#1  
قديم 01-09-2012, 09:47 PM
الصورة الرمزية Eng.Jordan
Eng.Jordan غير متواجد حالياً
إدارة الموقع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: الأردن
المشاركات: 25,392
افتراضي مقتطفات من رسائل الأحزان في فلسفة الجمال والحب..لمصطفى صادق الرافعي




السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

هذا كتاب استمتعت بقراءته إلى حد بعيـد..و هو أحد جزئي مؤلفه عن فلسفة الحب والجمال الأول هو هذا "رسائل الأحزان في فلسفة الجمال والحب" أما الآخر والذي هو امتداد لهذا الجزء فعنوانه أوراق الورد..رسائله ورسائلها...ولقد رأيت بأن أقوم بنقل مقتطفات من رسائل الأحزان والتي كان لها من الجمال الأدبي الشيء الكثير

وقد يختلف الأمر من قارئ إلى آخر..إذا كنتم ممن يعشقون القراءة والغوص بين المفردات لاقتناص المعنى سأترك لكم الحكم إذا تسنى لكم قراءة هذه الفقرات التي سأنقلها لكم .

___________________

رسائل الأحزان في فلسفة الجمال والحب
للكاتب /مصطفى صادق الرافعي

كان لي صديق خلطته بنفسي زمناً طويلاً وكنت أعرفه معرفة الرأي ، كأنه شيء في عقلي ، ومعرفة القلب كأنه شيء في دمي ، ثم وقع فيما شاء الله من أمور دنياه حتى نسيني ، وطار على وجهه حتى غاب عن بصري ، والتفت عليه مذاهبه فما يقع علي من ناحيته خبر ، وامتد بيني وبينه حول كامل خلا من شخصه وامتلأ من الفكر فيه ، كأنه العام الأول من تاريخ حفرة بين القبور العزيزة التي لا تنسى .
وطلعت الشمس يوماً في غيم يناير من سنة 1924 فأحسست قلبي من الذعر كالطائر ينفض ندى جناحيه في أشعتها ، ولم تكد ترتفع وتتلألأ حتى وافى البريد يحمل ألي خطه ..وإذا فيه :
يا عزيزي ****** !
فقدتني زمناً إن يكن في قلبك منه وخزة ففي قلبي منه كحز السيف ، لم أنسك نسيان الجحود وإن كنت لم أذكرك ذكرى الوفاء فأبعث إليك بخبر يترجم عني ، إذ كنتُ في سجن وأنا الساعة منطلق منه ...لا تجزع ولا تحسبنه سجن الحكومة ...إن هو إلاّ سجن عينين ذابلتين كان قلبي المسكين يتمرغ في أشعة ألحاظهما كما يقوم المقضي عليه إذا أحاطت به السيوف وجعل بريقها يتخاطف معاني الحياة من روحه قبل أن يخطف هذه الروح . بل سجن فكري الذي ابتليتُ به وبخياله معاً فلا يزال واحد منهما يبالغ في إدراك الجمال والآخر يبالغ في تقديره حتى تكاد تطلعُ نفسي من نواحيها لكثرة ما يسرفان عليهما كما يريد الأطفال أن يملأوا القدح ليستفيض لا ليمتلئ ....

فررت منك ومن سواك يا عزيزي مصطفى إلى امرأة كالتي جعلت آدم يفر حتى من الجنة ومن الملائكة ، وقد يكون اتصال رجل واحد بامرأة واحدة كافياً أحياناً لتكوين عالم كامل يسبح في فلك وحده ، عالم مسحور ، في فلك مسحور
لا يخضع إلا لجاذبية ***** ، ولا يعرف إلاّ تهاويل ***** .....

على أنك لم تفقد مني في هذه السنة إلاّ بضعة كتب وكلاماً كنا نترسل به وليس فيه إلاّ الحبر ، فسأرد عليك كتب سنوات وأعوضك برسائلي كلاماً فيه دمع العين ودم القلب .فقدتني صديقاً يهز يديك بتحيته والآن أعود أليك شاعراً يهز قلبك بأنينه ...فقدتني شخصاً وسأعود أليك كتاباً .....

ومتى انقطع هذا المداد المتلاحق من كتبي فاجمع الرسائل وقدم لها كلمة بقلمك ثم اطبعها وسمّها" رسائل الأحزان"
إنها كانت عواطف ثارت وقتاً ما ليحدث منها تاريخ وسكنت بعد ذلك ليحدث منها شعر وكتابة .
فإن نجتمع بعدُ نظرنا فيها معاً وقرأتها عيناك لقلبي ، وإن ارتاح الله لي برحمته رفّت عليها روحي فأسمع صوتك في الغيب يرسل إلى هذه الروح تحية من أنغام قلبها الميت .

