#1  
قديم 07-02-2015, 11:33 AM
الصورة الرمزية Eng.Jordan
Eng.Jordan غير متواجد حالياً
إدارة الموقع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: الأردن
المشاركات: 25,392
افتراضي إشكالية التحولات السياسية في اليمن .. الفرص والتحديات 1990 / 2012


إشكالية التحولات السياسية في اليمن ؛ الفرص والتحديات

1990 - 2012





حمل المرجع كاملاً من المرفقات


تاريخ تسلم البحث: 3/11/2013م تاريخ قبوله للنشر: 13/1/2014م

محمد كنوش الشرعة *



أستاذ مشارك، قسم العلوم السياسية، جامعة اليرموك




المقدمة:
تُعّد الديمقراطية الركيزة الأساسية في عملية الإصلاح السياسي الذي تنشده الشعوب، فالديمقراطية، بوصفها نظام حكم، مرادفة لمفهوم الشرعية في الحياة السياسية الحديثة، ذلك أن جميع القرارات والسياسات والقوانين تكون مقبولة ومبررة، إذا اتخذت بطريقة ديمقراطية. كما أن الديمقراطية هي الوسيلة الأنسب لتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة. بسبب حالات التغير التي شهدها العالم ، خاصة بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، فقد حققت الديمقراطية انتصارًا تاريخيًا على كافة البدائل وأنظمة الحكم الأخرى. وقد شهدت المنطقة العربية موجة من التحول الديمقراطي في عقد التسعينيات في القرن الماضي، وذلك نتيجة لازدياد حالات المطالبة بتوسيع سقف الحريات ومشاركة المواطنين باتخاذ القرار؛ ومن هنا جاء التحول الديمقراطي في بعض دول الوطن العربي كبادرة أساسية نحو التعددية الفكرية والعمل السياسي، وتبني النهج الديمقراطي وإقامة العدل والمساواة والحرية للمواطن من أجل إيجاد حياة حرة وكريمة للإنسان العربي في وطنه؛ فكانت الوحدة اليمنية وإعلان الجمهورية اليمنية في 22 أيار 1990 انطلاقة جديدة لعهد ديمقراطي، يعتمد على التعددية السياسية وحرية التعبير عن الرأي.
وسنحاول في هذه الدراسة التعرف إلى إحدى التجارب العربية في الانتقال الديمقراطي مع ما رافقها من استخدام للعنف في بعض الحالات، وهي تجربة اليمن، وذلك باستعراض عوامل التحول الديمقراطي الداخلية والخارجية، والوقوف على مظاهر التحول الديمقراطي ومراحله وصولًا إلى الربيع العربي والثورة اليمنية، والوقوف على أبرز العقبات والتحديات التي تواجه تجربة التحول الديمقراطي في اليمن، وأخيرًا تقديم بعض المقترحات والتوصيات لتعزيز وترسيخ هذه التجربة.

الإطار النظري للدراسة:
1.أهمية الدراسة:
تكمن أهمية هذه الدراسة في أنها تتناول إحدى تجارب التحول الديمقراطي في الوطن العربي والتي بدأت منذ أكثر من عقدين من الزمن، ولا تزال تسير بخطى بطيئة، في الوقت الذي تتسارع فيه الشعوب والأنظمة السياسية في العالم بشكل أكبر بالتحول نحو ديمقراطية حقيقية وكاملة، كما تكمن أهمية الدراسة في معالجتها موضوع الديمقراطية في اليمن لما تتميز به التجربة اليمنية عن غيرها من التجارب الديمقراطية في الدول العربية، وذلك لما لها من خصوصية من حيث: تحقيق الوحدة بين شطري اليمن (الشمالي والجنوبي)، وكذلك طبيعة التركيبة السكانية، ومحاولة إضافة معرفة تراكمية لدراسات التجارب الديمقراطية في الوطن العربي.
2.أهداف الدراسة:
تسعى هذه الدراسة إلى تحقيق الأهداف الآتية:
  • التعرف إلى أبرز العوامل التي ساعدت على التحول الديمقراطي في اليمن.
  • التعرف إلى مظاهر التحول الديمقراطي في اليمن ومراحله، منذ التسعينات حتى الوقت الحاضر.
  • الوقوف على أبرز العقبات والتحديات التي تواجه التجربة الديمقراطية في اليمن.
  • محاولة تقديم مقترحات وتوصيات من أجل تعزيز وترسيخ تجربة التحول الديمقراطي في اليمن.
3.أسئلة الدراسة:
في ضوء الأهداف السابقة تحاول هذه الدراسة الإجابة عن الأسئلة الآتية:
1.ماهي المعايير التي يجب توافرها حتى يتم الحكم على نظام سياسي بأنه ديمقراطي، وما مدى توافر هذه المعايير في التجربة الديمقراطية اليمنية؟
2.ما الدور الذي يمكن أن تلعبه القبيلة كوحدة اجتماعية وسياسية في إعاقة تجربة التحول الديمقراطي في اليمن أو تقدمها؟
3.ما مدى قابلية الثقافة السياسية والقيم السائدة في المجتمع اليمني لتقدم التحول الديمقراطي أو إعاقته؟
4.ماهو دور القوى الخارجية في عملية التحولات السياسية في اليمن؟
4.مشكلة الدراسة:
تدور مشكلة الدراسة حول تحديد المتغيرات الرئيسة في التحول الديمقراطي والإشكاليات التي واجهت التجربة الديمقراطية في اليمن وواقعها ومستقبلها؛ وذلك في ضوء التغيرات الإقليمية والدولية المستجدة، والتي شكلت بداية التحولات الديمقراطية في الدول العربية ومنها اليمن.
5.حدود الدراسة:
التحديد الزماني: تنحصرالدراسة في الفترة الزمنية من عام 1990 حتى العام 2012م، إذ يمثل العام 1990 قيام الوحدة بين شطري اليمن، في حين يمثل العام 2012 نهاية حكم رئاسي دام قرابة 33 عاماً "حكم علي عبد الله صالح"،.

