العودة   > >

مقالات وتحليلات مختارة مقالات ..تقارير صحفية .. تحليلات وآراء ، مقابلات صحفية منقولة من مختلف المصادر

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
  #78  
قديم 12-17-2013, 08:54 AM
الصورة الرمزية عبدالناصر محمود
عبدالناصر محمود غير متواجد حالياً
عضو مؤسس
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 56,159
ورقة

العلمانية في مصر
ــــــــــــــــــــــــــ

14 / 2 / 1435 هــ
17 / 12 / 2013 م
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(د. محمد هشام راغب)
---------------

سلامة موسى: عدو نفسه وعدو الحق

ومع كل هجوم سلامة موسى على اللغة العربية وكراهيته لها، إلا انه حاول جاهدا أن يتم ضمه لمجمع اللغة العربية!. ولا نستطيع أن نفسر هذا التناقض إلا بأمرين:- إما أنه أراد أن يكيد للغة العربية من داخل المؤسسة الأهم في الحفاظ عليها- أو أراد أي شرف ومكانة ومنصب ولو كانت ضد مبادئه التي يعلنها، وهذا داب كثير من العلمانيين.


وقد كتب الأستاذ عباس خضر وقتها تعليقا طريفا على ذلك الطلب الغريب فقال:"مجمع سلامة موسى للغة العامية:في مجمع فؤاد الأول للغة العربية الآن، كرسيان خلوا بوفاة الدكتور محمد شرف بك والمستشرق الألماني الدكتور فيشر، وقد فتح باب الترشيح لهما، فتقدم عضوان من أعضاء المجمع، هما سعادة عبد الحميد بدوي باشا والدكتور إبراهيم بيومي مدكور، بترشيح سعادة واصف غالي باشا ليملأ أحد ذينك الكرسيين. وحدث قبل ذلك أن كتب الأستاذ سلامة موسى إلى بعض أعضاء المجمع يطلب ترشيحه للعضوية، ويقول إن سعادة واصف غالي باشا يزكيه.وتدل تلك الرسالة التي كتبها الأستاذ سلامة إلى عدد من أعضاء المجمع، على أنه غير واقف على حقيقة ما يتبع في انتخاب الأعضاء، فإن تزكية أحد من غير الأعضاء ليست سبباً إلى الترشيح للعضوية، وإنما يجب أن يرشحه عضوان ويقدما مسوغات الترشيح من إنتاج المرشح ومؤلفاته.ولنفرض أن اثنين من الأعضاء أرادا أن يرشحا الأستاذ سلامة موسى، فماذا عساهما أن يقدما للمجمع من مسوغات هذا الترشيح؟ إنهما لابد يقعان في حرج شديد بالغ الشدة ما كان أغناهما عن أن يتورطا فيه، فالأستاذ سلامة دائب - منذ أمسك القلم - على مهاجمة اللغة العربية والأدب العربي والثقافة العربية على العموم، والمجمع مهمته الأولى المحافظة على سلامة اللغة العربية، وهو يعمل على تنمية الثقافة العربية، ويشجع الباحثين في الأدب العربي، بل إن هذا الأدب الذي لا يعجب الأستاذ سلامة هو معين اللغة التي يتسمى المجمع باسمها ويقوم عليها.ماذا يقدم العضوان اللذان يجازفان بترشيح الأستاذ سلامة؟ هذا كتاب يأخذ عنوانه النظر لقربه من موضوع الترشيح، وهو (البلاغة العصرية واللغة العربية) وهو كسائر مؤلفات الأستاذ سلامة يحتوي (أفكاراً حرة) مما يقذف به هذا (المفكر الحر) كما يقول الذين يشيعون عنه هذه الشائعة.يهجم الأستاذ سلامة في كتابه هذا على اللغة العربية ويعيب أدبها ويدعو إلى اللغة العامية، ويعتز بها ويريد أن يؤلف بها عن غير خالد بن الوليد وحسان بن ثابت، لأن الكتابة عنهما وعن أمثالهما - في رأي المفكر الحر المزعوم - من أسباب تأخرنا!... لا يا شيخ!


ويقول بعد قليل من تلك الفقرات إن ارتباط اللغة بالتقاليد والعقائد هو سبب التبلد والجمود في اللغة، وإن الدعوة إلى غير ذلك هي إحدى الغايات التي قصدها من تأليف الكتاب، وهو يدعو في مواضع مختلفة من الكتاب مرة إلى دفن اللغة العربية، ومرة إلى إلغاء الإعراب والمترادفات فيها، ومرة يرى أننا بحاجة إلى لغة المجتمع لا إلى لغة القرآن، ويقرن ذلك أحياناً بحرية المرأة والتقدم الصناعي! إلى آخر ذلك الخلط العجيب الذي يتفنن به من يشيعون عن الأستاذ سلامة أنه مفكر حر. وتلك عينه من أفكاره الحرة!نرجع إلى مجمع اللغة العربية وترشيح الأستاذ سلامة موسى لعضويته، لنتساءل: هل تتفق تلك الأفكار الحرة وهذه العضوية؟ أنا لا أنكر على الأستاذ سلامة أن يكون عضواً في مجمع، ولكن أي مجمع؟ هو بلا شك مجمع للغة العامية، بل أنا أرشحه لرياسة هذا المجمع العامي، وهذه مسوغاته. وليس هذا فقط فالرجل جدير بالتخليد، ولذلك يجب أن يسمى المجمع باسمه فيقال (مجمع سلامة موسى للغة العامية).


بعد الاقتباس الذي تقدم من ضيق سلامة موسى لعدم استيعاب اللغة العربية لاختلاط الرجال بالنساء على الشواطئ، بعد هذا لا يحتاج الأمر كثيرا لتبين فكرة الرجل عن المرأة، ولكن لنزيد الأمر وضوحا نعرض هنا لبعض آرائه التفصيلية بحججها الواهية، وأفكاره التي استهدفت تدمير كيان الأسرة المصرية من جذوره.

يتبع ...

د. محمد هشام راغب

-----------------------------------
رد مع اقتباس
  #79  
قديم 12-26-2013, 01:04 PM
الصورة الرمزية عبدالناصر محمود
عبدالناصر محمود غير متواجد حالياً
عضو مؤسس
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 56,159
ورقة العلمانية في مصر

العلمانية في مصر
ــــــــــــــــــــــــ

23 / 2 / 1435 هــ
26 / 12 / 2013 م
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
(د. محمد هشام راغب)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

سلامة موسى: عدو نفسه وعدو الحق

شن سلامة موسى حربا شعواء على حجاب المرأة المصرية، وعفافها وارتباطها بأسرتها، ولم يترك مناسبة، ولا مقالا، ولا كتابا إلا وجعل المرأة محورا مهما فيه. وحين تقرأ الآن كلامه بعد أكثر من ثمانين سنة من كتابته، سترى أن سموم هذا الرجل قد سرت في عقول "النخبة" المثقفة، وسيطرت على أعمال أكثر الأدباء والفنانين.
بعد الاقتباس الذي تقدم من ضيق سلامة موسى لعدم استيعاب اللغة العربية لاختلاط الرجال بالنساء على الشواطئ، بعد هذا لا يحتاج الأمر كثيرا لنبين فكرة الرجل عن المرأة، ولكن لنزيد الأمر وضوحا نعرض هنا لبعض آرائه التفصيلية بحججها الواهية. يبدأ سلامة موسى بالأمور الشكلية الظاهرية فيقول "ثم انظر إلى ما ورثنا من المجتمع العربي القديم بشأن المرأة فقد ألغى هذا المجتمع المرأة من الحياة الاجتماعية إلغاء يكاد يكون تاماً، أما نحن فقد رددنا الاعتبار للمرأة المصرية؛ ولكن ما زلنا نستعمل الكلمات القديمة فنقول (أم فلان) أو (حرم فلان) ولا نذكر الاسم، مع أن الاسم جزء من الشخصية وإهماله هو سبة للمرأة.. وإهمالنا لاسم المرأة هو تراث لغوي قديم يحمل إلينا عقيدة اجتماعية يجب أن نكافحها". وكلام سلامة موسى ليس له نصيب من الصحة، فالإسلام كرم المرأة ورفع من شأنها ومنحها كامل حقوقها غير منقوصة، وجعل لها ذمة مالية مستقلة، ولها حق اختيار زوجها وحق طلب تطليقها منه، وحقها في التعليم وجعل على زوجها نفقة الأسرة كلها حتى لو كانت زوجته غنية، بينما فرنسا إلى زمن قريب كانت تعتبر المرأة ناقصة الأهلية، وتمنح لزوجها حق التصرف في مالها ولا تستطيع المرأة التقاضي إلا بإذن زوجها، وكانت أوروبا وقت ظهور الإسلام تتجادل في حقيقة المرأة أإنسان هي أم شيطان. وأما حكاية الاسم وقولهم (أم فلان) فلا شيء فيه بل هو تكريم لها واعتراف بفضلها في رسالتها العظيمة في تنشئة الأولاد. ثم إن الكنية عرف يشمل الرجال والنساء جميعا، فنقول (ابو فلان) ولا يمنع هذا من التسمية بدون الكنية، وفي الأحاديث النبوية تنادى أمهات المؤمنين بأسمائهن كثيرا، ففيها (قالت عائشة، وقالت حفص بنت عمر وزينب بنت جحش...). وبالإضافة لذلك فإن الغرب الذي يعشقه سلامة موسى يُفقد المرأة اسمها تماما بعد الزواج وتعطى اسم زوجها، فيقولوا مسز فلان أو مدام فلان. لكنه الغلو والضغينة التي جعلته يتحامل في أي شيء.


