#1  
قديم 12-15-2014, 11:43 AM
الصورة الرمزية Eng.Jordan
Eng.Jordan غير متواجد حالياً
إدارة الموقع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: الأردن
المشاركات: 25,392
افتراضي التسيير الفعال مفاهيم و أبعاد


حمل المرجع من المرفقات


الفصل الأول:
التسيير الفعال مفاهيم و أبعاد
لقد ظهرت العديد من الاتجاهات الفكرية التي اهتمت بمواضيع التسيير خاصة منذ مطلع القرن العشرين، تزامنت مع مختلف المراحل التي مر بها النشاط الاقتصادي وما ميزها في كل مرحلة منها، بدء من اقتصاد الإنتاج أين برزت المدرسة الكلاسيكية ومدرسة العلاقات الإنسانية إلى ما توصلنا إليه من مفاهيم حديثة وأساليب جديدة في ظل اقتصاد المعرفة.
يعتبر مفهوم الفعالية من أكثر المفاهيم تداولا في العديد من المجالات خاصة في الإدارة وعلى الرغم من ذلك فإنه لم يعط الاهتمام الكافي من حيث الشرح والتوضيح، ويرجع ذلك ربما ظنا أن كثرة تداوله جعلته من البديهيات المتعارف عليها، إلا أنه من الملاحظ استخدامه في كثير من المجالات بعيدا عن مضمونه الحقيقي مما يؤدي إلى زيادة اللبس والغموض من حوله، لذا ارتأينا من المفيد محاولة التعرض لهذا المفهوم مع التركيز على التسيير الفعال , الشيئ الذي ربما يثير نقاشا مفيدا يهدف إلى تسليط الضوء على جميع الجوانب المرتبطة به من حيث المضمون والأبعاد.
إن التطرق إلى أهمية العمل على تحقيق فعالية التسيير كهدف استراتيجي تسعى إلى بلوغه معظم المؤسسات مهما كانت طبيعة نشاطها، جعل منه قاسما مشتركا يمكن تحقيقه بشتى الطرق والوسائل.
كما يتطلب من الهيئات الإدارية التعرف على العوامل والمعايير وتحليلها بغرض معرفة كيفية تأثيرها واتجاه هذا التأثير وعمقه، وهذا من أجل اتخاذ الإجراءات والتدابير والقرارات المناسبة لتحسينها وتطويرها بما يخدم الأهداف المرجوة.
ونظرا للطبيعة المعقدة لهذا المفهوم فإن الهدف من هذا الفصل هو التطرق لمفاهيم التسيير الفعال وأبعاده بالدراسة والتحليل من خلال المباحث الآتية :
المبحث الأول: المدارس التسييرية ونظرتها للتسيير .
المبحث الثاني: ماهية الفعالية في المؤسسة.
المبحث الثالث: التسيير الفعال وأبعاده.
المبحث الرابع : فعالية وظائف التسيير

