|
مقالات وتحليلات مختارة مقالات ..تقارير صحفية .. تحليلات وآراء ، مقابلات صحفية منقولة من مختلف المصادر |
|
أدوات الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
تحليل حول اتفاقيات ايران امريكا السرية والعلنية
إيران وأمريكا: تفاهمات إقليمية وراء الصفقة النووية؟ بقلم سعد محيو - بيروت "يقوم أحدهم بسرقة سترة بذلتك، فتصرُخ مطالباً باستعادتها، لكن اللِّص يسرِق حينها قبّعتك، فتواصل القِتال من أجل استِعادة السّترة، لكنك لا تحصل سوى على القبّعة. وحينها، ستنسى سترتك ولماذا كُنت تُقاتل في المقام الأول". هكذا أطلَّ حسين شريعتمداري، رئيس تحرير صحيفة كيهان الإيرانية المحافظة، على الصّفقة النووية الإيرانية - الغربية: فمن وجهة نظره فإن الغرب يسرق حقوق إيران النووية، ثم يتفاوَض على بعض هذه السّرقات. وهذا ما جعل إيران، برأيه، تفقِد زِمام المبادرة في المفاوضات. بالطبع، هذا الموقف الذي ربما يعبِّـر عن رأي المُعسكر المحافِظ الإيراني، وفي مقدّمته قطاعات واسعة من الحرس الثوري الإيراني، التي كانت تثرى من العقوبات الدولية المفروضة على إيران، يتناقَض حرفاً بحرْف مع أناشيد النصر، التي تَـغنّى بها الرئيس روحاني ورحّب بها المرشد خامنئي، اللّذان اعتبرا أن إيران حقّقت نصراً باهراً في هذه الصفقة، لأن الغرب اعترف فيها بالدولة الإيرانية كقوّة نووية ولأنها (أي الصفقة) "كسرت ظهر العقوبات عليها". مَـن على حقّ؟ الحقيقة تبدو في منزِلة بين منزليْن في هذين الموقفيْن. فإيران قدّمت بالفعل في هذا الإتفاق المؤقّت، الذي سيدوم ستة أشهر (هذا إذا لم يتحوّل المؤقّت إلى دائم)، تنازُلات جمّة، ليس فقط على صعيد وقْف تخصيب اليورانيوم بأكثر من 5% و"تحييد" مخزونها من اليورانيوم المخصّب بمعدّل 20% والحد من أجهزة الطّرد المركزي ووقف العمل في مُفاعل أراك للمِياه الثقيلة، بل أولاً وأساساً، في قبول إجراءات التفتيش الدولي بشكل يومي في كل منشآتها النووية. وهذا في مقابل رفْعٍ "مؤقّتٍ وجُزئي وقابلٍ للإلغاء" للعقوبات الدولية، وهذا ما يعزِّز وجهة نظر المحافظين الإيرانيين، بأن الغرب يبيع إيران ما يسرِق منها. لكن في المقابل، خامنئي وروحاني على حقّ أيضا. فالصفقة تترُك بالفعل كلّ البُنى التحتية النووية الإيرانية كما هي وبلا خدوش، الأمر الذي لن يُعيق اندِفاعة إيران لحِيازة السِّلاح النووي بأكثر من شهر أو أقل، إذا ما قرّرت ذلك، في الوقت الذي تبدأ فيه هي بتقويض كلّ نظام العقوبات الدّقيق الذي أنفقت الولايات المتحدة سنوات طِوال في إشادته لبنة لبنة. وفوق هذا وذاك، وحتى لو توصّلت إيران والدول الخمس زائد واحد إلى اتِّفاق نهائي في نهاية الأشهر الستّة، يقفل نهائياً ملفّها النووي، فإن كمّاً هائلاً من المصادِر الغربية والشرقية تؤكِّد أنها امتلكت بالفعل المعرفة النووية (Know- how) وباتت قادِرة في أي وقت على صناعة القُنبلة خلال أسابيع. الآن، طالما الصورة على هذا النّحو وطالما أن الصفقة، الآنية المؤقّتة واللاحقة "الدائمة"، مهدّدة في أيّ وقت بالانهيار، إما بفعل مُقاومة الداخل الإيراني (الحرس الثوري) والأمريكي (الكونغرس) أو مُمانعة الخارج الإسرائيلي والسعودي والتركي والمصري. فلماذا كل هذه الحماسة الغربية والإيرانية لوصْف هذه الصّفقة بأنها "إنجاز تاريخي" وليس "خطأ تاريخي"، حسب وصف بنيامين نتانياهو؟ ببساطة، لأنها تحمِل في طيّاتِـها فُـرص إبرام "تفاهم تاريخي" بين واشنطن وطهران، لا يكون فيه الإتفاق النووي سوى جزء من كلٍ أكثر تعقيدا. بكلمات أوضح، يبدو أن الصفقة النووية، في حال سار كل شيء على ما يُرام ولم تنسِفها الألغام الكثيرة المزروعة على طريقها، ستعطي أمريكا فرصة إعادة دمْج إيران في النظام الدولي، كدولة طبيعية لا مارقة وِفق شروطها، وستعطي إيران، ليس فقط طوْق النّجاة من الإنهيار الإقتصادي - الإجتماعي وحسب، بل أيضاً دوراً إقليمياً مُعترفاً به دوليا. وإذا ما توصّل الطرفان إلى مثل هذه "الصّفقة الكبرى"، سيكون الشرق الأوسط على موعِد بالفعل مع نظام إقليمي جديد وتحالفات دولية – إقليمية، قد لا تخطر الآن على بال أحد. لكن، دون هذه المُحصِّلة التاريخية، تقف عقبات تاريخية كبرى تبدأ بقبول إيران بأن تغيِّـر نِظامها نفسه بنفسها من خلال تغيير أيديولوجيتها وموقِفها من الدولة العِبرية وحزب الله اللبناني، وأن ترحِّب بها إسرائيل وباقي دول المِنطقة كطرف رئيس في نظام إقليمي عتيد. حقائق جديدة هذا ما يبدو الآن تفكيراً رغائبياً في بعض طهران وبعض واشنطن، وأحلاماً كابوسية في تل أبيب والرياض والقاهرة. بيْد أن هذه الرغائبية وتلك الأحلام الكابوسية، لا تلغي بالضرورة الحقيقة بأن طهران وواشنطن قطعتا شوْطاً بعيداً في مجاليْن: العمل على وقْف الحرب الأيديولوجية المتواصلة بينهما منذ انتِصار الثورة الإسلامية الإيرانية في فبراير 1979 وبدء البحث في المصالح الإقتصادية والإستراتيجية المُتبادلة، انطلاقاً من احتمال تحوّل إيران (بعد الصفقة مع "الشيطان الأكبر") من دولة ثورية وأيديولوجية، مراجعة ورافضة للأمر الواقع الإقليمي والدولي، إلى دولة "عادِية" تعمل على الإندماج في النظام العالمي الذي صكّته الولايات المتحدة غَـداة الحرب العالمية الثانية. المؤشرات على هذا التطوّر لم تحدُث فقط في مفاوضات جنيف الأخيرة، بل في المحادثات السرية بين الطرفيْن، التي كُـشِف النِّقاب رسمياً عنها مؤخراً، والتي بدأت في وقت مبكّر من شهر مارس 2013 في عُـمان، ويقال أيضاً في عواصم أوروبية أخرى. فهذه المحادثات، هي التي بلْـورت في الواقع صَفقة جنيف النووية، ثم طُلِب من الدول الكُبرى الأخرى (إضافة إلى إسرائيل)، الموافقة عليها. والسؤال الأهم الذي يفرِض نفسه هنا هو: هل كان في مقدور هذه المفاوضات السرية أن تتوصّل إلى هذه الصفقة الكُبرى في المجال النووي، من دون أن يجري البحث أيضاً في "الهموم المحلية والإقليمية المشتركة" لكِلا الطرفيْن، الأمريكي والإيراني؟ الجواب هنا قد يكون سريعاً وقاطعا: كلاّ. لماذا؟ لأن مثل هذه الصّفقة لم تكُن لترَى النور، لو لم يحصل النظام الإيراني على ضمانات واضحة بأن الولايات المتحدة لن تعمل على تغيير النظام فيه، في مقابل وضع القيود والحدود على برنامجها النووي الذي تحوّل إلى قضية إجماع قومي من الدرجة الأولى في إيران، وما لم يحدّد الطرفان أيضاً القضايا الخلافية الإقليمية التي تهدِّد بنسْف أي اتفاق نووي. في هذا السياق، تؤكّد مصادِر دبلوماسية غربية، أن بيل بيرنز وجايك سوليفان، المفاوضان السريِّان الأمريكيان في عُمان، حملا رسائل شخصية من الرئيس أوباما تتضمّن التعهّد ضمَناً بعدَم العمل على تغيير النظام الإيراني. وفي المقابل، كان المفاوضون الإيرانيون يتحدّثون عن استعداد بلادهم لممارسة نفوذها في سبيل نزْع فتيل بعض القضايا الإقليمية المتفجِّرة، التي قد تُـهدِّد بنسْف الصفقة النووية. وفي طليعة هذه القضايا، الأزمة السورية، التي باتت إيران تمسك فيها مُعظم مفاصِل القرار في النظام السوري المُعتمد عليها كلياً، مالياً وعسكرياً ولوجستيا. كُوّة أمل في نهاية النفق؟ وعلى رغم أنه لم يرشح شيء عن طبيعة التفاهمات المحتملة بين الطرفين حِيال هذه الأزمة، إلا أنه كان واضحاً أنهما يرغبان بقوّة في إيجاد حلٍّ وسط لا يقتل الناطور (النظام السوري) ولا يُفني الغنم (المعارضة السورية): إيران، لأن هذه الأزمة تحوّلت بالنسبة إليها إلى ما يشبه الثُّـقب الأسود في الفضاء الذي يمتصّ موارد هائلة منها (تقدّر بعض المصادر الموثوقة التكاليف الإيرانية بأكثر من 20 مليار دولار سنويا)، وأمريكا، لأنها لا تريد أن تتورّط في هذه الأزمة، ممّا قد يشغلها عن التركيز على الإصلاحات الداخلية وعلى تنفيذ استراتيجية الإستِدارة شرقاً نحو شرق وجنوب شرق آسيا (Pivot). لا، أكثر من ذلك، إذ تكشف مصادِر دبلوماسية غربية مُـطّلعة في بيروت، النِّـقاب عن أنها عرفت الآن سِرّ تراجُع الرئيس أوباما في اللحظة الأخيرة عن توجيه ضربة إلى سوريا، وهو أن مثل هذه الضربة كانت قد تُسفِـر عن عرْقلة أو حتى وقْف التقدّم في المفاوضات السرية مع إيران، وهذا بدوره يُعزِّز الإعتقاد بأن طهران وواشنطن قادِرتان بالفعل على العثور على قواسم مشتركة حِيال الأزمة السورية، هذا إذا لم يكونا قد توصّلا بالفعل إليها في عُمان، تتعلق أساساً بإنهاء الحرب وضرْب الحركات الأصولية والجهادية وتطوير النظام السوري. علاوة على ذلك، جاء الإعلان عن تحديد موعِد مؤتمر جنيف - 2 السوري، بعد يوم واحد من نجاح جنيف -1 النووي الإيراني، ليُثبت وجود رابط واضح بين هذين المؤتمرين (نجاحاً أو فشلا)، خاصة وأن المفاوضين الإيرانيين في جنيف النووية، كانوا يشاركون أيضاً من وراء الكواليس في الإتصالات حول جنيف السوري. بالطبع، لا يعني احتمال وجود تفاهُمات سرية أمريكية - إيرانية حول جنيف - 2 السوري، أن نجاح هذا الأخير بات مضمونا، إذ لا تزال دونه عقبات جمّة، تبدأ باستمرار رفْض السعودية لأي مشاركة إيرانية في الحلّ السوري وتَـواصُل الخلافات في صفوف المعارضة السورية المُنقسِمة بشدّة على نفسها حول جنيف - 2، وتمنّع النظام السوري عن قبول تشكيل الحكومة الإنتقالية وتسليم السلطة، اللذين نصّ عليهما اتفاق جنيف - 1. هذا فضلاً عن استمرار النظام والمعارضة على المراهنة على نجاح الخِيار العسكري. لكن، ومع ذلك، فإن بروز ملامِح اتفاق إيراني - أمريكي وقبله اتفاق روسي – أمريكي، على ضرورة إغلاق ملفّ الحرب السورية، يفتح ولو بعض الأبواب والنوافذ التي كانت مُغلقة بإحكام طيلة السنوات الثلاث الماضية أمام أيّ احتمال لوقْف المذبحة السورية المفتوحة. وعلى أي حال، يمكن القول أن المسألة السورية (ومعها دور حزب الله اللبناني في سوريا وبلاد الأرز)، ستكون المُختبر الرئيسي لاستطلاع المدى الذي وصلت إليه المفاوضات السرية الأمريكية - الإيرانية حيال القضايا الإقليمية، كجزء يُفترض أن لا يتجزّأ من التفاهُمات التي أنجبت الصّفقة النووية. تقارب واشنطن وطهران يُغيِّـر موازين القوى في الشرق الأوسط المصدر: ملتقى شذرات
__________________
(اللهم {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} (البقرة:201) |
العلامات المرجعية |
الكلمات الدلالية (Tags) |
امريكا, السرية, اتفاقيات, ايران, تحميل, إيراني, والعلنية, كاتب |
يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف) | |
|
|
المواضيع المتشابهه للموضوع تحليل حول اتفاقيات ايران امريكا السرية والعلنية | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
إثيوبيا توقع اتفاقيات عسكرية تحسبا لهجوم على "سد النهضة" | عبدالناصر محمود | أخبار عربية وعالمية | 0 | 04-21-2014 07:37 AM |
القدس في اتفاقيات السلام والثوابت الإسرائيلية | عبدالناصر محمود | مقالات وتحليلات مختارة | 0 | 02-05-2014 08:08 AM |
اتفاقيات الغاز في عهد المخلوع جعل حصة مصر من الغاز المستخرج من أرضها صفر | عبدالناصر محمود | أخبار منوعة | 0 | 06-07-2013 06:22 AM |
اتفاقيات السلام باتت على المحك | عبدالناصر محمود | أخبار الكيان الصهيوني | 0 | 05-28-2013 09:49 AM |
اتفاقيات التقسيم السرية | Eng.Jordan | رواق الثقافة | 0 | 03-20-2012 03:28 PM |