العودة   > >

مقالات وتحليلات مختارة مقالات ..تقارير صحفية .. تحليلات وآراء ، مقابلات صحفية منقولة من مختلف المصادر

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
  #1  
قديم 03-17-2014, 03:43 PM
الصورة الرمزية عبدالناصر محمود
عبدالناصر محمود غير متواجد حالياً
عضو مؤسس
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 56,202
ورقة أزمة القرم ؛ تدويل أم ششينة ؟!


أزمة القرم ؛ تدويل أم ششينة ؟!*
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

16 / 5 / 1435 هــ
17 / 3 / 2014 م
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

version4_hdhdhd.jpg

"روسيا مستعدة للذهاب إلى حد الحرب الشاملة من أجل الحفاظ على نفوذها في شبه جزيرة القرم"
هذا ما خلص إليه رأي كثير من المراقبين والمحللين للتحركات الروسية إزاء الأزمة الأوكرانية منذ ثورة ميدان الاستقلال وما تبعها من أحداث . فإرث الاتحاد السوفيتي مازال يشكل عبئًا على الدول التي كانت جزءًا من هذا الاتحاد. ظهر هذا الأمرُ في الحالة الجورجية عام 2008 عندما وصل الأمر للتدخل العسكري الشامل واقتطاع جزء من جورجيا المارقة وضمه لروسيا ، وهو الأمر القابل للتكرار في النموذج الأوكراني. فقد دخلت الأزمة الأوكرانية مؤخرًا مرحلةً معقدةً عقب تبني موسكو موقفًا تصعيديًّا، خاصةً مع سيطرة القوات الروسية على سائر المواقع الحيوية داخل منطقة شبه جزيرة القرم التابعة لأوكرانيا ، وتصويت البرلماني القرمي الذي يهيمن عليه أنصار روسيا لصالح الاستفتاء على الاستقلال الذاتي والانضمام لروسيا أو البقاء مع أوكرانيا ، وهو استفتاء معروفة نتيجته سلفا ،ومن جانبها استدعت الحكومة الأوكرانية قوات الاحتياط؛ حيث اعتبرت أن التحركات الروسية بمثابة إعلان للحرب عليها، وطلبت تدخل الدول الغربية في الأزمة الراهنة، فيما كانت تلك الدول تسعى إلى تحذير روسيا من مغبة التدخل العسكري في أوكرانيا، واعتبر الأمين العام للناتو “أندرس فوج راسموسن” أن تصرفات روسيا العسكرية في أوكرانيا تهدد الأمن والسلم في أوروبا " ، كما تواترت التهديدات الأمريكية والأوروبية من الساسة والعسكريين على حد السواء وبلهجة آخذة في التصاعد يوما بعد يوم مع اقتراب موعد الاستفتاء في شبه جزيرة القرم .
روسيا تتعاطى مع دول الاتحاد السوفيتي السابق على أنها فضاء خاص بها لا يمكن السماح لأطراف أخرى بالتواجد فيه، ومن ثم دخلت روسيا إلى الأزمة الأوكرانية وهي محملة بهذه الرؤية الذاتية، لتضفي على الأزمة المزيد من التشابكات. فروسيا وابتداء من الأزمة الجورجية سنة 2008 ونجاحها اللافت في التعامل هذا الملف ، ثم موقفها في الأزمة السورية ، وهي تستدعي عقلية الحرب الباردة ، فعملت على بناء شبكة من التحالفات التي ضمنت لها نطاقات جديدة للنفوذ على غرار أحلاف حقبة الحرب الباردة ، وعادت مصطلحاتها للظهور من جديد مثل مصطلح الفناء الخلفي ، ومصطلح مناطق النفوذ ، في محاولة أقرب ما تكون لاستحضار أفكار الحرب الباردة، ومحاولات استرجاع مجد الاتحاد السوفيتي التليد؛ إذ إن النظام الحاكم في روسيا لديه قناعة بأن موسكو لديها الإمكانات الكافية للقيام بدور قيادي على الساحة العالمية، ومن ثم فإنها دولة كبيرة لديها مصالحها، ومناطق نفوذها التي كانت بحكم التجربة التاريخية تخضع لسيطرتها هو ما يجعل التدخل العسكري مقبولا طالما أنه يحقق المصالح الروسية.