المبحث الأول: المدارس التسييرية ونظرتها للتسيير
إن مفهوم الفعالية لم ينل الأهمية التي يستحقها في التسيير إلا في مطلع القرن العشرين، وهو التاريخ الذي بدأ فيه التسيير ينحو منحنيا أكاديميا، أي أصبح يحمل الصفة العلمية بسبب التطورات التي شهدها آنذاك التسيير (مثل تطبيق الطريقة التايلورية) مما أكسب معه موضوع الفعالية أهمية كبرى ، فأصبحت الفعالية سببا وهدفا مطروحا في نفس الوقت في توسيع واستمرار وتقدم البحوث في التسيير علما وتطبيقا.
وإذا كان الهدف المنشود معروفا وهو تحقيق الفعالية فإن سبيل تحقيقه لم يكن واحدة بحيث أدى ذلك إلى ظهور عدة مدارس تسييرية تحمل كل وحدة منهم في طياتها فلسفة خاصة بها وكذا حسب الفترة التي تزامنت معها.
المطلب الأول: المدرسة الكلاسيكية
اقترنت المدرسة الكلاسيكية بأسماء الباحثين الذين وضعوا الأسس الأولى لعلم المنظمات والتي ارتبطت أعمالهم مع بداية القرن العشرين أمثال Max. ***er –H. Fayol –F.w. Taylorإضافة إلى أعمال الباحثين الآخرين الذين أتموا فيها بعد أعمال هؤلاء الرواد والتي اهتمت أساسا بعملية التسيير وإن كان كل واحد ركز على جانب معين إلا أن مساهمتهم اشتركت في العديد من الفرضيات الأساسية وهي: [1]
- تمارس السلطة من الأعلى إلى الأسفل:طبقا للمفهوم السلمي (le concept scolaire) تكون للدرجة العليا في الهرم السلطة على الدرجة التي تليها وهكذا يمكن تفويض السلطة لها وصولا إلى آخر درجة أين لا تمتلك التفويض, و السلطة كما يعرفها S. Frauklinet G.R. Terry"هي الحق الرسمي في المطالبة بالامتثال والالتزام بالخضوع"[2] ومن أهم مصادرها الشرعية القدرة على العقاب والجزاء، الخبرة، و القدوة.
- مبدأ التخصص التنظيمي (Spécialisation organisationnelle):أي أن كل فرد في المؤسسة متخصص في نشاط معين من خلال تنظيم ووصف مناصب العمل، فكل واحد مكلف بتنفيذ عمل معين وبأبسط حركة ممكنة في ظل الإنتاج على شكل سلسلة.
- نطاق الإشراف (l'éventail subordination):ليس من الفعالية أن يقود مسؤول العديد من المرؤوسين، وهو من المفاهيم التي دفعت الكتاب الكلاسيك إلى التساؤل حول العدد الأمثل للمرؤوسين الخاضعين لسلطة الرئيس وتجدر الإشارة إلى أنه لا يوجد تحديد مناسب ومتوافق بين هؤلاء الكتاب، وكذا نطاق الإشراف له تأثير على عمق الهيكل التنظيمي وأفقيته ويتأثر بعدة عوامل كالمستوى الثقافي للأفراد، نظام القيم، ثقافة المؤسسة، الاتصال، هذا ما أدى مع مرور الوقت إلى التحول إلى التنظيمات المسطحة (بدل الهرمية) والتي تبنى أساسا على المهارات.
- الاختيار المناسب للعمال وتحسين وتطوير قدراتهم (تكوين الأفراد) .
كما سبق الإشارة إليه، على الرغم من هذه الفرضيات المشتركة بين رواد المدرسة الكلاسيكية إلا أن كل واحد منهم اهتم بمستوى معين.
أولا- نظرية الإدارة العلمية:
التي نادى بها وأسسها المهندس الأمريكي فريدريك تايلر (1856م-1915م) وذلك في كتابه الإدارة العلمية عام 1911م، يعد تايلر مؤسس التنظيم العلمي للعمل والذي عرف العمل على شكل سلسلة تبين مجموعة من العمليات المنتظمة خلال العملية الإنتاجية للوصول إلى إنجاز عمل معين، بالإضافة إلى تحديد الأجر من خلال مردود العمل، على الرغم من تحاليله الخاصة بتنظيم الورشات (طبيعة تكوينه وخبرته) إلا أنه يصنف من بين منظري الإدارة العامة وانحصرت أعماله أساسا حول الفعالية في العمل باللجوء إلى المنهج العلمي،"وقد انطلق من فكرة أساسية وهي التظاهر بالعمل في حين أن العمل لا يستغرق إلا جزءا بسيطا من وقت العامل"[3]، لذا نحاول إيجاد علاقة بين الإنتاجية والعائد، حيث أن هذا الأخير يكون انطلاقا من تنظيم جيد، فقام بإعادة تصميم العمل من خلال نظام جديد للأجور على أساس الكمية المنتجة بدلا من النظام الزمني، حيث يكون هناك توافق بين أجر العمال ومستوى الإنتاجية (الأجر بالقطعة).
"يعد تايلر أول من اخضع خطوات العمل للدراسة والبحث وانتهج في ذلك المنهج العلمي من خلال دراسة العمل، الحركات والزمن"[4]، والذي يقوم على أساس تقييم العمل، الاختيار المناسب للعمال، تحديد الأجر بالقطعة، ومن خلال تجاربه توصل إلى ما يسمى بالطريق الأفضل الوحيد
"الذي تعني به إتباع أحسن طريقة ممكنة لزيادة الإنتاجية وما يلزمها من تنظيم عقلاني للعمل والمحفز الوحيد والأساسي هو ذو طبيعة مالية والعمل على القضاء على التبذير في الوقت، الموارد بإتباع المنهج العلمي"[5].
ثانيا- نظرية التقسميات أو المبادئ الإدارية:
التي نادى بها وأسسها المهندس الفرنسي هنري فايول (1841م-1925م)،/ أحد أشهر رواد المبادئ الإدارية أو التسييرية، وقد ضمن فايول أفكاره في كتابه الصادر بالفرنسية عام 1916م تحت عنوان "الإدارة العامة والصناعية" (1970م-Blan et scott فقد تبنى فكرا تسييريا اختلف عن تايلر الذي اهتم بالورشات، وأن الفعالية تكون انطلاقا من الطريقة التي يمكن تتبعها في العمل وربطها بالحوافز المادية، في حين أن فايول يبين انه يمكن التحكم في السلوك الإنساني من خلال العملية التسييرية بمجموعة من القواعد والضوابط والمبادئ المحددة للأداء،"كما أن فايول بدأ حياته العملية كمدير عام لشركة منجمية في فرنسا كونت له خبرة ساعدته على تبني فلسفة تسييرية، هذا ما تبين في كتابه الإدارة الصناعية والعامة"[6]، وقد تبنى وجهة قائلة "بأن التسيير ليست موهبة شخصية تولد مع الإنسان ولكنها مهارات يمكن تعلمها طالما أن المبادئ التي تقوم عليها قد تم استعابها"[7]وقد قدم فايول خمسة وظائف للإدارة أو التسيير هي أن نتوقع، تنظم, نقود، ننسق ونراقب وفي مقابل هذه الوظيفة التسييرية هناك خمسة وظائف للمؤسسة تطبق عليها وهي: الوظيفة التقنية، التجارية، المالية، الأمن والمحاسبة.
ولزيادة الفعالية التسييرية قدم فايول الأربعة عشر مبدأ لتحسين قيام المسيرين بمهامهم بأحسن كيفية وهي: تقسيم العمل والتخصص، السلطة والمسؤولية، الانضباط، وحدة القيادة، وحدة الإدارة، أولوية المصالح العامة على المصلحة الشخصية، مبدأ المكافأة والتعويض، المركزية، تدرج السلطة، العدالة والإنصاف، استقرار العمال، المبادرة، تنمية روح الجماعة.
ثالثا- النظرية البيروقراطية:
التي وضعها ونادى بها العالم الألماني ماكس وبير (1864م-1920م) سعيا وراء توفير أعلى حد للفعالية، فهدف ويبر إلى وضع مجموعة قواعد وأسس ومبادئ لتنظيم سير العمل في المؤسسات لأن تطبيق ما تضمنته هذه النظرية يضمن للمؤسسة الدقة في العمل وأحكام السيطرة والرقابة على تنفيذه وتحقيق فعالية عالية المستوى، وأهم المبادئ التسييرية التي تضمنتها هذه النظرية هي "التدرج في الوظائف حسب الاختصاصات، توزيع العمل بناء على التخصص عدم التحيز للأشخاص إستخدام الأشخاص بناء على مؤهلاتهم وخبراتهم، التدوين الكتابي للأوامر، السرية في العمل والالتزام بها"[8]، فبالرغم من الإيجابيات التي أتت بها النظرية البيروقراطية إلا أنها أظهرت عيوب أدت إلى الظن بعدم فعاليتها فقد اقترنت بأنها تضعف روح المبادرة وأنها تستعمل الأسلوب المركزي التسلطي وعدم فاعليتها في الجانب الاتصالي.
لهذه النظرة الميكانيكية التي مفادها أن المحفزات المادية هي الكفيلة لزيادة الإنتاجية قد صاحبت مرحلة اقتصاد الإنتاج أين كان العرض أقل من الطلب وأن كل ما يتم إنتاجه يستهلك لذا تم استغلال الأفراد لكن التغيرات التي حدثت فيما بعد تطور النشاط الاقتصادي، أصبح النظام الكلاسيكي أقل تكيفا لإشباع رغبات المستهلكين وما صاحبها من تنوع كبير في المنتجات، وأن الفرد العامل ليس كحيوان يتقدم بالجزر (الأجر) بل هو عبارة عن كائن حي تحكمه مجموعة من الضوابط الإنسانية يجب مراعاتها، هذا ما أكده مجموعة من علماء النفس وعلم الاجتماع مهدوا لظهور تيار جديد يسمى بالمدرسة السلوكية.
المطلب الثاني: المدرسة السلوكية
جاءت المدرسة السلوكية بشكل أساسي لمواجهة الانتقادات والنواقص التي اتسمت بها نظريات المدرسة التقليدية والمتمثلة في التركيز على الجانب العلمي للعمل وتحقيق أعلى مستوى من الإنتاج دون إعطاء أي اعتبار للعوامل الإنسانية وقد اهتمت هذه المدرسة بدراسة سلوك الفرد والجماعة أثناء العمل سعيا وراء تحقيق الفعالية وتحسين العمل وتندرج تحت هذه المدرسة مجموعة من النظريات والمدارس منها.
أولا- مدرسة العلاقات الإنسانية:
التي تعتبر المرحلة الأولى لمدخل العلوم السلوكية، وترجع أساسا إلى الأكاديمي والباحث الأمريكي إلتون مايو ومجموعة من الباحثين الممتدة من عام 1927م إلى 1932م في مصانع شركة وسترن إلكتريك ويشار إلى أن هذه المدرسة تطورت بفعل ثلاث رواد هم: روبرت أوين الذي وضع اللبنة الأولى، وإلتون مايو الذي يعتبر المنشئ الحقيقي في القرن العشرين، وماري فوليت التي تعتبر أفكارها امتداد لأفكار مايو، "وقد أكد مايو وزميله (روثليز برجر) أن حل المشاكل الإنسانية في العمل يتم عن طريق الاهتمام بالعنصر الإنساني ودراسة سلوكه"[9] وبذلك انطلقت مدرسة العلاقات الإنسانية من قاعدة أساسية أهملتها المدرسة الكلاسيكية وهي" إنسانية الفرد وكذا علاقته بالجماعة (من خلال دراسة السلوكيين ثم المدرسة الاجتماعية) حتى ولو تم توفير جميع الشروط المادية، يمكن أن يحقق الاهتمام بالفرد نتائج قد تكون أحسن من الأولى وبذلك تستطيع أن يحقق إنتاجية أكبر, وهذه العلاقات بين الأفراد لا تكون في إطارها الرسمي عن طريق السلطة إنما على أساس الثقة المتبادلة والتعاون المشترك"[10]، وكانت أهداف الأفراد تتماشى مع أهداف المؤسسة .
لذا رأى السلوكيون في هذا الإطار أن التسيير "ما هو إلا تحقيق الأهداف و إنجاز الأعمال بواسطة الآخرين"[11] ومن هنا برزت إحدى "أهم الوظائف التسييرية ألا وهي وظيفة الدفع هناك من يسميها (التوجيه) والتي تشمل على ثلاث عمليات اجتماعية وهي الاتصال، التحفيز، والقيادة، هذه العمليات التي تهدف من خلالها إلى التأثير على الأفراد بطريقة تجعلهم يتعاونون على تحقيق الهدف"[12] , و حسب تيار المدرسة الاجتماعية فإن التسيير هو نشاط إنساني هادف , فهي تتعامل عند تطبيقها مع الجماعة و ما ينطوي عليه هذا التعامل من علاقات .