صديقك .....
21 يناير سنة 1924

يتبع ........


المصدر: ملتقى شذرات

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 01-09-2012, 09:48 PM
الصورة الرمزية Eng.Jordan
Eng.Jordan غير متواجد حالياً
إدارة الموقع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: الأردن
المشاركات: 25,392
افتراضي

وأكمل في رسائل الأحزان قائلاً:

وجعلت رسائل الصديق تترادف إلي مسهبةً ضافية ، تقطر فيها نفسه كما ترسل السحابة المنتشرة قطرات انعقدت وانحلت . ثم جعلت نفسه تنطوي على نأي حبيبته وأشتد عليه أمرها ثم أسهل وانقاد ، واعتادها عنها بعد أن ملأت نفسه.
أما هذا الصديق فأعرفه أسلوباً من الكبر ولكن على نفسه ، ومن الشذوذ ولكن في نفسه ، كأنما فتحت أفواه عروقه جنيناً ولأتها الوراثة من دم ملك كان في أجداده . مستصعب شديد المراس فهو أبداً في حياته كالملك الذي حالت السيوف والأسنة والقوانين بينه وبين تاجه ، فجعلت له حياتين يفصل الموت بينهما ، اجتمع من تاريخه إنسان بلغ الزمن تحت عينيه نيفاً وأربعين سنة ، فهو تاريخ أحزانٍ قد استفاضت مسائله في فصول وأبواب جف القلم منها على نيف وأربعين جزءاً ، كلماتها في حوادثها ، وأن السطر منها ليرعد في صحيفته من الغيظ ، وأن الكلمة لتبكي بكاءً يرى ، وأن الحرف ليءن أنياً يُسمع ، وأن تاريخه كله لينتفض لأنه مصيبة ملكية مصورة في ملك .
لقد سبق الكتاب وجف القلم الأزلي على علم الله ، فما أتينا إلى هذه الدنيا إلا ليمثل كل واحدٍ منا فصلاً من معاني الشقاء الإنساني في تلك الثياب التي هي ملك لصاحب المسرح ، لا نخلعها ونلبسها بل يخلعنا بعضُها ليلبسنا بعضها الآخر . فلسنا نبتدع ولكن يلقى علينا ، وما نحن بمخترعين ولكننا نحتذي ، والرواية موضوعة تامة قبل ممثليها . وصعها ذلك القلم الأعلى الذي كتب مقادير كل شئ كان أو يكون حتى تمحى من صفحة الأرض هذه الأحرف السوداء المتحركة والساكنة .......
والمشكلة الأنسانية الكبرى أن كل إنسان يريد أن يكون بطل الرواية ومثلها البكر ، حتى ذلك الشخص الذي جي لتنزل عليه اللعنة في سياقها . غير أن الرواية مفصلة من قبل ، ويأتي فصل اللعنة كما هو بأطرافه وحواشيه وأسبابه ونتائجه فينصب على ممثله جملة واحدة على وجه لا يحس ولا يرى ولا يدفع كما يلبسه النوم ، فإذا هههو يفتل فيه فتلاً ، وإذا رجل على أعين الناس باللعنة حال وباللعنة مرتحل .
النوم والقدر والموت كالشئ الواحد أو ثلاثتها أجزاء لشئ واحد ، فالنوم غفلة تخرج الحي هنيهة من الحياة وهو فيها على حالةٍ أخرى ، والموت غفلة تخرجه من الحياة كلها إلى حالة أخرى ، والقدر منزلة بين المنزلتين يقع هيناً على أهل السعادة بأسلوب النوم ، ويجئ لأهل الشقاء عنيفاً في أسلوب الموت ، ولن ي*** شيئاً أو يدفع عن نفسه شيئاً من هذه الثلاثة إلا الذي لم يخلق على الأرض . ذلك الذي يستطيع أن يفتح عينيه على الليل والنهار فلا ينام ، أو يحفظ نفسه على الصغر والكبر فلا يموت ، أو يضرب بيديه على مدار الفلك فيمسكه ماشاء أو يرسله .
جئنا إلى هذه الحياة غير مخيرين ونذهب غير مخيرين أن طوعاً وإن كرهاً ، فمد يدك بالرضا والمتابعة للأقدار أو انزعها إن شئت فإنك على الطاعة ما أنت على الكره ، وعلى الرضا ماأنت على الغضب ، ولن تعرف في مذاهب القدر إذا أنت أقبلت أو أدبرت أي وجهيك هو الوجه ، فقد تكون مقبلاً والمنفعة من ورائك أو مدبراً والمنفعة أمامك ، والقدر مع ذلك يرمي بك في الجهتين أيهما شاء .
وحري بمن يوقن أنه لم يولد بذاته أن لا يشك في أنه لم يولد لذاته ، وإنما هي الغاية المقدورة المتعينة ، فلا الخلق يتركونك لنفسك ، ولا الخالق تارك نفسك لك.
كذلك كان صديقي وما هو إلا إنسان من الناس ، وقد بلغ من العمر أربعة عقود ولكنه يحس منذ الصغر أنه رجل هرم أو كما يقول بعض الفلاسفة في تعليل ذكاء الأذكياء أنهم يتذكرون ما يرونهولا يتعلمونه لأن فيهم نفوساً خرجت من الدنيا كاملة ثم رجعت لتزداد كمالاً . وتلك خرافة ، ولكن من نقص هذا الإنسان أنه لا يستطيع التعبير عن أكبر الحقائق وأدقها إلا بأسلوب خرافي .......
قال لي هذا الصديق يوماً : إني بلغت أربعة عقود ولكنها فيما عانيت كأنما تضاعفت إلى أربعين عقداً ، وقد انتهيت من دهري إلى السن التي ينقلب فيها الآدمي من وفرة القوة ليثاً ويرجع من قوة الحكمة نبياً ، ويعود من تمام العقل إنساناً . غير أن هذه الأربعين بما تعاورت على قد هدم في بعضها بعضاً ، فإن أكن بناءً فذلك صرح ممرد عمل فيه أربعون معولاً فما أبقت حجراً على حجر ،
وإن أكن حومة فقد اعترك فيها للأقدار أربعون جيشاً فما تؤرخ بنصر ولا هزيمة . ياويلتا من هذه الدنيا . إن مصيبة كل رجل فيها حين يصير رجلاً أنه كان فيها طفلاً وما علم أنه كان طفلاً .
تلك حياة الصديق وكانت ليلاً طويلاً انبسط عليه فنن من الظلام كأنه مورق بالسحب والغمائم السوداء لا ينقشع بعضها عن بعض حتى كأن صباحه مات فيها أربعين سنة ثم أنبعث آخر من وجه فتاةٍ أحبها فأشرق له من غرتها واستضاء عليه في وجهها وطلعت شمس حبه من خد يها حمراء في لون الورد إذا امتزجت أشعتها بظلماته .
ويؤخذ من رسائله أن صاحبته كانت من قوة الجاذبية كأنها كوكب جذب منه كوكباً آخر ، ومن فتنة الحسن كأنها رسالة إلهية إلى هذه الأرض بل إليه وحده في هذه الأرض . أدارتها هذه الحياة وأدارتها ليجئ موضعه إلى جانبها فكأنما أدارت منه فلكاً عاتياً لا يتزحز إلا بعد أربعين سنة كاملة .....


