#1  
قديم 12-31-2016, 08:54 AM
الصورة الرمزية عبدالناصر محمود
عبدالناصر محمود متواجد حالياً
عضو مؤسس
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 56,138
ورقة تركيا والصعود المأمول


النفوذ التركي في إفريقية
ـــــــــــــ

(محمود الرنتيسي)
ـــــــــــ

2 / 4 / 1438 هــ
31 / 12 / 2016 م
ـــــــــــ

828122016012546.png
08_02_14_01_36_ط®ط±ظٹط·ط©.jpg



لم يكن العام 2005 بداية العلاقات التركية الإفريقية بل كان موعد اطلاق خطة انفتاحية كبيرة على القارة السمراء، حيث بدأ الاهتمام يتبلور بشكل عملي في العام 1998 ومع وصول حزب العدالة والتنمية زاد الاهتمام بشكل كبير وخاصة في مجال الإغاثة والمجال الاقتصادي، وقد انعكس الاهتمام على تزايد النشاط الدبلوماسي والاقتصادي التركي في القارة الإفريقية حيث أصبح لتركيا 39 سفارة في أفريقيا كما وصل حجم التبادل التجاري إلى 25 مليار دولار. وأصبحت الخطوط الجوية التركية تصل إلى حوالي 40 مدينة في القارة الأفريقية وتضاعفت العلاقات بين مؤسسات المجتمع المدني من الطرفين. ومؤخرا فقد نظمت تركيا أول منتدى أعمال تركي أفريقي سيجمع بين رجال الأعمال من مختلف أنحاء القارة السمراء ونظرائهم الأتراك نظم تركيا يومي الثاني والثالث من نوفمبر 2016. وتم الدعوة عبر وزير الاقتصاد التركي نهاد زيبكجي إلى إعلان عام 2017 سنة التجارة الحرة بين تركيا وأفريقيا، وضرورة الاستنفار الفوري لتحقيق ذلك في خطوة تؤكد على مضي تركيا في طريقها نحو علاقات وتعاون أكبر مع أفريقيا وأيضا على استخدام المجال الاقتصادي كمدخل للعلاقات الأخرى.
وقد جاء التوجه التركي نحو أفريقيا بناء على إدراك لأمور مهمة منها أن أفريقيا تضم 54 دولة وهي ثاني اكبر قارة من حيث المساحة وعدد السكان، كما أن أفريقيا معروفة بامتلاكها للموارد والثروات، وهي القارة الأكثر شبابا في العالم، حيث أن متوسط الأعمار فيها 18 سنة وهذا يرتبط مباشرة بملفات مثل القوى العاملة والأسواق وغيرها، أما الأمر الذي لا يقل أهمية فهو نمو الاقتصاد حيث أن أفريقيا هي صاحبة الاقتصاد الأسرع نموا خاصة منطقة غرب أفريقيا ولذلك أصبحت هي ومنطقة شرق أفريقيا جاذبة للاستثمار الأجنبي.
وفي ذات السياق فإن تركيا التي أصبحت تركز على عناصر القوة الخشنة بعد فترة طويلة من اعتمادها على القوى الناعمة تدرك أهمية الممرات المائية والجزر التابعة لدول القرن الأفريقي وأن المنطقة هي منبع لنهر النيل الامر الذي يحمل انعكاسات أمنية وتنموية كذلك الحال وجود تنافس كبير بين القوى الإقليمية والدولية على الاستفادة قدر الإمكان من القارة الإفريقية.
أما فيما يتعلق بالجانب الأمني فتحاول تركيا أن يكون لها دور أمني يحافظ على مقدراتها وانجازاتها السياسية والاقتصادية ولا يكون أقل من دول أخرى تعمل في القارة الافريقية مثل العدو الصهيوني وفرنسا وغيرها ومن الجدير بالذكر أن عددا من التفجيرات حصلت في محيط البعثة التركية في الصومال كان أحدها خلال جولة الرئيس التركي إلى افريقيا وعملت تركيا على تطوير وجودها وتعاونها الأمني مع عدة دول أفريقية مثل كينيا واوغندا وتنزانيا وفي هذا السياق فإن خبرة الأتراك الأمنية والعسكرية التي اكتسبوها من وجودهم الطويل كثاني أكبر قوة من حيث العدد في حلف شمال الأطلسي الناتو قد أحسن استغلالها في تطوير مجال التدريب الأمني وهو يعتبر كشكل من اشكال الصادرات التركية وقد تم التعاون في هذا مع عدد من الدول الافريقية.
وعلى الجانب العسكري سعت تركيا لتأسيس قاعدة عسكرية لها من أجل تدريب الجيش الصومالي المكون من 10 آلاف و500 جندي وهو العدد الذي سمحت به الأمم المتحدة وقد أفيد أن انطلاق هذا المشروع سيكون على دفعات متتالية قوام كل منها 500 جندي. وتأتي هذه الممارسات كما ذكرنا سابقا من أجل تأمين تركيا لمشاريعها الكبيرة في الصومال مثل ميناء مقديشيو الاستراتيجي التي تقوم عليه منذ 2011، وتتكفل بصيانته وتديره شركة التركية بشكل كامل، فضلا عن استثمارات تركية تصل إلى 600 مليون دولار أمريكي في قطاعي الصحة والتعليم.
ولكن الانفتاح التركي على افريقيا يعمل بشكل واضح مختلف عن الاخرين وخاصة عن الدول الاستعمارية التي استغلت ثروات القارة وحقوقها ولهذا فإنها تركز على مجالات الاغاثة والتنمية وبناء المدارس والمساجد وترميم الاثار في دول مثل الصومال وتحاول البناء على العلاقات التاريخية الجيدة الموجودة في مناطق شمال وشرق أفريقيا وعلى طول ساحل البحر الأحمر منذ عهد الدولة العثمانية ولهذا فإن كل من الصومال وجيبوتي واريتريا وكينيا واثيوبيا هي في قلب الاهتمام التركي. وقد قال أردوغان في أحد زياراته للصومال أن البعض جاء إلى افريقيا لأجل الذهب لكن تركيا أتت إلى افريقيا لتضمد الجراح. كذلك ربما يعد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أكثر رئيس من خارج القارة الأفريقية نظم زيارات للدول الإفريقية حيث قام منذ عام 2002 بقرابة 30 زيارة لدول القارة وكان أول رئيس يزور الصومال.
ومن الأمور المهمة التي لا ينبغي اغفالها في هذا السياق هو وجود نفوذ جماعة غولن الكبير في القارة الافريقية حيث تشير عدد من المصادر التركية أن الجماعة قد سبقت الدولة في التواجد في افريقيا بل أصبح لها نفوذ وعلاقات أكبر من الدولة في بعض الدول وبالرغم من أن الدولة نجحت بعد فشل المحاولة الانقلابية التي نفذتها الجماعة في 15 تموز 2016 في اقناع عدد من الدول ومنها دول افريقية في اغلاق مدارس ومؤسسات جماعة غولن كما حدث في اثيوبيا على سبيل المثال فإنها مازالت تواجه صعوبات في فعل ذلك في دول مثل تنزانيا وغيرها.
بالفعل تمتلك تركيا مزايا تتقدم بها على عدة دول فلديها مشتركات دينية وثقافية مع عدد من الدول الافريقية كما أنها أقرب جغرافيا من عدد من المنافسين مثل الصين والبرازيل وغيرهم من الدول النشطة في أفريقيا وهناك فرص كبيرة لتركيا للنجاح في أفريقيا في مجالات التنمية والتبادل التجاري والاستثمارات والعمل الأمني والعسكري ويمكن أن تؤسس ذخرا مفيدا لها طالما لم تواجه عقبات كبيرة ولم تقف أمام جهودها في أفريقيا دول كبرى تؤثر على استقرار علاقاتها في افريقيا وهي حتى هذه اللحظات تتطور بشكل جيد، وكما نجحت في تمتين علاقاتها في شمال وشرق أفريقيا فإن تركيا تعمل الان على توثيق علاقاتها مع دول جنوب الصحراء كما أن وجودها بالفعل يتزايد في الكاميرون وجمهورية الكونغو الديمقراطية وغانا ومالي والسنغال.





ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر: ملتقى شذرات

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 12-31-2016, 09:03 AM
الصورة الرمزية عبدالناصر محمود
عبدالناصر محمود متواجد حالياً
عضو مؤسس
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 56,138
ورقة العدالة والتنمية والصراع مع خصوم الداخل

العدالة والتنمية والصراع مع خصوم الداخل
ــــــــــــــــــــــ

(محمود الرنتيسي)
ـــــــــ

2 / 4 / 1438 هــ
31 / 12 / 2016 م
ــــــــــــ








ينخرط حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا في مواجهات داخلية متعددة حيث أن جماعة أو تنظيم غولن الذي نفذ المحاولة الانقلابية الفاشلة في يوم 15 تموز 2016، هي من تتصدر الأولوية على أجندة الجهات التي يواجهها الحزب، كذلك الحال فإن الحزب منخرط في مواجهة دامية مع حزب العمال الكردستاني ومع من يراه ممثلا سياسيا عنه وهو حزب الشعوب الديمقراطية، ( وهنا تجدر الإشارة إلى أن حوالي 87% من الشعب التركي يرون أن حزب الشعوب الديمقراطية هو امتداد سياسي لحزب العمال الكردستاني) أيضا ينخرط الحزب وإن بدرجة أقل مع حزب الشعب الجمهوري الذي يقود عدة حملات لتشويه انجازات حزب العدالة والتنمية ولعرقلة مخططاته المستقبلية وخاصة المتعلقة بالاجراءات الدستورية
جماعة غولن
أما فيما يتعلق بجماعة غولن التي تم تصنيفها تنظيما ارهابيا في تركيا حتى قبل تنفيد المحاولة الانقلابية فما زالت الملاحقات التي تقوم بها أجهزة الدولة لها مستمرة وقد بلغ عدد المعتقلين من الجماعة حوالي 34 ألف و260 شخصا، فيما بلغ عدد المشتبهين الذين أقيمت اجراءات الاشتباه بحقهم حوالي 78 ألف . وهذا يشير إلى إصرار الدولة على ملاحقة الجماعة وعدم وجود تسامح مع الجماعة بشكل مطلق.
وبشكل تفصيلي حول هذه الأرقام فإن حوالي 5000 شخص هم من الجهاز القضائي بين قضاة وموظفين اداريين و حوالي 163 جنرال و 6 آلاف عسكري و7 آلاف في جهاز الأمنيات " وزارة الداخلية" بينهم 19 والي و58 قائم مقام و حوالي 18 ألاف موظف دولة مدني. كما أن حوالي 800 رئيس بلدية صغرى يتبعون لحزب العدالة تعرضوا للاستجواب حول العلاقة مع جماعة غولن. كما أن الدولة تكتشف يوميا أعضاء جدد في جماعة غولن بعد أن تمكنت الاستخبارات التركية من فك شيفرة عدد من البرامج والتطبيقات المشفرة منها تطبيق بايلوك التي كان يتواصل من خلالها أعضاء التنظيم. وقد اكتشف تنظيم غولن وفقا للصحفية التركية ناغيهان التشي أن جهاز الاستخبارات الوطنية تمكن من فك الشفرات الأمنية، فبدؤوا بعد ذلك في التواصل عبر تطبيق آخر قبل الخامس عشر من يوليو. وبناء على ذلك لا يعد بايلوك مصدرا مهما للحصول على البيانات المتعلقة بمحاولة الانقلاب فحسب، بل إنه يفك شفرة أعضاء التنظيم والتسلسل الهرمي فيه. وقبل عدة أيام فقط أصدرت النيابة أوامر باعتقال 103 أكاديميين بتهمة "الانتماء إلى جماعة إرهابية مسلحة" في إطار تحقيق يركز على جامعة يلدز التقنية في المدينة وهي من بين أرفع المؤسسات التعليمية التي تستهدفها الحملة حتى الآن.
حزب العمال الكردستاني
ما زالت المدن التركية تتعرض لمحاولات تنفيذ هجمات تفجيرية من عناصر حزب العمال الكردستاني لكن الاجراءات الأمنية للدولة باتت بشكل واضح أكثر قوة وإحكاما من ذي قبل حيث تم احباط العديد من هذه المحاولات كان آخرها اكتشاف شخصين أرادا القيام بتفجير نفسيهما في العاصمة أنقرة إضافة إلى اكتشاف مخزن كبير للسلاح في إحدى المغارات في ولاية هكاري فضلا عن إعلان الجيش التركي عن قتله لحوالي 380 من عناصر حزب العمال الكردستاني منذ نهاية شهر أغسطس 2016 إلى 6 أكتوبر 2016.
وقد أتت التطورات الإيجابية في الملف الأمني بعد اعفاء وزير الداخلية السابق افكان الا من منصبه بداعي التقصير في تطهير الوزارة من الجماعة وبسبب التفجيرات التي ضربت البلاد في عهده وتعيين سليمان صويلو بديلا عنه كإضافة إلى زيادة حس التيقظ داخل الأجهزة الأمنية المتعددة خاصة مع حالة التطهير التي شهدتها العديد من الاجهزة وفي ظل حالة الطوارئ التي جرى تمديدها بعد موافقة البرلمان لثلاث أشهر أخرى تبدأ من 19 أكتوبر الجاري .
