلمين قام بذبحخروف ودعا الطرفين لعقد الصلح بينهما في بيته".([43])
أراد بيركهارت من وصف عرس مسيحيا أن يثبت بان المسيحيين في المنطقة هم جزء من نسيجها الاجتماعي الحضاري، فأهل العرس يقومون بنفس العادات والتقاليد التي يقوم بها المسلمون في المنطقة من حيث الأغاني والأهازيج وإعداد الولائم واخذ ما يعرف بالنقوط.([44]) ومن جانب أخر، اظهر حرص المسلمين على مشاركة جيرانهم النصارى في أعراسهم.
وأحسن بيركهارت في وصفه لنموذج التعايش الإسلامي المسيحي عندماقال عن السلط: "وتتكون المدينة من أربعمائة عائلة من المسلمين، وثمانين عائلة من النصارى، ويعيشون مع بعضهم في وئام وإخاء تام. ([45]) وفي المدينة مسجد المدينة الكبير، وللنصارى كنيسة صغيرة باسم العذراء ولها كاهنان يقودان الناس في الصلاة، ويتقاضى الكاهنان مبلغ أربعة جنيهات سنوياً يجمعها لهم أهل السلط. والعجيب أنَّ المسلمين يدفعون جنيهين من الأربعة"([46]).وهي المدينة الوحيدة المأهولة بالسكان في منطقة البلقاء، وتكاد أن تكون دولة مستقلة عن أيّة حكومة ولا تتبع أيّة ولاية ورغم حصار باشوات دمشق لها، بقيت السلط حرَّة لا تخضع لأحد. ([47])
وذكر بيركهارت أنه على تل منخفض في جانب بلدة طبرية الجنوبي الغربي يقوم مسجد حسن البناء وكنيسة مكرسّة لقديسة. وأن الجالية المسيحية فيها تتمتع بحرية كبيرة وتعامل على قدم المساواة مع المسلمين. ويبدو أن هذا الفارق يتوقف في الأغلب على خصائص الحكومة المحلية، فحكومة سليمان باشا، خليفة الجزار في عكا تتميز بتسامحها الديني بينما لا تزال دمشق مركزاً للتعصب. وكان يرى أن دمشق ستبقى كذلك ما دام لا يوجد فيها مؤسسات أو وكالات أوروبية.([48])
وذكر بيركهارت أن مسيحيي الناصرة يتمتعون بحرية كبيرة، وذكر أن المسيحيين في الكرك متحررون من جميع الضرائب الابتزازية ويتمتعون بنفس الحقوق التي يتمتع بها المسلمون.([49])
ووصف بيركهارت أساليب الحياة المنزلية التي يتبعها مسيحيو الكرك بأنها نفس الأساليب المتبعة عند المسلمين كما وأن قوانينهم هي نفسها باستثناء ما يتعلق منها بالزواج. وفي حالات الخصومات حتى بين أبناء الطائفة المسيحية نفسها يلجئون إلى قاضي البلدة، بدلاً من أن يرفعوا خلافاتهم لشيوخهم. والقاضي ينتخب من قبل الشيوخ.([50])
وتحدث بيركهارت عن تأثر المسلمين بالمسيحيين في الكرك. فلأن المسلمين يرون المسيحيين يحققون ازدهاراً اقتصادياً، فقد عمدوا إلى طريقة غريبة تسعد أولادهم وتوفقهم في الحياة وذلك بأن أخذ كثيرون منهم يعمدون أولادهم الذكور في كنيسة الخضر ويتخذون عرابين (آباء في العماد) مسيحيين لأبنائهم. وليس هناك شيخ أو قاض متعصب ليمنع هذا الإجراء. والكاهن الأرثوذكسي الذي يدفع له أجر وافر للتعميد، يحاول أن يوفق بين وخزات ضميره خوفاً من أن يموت الطفل الذي يُعمد في الماء بينما يتلقى الطفل المسيحي تغطيساً كلياً. وهذه الحيلة الدينية تسكن جميع وخزات ضميره بالنسبة لشرعية العمل ومع ذلك فإن الكهنة يتجرؤون على القول إن هؤلاء المسلمين المعمدين لم يعرف عنهم أبداً أنهم ماتوا قبل سن الشيخوخة.([51])