التحديد المكاني: الجمهورية اليمنية.
التحديد الموضوعي:
ستقوم الدراسة بتسليط الضوء على واقع التجربة الديمقراطية في اليمن عن طريق آلياتها، والعقبات التي تواجه المسيرة الديمقراطية ومستقبلها.
6.فرضية الدراسة:
انطلقت الدراسة من فرضية أساسية مفادها: "إن التحول الديمقراطي في اليمن جاء نتيجة لعوامل داخلية وخارجية. تمثلت العوامل الداخلية: بالوحدة اليمنية بين الشطرين الشمالي والجنوبي، وأن الحياة السياسية اليمنية ينظمها- كما في الدول الديمقراطية- مبدأ الانتخاب والتداول الدوري والسلمي للسلطة، وتمثلت العوامل الخارجية بالمؤثرات الدولية الخارجية.

7.منهجية الدراسة:
وقد اعتمد الباحث في دراسته هذه على المناهج التالية: المنهج التاريخي الذي يدرس المراحل التاريخية للمسيرة الديمقراطية في اليمن من حيث نشوئها وتطورها، ومنهج تحليل النظم: الذي يدرس العوامل التي ساعدت على التحول والتفاعلات الداخلية والقرارات التي يتخذها النظام السياسي.
8-الدراسات السابقة:
حظيت عملية التحول الديمقراطي بالوطن العربي بشكل عام باهتمام الدارسين والمحللين السياسيين، وقد ركزت هذه الدراسات على أزمة الديمقراطية في اليمن، وكيفية الخروج من هذه الأزمة، ومن أبرز هذه الدراسات:
- دراسة Carapico, Sheila, "Civil Society in Yemen", 1998.
تناولت الدراسة المجتمع المدني اليمني, واستعرضت الباحثه فيها جذور ومظاهر المجتمع المدني في اليمن منذ الخمسينات، وترى الباحثة أن الثقافة العربية الاسلامية القائمة على القبلية غير موائمة لنشوء المجتمع المدني وتطوره في المجتمعات الإسلامية واليمن جزء منها. وتخلص الباحثة إلى ضعف مؤسسات المجتمع المدني اليمني بالرغم من وجود الأحزاب السياسية والنقابات والاتحادات والجمعيات .
- دراسةBrehony, Noel, "Yemen Divided", 2011. تناول الباحث في دراستة التاريخ الشامل للجمهورية اليمنية الديمقراطية الشعبية، (اليمن الجنوبي) من مستعمرة بريطانية إلى دولة شيوعية، ثم إلى قاعدة للجماعات الإرهابية والحركات الانفصالية التي تهدد وحدة اليمن. ويستعرض الكتاب الوحدة مع اليمن الشمالي, الأمر الذي شكّل تهديدًا للملكة العربية السعودية .
-دراسةPhilips, Sarah, "Yemen's Democracy Experiment in Regional Perspective", 2008
تناولت الباحثة في البداية في دراستة بعنوان محاولات الإصلاح المتعثرة في العالم العربي، ثم تناولت تاريخ اليمن الحديث بعد الاستقلال ثم تحدثت عن الوحدة اليمنية في ظل قيادة الرئيس علي عبدالله صالح , وخلصت الباحثة إلى أن المسيرة الديمقراطية في اليمن هي خليط: الانتخابات والقبلية والأحزاب, إذ عدّت الباحثة أن النظام السياسي اليمني نظام هجين يخلط مابين الاستبداد والديمقراطية الجزئية.
-دراسة (الكبيسي، 1999) بعنوان "نظام الحكم في الجمهورية اليمنية". تناولت الدراسة أسس ترسيخ قواعد الدولة اليمنية الحديثة، عن طريق الالتزام بتطبيق قواعد الدستور على أساس الدولة الديمقراطية، التي تلتزم بمبدأ سيادة القانون، وتستمد شرعيتها وسلطاتها من إرادة الشعب الحرة، والتزام كل السلطات فيها بتوفير الضمانات: القانونية والقضائية والإدارية لحماية حقوق الإنسان وحرياته الأساسية.
-دراسة (سري الدين، 1994) بعنوان "اليمن بعد الوحدة"، وتناول فيها الباحث عملية الوحدة اليمنية عام 1990 بعد التوقيع على وثيقة العهد والاتفاق، كما أشار إلى الانتخابات اليمنية وعملية دخول اليمن رسميا لعملية الانتخابات التشريعية العامة، وبعدها انتخابات عام 1993م.
-دراسة (الأصبحي، 1999) بعنوان "التجربة الديمقراطية في اليمن" وفيها ناقش الباحث الجذور التاريخية للتجربة الديمقراطية اليمنية منذ مرحلة التشطير عام 1962، حتى إجراء الانتخابات الرئاسية للفترة (1999-2004)، وما تخلل هذه المرحلة من حدوث تغيرات جذرية في عملية التحول الديمقراطي في اليمن، سواء على صعيد الانتخابات البرلمانية أم الرئاسية.
-دراسة (الشرجبي,2005)بعنوان "أزمة التحول الديمقراطي في اليمن تحدث الباحث عن مظاهر أزمة الديمقراطية في اليمن وأشكالها ,أهمها أزمة الشرعية التي واجهها النظام السياسي، وسيطرة قوى اجتماعية وعسكرية على مفاصل الحياة السياسية والاقتصادية في البلاد, وانتشار ظاهرتي: الفساد والمحسوبية، بالإضافة إلى انعكاساتها على الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية في اليمن.
أمّا عن أهمية دراستنا عن الدراسات السابقة أنها وضحت العوامل الداخلية والخارجية التي ساعدت على التحولات السياسية في اليمن, وبينت القوى السياسية الداخلية المؤثرة في الحياة السياسية. بالإضافة إلى أنها ناقشت موضوع الثورة اليمنية 2011م، والتي كانت بمثابة امتدادًا للصراعات والأزمات السياسية التي شهدتها اليمن خلال العشرين سنة الماضية.