ولسلامة موسى كتاب جمع فيه آراءه في قضية تحرير المراة بعنوان (المرأة ليست لعبة الرجل)، ودعونا نأخذ أمثلة نناقشها:أول ما يلفت النظر في مقدمة الكتاب أن سلامة موسى لا يعرف دورا للمرأة في تربية الأولاد، مع أنها مهمة يتوقف عليها صلاح المجتمع كله، فالأم مدرسة. لكن الرجل يبدأ كتابه بإلهاء المرأة والتمويه عليها لتفويت ذلك الدور العظيم فيقول "الرجل لا يتخصص للزواج. وكذلك المرأة يجب ألا تتخصص للزواج. ذلك لأن حياتنا، نحن الرجال والنساء، أغلى من هذا وأرحب من أن يحتويها هذا التخصص. وليس من حق أحد في الدنيا أن يقول للمرأة: عيشي في البيت طيلة عمرك، لا تختلطي بالمجتمع ولا تؤدي عمل المحامي أو الطبيب أو الصانع أو الكيماوي أو الفيلسوف. وإنما اقصري كل قوتك وكل وقتك على الطبخ والكنس وولادة الأطفال". فيتعمد إغفال الدور التربوي الجليل، ولا يرى أثرا لالتفات المرأة لتربية أولادها (طبعا لأنها لابد أن تتساوى مع الرجل في كل شيئ، فلماذا تلقى عليها مسئولية الأولاد بينما الرجل يستمتع بمعارك الحياة خارج البيت)، والمرة الوحيدة التي تعرض فيها لمسئولية التربية تخلص منها ليتربى الأولاد بين ايدي الخادمات والمربيات فينشئوا بعاهات نفسية وصحية عديدة. يقول موسى "يجب على المرأة المتعلمة أن تعمل خارج البيت وتؤدي خدمة اجتماعية لوطنها. وذلك بأن تستغل جميع الفرص والوسائل الجديدة التي تجعل أداء الواجبات المنزلية سهلًا يستغرق الدقائق بدلًا من الساعات. كما تجعل تربية الأطفال فنية في أيدي المربيات في المحضن أولًا إلى سن الرابعة، ثم في الروضة ثانيًا إلى سن السادسة أو السابعة".


ثم يولي سلامة موسى اهتماما تاما بتشجيع اختلاط المرأة بالرجال، وأنه لا سبيل للتقدم إلا بهذا ويهدد بأن غياب الاختلاط التام بين الرجال والنساء يورث الشذوذ، وكأن الرجل لم ير بعينيه ماذا فعل السفور والاختلاط في الغرب، هل أوقف الشهوات المستعرة؟ أم هل أوقف الشذوذ؟. وقد مات سلامة موسى قبل أن يدرك الغرب وقد سن القوانين التي تسمح بزواج المثلين، زواج الرجل بالرجل وزواج المرأة بالمرأة، ولم يمنع الاختلاط عندهم من هذا الجنون بل زاده سعيرا وانتشارا. وقد نثر سلامة موسى هذه المسألة في كل فصول الكتاب ودندن عليها بشتى الحيل والأساليب، يقول في فقرة منها:"يجب، أيتها المرأة المصرية أن تزاملي الرجل في العمل، ولا تعملي وحدك. بل يجب أن تبدأي الزمالة من الطفولة، تتعلمين وأنت صبية مع الصبايا، وأنت فتاة مع الشبان. ثم تزاملي الرجل في المكتب والمتجر والمصنع.نحن الرجال والنساء يجب ألا ينفصل أحد جنسينا عن الآخر. لأننا عندما ننفصل نقع في شذوذات جنسية بشعة. بل نقع أيضًا في شذوذات ذهنية وعاطفية. فلا نحسن التفكير، ولا نستطيع معالجة أي موضوع إنساني بذكاء فضلًا عن عبقرية. إن الفصل بين الجنسين، وقصر نشاطك الذهني والجسمي على البيت، قد ملأ هذا المجتمع المصري بآثام وشرور كادت تحيل أفراده أو بعض أفراده إلى حيوانات. هذا الفصل هو علة الشذوذ الجنسي الذي يجعل من الرجل حيوانًا، قبيحًا، زريًا، مريضًا، يحيى في هذه الدنيا حياة سرية يفترس الصبيان ويفسدهم ويحرفهم عن رجولتهم القادمة. ولا علاج لهذه العاهة إلا بالاختلاط بين الجنسين، حتى يتجه الاشتهاء الجنسي وجهته الطبيعية ولا ينحرف، بحيث يحب الرجل المرأة ولا يحب الغلام … يجب أن يعرف الرجل المرأة، ويجب أن تعرف المرأة الرجل. وأي سبيل لهذه المعرفة سوى الاختلاط؟ هل يعرفانها من الكتب؟ إن الانفصال يجعل كلًا من الشاب والفتاة يشطح في خيالات بعيدة عن الحقائق... وفن الحب يحتاج إلى أن تبقى صورة المرأة ماثلة في ذهن الرجل وصورة الرجل ماثلة في ذهن المرأة منذ المهد إلى اللحد، وأيما انفصال بينهما قد يحدث شذوذًا. وقد لا يبرأ هذا الشذوذ طيلة العمر".


وهي كما ترى علل واهية يكذبها الواقع وتكذبها تجارب الغرب الذي اتخذها موسى نموذجا ونبراسا، ولا ننكر أن هذه الأفكار الضالة قد وجدت طريقها لتلامذة سلامة موسى ومتعهدي نشر فكره الخبيث، وترى تلك العبارات المشينة منتشرة في أدبيات النخب المثقفة في سيتينيات وسبعينيات القرن العشرين.


أما حملته على الحجاب والزواج والطلاق وتعدد الزوجات فبائسة للغاية، وتعكس أمراضا نفسية سيطرت على فكر الرجل فطفحت بها أفكاره وكتاباته.

يتبع ...

د. محمد هشـام راغب

-------------------------------------
رد مع اقتباس
  #80  
قديم 01-23-2014, 09:10 AM
الصورة الرمزية عبدالناصر محمود
عبدالناصر محمود غير متواجد حالياً
عضو مؤسس
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 56,159
ورقة مغامرات الليبراليين ببلاد الحرمين

مغامرات الليبراليين ببلاد الحرمين
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــ

(د. يزيد حمزاوي)
ــــــــــــــــــــــــــــ

22 / 3 / 1435 هــ
23 / 1 / 2014 م
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

http://taseel.com/UploadedData/Pubs/Photos/_3862.jpg


قبل أسبوع من الزمن استمعتُ لمُداخلة هاتفيَّة لأحد الليبراليين السعوديين على إحدى الفضائيات المحسوبة على القنوات الإسلامية، يقول هذا المسكين: "يجب استبعادُ الإيمان عن الحياة العامة، فالإيمان عمل قلبي فحسب"، ولقد صُعِقتُ لجُرأة هذا التصريح، فأنا مثلاً - القاطن في المغرب الإسلامي - البعيد عن السعودية، ما كنتُ أتخيَّل أنه في استطاعة شخصٍ أن يتلفَّظ بهذا الكلام الأرعن، وهو يعيش على أرض الحَرَمين، وحتى لو كان مقيمًا في الرياض أو جدة، فالسعودية بالنسبة لنا - نحن المسلمين البعيدين عنها جغرافيًّا - هي كلها أرض مباركة شرَّفها ربُّ العالمين بأفضل نبيٍّ، وأعظم دينٍ، وأقْدس ترابٍ.

فكيف يأتي اليوم مَن يدَّعي الانتساب إلى أبناء هذه الأرض الطاهرة، فيروم تنجيسها بفكرٍ بالٍ ساقطٍ، منقول حرفيًّا عمَّن سبقوه في العالم العربي؟! وكيف يمكن لمثله أن يقولَ هذا الهُراء الخطير والخبيث، وهو يشارك في برنامج معروض على فضائيَّة إسلامية، دون أن يأبه لمشاعر مشاهدي تلك القناة، ولا "للإسلاميين" القائمين عليها؟

ثم إذا كان هؤلاء الليبراليون يتجرَّؤون - بلا وَجَل أو خَجل - على الإفصاح بهذه الأفكار الهدَّامة على الفضائيات الإسلامية، فما هو إذًا سقف الحرية - إن كان لها سقفٌ - في التعبير الذي يُفصحون عنه فيما بينهم في اجتماعاتهم المغلقة؟!

وإذا كان هؤلاء الليبراليون يزعمون أن الإيمان عملٌ قلبي، يربط الإنسان في علاقة شخصيَّة بخالقه، وإذا بدؤوا فعليًّا يتحركون في الميدان؛ لسحْبه من الحياة العامة للدولة، وإذا شرَع حقيقةً مُنَظِّرو رِفاق السوء الليبراليين بإلغاء الشريعة الإسلامية من المجتمع السعودي، فليت شعري! ماذا سيبقى لبلاد الحرَمين - إنْ نجَحَت هذه الفئة الباغية - من فضْلٍ وشرفٍ وقَدَاسة في قلوب المسلمين جميعًا؟!