من خلال وظيفة الدفع التي تتعامل مع القوى البشرية أكثر ،يمكن أن يتبين لنا نمط المسير الغالب في معظم الأحيان خاصة أثناء عملية القيادة أو إتخاذ القرار , و هي التي تتعلق بالطريقة التي يتبعها المسير في ممارستة لعمل ما من أجل تحقيق الهدف .
"وأكدت المدرسة الاجتماعية أيضا على أن الإنسان بطبعه اجتماعي ولا يستطيع أن يعيش بمفرده لذا على المسير أن يأخذ بعين الاعتبار هذا البعد فيدرس جماعة العمل وطبيعة تكوينهم وكيفية التعامل معهم ، إلى جانب دراسات أخرى تتعلق بمدى أثر الجماعات وعلاقات الأفراد على الإنتاجية، كتوسع العمل، تثمين العمل، هذا الأخير الذي نقصد به تثمين النشاطات لكل فرد بطريقة تسمح لهم العمل بنوع من الحرية (شعور بالراحة) مع إحساسهم بمسؤوليتهم اتجاه العمل من خلال مراقبتهم لأنفسهم أثناء أداء العمل والتي تصاحب دوران الأنشطة"[13].
ثانيا- تنمية التنظيمات:
التي تعتبر امتداد لمدرسة العلاقات الإنسانية وأبحاث مايو وزملائه، ركز أنصار هذا الاتجاه على ضرورة دراسة السلوك الإنساني الفردي والجماعي وفهمه كأساس لفعالية العمل من أجل تحقيق الأهداف المحددة، كما اهتموا بدراسة حاجات العاملين ودوافعهم لضمان استجاباتهم لمتطلبات العمل بطريقة أفضل ويرى أنصار هذا الاتجاه أن حاجات الإنسان يمكن تحقيقها في التنظيمات الحديثة، مما دفعهم إلى الخلط بين الإنسان ككائن معقد متعدد الحاجات، وبين كونه موظفا يؤدي دورا وظيفيا ضروريا لإشباع حاجاته الاقتصادية، ومن النظريات التي تندرج تحت هذا الاتجاه نظرية ماكريغو (MC Gregor Theory X.y نظرية ماسلو للحاجات (أو هرم الحاجات)، نظرية ذات العاملين (F. Hersberg) , نظرية الشبكة الإدارية (Blake et Mouton).
المطلب الثالث: المدارس الحديثة
نشأت هذه المدارس مؤخرا من بينها مدرسة صنع القرارات، مدرسة علم الإدارة، مدرسة النظم والمدرسة الموقفية أو الظرفية ومدارس أخرى.
أولا- مدرسة صنع القرارات:
تنسب هذه المدرسة التي ظهرت تقريبا في سنة 1950م إلى هربرت سيمون الذي أعطى تعريفا للتسيير يتمثل في كونه عملية "اتخاذ القرارات"، فحسب هذه المدرسة فإن المسير هو عون لاتخاذ القرار وأن "جوهر التسيير هو اتخاذ القرار"[14]، وعلى المسير أن ينجز القرارات الرشيدة التي تساعد على تحقيق الأهداف، وقد ذهب أنصار هذه المدرسة أمثال March et Herbertsimon, Richard cyrt, james إلى دراسة آلية اتخاذ القرار، فالقرار الجيد في نظر سيمون "ليس ذلك الذي يؤدي إلى قدر أكبر للكفاءة بل هو ذلك الذي يحوز على موافقة أغلبية المعنيين بالقرار عن طريق استخدام أسلوب التفاوض والإقناع"[15] "وقد عارض سيمون مفهوم الرشد المطلق بحكم أن المسير لوجود معوقات ومتغيرات كثيرة مثل المواقف والضغوط التي تفرض عليه قيودا يلتزم بأنماط معينة قد تعيقه عن اختيار البديل الأمثل فعملية اتخاذ القرار هي اختيار البديل الأمثل في ظل الظروف السائدة والمعروفة لذا ظهرت محلها نظرية الرشد المحدود"[16] وهي كنقد للنظرية الأولى التي مفادها أن الإنسان لا يبحث عن الحل الأمثل بل يتوقف عند الحل المرضي مقارنة بالوضعية التي فيها، "وتجدر الإشارة إلى أن التركيز على مدخل دراسة وتحليل القرارات فقط لا يعد كافيا للتوصل إلى نظرية متكاملة للإدارة أو التسيير"[17] ولان اتخاذ القرار ما هو إلا فعل يقوم به المسير أثناء ممارسة العملية التسييرية ولا يمكن أن نعتبره تسييرا.