- عوامل التحول الديمقراطي في اليمن:
إن اليمن تحكمها وتؤثر في مسيرتها الديمقراطية مجموعة من العوامل الداخلية (سياسية، اقتصادية، واجتماعية)، وعوامل أخرى خارجية (إقليمية، ودولية) كغيرها من الدول، إذ لا يمكن تجاوز أيٍ من تلك العوامل في تأثيرها على ولادة الديمقراطية فيها ومسيرتها ومستقبلها، الداخلية ندرجها كالآتي:

1- العوامل الداخلية:
1-تعدّ الوحدة اليمنية بين الشطرين الشمالي والجنوبي في أيار 1990 العامل الرئيسي والأول في عملية التحول الديمقراطي في دولة الوحدة، إذ اقترنت الوحدة بالتحول نحو الديمقراطية" (الخطايبة، 1999، 7). والتوازن السياسي والعسكري بين الأطراف الموقعة على الوحدة اليمنية.
2-تعد العوامل الاقتصادية من العوامل الهامة التي ساعدت في عملية التحول الديمقراطي في اليمن؛ فالأزمة الاقتصادية الحادة التي مرت باليمن، نتيجة لحرب الخليج الثانية عام 1990، وعودة الآلاف من اليمنيين من بعض دول الخليج، والحرب الأهلية عام 1994، والتي فاقمت معدلات البطالة، والتضخم والتخلف الاقتصادي، وانتشار الفقر، وتدني مستوى دخل الفرد، مهدت للقبول بالتحول نحو االديمقراطية,(الرياشي,1994, 12,11)
3-لعبت العوامل الاجتماعية دورًا بارزًا في عملية التحول نحو الديمقراطية في اليمن، وتمثلت بعدة قضايا أو مشاكل منها: مشكلة التعليم وانتشار الأمية، والصحة، والإسكان، وتدني مستوى الخدمات، وعدم وصولها إلى كثير من المدن والقرى النائية؛ وذلك بسبب قلة الموارد المالية المتاحة(حسنين، 1998، 59).
4- لعبت المؤسسة العسكرية دورًا بارزًا في الحياة السياسية اليمنية, سواء في الشمال أم الجنوب، ومن أجل تحييدها أخذ صناع القرار بالاتجاه نحو التحول الديمقراطي لتحييدها عن السيطرة على إدارة الدولة.(ابو أصبع,1999, 185)
5- الإرث الجنوبي: إن المتابع لتاريخ دولة الجنوب اليمني المعاصر يظهر له مدى الصراعات السياسية العنيفة على السلطة بشكل خاص , والتي راح ضحيتها آلاف المواطنين وكثير من القيادات السياسية والعسكرية, مما جعل الأمين العام للحزب الاشتراكي علي سالم البيض يوقع الوحدة اليمنية مع الرئيس علي عبداللة صالح في 22 أيار 1990م, والتي أخذت بمبدأ الديمقراطية والتعددية السياسية, علمًا بأن اليمن الجنوبي تبني النظام الاشتراكي ونظام الحزب الواحد، وهذا لا يتفق مع التعددية السياسية (الجوهري,1992, 205,200)
6- تمثل القبائل غالبية سكان اليمن, وأصبحت القبيلة في اليمن بديلا لمؤسسات المجتمع المدني وتقوم بدور الحماية والرعاية وغالبًا ما تحدث أعمال العنف بين القبائل والسلطة, نظرًا لانتشار الأسلحة بين المواطنين, فقد سعت السلطة إلى تفتيت القبيلة عن طريق إنشاء الأحزاب السياسية، والأخذ بالتداول السلمي للسلطة, والتي تعّد أحد مظاهر العملية الديمقراطية,(السميري,2001, 61) إذ ازداد تمثيل القبائل من فترة انتخابية لأخرى ففي برلمان عام 1993م حصلت القبائل اليمنية على 79 مقعداً، بينما في المجلس النيابي لعام 1997 (102) مقعدًا، أمّا العام 2003م ارتفع ليصل الى (115) مقعدًا من إجمالي أعضاء المجلس البالغ عددها(301) عضوا. علماً بأن القبائل التي تلعب الدور الرئيسي في الحياة السياسية هما قبيلة حاشد وقبيلة بكيل ( الظاهري, 2004, 166)
7- ينقسم المجتمع اليمني مذهبياً, إلى سنيٍّ شافعيٍّ, وشيعيًّ زيدي, فمن أجل الاندماج السياسي والاجتماعي, أخذت البلاد تخطو نحو الديمقراطية حتى يتجاوز المجتمع الخلافات المذهبية.(السميري,2002, 87)
2- العوامل الخارجية:
تتمثل العوامل الخارجية في المؤثرات الخارجية التي انعكست على الأوضاع السياسية في اليمن، وخاصة في ظل تناقضات النظام الدولي الجديد، فقد شهدت ما يزيد عن (30) دولة من دول العالم الثالث تحولا نحو الديمقراطية منذ عام 1975 حتى تاريخ موضوع الدراسة. ويمكن حصر المؤثرات الخارجية المرتبطة بالمحيط الدولي، يمكن حصرها فيما يلي:
غياب البديل السياسي والأيديولوجي المطروح على دول العالم الثالث خاصة بعد انهيار النموذج السوفيتي (نموذج الحزب الواحد).فيما ساهم الصراع السياسي والأيديولوجي بين المعسكرين الشرقي والغربي في تبنّي سلطة الشمال والجنوب توجهين سياسيين واقتصاديين متناقضين ومتباينين ,إذ تبنت السلطة في الشمال التوجه شبه الراسمالي, بينما تبنى الشطر الجنوبي التطور الاشتراكي.(الشرجبي,2005, 40)
2. المساعدات الخارجية والتي استخدمتها الدول الدائنة كأداة ضغط على دول العالم الثالث، فدفعتها نحو الديمقراطية والتعددية السياسية.
3. تأثير نموذج كرة الثلج التي تتضخم كلما اندفعت إلى الأمام كما يسميها صومائيل هنتينجتون (S.Huntington).
4.تشكل العولمة أحد آليات تعزيز الديمقراطية في العالم عن طريق تأثير حرية الانتقال للسلع والخدمات، وتدخل المنظمات الدولية مثل صندوق النقد الدولي، والبنك الدولي، والترابط الاقتصادي والسياسي. (سري الدين، 1994، 92).