ولننظر في أطروحات هؤلاء الليبراليين أو الحَدَاثيين السعوديين - كما يسمون أنفسَهم، أو العلمانيين كما يُسميهم الفكر الإسلامي المعاصر - هل جاؤوا بفكرٍ جديد، أو رأْي حديث، أو بإبداع عقلي أو عملي؟ لا شيء من ذلك، فكما قيل: "لا جديد تحت الشمس"، هم مجرَّد نُسخ رديئة لطه حسين، أو محمود أبو رية، أو إحسان عبدالقدوس، أو فرح أنطون، أو أدونيس، أو نزار قباني...، ولَمَّا أقول نُسخًا رديئة، فأنا أعني ما أقول؛ لأن شيوخ الليبراليين السعوديين الذين علَّموهم سحرَ العلمانية على الأقل، خلَّفوا تراثًا أدبيًّا من النثر والشعر، بغضِّ النظر عن توجُّهه وقيمته، أما الحَدَاثيون السعوديون الجُدد، فما هي حَدَاثتهم؟ وما هو جديدُهم؟ اللهم إلاَّ حب الشُّهرة، وخالِف لتُعْرَف.

ولقد تعمَّدت متابعة مداخلات ومشاركات لثُلَّة قليلة منهم - وربما لا تُمثلهم جميعًا - على بعض الفضائيَّات، فدُهِشتُ لجهْل بعضٍ منهم حتى بقواعد اللغة العربية، بل والله إنَّ بعضهم - دون ذِكْر الأسماء - يحتاج إلى إعادة تأهيل حتى في اللغة العاميَّة، ومع ذلك لا يستحيي من لَمْز السادة العلماء.

كَنَاطِحٍ صَخْرَةً يَوْمًا لِيُوهِنَهَا ..........فَلَمْ يَضِرْهَا وَأَوْهَى قَرْنَهُ الوَعِلُ

كنتُ قد تتبَّعت بعض وساوسهم؛ لأطَّلِع على ما ينقمون عليه في السعودية، فألفيتُهم ساخطين على كلِّ المبادئ، لا شيء يعجبهم، فهم يرفضون الفصل بين الجنسين في العمل والدراسة، الحجاب، النقاب، تعدُّد الزوجات، الحدود والتعزيرات، القضاء الشرعي...، يريدون الحدَّ من نفوذ طلبة العلم والدُّعاة، ينتقدون هيئة العلماء والإفتاء، يتحاملون بشدة على مؤسسة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، يمدحون أنفسهم بإعلان البراءة من الفكر الوهَّابي والسلفي، ويصفونه بصفات التشدُّد والغُلو والتخلُّف؛ ليَظهروا بأنهم أبطال الاعتدال، ودُعاة التحرُّر من الماضي.

أدري أنهم غير مقتنعين بكلِّ حَدَاثتهم وليبراليَّتهم وعلمانيَّتهم؛ لأنهم عايَنوا بأعينهم كيف فَشِل شيوخهم في تأسيس مجتمع عربي علماني واحد؛ "ديمقراطي وليبرالي، وحَدَاثي وتقدُّمي.."، فكما قال المسيح - عليه الصلاة والسلام -: "من ثمارهم تعرفونهم"، فها هي التجارب العلمانية العربية شاخصةً أمام الأبصار؛ شرقًا وغربًا ووسطًا، ارتبطت العلمانية فيها بديكتاتوريَّات عَمِلت كلَّ ما بوسعها لعَلمنة الحياة، فاستعصتْ عليها الشعوب؛ لأنها شعوب مسلمة تريد حياة أخرى لا تَفصلها عن دينها وشريعتها وربِّها، وترنو إلى حياة تربطها بحياة الآخِرة.

فما هي الحياة التي بشَّرنا بها العلمانيون في عالَمنا العربي، ونحياها اليوم بكلِّ مرارة؟ إنها حياة الجرائم البشعة التي لا تجد حدودًا وتعزيرات تردع مُرتكبيها، إنها حياة اللصوصيَّة، والرشوة، وانتهاك الحقوق، إنها حياة المحسوبيَّة والفساد المالي والأخلاقي، إنها حياة الملاهي الليلية والرقص الشرقي، والخمور المتدفقة على النهود والأفخاذ...، إنها حياة ثلاثة آلاف أُمٍّ عَزَبة في مدينة صغيرة، فضلاً عن العواصم الكبرى، إنها حياة معاكسات الفتيات وحتى العجائز، وقلة الأدب والخيانة الزوجية، وشواطئ التعرِّي...، إنها حياة التخلُّف المُمَنْهج، والفوضى المنظَّمة، والتبعية المقنَّنة، إنها حياة العمالة للعدوِّ، والتواطؤ على الشعوب!

ومَن يحرس كلَّ ذلك ويحميه؟ إنها ليبراليَّة الشرطة والاستخبارات والسجون، التي لا تتورَّع حتى عن قمْع المخالفين الذين انتخبوا "ليبراليًّا"!

أمَّا في التعليم، فقد أراد الليبراليون جامعات مختلطة؛ ليرفعوا مستويات التحصيل الدراسي، فإذا بالجامعات عندنا يُرفع فيها اللباس، وينخفض فيها التحصيل، أرادوا بالاختلاط تفجير الطاقات العقليَّة والذكاء بفعْل المنافسة بين الجنسين، فإذا بالتفجير الوحيد الذي حَدَث هو تفجير طاقات غرائز المراهقة، أمَّا الذكاء، فدعْ أبناء وبنات المدارس والجامعات المختلطة يحدثونك عن السلوكيَّات الذكية للتعرُّف على الجنس الآخر، وتفريغ النزوات فيه!

ورُبَّ قارئٍ يقول: إنك تُبالغ، فأقول: لا والله، إني شاهِد على العصر، عصر العلمانية العربية القبيحة، فأنا منذ رُبع قرن في عدَّة جامعات عربية؛ طالبًا ثم أستاذًا، ولا أدلَّ على ما أقول من مستويات التعليم العلماني العربي، فأين الإنتاج العلمي العربي؟ ما هو نصيبه من الابتكارات وبراءات الاختراع؟ أين المقالات العلمية المحكمة التي أثرَت المعرفة الإنسانية؟ كم عدد جوائز نوبل في الفيزياء والكيمياء، والطب والاقتصاد التي حصَل عليها دُعاة الخلْط والتخليط والاختلاط؟ لقد خدَعونا فمنحونا جوائز نوبل للسلام مقابل الانبطاح، وأخرى في الأدب "الجاهلي" لعلماني "جاهلي" معاصر من المدرسة المشؤومة، وهو نجيب محفوظ، نظير مهمَّته القذرة التي كُلِّف بأدائها بإتقان.

قال أحدهم من الرياض - فيما معناه -: "لا نريد ليبراليَّة منقولة بحذافيرها من الغرب، لكن نسعى لتأسيس ليبرالية تتواءم مع ثوابتنا الوطنية"!

وقد استحسنَ مقدِّم البرنامج - الذي كان يُنصت إليه - هذا القول، وما درَى هذا المذيع الساذج أنها من حِيَل وخدع الليبراليين، وهي شنشنة قديمة، يروجونها عندما تشتدُّ عليهم ضغوط أهل السُّنة والجماعة، كما أنَّ ذلك الزعم هو في رأْيهم أفضلُ وسيلة لجلْب المزيد من المسلمين إلى أفكارهم المَرَضيَّة، التي يحسبونها فكرًا مستنيرًا.

وكما قلت، فهذا أسلوب قديم، وهو ما كان يَعِد به غيرهم من العلمانيين في العالم العربي، ثم لَمَّا أَمِنوا، خرجوا إلى العيبِ جهارًا نهارًا.

فمثلاً في مصر أُمِّ العلمانية العربية منذ زمن بعيد، صدَّع بعض العلمانيين رؤوسَ الناس بقصة الثوابت، والثوابت، والثوابت...، فتَمَسْكنوا حتى تَمكَّنوا، وعندها خرَج أحدهم؛ ليبلِّغ الناس بشعار الليبرالية العلمانية في كل زمان ومكان، وهو: "أن الثابتَ الوحيد هو التغيُّر".

وهذه ليبرالية جزائرية قبل سنين طويلة، كانت تَدَّعي احترام الثوابت، وتزعم أنَّ معركتها الوحيدة مع الإسلاميين هي لربْح المزيد من حقوق المرأة، خصوصًا في قوانين الأحوال الشخصية، لكن بعد التعدُّدية السياسية، واعتماد الدولة للحزب السياسي الذي تنتمي إليه، قرأتُ لها كلامًا تقول فيه: "الصلاة والصيام وحتى الحج من عوائق التنمية"!

وهذا علماني أُردني كان محاضرًا في الجامعات، ويدَّعي أمام الجميع احترامَ الثوابت، لكنَّه في اجتماع مع مجموعة من طالباته في دروس الماجستير، دعاهنَّ إلى رفْض العادات والتقاليد الاجتماعيَّة، وضرورة التمرُّد على كلِّ الثوابت، ولَمَّا استغربَت الطالبات من جُرْأَته، قال لهنَّ: "دون التمرُّد لا يمكن تغيير شيء في المجتمع، ثم أرْدَف قائلاً: حتى الأنبياء كانوا متمرِّدين، ولو لَم يتمرَّد محمد على ثوابت الجاهليين، لَمَا غيَّر شيئًا منها".

