#1  
قديم 04-18-2017, 11:20 PM
الصورة الرمزية Eng.Jordan
Eng.Jordan متواجد حالياً
إدارة الموقع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: الأردن
المشاركات: 25,413
افتراضي ترامب وكيم.. جنون الردع


باسكال بونيفاس



pascal_bonefas.jpgترامب وكيم.. جنون الردع

تاريخ النشر: الثلاثاء 18 أبريل 2017

من خلال تهديده بتسوية مشكلة النووي الكوري الشمالي لوحده، إن لم تمارس الصين مزيداً من الضغط على نظام كيم جونغ أون، كهْرب الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأجواء الدولية، وأضفى أيضاً طابعاً أكثر دراماتيكية على القمة الثنائية التي جمعته بالرئيس الصيني «شي جينبينغ».
وكان ترامب قد أعلن أنه قد قرر «تسوية مشكلة النووي الكوري الشمالي بشكل حاسم» دون أن يحدد بأية طريقة سيفعل ذلك. وطريقة إعلانه ومزاجه العام ولّدا حزمة مخاوف من أن بلوغ هذا الهدف قد لا يكون بالضرورة بالطرق الدبلوماسية: مثلاً، هل سيتم من خلال شن هجمات إلكترونية ضد بيونج يانج؟ أم بتوجيه ضربات استباقية للمنشآت العسكرية الكورية الشمالية؟ وهنا لنا أن نتخيل فقط شدة عنف التداعيات والردود التي ستتترب على مثل هذه التدابير.

adverttop.png



advertbottom.png
وكوريا الشمالية لا تمتلك طبعاً الوسائل التي تمكنها من ضرب الولايات المتحدة، ولكن الأراضي الكورية الجنوبية واليابانية في مرمى صواريخها. وهنا نتذكر أن جورج بوش حين أعلن عما سماه «محور الشر» الذي ضم العراق وكوريا الشمالية، لم تغب عن باله القدرات الكورية الشمالية على الرد، ولذلك كان حذراً وحريصاً على ألا يستهدف بيونج يانج، لتجنب الدخول في مواجهة غير محسوبة العواقب، وهي مواجهة أخطر، على كل حال، وبما لا يقاس، من الحرب في العراق. ولنتخيل فقط ما يمكن أن يحدث لو قررت بيونج يانج بدواعي الانتقام إرسال صواريخها إلى سيؤول وطوكيو؟
وعلى النقيض تماماً مما يتصور ترامب، أو يُعتقد أنه يتصوره، فوسائل الضغط المتاحة للصين على كوريا الشمالية محدودة للغاية باعتراف القادة الصينيين أنفسهم. وقد صوتوا في مجلس الأمن الدولي مع الأعضاء الآخرين على العقوبات الدولية التي فرضت على النظام الكوري الشمالي. وبكل بساطة، فهم لا يملكون أكثر من هذا في مواجهة كيم جونغ أون. وسياسته تضايقهم طبعاً لأنها تسمح للولايات المتحدة بزيادة حضورها العسكري في المنطقة، وبنشر منظومة دفاع صاروخي في كوريا الجنوبية.
والحقيقة أن علاقات كوريا الشمالية والصينيين لم تكن يوماً مثلما هي عليه الآن من السوء والتردي. وتأخذ بكين على بيونج يانج، خاصة أنها لم تتبع نموذجها في الانفتاح الاقتصادي مع استمرار احتكار الحزب الشيوعي للسلطة. وبطبيعة الحال يستطيع الصينيون الكف عن شراء الفحم من كوريا الشمالية أو خنقها اقتصادياً. ولكن حتى إن كانوا منزعجين للغاية من سلوك كيم جونغ أون، فهم يخشون أيضاً انهياراً عارماً لنظامه مع ما قد يترتب على ذلك من تداعيات هجرة جماعية - بتدفق طوفان مهاجرين كوري شمالي على أراضيهم- كما يتوجسون أيضاً من أية تداعيات استراتيجية أخرى لا يمكن توقع عواقبها (قوات أميركية على حدودهم في حال وحدة الكوريتين).
والصينيون يدركون في قرارة أنفسهم أن القادة الكوريين الشماليين لن يتخلوا أبداً عن أسلحتهم النووية: فهي بوليصة التأمين على الحياة الوحيدة بالنسبة لهم. فكيم جونغ أون لا يريد أن ينتهي به المآل كما انتهى بمعمر القذافي وصدام حسين اللذين أُسقطا تحديداً لعدم امتلاكهما أسلحة نووية. ولذا فإن قصارى هدف الصينيين هو الوصول بسلوك كيم إلى حد قابل للتوقع فقط. وهم يخشون حقاً من دفعه إلى كل ما لا يمكن توقعه.
وبين دونالد ترامب وكيم جونغ أون، يتعلق الأمر، في الحقيقة، بمَن سيلعب بشكل أكثر جنوناً لتخويف الآخر: إنه نوع كبير من لعبة «أمسكوني وإلا فسأرتكب مصيبة، لأنني أستطيع اقتراف ما هو أسوأ»! ويعتقد كيم جونغ أون، واعتقاده هذا لا يخلو من منطق، أنه طالما بدا منفلتاً، وغير قابل للترويض، ولا يمكن توقع تصرفاته، فإن في مقدوره، إن أبدى أية إيماءة جنون معبرة عن الاستعداد للدخول في مواجهة، انتزاع قدر أكبر من الانتباه والاهتمام، ودفع الجميع لمداراته ومداهنته وتملق ودّه. وليس دونالد ترامب بعيداً أيضاً من أن تكون لديه أعراض هذه الحالة نفسها: فهو يدرك أن مزاجه المندفع يثير لدى الآخرين الارتباك، وحتى الخوف. ولذلك فهو يعتقد أن في مقدوره ممارسة الضغط على بكين وبيونج يانج معاً، بجعلهما تفكران في أنه هو أيضاً يمكن أن يرتمي في مغامرات بنتائج غير محسوبة. فكلا الطرفين إذن يلعب دور المجنون لتخويف الآخر. ومع ذلك فلا مصلحة لأي منهما في تجاوز الخط الأحمر في النهاية، ولكن من مصلحته إشاعة الاعتقاد بأن في مقدوره فعل ذلك دون تردد. وهذا نوع من أنواع الردع المتبادل. ولكن الردع يستلزم أيضاً امتلاك أعصاب من فولاذ، ولنأمل نحن فقط ألا تقع أية انزلاقات على حافة الهوية.
المصدر: ملتقى شذرات

__________________
(اللهم {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} (البقرة:201)
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
الردع, براءة, حنون, وكيم..


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
أدوات الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع ترامب وكيم.. جنون الردع
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
مثال رائع لأخ حكيم حنون . صابرة الملتقى العام 0 07-04-2015 04:25 AM
قوة حماس تزداد وتفقدنا الردع عبدالناصر محمود أخبار الكيان الصهيوني 0 06-09-2015 06:04 AM
والسماء ذات الرجع... صباح الورد شذرات إسلامية 0 07-19-2012 12:09 PM
جنون بقر...يعود من جديد في كاليفورنيا Eng.Jordan أخبار عربية وعالمية 0 04-25-2012 08:38 PM
جنون العقل و الم القلب مهند مقالات 0 01-10-2012 04:09 PM

   
|
 
 

  sitemap 

 


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 02:14 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59