واهتم بيركهارت بتحديد التركيبة الدينية للمناطق التي زارها، وأولى عناية بوصف الحياة الاجتماعية للسكان المسيحيين. فتحدث عن الضرائب التي يدفعها المسيحيون، وتحدث عن فرار بعض العائلات المسيحية من أذرع وهي قرية في حوران إلى جبل تمتلكه قرية دبوريا لكي يتفادوا دفع ضرائب للحكومة.([52])وتحدث عن المؤسسات المسيحية الدينية في سورية الجنوبية، ووصف مسيحيي الكرك بأنهم مشهورون بشجاعتهم.([53]) ووصف السلطة لديهم بأن لهم شيخين يديران شؤون طائفتهم بالاشتراك مع الكاهن. وتحدث عن طلب السعوديين من مسيحيي الكرك على أن يدعو لهم ضريبة الرأس التي يفرضها عليهم الأتراك ولكن لم يكن لطلبهم أي تأثير لحد الآن.([54])وهنا قد يكون بيركهارت كرر غيره من الدارسين والرحالة والمستشرقين كونه لم يدرك طبيعة العلاقة بين أصحاب الديانات السماوية من غير المسلمين في ظل وجود حكم لدولة إسلامية،بمعنى أن نظام الجزية أو ضريبة الرؤوس كما هو متعارف عليه كان يهدف إلى تبني الدولة فكرة المحافظة على الرعايا ومكتسباتهم دون أن يكون لهم دور إلا دفع هذا النوع من الضرائب لقاء حمايتهم ولم يكن المسيحيون طيلة فترة التاريخ العربي خارجين على هذا العقد الاجتماعي السياسي،والسؤال المطروح إذا كانت أوروبا قد عاشت في القرن التاسع عشر بداية التحول على صعيد التكوين الهرمي الاجتماعي بتأثير من الثورة الفرنسية ومنظريها، غير أن النظم الإسلامية بقيت مطبقة على المسيحيين المنضوين تحت لواء الحكم الإسلامي دون أن يتوفر لهم أي المسيحيين أي بدائل هذا ناهيك عن غياب شكاوى من المسيحيين السكان المحليين أنفسهم.
إن التعايش بين الأديان ، قد خلق جوا من التوافق، ومجالا للقاء، تكونت فيه هوية اجتماعية ثقافية من نسيج واحد تالف من طوائف وعناصر مختلفة، فالتعايش بين الأديان، عنى الاعتراف بالآخر المخالف في الرأي، والمبدأ وإمكانية الإقامة معه في مجتمع واحد، ومدّ العلاقات معه، والإقرار له بحريته العقائدية والمذهبية، فكان هذا يخلق الحوار واللقاء، والتسامح ، والتلاقح بين الأديان.
إضافة لذلك فقد أدت الأماكن الدينية المقدسة القريبة من بعضها البعض دورا كبيرا في التفاعل الثقافي وفتح أبواب الحوار والتفاعل مع الآخر.
ويأخذنا مفهوم التواصل أحيانا بين السكان من خلال رصد علاقات تجارية ومالية بين أكثر من منطقة جغرافية لكن مع مراعاة القرب في المكان بينها،فجاء وصف بيركهارت للعلاقات المتبادلة بين سكان السلط وجيرانهم، كما تحدث عن علاقات السلط بتجار نابلس.([55])