وفي المقابل فالغرب يتعامل مع الأزمة الأوكرانية بصورة تدعو أيضا للقلق الدولي ، لاسيما أن القضية تتجاوز أوكرانيا في حد ذاتها، فهي في الواقع مسألة نفوذ ومصالح كإحدى حلقات المنافسة على قيادة النظام العالمي ، وهذا التعقيد دفع الغرب لئن يغلّب جانب التصعيد على جانب التهدئة والرصانة ، وباستقراء التصريحات الصادرة من الدول الغربية بخصوص الأزمة يوضح أن هناك عددًا من المصطلحات التصعيدية تم اعتمادها كخطاب علني في وصف الأزمة ، منها على سبيل المثال توصيف ما تقوم به روسيا بأنه عدوان لن يمر بدون عواقب (وفقًا لما ذهب إليه وزير الخارجية الأمريكي جون كيري)، والتلويح بالعزلة الدولية، واستخدام ورقة الضغط الاقتصادي على موسكو، وإنهاء عضويتها في مجموعة الثماني، فضلا عن إعلان عدد من الدول عدم حضورها قمة مجموعة الثماني التي تستضيفها روسيا هذا العام. في تصعيد متعمد للأزمة يدخل إلى خيارات روسية ربما تكون أشد تطرفا .
ربما يكون التصعيد الروسي مفهوما في ظل الأهمية الإستراتيجية والاقتصادية والجغرافية الكبرى لأوكرانيا بالنسبة لروسيا ، ولكن الذي قد يبدو غير مفهوم بصورة واضحة التصعيد الغربي في الأزمة الأوكرانية ، فمعادلة الصراع الأوكراني ليست صفرية ، والجميع من الممكن أن يصل إلى ترضية مناسبة ، فلماذا إذا هذا التصعيد الغربي والأمريكي في ملف القرم ؟
أمريكا تراقب التحركات الروسية منذ فترة وتنظر إليها بعين الارتياب والتوجس ، وترى أن المكاسب التي حققها الروس من أزمة جورجيا وما تلاها من أحداث ، والدور المتصاعد في الأزمة السورية ، قد رفعت من سقف طموحات الدب الروسي بدرجة جعلته يفكر في استدعاء أمجاد الماضي ، لذلك فأمريكا تخطط منذ قرابة العام لتحجيم النفوذ الروسي وقطع امتداداته الإستراتيجية في آسيا وأوروبا الشرقية ، وإعادته لمربع سنة 1991 ، وما التقارب الأمريكي مع إيران إلا حلقة من حلقات الحصار التدرجي للنفوذ الروسي ، ومن ثم فأمريكا تخطط لاستدراج الروس إلى مستنقع جديد في شبه جزيرة القرم ، ربما يكون أشد خطورة وضررا من المستنقع الأفغاني والشيشاني ، وفتح بؤرة صراع ديني وقومي وسياسي ودولي يكون كفيلا بإغراق الدب الروسي ذي الأطماع المتزايدة في تداعياته ، وكلمة السر في هذا الصراع " تتار القرم المسلمون "
فتاريخ المسلمين في القرم يعود إلى ما بعد غارات التتار على العالم الإسلامي، فبعد هجماتهم الشهيرة على بلاد المسلمين،والتي نتج عنها تدمير عاصمة الخلافة الإسلامية ؛ شرح الله صدور التتار للإسلام، فأشهرت إحدى قبائل التتار إسلامها عام 740 هـ، وكانت تلك القبيلة تعرف بالقبيلة الذهبية التي أسسها "باتوخان" أحد أشهر أحفاد جنكيز خان، وانتشر الإسلام بواسطة هذه القبيلة على طول نهر الفولجا الذي أصبح نهراً إسلامياً من منبعه إلى مصبِّه، كما انتشر الإسلام بواسطة التتار في منطقة جبال الأورال، ونشأت إمارة القبشاق إحدى ممالك المغول الكبرى، والتي سيطرت على أجزاء واسعة من روسيا وسيبيريا، واتخذت من مدينة سراي في الفولجا عاصمة لها.