فالدعوة إلى ليبراليَّة وطنيَّة منضبطة بالثوابت، هو تكتيك مرحلي تفرضه البيئة السعودية الحاليَّة، هذا إذا تحدَّثنا عن هذا النوع من الليبراليين؛ لأن الواقع يكشف لنا أنَّ بعضهم قد تجاوز هذا التكتيك بشكلٍ خطير منذ مدَّة بعيدة، وقد ردَّ أحد هؤلاء - عندما حاوَل بعض الأدباء المسلمين أن يوجدوا ما أسموه "حَدَاثة إسلامية" - بقوله: "الحَدَاثة لا علاقة لها بالدين، تؤخَذ كلها كما هي، أو تُتْرَك كلها".

وسيقولون: ما لنا ولهذه النماذج التي تمثِّل بها، فهي ديكتاتوريَّات استبداديَّة غارقة في الفوْضى، لا نقبلها، وهي علمانيَّات منفلتة، لا نرضاها!

فنقول: ليس موضع النِّزاع بيننا إنْ كانت نماذجكم الميدانيَّة ديمقراطية أو ديكتاتوريَّة، منضبطة أو منفلتة، ترضونها أو لا ترضونها، فالمهم أنَّها من غرْسكم، وسببُه أنَّ بعض شيوخ العلمانية الذين سبقوكم في العالَم العربي لَم يأْبهوا لنتائج دعوتهم، وإنما راهَنوا على إقصاء الإسلام؛ لأن إبعاد هذا الأخير من المجتمع والسياسة والحياة - في ظنِّهم وحساباتهم - كان وحْدَه كفيلاً بأن يؤسِّس الدولة المدنية المتقدِّمة، والعادلة والمستنيرة، لكن لا شيء من تلك الظنون والحسابات تحقَّق!

ولا يزالون يتبجَّحون، فحتى بعد حصادهم المرِّ، الذي يُريدون التنصُّل منه اليوم، فإنَّ بعضهم بلسان الحال والقال يصرخ: "نريدها علمانيَّة عمياء عَوراء، لكن ليستْ أصوليَّة سلفيَّة، لتكن ديكتاتوريَّة استبداديَّة، لا حُكمًا ثيوقراطيًّا، نريدها ليبراليَّة من نوع النَّطِيحة والمتردِّية وما أكَل السَّبُع، ولا يكون في بنود دستورها "دين الدولة الإسلام"!

وإذا أحسنَّا الظنَّ بالليبراليين السعوديين، فليتفضَّلوا مشكورين ليدلونا - من الواقع العربي وحتى الغربي - على نموذج الليبرالية الذي يهدفون لتحقيقه في بلاد الحَرَمين؛ لنراه ونُعاينه، وندرسه بموضوعيَّة، وبعد الاقتناع به نضعُ أيدينا في أيديهم، لا نريد نماذج نظريَّة لدول افتراضيَّة، نريد الملموس المحسوس، فأنتم تزعمون أنَّكم أصحاب المدرسة الواقعيَّة التي لا تؤمن بعوالِم المُثُل الخياليَّة، نريد نموذجًا نتعزَّى ونتبرَّك به؛ انتظارًا أن تتكلَّل جهودكم بتحقيقه، ودون ذلك خَرْطُ القَتَاد، فقد علَّمتنا وعود العلمانيين الذين سبقوكم ألاَّ نشتريَ السَّمك في البحر بعد الآن؛ لذا فإننا لن نقبلَ مغامراتكم الليبراليَّة مستقبلاً، ولن ننتظرَكم حتى تنكبونا في بلاد الحَرَمين بعد ما فَجَعتم العالم العربي بالنكبات المتتالية.

وإذا ما عُدنا لأولئك الذين يريدون خِداعنا بليبراليَّة تحترم الثوابت، فليخبرونا عن أيِّ ثوابت يتحدَّثون؟ وما هي مرجعيَّة تلك الثوابت؟ ومن المخوَّل من السعوديين بأنْ يحدِّدها ويَضبط معالِمها ودقائِقها؟

لنكن صريحين إلى أبعد الحدود، الليبراليَّة التي تنشدونها هي تأسيس دولة مستنيرة، وتقدُّمية مدنية، وليست دينيَّة، دستورها المساواة والمواطنة، واحترام الحريَّات الأساسية كافَّة.

لن تكون هيئة كبار العلماء والمشايخ مَن سيُحَدد ويَضبط الثوابت في دولتكم الليبراليَّة المرتَقَبة، فكتاباتكم وتصريحاتكم حتى الآن ترسم لنا صورة سلبيَّة وقاتمة عن العلماء والمشايخ، فهم متزمِّتون، متطرِّفون، أصوليون، رجعيون، متعصِّبون، ظلاميون، سلفيون، متقوقعون، ذُكوريون، إقصائيون، إلى آخرها من كلمات النقْص والتحقير الموجودة في قاموسكم، وهو منهج وأسلوب يسعى إلى شيطنة "Diabolisation" - كما يسميها الفرنسيون - علماء ومشايخ السعوديَّة.

وعلى كلِّ حال، فالشيطان يُطِلُّ برأسه، فهو غير بعيد عن فتنة الليبراليَّة، من حيث إنه هو من يديرها في عمومها وتفاصيلها، ومِن ثَمَّ في منهجها وأسلوبها، ولقد تبادَر إلى ذهني حديث المصطفى الصحيح الذي رواه مسلم، والترمذي، وأحمد، عن جابر - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إن الشيطان قد أيِسَ أن يعبدَه المصلون في جزيرة العرب، ولكن في التحريش بينهم)).

قال النووي: "التحريش: هو الإغراء، والمراد هنا أن يذكرَ ما يقتضي عتابه".
---------------------------------------------
رد مع اقتباس
  #81  
قديم 01-30-2014, 09:05 AM
الصورة الرمزية عبدالناصر محمود
عبدالناصر محمود غير متواجد حالياً
عضو مؤسس
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 56,159
ورقة تفكيك العلمانية في الدين والديمقراطية

تفكيك العلمانية في الدين والديمقراطية*
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــ

29 / 3 / 1435 هــ
30 / 1 / 2014 م
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ




الكتاب: تفكيك العلمانية في الدين والديمقراطية

تأليف: الدكتور رفيق عبد السلام

الناشر: دار المجتهد للنشر والتوزيع

طبعة تونس الأولى 2011م

عدد الصفحات: 239 صفحة

ــــــــــ

سبق لهذا الكتاب أن صدر قبل ثلاث سنوات في بيروت، وهو في الأصل أطروحة دكتوراه قدمها الكاتب في الجامعة البريطانية سنة 2003م تحت إشراف البروفسور جون كين الذي يعد واحدا من ألمع الكتاب الغربيين في مجال الفكر السياسي، ثم صدرت له طبعة محلية ثانية في المملكة العربية السعودية بعدما أوصد الرقيب أبواب التوزيع أمام الطبعة الأولى اللبنانية. والطبعة التي بين أيدينا الآن هي آخر طبعات هذا الكتاب، وهي الطبعة الأولى بالنسبة لتونس.

وقد راعى الكاتب في الطبعة العربية إعادة صياغة بعض مباحثها بما يستجيب لحاجة القارئ العربي بد الاعتماد على الترجمة وما يصاحبها عادة من ضعف البيان ومجافاة الأسلوب العربي المبين، فأدخل بعض التعديلات على النص الإنجليزي، وتوسع في بعض المواضع، كما أضاف فصولا رأى فيها إضافة، وحذف أخرى لم يرى فيها كبير فائدة -على حد ما جاء في مقدمة الكاتب لهذا الكتاب-.

وفي هذا الكتاب يتناول الكاتب قضايا العلمانية والإسلام والديمقراطية، وهي من دون شك قضايا كانت وما زالت تشغل حيزا واسعا من دائرة الاهتمام الفكري والسياسي، وتغطي مساحة شاسعة من رقعة التداول الإعلامي بين مختلف الدوائر الغربية والعربية -الإسلامية على السواء.

فمسألة العلمانية وما يرتبط بها من مفاهيم كالحداثة والديمقراطية ثم ما تلا ذلك من مفاهيم "جديدة" كالعولمة، وما بعد الحداثة، وما شابه ذلك، هي من أهم ما يوجه الوعي السياسي العربي والإسلامي من تحديات، وليس من المبالغة في الزعم أن أغلب ما تتداوله ألسنة النخبة العربية والإسلامية، ومعظم ما تخطه أقلامها، لا يخرج عن دائرة هذه القضايا -المفاتيح وما تفرضه من مساءلات وبحث.

والكتاب قسمه مؤلفه إلى ثلاثة أبواب، تناول في الباب الأول مبحث العلمانية، وقد سلك في ذلك مسلكين متكاملين:

أولهما: معالجة العلمانية من الزاوية النظرية، وذلك بالتنقيب عن دلالتها اللغوية والفكرية بالغة التشعب، من خلال الرجوع إلى أهم مصادرها، وألمع منظريها في العصر الحديث، وقد توقف المؤلف بعض الشيء عند عالم الاجتماع الألماني ماكس فيبر، لما تتسم به قراءته للعلمانية والحداثة من طرافة وعمق، ولما له من تأثير ملموس في قطاعات واسعة من الباحثين والأكاديميين، بل ومن السياسيين والإعلاميين الغربيين على حد سواء.