وقد توترت الأجواء مع قيام أعضاء من حزب العمال باغتيال دريان آق ترت الذي يقود فرع حزب العدالة والتنمية في ضاحية دجلة في مدينة ديار بكر قتل وازداد التوتر مع حزب الشعوب بعد أن أصدرت الدولة مؤخرا قرارات بحبس 9 نواب من “الشعوب الديمقراطي” بينهم الرئيسان المشاركان للحزب، و ذلك بسبب دعوة اللجنة التنفيذية المركزية لحزب الشعوب الديمقراطي ورئيسه المشارك “صلاح الدين دميرطاش” قبل عدة أشهر أنصار منظمة “بي كا كا/ب ي د” إلى النزول للشوارع الذين مارسوا بدورهم أعمال عنف في 35 ولاية بحجة دعم مدينة عين العرب “كوباني” (في شمال سوريا)، ما أسفر عن استشهاد شرطيين وإصابة 139 منهم فضلا عن مقتل 31 شخصا وإصابة 221 آخرين. وفي أحدث استطلاع للرأي نظمه مركز اورك وجد أن 82% يرون قرار اعتقال النواب الأكراد قرارا صائبا.
حزب الشعب الجمهوري
وامتدادا للمشهد الداخلي فقد عادت الأمور للتوتر بين حزبي العدالة والشعب الجمهوري بعد الحالة الوطنية والوحدوية التي تلت محاولة الانقلاب وأطلق عليها اسم روح يني كابي وهو الميدان الذي ألقى فيه قادة الأحزاب الرئيسية كلماتهم في هجاء المحاولة الانقلابية.حيث وجه رئيس الوزراء بن علي يلدرم انتقادات قاسية لحزب الشعب الجمهوري الذي لم يتوقف عند رفض التجاوب مع مطالب حزب العدالة والتنمية حول الدستور الجديد بل بدأ حملة شعواء بمجرد أن تواردت إشارات قوية على قبول حزب الحركة القومية للتوافق مع حزب العدالة التنمية وهو ما سيعجل بعرض تعديل الدستور وخاصة ملف النظام الرئاسي في تركيا على البرلمان.
ولم يترك كمال كليشدار أوغلو زعيم حزب الشعب الجمهوري مناسبة دون التحذير من النظام الرئاسي، فقد قال في أكثر من مرة إن النظام الرئاسي سيوفر حالة من عدم القانون ونظامًا يفتقر للعدالة، كما أن حدة نقد كليشدار أوغلو للرئيس التركي رجب طيب أردوغان ازدادت بقوة بعد إعلان حزب الحركة القومية القبول بالتباحث بخصوص النظام الرئاسي، وبدأ كليجدار أوغلو في نقد كل شيء وقد ردد عبارات حادة مثل "لن نسلم البلد للمجانين" و"هؤلاء لا يعرفون التاريخ" و"السيادة ليست في القصر، السيادة للشعب" و"الذين يحكمون تركيا لا يريدونها جزءًا من العالم المتحضر بل يريدونها جزءًا من الشرق الأوسط" و"لا يريدون إلا نظامًا رئاسيًا لن يحدث هذا يا صديقي" و"لن نجعلك رئيسًا". وفي هذا السياق فإن استطلاعا للرأي العام في تركيا أظهر أن 75% من المستطلعة أراؤهم يثقون بالرئيس رجب طيب أردوغان. فيما أبدى 56% موافقتهم حول تطبيق النظام الرئاسي.




ــــــــــــــــــــــــــ
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 12-31-2016, 09:13 AM
الصورة الرمزية عبدالناصر محمود
عبدالناصر محمود متواجد حالياً
عضو مؤسس
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 56,138
ورقة العلاقات السعودية التركية وتأثيرها على العالم الإسلامي

العلاقات السعودية التركية وتأثيرها على العالم الإسلامي*
ــــــــــــــــــــــــــــــ

2 / 4 / 1438 هــ
31 / 12 / 2016 م
ـــــــــــــ





لا يخفى على أحد المكانة الدينية التي تحظى بها المملكة العربية السعودية كونها تحتضن أهم مكانين مقدسين في الاسلام وهما الحرم المكي والحرم المدني، كما أنها تتمتع بدور قيادي عربي وخليجي من خلال دورها في الجامعة العربية ومجلس التعاون الخليجي كما أن قوتها الاقتصادية معلومة وهي عضو في مجموعة العشرين وتمتلك قرابة 25 % من احتياطيات البترول المؤكدة في العالم ولها نفوذ كبير في عدد من القضايا الإقليمية سواء في اليمن أو مصر أو سوريا وغيرها، أما تركيا فهي أيضا دولة إقليمية قوية ومنخرطة في كافة القضايا الإقليمية والدولية وخاصة في العراق وسوريا وهي صاحبة اقتصاد قوي وهي عضو أيضا في مجموعة العشرين.

وبالتالي ونحن نسرد بعضا من خصائص الدولتين اللتين تتواجدان في إقليم الشرق الأوسط الذي يشهد تراجعا في الاهتمام من الولايات المتحدة بمصالح دوله والتهديدات التي تتعرض لها، كما أنه يشهد تمددا من إيران وتغولا من روسيا وتدهور أمنيا وسياسيا واقتصاديا فإن الحاجة إلى تفاهم وشراكة دول مثل السعودية وتركيا مهم جدا لرعاية مصالح المنطقة وشعوبها خاصة أن للدولتين مجالات تأثير مختلفة فالسعودية لها تأثير في عدد من البلاد الإسلامية والعربية الإفريقية والاسيوية فيما أن تركيا لها تأثير في دول البلقان والقوقاز وهذه المجالات كفيلة بأن تكون عمقا استراتيجيا إذا ما ضمت دولا قوية عسكريا واقتصاديا.

