وقفة مع سورة

صورة , وقفة

طول عمري اسمع إن سورة "الأنبياء" معروفة بين أهل العلم بإنها سورة "الاستجابة" بس عمري ما دوّرت عن السبب 😊
السبب هو إنها السورة القرآنية الوحيدة اللي ورد فيها لفظ "فاستجبنا له" أكثر من مرة وفي أكتر من سياق، اللفظ ده لم يرد في أي موضع قرآني خارج سورة "الأنبياء"، طب ورد فيها كم مرة وفي أي سياقات؟
أول مرة :" وَنُوحًا إِذْ نَادَىٰ مِن قَبْلُ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ" آية رقم 76
تاني مرة عن سيدنا أيوب عليه السلام:" فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ ۖ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَىٰ لِلْعَابِدِينَ" أية رقم 84
تالت مرة عن سيدنا يونس عليه السلام:" فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ ۚ وَكَذَٰلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ" آية رقم 88
رابع مرة عن سيدنا زكريا عليه السلام:" فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَىٰ وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ" آية رقم 90
طيب هل "فاستجبنا له" في السياقات القرآنية دي قاصرة على الأنبياء فقط؟ علماء تفسير القرآن بالإجماع قالوا لا واستشهدوا على كده بإن ربنا بعد ما قص في القرآن إنه استجاب لسيدنا أيوب قال إيه :"رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَىٰ لِلْعَابِدِينَ" كل العابدين، كل اللي بيعبده سبحانه وتعالى قريب من رحماته زي سيدنا أيوب
وبعد إجابته لدعاء سيدنا يونس قال إيه:"وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ ۚ وَكَذَٰلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ" كل المؤمنين بالله مش بس نبيه يونس
علماء تفسير القرآن كمان شافوا إن الآيات دي أشبه بكود كده، كود بيجمع مفاتيح استجابة ربنا سبحانه وتعالى للدعاء، وبيدلك على المفتاح اللي استخدمه كل نبي علشان ينال مطلبه من الله، طيب المفاتيح دي إيه هي؟
*مفتاح سيدنا نوح كان الصبر، 95 سنة من الصبر على دعوة قومه الكافرين بالله، طبعا مبنقلش نصبر 95 سنة، لكن نصبر واحنا على يقين، صبر جميل مفيهوش سخط على أقدار الله
*مفتاح سيدنا أيوب كان الأدب الشديد في مخاطبة الله لما قال:" أنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ" علماء التفسير بيقولوا " مَسَّنِيَ " جت مبنية للمجهول علشان سيدنا أيوب استحى يقول لربنا إنك مستني بضر ومرض فقال " مَسَّنِيَ " مجهلّة، وخاطب ربنا بإنه "أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ" رغم ما كتبه الله عليه من مرض
وهي نفس المدرسة اللي كان بيخاطب بيها أبو الأنبياء إبراهيم عليه السلام ربنا لما قال:" الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ (78) وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ (79) وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ (80) " سورة الشعراء
سيدنا إبراهيم نسب الخلق لله "خَلَقَنِي " والرزق كمان "يُطْعِمُنِي "، إلا المرض سابها مبنية للمجهول:"مَرِضْتُ " مقلش "أمرضني" وكأن الأنبياء في خطابهم لله بينسبوا له كل خير وبيبعدوا عنه سبحانه وتعالى أي شر حتى لو جاء بقضاء الله
*مفتاح سيدنا يونس كان الدعاء اللي كلنا حافظينه"أَن لَّا إِلَٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ " واللي الرسول محمد صلى الله عليه وسلم لما سمعه قال إنه من أفضل الأدعية لأن أوله توحيد وأوسطه تسبيح وآخره استغفار
*أما مفتاح سيدنا زكريا فسورة الأنبياء قالته لنا بالنص: "فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَىٰ وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ ۚ " ليه طيب :"إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا ۖ وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ"
يبقى الآيات دي احنا ممكن نتعامل معاها زي الكود المختصر كده، نحفظ أرقامها ونلجأ لها وقت ما كل الأبواب بتتقفل، وقت ما بنبقى محتاجين باب واحد بس من السما يتفتح...علشان نعرف نتنفس
الكود أهو: 76 ـ 84 ـ 88 ـ 90 ☺️

منقول

المصدر: ملتقى شذرات