#1  
قديم 11-21-2017, 07:19 AM
الصورة الرمزية صابرة
صابرة غير متواجد حالياً
متميز وأصيل
 
تاريخ التسجيل: Apr 2015
المشاركات: 8,880
افتراضي اتَّقِ اللَّهِ حَيْثُمَا كُنْتَ


هذا الحديث من جوامع كلمه صلى الله عليه وسلم ؛ فإن التقوى وإن قل لفظها جامعة لحقوقه تعالى ؛ إذ هي اجتناب كل منهي عنه ، وفعل كل مأمور به ، فمن فعل ذلك فهو من المتقين الذين شرَّفهم الله تعالى في كتابه بأنواع الكمالات
وقال ابن حجر : هذا الحديث جامع لسائر أحكام الشريعة ؛ إذ هي لا تخرج عن الأمر والنهي ،
و قال المناوي : هذا الحديث من القواعد المهمة ؛ لإبانته لخير الدارين ، وتضمنه ما يلزم المكلف من رعاية حق الحق والخَلق
💥 عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ : قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { اتَّقِ اللَّهِ حَيْثُمَا كُنْتَ وَأَتْبِعْ السَّيِّئَةَ الْحَسَنَةَ تَمْحُهَا وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ } [ رواه الترمذي (1987) وقَالَ ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ ) ]
قال ابن علان الصديقي : هذا الحديث أصل عظيم جامع في باب الوصايا والإرشاد وقد أوصى فيه النبي صلى الله عليه وسلم بثلاث وصايا.

الوصية الأولى: اتَّقِ اللَّهِ حَيْثُمَا كُنْتَ
🔛🔛🔛🔛🔛🔛🔛🔛🔛🔛🔛🔛
قوله : اتق الله هو أمر بالإتيان بجميع الواجبات والانتهاء عن سائر المنكرات ،
وهي وصية عظيمة جامعة لحقوق الله وحقوق الخلق. والتقوى وصية الله للأولين والآخرين
💥 قال تعالى { وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ } [النساء : 131]
🔷 وحقيقة التقوى : أن يجعل العبد بينه وبين غضب الله وسخطه وقاية من الأقوال والأفعال ؛ بفعل الواجبات وترك المحرمات والشبهات وفعل المندوبات وترك المكروهات وذلك أعلى درجات التقوى.
⏪ قال طلق بن حبيب : ( التقوى أن تعمل بطاعة الله على نور من الله ترجو ثواب الله وأن تترك معصية الله على نور من الله تخاف عقاب الله )
⏪ وقال عمر بن عبد العزيز : ( ليس تقوى الله بصيام النهار ولا بقيام الليل والتخليط فيما بين ذلك ولكن تقوى الله ترك ما حرم الله وأداء ما افترض الله فمن رزق بعد ذلك خيرا فهو خير إلى خير).

🔷 وقوله صلى الله عليه وسلم: (اتق الله حيثما كنت). مراده في السر والعلانية حيث يراه الناس وحيث لا يرونه
💥 عن عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ سَمِعتُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { اللَّهمَّ إنِّي أَسْأَلُكَ خَشْيَتَكَ فِي الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ }.[ رواه النسائي (1305) ؛ وصصحه الألباني في الكلم الطيب - الصفحة أو الرقم:106

وهذا هو السبب الموجب لخشية الله في السر فإن من علم أن الله يراه حيث كان وأنه مطلع على باطنه وظاهره وسره وعلانيته استحضر ذلك في خلواته وأوجب له ذلك ترك المعاصي في السر.
وكان الإمام أحمد ينشد:
إذا ما خلوت الدهر يوما فلا تقل * خلوت ولكن قل علي رقيب*
*ولا تحسبن الله يغفل ساعة * ولا أن ما يخفى عليه يغيب