5.لعبت تكنولوجيا الاتصالات والثورة المعلوماتية دورًا بارزًا في التحول الديمقراطي، والتأثير على منظومة القيم، مثل مسألة حقوق الإنسان. فقد لعبت مسألة حقوق الإنسان دورًا مهمًا في التحول نحو الديمقراطية، ؛ فما كان لليمن إلا أن يتبنى النهج الديمقراطي الذي يكفل الحقوق والحريات، فسنت الحكومة اليمنية الكثير من التشريعات والأنظمة، كالقرار الجمهوري رقم (10) لسنة 1998، والذي تضمن إنشاء اللجنة الوطنية العليا لحقوق الإنسان في اليمن (حسنين، 1998، 61). وأصبحت انتهاكات حقوق الإنسان في الدول التسلطية تواجه بردود فعل عنيفة من الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحّدة، ودول أوروبا، وأصبح الساسة والمواطنين اليمنيون يتعرفون من خلالها على التجارب الديمقراطية في العالم.
وهكذا فقد ساهمت هذه العوامل الخارجية في التحول إلى الديمقراطية في اليمن، خاصة وأن الشطر الجنوبي لليمن، كان يأخذ بالنموذج السوفيتي، ومن ثم فإن انهيار هذا النموذج وتفرد النموذج الأمريكي الديمقراطي، دفع اليمن إلى الوحدة، والتي أتت بدورها بالديمقراطية. وهذا التغير انعكس على القوى والاتجاهات المعارضة في اليمن، التي طالبت بالحرية وبحقها في التنظيم والمشاركة السياسية (الخطايبة، 1999، 6).
- مظاهر التحول الديمقراطي في اليمن:
1. على صعيد القوانين الناظمة للحريات السياسية وأبرزها إنشاء الأحزاب السياسية، فقد صدر قانون الأحزاب السياسية في 16 تشرين الأول عام1991، والذي تشكلت بموجبه أحزابٌ وتنظيمات سياسية، مثّلت مختلف القوى السياسية على الساحة اليمنية، وذلك وفقاً لنص المادة (57) من الدستور اليمني، والتي تنص على: "للمواطنين في عموم الجمهورية بما لا يتعارض مع نصوص الدستور الحق في تنظيم أنفسهم سياسياً ومهنياً ونقابياً، والحق في تكوين المنظمات العلمية والثقافية والاجتماعية والاتحادات الوطنية بما يخدم أهداف الدستور، وتضمن الدولة هذا الحق، كما تتخذ جميع الوسائل الضرورية التي تمكن المواطنين من ممارسته، وتضمن كافة الحريات للمؤسسات والمنظمات السياسية والنقابية والثقافية والعلمية والاجتماعية" (الكبيسي، 1999، 55-56). وفي ضوء هذا النص الدستوري، اتسعت الخارطة السياسية للقوى السياسية، فبلغ عدد الأحزاب المصرح لها بالعمل أكثر من 46 حزبًا وتنظيمًا شعبيًا وذلك عام 1991، (الخطايبة، 1999، 9).هذا ويمكن التدليل على التحول الديمقراطي في اليمن ابتداءً من عام 1990 عن طريق المظهرين التاليين:
2. الحرية الصحفيّة: بالرغم من وجود الصحافة المختلفة: السياسية والثقافية والاجتماعية في مرحلة التشطير، إلا أنها كانت مقيدة ومملوكة للدولة، فلم يكن هناك ملكية فردية للصحف، ولا حرية في التعبير من خلالها، إلا أنه في مرحلة التحول الديمقراطي، توالى إصدار الصحف والمطبوعات مع السماح للأشخاص العاديين والاعتباريين بامتلاك الصحف وتداولها من خلال العرض والبيع، فقد نصت المادة (3) من قانون الصحافة والمطبوعات لدولة الوحدة رقم (25) لسنة 1990على أن "حرية المعرفة والفكر والصحافة والتعبير والاتصال والحصول على المعلومات حق من حقوق المواطنين لضمان الإعراب عن أفكارهم بالقول أو الكتابة أو الرسم أو التصوير أو بأية وسيلة أخرى من وسائل التعبير"؛ وبذلك فقد وصل عدد الصحف والمطبوعات الصادرة إلى (200) مطبوعة مع نهاية عام 1991، كما صدر في تشرين الثاني عام 1991، قرار بإعادة الاعتبار إلى (18) صحفياً سرحوا عام 1986 في الشطر الجنوبي تحت شعار "تطهير الإدارة من بقايا الاستعمار" (www.almotamar.net).
3. تجميد جهاز الأمن السياسي الداخلي: شكل جهاز الأمن السياسي قلقاً للمواطنين ومثّل قمة التسلط للحكام في معاقبة كل صاحب فكر أو رأي، ومن ثم فرض نفسه على تفكير المواطنين لفترة طويلة؛ فما كان من سلطتي الشطرين إلا أن أقرتا إلغاء دور هذا الجهاز، وهذا ما أشاع أجواء الحرية في ظل التطور الديمقراطي في اليمن، وقد تم التوقيع على هذا القرار في 13أيار1990م.(العبدلي,2010, 166).
- مراحل التحول الديمقراطي في اليمن:
عند مراجعة مؤشر قياس درجة الديمقراطية، يتضح أن اليمن تأتي في الترتيب 150 بين دول العالم في المؤشرات الفرعية للديمقراطية، وكانت نتائجها عام 2011 على النحو الآتي: النظام الانتخابي"2.17"، العمل الحكومي "0.36"، المشاركة السياسية "4.44"، الثقافة السياسية "5"، وفي الحريات السياسية والمدنية "0.88"، وبهذا يكون المعدل العام "2.57" وهو ما يضعها ضمن الدول الأكثر سلطوية وهذا خلاصة مراحل التطور الديمقراطي في اليمن على النحو الآتي (www.eiu.com):
أولاً: المرحلة الأولى (1990-1999م)
بدأت المرحلة الأولى بالانتخابات النيابية التي أجريت في عامي 1993 و 1997، والتي شهدت مشاركة واسعة من قبل مختلف القوى السياسية، خاصة خلال انتخابات عام 1993، والتي كانت أول انتخابات نيابية تجري في ظل التعددية السياسية الحزبية، وامتدت المشاركة الشعبية للديمقراطية في اليمن لتشمل الانتخابات الرئاسية التنافسية التي أجريت لأول مرة في اليمن في 25 أيلول 1999م (أبو طالب، 1992، 290-291).

