#1  
قديم 12-21-2015, 08:24 AM
الصورة الرمزية عبدالناصر محمود
عبدالناصر محمود غير متواجد حالياً
عضو مؤسس
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 56,039
ورقة تركيا والخيارات الصعبة


تركيا والخيارات الصعبة
ــــــــــــ

(أحمد أبو دقة)
ـــــــ

10 / 3 / 1437 هـ
21 / 12 / 2015 م
ـــــــــــ

والخيارات 821122015073101.png

تتحرك الحكومات التركية المتعاقبة بقيادة حزب العدالة والتنمية التركي منذ فوزه عام 2002م بالأغلبية في مقاعد البرلمان التركي باتجاه إحداث تحول كبير في مسار السياسات التركية الداخلية والخارجية:
على الصعيد الداخلي: أولت اهتماماً كبيراً بعدة قضايا، أبرزها التخلص من شوائب الماضي، كالتصالح مع الأكراد وتجميد قضيتهم إلى أجل غير مسمى. كذلك القضاء على الخصوم سواء على صعيد الحركة الصوفية التي يتزعمها فتح الله كولن وتتحالف مع الجميع بهدف إفشال حزب العدالة والتنمية. والمسار الثالث العلمانية داخل الجيش التركي الذي أفشلت تحركاتُه دائماً المسار الديمقراطي في تركيا. بعين المراقب نرى أن تحركات حزب العدالة والتنمية لا يمكن إسقاطها على حالة سياسية غايتها استقرار الأوضاع وتأمين المسار الديمقراطي في البلاد فقط، بل إنها تحركات لجماعة إسلامية جاءت لتبقى برضا الشارع عقب إفشال تجارب إسلامية سابقة بفعل حركة شرسة من العلمانية المدعومة من الجيش.
على الصعيد الخارجي: يقول الكاتب التركي محمد داود أون ألمش في مقالة بعنوان "السياسة الخارجية التركية بين المصالح والمبادئ" نشرته صحيفة يني شفيق: إن تركيا منذ تأسيس الجمهورية على يد مصطفى كمال أتاتورك وهي تتقزم وتقوم بدور الدولة التابعة للقوى الكبرى، وهذا الدور هو نفسه تعيشه الدول العربية حالياً.

لكن منذ تولي حزب العدالة والتنمية مقاليد الحكم وهو يحاول تحصين المجتمع التركي داخلياً بحركة تنموية صلبة تخفف اعتماده على الآخرين، كذلك على صعيد القوى العسكرية فقد قطعت شوطاً كبيراً تركيا لتعتمد على نفسها في مجال الصناعات العسكرية وتطويرها. هذه الإجراءات التي لازمت مسيرة العدالة والتنمية في الحكم انعكست على سياسة تركيا الخارجية؛ فقد شددت سياسة زعيم الدبلوماسية التركية أحمد داود أوغلو على تصفير الخلافات مع دول الجوار وانتقلت إلى سياسة المصالح المشتركة مع القوى الكبرى بدلاً من سياسة التبعية التي كانت تسير عليها تركيا الأتاتوركية.
لا أحد يستطيع إنكار ما أقدمت عليه تركيا في السنوات الأخيرة تجاه القضايا العربية والإسلامية من مناصرة ودعم وتأييد في ليبيا والصومال والسودان وفلسطين وبورما وغيرها... حزب العدالة والتنمية يؤمن بأن العمق الحقيقي لتركيا هو العالم الإسلامي والتصالح مع الشعوب الإسلامية هو الرافد الحقيقي المغذي لقوة تركيا وسياستها الخارجية.