والثاني: تناول العلمانية باعتبارها ظاهرة تاريخية اجتماعية في إطار ما بات يعرف اليوم بلغة الاجتماع والسياسة بالعلمنة، تمييزاً لها عن العلمانية خطاباً ونظرية ومنظومة قيم.

وفي هذا السياق شدد المؤلف على تنوع تجارب العلمنة، سواء في مواطنها الأصلية في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية، أو في الفضاءين العربي والإسلامي، وخلص المؤلف من خلال هذا الطرح إلى القول بتعدد العلمانيات وتنوعها، وأنه ليس ثمة علمانية واحدة تنتظم جميع هذه التجارب، كما خلص إلى نفي ما يشاع عن العلمانية من أنها قرينة التسامح والانفتاح، وبين خلافا لذلك أن الكثير من تجارب العلمنة، سواء في الغرب أو في الشرق، لم تخل من وجوه عنفية مرعبة، ومظاهر تسلطية مفزعة.

كما تبين من خلال طرح المؤلف أن العلمانية على النحو الذي هي عليه اليوم في بعض البلاد العربية والإسلامية تبدو عاجزة عن معالجة التسويات الاجتماعية، وبناء السلم المدني المفقود، ومن علامات ذلك أن العلمانية في هذه المنطقة العربية والإسلامية لم تكن مرتبطة، في أي وقت من الأوقات بحيادية الدولة إزاء المجال الديني، أو استقلالية الحق العمومي عن التدخل الشطط للدولة بقدر ما ***ت معها أقداراً غير قليلة من التسلط السياسي والقهر الاجتماعي.

أما الباب الثاني فقد خصصه الكاتب لدراسة العلاقة الرابطة بين الإسلام والعلمانية، وكما نبه الكاتب في صدر كتابه، لم يكن مطلبه فيه تقصي مواطن التعارض أو التوافق بين الإسلام والعلمانية، على نحو ما هو غالب في الأدبيات العربية والغربية، وإنما بيان الطابع المركب للإسلام والعلمانية على السواء، فضلا عن جلاء الخاصية المعقدة لهذه العلاقة، سواء عند تناولنا العلمانية في بعدها النظري والنصي، أو في بعدها التاريخي الاجتماعي.

أما ما هو رائج بين عدد واسع من أهل الفكر والإعلام والصحافة من وجود إسلام موحد وصلب يقف في مواجهة علمانية متجانسة وموحدة، فإنه لا يصمد كثيراً أمام البحث العلمي والتنقيب التاريخي الجادين، فلا الإسلام حالة نمطية مغلقة على نفسها، ولا العلمانية حالة مكتملة وموحدة، ولا العلاقة بينهما على ضرب واحد وصورة واحدة.

أما الباب الثالث فخصصه المؤلف للحديث عن الديمقراطية، وقد دعا المؤلف إلى الحديث عنها –على حد قوله- كثرة ما أصبح يكتب عنها من قبل النخب، ويتردد حولها على ألسنة العامة، إذ أمسى من الوضوح بمكان أن الشعار الديمقراطي قد حل محل شعار تصدير المدنية والحضارة في تحريك الجيوش والأساطيل وتسويغ غزو الأوطان والإطاحة بالحكومات.

وفي هذا الباب عارض المؤلف أكثر ما كتب عن هذا الموضوع، ولاسيما في ساحتنا العربية والإسلامية، حيث لا تخلو الكتابات عن الديمقراطية من آفتي الأدلجة والاختزال، كأن يشاع أن الديمقراطية منظومة متكاملة متراصة البنيان، أو أنها ثقافة شاملة لا تنفصل فيها "القيم" عن الوسائل والإجراءات؛ أما ما ذهب إليه الكاتب فهو خلاف ذلك حيث بين الكاتب أن الديمقراطية ما هي إلا آلات إجرائية وظيفية قد تصلح لعلاج معضلة الاستبداد والتسلط السياسي، وليست عقيدة صارمة منازعة للعقائد والأديان، ولا هي حل سحري يتجاوز سنن العمران وقوانين الاجتماع السياسي، وأن ما يسمى بالثقافة الديمقراطية والقيم الديمقراطية والروح الديمقراطية ليس من التحقيق العلمي في شيء.

وختاماً ننصح القراء الكرام بالنظر في هذا الكتاب الذي تلمس فيه مؤلفه أهم وأبرز خصائص العلمانية سيما العلمانية العربية، فالكتاب يتناول هذه المسألة بشكل موضوعي وفق منهج علمي جاد.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
رد مع اقتباس
  #82  
قديم 02-04-2014, 09:08 AM
الصورة الرمزية عبدالناصر محمود
عبدالناصر محمود غير متواجد حالياً
عضو مؤسس
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 56,159
ورقة العلمانية أم الديكتاتورية أيهما أولى بالمواجهة؟

العلمانية أم الديكتاتورية أيهما أولى بالمواجهة؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــ

(ياسر عبد رب الرسول)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

4 / 4 / 1435 هــ
4 / 2 / 2014 م
ــــــــــــــــــــــــــــــ



يخوض المسلمون معركتين في عصرنا:
ضد العالمانية (تنحية الشرع)، وضد الديكتاتورية (الحكم بالجبر).

وعند تعارض الأولويات ففي أي صراع نركز؟
من خلال استقراء حال (جمهور) أهل السنة على مر العصور، فإن الذي يُقدّم في المواجهة كما كان السلف يفعلون وكما فعل جمهور أهل العلم قديما وحديثا،

هو: محاربة تنحية الشريعة (العالمانية أو ما شابهها مما يتعلق بالدين)، وإن تم الإقرار أحيانا (واقعا) ببعض صور الديكتاتورية والتعامل معها وبها (مثل الأنظمة الملكية أو البيعة) لأجل كسب خطوات في المعركة الأهم ضد تنحية الشريعة من نظام الأمة العام.

- معركة الإمام أحمد.. كانت ضد بدعة الاعتزال، ورغم وجود الحكم الجبري من بني العباس، إلا أنه لم يخلع يدا من طاعة (في معروف)، ولم يثر قضية كبرى حول (جبرهم)..
- شيخ الإسلام ابن تيمية.. كانت معركته مع كل أهل البدع.. رماهم عن قوس واحدة.. ومع أنه جاهد التتار بسيفه، ولكنه لم يصرف هذا السيف أبدا للاستنزاف في قتال (الجاشنكير).. وإنما عندما أتى (الناصر بن قلاوون) وتغلب على الجاشنكير بلا تخطيط أو تمهيد من شيخ الإسلام لتلك المعركة (الجاشنكير -ضد- بن قلاوون) تعامل شيخ الإسلام مع المنتصر في النهاية ليرسي دعائم الشرع في الدولة الجديدة.

- الإمام محمد بن عبدالوهاب.. اعتنى بمحاربة الشرك والبدع.. ولم يركز المجهر على تجاوزات آل سعود (هي دقيقة بالنسبة لما يحدث الآن من أحفادهم) وعالجها بأرفق ما يكون.. وفي آخر حياته اعتزل المشهد السياسي تماما..
- الشيح أحمد شاكر والشيخ محمد رشيد رضا.. كانت قضيتهم الهوية والشريعة.. وتعاملوا مع حكومات عصرهم الملكية، ولم يصرفوا جهودهم لحرب الديكتاتورية، وإنما لحرب العالمانية والبدع.

- الأئمة ابن باز وابن عثيمين والألباني.. عاشوا للسنة وبث منهج السلف وإماتة البدع والتصفية والتربية..

أنت القتيل بأي من أحببته *** فاختر لنفسك في الهوى من تصطفى

أولئك آبائي فجئني بمثلهم *** إذا جمعتنا يا جرير المجامع

وهذا لا يعني تعطيل شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في قضية الديكتاتورية، بل تطبيقات الأئمة تعج بالإنكار على المظالم سرا وعلا، ولكن بأي درجة وبأي كيفية كان إنكارهم في المجمل؟ وهل صرفوا وحولوا كل الطاقات والجهود لهذه القضية؟

إذن، ليس الأمر كما تبث بعض الجماعات ذلك الفكر الدخيل الغريب عن تطبيق أهل الإسلام على مر العصور في مجملهم، من تقديم المعركة مع الديكتاتورية على المعركة مع العالمانية!
حتى وصل الحال ببعضهم - نعوذ بالله - أن أعلن رفضه للدستور المصري حتى لو وضع فيه القرآن والبخاري ومسلم لأنه لم يأت بإرادة شعبية - على حد زعمه -!

وبغض النظر عن مغالطته التي دحضتها أعداد المشاركين وملايينهم، ولكن هل من الإسلام أن نرفض القرآن والسنة إذا لم يأتيا بطريقة معينة في الذهن؟!

ماذا كان سيقول هذا الجاهل لو أدرك عصر (عمرو بن العاص رضي الله عنه) عندما فتح مصر وحكمها بشرع الله؟؟ هل كان سيكون في صف الكافرين المحادين لشرع الله؟

أي نكد هذا؟ نعوذ بالله من البعد عن القرآن وأهل القرآن.
----------------------------------------
رد مع اقتباس
  #83  
قديم 04-10-2014, 07:50 AM
الصورة الرمزية عبدالناصر محمود
عبدالناصر محمود غير متواجد حالياً
عضو مؤسس
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 56,159
ورقة اليمين الفرنسي المتطرف، وجه قبيح للعلمانية..