وتحدث بيركهارت عن المقايضة كوسيلة للبيع والشراء، حيث كان يدفع مواد عينية كثمن لبضائع، لأنه لم يكن معه نقود فضية، ولم يشأ أن يظهر النقود الذهبية، فقد اضطر أن يعطي مقابل المؤن التي حصل عليها في الشوبك قميصه الاحتياطي الوحيد الآخر – بالإضافة إلى "طربوشه" الأحمر ونصف عمامته. ([56]) وفي هذا دلالة على أن السكان المحليين كان لديهم مبدأ التكافل الاجتماعي ولم يكن ذلك غريبا في وقت الأزمات حتى على بيركهارت نفسه،فكل مجتمع يمر بظروف مالية صعبة يلجا لنظام المقايضة.
وتحدث بيركهارت عن معتقدات سكان المنطقة، فقد أكد له دليله أنه رغم القيام بمحاولات متكررة لم يتمكن أحد من تسلق الصخور المؤدية للقنطرة التي اتفق بالإجماع على أنها من عمل الجان، أو الأرواح الشريرة.كما وتحدث عن معتقدات البدو عن الجن، فأثناء السير في الليل أخذ رفاقه يلمحون مراراً إلى اعتقاد خرافي شائع بين البدو وهو أن الصحراء مسكونة بإناث عفاريت غير مرئية، تكره المسافرين الذين يتلكؤون في مؤخرة القافلة لتستمتع بمعانقتهم. وهم يسمونها الغيلان اشتقاقاً من لفظة الغول. ويعلل كثرة ضياع الرجال الذين ينهكهم التعب فيتخلفون عن قوافل الحج الكبيرة، ومن ثم يعزلهم لصوص البدو عنها ويسلبونهم بهذه الخرافة التي أتاحت لرفاقه فرصة لمداعبته بعدة نكات. فقد قالوا له "إنكم تستغربون، يا أبناء المدن حديث هؤلاء النسوة اللواتي اعتدن فقط طعام الصحراء".([57])وهذا معناه أن الثقافة الشعبية للتجمعات البدوية كانت أساسا في تسيير شؤون حياتهم فيما يخص هذه الجوانب الهامة،ولكن ذلك يضيف مستوى أخر من الثقافة لمجتمعات المنطقة،فيلقي الضوء على ثقافة شعبية في المناطق البدوية أخذت هذا الشكل بالعلاقة مع الطبيعة ومكوناتها وحاجة الإنسان البدوي لها،فعلاقة البدوي مع الطبيعة يبدو أنها أكثر أهمية لمعيشته من علاقة المدني،كما أن ثقافة البدوي المرتبطة بنوع البيئة تحدد المعيار اللازم في تحديد بوصلته الاجتماعية والثقافية،بخلاف المدني الذي قد لا يبدو له صلة كبير بالطبيعة من حيث تأثيرها على سلوك حياته ونوع اقتصاده وبالتالي نمطه المعيشي،ومن هنا فالتواصل بين أنماط في شرقي الأردن أضاءها بيركهارت توضح أن ثمة ثقافة كانت مكتنزة في المنطقة محكومة باعتبارات متعددة تحدد الإطار العام للتجمعات كل حسب مكان وجوده،والصعوبة في المحصلة تتبدى في إمكانية التوصل إلى سمات مجتمعية توحد هذه التجمعات البشرية على اختلاف مستوياته وبيئاته الحضرية.
وعلى مستوى التواصل في التراث الشعبي هناك أمثلة ساقها بيركهارت من خلال وصف سلوك النساء في المناطق المختلفة، فكانت زوجات وبنات المدعوين في أحد المقامات حاضرات واشتركن في الحديث بحرية. أما نساء الطفيلة فهن أكثر خفراً، (وإلى حد بعيد)، في أعين الغرباء من نساء الكرك. فالأخيرات لا يحجبن وجوههن أو على الأقل قلما يفعلن ذلك، كما وأنهن يتحدثن بحرية مع الغرباء، بينما الأوليات على العكس من ذلك، يقلدن سيدات المدن بكبريائهن وسلوكهن المتحفظ. بينما نساء البصيرة هن أول من شاهدهن من النساء يضعن البرقع أو الحجاب المصري على وجهوههن.