#1
|
||||
|
||||
من ذكريات تجربة انتهت
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته -الـدُكـتورة : كــفـاح أبو هـَنّود سبعَ سنينَ ؛ وأنا أتلاشَى في الوحدة .. أشياءَ كثيرة كانت تلتمعُ في عقلي ؛ وتُؤلمني بشدّة .. رتمٌ مِن رتابة القَهر والأسى ؛ يتّسع ولا يتوقّف كل يوم ! أُقاوم الهَشاشة ؛ فتشدّني إلى دوّامتها .. وأَغرقُ كل يوم ! أُخرِج نفْسي .. فأجدها مُبتلةً بكلِ هذا التَعب ! كانت الناسُ شحيحةً بالحُب ، وكان المكان سَخيّاً بكل مايؤذي الروح .. كان المَكان فائضاً ؛ بكل أسباب الوحدة والوحَشة ! في كل ليلةٍ .. أضعُ رأسي على المخَدّة ؛ كنت أتفقّد ما تشوَّه من قلبي ! نعم .. كانَ قلبي دوماً ؛ هو رِهاني في مَعركة الحياة ، وكانت هذه المَدينة البائسة ؛ تتَسلل إليه بالهَزيمة كُل ليلة ! حاولتُ أن أتوَهّج كثيراً ؛ ولكنّي فَشِلتُ .. فالمكان مُهَيءٌ للإنطفاء ! كل الطُرق المُؤدية للنَّجاة ؛ كانت تضيع فَجأة .. كأنّ يداً تحمي الصَخرة من الإَنفراج ! و َوراءها ؛ كان يقتلني الحَنين لأشياءَ كثيرة .. للحُرية ، وللحُـب ، وللإنسانية ، وللتَسامح ، وللفـِكر الحـُرّ ، وللفَـرح ! كم هو مؤلمٌ ؛ أنْ تقبع في الذّكريات .. ويصبح الصمت الطويل ؛ هو نَجاتك ! تلك المسرّات الصغيرة ؛ فَقدتُها دفعةً واحدة .. وفَقدتُ دَهشة الحياة .. وابْتَلعَ صوت النّشاز كُل عالَمي ! وَطوال الوقت .. لم أجد أحداً يتّسع لهذه الكثرة من الألم ، وصِرت أُصلّي لله ؛ أن يدَع يدي تَلمس الحياةَ ثانية ! حاولتُ الخَلاص عبر البُكاء .. ثمّ جفّت الدُموع بَغتة ؛ مثل غَيمة انهمرتْ بغزارةٍ ثم فقدَتْ كل ماءها ! كُنت على استعدادٍ ؛ لمقايضة أَولويات كثيرة بفرصةِ نجاةٍ واحدة ! يـاه .. كيفَ تعيد الأقدار تَرتيب أولوياتنا .. ؟ .. لكن المَنفى كانَ يتناهى في الإتّساع .. ولاشيء ينجو في المنَافي ! أذْكُر أنّي قرأتُ عبارة : ( إنّك لن تفهم أبدا ؛ أنْ يفعلَ المرء كل مابوسعه دونَ جدوى ) .. كمْ كان مُفزعاً ؛ أن لا يفهم سواي ذلك .. وكم كان مفزعاً ؛ أن أعترفَ بأنّي كنت أبحث عن شخص أتقاسم معه الخَسارة .. شخصٌ يُخَفف عنّي ثِقَل العَتمة ! في كل عامٍ .. كانت تكبُر الفَجوة بيني وبينَ المكان ! كم هو مُروّع .. أنَ تعيش على حافّة الهاوية طوال الوقت ! وكم هو مُروّع .. أن تعرف عُمق الخَيبة في المكان ! لقدْ قضيتُ تلك السَنوات .. وأنا أخافُ على صوتي أن يَتوارى ! ذاتَ يومٍ .. قُلت للبحر أنّي أعرف مَذاق الألم جيداً .. كانت تلك لحظة حَزينة .. أنْ تتوسّل لكل شيءٍ ؛ كي يتوقّف الجَزر ! يتَهادى الليلُ في سَيره ؛ ولا ينتهي .. وكلّما أقصيتُ القلق َ؛ وجدْتّه فجأةً في انتظاري ! حاولتُ في تجربةِ النجاة ؛ أن أنتمي لِنَفسي كيْ أشعر بالأمان .. ثُـمَ اكتشفتُ ؛ أنّي أحكمتُ جيداً باب الزّنزانة على نَفْسي .. وتكدّس الكلام في عُمقي ! هل كنتُ في مأمنٍ من كل هذا الألم ، وكنتُ ساذجةً إلى حدٍّ ظَننتُ ؛ أنّ بمقدورِ المَرء أن يبقى سعيدا ؟! كيفَ وُلد هذا المُنعطف في حياتي .. ولماذا ؟ هل كنتُ بحاجةٍ ؛ إلى أن أنجو من تَرفي ؟! هل كانت تلك العُزلة ؛ زنزانةَ المواجهة مع الحَقيقة .. مع الجُزء الذي لا أعرفه عن الحَياة ؟! كان مَشهد حياتي ناقصاً .. وكانت تَجربة الألم ؛ قِطعَ الِّليجو التي اكتملَ بها الوعي ! كيف صَمت الضَحك .. كيف توَقّفت الطمأنينة .. وكيفَ ثار كل هذا التَعب في عُمري ! كنت أشعرُ بكل الوحدة عَميقة في دَمي .. وصارت تُفزعني الَحياة ! مفرداتٌ ؛ مثل القَسوة ، الخَوف ، الأَلم ، الفَقد ، التَعب ، الإنتظار المُمِل ، التَناقضات ، الرَغبة في الصّراخ ، القَيد ؛ الذي ظلَ عالقاً في روحي .. كُلها لم اخترْ منها شيئاً .. لكنّها اختارتني بعناية ! كيف للإنسان ؛ أن يَفقد مبرر وُجوده .. ثم يَستمر ! كيف له يتقبَل الخَواء الغامر ؛ ويَصمت عن كُل الكلمات التي لأجلها كانَ يعيش ! كيف لهُ ؛ أن يَظل قَلِقا ! كيف لأُغنياته أن تُصبح كُلها ؛ حزينة ! كيف له ؛ أنْ يسمع صوت انطفاءِ الّلهفة فيه ! كيف يحدثُ ذلك .. ولماذا ؟ رُبما نحنُ نُدرك حين نسمع صوت السّجن وهو يُفتح ؛ أنَ مدرسة الألم هي التي نتَوهّج بعدها ؟ وَنُشرق بما صَمد فينا ! نحنُ في المدى المأهول بالنِّعَم ، وصوت الجَمال لا نزهر ! رُبما تشعّ ألواننا .. لكنّها مثل قَوس قُزَح ؛ سُرعان ما يَغيب ! فقطْ .. في المُعاناة ؛ نحنُ نَتجذّر للأَبد ! (من ذكريات تجربة انتهت ولله الحمد) المصدر: ملتقى شذرات
__________________
" يا الله أنتَ قوتي وثباتي وأنا غصنٌ هَزيل " |
العلامات المرجعية |
الكلمات الدلالية (Tags) |
انتهت, ذكريات, تجربة |
يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف) | |
|
|
المواضيع المتشابهه للموضوع من ذكريات تجربة انتهت | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
ذكريات// المسكية والسلملك | زهير شيخ تراب | أدباء وشعراء شذرات | 1 | 08-20-2014 08:08 AM |
ذكريات/// سوق الخجا وملابس العيد | زهير شيخ تراب | أدباء وشعراء شذرات | 0 | 08-14-2014 08:26 AM |
صور إنميشن لمناسبات ذكريات الميلاد 2013 | Eng.Jordan | الصور والتصاميم | 3 | 10-09-2012 08:47 AM |
يا زهرتي هذي بقايا ذكريات .. | صباح الورد | أخبار ومختارات أدبية | 2 | 09-07-2012 07:57 AM |
أشلاء من ذكريات... | صباح الورد | نثار الحرف | 6 | 07-18-2012 01:26 PM |