اليمين الفرنسي المتطرف، وجه قبيح للعلمانية..*
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــ

10 / 6 / 1435 هــ
10 / 4 / 2014 م
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ



يحلو الحديث عن الحرية والديمقراطية، والمناداة بحقوق الأقليات، وأن على الدولة الحفاظ على كافة حقوقهم الدينية والعلمية والسياسية والاجتماعية...الخ، وأن على مجتمع الأغلبية احتواء الأقلية، والبعد عن اضطهادهم، وفرض أية أمور عليهم، من شأنها أن تنتقص من حرياتهم، أو تضيق عليهم... يحلو كل هذا الحديث وغيره طالما كان الأمر مرتبطا بغير المسلمين..
فقد تقوم الدنيا ولا تقعد من أجل الدفاع عن فرد (غير مسلم) اعتُدِى عليه من قبل المسلمين، بل قد تقوم الدنيا ولا تقعد للدفاع عن حيوان أو صنم، وفي أحداث تحطيم تماثيل بوذا في أفغانستان على يد حكومة طالبان أوضح شاهد على هذا العبث، الذي يتحرك لأجل حجر، ولا يتحرك لأجل آلاف المسلمين الذين يقتلون- الآن- ليل نهار على يد جماعات التبشير الأسود، والبوذيين واليهود وغيرهم من القتلة.
ففي فرنسا راعية الحريات – زعمًا- نرى كل يوم تضييقًا جديدًا، أو تشريعًا جديدًا، للحد من حرية المسلمين، ومنعهم من حقوقهم الدينية والسياسية، وفي أحزاب اليمين المتطرف أوضح مثال على هذه الهجمة الشرسة، التي تؤيدها الحكومة الفرنسية بشكل آخر، وإن بدا أقل حدة.
حيث ذكرت مارين لوبان- رئيسة حزب الجبهة الوطنية الفرنسية اليميني- أن حزبها سيمنع تقديم وجبات مخصصة للطلبة المسلمين تتوافق مع تعاليم دينهم، وذلك في المدن التي فاز فيها الحزب في الانتخابات البلدية الأخيرة، رافضة إدخال الدين في الشأن العام!!
وفي حديث إذاعي لها، قالت لوبان: إن حزبها سيفرض لحم الخنزير على مطاعم المدارس في مناطق البلديات الخاضعة لرئاسة حزبها، كما سيتم رفض أي مطلب ديني متعلق بقوائم الطعام، بحسب وكالة الأنباء الفرنسية.
واعتبرت زعيمة الحزب الذي ينتمي إلى أقصى اليمين أن هذا الإجراء سيكفل الحفاظ على علمانية الدولة التي تواجه تحديات خطيرة، على حد قولها.
فهل رأيتَ دولة في الدنيا تفرض نوعًا معينًا من الأكل على مواطنيها، وهل للدول دخل في نوع الطعام الذي يتناوله الإنسان، أو شكل ملبسه، أو طريقته التي اختار الظهور بها؟ وما دخل علمانية الدولة بهذا الأمر؟ بل ما نراه أن العلمانية- بحسب منظورهم هم- تفرض عليهم إعطاء المسلمين حريتهم الكاملة، ليختاروا شكل الحياة التي يريدونها، لا ما يريد اليمين المتطرف.
لقد طار الغرب بالعلمانية، وهلل لليبرالية، لكنه استفاق على حقيقة مفادها: أن المسلمين هم المستفيد الأكبر من الحرية، سيما في دول الغرب- إن كانت العلمانية، أو كانت الليبرالية، تعني الحرية كما يقولون- لكن الدارس لفلسفات الغرب يدرك أن ما يقوله الغرب عن العلمانية والليبرالية والحرية كذب محض، وأن الأمر تحكمه المنفعة، فالعلمانية هي المنفعة، وما دونها رجعية وتخلف وإرهاب وتطرف؛ بحسب الفهم الغربي.
فهل وجدتَ بلدًا إسلاميًا يعامل أقلية دينية أو عرقية بمثل هذه المعاملة؟ للأسف الشديد، لن ترى مثل هذه الممارسات إلا في أكثر الدول إدعاءً للحرية والمساواة، فها هي فرنسا التي يُضرب بها المثل في الحريات تعتدي على أبسط حقوق الإنسان، ويومًا بعد يوم تثبت للفرنسيين قبل غيرهم، أنهم من أكثر الشعوب إهدارًا لحقوق الإنسان وكرامته وإنسانيته.

_________________________________________________
*{التأصيل للدراسات}
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
رد مع اقتباس
  #84  
قديم 08-21-2014, 08:01 AM
الصورة الرمزية عبدالناصر محمود
عبدالناصر محمود غير متواجد حالياً
عضو مؤسس
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 56,159
ورقة الليبرالية في نسختها العربية

الليبرالية في نسختها العربية
ــــــــــــــ

(رأفت صلاح الدين)
ــــــــــ

25 / 10 / 1435 هــ
21 / 8 / 2014 م
ـــــــــــــ
الليبرالية في نسختها العربية

إن سنة الله لا تتبدل ولا تتغير ولا تحابي أحدًا، فما بني على باطل فهو باطل، والله عز وجل هو خالق الإنسان، وهو أدرى بما يصلحه وما ينفعه في دنياه وآخرته، والإنسان مهما ازداد في العلوم والمعارف، ومهما اخترع من قوانين وآليات لإصلاح حال البشر - فجهده قاصر، وسعيه مبتور؛ لأن ما يجهله في هذا الكون أكثر مما يعرفه، وما يغيب عنه أوسع مما يدركه.

بين عشية وضحاها حدث ما لم يكن متوقعًا؛ حيث بدأت سحب الربيع العربي المحملة بسحب الخير تمطر أمنًا وعزًّا على بلادها، ويمسك الإسلاميون زمام الحكم فيها بعد عقود من الاضطهاد والاعتقال والتشريد، وفي نفس الوقت أوشكت حباتُ عقدِ أعتى أيديولوجية على وجه الأرض في الانفراط حبة حبة.

ولعل ذلك يدفعنا دفعًا إلى سبر أغوار الليبرالية في نسختها العربية ومعرفة حقيقتها وآلياتها؛ لنعرف كيف سقط المارد، وكيف هوت تلك الأسطورة التي لن يكون لها على الأقل تلك الهيبة والهيمنة والاحترام والتقديس لدى منظريها قبل شانئيها؟ وهذا يعتبر أعظم مكسب للإسلام والمسلمين[1].

تعريف الليبرالية:
------------

هي مذهب رأسمالي ينادي بالحرية المطلقة في السياسة والاقتصاد وكل مناحي الحياة، وينادي بالقبول بأفكار الغير وأفعاله، حتى ولو كانت متعارضة مع أفكار المذهب وأفعاله، وقد اختلفت وتعددت التعريفات لليبرالية؛ وذلك بسبب أنهم لم يتفقوا على آلية محددة لتطبيقها في الواقع.

فالليبرالية: (LIBERALISME) كلمة لاتينية، اشتقت من كلمة LIBER، التي تعني الحر، وغير المقيد بقيود، وغير الملتزم بأي التزام، والليبرالية: الحرية المطلقة، غير المقيدة بقيود.

جاء في الموسوعة الميسرة: "الليبرالية: مذهب رأسمالي ينادي بالحرية المطلقة في الميدانين الاقتصادي والسياسي".

أي معناها: التحرر التام من كل أنواع الإكراه الخارجي دولة، جماعة، فردًا، ثم التصرف وَفْق ما يمليه قانون النفس ورغباتها، والانطلاقة والانفلات نحو الحريات بكل صورها مادية، سياسية، نفسية، ميتافيزيقية (عقدية).

كما جاء في موسوعة لالاند الفلسفية (LIBERALISME): المعنى الفلسفي الحق للحرية هو الانفلات المطلق، لا بغياب النزوع، بل بالترفع فوق كل نزوع وكل طبيعة (ج.لاشلييه).

ويذكر في الموسوعة الفلسفية العربية: الليبرالية في الفكر السياسي الغربي نشأت وتطورت في القرن السابع عشر، وأن لفظتي "ليبرالي" و"ليبرالية" لم تكونا متداولتين قبل بداية القرن التاسع عشر، وأن كثيرًا من الأفكار الليبرالية موجودة في فلسفة "جون لوك" السياسية؛ فهو أول وأهم الفلاسفة الليبراليين.

وبحسب هذه المفاهيم والمعادلات والنتائج يمكن أن نصل إلى تحديد أدق لحقيقة الليبرالية بأنها تعني: الاستقلالية التامة للفرد، بالانكفاء على النفس، والتحرر من سلطة الغير، ثم الانفتاح على قوانين النفس والانفلات معها.

فتعريفات الليبرالية تُجمع على أنها انكفاء على النفس، مع انفتاح على الهوى؛ بحيث لا يكون الإنسان تابعًا إلا لنفسه، ولا أسيرًا إلا لهواه[2].

نشأة الليبرالية:
كثر استعمال الكلمة في أوربا في القرن الثامن عشر والتاسع عشر، وهما قرنا الصراع بين الكنيسة (السلطة الكهنوتية)، والعلوم المادية والمكتشفات العلمية.