وبالرغم من أن العلاقات التركية السعودية لم تكن على مستوى قوي من التنسيق والتقارب خلال فترة خمس سنوات ماضية بسبب اختلاف وجهات النظر تجاه أحداث المنطقة إلا أن العلاقات تحسنت بشكل كبير مؤخرا وشهدنا تضامنا بين سياستي البلدين سواء فيما يتعلق بدور السعودية تجاه اليمن حيث أيدت تركيا عملية عاصفة الحزم والتي بدأت في مارس 2015. كما دعمت السعودية في مواجهة قانون جاستا الذي أقره الكونغرس الأمريكي مؤخرا، أما السعودية فقد أدانت محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا وأيدت عملية درع الفرات التي بدأت في 24 أغسطس 2016 والتي تدعم خلالها تركيا قوات من الجيش الحر لطرد تنظيم داعش من مناطق الشمال السوري على الحدود مع تركيا .
وقد ارتفع مستوى التضامن بين البلدين أدان رئيس تركيا ووزارة الخارجية التركية بشدّة، إطلاق الحوثيين صاروخًا باليستيًا باتجاه مكة المكرمة ومؤخرا تلقى البلدين تهديدا مشتركا بالرغم من قيام تنظيم داعش باستهداف البلدين في أوقات سابقة ولكن زعيم داعش وجه نداء لأفراد التنظيم باستهداف تركيا وسعودية قائلا : "أيها الموحدون.. لقد دخلت تركيا اليوم في دائرة عملكم ومشروع جهادكم فاستعينوا بالله واغزوها واجعلوا أمنها فزعاً ورخاءها هلعاً، ثم أدرجوها في مناطق صراعكم الملتهبة". بالمقابل وجه تهديده إلى السعودية بدعوة من وصفهم بـ "أوتاد الخلافة" بشن عمليات انتحارية واغتيالات لعلماء ومسؤولين وإعلاميين.

كما انعكست هذه المواقف على مزيد من اللقاءات الرفيعة لمسؤولي البلدين فعلى سبيل المثال في مطلع شهر سبتمبر 2016 نجد أن الرئيس التركي قد التقى مع ولي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان على هامش قمة العشرين في الصين ومع ولي العهد السعودي محمد بن نايف في 21 من سبتمبر 2016 على هامش اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك حتى وصل ولي العهد السعودي إلى أنقرة مساء 29 سبتمبر ليلتقي مع الرئيس التركي مرة أخرى.

أيضا قبل ذلك بعشرة أيام تقريبا كانت زيارة وزير الخارجية السعودي عادل الجبير لأنقرة في 8 سبتمبر 2016 والتقى مع كل من رئيس الوزراء التركي والرئيس التركي وكانت الزيارة مهمة من أجل التأكيد على الموقف السعودي المؤازر لتركيا ضد المحاولة الانقلابية الفاشلة في 15 تموز 2016 وقد تحدث الجبير عن الشراكات الموجودة مع تركيا وركز على نقاط التوافق والالتقاء بين البلدين كقوتين إقليميتين وخاصة فيما يتعلق بالملف السوري. ولعل الملف السوري من أهم الملفات التي يمكن للبلدين أن يعملا سويا بها حيث لا يوجد خلافات أو عقبات تعطل العمل المشترك، ولعل البلدين تجمعهما عدد من النقاط في الملف السوري وهي الاستياء المشترك من الدور الإيراني ورفض البلدين لوجود بشار الأسد في أي حل مستقبلي في سوريا كما أن البلدين لديهما علاقات جيدة بعدد من الفصائل العسكرية المعارضة ويعزز الأمر أن البلدين لديهما توجه لإمداد المعارضة بأسلحة نوعية يمكن أن تغير سير المعارك وقد كان هذا يصطدم برفض أمريكي في فترة إدارة أوباما وسيكون تحديا في فترة ترامب ولما سبق فإن تحقيق أي انجاز في سوريا سيعتمد بشكل كبير على دعم البلدين سواء السياسي أو العسكري.

وقد تعتبر سوريا بداية واختبارا مهما لمدى ما يمكن أن تقوم به السعودية وتركيا معا في ملفات المنطقة المتعددة كما أن وقف شلالات الدم من المدنيين في حلب تحديدا تستدعي من البلدين دورا خاصا، أما على مستوى القضية الفلسطينية فإن البلدين لهم مواقف تاريخية ومن خلال تنسيق مواقفهم فإن أي موقف مشترك سيكون أكثر زخما .

وقد أدى التقارب في علاقات البلدين إلى انعكاسات على مستوى العلاقة مع دول أخرى حيث يعتقد محللون أتراك أن الرياض كان لها دور في تحسين العلاقات مؤخرا بين أنقرة وأبوظبي والتي توجت بعودة السفير الإماراتي إلى أنقرة والتي تلت زيارة وزير الخارجية التركي مولود تشاوش أوغلو إلى أبوظبي في مايو 2016. وتشهد الأيام الحالية اهتماما كبيرا من قبل البلدين بتمتين العلاقة مع باكستان الدولة النووية وخاصة من قبل القيادة التركية حيث أن العلاقات السعودية الباكستانية تعد علاقات تاريخية وهذا التقارب الثلاثي الذي يريد الخروج من الوصاية الأمريكية سيكون له أثر كبير في رسم ملامح مستقبل المنطقة والعالم الاسلامي، إذا استطاع أن يتجاوز مجموعة من العقبات والتحديات المتمثلة في الأولويات والظروف الخاصة لكل بلد قبل كل شيء. يبقى الإشارة أيضا إلى وجود تفاهمات اقتصادية واستثمارية بين البلدين فوفقا لوكالة الأناضول فقد أقر مجلس الإداريين التنفيذيين في البنك الإسلامي للتنمية، منح تمويل لـ 10 قطارات سريعة، تربط ما بين العاصمة التركية أنقرة مع مدينة إسطنبول، بقيمة بلغت نحو 312 مليون يورو، كما أن توجه السعودية لتنويع اقتصادها قد يلامس توجهات مقابلة من تركيا تفتح مزيدا من أبواب التعاون.