بينما لم يكن عند سيدات عرب الحويطات وقد تركن لوحدهن، ما يحول دون إشباع غريزة حب الاستطلاع فيهن، وهي الغريزة التي أصبحت قوية جداً بسبب رؤيتهن أحد أبناء المدن في خيامهن، وما هو أكثر روعة أن يكون هذا الرجل دمشقياً لأنه كان يعرف كذلك – وقد احتشدن حوله ولم تتوقف استعلاماتهن عن شؤونه وعن البضائع التي يرغب في بيعها، وعن لباس سيدات المدن، وما شاكل ذلك. وحين وجدن أنه لم يكن معه شيء لبيعه أو إهدائه إليهن انسحبن في الحال، وذكر أن نسوة عرب الحويطات اعتدن استقبال الغرباء أثناء غياب أزواجهن.([58])
وهذا يبين أن الكرم ليس متعلق بالرجال فقط، فالنساء في حال غياب رجالهن يقومن بهذا الدور. فالمرأة تربت على إكرام الغرباء عند غياب زوجها أو والدها، لأنها تعي أن عدم إكرام الضيف يُعد عارا يلحق بقومها.
لقد شكل العامل الديني عامل جذب في التواصل الثقافي، فقد أدت الأماكن الدينيةدورا كبيرا في التفاعل الثقافي وفتح أبواب الحوار والتفاعل مع الآخرين.
أن التعايش بين الأديان، خلق جوا من التوافق، ومجالا للقاء، تكونت فيه هوية اجتماعية ثقافية من نسيج واحد تالف من طوائف وعناصر مختلفة، فالتعايش بين الأديان عنى الاعتراف بالأخر المخالف في الرأي والمبدأ وإمكانية الإقامة معه في مجتمع واحد، ومد العلاقات معه، والإقرار له بحريته، والتلاقح بين الأديان.
خلاصة:
*عكست رحلة بيركهارت إلى شرقي الأردن أكثر من جانب في إطار التواصل الحضاري،فإذا كان الحديث عن التواصل بين الزائر أي الرحالة وبين الإنسان فهناك مفردات لذلك،وإذا كان المقصود وجود مكان أخر على الرحالة أن يعرفه ويصفه باعتباره مغايرا له في أكثر من معنى جغرافي وأثني وغيره فهو مستوى آخر.
*ظهر من خلال المستوى الأول أن بيركهارت يحاول أن يقدم صورة التنوع الحضاري في المنطقة التي تعبر عن غنى الثقافة وتعددها، والاهم من ذلك يعكس وصف بيركهارت صورة الاندماج الحضاري رغم وجود خطوط التباين بين السكان في الدين أو العرق في بعض الأحيان،غير أن مؤشر الوحدة الحضارية التي انصهرت بها شعوب شرقي الأردن تدل بوضوح على فرادة هذا النموذج كونه يقدم حضارة أخرى مغايرة لحضارة بيركهارت ليس فقط في الشكل بل وفي المضمون أيضا.
*رغم محاولة بيركهارت أن يقتحم ثقافة أخرى بكل الطرق التي أتيحت له وباستخدام الحيل البشرية،غير أنه اعترف ضمنا بأنه لن يكون بمقدوره أن يعبر عن هذه الثقافة ومكنوناتها بطريقة سهلة وأحيانا قد لا يُسعفه التباين الثقافي الذي قد يعيق مسألة التواصل بين ثقافتين مختلفتين أن يقدم ثقافة مغايرة بأسلوب موضوعي الأمر الذي يجعلنا دائما يقظين وحذرين إزاء أي حكم يصدره،وربما مهمتنا أن لا نحكم على محاولته بقدر ما نقوم بدراسة فكرة التواصل الحضاري التي بنهاية المطاف تنعكس من خلال عرض نقاط الاشتباك والافتراق.





