#1  
قديم 02-16-2014, 08:50 AM
الصورة الرمزية عبدالناصر محمود
عبدالناصر محمود متواجد حالياً
عضو مؤسس
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 56,037
ورقة المصطلحات الوافدة وأثرها على الهوية الإسلامية


المصطلحات الوافدة وأثرها على الهوية الإسلامية*
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــ

16 / 4 / 1435 هــ
16 / 2 / 2014 م
ــــــــــــــــــــــــــــــــ

المصطلحات الإسلامية _3496.jpg


المصطلحات الوافدة وأثرها على الهوية الإسلامية

الهيثم زعفان

مركز الرسالة للدراسات والبحوث الإنسانية 2009

======================

تعتبر قضية المصطلح محورية في أي ثقافة من الثقافات, حيث تعكس منهجية التعامل معها في توليدها وضبطها والمعايير التي تحكمها مدى اتساق تلك الثقافة أو هذه مع ذاتها, حيث تكمن خلفها منظومة القيم التي تمتاز بها ثقافة ما عن بقية الثقافات.

وقد تمددت في حياتنا العلمية والثقافية مصطلحات وافدة -رغم الغنى المصطلحي العربي الإسلامي وأسبقيته في هذا المجال- من شأنها أن تعيد تشكيل رؤيتنا وذواتنا وثقافتنا, زاحمت كل شيء في خصوصياتنا, كلياتنا العقدية وأحكامنا ومناهجنا وآدابنا الشرعية.

وإذا كان قسم من هذه المصطلحات من قبيل المشترك الإنساني كالمرتبط بالعلوم المادية بشقيها التجريبي والتطبيقي, فإن القسم الآخر ذو خصوصية ثقافية يمكن أن يستفاد منه دون التعارض مع خصوصياتنا, وموضوع هذا الكتاب هو القسم الثاني, الذي اقتصر فيه المؤلف على أربعة مصطلحات فحسب, كنموذج ترتب لنا الرؤية في التعامل مع ما سواها من مصطلحات.

وقد قسم المؤلف كتابه خمسة فصول, تضمن الأول الإطار المنهجي للتعامل مع المصطلحات الوافدة قبولا ودفعا, ليتناول في الثاني مصطلح حقوق الإنسان, وفي الثالث تحرير المرأة, وفي الرابع المجتمع المدني, وفي الخامس الأصولية.

في الفصل الأول وضع المؤلف بين يدي القارئ رؤية تأصيلية يمكن أن يبنى عليها معالجة بقية فصول الكتاب, من خلال ضبط مفهوم المصطلح لغويا وتخصصيا, حيث بين أهمية مفهوم المصطلح وتعريفه لغة واصطلاحا, مبينا أن علم المصطلح نشأ أصلا في أحضان الحضارة الإسلامية وعلى أيدي العلماء المسلمين.

كما بين المؤلف في هذا الفصل ضوابط وضع المصطلحات من وجود مناسبة بين المدلول اللغوي والاصطلاحي للمصطلح, إضافة لتجنب تعدد الدلالات للمصطلح الواحد, لينتقل بعدها لبيان التعريف الإجرائي للمصطلح, وتوضيح مجال بحثه الذي لا يتضمن مصطلحات العلوم التطبيقية والنظرية.

وعن منهج الإسلام في التعامل مع المصطلحات الوافدة, بين المؤلف هذا المنهج من خلال النقاط التالية:

1- نهي القرآن الكريم عن الألفاظ المحتملة لمعنى سيء, وتحذيره من تورية اليهود للكلام, حيث من مقاصد القرآن ***** اللسان عن الألفاظ التي يمكن أن تمثل انحرافا في المستقبل, أو تحمل في باطنها هذا الانحراف حاليا, فلا تعويل على النية في هذا المجال, ومثال ذلك كلمة (راعنا) في سورة البقرة, وقد أمر الله المسلمين باستبدالها بكلمة (انظرنا).

2- موقف علماء المسلمين من الألفاظ والمصطلحات الوافدة واستعمالاتها -ومن أبرزهم شيخ الإسلام ابن تيمية- فقد اشترطوا بحث المعنى وتفهم المضمون (فالعبرة بالمقاصد والمعاني لا بالألفاظ والمباني) كما يقول علماء الأصول, كما فصل العلماء -وأبرزهم ابن تيمية- في الألفاظ المحتملة للحق والباطل, ووضع ضوابط شرعية لمخاطبة الأعاجم باصطلاحاتهم ولغتهم, وعدم الاستهانة بإضفاء الصبغة الشرعية على المصطلحات الوافدة, وقبول الاصطلاح من حيث الاستعمال والمردود.

