مرضى كورونا في ووهان يتحدثون لصحيفة الغارديان عن أحوالهم

أحوالهم , أرضي , لصحيفة , الغارديان , يتحدثون , ووهان , كورونا

ترجمة - عربي بوست
في يوم الثلاثاء 4 فبراير/شباط، وبعدما شُخِّصَ زوجها بفيروس الكورونا الذي ظهر في ووهان، وذلك بعد أسابيع من معاناته مع الحُمى، أصبحت لي لون يائسة للغاية، إذ لم يتمكَّنا من إدخاله أي مستشفى، أو إيجاد مكان ليعزل نفسه فيه.
تقول صحيفة The Guardian البريطانية التي تروي حكاية لي، إن عائلتها المكونة من 6 أفراد -لي (39 سنة) وزوجها ووالداه وطفلاهما، وكلاهما من ذوي الاحتياجات الخاصة- تعيش في شقةٍ ضيقة من ثلاث غرف في ووهان. وقد أرسلت العائلة الطفلين إلى خالةٍ لهما يوم الإثنين 3 فبراير/شباط. وقد ظهرت الأعراض على كلٍّ من لي وأم زوجها وشُخِّصَت المرأتان بالتهاب رئوي، وهو ما رأى بعض الأطباء أنه سببٌ كافٍ لعزلهما صحياً. وكانت مصابة بقيءٍ وإسهال.

أُصيبَ ما يزيد عن 24 ألف شخص بعدوى فيروس الكورونا، الذي قتل ما يقرب من 500 حتى الآن/ Getty«لا أحد يهتم لأمرنا»

ولم تتلقَّيا أيَّ تعليمات من مركز ووهان لمكافحة الأمراض، ولا من هيئة الحي الذي تعيشان فيه، وهو مسؤول عن التواصل مع السلطات الصحية والمستشفيات لترتيب العلاج وزيارات المتابعة. وكتبت لي على منصة Weibo منشوراً تطلب المساعدة، وهو منشور من مائة من نوعه في الأيام القليلة الماضية. قالت: «أخشى أنني سأنهار. لقد اتصلت بكل الأرقام تقريباً، في كل مكان. وأينما ذهبنا لا أحد يهتم لأمرنا».
أُصيبَ ما يزيد عن 24 ألف شخص بعدوى فيروس الكورونا، الذي قتل ما يقرب من 500 حتى الآن. وكان الجزء الأكبر من حالات العدوى والوفيات في المقاطعة الصينية المركزية خوبي، وعدد سكانها 50 مليون نسمة، وهي مغلقة تماماً منذ أسبوعين.
شعور بالعجز والغضب

أعرب المواطنون المصابون وأقرباؤهم، الذين تحدثت معهم صحيفة The Guardian البريطانية، عن شعورهم بالعجز وبالغضب المتزايد وهم يحاولون الحصول على المساعدة لأفراد عائلاتهم المرضى وحماية الأصحاء منهم، وهم من الأطفال غالباً.

أعرب المواطنون المصابون وأقرباؤهم، الذين تحدثت معهم صحيفة The Guardian البريطانية، عن شعورهم بالعجز وبالغضب المتزايد وهم يحاولون الحصول على المساعدة لأفراد عائلاتهم المرضى وحماية الأصحاء منهم/ Gettyقالت امرأةٌ إنها اصطحبت والديها العجوزين إلى 3 مستشفيات بحثاً عن مكانٍ لهما. وعندما وصلوا إلى المكان الأخير، الذي لم تكن به أسرَّةٌ خالية، كانت الحمى قد اشتدت عليهما إلى درجةٍ عجزا معها عن العودة إلى المنزل. وضعت المرأة ملاءات على الأرض خارج جناح الملاحظة وناموا هناك. وقد ماتت أمها في الأسبوع الماضي، بعد أن عجزت عن الدخول في أي مستشفى.
وقعت أغلبية الوفيات بين أشخاص تزيد أعمارهم عن 60، لكن الفيروس أصاب أيضاً شباباً وأناساً في منتصف أعمارهم، وأعراضه تتراوح ما بين السعال والحمى وأوجاع الجسد، وتصل إلى الإغماء والسعال دماً والصعوبات البالغة في التنفس وآلام الصدر والضعف.
المرحلة الأصعب.. العزل

بالنسبة إلى البعض، كان أصعب شيء هو العزل. مرَّت 9 أيام منذ آخر مرة رأت فيها يان (37 سنة) زوجها وطفليها؛ (بنت تبلغ 11 شهراً وولد يبلغ 11 عاماً). بعد أن أُصيبت يان بالحمى في أواخر شهر يناير/كانون الثاني الماضي، نأت بنفسها عنهم وذهبت للعيش في شقة والدتها. وبعدها بأيام، كانت نتائج فحوصات يان وأمها للفيروس إيجابية.

