#1
|
||||
|
||||
قضايا الاسلام بأقلام الأدباء
الوحدة العربية تُعتبر قضية الوحدة العربية أو الاتحاد العربي من القضايا التي برزتْ بقوة على الساحة السياسية والأدبية عقب انهيار وتفكُّك الدولة العثمانية. وقد انقسم المثقفون إزاء تبني فكرة الوحدة إلى أكثر من منهج، وكانوا على طرفَي نقيض في تبني مفهوم الوحدة، فالقَوميُّون منهم كانت دعوتهم تَستنِد على أساس القومية ذاتها، واعتبار الجنس واللغة والتاريخ عوامل مشتركة بغضِّ النظر عن اختلاف الدِّين، وتجلى هذا الطرح بوضوح في شعراء الدعوة القومية العربية، ومنهم الشاعر القُرويُّ الذي يقول: هبوني عيدًا يجعل العُرْب أمَّةً وسيروا بجثماني على دِين بُرهُمِ سلامٌ على كفرٍ يوحِّد بيننا وأهلاً وسهلاً بَعدهُ بجهنَّمِ أما على الطرف الآخَر فكان يقف الأدباء المسلمون، وقادتهم المصلحون بالندِّ من هذه الدعاوى العصبية، ولم تمنعْهم معارضتهم لطرْح القوميِّين من التمسُّك بفكرة الوحدة العربية كسبيل أول للوحدة الإسلامية الكبرى، وإيمانهم بضرورة هذه الوحدة، ولكن في إطار مُغايرٍ تمامًا لذلك الإطار الفكري الذي تبناه دعاة الفكر القومي. يقول الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض: الوحدة العربية أمل كل عربي، ومطمح سام لرغبات أمة من الخليج إلى المحيط، ومن يشذُّ عن هذه القاعدة، فهو إما خائنٌ لأمتِه، أو جاهلٌ بمسؤوليته ومشاعر قومه، وعلى هذا الأساس نحنُ نَشعُر بغبطة وبهجة لدى حصول أيِّ تقارُب عربي، أو اتحاد عربي، أو وحدة عربية، والإسلام دين الوحدة والجماعة[1]. أما الكاتب والأديب والمفكِّر الإسلامي اللواء الركن محمود شيت خطاب، فيُعلِن موقفه من الوحدة العربية قائلاً: والوحدة قدَرٌ، والقَدَر أقوى من البشر، بها يكون العرب كل شيء، وبدونها يكون العرب لا شيء، وهي سلاح يَقضي على إسرائيل، والتفرقة سلاحٌ يقضي على العرب، وإذا كانت الوحدة ضرورية أبدًا، فإنها أصبحت أكثر ضرورية بعد خلق إسرائيل، إنها قضية مصير، إنها قضية حياة أو موت، والذين يُقاومون الوحدة نكاية بأشخاص مُعيَّنين مخطئون، كالذين يُريدون الوحدة مِن أجل أشخاص معيَّنين، إن الوحدة إلى بقاء، والأشخاص إلى فناء.... وضرب لنا مثلاً بحركة الإخوان المسلمين في سوريا التي وقفتْ ضد انفِصال سوريا عن مصر، على الرغم مما ذاقوه هم وإخوانهم في مصر على يد جمال عبدالناصر ونظامه المُفرِط في الدكتاتورية والقسوة والاستبداد[2]. يقول الدكتور حلمي القاعود: إن قضية الوحدة العربية لها تشعُّبات كثيرة في الشعر، فالشعراء المسلمون اهتمُّوا بقضية الوحدة العربية، ودعوا إليها في أشعارهم؛ لأنهم كانوا يعتبرون الوحدة أساسًا وكل ما يؤدي إليها مطلوب. ويُشير الدكتور القاعود إلى أن الوحدة العربية - في إطار النهضة الحديثة - كانت محورًا من محاور الأدب الإسلامي الحديث[3]. فالشاعر سعيد بن أحمد بن عبيد باسليمان يُعلنها مستنكرًا على القوميين دعاواهم الزائفة في الوحدة ومنهجهم الخاطئ الذي سلكوه في سبيل هذه الوحدة، فيقول في أبيات من قصيدة (جرح الكرامة): مزقٌ ونَهتف: أمَّة عربية عجبًا، ولهجة بعضِنا عجْماء فبغَير دين محمد وكتابه لفْظ العُروبة كِلْمة جَوفاء وبغَير هدْي محمَّد وضيائه قول الحميَّة لفْظة شوهاء[4] أما الشاعر العلامة محمد بهجة الأثري، فيُعلن رؤيته للوحدة العربية التي سخَّر لها الكثير من أشعاره، يُعلن رؤية المسلم لهذه الوحدة وكيف يجب أن تلبس هذه الوحدة روح الإسلام