فالحرية التي أرادها القوم هي الحرية من تسلط الكنيسة على الأفكار والمكتشفات؛ فقد كانت الكنيسة تطارد علماء المادة ومكتشفي خصائصها، فحين أتى جاليليو بنظرية كروية الأرض بالأدلة والبراهين المادية، قامت قيامة الكنيسة وقتلَتْه، فكان العلماء وعامة الناس مضطهدين في أفكارهم وفي ممتلكاتهم.

وكان هذا الاضطهاد مبنيًّا على انحراف عقدي، من أن عيسى أحد الأقانيم الثلاثة للإله، وأنه صاحب الصلاحية المطلقة في الكون، وأنه وهب تلك الصلاحيات إلى الكنيسة؛ فهي وريثة المسيح، ولها ما كان لعيسى من القداسة والسلطان[3].

فالغرب أراد التحرر من الكنيسة التي ظلمتهم في كل مناحي الحياة.

فبدأ الفكر الليبرالي في مرحلته المبكرة داعيًا إلى حق التمرد ضد الحكومات التي تقيد الحريات؛ ولهذا أوحت الأفكار الليبرالية بالثورة الإنجليزية عام 1688م، والأمريكية عام 1775م، والفرنسية عام 1789م، وأدت هذه الثورات إلى قيام حكومات تعتمد على دساتير تقدس حق الإنسان في الحرية الشخصية بأوسع دوائرها، دون التزام تجاه شيء، إلا القوانين المصاغة أصلاً لحماية الحريات الشخصية[4].

من هنا ظهرت الليبرالية الغربية التي تعني حقَّ الفرد في الحياة كما يريد، دون التقيد بأي قيد أو شرط، ويعبرون عن ذلك بقولهم: (دعه يفعل ما يشاء، ويمر من حيث يريد)، ولا شك أن هذه المطالبة جاءت للتحرر من قيود الكنيسة، التي حرفت الإنجيل، وأخرجته من وحي إلهي إلى كلام بشري.

ولقد قامت حركة التنوير الأوروبية وَفْق تسلسل مرحلي تلقائي؛ بدءًا من العلمانية ثم الليبرالية وأخيرًا الديمقراطية، بحيث لا يمكن عزل أي مرحلة منها عن الأخرى، أو تجاوز اللاحقة منها السابقة، فكانت بداية النهضة الأوروبية مع حركة العلمنة التي تعني تحرر العقل العلمي من سلطان الكنيسة الجائر، وإعفاءَه من الالتزام بالولاء لما يتناقض مع أولى بديهياته، ونادت بإطلاق حرية العقل في التجريب والملاحظة بعيدًا عن المسلَّمات الأولية المتناقضة في النصوص الدينية، ولم يكُنْ ذلك يعني التملص من الإيمان الديني عند معظم العلمانيين، بل كانت حركتهم موجهة نحو تخليص العقل من سلطان الكنيسة؛ لعدم إمكان الجمع بينهما، ومن ثم عزل الإيمان الغيبي (الميتافيزيقا) عن الواقع التجريبي المحسوس.

بناءً على التسلسل المرحلي السابق ذكره، فإن الليبرالية الاقتصادية والأيديولوجية لم تنشأ في الغرب إلا بعد شيوع العلمنة، وتخليص العلم من سلطان الكهنوت، وهكذا فقد كان من الطبيعي أن تثور العقلية العلمانية على أيديولوجيا التسليم بالمطلق، ومنح العلم صفة النسبية، وتزامن ذلك مع تطلع الفرد للتحرر الاقتصادي من نير الإقطاع، وتحالف البورجوازية الناشئة مع الطبقة الكادحة التي أصبحت أكثر وعيًا وثقافة، مما أدى إلى تقلص سلطات الإقطاعيين، ومنح الطبقات الدنيا حرية العمل والتملك.

إثر ذلك التغيير العقلي والاجتماعي في المجتمع الأوروبي نشأ النظام الديمقراطي كتطور تلقائي ليحلَّ بديلاً عن نظام التوريث الإقطاعي الملكي، وما كان ذلك ليحدث لولا تغلغل الفكر العلماني الليبرالي في المجتمع، الذي أشاع مبادئ الحرية الفردية وحق تقرير المصير، مما أدى إلى تدخل الأفراد في انتخاب السلطة الحاكمة، ومن ثم نشوء النظام الديمقراطي القائم على الاقتراع ورأي الأغلبية[5].

الليبرالية في بلادنا العربية والإسلامية:
تعتبر الحملة الفرنسية على مصر بداية تاريخ الليبرالية فيها، بل وفي بلاد الإسلام؛ حيث بدأ الأمر بهزيمة عسكرية، أعقبها هزيمة نفسية خطيرة جرَّاء ما شاهده المصريون من مدنية وحضارة، تعمد الفرنسيون إظهارها أثناء الحملة.

وظهرت الليبرالية في كثير من الصور، منها السياسية والتشريعية، حتى الأخلاقية منها عن طريق سلوك الفرنسيات المرافقات للحملة، سواء في ملبسهنَّ ومسلكهنَّ.

ولم تكد تخرج الحملة الفرنسية من مصر حتى أثرت تأثيرًا نفسيًّا سلبيًّا في نفوس الكثير من المصريين، أعقبه ميل للخضوع والخنوع والتقليد.

ولم تمضِ إلا سنوات قليلة حتى ظهرت الطلائع الليبرالية في أمة الإسلام، أمثال: رفاعة الطهطاوي، وخير الدين التونسي، ثم أعقبهم: جمال الدين الأفغاني وتلاميذه الذين تربوا على أيديهم.

ثم كانت فترة الاستعمار الإنجليزي التي استمر وتعمق فيها المد الليبرالي، وتحت إشراف ذلك المستعمر، وضع الليبراليون أيديهم على كل منافذ التأثير، وقد تعاقبت على حكم مصر حكومات تنتمي إلى أحزاب سياسية، وكان أكثرها يحمل المبادئ الليبرالية في السياسة والاقتصاد والثقافة والاجتماع؛ كحزب الوفد الضليع في علمانيته، الذي أسسه سعد زغلول، والذي تفرعت منه أو انشقت عنه أحزاب علمانية، تؤمن كلها بالمبادئ الليبرالية على اختلاف بينها في الوسائل، وفي المدة من (أكتوبر 1922م) وحتى قيام ثورة (يوليو 1952م)؛ أي فيما يقرب من ثلاثين عامًا، قامت في مصر إحدى وأربعون وزارة، كان الوفديُّون الليبراليون أو المنشقون عن الوفديين (السعديين) يتناوبون فيها مع غيرهم من العلمانيين على كراسي رئاسة الوزراء، ولم يكن التنافس بين هذه الأحزاب في الغالب إلا بقدر إثبات قدرتها على إحداث التغيير في بيئة المجتمع المصري وفق معايير الغرب، فماذا كانت الحصيلة؟

• وضع دستور علماني لمصر عام (1923م) على يد حزب الأحرار الدستوريين المتعاطفين مع الإنجليز، وهو الدستور الذي ظل معمولاً به مدة المد الليبرالي، والذي نص صراحة على أن التشريع حق خالص للبرلمان، وهو ما يعني تنحية الشريعة، وظل ذلك تقليدًا متبعًا بعد ذلك.

• في ظل الأحزاب الليبرالية، جرى (تأليف) أحكام مبدلة وضعية بدلاً من الأحكام الشرعية على يد (عبدالرزاق السنهوري) وفريقه، وهي الأحكام والقوانين المحادة للشريعة والمتناقضة مع أحكامها ومقاصدها، والتي أصبحت مصدرًا تستمد منه معظم الدول العربية فيما بعدُ قوانينها، وقد أحلَّت تلك القوانين كثيرًا من المحرمات، وألغت مرجعية الشريعة بشكل عملي.

• انطلقت مؤامرة (لبرلة) أو (تحرير المرأة) من حجاب العفة والكرامة، على يد قاسم أمين (تنظيرًا)، وهدى شعراوي وصفية زغلول (تطبيقًا)، وانتشرت العدوى بعد ذلك إلى بلدان عربية عديدة، حتى صارت بعض العربيات ينافسن الأوروبيات في (الليبرالية) الاجتماعية والأخلاقية.

• أرسيت قواعد التعامل الربوي لتبنى عليها صروح الاقتصاد، على يد (طلعت حرب) الذي أقام اقتصادًا وطنيًّا حرًّا، وأنشأ بنك مصر، وأقام المؤسسات والشركات ليؤكل الربا أضعافًا مضاعفة.

• أصل بطلان الحكم الإسلامي على يد (علي عبدالرازق) الذي بلغت (الليبرالية الدينية) على يديه أن زعم أن المسلمين أحرار في أن يهجروا تحكيم الشريعة؛ لأن الإسلام دين لا دولة.

• جرت لبرلة أو علمنة مناهج التعليم على يد المستشار القس (دنلوب) المفوض الإنجليزي الذي كلف بوضع المعالم الرئيسة لمناهج التعليم المصرية؛ بحيث يحيد فيها الدين والتاريخ الإسلامي، وتهمش اللغة، وتستلهم المبادئ الغربية.