ــــــــــــــــــــــــــــ
*{م:البيان}
ــــــ
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 12-31-2016, 09:19 AM
الصورة الرمزية عبدالناصر محمود
عبدالناصر محمود متواجد حالياً
عضو مؤسس
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 56,138
ورقة تركيا هل تنتقل من الغرب إلى الشرق؟

تركيا هل تنتقل من الغرب إلى الشرق؟
ـــــــــــــــــــــ

(معاذ العامودي)
ـــــــــ

2 / 4 / 1438 هــ
31 / 12 / 2016 م
ــــــــــــ





بعد توقف المفاوضات التركية الأوروبية لفترة طويلة بشأن انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي جاءت أزمة اللاجئين السوريين لتعيد قبلة الحياة لعملية المفاوضات بين الطرفين حيث استقبلت تركيا قرابة 3 ميلون لاجئ منذ بداية الحرب في سوريا، سكن بعضهم في مخيمات للاجئين لكن أغلبهم انتشر في المدن الكبرى، واتخذ اللاجئون السواحل التركية نقطة انطلاق للوصول إلى أوروبا.
أردوغان استغل في بداية الأمر الأزمة لفتح ملف المفاوضات، إذ تعهدت أنجيلا مريكل بالبدء جدياً بمفاوضات انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي، وتسهيلات بدخول الأتراك الاتحاد الأوروبي دون تأشيرة مع دعم تركيا بمليار يورو لصالح عملية الاغاثة للاجئين السوريين حتى الوصول لاتفاق نهائي مقابل منع تركيا تدفق اللاجئين السوريين إلى أوروبا، لكن تغير كل شيء في الخارطة السياسية لتركيا والاتحاد الأوروبي بعد المحاولة الانقلابية في 15 يوليو 2016، إذ بدى التوجه الجديد لتركيا في الالتفات شرقاً نحو روسيا والانتباه إلى أمورها الداخلية، مع حديث دار في الأروقة الداخلية للسياسية التركية عن إمكانية الانسحاب من الناتو لاتهام تركيا له ومن خلفه أمريكا بالمعرفة المسبقة للمحاولة الانقلابية الفاشلة.

مبررات السعي نحو الانضمام للاتحاد الأوروبي من تركيا؟
--------------

ضمن توجهات السياسة الخارجية التركية يمثل الاتحاد الأوروبي سوق التصدير الرئيسية لمجمل المنتجات الزراعية والصناعية التركية، كما أن التزود المستمر بالسلع الرأسمالية من الاتحاد والتي تعتبر سلعاً ضرورية للتنمية والتحديث الاقتصادي يشكل مطلباً أساسياً لسياسة تركيا التجارية، وتشكل أوروبا منفذاً مهماً للعمال الأتراك، وإن ارتفعت أحياناً معدلات البطالة فيها، غير أن الأمر يبقى من حيث المبدأ، أداة من أدوات رفع الضغط عن سوق العمل في تركيا نفسها التي تعاني أعباء البطالة، وستضمن هجرة العمالة التركية أيضاً قدراً جيداً من تدفق العملة الأجنبية عبر تحويلات العمال، كما أن تركيا تهدف من انضمامها لأوروبا استمرار تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة لها من الشركات الأوروبية، وذلك سيعوض تدني الادخار، ورفع الخبرات التكنولوجية الجديدة التي تحتاج إليها تركيا لمتابعة التحديث المستمر لاقتصادها[1].

الحال يشبه تماماً ما المقصد الأمريكي من تقديم 12 مليار دولار كمساعدات لأوروبا بعد الحرب العالمية الثانية ضمن خطة اعمار أوروبا "مشروع مارشال"، حيث سعت أمريكا من خلال خطة الإعمار على تجديد التصنيع الأوروبي و*** الاستثمارات واسعة النطاق وفتح أسواق جديدة للسلع الأمريكية في الساحة الأوروبية، في ظل صراع الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي لبسط نفوذهما على الساحة الدولية.

هل يرغب الأتراك بالانضمام للاتحاد الأوروبي؟
-----------------------

في مطلع القرن الميلادي الجديد كانت نسب تأييد الانضمام في تركيا تتجاوز ٧٠% في استطلاعات الرأي، وهبطت إلى أقل من ٥٠% (نهاية عام ٢٠١١م وفق مؤسسة AP-GfK)، مقابل صعود تركيا اقتصاديا من المرتبة ١١٦ إلى المرتبة ١٦ عالميا، أما الآن فجاء في مقال بقلم ماركو ماير في موقع "كونترا" الألماني يوم ٢٨ /٦ / ٢٠١٦ -أي قبل الانقلاب الفاشل- أن نسبة الرفض بلغت ٧٠% مقابل ٢٣% تؤيد استمرار المفاوضات، ويتركز التأييد على منطقة الأكراد حيث تبلغ نسبته ٨٣%، في أوروبا أيضا تقول استطلاعات الرأي إن غالبية السكان في بعض الدول كالسويد وإسبانيا والبرتغال تؤيد الانضمام بينما تصل نسبة الرفض إلى ٨١ في المائة في النمسا و٦٩ في المائة في ألمانيا والغالبية البسيطة في بلدان أخرى مثل فرنسا وبلجيكا وإيطاليا، ولا تبتعد المواقف السياسية عن هذه المواقف الشعبية.[2]

لماذا تتخوف أوروبا؟
-------------

في حالة انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي، فهذا يجعلها ثاني أكبر عضو في الاتحاد من حيث عدد السكان بعد ألمانيا، حيث بلغ عدد سكان تركيا 81,619 مليون نسمة في عام 2014 م، وقد تصبح بعد فترة العضو الأول في الاتحاد من حيث عدد السكان وفق بعض التقديرات، وهذا التعداد يعطيها عدداً أكبر من الممثلين داخل البرلمان الأوروبي، ويجعلها من الأعضاء الفاعلين فيه في حال قبولها في الاتحاد[3].
ويعتقد البعض أن هذا يثير مخاوف سياسية عديدة لدى دول الاتحاد من أن تتحول القضايا الإسلامية في تركيا إلى قضايا أوروبية نظرا لأن الديانة الرئيسية في تركيا هي الإسلام.
على المستوى الاقتصادي يتوقع البعض أن انضمام تركيا للاتحاد سوف يدفع بعدد كبير من المهاجرين الأتراك إلى بعض دول الاتحاد مثل ألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة وغيرها، للبحث عن فرص عمل في هذه الدول، ويتوقع الأوروبيون أن تنتشر العمالة التركية بأوروبا مما ينعكس سلباً على معدلات البطالة فيها.