1.الانتخابات النيابية لعام 1993:
تعدّ هذه الانتخابات الأولى في اليمن منذ إعلان قيام الوحدة اليمينية في مرحلة التحول الديمقراطي، والتي كان مقررًا إجراؤها في تشرين الثاني 1992، حسب اتفاقية الوحدة، إلا أن اللجنة العليا للانتخابات، واجهت مشكلة في استكمال أعمالها لإجراء الانتخابات في موعدها؛ وهي أن اللجنة مكونة من (17) عضوًا يمثلون سبعة أحزاب، بالإضافة لأعضاء مستقلين ونواب عن النقابات العمالية، وزيادة حدة التوتر والخلاف بين الحزبين الحاكمين (المؤتمر الشعبي العام والحزب الاشتراكي)، ومن ثم تمّ تأجيل إجراء الانتخابات إلى 27 نيسان 1993، بناءً على قرار مجلس الرئاسة، بعد أن فشلت اللجنة العليا في استكمال أعمالها لإجراء الانتخابات في 22تشرين الثاني1993م(الفرح,2005, 20, 21).
وقد شارك في هذه الانتخابات جميع القوى السياسية الموجودة على الساحة اليمنية، فقد شارك (20) حزبًا، استطاعت ثمانية أحزاب منها الحصول على مقاعد في مجلس النواب، وكان نصيب الأسد لحزب المؤتمر الشعبي، فقد حصد (123) مقعدًا، وجاء بعده حزب التجمع اليمني للإصلاح (62) مقعدًا، أمّا الحزب الاشتراكي فقد حصل على (56) مقعداً (صالح، 1993، 172-173). وبلغت نسبة التصويت 80%، كما بلغ عدد المرشحين (4870) مرشحًا معظمهم من المستقلين، تنافسوا على (301) من المقاعد في مجلس النواب، وبالرغم من أن حزب المؤتمر الشعبي قد حصل على أغلبية المقاعد في مجلس النواب وكذلك انضمام (22) من المستقلين إليه، إلا أنه لم يحصل على الأغلبية المطلقة في المجلس لتشكيل الحكومة، ومن ثم كان لا بد من تأليف حكومة ائتلافية. فقد وقّع كل من ممثلي الأحزاب الثلاثة الأولى: حزب المؤتمر الشعبي، وحزب التجمع، والحزب الاشتراكي على وثيقة تحالف ثلاثي بينها، بناءً عليها تمّ تأليف حكومة ائتلافية برئاسة "حيدر أبو بكر العطاس" في 30 أيار1993، ضمت (31) وزيرًا من الأحزاب الثلاثة الرئيسية، وحازت هذه الحكومة على ثقة مجلس النواب اليمني، (سري الدين، 1994، 42- 49).
ورغم ذلك فإن هذه الحكومة الائتلافية لم تعمّر طويلاً، فقد نشأت أزمة سياسية بين الحزبين- المؤتمر الشعبي العام , والحزب الاشتراكي اليمني- أدت إلى تفجر الوضع العسكري بينهما، ومن ثم أدى هذا الصراع إلى انتصار فريق الرئيس علي عبدالله صالح وخروج علي سالم البيض وأعوانه خارج البلاد، وبقي الائتلاف بين الإصلاح والمؤتمر، ليبدأ اليمن مرحلة جديدة نحو الديمقراطية.
هذا وقد لعب مجلس النواب اليمني، خلال عام 1994، دورًا مهمًا في عملية تهيئة الأوضاع بين مسؤولي شطري اليمن، فدعا أعضاء المجلس في بداية أيار عام 1994، إلى تشكيل حكومة إنقاذ نيابية من بين أعضاء المجلس، لتتولى تنفيذ وثيقة العهد والاتفاق التي تمّ توقيعها في 20 شباط من العام 1994 في العاصمة الأردنية عمان، لإنهاء الأزمة السياسية في اليمن. وتركزت مناقشات النواب اليمنيين على تجنيب اليمن خطر التمزق، وإرساء دعائم الوحدة اليمنية. وكما طالبت في صنعاء، ستة أحزاب معارضة في بيان لها في 30 نيسان من نفس العام، بتشكيل حكومة إنقاذ وطني من أجل إنقاذ البلاد، وطالبت هذه الأحزاب تنفيذ وثيقة العهد والاتفاق التي وقعت في الأردن في شباط من العام نفسه (الرأي، ع 8656، 1 أيار1994، عمّان).
2.الانتخابات النيابية لعام 1997:
تعد هذه الانتخابات التي جرت في اليمن في 27 نيسان 1997، هي الثانية بعد قيام دولة الوحدة، والأولى بعد انتهاء الحرب الأهلية في عام 1994. وتعدّ هذه الانتخابات ذات أهمية كبيرة لما تمثله لواقع ومستقبل الديمقراطية في اليمن فقد صدر قانون جديد للانتخابات في آب 1996، والذي على ضوئه أجريت هذه الانتخابات، وهي تأكيد على تمسك اليمن شعباً وحكومة بالنهج الديمقراطي القائم على أساس التعددية الحزبية والتداول السلمي للسلطة (المتوكل، 1997، 48).
وقد جرت انتخابات عام 1997، في ظل ظروف داخلية وخارجية، فيها الكثير من المشكلات والتحديات، نتيجة لأزمة الخليج الثانية، وما ترتب على الحرب الأهلية اليمنية عام 1994 من خروج أعضاء الحزب الاشتراكي من الحكومة، والانتقال إلى جانب المعارضة؛ لتزداد حدة التوتر بين الحزب الاشتراكي والسلطة الحاكمة، بالإضافة إلى ظاهرة الفساد الإداري والمالي وانتشار السلاح بين المواطنين، بالإضافة إلى المشكلات الإقليمية التي كان يواجهها اليمن، والتي تمثلت في تسوية الخلاف بين الرياض وصنعاء المتعلق بالحدود والأمن (********,2008, 281)، إضافة إلى تطور النزاع اليمني الأرتيري حول جزيرتي حنيش الصغرى والكبرى (الرأي، ع 9264، 9 كانون الثاني 1996، عمّان)، وقد صاحب كل هذه المشكلات مقاطعة بعض الأحزاب السياسية للانتخابات، وعلى رأسها الحزب الاشتراكي، إذ بلغ عدد المرشحين الذين خاضوا انتخابات عام 1997 (2311) مرشحًا منهم (754) مرشحًا حزبيًا والباقون مستقلون (حسنين، 1998، 59-70).
وبالرغم من كل ذلك، فقد جرت الانتخابات في ظل مشاركة سياسية، تمثلت في الأحزاب، والمستقلّين، ولم تؤثر المقاطعة على سير العملية الانتخابية، ولا على نتائجها؛ فبلغت نسبة الناخبين الذين أدلوا بأصواتهم حوالي (61%) من إجمالي عدد المسجلين لها والبالغ عددهم (728و637و4) ناخبًا وناخبة. وهي نسبة إيجابية مقارنة مع بعض الانتخابات النيابية التي جرت في العديد من دول العالم الثالث (المتوكل، 1997، 55-56)، ووصلت نسبة الحزبيين المرشحين في هذه الانتخابات إلى 23%، مثلوا (12) حزبًا سياسيًا، كان في طليعتها حزب المؤتمر الشعبي العام (حزب الائتلاف الحاكم)، والتجمع اليمني للإصلاح، وبلغ عدد المرشحين من الحزب الحاكم (224) مرشحًا، مُقابل (178) مرشحًا عن حزب التجمع اليمني للإصلاح (الدستور، 27 نيسان 1997، عمّان).
وكان من نتائج هذه الانتخابات أن حصل تغير كبير في عدد الكتل النيابية داخل المجلس المنتخب في عام 1997، فقد انضم (39) نائباً مستقلاً إلى كتلة المؤتمر الشعبي، وهو ما زاد عدد مقاعده إلى (226) مقعدًا، وذلك بزيادة (103) مقعدًا عن عدد مقاعده في المجلس السابق والبالغة (122)، فيما انضم عشرة نواب مستقلين للتجمع اليمني للإصلاح لتصبح مقاعده (64) مقعدًا بزيادة مقعدين عن مقاعده في المجلس السابق. وعلى ضوء هذه النتائج فقد حصل حزب المؤتمر الشعبي على الأغلبية المطلقة في مجلس النواب بنسبة قاربت 68%، أهلته لتشكيل حكومته دون الحاجة إلى الدخول في ائتلاف مع أحزاب أخرى، وبالتالي خروج حزب الإصلاح من الحكم (حسنين، 1998، 90-91)، وامتازت هذه الانتخابات بأن عدد المسجلين فيها بلغ ضعف إجمالي المسجلين في انتخابات عام 1993، كما أجريت في موعدها؛ بالإضافة لزيادة عدد المشاركين فيها، كما تزايد إقبال المرأة في التسجيل والمشاركة، فكان عدد المسجلات في انتخابات عام 1993 (417) ألفاً، بينما وصل العدد في انتخابات عام 1997 إلى (1.304.550) مسجلة. وقد أثبتت هذه الانتخابات أن اليمن يسير نحو ترسيخ الديمقراطية ولو بشكل نسبي (الفرح,2005, 31, 149).