([1]) رحلات بيركهارت في سوريا الجنوبية، ترجمة أنور عرفات، وزارة الثقافة الأردنية، 1969م. ج2، ص 119-120، 146،150

([2]) المصدر نفسه ، ج2، ص 48

([3]) المصدر نفسه ، ج2، ص 29، 32، 120

([4]) المصدر نفسه ، ج2، ص 29

([5]) المصدر نفسه ، ج2، ص 102

([6]) المصدر نفسه ، ج2، ص 17، 135، 142 -143

([7]) المصدر نفسه ، ج2، ص 126

([8]) المصدر نفسه ، ج2، ص 135

([9]) المصدر نفسه ، ج2، ص 135، 158

([10]) المصدر نفسه ، ج2، ص 158

([11]) المصدر نفسه ، ج2، ص 133، 134-135، 144

([12]) المصدر نفسه ، ج2، ص 134-135 ، 144

([13]) المصدر نفسه ، ج2، ص 103-105، 110

([14]) المصدر نفسه ، ج2، ص 150

([15]) المصدر نفسه ، ج2، ص 68-69، 155

([16]) المصدر نفسه ، ج2، ص 89

([17]) المصدر نفسه ، ج2، ص 17-18، 19، 21،22، 23 -24- 26 ، 35-36، ، 38، 41،53، 55، 56، 60-63، 74-75، 77-79، 80، 86، 90-91، 97، 104، 120 ، 123، 124 ، 130 ، 136 ، 138-139، 146-147، 157، 169، 171

([18]) المصدر نفسه ، ج2،ص 38

([19]) المصدر نفسه ، ج2، ص 38

([20]) المصدر نفسه ، ج2، ص 54

([21]) المصدر نفسه ، ج2، ص 38

([22]) المصدر نفسه ، ج2، ص 97

([23]) المصدر نفسه ، ج2، ص 120

([24]) المصدر نفسه ، ج2، ص 32 ، 38 ، 40


([25]) المصدر نفسه ، ج2،ص 169، 170

([26]) أخبر بعض الأشخاص بيركهارت عن وجود نقش خطي بأحرف إفرنجية في الصخر القريب من عين الإفرنج أو الينبوع الأوروبي ولكن لم يشأ أي شخص في أي وقت أن يدله عليه. وفي قلعة الكرك وعلى تمثال رجل غريب الشكل يحمل قيداً كبيراً قرأ كلمة أيوني مدهونة بأحرف كبيرة، أما بقية النقش الخطي فقد عفى عليه الزمن. وذكر أنه توجد في الحقول القريبة من الكرك عملات قديمة من النحاس والفضة وحتى الذهب ويشتريها في العادة ضياع الفضة ويصهرونها في الحال، وقد حصل على بضع قطع من النحاس نقشت عليها الأسطورة اليونانية "يوتوبيا" أو المدينة الفاضلة. المصدر نفسه ، ج2، ص 104 ، 131، ، 116،18 ، 25 ، 104، 147