من منظور سياسي فإن تركيا تسعى لإرساء قواعد ذات بعد أيديولوجي في التعامل مع العالم الإسلامي، من خلال دعم المسلمين السنة في العراق وسوريا، وهذا يؤشر إلى أن تركيا واضحةٌ في مسار علاقاتها مع بلدان العالم الإسلامي؛ فهي لا تحابي إيران في سوريا للحفاظ على مصالحها وتواصل دعم الجماعات السنية التي تقاتل النظام السوري في سوريا، كذلك رفضها خروج قواتها من العراق لأنها تعلم أن إخراج قواتها يعني إتاحة المزيد من الحرية لتقسيم العراق وتهميش السنة.
حزب العدالة والتنمية - لا سيما عقب أزمة إسقاط الطائرة الروسية على الحدود مع سوريا - شعر أن الغرب ليس جاداً في حل الأزمة السورية. وإن كانت تركيا قدمت الكثير خلال مسار مشاركتها في مهمات حلف "الناتو" إلا أنها تؤمن بأن الاعتماد على الذات هو المصير الأخير، فقد أيقنت تماماً من ردود الأفعال الغربية وهشاشتها أنها وحيدةٌ في معركتها مع روسيا، لذلك بدأت بتجنب زيادة حدة التوتر مع روسيا، كذلك الأمر نفسه حصل مع روسيا لأنهما تعلمان يقيناً أن المنتصر الوحيد في هذه المعركة هي واشنطن، لذلك تبعات الأزمة بدأت تتقلص شيئاً فشيئاً.

الأحزاب الإسلامية التي تبدأ تجربة مسيرة الديمقراطية دائماً تصطدم بالواقع؛ فإدارة حزب سياسي أمر بعيد كل البعد عن إدارة دولة، هذا الأمر حصل مع حركة حماس في غزة ومع الإسلاميين في مصر والمغرب والجزائر؛ فتلك الأحزاب قائمة على مبادئ وأيديولوجيات يصنعها الواقع الديني التي تعيشه، لكنها في وقت من الأوقات تشعر بأنها مضطرة لتقديم المصالح على المبادئ وهذا ما تفعله تركيا هذه الأيام، فهي مضطرة للتصالح مع الكيان الصهيوني لعدة أسباب، أبرزها التعاون مع الأخير ضد المثلث الروسي الإيراني السوري، كذلك فإن الجيش التركي لديه علاقات وارتباطات عسكرية كبيرة مع الجيش الصهيوني توقفت عقب حروب الجيش الصهيوني على قطاع غزة، ولا أستبعد أن عودة العلاقات بين الطرفين مرهونة بضغوط تمارسها القوة العسكرية التركية، فحزب العدالة والتنمية لا يخرج عن كونه حزباً سياسياً دينياً تقلَّد السلطة برغبة شعبية، لكن الجيش عبارة عن مؤسسات مغلقة عمرها عقود وقياداته مختلفة كثيراً من حيث الأولويات وصناعة القرار مقارنة بقادة حزب العدالة والتنمية... لذلك خوفاً من ردة فعل سلبية قد تنشأ في العالم الإسلامي بسبب المصالحة التركية الصهيونية اجتمع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مع رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل في القصر الرئاسي في إسطنبول وطمأنه بخصوص مسار العلاقات مع الكيان الصهيوني؛ فحركة حماس تعيش أزمة خانقة بسبب قطع علاقتها مع إيران وسوريا، ولا تريد أن تكون ورقة يتم التلاعب بها بحسب مصالح الدول.

في النهاية يجب التأكيد على أن تركيا لن تتخلى عن علاقتها بالعالم الإسلامي مقابل مصالح مؤقتة مع الكيان الصهيوني، بالإضافة إلى أن تركيا التي تعتبَر بوابة أوروبا في الشرق الأوسط لديها الكثير من الميزات التي تجعل الكيان الصهيوني يسعى بجدية للتصالح معها كونها القوى الصاعدة الأبرز في المنطقة بخلاف الصعود الإيراني المؤقت.

-----------------------------------
المصدر: ملتقى شذرات

رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
الصعبة, تركيا, والخيارات


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
أدوات الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع تركيا والخيارات الصعبة
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
إسلاميو تونس والخيارات الصعبة عبدالناصر محمود مقالات وتحليلات مختارة 0 11-11-2014 08:40 AM
الكارثة الصعبة التى لم يتحملها جنود "جولاني Eng.Jordan أخبار الكيان الصهيوني 0 08-17-2014 02:46 PM
اليمن والأوضاع الاقتصادية الصعبة عبدالناصر محمود أخبار منوعة 0 06-13-2014 05:57 AM
فجر طاقتك الكامنة في الأوقات الصعبة Eng.Jordan كتب ومراجع إلكترونية 1 10-11-2013 12:36 PM
25 قصة نجاح من البدايات الصعبة احمد ادريس كتب ومراجع إلكترونية 0 01-10-2012 10:49 PM

   
|
 
 

  sitemap 

 


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 01:15 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59