ثانيا : وَأَتْبِعْ السَّيِّئَةَ الْحَسَنَةَ تَمْحُهَا
🔛🔛🔛🔛🔛🔛🔛🔛🔛🔛🔛🔛
لما كان العبد قد يقع منه أحيانا تفريط في التقوى وتقصير في طاعة الله أو انتهاك ما حرم الله لطبعه وغفلته وغلبة الشيطان شرع الله له وأمره فعل ما يمحو هذه السيئات بفعل الحسنات
💥 كما قال تعالى { وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ ۚ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ۚ ذَٰلِكَ ذِكْرَىٰ لِلذَّاكِرِينَ} [هود : 114]
💥 وعَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ : قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوْصِنِي قَالَ { إِذَا عَمِلْتَ سَيِّئَةً فَأَتْبِعْهَا حَسَنَةً تَمْحُهَا } [ رواه احمد (20976) ]

🔷 وقد أخبر الله أن المتقين قد تقع منهم أحيانا الكبائر وهي الفواحش والصغائر وهي ظلم النفس لكنهم لا يصرون عليها بل يذكرون الله عقب معصيتهم ويستغفرونه ويتوبون إليه وتوبتهم هي ترك الإصرار
💥 وقد قال الله عز وجل في معرض الثناء عليهم: { وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَىٰ مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [آل عمران : 135]
يعني ذكروا عظمته وشدة بطشه وعذابه فاستغفروا من ذنوبهم ولم يستمروا على فعل المعصية.

ثالثاً : وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ
🔛🔛🔛🔛🔛🔛🔛🔛🔛🔛🔛
الخلق الحسن من خصال التقوى ولا تتم التقوى إلا به ؛ فجمع النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ في وصيته بين حق الله وحق عباده.
وقد تكاثرت النصوص على فضل حسن الخلق والأمر به
💥 عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ { إِنَّ مِنْ أَحَبِّكُمْ إِلَيَّ وَأَقْرَبِكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَحَاسِنَكُمْ أَخْلَاقًا } [ حَسَنٌه الترمذي برقم (2018) ]
💥 وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ { لَمْ يَكُنْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاحِشًا وَلَا مُتَفَحِّشًا وَكَانَ يَقُولُ إِنَّ مِنْ خِيَارِكُمْ أَحْسَنَكُمْ أَخْلَاقًا } [ صحيح البخاري (3366) ؛ وصحيح مسلم (4285) ]
💥 وفي روايه وَقَالَ { إِنَّ مِنْ أَحَبِّكُمْ إِلَيَّ أَحْسَنَكُمْ أَخْلَاقًا } [ صحيح البخاري (3549) ]
💥 عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَكْثَرُ مَا يُدْخِلُ الْجَنَّةَ قَالَ { التَّقْوَى وَحُسْنُ الْخُلُقِ } [ رواه ابن ماجه (4246) ]
فالسعيد من أصلح ما بينه وبين الله فإن من فعل ذلك أصلح الله ما بينه وبين الناس وألقى محبته وثناءه على لسان الخلق وجعل له القبول في الأرض
والشقي من أفسد ما بينه وبين الله ومن فعل ذلك أفسد الله ما بينه وبين الناس وألقى بغضه وذمه على لسان الخلق وجعل له الجفاء في الأرض
اللَّهُمَّ آتِ نَفْسِي تَقْوَاهَا ، وَزَكِّهَا أَنْتَ خَيْرُ مَنْ زَكَّاهَا ؛ أَنْتَ وَلِيُّهَا وَمَوْلَاهَا

(الشيخ /جمال سعيد)

المصدر: ملتقى شذرات

__________________
" يا الله أنتَ قوتي وثباتي وأنا غصنٌ هَزيل "
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
اللَّهِ, اتَّقِ, حَيْثُمَا, كُنْتَ


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
أدوات الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع اتَّقِ اللَّهِ حَيْثُمَا كُنْتَ
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا صابرة الملتقى العام 0 08-18-2016 08:39 AM
الْمُتَحَابُّونَ فِي اللَّهِ.. بحث متكامل .. ام زهرة دراسات ومراجع و بحوث اسلامية 0 03-28-2014 03:23 PM

   
|
 
 

  sitemap 

 


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 01:22 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59