يتبع ...........





رد مع اقتباس
  #3  
قديم 01-09-2012, 09:48 PM
الصورة الرمزية Eng.Jordan
Eng.Jordan غير متواجد حالياً
إدارة الموقع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: الأردن
المشاركات: 25,392
افتراضي

وفي الرســــــالة الأولى قال:

سأكتب هذه الحروف المرتعشة ، وسأبسط رِعدة قلبي في ألفاظها ومعانيها،أكتب عن ذلك الإسم الذي كان سنة كاملة من عمر هذا القلب،على حين أن السعادة قد تكون لحظات من هذا العمر الذي لا يعد بالسنين ولكن بالعواطف ، فلا يسعني إلا أرد خواطري إلى القلب لتنصبغ بالدم قبل أن تنصبغ بالحبر ، ثم تخرج إلى الدنيا من هناك بين ما يخفق وما يزفر وما يئن ." من هناك " ! آه .من ترى في الناس يعرف معنى هذه الكلمة ، ويتسع فكره لهذا الظرف المكاني الذي أشير إليه؟إن العقل ليمد أكنافه على السموات ،فيسعها خيالاً كما ترى بعينيك في ماء الغدير شبكة السماء كلها محبوكة من خيوط الضوء ،مفصلة بعقد النجوم ، ولكن هناك في القلب عند ملتقى سر الحياة بسر محييها ، وهناك في القلب عند النقطة التي يتقطع فيها الطرف بينك وبين من تحب ، حين تريد الجميلة أن تقول لك لأول مرة أحبك ، ولا تقولها . هناك في القلب ، وعند موضع الهوى الذي ينشعب فيه خيط من نظرك وخيط من نظرها فيلتبسان فتكون منهما عقدة من أصعب وأعقد عُقد الحياة . هناك ؟ هذا معنى "هناك " .
لم تحيرني المتناقضات ولا المتشابهات ، ولا ضقت بأسباب الفكر فيها ،فإن ذلك الحب جعل في عقلين لا عقلاً واحداً،أحدهما يُقرّني في هذه الدنيا والآخر ينقلني إلى ثانية ، دنيا الناس جميعاً ودنيا امرأة واحدة ، دنيا السموات والأرض ودنيا قلبي .