([27]) المصدر نفسه ، ج2، ص 59 ، 60 ، 67، 93 ، 97 ، 99 ، 146

([28]) المصدر نفسه ، ج2، ص 116

([29]) المصدر نفسه ، ج2، ص 116

([30]) المصدر نفسه ، ج2، ص 116

([31]) المصدر نفسه ، ج2، ص 116

([32]) المصدر نفسه ، ج2، ص 116

([33]) المصدر نفسه ، ج2، ص 116

([34]) المصدر نفسه ،ج2، ص 53

([35]) يشير بيركهارت أن للمسلمين مكان عبادة صغير بالقرب منها مباشرة. وقلما تمر من هنا قافلة من المسافرين دون أن تتلو بضع صلوات على يوسف. المصدر نفسه ، ص 53، كما ذكر أيضا أنه في القرن الرابع عشر، حسب شهادة الجغرافيين العرب، كان ضريح لقمان الحكيم موجوداً في طبرية. المصدر نفسه، ج2، ص 62 ، وذكر أيضا أن الكنيسة المسيحية في طبرية مكرسة باسم القديس بطرس، ويقال إنها أسست فوق البقعة التي رمى منها القديس بطرس شباكه، وهي تخص جماعة الأرض المقدسة ، وتزورها سنوياً في يوم القديس بطرس الإرساليات الأوروبية في الناصرة وتقيم قداساً بهذه المناسبة.ص وذكر أن مرج ابن عامر هو أسدريلون الوارد ذكره في التوراة. المصدر نفسه ، ج2، ص 57، 65، كما يذكر أن جبل طابور يعتبر مكاناً مقدساً، وذلك تكريماً لتجلي المسيح عليه، ويذكر أن البقعة التي حدث فيها هذا التجلي غير معروفة، إذ إن اللاتين والروم الأرثوذكس يختلفون حول هذا الموضوع. فاللاتين يحتفلون بهذه المناسبة المقدسة في كهف صغير حيث أنشئوا كنيسة صغيرة هناك. وعلى بعد خمس دقائق منها للماشي بنى الروم الأرثوذكس سوراً مستديراً منخفضاً مع مذبح أمامه لنفس الغاية. وترسل الإرساليات اللاتينية التابعة لدير الإفرنج في الناصرة سنوياً كاهنين للصلاة في كنيستهم وهم بوجه عام يختارون عيد القديس بطرس للقيام بهذه الزيارة ويصلون هنا في الصباح لكي يتمكنوا من قراءة الصلاة المسائية في كنيسة القديس بطرس في طبرية. والكهنة الأرثوذكس في الناصرة يزورون كنيستهم الواقعة على جبل طابور في عيد العذراء. وبهذه المناسبة يذهب عدة آلاف من الحجاج إلى الجبل، حيث يقضون الليلة مع عائلاتهم في الخيام، يحتفلون بالعيد الديني ويمرحون. المصدر نفسه ، ج2، ص 52 ، 64-66، 71 . كذلك تحدث بيركهارت عن حجارة النصارى وهي عبارة عن أربع أو خمس كتل من الحجارة السوداء، يقال إن المسيح اتكأ عليها بينما كان يخاطب الناس المحتشدين حوله. وقد توقف كهنة الناصرة هناك ليتلو بعض الصلوات فوق الحجارة. المصدر نفسه ، ج2، ص 66-96 ، كما تحدث عن سهل مستطيل الشكل، وعلى أحد طرفيه قمتان بارزتان. والمواطنون يدعونهما قرون حطين والمسيحيون يطلقون عليهما اسم قمتي الطوبى ويزعمون أن الخمسة آلاف أطعموا هناك. كما تحدث عن كفركنا وذكر بأنها (قانا) التي يذكرها الإنجيل بسبب المعجزة التي تمت في حفلة العرس. ويظهر البيت الذي قام فيه المسيح بهذه المعجزة. المصدر نفسه ، ج2، ص 64-65، 76، وتحدث عن الناصرة حيث يفد الحجاج المسافرون إلى بيت يوسف النجار لمشاهدته، إلا إن الزيارة الرئيسية في الناصرة هي إلى دير الفرير (الأخوية اللاتينية) وهو عبارة عن بناية واسعة تفي بالمرام لأقصى حد، وفي داخلها كنيسة البشارة التي تبدو فيها البقعة التي وقف عليها الملاك حين أعلن لمريم العذراء الأنباء السارة عن حملها بالمسيح. وخلف المذبح كهف واقع تحت سطح الأرض ومقسم إلى مغارات صغيرة، حيث كانت العذراء تعيش، ويبدو فيها مطبخها وقاعة الاستقبال وغرفة النوم وثقب ضيق في الصخر خبأ فيه عيسى الطفل نفسه ذات مرة، هرباً من مضطهديه. المصدر نفسه ، ج2، ص 68، وتحدث عن مزار أوشع الذي يعتقد أنه يضم قبر النبي أوشع الذي يعظمه المسلمون والمسيحيون على السواء والذي أعتاد أتباع هذين الدينين أن يقيموا فيه الصلوات، ويقدموا الأضاحي. المصدر نفسه ، ج2، ص 80-81. وتحدث عن جبل نيبو الذي ورد ذكره في الكتاب المقدس. وعلى قمته توجد كومة من الحجارة تظلها شجرة بطم كبيرة جداً. المصدر نفسه ، ج2، ص 95 ، وذكر أن الموجب هو "أرنون" الوارد في الكتب المقدسة والذي يفصل منطقة البلقاء عن منطقة الكرك، كما فصل سابقاً مملكتي المؤابيين والعمونيين الصغيرتين. وذكر أن خرائب عراعر أو عروعير هي التي ورد ذكرها في الكتب المقدسة. المصدر نفسه ، ج2، ص 97، وذكر أن وادي العربة، هو كادش بارنيا Kodesh Barnea الوارد ذكره في الكتب المقدسة،المصدر نفسه 156، كما ذكر أن بعض الجبال هي المذكورة في سفر العدد الإصحاح الرابع والخامس بعد الثلاثين من "صعود القهائيين". المصدر نفسه ، ج2، ص 161