هذا بالإضافة إلى توقع انتشار السلع التركية في دول الاتحاد مما سيؤثّر على أسعار الصناعة المحلية في هذه الدول فضلا عن تأثيره على مستوى الجودة، ويرى بعض المحللين أن انضمام تركيا سيتيح للمستثمرين الأوربيين القيام باستثمارات في تركيا التي تعتبر سوقا من أكبر أسواق أوروبا.
ولعل حملة الانتقادات الأوروبية تجاه إعلان حالة الطوارئ الآن بعد الانقلاب الفاشل تحت عنوان الحفاظ على دولة القانون، صادرة عن الخشية من إضعاف مواقع شرائح سياسية معارضة تركية لا يخفى أنها الأقرب بمنطلقاتها وأطروحاتها إلى الدول الغربية، علاوة على ارتباط الجانب "التقنيني" بالعضوية في الاتحاد الأوروبي، وقد ظهر هذا الارتباط بصورة أوضح في الموقف من احتمال تفعيل عقوبة الإعدام.

ولكن الغريب في الأمر أن فرنسا أعلنت حالة الطوارئ[4] في 14-11-2015 بعد سلسلة من الهجمات التي تعرضت لها باريس وبعض المدن الفرنسية راح ضحيتها أكثر من 120 شخص، ويتوقع أن تمدد فرنسا حالة الطوارئ عاماً آخر، للحفاظ على أمن البلاد، في نفس الوقت اعتبرت فرنسا خطوات تركيا في إعلان حالة الطوارئ بعد سلسلة من الاعتقالات طالت العديد من كوادر الأحزاب السياسية في تركيا على رأسهم أتباع عبد الله غولن أنها مخالفة لشروط الانضمام للاتحاد الأوروبي.

موقف تركيا من حلف الناتو:
----------------

مع أن التلميح فعلياً من قبل الناتو أن لا مكان لتركيا غير ديمقراطية في حلف يستند إلى مبادئ ديمقراطية، في إشارة لحلف الناتو بعد المحاولة الانقلابية الفاشلة والتي عبقتها حملة تطهير واسطة النطاق نفذها أردوغان ضد معارضيه بغية إحكام قبضتع على السلطة، وهذا ما شجعه وزير الخارجية الأمريكي جون كيري حيث صرح قائلاً: " ليس بإمكان تركيا أن تبقى عضواً في الناتو إذا انحرفت عن الديمقراطية وسيادة القانون في إطار ملاحقتها للأشخاص الذين يقفون خلف المحاولة الانقلابية الفاشلة"

لكن الموقف التركي من الولايات المتحدة الأمريكية وحلف الناتو سيئاً خصوصاً بعد تصريحات مختلفة من قبل مسؤولين أتراك عن علم مسبق للناتو والولايات المتحدة بالمحاولة الانقلابية، والتي لو نجحت لأصبحت تركيا جزءاً من المخططات الأطلسية، ضمن الصراع الدائر بين الأطلسين ومعسكر أوراسيا في الجيش، وكانت الخسائر لتشمل إعلان استقلال كردستان، والحكم الذاتي للأكراد في جنوب شرق الأناضول، وخسارة قبرص، مع أن تركيا تقف على خط التوزان بين الأطلسي وأوراسيا، وبات من الواضح تماماً أن الناتو لا يخدم مصالح تركيا[5].

وبالرغم من ذلك تبقى مكانة تركيا على الخريطة السياسية مهمة للناتو فهو ينشر أنظمة الرادار المتطورة التابعة له في "كورجيك" شرق تركيا ضمن برنامج الدفاع الصاروخي البالستي، ويجرى تدريبات عسكرية خاصة في البحر الأسود، ويسعى دائماً لممارسة ضغوط على تركيا من أجل أن يكون له وجود دائم هناك، لذلك قد يبدو من الصعب على الحلف أن يدير ظهره لتركيا في خضم الاضطرابات التي يشهدها الشرق الأسود ومنطقة البحر الأسود، وفي ظل تخبِّط الاتحاد الأوروبي بعد استفتاء "بريكسيت" الخاص ببقاء المملكة المتحدة "بريطانيا" في الاتحاد.

ولا يبدو أن الغرب في موقع يخوله حالياً لإجراء حسابات لإعادة هيكلة الاستراتيجيات العالمية والإقليمية من دون تركيا، وإبعاد الضباط الأتراك من المنشآت التابعة للناتو، أو إمكانية إدارة المنطقة دون تركيا، مما يجعل أن تلميحات طرد تركيا من الناتو جوفاء من دون معنى نظراً إلى ما يجري الآن في العالم.

السيناريوهات والمستقبل:
--------------

قد يبدو المشهد أكثر تعقيداً في تصور أن تسحب تركيا طلب انضمامها للاتحاد الأوروبي، فهي تسعى بكل قوة لخلق سوق لسلعها واقتصادها وعمالتها واستجلاب أكبر قدر ممكن من التقانة الأوروبية العالية، وتسعى لدور أكبر في السياسة الدولية لذلك ستحافظ على هذا التوجه، وإن أرجأت هذه للاستفتاء من الشعب التركي، لكن ذلك لا يخفي سعيها للانضمام.

قد تسعى تركيا لانفتاح أكثر على الشرق روسيا والصين، لتوثيق العلاقات الاقتصادية وابرام اتفاقيات جديدة، أو الدخول في مجموعات اقتصادية كـ"البريكس"، وكل ذلك لدعم الاقتصاد التركي بشكل أكبر يعزز من موقعها السياسي في المنطقة، ولدعم الليرة التركية بشكل أساسي مقابل الدولار.
تسعى تركيا منذ خمس سنوات لتعزيز دور استثماراتها في القطب في أفريقيا، حيث يستمد المنظور الاستراتيجي التركي تجاه إفريقيا مؤشراته الحديثة من خلال ركيزة الدبلوماسية المتناغمة التي ترى أن الدور التركي الحديث يجب أن يتجاوز مفهوم الدولة الطرفية غير الفاعلة إلى تعزيز وخلق آليات من التوافق والانسجام بين الآليات الكبرى للدولة التركية الحديثة والاستراتيجيات الصغرى للشركات والأفراد , وبهذا المنظور يضع الساسة الاتراك الجدد في إفريقيا مساحة مهمة لخلق هوامش مؤثرة للدبلوماسية التركية؛ لذلك شكَّلت سنة 2005 انعطافة جديدة نحو إفريقيا بالإعلان عن هذه السنة سنةً للانفتاح على إفريقيا ليُتبع بعد ذلك بالإعلان عن تركيا حليفًا استراتيجيا للاتحاد الإفريقي سنة [6]2008.

