#1  
قديم 11-07-2017, 02:48 PM
الصورة الرمزية Eng.Jordan
Eng.Jordan غير متواجد حالياً
إدارة الموقع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: الأردن
المشاركات: 25,372
افتراضي التجربة التنموية الماليزية والدروس المستفادة منها عربياً


التجربة التنموية الماليزية والدروس المستفادة منها عربياً
علي احمد درج


حمل المرجع كاملاً من المرفقات


جامعة الانبار/ كلية الادارة والاقتصاد
Darajali83@yahoo.com
الخلاصة
التجربة الماليزية في التنمية تعد من التجارب التي تمتاز بخصوصيتها واهميتها بالنسبة لدول العالم الثالث والتي يمكن السير على خطاها للتخلص من التخلف والتبعية الاقتصادية,فدولة ماليزيا نهضت نهوضا كبيرا في المجال الاقتصادي خلال الاربعة عقود الماضية,فقد استطاعت التوفيق بين اتجاهين:
الاول:الاندماج في اقتصاديات العولمة.
الثاني:الاحتفاظ بنهج الاقتصاد الوطني.
فقد تحولت من بلد يعتمد على تصدير المواد الاولية البسيطة الى اكبر مصدر للسلع والتقنيات الصناعية في جنوب شرق آسيا .
ان نهج ماليزيا الاقتصادي المتميز استطاع الخروج بها من الازمة الاقتصادية الخانقة التي عصفت بدول جنوب شرق آسيا عام (1997),اذ لم تخضع لصندوق النقد والبنك الدوليين لعلاج ازمتها بل عالجت ازمتها ومشكلتها الاقتصادية من خلال برنامج اقتصادي وطني متميز عمل على فرض قيود مشددة على سياسة البلاد النقدية والسير بشروطها الاقتصادية الوطنية وليس الاعتماد على الاخرين الذين يبغون استغلال ازمتها.
كانت ماليزيا قد ركزت على المبدأ الاسلامي الذي يجعل الانسان النشاط التنموي واداته, اذ اكدت على تمسكها بالقيم الاخلاقية والعدالة والمساواة الاقتصادية مع الاهتمام بتنمية الاغلبية المسلمة من السكان الاصليين من الملاويين وتشجيعهم على العمل بالقطاعات الانتاجية, ويعد فكر رئيس وزراء ماليزيا الاسبق (مهاتير محمد) الفكر التنموي المحفز لقيادة ماليزيا لتكون دولة صناعية متميزة على مستوى آسيا على اقل تقدير,وجسدت التجربة الماليزية قدرة الدولة شعبا وحكومة في الاعتماد على الذات ولم يتحقق ذلك الا بموجب توافر شرط الاستقرار السياسي والاجتماعي الذي كان الحافز الاساسي في التقدم الاقتصادي.
وعُدّ التنوع في المجتمع الماليزي مصدر اثراء لا هدم للعملية التنموية مع الاستفادة من التكتلات الاقليمية كمنظمة (اسيان) التي كانت قد اسهمت بتقوية الاقتصاد الماليزي ومنحتها مكانة في سلم الاقتصادات العالمية.
على الدول العربية ان تدرس تجربة ماليزيا دراسة معمقة ودقيقة في شتى المجالات سواء الجانب الصناعي والبشري وقطاع الصحة والتعليم....الخ للاستفادة منها في النهوض اقتصاديا وانتشال دولها من الواقع الاقتصادي المتردي مع ما تملك الاقطار العربية من موارد هائلة لا تملكها دولة في العالم وعليه ان تجربة ماليزيا التنموية اصبحت أنموذجاً يحتذى به لكل من اراد ان يلحق بركب التقدم.
الكلمات المفتاحية:التجربة الاسيوية،التجربة الماليزية،النمو الاسيوي، الفقر،الصراع، ماليزيا والعرب، ماليزيا واليابان.
Abstract
The Malaysian experience in the development is considered one of the experiences characterized by their privacy and importance in relation to the third world countries. It is that experience that we can follow to get rid of economic underdevelopment and dependence. The state of Malaysia got up a major pursuance in the economic field during the past four decades. Thus, it has been able to reconcile the two-way:
1. The integration (fusion) into the economics of globalization.
2. Keeping the approach of the regional economics by which Malaysia has been shifted from a country which is dependent on the export of simple raw materials to the biggest exporter of goods and industrial technologies in the area of South East Asia.
The economic distinguished approach of Malaysia has enabled it to get out of the economic crisis that hit the southeast of Asian countries in 1997. This results in that Malaysia has not been subjected to the international Monetary Fund and World Bank for the treatment of its crisis. Instead it addressed its economic crisis and problem considering a distinguished national economic program which is working on imposing strict rules on the monetary policy of state and following its economic conditions. Malaysia did not depend on the others who tried to make use of its crisis. It has focused on the Islamic principle that considers human beings the developmental activity and its tool. It confirmed to uphold the moral values and the economic justice and equality. Furthermore, it focused on paying more attention towards the development of Muslims- majority indigenous population represented by Malawians and encouraging them to work in the productive sectors. The thought of the former prime minister of Malaysia (Mahateer Mohammed) is considered the developmental thought that motivates the leadership of Malaysia to be distinctive industrial state at least at the level of Asia. The Malaysian experience embodied the ability of our government and its people to depend on their own, but that could not be achieved because of the social and political instability.