ثانيا- مدرسة علم الإدارة:
نشأت هذه المدرسة والمعروفة باسم بحوث العمليات بعد الحرب العالمية الثانية نتيجة لأبحاث التي تناولت الأساليب الكمية على المشاكل العسكرية واللوجستية, بعد النجاح الذي أحرز في هذا المجال اتجه رجال الاقتصاد إلى تطبيق بحوث العمليات واستخدامها في ميادين الأعمال.
تعتبر مدرسة علم الإدارة الإنتاج السليم وكفاءة الأفراد والتنظيم إنجاز نابعا من التخطيط بمعنى أنها لا تركز على الإنتاج فحسب بل وعلى التخطيط السليم الذي يستخدم النماذج الرياضية أو الكمية بشكل دقيق وهو الأمر الذي يميزها عن الإدارة العلمية، فهي تحاول أن تضع المشاكل التسييرية في شكل نموذج رياضي من خلال علاقات رياضية، على الرغم من إسهاماتها التي لا تزال يعترف بها لحد الآن إلا أنها صادفت مشكلة الظواهر الكيفية أين يصعب تكميمها خاصة تلك المتعلقة بالعنصر البشري وما يتسم به من تعقد واختلاف في نظام القيم.
ثالثا- مدرسة النظم:
إن ظهور مدرسة النظم في سنة 1965م على وجه التقريب في التسيير جاء نتيجة للكتابات الكثيرة التي تلت تقديم " لودوينج فون بير تنفلي" "Luduing von Bertanlaffy" [18] لنظرية النظم في 1937م، وأفكار شيستر برنارد في كتابه وظائف المدير سنة 1938م .
"ويقصد بالنظام في صورته المجردة عبارة عن تكوين منظم ومركب من عدة عناصر أو أجزاء، تنتظم معا في تكوين متناسق لتحقيق هدف أو أهداف محددة"[19] ويعتبر "شيرستر برنارد" أول من تطرق إلى التسيير بمفهوم النظم، فهو ينظر إلى المؤسسة "على أنها نظام اجتماعي للتعاون المتبادل الذي تعتمد أجزاءه على بعضها البعض، وهذه الأجزاء مترابطة فيما بينها، وتتكيف مع بعضها البعض، وتتحدد أجزاء النظام بالبيئة والأفراد العاملين في النظام لتحقيق الهدف المشترك الذي يجمعهم الهيكل الرسمي والتنظيم غير الرسمي"[20]، انطلق أصحاب هذه المدرسة من فرضية أنه يمكن حل العديد من المشاكل التسييرية من خلال النظر إلى المؤسسة على أنها نظام مفتوح يتكون من مجموعة من العناصر المتفاعلة فيما بينها (أنظمة فرعية) والمتبادلة التأثير.
حسب Le moigne فإن النظام له مجموعة من الخصائص التي تنطبق على المؤسسة وهي: [21]
- المنهج النظمي يبين حقيقة نشاط المؤسسة من خلال النموذج مدخلات (تدفقات النظام)، عملية المعالجة، المخرجات، التغذية العكسية (Feed back).
- النظام مجموعة من العناصر المتداخلة وتحكمها علاقات تربط فيما بينها.
- هناك أهداف للنظام وهي تختلف من نظام إلى نظام ومرتبطة بدرجة التعقد (حسب عدد الأنظمة التحتية وكذا العلاقات التي تربطها)، ويعد تحديد الهدف كمرحلة مهمة من التحليل النظمي يتم من خلاله التنسيق بين مختلف هذه الأنظمة التحتية.
- التكيف مع تغيرات المحيط والأخذ بعين الاعتبار التغذية العكسية، فالمؤسسة هي نظام مفتوح تتأثر بعوامل المحيط، وهي من المفاهيم الحديثة التي تزامنت مع فترة اقتصاد التسويق (منذ الستينات) أين تم أخذ المحيط في الحسبان على غدارة فترة اقتصاد الإنتاج أين كان ينظر للمؤسسة كنظام مغلق لا يتأثر بتغيرات المحيط ومن خلال التحليل النظمي .