ترنو تركيا إلى أن يصل حجم التبادل التجاري بينها وبين القارة الإفريقية إلى عتبة 50 مليار دولار بحلول سنة 2023؛ وذلك بفعل الاستثمارات العملاقة التي قامت أنقرة بتعبئتها في الداخل الإفريقي ومن خلال الاعتماد على العمالة الإفريقية المحلية.

لا أعتقد أن فكرة الانسحاب من الناتو قد تكون مطروحة بجدية في هذا الوقت من قبل تركيا، لكنها ستحافظ على توازنها بين الناتو وروسيا وقد تشهد العلاقات التركية الأمريكية مزيداً من التوتر، سترفض خلالها تركيا إملاءات جديدة للناتو في توسع الدرع الصاروخي على أراضيها وإجراء تدريبات عسكرية جديدة.
---------------------------------
[1] ابي يونس، الكسندر ( 2011 ). العلاقات الحائرة بين تركيا والاتحاد الأوروبي، مجلة الدفاع الوطني.
[2] نبيل شبيب، أوروبا وتركيا وما بعد الانقلاب الفاشل، الجزيرة نت، نشر في 1-8-2016، تابع الرابط.
http://www.aljazeera.net/knowledgega...A7%D8%B4%D9%84
[3] سامية السيد، تركيا والاتحاد الأوروبي: 28 عاما من مفاوضات الانضمام، 15-10-2015.
[4] تقرير نشر في سكاي نيوز العربية في 14-11-2105 تابع الرابط.
http://www.skynewsarabia.com/***/art...87%D8%A7%D8%A8
[5] ديفيد رومانو, الناتو وتركيا حان الوقت للقبول بالحقائق، 14-11-2016، تابع الرابط
http://rudaw.net/arabic/opinion/14112016
[6] بوحنية قوي، إفريقيا في الاستراتيجية التركية الجديدة، قطر: مركز الجزيرة للدراسات، 25-10-2015.


ـــــــــــــــــــــــــــ
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 12-31-2016, 09:26 AM
الصورة الرمزية عبدالناصر محمود
عبدالناصر محمود متواجد حالياً
عضو مؤسس
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 56,138
ورقة المسار المدني و صعود الإسلاميين في تركيا

المسار المدني و صعود الإسلاميين في تركيا
ـــــــــــــــــــــــ

(بشير الحسيني)
ــــــــ

2 / 4 / 1438 هــ
31 / 12 / 2016 م
ـــــــــــــ







تتباين وجهات النظر الإسلامية حول تجربة حزب العدالة والتنمية التركي، الذي اختار المسار المدني، والمشاركة الديمقراطية السلمية، والإصلاح الاقتصادي، والتنمية الشاملة، كمنطلق أساسي في أسلمة المجتمع، غير أن النظر إلى التجربة بمعزل عن المراحل التي سبقتها، والسياق الذي جاءت فيه، والتطورات التي مر بها، وما ترتب على وجوده من تحديات، يجعل الحكم عليها مفتقرًا إلى أبجديات دراسة التجارب وتقييمها، لذلك جاء هذا المقال محاولًا تسليط الضوء على الأسباب التي جعلتهم يختارون هذا المسار، ويغلِّبونه على النظريات والاجتهادية الإسلامية الأخرى في الإصلاح والتغيير، ولعل من أهم الأسباب ما يلي:

أولًا: تربص العلمانيين بكل محاولة إسلامية تنافس على الحكم، مما يجعل مهمة الأسلمة أصعب مما نتوقعه، فجهود الصحوة الإسلامية التي انطلقت في القرن الماضي جاعلةً تطبيق الشريعة من أهم أولوياتها اصطدمت بعقبات الواقع الكثيرة، فالعلمنة تغلغلت في كل مكونات الدولة التركية، ومنذ انتهاء الدولة العثمانية، وتأسيس الجمهورية التركية عام 1923م، ترسخ مبدأ العلمانية في تركيا اقتداءً بالغرب، وزُرع في عقول أبنائها أن الحرية والديمقراطية لا يمكن أن تسود سوى بالعلمانية المطلقة، فحكموا البلاد أكثر من ثمانين عامًا، ساهموا خلالها في إيجاد أجيال بعيدة عن الدين، وعملوا على قمع الرموز الدينية، وإقصاء الإسلام عن المجتمع والسياسة والدولة بكل وسيلة ممكنة، واستصدار الأحكام المناهضة له في كل نواحي الحياة، فاستطاعت تلك الحكومات أن تحرف مسار الثقافة التركية الإسلامية العريقة، وتستبدلها برموز وقناعات واهتمامات وقدوات علمانية بحتة، مما جعل التصريح بالانتماء الإسلامي محكومًا عليه بالفشل والتقتيل والتغييب في السجون.

ثانيًا: التحدي الأكبر أمام الإسلاميين ليس في الوصول إلى السلطة، وإنما في التمكن فيها، فقد وصلوا إليها مرارًا في دول عديدة، منها تركيا، لكنهم سرعان ما قُمعوا وغُيبوا عن المشهد أو حُصروا، إما بآليات ناعمة أو بانقلابات عسكرية، وتجربة أربكان والعقبات التي تعرض لها، وحل الأحزاب التي شكلها في مرات عديدة شاهد على ذلك، ومن قبلها تجربة عدنان مندريس وإعدامه رغم أنه لم يصرح بإسلاميته، فكان التحدي الأكبر أمامهم المحافظة على إنجازهم وفوزهم، وأخذ فرصتهم في تطبيق البرنامج الذي طرحوه، ففشل التجارب الإسلامية الأكثر وضوحًا في تبنيها للإسلام-التي حاولت الوصول إلى الحكم-، سواء في تركيا أو خارجها، أثمرت نضجًا لدى العدالة والتنمية من حيث الثغرات التي يمكن أن يتسلل منها العسكر والخصوم، فكانت التجربة المدنية أقدر على التخفي في الدولة، وسد الثغرات التي يمكن لنظام الدولة العلمانية العميق الدخول منها.