في العقل الأول تنحل كل المشكلات ، وفي الثاني تتعقد كل "البسائط " أحدهما قوي فلو اجتمعت عقول أعدائه في عاصفة واحدة لكان وحده عاصفة تلف بها لفّاً .والآخر ضعيف ضعيف ، تمرضه الابتسامة الواحدة مرضاً طويلاً ...
حيرة الحياة والحب ، يُجاب عنهما بجواب واحد هو نفسه حيرة أخرى ، ولكني أكتب الآن وقد تركت الحب وتركني . خرجت من المعركة فنشبت نفسي في معركة أخرى لا أدري أهي قائمة بين الحب والبغض أم بين الحب والحب ؟
أرأيت قط ذئباً قد افترس شاة وجعل يفرفرها بأظافره وأنيابه وهي تنتفض يائسة هالكة ؟ إن تكن رأيته فذلك ذئب رحيم ، لو أنت كنت عاشقاً فرجعت لك من تهواها مما تحب إلى ما تكره فرأيت البغض وما يصنع بقلبك . إنما الذئب ناب وظفر وسورة وحش يعتري أكيلته فيسطو بها فيذهلها عن نفسها ثم لا يزيد بعد ذلك على طبيب جاهل في " عملية جراحية " ...أما البغض فذئب الدم ، يساورك سورة الحمى فإذا هو شعلة طائرة في عروقك ، لا تدع منك موضعاً إلاّ مسّته ،ولا تمس منك موضعاً إلاّ نقعت فيه مثل ناب الأفعى من وهج الحب وغيظه وألمه ، فما تدري في أي ناحية عذابك من هذا البغض، ولا من أي الآلام هو ؟
نصيحتي لكل من أبغض من حب أن لا يحتفل بأن صاحبته غاظته ، وأن يكبر نفسه عن أن يغيظ امرأة ، إنه متى أرخى هذين الطرفين ( يقصد العينين) سقطت هي بعيداً عن قلبه ، فإنها معلقة إلى قلبه في هذين الخيطين من نفسه .
ما من قفل بلا مفتاح وإلا فما هو بقفل ، والإهمال والازدراء وسمو النفس ثلاثة مفاتيح لقفل واحد هو قفل الغيظ .


يتبع..............



رد مع اقتباس
  #4  
قديم 01-09-2012, 09:49 PM
الصورة الرمزية Eng.Jordan
Eng.Jordan غير متواجد حالياً
إدارة الموقع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: الأردن
المشاركات: 25,392
افتراضي

سبحانك يا من لا يُقال لغيره سبحانك . خلقت الإنسان سؤالاً عن نفسه ، وخلقت نفسه سؤالا عنه وخلقت الإثنين سؤالاً عنك . وما دام هذا الإنسان لا يحيط به إلا المجهول فلا يحيط به من كل جهة إلا سؤال من الأسئلة ولا عجب إذن أن يكون له من بعض المسائل جوابٌ عن بعضها .
هذه هي الطريقة الإلهية في دقائق الأمور ، تجيب الإنسان الضعيف عن سؤال بسؤال آخر .ولقد أكثروا في تعريف الشعر ، وجاؤوا فيه بكل ألوان القول .ولكن كثرة الأجوبة جعلته كأنه لا جواب عليه ، بالغوا في تقريبه إلى الروح فأجروا في حده كل عناصر الجمال، ودلّوا بالخيال على حقيقته إذ رأوا أنه لا يدل على حقيقته إلا الروح وحدها وهي غامضة فهو غامض وتفسيره في مئة تفسير .
في هذا الكون مادة عامة يسبح الكون فيها ، وتنبعث من قوة الله وإرادته ، وهي دائمة التركيب والتحليل إيجاداً وفناءاً ، وما أرى الشعر إلاّ تأثير هذه المادة في بعض النفوس العالية الكبيرة التي تصلح أن يسبح خيال الكون فيها .
بهذه المادة تمتزج نفس الشاعر بكل ما تراه ، ومن هذا الامتزاج يأتي الشعر ، فإذا أردت أن تتحقق ذلك فانظر إلى نفس الشاعر العظيم تمتزج بالجمال الرائع في النفس الجميلة . وبالحب في نفس ******ة ، وبالطبيعة في المعنى الطبيعي ، وانظر أليها حين تتصل بأسباب اللذات والآلام ، حين تثيرها اللحظة والابتسامة ، ويهيجها الصد ولاعتراض ، ويحزنها المحزن ويسرها السار ، حين تخترق بالفكر حجاب هذه الإنسانية ، وتثب بالعاطفة فوق الطباق العليا وتستمد من الشعلة الأزلية لوناً من ذلك الضرام الذي اشتعل به في أصل الخلقة كل " كوكب يلتهب" .

