#1  
قديم 06-18-2013, 12:17 PM
ام زهرة غير متواجد حالياً
متميز وأصيل
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
الدولة: العراق
المشاركات: 6,886
افتراضي العطاء عبادة الأجر العظيم


عندما نتأمل مفهوم العطاء في الإسلام؛ فإن أول ما يتبادر إلى الأذهان هو مواقف الكرم والنبل التي ميزت حياة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم , ولم لا وهو من امتدحه ربه سبحانه وتعالى بقوله "وإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ" ( القلم : 4 ).
وقد تعددت مكارم أخلاق نبي الإسلام صلى الله عليه وسلم من أمانة وصدق ورحمة وبذل وعطاء إلى غير ذلك من خصاله الشريفة؛ وبالرغم من ذلك لا يزال الحاقدون ينفثون شرورهم بغية النيل منه إلا أن مساعيهم دائمًا ما تذهب سدى وكأنها ليست إلا نقطة حبر ضحلة أرادت تلوين بحر صاف يترقرق ماؤه النقي ليغسل الأيام .
ولنبحر قليلاً نحن أتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم في صفة طالما لازمت نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم طوال حياته وحتى مماته ؛ وهي صفة الكرم والجود؛ فلم يكن كرمه وسخاؤه بذلاً عاديًا وإنما كان فياضًا ؛ لا ينفق فقط ما يزيد عن حاجته وإنما يتصدق حتى بما هو في حاجة إليه ؛ حتى عرف عنه أنه لا يرد سائلا وأنه يعطي عطاء من لا يخاف فقرًا.
وقد حثنا النبي صلى الله عليه وسلم أن نقتدي به وأن يتصدق كلٍ من سعته، وأوصى أمته بالإنفاق وذم البخل والشح؛ حيث قال: "ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان فيقول أحدهما اللهم أعط منفقا خلفا ويقول الآخر اللهم أعط ممسكا تلفا" اخرجه البخاري
وقد يتخيل البعض أن عطاء النبي كان فقط لذوي القربي والمحبين والمناصرين - وإن كانوا الأولى بالمعروف ابتداء - لكن عطاء النبي ونبله امتد ليشمل حتى أعداءه ؛ فقد وصفته أم المؤمنين خديجة؛ رضي الله عنها بقولها : " إنك لتصل الرحم وتحمل الكل، وتكسب المعدوم ، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق "
وليس أعظم من ذلك وصفًا ، بل يكفي المرء صفة واحدة من هذه الصفات ليكون ذا منزلة رفيعة في قومه؛ لقد كان النبي يقدم لأصحابه ولأمته كافة نموذجًا في الإيثار؛ فكان يؤثر على نفسه حتى وإن كانت به حاجة وخصاصة ؛ فيروى عن "سهل بن سعد"، أنه قال: جاءت امرأة إلى النبي ببردة؛ فقالت: يا رسول الله، أكسوك هذه. فأخذها النبي محتاجًا إليها فلبسها، فرآها عليه رجل من الصحابة، فقال: يا رسول الله، ما أحسن هذه فاكسنيها. فقال: "نَعَمْ". فلما قام النبي لامَ أصحابه الرجل، قالوا: ما أحسنت حين رأيت النبي أخذها محتاجًا إليها، ثم سألته إياها، وقد عرفت أنه لا يُسأل شيئًا فيمنعه. فقال: رجوتُ بركتها حين لبسها النبي؛ لعلِّي أكفَّن فيها " أخرجه البخاري


هكذا كانت أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم مع الناس أجمعين؛ وكانت خصلة الكرم التي تمتع بها أحد أسباب إسلام الكثيرين ؛ الذين شعروا بأن رسول الله يمنح بلا حدود ويعطي عطاء جزيلاً دون خوف من فقر. عن أنس قال: "ما سُئل رسول الله على الإسلام شيئًا إلا أعطاه. قال: فجاءه رجل فأعطاه غنمًا بين جبليْن، فرجع إلى قومه، فقال: يا قوم أسلموا؛ فإن محمدًا يعطي عطاء من لا يخشى الفاقة". اخرجه مسلم
لقد كانت غايته هي رفعة الإسلام والإنفاق في نواحي الخير هو طريقه ، فاستخدم العطاء أيضًا في تأليف قلوب زعماء مكة كأبي سفيان، وحكيم بن حِزام، والحارث بن هشام، والنضير بن الحارث، كما أعطى كذلك زعماء القبائل من الأعراب كعُيينة بن حصن زعيم قبيلة بني فزارة، والأقرع بن حابس زعيم بني تميم.
وقد كان عطاؤه صلى الله عليه وسلم عطاءً لا يكل ولا ينضب كما أنه لا يجرح ولا يؤذي الشعور؛، ولعل حادثته مع "جابر بن عبد الله" رضي الله عنه من أعظم الأمثلة على ذلك؛ حيث كانا عائدين من أحد الأسفار، وقد علم النبي صلى الله عليه وسلم بزواج جابر رضي الله عنه ، فعرض عليه أن يشتري منه بعيره بأربعة دنانير،ولما قدم المدينة أمر النبي صلى الله عليه وسلم بلالاً أن يعيد الدنانير إلى جابر ويزيده وأن يردّ عليه بعيره." الصحيحين
تلك هي أخلاق نبي الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس وخير البشر وأكرمهم، عن "عبد الله بن عباس" رضي الله عنهما قال : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس ، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل ، وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن ، فلرسول الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة".اخرجه مسلم
لقد أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقدم لأصحابه وأتباعه دروسًا عملية ليقتدوا بها لينالوا ليس فقط أجر الصدقة بل أجر الإخلاص والإيثار والتحرر من عبودية هوى النفس. ليس هذا فحسب؛ فالعطاء في ذاته متعة للنفس وشعور بالسعادة؛ ناهيك عن عظيم قدره وثوابه عند الله سبحانه وتعالى الذي وعد المنفقين في نواحي الخير بنماء رزقهم "مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ" [سورة البقرة: 245].