3.الانتخابات الرئاسية اليمنية لعام1999:

لقد قام الرئيس "علي عبدالله صالح" بتعديل دستور الجمهورية عام 1994؛ وذلك لإجراء انتخابات مباشرة لرئيس الدولة من قبل الشعب بشرط وجود مرشح آخر, وتحديد مدة سلطته بفترتين رئاسيتين فقط. وبناءً على ما نص عليه الدستور بخصوص انتخابات الرئاسة، فتحت هيئة رئاسة مجلس النواب بتاريخ 4 تموز عام 1999 باب الترشيح لمنصب رئيس الجمهورية، وقد تقدم (24) مواطنا لطلب الترشيح منهم حزبيون ومستقلون، لكن لم يحظ بتزكية مجلس النواب سوى مرشحين هما علي عبد الله صالح مرشح المؤتمر الشعبي العام والتجمع اليمني للإصلاح، وأحزاب المجلس الوطني للمعارضة، ونجيب قحطان الشعبي المرشح المستقل، وبناءً على ذلك يكون كل من علي عبد الله صالح ونجيب قحطان الشعبي قد حظي بثقة وتزكية مجلس النواب لخوض الانتخابات الرئاسية في ظل التنافس الحر الذي لم يشهده الشعب اليمني في تاريخة (الأصبحي، 1999، 12).
وقد جرت هذه الانتخابات في ظل ظروف شهدتها الساحة السياسية اليمنية، ومنها التوتر السياسي الحاد بين الحكومة وأحزاب المعارضة، فقد رفض مجلس النواب ترشيح منافسين آخرين للرئيس علي عبد الله صالح غير نجيب قحطان؛ لذلك أعلن الحزب الاشتراكي مقاطعته للانتخابات، بالإضافة إلى مقاطعة أحزاب أخرى منها أحزاب مجلس التنسيق الأعلى المعارض، بعد إسقاط مرشحها علي صالح عباد مقبل (شطيف.2013, 131, 134)، كما جرت هذه الانتخابات في ظل تصاعد ظاهرة العنف، فقد اتهمت الحكومة أحزاب المعارضة وقبائل معينة بأنها وراء ذلك. وكما أن الانتخابات لم تجذب اهتمامًا كبيرًا في الشارع اليمني، لوجود ما يشبه اليقين بفوز علي عبد الله صالح، وبالرغم من ذلك فقد جرت الانتخابات، وأسفرت عن فوز الرئيس علي عبد الله صالح بـ (ــ3,445,608 ) صوتًا من إجمالي أصوات الناخبين البالغ عددهم (3,577,960) مشاركًا، ما نسبته (96,3) ( الفرح , 2005, 266). وفي هذا الصدد فقد كرست الانتخابات الرئاسية في اليمن ـ ولو على مستوى الشكل ـ ظاهرة التنافس على قمة السلطة في سبيل تداولها، بعد أن كانت حكرًا على شخص واحد. وهذا مؤشر على أن اليمن قد دخل مرحلة جديدة على صعيد التحول الديمقراطي. وبذلك فإن التجربة اليمنية التي أقرت العمل بمبدأ التعددية السياسية، واتجهت إلى التنافس على رئاسة الدولة، ما زالت بحاجة إلى إطار قانوني دستوري أكثر انفتاحًا، والذي يزيد من التنافس على النحو الذي يجعل من التعددية السياسية، وتداول السلطة مؤشرين حقيقيين على التوجه الديمقراطي (صالح، 1993، 169-171).