رابعا- المدرسة الموقفية (الظرفية) :[22]
تبنى هذه النظرية التي ترتبط بالعالم فيدلر (Fiedler) فرضياتها ارتكازا على نظرية النظم وينطلق من فرضية أساسية مفادها أن كل موقف تتعرض له المؤسسة يتطلب اتخاذ إجراءات وحلول تناسبه، أي عدم وجود وصفات جاهزة، بل أن الوصفة تبنى على أساس الوضعية عندما تتغير الوضعية تتغير الوصفة، فالعوامل الخاصة بالمؤسسة سواء المرتبطة بالأفراد العاملين أو بالتقنيات المستخدمة والعوامل البيئية السائدة في وقت معين هي التي تملي الحلول للمشكلات التي تجابهها، وعلى الرغم مما يوجهه بعضهم من انتقادات لهذه النظرية بوصفها محاولة توفيقية لتوحيد النظريات والأفكار التسييرية والجمع بينها، فإنها تبقى محاولة تكيف الأفكار مع الحياة العملية المتغيرة في المؤسسة، وتستجيب للمتغيرات دون تقييد بنهج محدد يصبح قيدا يطوق كفاءتها وفعاليتها.
المطلب الرابع: مدرسة عملية التسيير
ينظر أصحاب هذه المدرسة إلى التسيير على أنه "يشمل على مجموعة من الأنشطة والوظائف المتكاملة فيما بينها والمشكلة لعملية التسيير، وتعتبر هذه الوظائف الإطار الفعال لدراسة التسيير "[23] من خلال التركيز على: التخطيط، التنظيم الدفع، الرقابة.
فالتخطيط هو "وضع وتقديم المستقبل في صيغة قرارات حالية"[24]، وهي تعكس مدى إرادة المؤسسة في التحكم في المستقبل، أي التفكير لوضعية مستقبلية مفصلة وللوسائل التي نتوصل بها إليها، وهذا من خلال تحديد الهدف، فيقول peter Druck في هذا الصدد "من المستحيل أن تكون فعالا بدون أن تحدد مسبقا ما سوف تعمل"[25]
وبعد أن تقوم بتحديد الهدف الذي تم وضعه أثناء عملية التخطيط , فإن العملية التي سوف يركز عليها المسيرون أكثر في المستقبل لمحاولة سبق التغيرات من خلال التوقع لما سوف يحدث، تأتي الوظيفة الثانية ألا وهي تنظيم المجهودات والموارد من أجل تحقيق الهدف، " فالتنظيم الفعال يمكن من وضع الأسس والهياكل التي تتضمن العلاقات بين مختلف الأجزاء في المؤسسة والتي تساهم مساهمة مباشرة في تحقيق الأهداف المرغوبة والتي يتم صياغتها"[26] والتنظيم يقوم علىأساسين بدونهما لا نستطيع التكلم عن التنظيم وهما، تقسيم العمل والسلطة من خلال تحديد مجالات التداخل والعلاقات التي تربط بين الأفراد والمصالح.
أما وظيفة الدفع فمن خلالها نبحث عن الكيفية التي يتم بها دفع الأفراد للعمل من خلال العمليات الاجتماعية المتمثلة في الاتصال، التحفيز والقيادة وتكوين الأفراد ولمعرفة ما توصلنا إليه من إنجاز تأتي العملية الرابعة ألا وهي الرقابة وهذا لمقارنة ما تم التخطيط له بما هو محقق فعلا، ومن ثمة تحديد الانحرافات وكذا أسبابها والعمل على إيجاد الطرق التصحيحية وتدعيم نقاط القوة أكثر.
وكتطوير لهذه المدرسة جاءت مدرسة عملية التسيير المعدلة والتي بينت هي الأخرى أن التسيير عبارة عن مجموعة الوظائف المتكاملة وفي كل وظيفة يمكن أن تعتمد بصفة كبيرة على دراسات المدارس السابقة من خلال معالجة مجموعة من المدخلات المتمثلة في: Les 6M عن طريق وظائف التسيير من اجل الوصول إلى هدف معين أخذت بعين الاعتبار النظرة النظمية، كما هو محدد في الشكل التالي:
الشكل 1-1: مدلول التسيير حسب مدرسة عملية التسيير المعدلة