يتبع........

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 01-09-2012, 09:50 PM
الصورة الرمزية Eng.Jordan
Eng.Jordan غير متواجد حالياً
إدارة الموقع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: الأردن
المشاركات: 25,392
افتراضي

وفي إحدى تلك الرسائل كتب قائلاً:

إن ساعة من ساعات هذا الضعف الإنساني الذي نسميه ( الحب ) تُنشىء للقلب تاريخاً طويلاً من العذاب ، إن لم تكن آلامه هي لذاته بعينها فهي أسباب لذاته ، ومن ثم يشتبه الأمر على المحبين إذا استفزتهم قوة الغضب ممن أحبوا ،فلا تجد في البغضاء عندهم أبغض من طريقة إظهارها ، حتى أن نيران قلوبهم لتخلق منها الشياطين ، ولقد كان في هذه الرسائل كلام يدوي كهزيز السحابة الحمراء تنطلق من الرصاص في معركة حامية لتمطر مطر الموت والألم والوجع ، فلم أثبت منه إلا كما ترى من ضبابة البخار فوق المرجل الذي يغلي ، ومن ألوان البرق تلمح من صواعقها لمحاً .
ليس ببعيد أن تكون هذه القلوب الإنسانية ينظر بعضها في بعض أحياناً على شعاع الروح كما يتراءى الوجه للوجه في سراج العين ، ومن ثم يكون اختلاف كل عاشق مع الناس أجمعين في تقدير الجمال الذي يعشقه واعتباره ، إذ لا يقدر بعينه ولا بعقله ولكن بقلبه . ولقد حاورت الصديق يوماً في جمال صاحبته تلك فقال إني أرى ما لا ترى ، فإن قلبي ينظر في قلبها كما تنظر أنت في وجهها ، ومتى جادلت محباً في هواه صارت ******ة في جدالكما كالفلسفة تراها عند أهلها إيضاحاً لشيء معقد ، فإذا تناولها غير أهلها انقلبت تعقيداً لشيء واضح ...وإن المرأة الجميلة في رأيي هي تلك التي أرفع روحي أليها ، إذ لستً أفهم من معنى الحب إلا أن الروح اهتدت إلى شيء من سر الإنسانية في إنسان جميل قد استطاع بجماله أن يهديها إلى هذا السر.
ولما يبس ما بينه وبينها ، ولجّ في غضبه منها ، سألته رأيه في" إيضاح المعقّد ...." ( أي حبيبته التي شبهها بالفلسفة ) ، فقال: أيها الرجل ! إذا امتدحت امرأة جميلة فلا تقل ما أجملها بل قل : ما أجمل الشرّ!

آهِ من الدنيا ومن *** قدر على الدنيا حكم
البغضُ شيء مؤلم *** والحب شيء كالألم


تحياتي لكل من مر من هنـــــــا
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
مقتطفات, الميزان, الجمال, الرافعي, رسائل, صادق, فلسفة, والحبلمصطفى


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
أدوات الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع مقتطفات من رسائل الأحزان في فلسفة الجمال والحب..لمصطفى صادق الرافعي
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
حمل كتاب أوراق الورد لمصطفى صادق الرافعي Eng.Jordan كتب ومراجع إلكترونية 2 02-06-2020 10:41 AM
الأديب مصطفى صادق الرافعي والميراث الخالد Eng.Jordan أخبار ومختارات أدبية 0 12-22-2012 02:51 PM
قرآن الفكر للأديب مصطفى صادق الرافعي Eng.Jordan أخبار ومختارات أدبية 0 04-19-2012 12:26 PM
مقتطفات من روائع الكاتب الكبير مصطفى صادق الرافعي من كتابه "حديث القمر" Eng.Jordan أخبار ومختارات أدبية 0 01-09-2012 09:57 PM
حمل كتاب رسائل الأحزان في فلسفة الجمال والحب Eng.Jordan كتب ومراجع إلكترونية 0 01-09-2012 09:52 PM

   
|
 
 

  sitemap 

 


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 01:22 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59