المرحلة الثانية 2000- 2012م:
بدأت المرحلة الثانية في عام 2000م بعد أن استقر النظام الحاكم في اليمن في السلطة عن طريق الانتخابات، وأخذ يسعى لتحديث وإصلاح النظام السياسي وذلك من خلال ما يلي:
أولاً: التعديلات الدستورية لعام 2001م:
بدأت فكرة هذه التعديلات بتسريب خبر لوسائل الإعلام الخارجية حول إجرائها، فأوجدت جدلاً واسعاً حول علم المعارضة فيها ومواقفها من هذه التعديلات، ووسط جدل الشارع اليمني تم طرح التعديلات من رئاسة الجمهورية وعرضها على مجلس النواب في شهر آب عام 2000م، قوبلت بمعارضة كبيرة من الأحزاب، وكان أكبر معارضتها على استحداث مجلس شورى يُشارك مجلس النواب في اختصاصه مُعتبرة ذلك ردة عن الديمقراطية وتكريسًا للاستبداد واحتكارًا للسلطة وللقرار السياسي (عبد السلام، 2008، 48-49)، ورغم ذلك، أجري في العشرين من شباط 2001م الاستفتاء الشعبي العام على التعديلات الدستورية بالتزامن مع أول انتخابات محلية تشهدها الجمهورية اليمنية، وقد بلغ إجمالي الناخبين الذين أدلوا بأصواتهم (2,768,587) ناخباً وناخبة، وكان إجمالي عدد الأصوات الصحيحة (2,607,307) صوتًا في حين أن عدد الأصوات الباطلة بلغ (161,280) صوتاً، وقد أعلنت اللجنة العليا للانتخابات النتائج النهائية للاستفتاء العام على التعديلات الدستورية والتي جاءت على النحو الآتي: الذين صوتوا بالموافقة على التعديلات الدستورية (2,018,527) ناخبًا و ناخبة أي بنسبة (72,91%) للذين أدلوا بأصواتهم، والذين صوتوا بالمعارضة على التعديلات الدستورية (588,780) ناخبًا و ناخبة أي بنسبة (21,27%) للذين أدلوا بأصواتهم (مجلة 14 أكتوبر ، ع 13764، 2007م).
وفي الحقيقة، فإن نظام الحكم الذي جاء به الدستور اليمني لسنة 2001م، هو في الواقع نظام دستوري ديمقراطي؛ لأنه يقوم على المبادئ الديمقراطية المُتفق عليها في القانون الدستوري، ومن مظاهر ديمقراطية نظام الحكم اليمني حسب هذا الدستور (البخيتي، 2009، 85-87):
  • النص الدستوري على مبدأ سيادة الشعب، بمعنى أن الشعب هو صاحب السيادة الأصلي وهو مصدر السلطات، فقد نصت المادة الرابعة من هذا الدستور على أن "الشعب مالك السلطة ومصدرها".
  • أخذ الدستور بمبدأ الفصل بين السلطات ليضمن منع الاستبداد وتحقيق الديمقراطية، وتحقيق الدولة القانونية وتطبيق مبدأ التخصص الوظيفي، ويبدو ذلك من خلال تنظيم الدستور للسلطات العامة في الباب الثالث منه، فالسلطة التشريعية يتولاها مجلس النواب وذلك بحسب المادة (62) القاضية بأن "مجلس النواب هو السلطة التشريعية للدولة"، والسلطة التنفيذية يتولاها رئيس الجمهورية ومجلس الوزراء، فقد نصت المادة (105) من الدستور على أن "يمارس السلطة التنفيذية نيابة عن الشعب رئيس الجمهورية ومجلس الوزراء ضمن الحدود المنصوص عليها في الدستور، أما السلطة القضائية، فهي سلطة مستقلة تتولاها المحاكم وفقًا للقانون، فتنص المادة (149) من الدستور على أن "القضاء سلطة مستقلة قضائياً وماليًا وإداريًا، والنيابة العامة هيئة من هيئاته، وتتولى المحاكم الفصل في جميع المنازعات والجرائم".
  • تقرير الحقوق والحريات العامة الأساسية للأفراد، وهو أيضاً أحد المبادئ الأساسية للنظام الديمقراطي، وقد ورد النص عليها في الباب الثاني من دستور 2001.
ثانياً: الانتخابات البرلمانية لعام 2003م:






حمل المرجع كاملاً من المرفقات
المصدر: ملتقى شذرات

الملفات المرفقة
نوع الملف: doc 1949.doc‏ (245.5 كيلوبايت, المشاهدات 15)
__________________
(اللهم {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} (البقرة:201)
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
1990, 2012, التحولات, اليمن, السياسية, الفرص, إشكالية, والتحديات


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
أدوات الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع إشكالية التحولات السياسية في اليمن .. الفرص والتحديات 1990 / 2012
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
تساؤلات الأزمة السياسية في اليمن عبدالناصر محمود مقالات وتحليلات مختارة 0 02-11-2015 09:02 AM
الفرص الصهيونية من المصالحة الفلسطينية عبدالناصر محمود أخبار الكيان الصهيوني 0 06-30-2014 09:40 AM
مجلس الأمن يتوعد بمعاقبة من يعرقلون العملية السياسية في اليمن عبدالناصر محمود أخبار عربية وعالمية 0 01-30-2014 08:13 AM
دور الحكومة الالكترونية في رفع كفاءة الإدارة المحلية وتفعيل المشاركة الشعبية في ظل التنظيمات البيروقراطية في الدول النامية: الفرص والتحديات Eng.Jordan بحوث ودراسات منوعة 0 03-09-2013 06:32 PM
التطور التاريخي لسياسة التفرقة العنصرية في جنوب أفريقيا 1652-1990 Eng.Jordan بحوث ودراسات منوعة 0 11-11-2012 01:45 PM

   
|
 
 

  sitemap 

 


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 09:36 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59