وأصبحت شبه جزيرة القرم التي استوطنتها القبائل التتارية كلها إسلامية، وظهر في هذه المنطقة الكثير من المدن والحواضر الإسلامية، وأصبحت أغلب المناطق التي عرفت فيما بعد بالاتحاد السوفييتي خاضعة لحكم التتار المسلمين، واستمر حكمهم لهذه المناطق زهاء ثلاثة قرون، وكانت خلالها موسكو إمارة صغيرة تخضع لحكم أمير قازان المسلم.وكان أمير موسكو لا يعيَّن إلا بعد استشارة أمير قازان المسلم، وظلت إمارة موسكو تدفع الجزية للإمارات التترية المسلمة حتى عام 918هـ . وفي سنة 1552م الموافق 960هـ استطاع قيصر روسيا "إيفان الرهيب" أن يقضي على الإمارات الإسلامية، وأن يسيطر على جزيرة القرم المسلمة، بعد أن أدَّت الخلافات بين الأمراء المسلمين إلى إضعافهم وتمكين عدوِّهم منهم. وتحولت الإمارة الكبرى إلى ثلاث إدارات هي: استراخان، وقازان، والقرم. وقام بطرس الأول عام 1678م بمحاصرة القرم التي أُسقطت في عام 1736م، واحتلَّت الجيوش الروسية عاصمة القرم ، قاموا بقتل 350 ألف مسلم تتاري، كما قاموا بنفي نحو 500 ألف مسلم بعيداً عن بلادهم وإحلال الروس مكانهم، ومارست روسيا القيصرية شتى ألوان القهر والتعذيب ضد شعب التتار، وصادرت أراضيهم ومنحتها لمواطنيها، وصادرت مساجدهم ومدارسهم، واضطُرَّ زهاء مليون تتاري أن يفرُّوا إلى تركيا، وقامت روسيا بتهجير الباقي إلى داخل المناطق الخاضعة لها . ثم جاءت الثورة الشيوعية لتستمر حلقات الاضطهاد والتنكيل ولكن بصورة أبشع ،فهبط عدد التتار من تسعة ملايين نسمة تقريباً عام 1883م إلى نحو 850 ألف نسمة عام 1941م ، فقد اتهم ستالين التتار المسلمين بالتعاون مع النازيين الألمان في الحرب العالمية الثانية، فقام في مايو 1944م بتهجير أكثر من 400 ألف تتري في قاطرات نقل المواشي إلى أنحاء متفرِّقة من الاتحاد السوفييتي خاصة سيبيريا وأوزبكستان، وقد قضى نحو 14 ألفاً منهم نحبهم في القُطُر التي استُخدمت لتهجيرهم، كما توفِّي عام 1948 زهاء 45 ألفاً في المخيمات التي وُطِّنوا فيها بسبب المرض والجوع.وقام الجنود الروس بحرق ما وجدوه من مصاحف وكتب إسلامية، وأعدموا أئمة المساجد، وحوَّلوا المساجد إلى دور سينما ومخازن .
هذه الذاكرة التترية المسلمة المثقلة بالكثير من المشاهد المأساوية من الجرائم الروسية ، جعلت تتار القرم ينضمون للثورة في كييف منذ البداية ، ويقفون في وجه أي محاولات لاقتطاع القرم من أوكرانيا ، وهم يشكلون نسبة 12% من سكان القرم حاليا ، وقد أبدوا استعدادهم للوقوف في وجه الروس ولو بالقوة ، والمشاعر الجهادية آخذة في التنامي في صفوف شباب التتار ، فقد نقل تقرير نشرته صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية، من إعداد مراسلها في مدينة سيمفروبول (عاصمة شبه جزيرة القرم)، عن أكبر زعماء التتار ـ مصطفى جميل ـ تحذيراته من أن روسيا تخاطر بتكرار اشتباكاتها الدموية في الشيشان إذا نفذت تهديداتها بضم القرم، خصوصا مع توعد مجموعات إسلامية بإعلان النفير والجهاد ضد القوات الروسية التي تحتل شبه الجزيرة.