وهداه، فيقول في قصيدة (دمشق في القيد تزأر): لعَمرُ العُلى، لن يبلغ (العربُ) العُلى وهم فِرَقٌ شتَّى وشَمْلٌ مدمَّرُ ألا، فاسْلُكوها (وحدةً عربيةً) لها من (هُدى الإسلام) روحٌ ومَظهرُ وهنا تمتزج العروبة والإسلام امتزاجًا مُفترَضًا في قناعة الشاعر (الأثري)، ومن عُمقِ الحسِّ القومي التاريخي يَنبثِق إيمان الشاعر بضرورة تحوُّل الواقع الذي هو كائن إلى الواقع الذي ينبغي أن يكون، فوحدة الأمة العربية لا تقوم على آصرة الدم وحدها، وإنما تبقى العقدة شاهدها الأبدي ومُحرِّك أجيالها إلى تجاوز كل حالات التمزُّق والقهر، ومن هنا كان للشاعر أن يقرِّر قناعته بأن الوحدة العربية لا تقوم إلا على الركنَين المتلازمين (العروبة والإسلام)[5]. إنَّ الشاعر الأثري كرَّس كل محاسن شِعره لإبراز محاسن الإسلام والعروبة واللغة العربية، وكرَّس جهده لنصرة قضية الوحدة العربية، فنوصي بإظهار هذه السِّمَة في دراسة علمية موسَّعة، وهو القائل في قصيدة (المغرب العربي ... وطن الجمال وأمة الجلال): متى أرى (الوحدة الكبرى) تحوط لها هذي الجَلالة، والأقداس والعقدا[6] وأين لي مدَّة أحيا بها، فأرى بعضًا يشدُّ لبعضٍ آخَرٍ عَضُدا إننا حين نتناول بالدرس (الوحدة العربية بأقلام الأدباء المسلمين) لا يعني هذا غضُّ النظر عن الحديث في الوحدة الإسلامية؛ إذ إن الوحدة الإسلامية أصبحتْ شيئًا بدهيًّا يتمنَّاه المسلم الصادق ويسعى في سبيله، ولكن الجدل والاختلاف الفكريَّ أدى إلى جعل قضية الوحدة العربية قضيةً تأخُذ أبعادًا أخرى وردود فعل مُتبايِنة، بل إن بعض الإسلاميين غلَوا في رفضها، وتطرَّفوا في محاربتها، وهذا ما دعانا أن نتناولها كقضية مهمَّة من قضايا الأدب الإسلامي الحديث. [1] الوحدة العربية والوحدة الإسلامية: مجلة اليمامة، العدد 381 في 19/12/1982، وانظر موقع الألوكة. [2] اللواء الركن محود شيت خطاب (المجاهد الذي يحمل سيفه في كتبه): عبدالله الطنطاوي، دار القلم، دمشق 1422هـ - 2001م. [3] - الأدب الإسلامي يوحِّدنا... فمتى نرعاه؟ موقع (إخوان أون لاين). [4] ديوان الأثري، الجزء الثاني، مطبعة المجمع العلمي العراقي، بغداد 1416هـ - 1996م. [5] د. عبدالله الجادر: كتاب المجمع العلمي في تكريم العلامة الأثري، مطبعة المجمع العلمي العراقي، 1415هـ -194م. [6] العَقَدا: بفتحتين، الولايات على الأمصار. المصدر: ملتقى شذرات
__________________
(اللهم {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} (البقرة:201) |
العلامات المرجعية |
الكلمات الدلالية (Tags) |
الأختام, الاسلام, بأقلام, قضايا |
يتصفح الموضوع حالياً : 2 (0 عضو و 2 ضيف) | |
أدوات الموضوع | |
|
|
المواضيع المتشابهه للموضوع قضايا الاسلام بأقلام الأدباء | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
إليك العادات الغريبة الملهمة لأشهر الأدباء! | Eng.Jordan | أخبار ومختارات أدبية | 1 | 09-01-2016 08:46 PM |
عمرها 4000 سنة.. اكتشاف مقبرة لحامل الأختام الملكيّة بمصر | Eng.Jordan | أخبار منوعة | 0 | 02-24-2016 09:57 AM |
الاسلام بين كينز وماركس وحقوق الانسان في الاسلام | Eng.Jordan | بحوث ومراجع في الإدارة والإقتصاد | 5 | 02-19-2012 11:12 AM |
رثاء بعض الأدباء العرب لتلستوي | Eng.Jordan | أخبار ومختارات أدبية | 0 | 02-03-2012 02:28 PM |
حمل كتاب معجم الأدباء | Eng.Jordan | كتب ومراجع إلكترونية | 0 | 02-02-2012 10:46 PM |