وقعت أغلبية الوفيات بين أشخاص تزيد أعمارهم عن 60، لكن الفيروس أصاب أيضاً شباباً وأناساً في منتصف أعمارهم/ Gettyتقضي يان وأمها أيامهما في غرفتين منفصلتين، فتقرأ يان الأخبار وتجلس في الشرفة. وترتدي المرأتان أقنعة الوجه عندما تخرجان إلى غرفة مشتركة لتناول الطعام. لكن أعراضهما خفيفة، وقالت يان إنها تأمل أن يظهر فحص آخر تجريه قريباً أن جهازها المناعي تغلب على الفيروس، إذ عندها: «أستطيع أن أعود إلى زوجي وطفلي».
وقال العديد من المرضى إنهم عادوا إلى المنزل بعدما رفضت المستشفيات استيعابهم لعدم وجود أماكن، وإنهم أُمِروا بعزل أنفسهم و»مراقبة» وضعهم. وقد اختار بان، في منتصف الخمسينات من عمره وشُخِّص بالمرض هذا الأسبوع، الذهاب إلى جناح عزل خارجي نظمته الهيئة التابعة لحيّه. إذ كانت نتيجة زوجته في اختبار الفيروس سلبية، ولم يرد أن يمرر العدوى إليها أو إلى أطفالهما. وكانت أمها قد ماتت بالفيروس يوم السبت الماضي.
«غير قادرين على تقديم المساعدة الطبيّة»

أفاد بان بأن هناك حوالي 20 شخصاً في الجناح، وكلهم لهم غرفهم الخاصة، وتصل إليهم 3 وجبات كل يوم، لكن لا يوجد أطباء أو عاملو صحة للاهتمام بهم. وقال إنهم إذا احتاجوا لتناول أي دواء يكون عليهم شراؤه وإحضاره بأنفسهم، قال: «قبل بضعة أيام، كانت الممرضات يأتين، لكن لا أحد يأتي لنا الآن. قالوا إنهم غير قادرين على تقديم مساعدة طبية».

قياس درجة الحرارة إلكترونيا في ووهان، Gettyوأفاد خبراء بأن هناك عدداً كبيراً من المرضى المصابين يُرسلون إلى منازلهم، ما يُسبِّب تزايد عدد الإصابات في العائلات. إذ لا يوجد إلا عدد قليل من المواطنين العاديين يعرفون كيف يعزلون أنفسهم على نحو فعال، وفقاً لتشانغ شياو تشون، كبير الأطباء في قسم الأشعة في جامعة تشونغنان في ووهان.
ووفقاً لمجلة Beijing News الصينية، قال تشانغ: «منع انتشار الوباء مسألة حياة بشرية. لا يمكن أن نعتمد على بقاء الناس في منازلهم والعناية بأنفسهم».
صورت الحكومة الوباء على أنه معركةٌ يحاربها المواطنون، وخاصة سكان ووهان، وعملت على طمأنة الناس باتخاذ تدابير شاملة مثل إغلاق الحركة المرورية وبناء مستشفيين جديدين في أقل من 10 أيام.
السلطات لا تكترث لأمرهم

لكن سكان ووهان، غير الواثقين في الحكومة بالفعل بسبب انتظارها أسابيع قبل أن تدق نواقيس الخطر بشأن الفيروس، لم يزيدوا إلا غضباً. وبينما تسوء حالة زوج لي، وفي ظل قلقها على صحتها هي أيضاً، يزداد سخطها من تنقلها بين المؤسسات الحكومية المختلفة. وتخبرها المستشفيات أن عليها الذهاب إلى هيئة الحي الذي تتبعه لترتيب تلقي العلاج. لكن هيئة الحي تقول -إذ أجاب أحد على الهاتف- إن كل ما يمكنها فعله هو إبلاغ الجهات الأعلى منها.

سكان ووهان، غير واثقين في الحكومة بالفعل بسبب انتظارها أسابيع قبل أن تدق نواقيس الخطر/ Gettyغير أن السلطات الصحية الأعلى في مركز مكافحة الأمراض والوقاية منها في ووهان لا يجيبون على الهاتف. وعندما يفعلون، يأمرون بالعودة إلى الهيئة الشعبية المحلية. وقد أُمرت لي أن تنتظر، مراراً وتكراراً.
وصفت لي حالة زوجها: «الأمر يزداد سوءاً. بالكاد يستطيع أن يقف بلا مساعدة»، وأضافت: «هذه حياة إنسان، كيف يمكننا أن ننتظر أكثر من هذا؟».
العائلات تتشتت بسبب المرض

أما ليو (38 عاماً) فقد اندهش لكونه أُصيب بالفيروس، إذ إنه يمارس التمارين الرياضية منذ ما يزيد عن عقد، وقبل رأس السنة الصينية، ذكرته زوجته بأنه وقت موسم الإنفلونزا، فكان يرتدي قناعاً على وجهه عندما يخرج من المنزل، بل وقناعين في بعض الأحيان. لكن في أواخر شهر يناير/كانون الثاني الماضي، صار يسعل، وعند مرحلةٍ ما، سعل دماً لـ4 أيام.
يقضي ليو أيامه في جناح العزل يتلقى العلاج بالغلوبيولين وبعض الحقن الأخرى. ولأنه موصولٌ بجهاز تخطيط القلب الكهربائي، لا يستطيع التحرك كثيراً في الغرفة. وقد توقَّف الآن عن السعال دماً ويأمل أن يُسمَح بخروجه قريباً، لكنه يقلق على والده البالغ 68 عاماً، والمحجوز في نفس الجناح لكنه يتعافى بشكل أبطأ. وهو موضوع على جهاز تنفس صناعي، ولا يتحدث أحدهما إلى الآخر إلا عبر الرسائل النصية.
حتى عندما يذهب ليو إلى المنزل، ليس واضحاً بعد إذا كانت العائلة ستعيش مع بعضها البعض. إذ يعيش ابنه البالغ 7 سنوات مع جدته وتعيش زوجته في مكان آخر. قال: «نعيش في أماكن مختلفة لنتجنَّب العدوى، لكننا نفتقد بعضنا كثيراً».

المصدر: ملتقى شذرات