([36]) المصدر نفسه ، ج2، ص 57، 58، 59، 67

([37]) المصدر نفسه ، ج2، ص 58-60

([38]) المصدر نفسه ، ج2، ص 59

([39]) المصدر نفسه ، ج2، ص 57-58

([40]) المصدر نفسه ، ج2، ص 59 -60

([41]) المصدر نفسه ، ج2، ص 57-60

([42]) المصدر نفسه ، ج2، ص 70

([43]) المصدر نفسه ، ج2، ص 106

([44]) المصدر نفسه ، ج2، ص 44-45

([45]) المصدر نفسه ، ج2، ص 78

([46]) المصدر نفسه ، ج2، ص 78

([47]) المصدر نفسه ، ج2، ص 29، 78

([48]) المصدر نفسه ، ج2، ص 56-57

([49]) المصدر نفسه ، ج2، ص 71

([50]) المصدر نفسه ، ج2، ص 109

([51]) المصدر نفسه ، ج2، ص 109

([52]) المصدر نفسه ، ج2، ص 65، 148

([53]) المصدر نفسه ، ج2، ص 33،45-47، 51، 59 ، 65، 69 ، 107

([54]) المصدر نفسه ، ج2، ص 107

([55]) المصدر نفسه ، ج2، ص 71 ، 79،81-82، 110-111 ، 121 ، 131، 166

([56]) المصدر نفسه ، ج2، ص 99، 131، 108، 110-111، 131

([57]) المصدر نفسه ، ج2، ص 163

([58]) المصدر نفسه ، ج2، ص 122، 127، 152
المصدر: ملتقى شذرات

__________________
(اللهم {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} (البقرة:201)
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
أدوات الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع رحلات بيركهارت في شرقي الأردن ودورها في التواصل الحضاري قراءة في مستويات من التواصل"
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
وثيقة أمريكية تشعل مواقع التواصل: "ترامب" سوري الأصل Eng.Jordan أخبار منوعة 0 04-03-2016 08:35 AM
مواقع التواصل "الإسرائيلية" تفضح تكتم الاحتلال على قتلاه Eng.Jordan أخبار الكيان الصهيوني 0 07-21-2014 02:22 PM
فلسطينيو الأردن يحيون الذكرى الـ66 لـ "النكبة" ويرفضون التنازل عن حق العودة عبدالناصر محمود الأردن اليوم 0 05-16-2014 06:27 AM
دور "مواقع التواصل الاجتماعي" في حركات التغيير العربية Eng.Jordan مقالات وتحليلات مختارة 0 01-18-2013 10:41 PM
الرحلات الجغرافية وثقافة التواصل بين الشعوب " اليعقوبي نموذجاً " Eng.Jordan بحوث ودراسات منوعة 0 08-05-2012 01:38 PM

   
|
 
 

  sitemap 

 


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 06:37 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59