ثالثًا: إن المواطن البسيط قد لا تجذبه الشعارات الإسلامية، والقيم الفاضلة، والمصلحة العامة، المترتبة على اختياره للإسلاميين، بقدر ما يجذبه تأمين لقمة عيشه، ودواء أطفاله، واحتياجات عياله، فكان لا بد من تقديم نجاحات عملية ملموسة في الاقتصاد والتعليم والسياسية؛ لمد جسور الثقة مع المواطن، وحتى لا يتحول رفضه انتخاب الأحزاب الإسلامية رفضًا للإسلام، وتفضيلًا للرزق على الدين والمبادئ، فكان تقديم النموذج الناجح، وبرهنة القدرة على الحكم، أسبق من التصريح بالمفاهيم الإسلامية؛ ليكون الاقتصاد مساندًا ومناصرًا للاعتقاد، ولا يتحول العجز والفشل إلى فتنة للناس في دينهم، وأستحضر هنا قول عمر ابن عبد العزيز -رحمه الله-: "ما طاوعني الناس على ما أردت من الحق حتى بسطت لهم من الدنيا شيئاً".

رابعًا: بقاء البذور الإسلامية مزروعة في قلب الشعب التركي، وما العلمنة إلا حدث طارئ، فُرضت عليه من قبل العسكر ومنظومة الدولة العلمانية ذات الأذرع المتعددة، وفي اللحظة التي يُسمح للشعب بالاختيار الحر، فسيختار الإسلاميين الأكفاء، فهو ديني بفطرته، ويشتاق لإحياء رؤية أجداده العثمانيين، ولهذا عملت القوى الاستعمارية الحاقدة على الإسلام؛ لإقامة حاجز يمنع عودة قوة تركيا المسلمة، غير أن الله يهيئ الأسباب لولادة الأمل الإسلامي من جديد، ولعل كثيرًا من الأصوات التي تنادي بسرعة الأسلمة عاشت فترة حكم العدالة والتنمية ولم تعش المعاناة قبل مجيئه، أو نسيت السنين الطوال التي عملت فيها شتى القوى العلمانية على طمس القيم والهوية الإسلامية.

خامسًا: تأثر العدالة والتنمية التركي بفكر حركة النهضة التونسية، التي تعد من أكثر الأفكار الإسلامية قربًا من مفاهيم الدولة المدنية، فكتابات قادة النهضة أمثال الشيخ راشد الغنوشي التي تغلِّب الفكر الإصلاحي على الفكر الثوري، والمليئة بالدعوة إلى التصالح مع النظام المدني، واستثماره في أسلمة المجتمع، ساهمت في قبول الإسلام المدني، فالنهضة أسبق من العدالة والتنمية تنظيرًا، ولهذا استفاد العدالة والتنمية من فكر النهضة، بينما العدالة والتنمية أسبق من النهضة تجربة وتطبيقًا، فحاولت النهضة الاستفادة منه في تجربتها عندما تولت الحكم.

سادسًا: تأثر العدالة والتنمية بموقعه الجغرافي، وامتداده التاريخي، فقربه من أوروبا، وسعيه للتقارب معها، جعله يحاول التماهي معها، ومجاراتها في شكل الدولة ومنطلقاتها واهتماماتها، وكذلك امتداده التاريخي له دور في ذلك، فتركيا كانت عاصمة الخلافة الإسلامية قبل سقوطها وإقامة الدولة العلمانية، وعادة الأفكار التي يتداولها مجتمع العاصمة والمدينة المحورية، تميل نحو الانفتاح والتجديد، وتكون متأثرة بشكل أو بآخر بنظام الدولة الحديثة.

لقد اختار العدالة والتنمية الدخول في نظام علماني، واستثمار الثغرات المتاحة فيه للوصول إلى الحكم، وسلك طريقًا ينعش من خلاله اقتصاد بلده، وينهض بالأخلاق والتعليم والقيم، وينصر قضايا المستضعفين، ويسعى لبث الآداب والفضائل، ويقلص الفساد باقتلاع جذوره من النفوس، ويعمل على جعل التدين فطرة وباعثًا داخليًا قبل فرضه خارجيًا، ويجتهد في تجفيف منابع الرذائل، ويوفر ما جاز من البدائل، ويعرض الإسلام بأسلوب حضاري، تتقبله النفوس والفطر، ويبث الحرية والعدالة؛ لأن انتشار أجواء الحرية، وقول ما ينبغي قوله دون قيود، يستفيد الإسلام منها أكثر من كل الأديان؛ لأنه دين الفطرة والعقل والدعوة، لهذا حرص على التدرج في الإصلاح، والبعد عن الانتقالات السريعة وحرق المراحل، وسعى إلى التمهيد لإعادة المفاهيم الإسلامية من جديد شيئًا فشيئًا، دون التصادم مع القوى العلمانية التي ما زالت مؤثرة في مؤسسات تركيا المختلفة إلى يومنا هذا، ولن يتم التغيير المنشود قبل التأثير في نظرة المجتمع التركي تجاه الإسلام، وزرع الرؤية الواضحة السليمة في عقول الجيل الناشئ.

إن الواجب اليوم على العدالة والتنمية مواصلة أسلمة الدولة والمجتمع، والعمل على غرس العقيدة الصحيحة، والقيم والمفاهيم النقية، وإصلاح ما أفسده العلمانيون، بما يسمح بظهور جيل يحمل رؤية جماعية إسلامية مغايرة لما رسمته العلمانية خلال الفترة السابقة من عمر تركيا.





ـــــــــــــــــــــــــ
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
التركي, النفوذ, إفريقية


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
أدوات الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع تركيا والصعود المأمول
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
إفريقية والسرطان المحيط بالعرب عبدالناصر محمود مقالات وتحليلات مختارة 0 11-05-2015 08:33 AM
عدن .. صراع على النفوذ عبدالناصر محمود مقالات وتحليلات مختارة 0 04-20-2015 07:01 AM
النفوذ الإيراني الناعم عبدالناصر محمود بحوث ودراسات منوعة 0 06-27-2014 03:50 PM
طاجيكستان: قوة مؤثرة أم متأثرة بلعبة النفوذ الإقليمية؟ Eng.Jordan مقالات وتحليلات مختارة 0 06-09-2013 09:42 AM
المنظمات الغربية الخيرية في إفريقية عبدالناصر محمود المسلمون حول العالم 0 02-18-2012 08:42 AM

   
|
 
 

  sitemap 

 


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 08:58 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59