كما أوضح المؤلف أن للغرب طموحات وأهداف تسعى من خلاله لفرض نموذجها الثقافي –والمصطلحات الغربية جزء منه– على بقية الشعوب والأمم, بما بات يسمى بالعولمة, وهي نابعة من الحسد والكره للمسلمين ورغبة شديدة لتحريف الإسلام, من خلال نظرية تشويش الأحكام القيمية لدى المسلمين, وقد وجد الغرب في مصطلحاته آلية للسيطرة الاستعمارية الثقافية على الشعوب الإسلامية, وذلك بعد تشويه المصطلحات الإسلامية التي لا يستطيع مجاراتها, وقد ساعده على ذلك المستشرقين.

في الفصل الثاني بدأ المؤلف بالمصطلح الأول وهو حقوق الإنسان, فبين نشأة مصطلح حقوق الإنسان الذي ارتبط بالثورة الفرنسية لإزالة سلطان الكنيسة , كما بين الأساس الذي قامت عليه وهي العلمانية.

وقد بين المؤلف أثر مصطلح حقوق الإنسان على الهوية الإسلامية من خلال:

1- أن المرجعية في هذه القوانين وضعية لا سماوية ولا تقبل التجزئة, أي لا بد أن تعترف بها بشكل كامل, مما يتعارض مع المرجعية الإسلامية السماوية.

2- في هذه الحقوق حرية تغيير العقيدة المتناقض مع أحكام الإسلام العقائدية, والمهدد لسلامة بنيان المجتمع المسلم.

3- دعوة حقوق الإنسان لاتخاذ تدابير قانونية تتعارض مع التشريع الإسلامي من خلال الحرية في اعتناق الدين حسب الهوى.

4- الضغط لإعادة قراءة الإسلام وفق معطيات حقوق الإنسان (الرؤية الغربية).

5- حقوق الإنسان تأثر على الحدود الشرعية حيث لا تعترف الشرعة بالحدود الإسلامية, بل تستنكرها وتستهجن تطبيقها.

6- تبني حقوق الإنسان للحرية المطلقة التي تطال المقدسات والأديان مما يتنافى مع أحكام الإسلام.

إلى غير ذلك من البنود التي تبين بوضوح التعارض بين حقوق الإنسان والأحكام الشرعية, وخطورة بعض المحاولات العربية لإسقاط حقوق الإنسان على الدين الإسلامي, مما يهدد الهوية الإسلامية.

في الفصل الثالث تناول المؤلف مصطلح تحرير المرأة, ساردا التطور التاريخي لهذا المصطلح, والتي تعود إلى القرن التاسع عشر, وسيطرة أصحاب الفكر التحرري الجديد على لجنة مركز المرأة بالأمم المتحدة بعد إنشائها.

ثم بين المؤلف أثر هذا المصطلح على الهوية الإسلامية, من خلال ترسيخ الغرب لفكرة العداء بين الدين وتحرير المرأة, وصولا إلى كون مصطلح تحرير المرأة وثني الدين بشكل كامل, ناهيك عن الحرية العقدية للمرأة المخالفة للإسلام, وانفلاتها من كل الالتزامات والضوابط الشرعية المنظمة لحياتها في الإسلام, سواء في علاقتها مع الرجال أو الميراث أو غير ذلك, مما يفقد المرأة المسلمة هويتها الإسلامية بالكامل.

وعن مصطلح المجتمع المدني خصص المؤلف الفصل الرابع من كتابه, موضحا ارتباط هذا المصطلح مع حقوق الإنسان وتحرير المرأة ونشر الديمقراطية الليبرالية, ومبينا نشأة هذا المصطلح الغربي, الذي أريد له أن يكون منافسا ومضادا للديني المسيحي طبعا, والذي أريد إسقاطه على الإسلامي في البلاد العربية والإسلامية.

وبعد تعريف مصطلح المجتمع المدني بين المؤلف التوظيف الغربي لهذا المصطلح في مواجهة الإسلام, من خلال منظماته التي تتدخل في الشؤون الداخلية للدول تحت مزاعم انتهاك حقوق الإنسان.

كما أوضح المؤلف الفرق بين مؤسسات المجتمع المدني ومؤسسات العمل الخيري الإسلامي, فرغم التشابه في الشكل وفي بعض الممارسات, إلا أنهما يختلفان كلية في المنطلقات, حيث يعتبر نشطاء المجتمع المدني مؤسسات العمل الخيري منافسا يجب القضاء عليه أو تذويبه في منظومته الليبرالية.