وقد يظن البعض أن العطاء يعني فقط العطاء المادي، بل يمكن أن يكون العطاء معنويًا وله كبير الأثر؛ فإن أعطيت من وقتك فأنت تمنح جزءا من عمرك ؛ فإن كان لبر والدين أو زيارة مريض أو عمل خيري أو غير ذلك من رقائق الأعمال؛ فإن الله سيضاعف لك العطاء مضاعفة الوهاب ويهبك من العطايا ما لم تكن تحسبه، ويظلك في ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله؛ سبحانه هو الكريم ذو الجلال والإكرام. "وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ" [سورة المزمل: 20].



شيماء نعمان
المصدر: ملتقى شذرات

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 06-18-2013, 03:33 PM
الصورة الرمزية جاسم داود
جاسم داود غير متواجد حالياً
متميز وأصيل
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: سوريا
المشاركات: 1,456
افتراضي

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمن ِالرَّحِيمِ
الْسَّلام عَلَيْكُم وَرَحْمَة الْلَّه وَبَرَكَاتُه
الأخت الكريمة
ربنا يبارك فيكم على هذا الموضوع القيم والهادف وجزاكم الله خير
يارب أَلْهِمْنِا رُشْدِنا
وَأَعِذنِا مِنْ شَرِّ أنفسنا
اللَّهُم انْفَعنِا بِمَا عَلَّمْتَنِا
وَعَلِّمْنِا مَا يَنفَعُنِا
وَزِدْنِا عِلْماً
وصلى اللهُ على سيِّدِنا مُحمَّد وَعلى آلِهِ وصَحْبه وَسلّم
دمـتي برعـاية الله وحفـظه
__________________

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 06-18-2013, 03:33 PM
الصورة الرمزية جاسم داود
جاسم داود غير متواجد حالياً
متميز وأصيل
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: سوريا
المشاركات: 1,456
افتراضي

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمن ِالرَّحِيمِ
الْسَّلام عَلَيْكُم وَرَحْمَة الْلَّه وَبَرَكَاتُه
الأخت الكريمة
ربنا يبارك فيكم على هذا الموضوع القيم والهادف وجزاكم الله خير
يارب أَلْهِمْنِا رُشْدِنا
وَأَعِذنِا مِنْ شَرِّ أنفسنا
اللَّهُم انْفَعنِا بِمَا عَلَّمْتَنِا
وَعَلِّمْنِا مَا يَنفَعُنِا
وَزِدْنِا عِلْماً
وصلى اللهُ على سيِّدِنا مُحمَّد وَعلى آلِهِ وصَحْبه وَسلّم
دمـتي برعـاية الله وحفـظه
__________________

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 06-18-2013, 03:59 PM
ام زهرة غير متواجد حالياً
متميز وأصيل
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
الدولة: العراق
المشاركات: 6,886
افتراضي

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمن ِالرَّحِيمِ
الْسَّلام عَلَيْكُم وَرَحْمَة الْلَّه وَبَرَكَاتُه

اخي الفاضل
جزاك الله خير الجزاء
وأسأله تعالى أن يجعل قلوبنا عامرة بذكره
بيضاء ناصعةً بحبه وحب هذا الدين العظيم
أشكرك على لطف المرور وعلى دعمكم المتواصل
دمتم بمحبة الله

رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
الآخر, العظيم, العطاء, عبادة


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
أدوات الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع العطاء عبادة الأجر العظيم
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
متسول يعطي درساً في العطاء عبدالناصر محمود الملتقى العام 0 12-26-2014 08:53 AM
هروب سلطة رام الله نحو الغطاء العربي Eng.Jordan مقالات 0 01-14-2014 11:36 AM
مشايخ قبائل بنغازي يرفعون الغطاء القبلي عن المجرمين ابو الطيب أخبار عربية وعالمية 0 11-15-2013 01:05 AM
بهجة العطاء تفوق لذة الأخذ... صباح الورد الملتقى العام 0 11-06-2012 09:15 AM
العطاء قمة السعادة يقيني بالله يقيني الملتقى العام 2 06-04-2012 01:54 PM

   
|
 
 

  sitemap 

 


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 01:14 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59