وقد كشف "مصطفى جميل" أن عددا من الناشطين التتار اقتربوا منه ليبلغوه أنهم سيقاتلون الروس "وقال :"لدينا مجموعات إسلامية سلفية من الذين قاتلوا (مع الثوار) في سوريا"، وأضاف: "يقولون: عدو دخل أرضنا ونحن مستعدون لقتاله " ثم ختم كلامه بقوله : " هم أناس مستعدون للموت بشرف ونحن لا نستطيع منعهم " .
فأمريكا ستعمل في الأيام القادمة على تدويل أزمة القرم لتكرار أو استنساخ التجربة الشيشانية ، بحيث تكون القرم ساحة من ساحات الجهاد العالمي ، ينتقل إليها المجاهدون من تركيا ـ الرافضة للتدخل الروسي في القرم والتي يوجد على أراضيها جالية تترية تقدر بمليوني تتاري ـ ومن الجمهوريات الإسلامية والشيشان وأفغانستان ، وسوف يؤدي ذلك التدويل والتصعيد لأزمة ضخمة أمام روسيا ، وسوف تنفجر المنطقة بأسرها بالصراعات الطائفية والدينية والعرقية سيمتد لهيبها ليحرق الأطماع الروسية ويذيب جليد الحروب الباردة . وفي تقرير حالة إستراتيجي أعده "تشارلز ليستر"خبير في الحركات الجهادية في سوريا، كشف فيه إن غزو روسيا جرى فعلا مناقشته بتفاعل في وسائل الإعلام الاجتماعية ومنتديات الإنترنت التي يرتادها "متشددون إسلاميون"، وأضاف: "الناس يتساءلون ما إذا كانت الأحداث ستُفضي إلى فتح جبهة جهادية جديدة" .
أمريكا تجر روسيا اليوم لشرك كبير سيقوض كل طموحاتها وأحلامها بأمجاد الاتحاد السوفيتي ، فأمريكا تتظاهر بتدويل الأزمة في حين هي ترمي لششينتها ، وتفجير الأوضاع على العتبات الروسية بحيث تكون مقبرة لسياسات بوتين الرامية لبناء إمبراطورية جديدة للروس ، فهل سيبتلع الروس الطعم ويدخلون الشرك مغترين بقوتهم العسكرية وكثرتهم السكانية هناك ؟ أم أنهم سيدركون صورة المؤامرة ويتراجعون عن التصعيد في اللحظات الأخيرة ؟ ويديرون الصراع بذكاء يسمح لهم بالحفاظ على النفوذ والمكاسب ؟ هذا ماستظهره الأيام القادمة .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــ
*{مفكرة الإسلام}
ــــــــــــــــــــــــــ
المصدر: ملتقى شذرات

رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
أزمة, القرم, تحويل, ششينة


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع أزمة القرم ؛ تدويل أم ششينة ؟!
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
هل سيتعرض مسلمو القرم للتهجير من جديد؟؟ عبدالناصر محمود المسلمون حول العالم 0 03-16-2014 08:42 AM
القرم تؤمم المنشآت الأوكرانية على أراضيها عبدالناصر محمود أخبار عربية وعالمية 0 03-07-2014 07:21 AM
معاناة مسلمي شبه جزيرة القرم تتجدد عبدالناصر محمود المسلمون حول العالم 0 03-02-2014 08:48 AM
خداع مسلمي القرم للمشاركة في الصلوات النصرانية عبدالناصر محمود المسلمون حول العالم 0 01-01-2014 09:49 AM
ليبيا ؛ أزمة أخلاق وأعمال لا أزمة أرزاق وأموال !! بقلم // د. فتحي خليفه عقوب ابو الطيب مقالات وتحليلات مختارة 0 11-27-2013 11:27 PM

   
|
 
 

  sitemap 

 


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 05:24 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59