ثقافة القطيع
وليد عبد الحي
ما أن دب الاضطراب السياسي في الوطن العربي مع نهاية 2010، حتى بدأت الصحافة الغربية الترويج لفكرة معينة وهي دور وسائل الاتصال الاجتماعي(الفيسبوك والتويتر..الخ) في تحريك الاضطراب،وبدأ الكتاب العرب والتحليلات تتدفق وكأنه لولا هذه الوسائل لما حدثت الثورات،وترى بعض مراكز البحث الغربية في واشنطن تحديدا تدعم هذه الفكرة وبشكل كثيف،وتنقل الصحافة العربية عنها وكأنها "جهينة التي لديها الخبر اليقين".
وخلال إعدادي لكتاب "الانفجار الكبير" الذي تم نشره في المركز العربي للبحوث، قمت وخلال حوالي شهرين بجمع كل الارقام عن نسبة توافر وسائل الإنترنت ونسبة المشتركين في وسائل التواصل الاجتماعي في كل دولة عربية خلال الفترة التي شملها الاضطراب،ثم أخذت نسبة الاستقرار السياسي في كل بلد عربي بقياس 13 مؤشرا، وقمت بحساب معامل الارتباط احصائيا بين توفر وسائل الاتصال الاجتماعي وبين مؤشرات عدم الاستقرار، وكانت النتيجة بالضبط هي 0,217، أي أن الارتباط بين الظاهرتين محدود للغاية ...ويكفي معرفة أن ليبيا وسوريا ومصر واليمن هم من أقل الدول العربية في هذه الوسائط ، لكنها الأكثر في مؤشرات عدم الاستقرار...
إن منهجية التحري العلمي للظواهر هي التي تخلصنا من ثقافة القطيع ، حيث هناك كبش في رقبته جرس، فأينما سار الكبش ورن الجرس لحق القطيع صوت الجرس بغض النظر عن وجهة الكبش...