وعن أسباب رواج مصطلح المجتع المدني وتأثيره على الهوية الإسلامية, اعتبر المؤلف أن سقوط الشيوعية وبحث اليسار عن مخرج للأزمة يعتبر أهم أسباب رواج هذا المصطلح, حيث كان غطاء للمارساتهم ونشاطهم, كما أن تلازم العولمة مع هذا المصطلح شكل سببا آخر للرواج, ناهيك عن الأجندة العولمية الغربية في العالم الإسلامي, التي وجدت في المصطلح بغيتها ووسيلتها للوصل للمجتمعات الإسلامية, ولا يخفى دور تشجيع الحكومات العربية لهذا المصطلح في رواجه.

ولم يغفل المؤلف عن فك التباس هذا المصطلح على بعض المسلمين, موضحا أن المسلمين باعترافهم بمؤسسات المجتمع المدني فإنهم سيقبلون بكل مؤسسات حقوق الإنسان وتحرير المرأة التي تخالف -كما سبق- ثوابت الإسلام وعقائده.

في الفصل الخامس والأخير تحدث المؤلف عن مصطلح الأصولية, مبينا أن المصطلح حديث الظهور لغويا في البيئة الغربية, إلا أن مفهومه ومدلوله مقترن بالكنيسة, إذ كان أول أصولي (يتعصب لأصوله) هو رجل الدين الغربي, ثم عمم ليشمل سائر المجالات الفكرية والثقافية.

كما أوضح المؤلف دلالات المصطلح, التي تؤكد فساد معتقدات الأصوليين الغربيين وتعصبهم, كما توضح ادعاءهم التلقي المباشر من الله تعالى, والعصمة الحرفية لكل كلمة في الكتاب المقدس, إلى آخر هذه المفاسد العقدية والفكرية التي ألصقت بالإسلام والمسلمين بعد ذلك.

كما بين المؤلف ارتباط مصطلح الأصولية بالرديكالية, والذي يعني تطرف وتصلب رجل الكنيسة في الغرب أمام التحرر السياسي والفكري والعلمي في أوربا في العصور الوسطى, ليصل إلى توظيف الغرب لهذا المصطلح في سبيل تذويب الهوية الإسلامية, من خلال توجيه الغرب معركته مع شريحة الأصوليين المسلمين, والتصالح مع العلمانيين والإصلاحيين.

ثم عرض المؤلف صورة وصفية للأصولية حسب رسم الموسوعة البريطانية, كما عرض لبدائل الغرب في مواجهة الأصولية الإسلامية, من خلال الإشادة بالصوفية والتحذير من المتمسكين بتعاليم الإسلام ممن تصفهم (بالمتعنتين والمتطرفين), كما عرض المؤلف لربط الغرب بين مصطلح الأصولية والإرهاب, وذلك لتسهيل القضاء على المسلمين الأصوليين.

وفي الختام بين المؤلف أن هذه المصطلحات وأمثالها هي بمعظمها علمانية, ولها موقف معاد للدين المسيحي الكنسي, وهي بمضامينها موجهة في الأساس للمواطن الغربي لا العربي المسلم, وفيها حق وباطل, ومن هنا ارتفعت بعض الأصوات الإسلامية بأخذ ما فيها من حق, إلا أن ذلك من الصعوبة بمكان نظرا لعدم قابلية هذه المصطلحات للتجزئة, ناهيك عن مخاوف تذويب الهوية الإسلامية في حالة الأخذ بما في هذه المصطلحات من حق, خاصة مع حالة الضعف التي تعيشها الأمة الإسلامية.

الكتاب بحق ممتع ومفيد, وفيه من الحقائق والمعلومات ما يستحق القراءة والتركيز, فجزى الله تعالى مؤلفه خير الجزاء, ونفع به المسلمين. آمين والحمد لله رب العالمين.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــ
*{التأصيل للدراسات}
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر: ملتقى شذرات

رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
المصطلحات, الإسلامية, الهوية, الوافدة, على, وأثرها


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
أدوات الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع المصطلحات الوافدة وأثرها على الهوية الإسلامية
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الهوية الإسلامية للشعب الموريتاني عبدالناصر محمود المسلمون حول العالم 0 01-12-2014 08:41 AM
دور رفاعة الطهطاوي في تخريب الهوية الإسلامية Eng.Jordan كتب ومراجع إلكترونية 1 11-20-2013 01:13 PM
بنجلاديش والانتقام من الهوية الإسلامية عبدالناصر محمود مقالات وتحليلات مختارة 0 06-02-2013 09:26 AM
علاقة الهوية الإسلامية بالوطنية عبدالناصر محمود المسلمون حول العالم 0 03-04-2012 08:13 AM
خصائص الهوية الإسلامية عبدالناصر محمود المسلمون حول العالم 0 02-06-2012 09:13 AM

   
|
 
 

  sitemap 

 


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 01:01 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59