[1] j.p Helfer, et autres, management stratégie et organisation, 3éme édition, Vibert, paris , octobre 2000 , p374.

[2] George Terry et S. Franklin , les principes du Mangement, 8éme édition, économica, paris ,1985, p253.

[3]علي شريف، الإدارة المعاصرة، الطبعة الثانية، الدار الجامعية، مصر، 1997، ص37.

[4] Carol Kennedy, Toutes les théories du management, 3éme édition, Maxima, paris, 2003, p323 .


[5] Jean-claude scheide , les grands auteurs en organization , 2 éme édition , dunord ,paris , 1999,p83 .

[6] JP Helfer et autres , opcit , p 375 .

[7] محمد فريد الصحن و آخرون ، مبادئ الادارة ، الدار الجامعية ، مصر ،1999- 2000 ،ص55 .

[8]محمد عبد القادر عابدين، الإدارة المدرسية الحديثة، دار الشروق للنشر والتوزيع،عمان, سنة النشر مجهولة ، ص 27.

[9]محمد عبد القادر عابدين، مرجع سابق، ص 28.

[10] J.p Helfer et autres ,op cit , p372.

[11] H.Koontz et O'Donnel , Management principes et méthode de gestion, 4eme édition, Macgraw Hill, Québec, 1980, p16.

[12] M Laflamme , le management approche systemique thèorie et cas, goetin Morin quebec, canada, 1981, p71.

[13] F. Livian yves , introduction à l'analyse des organisations, economica, paris, 1995, p83.

[14] H.Koontz et O'Donnel , Op Cit , p21.

[15] سمير أسعد مرشد، مفهوم الكفاءة والفعالية في نظرية الإدارة العامة، مجلة الاقتصاد والإدارة، العدد 48، جامعة الملك فيصل، السعودية، 1988، ص 194.

[16]محمد ياغي، مبادئ الإدارة العامة، مطابع الفرزدق التجارية، الرياض، 1994، ص ص 99- 102.

[17]سعيد محمد المصري، التنظيم والإدارة مدخل معاصر للعمليات التخطيط، التنظيم، القيادة والرقابة، الدار الجامعية، مصر، 1999، ص 32.

[18]هو عالم بيولوجي يرجع إليه الفضل في ظهور منهج النظم راجع طارق حمادة، منهاج النظم، المنظمة العربية للعلوم الإدارية، الأردن، 1985، ص ص 9- 10.

[19]الداوي الشيخ ، "دراسة تحليلية لـ الكفاءة في التسيير حالة الكفاءة الاقتصادية والنسبية لمؤسسات الصناعات النسيجية والقطنية COTITEX خلال الفترة (1983-1993) باستعمال تقنيات " j.M. FARREIL" و " LAU-YOTOPOLUS" ، (رسالة ماجستير، كلية العلوم الاقتصادية وعلوم التسيير، جامعة الجزائر، غير منشورة), 1995، ص 75.

[20]سمير أسعد مرشد، مرجع سابق، ص 205.

[21] J.p Helfer et autres , op cit, p378.

[22]موسى اللوزي ، التطوير التنظيمي أساسيات ومفاهيم حديثة، الطبعة الأولى، دار وائل للنشر، عمان، 1998، ص 40.

[23] George Terry et S. Franklin, op cit, p35.

[24] J.p Helfer et autres , op cit, p22.

[25] Jean claude Sheide , Op cit, p107.

[26]أحمد عرفة ،سمية شبلي،فعاليات التنظيم وتوجيه السلوك الإنساني، مؤسسة شباب الجامعة، الإسكندرية،سنة النشر مجهولة، ص 17.
المصدر: ملتقى شذرات

الملفات المرفقة
نوع الملف: doc 8DD3~1.DOC‏ (383.0 كيلوبايت, المشاهدات 17)
__________________
(اللهم {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} (البقرة:201)
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
أبعاد, مفاهيم, التسيير, الفعال


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
أدوات الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع التسيير الفعال مفاهيم و أبعاد
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
أبعاد الصراع المعرفي والحضاري عبدالناصر محمود بحوث ودراسات منوعة 0 12-02-2014 09:27 AM
إمكانية إقامة أبعاد جودة الخدمات الصحية Eng.Jordan بحوث ودراسات منوعة 0 07-19-2013 03:04 PM
أبعاد التنمية المستدامة Eng.Jordan بحوث ودراسات منوعة 0 09-09-2012 01:15 PM
إمكانية إقامة أبعاد جودة الخدمات الصحية Eng.Jordan بحوث ومراجع في الإدارة والإقتصاد 0 02-13-2012 06:35 PM
أبعاد مخطط إجهاض الثورة .. وحرق مصر Eng.Jordan مقالات وتحليلات مختارة 0 02-06-2012 10:06 AM

   
|
 
 

  sitemap 

 


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 10:57 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59