• أما الصحافة والإعلام فلا تسل عن تعاون الفجار مع الكفار في إنشاء مؤسساتها وإرساء قواعدها على أسس منافية للدين عقيدةً وشريعةً وأخلاقًا؛ حيث اشتهرت أسماء لأخبث قوى الهدم باسم الكتابة والفن والأدب، ولمعت أسماء كثير من النصارى واليهود الذين قاموا في ظل حماية الحكومات الليبرالية بهدم كل ما طالته أيديهم من قيم وأخلاق ومبادئ، بالتعاون مع حثالة من دروز لبنان، ونُصَيرية سوريا، وأقباط مصر، مع من داروا في فلَكهم من سقَطة القوم[6].

ثم تمضي القافلة حتى نصل إلى ظهور فئة من الليبراليين أطلق عليهم (الليبراليون الجدد) الذين يتسمون بالتطرف في أفكارهم، ومواقفهم السلبية من الإسلام، وولائهم للسياسة الأمريكية والإسرائيلية.

من أبرز سماتهم أيضًا: تناقضهم المخيف مع أبسط مفهومات الليبرالية، وهي الحرية والتعددية والاحتفال بالتنوع، كما أن الظاهرة (الليبرالية) الجديدة ذات طبيعة إقصائية وأحادية وموغلة في جلد الذات، والتبرؤ من تاريخ الأمة وأمجادها، والتشديد على أن الحداثة مرتبطة ارتباطًا جوهريًّا بالتنكر للدِّين، واستلهام التجرِبة الأوروبية في هذا السياق، ومن ثم إعادة تأويل القرآن والسنة ليتمشيا مع مقتضيات الحداثة المنشودة، بحيث يتم تبني المفهوم الغربي والطريقة الغربية والسياسات الغربية، والدفاع عنها وتسويقها بشتى السبل.

مثال آخر أكثر فجاجة.. محمد أركون؟ وهو مفكر جزائري، جلُّ مؤلفاته باللغة الفرنسية، وقد ترجم البعض منها مؤخرًا إلى العربية، وكذلك بعض نصوص محاضراته التي نشرتها بعض المجلات العربية.

عند أركون أهداف واضحة لمن يستقرئ أعماله ويصبر على التزوير والمراوغة واللعب بالكلمات في غير معانيها حتى يحصل على هدفه الكبير من كل مشروعه، وسائلُه نقد الكتَّاب الإسلاميين الذين ليست لهم صلة بالمدارس الغربية في الفكر، ويرى اعتبار المعرفة الإسلامية نموذجًا أسطوريًّا لا بد أن يخضع للدراسة والنقاش، ويرى المجاهرة باعتبار العلوم الإسلامية سياقًا معرفيًّا أسطوريًّا يزعج المسلمين ويهز إيمانهم، ولكن لا بد - كما يرى - من بناء مفاهيم جديدة مستمدة من الاحتياجات الجديدة كما فعل السلف، ويرى أن هناك مناطق عديدة في الفكر الإسلامي لا تُمَسُّ ولا يُفكَّر فيها، مثل: مسألة عثمان رضي الله عنه وقضايا جمع القرآن، والتسليم بصحة أحاديث البخاري، والموافقة على الأصول التي بناها الشافعي، ويرى أنه يضع أساسًا للاجتهاد وعقلانية جديدة.

ويرى أن القرآن عمل أدبي لم يدرس كما يجب إلا من قِبل ندرة، أهمهم عنده: "محمد أحمد خلف الله" عندما كتب عن القصص الفني في القرآن، وقال: إن القصة القرآنية مفتعلة.

كما يرى أن القرآن والكتب السابقة تعاني من سياق واحد، ويضع القرآن مع الأناجـيل في مستوى من الثبوت والدراسة واحد، ويرى أهمية النقد والتجديد.

وهو يرى أن الحديث هو جزء من التراث الذي يجب أن يخضع للدراسة النقدية الصارمة لكل الوثائق والمواد الموروثة، كما يسميها[7].

والأمثلة على جهالات وضلالات الليبراليين كثيرة، فمن بلاد الشام يظهر معنا مثلٌ آخر. امرأة لبنانية، استهوتها حركة تحرير المرأة، فخطَت فيها خطوات كثيرة، ولكن كل هذا التحرير المزعوم الذي حدث في لبنان لم يرضِها (كشف وجه، بل كشف غيره! واختلاط، وسياسة، وغناء، وتمثيل، ورقص... إلخ)؛ لهذا فقد ألَّفت -قبل سنوات - كتابًا بعنوان: (تحرير المرأة في لبنان)، ولكن من قرأ الكتاب عرف الخطوة الأخيرة التي سيوصلها التدرج في التحرير المزعوم لا محالة، ولو من البعض الجريء.

قالت في هذا الكتاب:
الدين هو أول عائق خارجي في سبيل تحرير المرأة، ثم تتجرأ أكثر وتخطو خطوة شيطانية لتقول: المشكلة الأساسية بالنسبة للدين الإسلامي هي مشكلة النصوص؛ أي في كونها منزلة، فهذا مما يجعل تحرير المرأة المسلمة أصعب بكثير من تحرير المرأة المسيحية، وثورة المرأة المسلمة يجب أن تكون أعنف وأقوى من ثورة المرأة المسيحية؛ لأنها ستقوم ضد النصوص، ثم تجهر بخطوتها الأخيرة قائلة: لا تمارس المرأة اللبنانية حقوقها هذه؛ لأنها محرومة من الحق الأساسي؛ أي: حق التحرر الجنسي، والعلائقي، الذي ما زال وقفًا على الرجل، وحقًّا له وحده.. والمجتمع اللبناني الذي يحجب عن المرأة أي حق بإقامة علاقة جنسية خارج الزواج يرغمها إما على الانحراف لإشباع حاجاتها بطرق وأساليب غير طبيعية، وإما أن تلجأ إلى الكبت، أو تلجأ لأساليب الجنس الشاذة؛ كالسحاق[8].

ولعل ما نشاهده هذه الأيام من ليبراليي دول الربيع العربي ونباحهم ليل نهار ضد الإسلام والشريعة الإسلامية، ودعوتهم للدولة المدنية (اللادينية) أمر زائد عن حده، وزاد حنقهم بعد وصول الإسلاميين إلى الحكم في بعض الدول، فكأنما ارتكبت الشعوب خطيئة لا يمحوها إلا حملات الكذب والتشويه غير المسبوقة لكل ما هو إسلامي.

مع زعمهم أنهم دعاة الديمقراطية والتعددية، فإنهم لا يملون من الحديث على عدم أحقية الإسلاميين في الحكم.

مما ينفي مصداقيتهم والتزامهم بمبادئ الليبرالية الغربية، ويجعل الليبرالية العربية حالة فريدة من نوعها، قوامها: رفض هوية الأمة ودِينها وشريعتها.

ويزيد من الأمر غرابة أن موقف الليبرالية العربية المتعنت هو من الدين الإسلامي فقط؛ فمن المشاهد احترامهم الشديد للكنيسة وكهنتها، وزيارتهم المستمرة لها، ولعلنا نلاحظ طائفة من هؤلاء يدافعون باستماتةٍ عن الكنيسة وتصرفاتها حتى شك البعض في كونهم متنصرين.

لكنها الليبرالية العربية التي لا تتخذ عدوًّا إلا الإسلام فقط!
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] بحث: وسقط صنم الليبرالية/ رأفت صلاح الدين/
http://www.saaid.net/book/open.php?cat=89&book=6626
[2] المصدر السابق.
[3] الليبرالية تعريفها وتاريخها، د. خادم حسين إلهي بخش/ موقع صوت الحق.
http://www.soutulhaq.net/Show_archiv.php?mcat=1m&id=45
[4] دعاة اللبرلة! عقول محتلة، أم ولاءات مختلة؟، د. عبدالعزيز كامل، مجلة البيان 219.
[5] الليبراليون العرب، هل هم حقًّا ليبراليون؟ / أحمد دعدوش / مجلة البيان 219.
[6] دعاة اللبرلة! عقول محتلة، أم ولاءات مختلة؟/ مصدر سابق.
[7] محمد أركون ومعالم أفكاره/ د. محمد حامد الأحمري/
http://www.saaid.net/mktarat/almani/43.htm.
[8] دكتورة لبنانية متحررة تكشف آخر أوراق دعاة التغريب!/ سليمان الخراشي/
http://www.saaid.net/Warathah/Alkharashy/mm/44.htm

----------------------------------------
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
الآلام, الحلف, الرجوع, إلى, والتقدم


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع الرجوع إلى الأمام والتقدم إلى الخلف
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
تجار الآلام عبدالناصر محمود شذرات إسلامية 0 09-04-2015 02:04 PM
الحلف المصري الإماراتي عبدالناصر محمود شذرات مصرية 0 08-27-2014 03:17 PM
الرئيس اوباما يتمتع بصلاحيات شن هجوم على سوريا دون الرجوع للكونغرس عبدالناصر محمود أخبار عربية وعالمية 0 09-08-2013 06:48 AM
علماؤنا الرواد رفعوا مشعل النهضة والتقدم Eng.Jordan علماء عرب 0 11-03-2012 12:45 PM
حكم الحلف بحياة القرآن جاسم داود شذرات إسلامية 0 10-15-2012 04:14 PM

   
|
 
 

  sitemap 

 


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 07:06 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59