However, the diversity of the Malaysian society is considered a source of enrichment but not demolition to the developmental process.The benefit of the regional blocs as the Asian organization contributed so much to the strengthening of Malaysian economics. This made Malaysia occupy a position among the international economies.
Accordingly, the Arab countries must study such an experience as that of Malaysia accurately and deeply in all its different attitudes: industrial, humanitarian, and health and education sectors etc.The purpose of this study is to get benefit of such an experience in the promotion of economics and lift these countries from their deteriorating economic reality though they are rich with enormous resources not found in any country of the world. Finally, the developmental Malaysian experience became the most typical one that should be followed by Arab countries in developing their economies.
Keywords: Asain experience , Asian tiger , Combat ,poverty, Malaysian experience, Malysia and Arabs.
المقدمة
تعد التجربة الماليزية من التجارب التنموية الجديرة بالاهتمام والدراسة لما حققته من انجازات كبيرة يمكن ان تستفيد منها الدول النامية عامة والدول العربية بخاصة كي تنهض من التخلف والجمود والتبعية.
تعد ماليزيا دولة اسلامية ذات مقومات كبيرة حققت خلال العقود الاربعة الماضية قفزات هائلة في التنمية البشرية والاقتصادية اذ اصبحت الدولة الصناعية الاولى في العالم الاسلامي فضلا عن انها الاولى في مجال الصادرات والواردات في جنوب شرق اسيا، وتمكنت من تأسيس بنية تحتية متطورة فضلا عن تنويع مصادر دخلها القومي من الصناعة والزراعة والمعادن والنفط والسياحة وحققت تقدما في ميادين معالجة الفقر والبطالة والفساد وتخفيض نسب المديونية الى مديات كبيرة.
لقد استفادت ماليزيا من الانفتاح الاقتصادي الكبير على الخارج عبر اندماجها في اقتصاديات العولمة مع الحفاظ على ركائز تنمية اقتصادها الوطني،ونرى مظاهر التقدم واضحة من خلال تحولها من بلد يعتمد بشكل اساس على الزراعة الى بلد مصدر للسلع الصناعية والتقنية خاصة في مجال الصناعات الكهربائية والالكترونية،فتقرير التنمية البشرية الصادر عن البرنامج الانمائي للأمم المتحدة لعام(2001) الذي رصد اهم الدول المصدرة للتقنية في العالم وكانت ماليزيا في المرتبة التاسعة متقدمة بذلك على كل من ايطاليا والسويد ،كما كانت تجربتها الفائقة النجاح في مواجهة الازمة الاقتصادية لعام (1997) والتي واجهت دول جنوب شرق اسيا برمتها خير دليل على البرنامج الناجح الذي انتهجته من خلال التزامها بتنفيذ خطة عمل وطنية فرضت من خلالها قيودا مشددة على سياستها النقدية واعطت البنك المركزي صلاحيات واسعة لتنفيذ خطة طوارئ لمواجهة هروب رأس المال و*** النقد الاجنبي الى الداخل،واستطاعت ماليزيا الخروج من ازمتها المالية خلال سنتين فقط.
اهمية البحث
ان سر نهضة ماليزيا تنمويا يكمن في عقول ابنائها وسواعدهم يقودها في ذلك قيادة وطنية حكيمة تتمثل بفكر رئيس وزرائها الاسبق(مهاتير محمد) ويعتبر الفكر التنموي محفز لقيادة ماليزيا وقد كان ثمار ذلك ان حققت اقتصاداً قويا وبمعدلات متسارعة من النمو فاقت بها اكثر البلدان تقدما حتى اطلق عليها(النمور الاسيوية) واصبحت مثلا يحتذى به لكل من اراد ان يلحق بركب التقدم.....وتكون مثلا ممكن ان تحتذي به الدول العربية.
فرضية البحث:ان الفرضية قوامها.....ان وجود قادة الفكر التنموي في ماليزيا مكنها من الوصول الى المستوى المرموق الذي تمتاز به،اذ وجد هذا الفكر قاعدة للتطبيق في البلاد فضلا عن الاعتماد على قيم الاسلام النبيلة وجعلها سلوكا يوميا للتعامل مما دفعها للتقدم في الداخل والخارج متظافرة مع القيم الاسيوية، اذا النموذج الاقتصادي التنموي الماليزي اضحى نموذجا يشار له بالبنان وهو يحتذي بالنموذج الياباني في التنمية.....ويمكن الاستفادة من تلك التجربة عربيا للنهوض باقتصاداتها من الجمود والتخلف والتبعية.
هدف البحث:يهدف البحث الى بيان ودراسة وتحليل التجربة التنموية في ماليزيا على مستوى الانشطة الاقتصادية المختلفة وبيان واقع الاقتصاد الماليزي قبل وبعد تجربة التنمية وامكانية الاستفادة منها عربيا وذلك لأثبات فرضية البحث.
هيكلية البحث:قسم البحث الى محورين اساسيين تناول الاول منهما التجربة التنموية الماليزية وتضمن واقع الاقتصاد الماليزي قبل وبعد التجربة وتضمن ايضا البرامج التنموية الماليزية اضافة الى عوامل نجاح التجربة الصناعية في ماليزيا وتناول ايضا الاستثمار الاجنبي المباشر في ماليزيا وتضمن ايضا التنمية البشرية في ماليزيا من حيث التعليم والصحة، اما المحور الثاني ركز على اهم الدروس المستفادة عربيا من التجربة التنموية الماليزية.
المحور الأول:- التجربة التنموية الماليزية.....
اولاً:- واقع الاقتصاد الماليزي قبل وبعد عملية التنمية
1- واقع الاقتصاد الماليزي قبل الشروع بعملية التنمية
لم يكن لماليزيا وجود كدولة موحدة حتى عام (1963) اذ شهدت السنوات الاولى من الاستقلال نزاعاً مع اندونيسيا كما خرجت سنغافورا من هذا التوحيد عام (1965) وشهدت صراعات عرقية و أعمال شغب عرقية في عام(1969).(جريدة المدى اليومية،22-8-2011).
كان الاقتصاد الماليزي بسيط جداً اذ اكتشف القصدير في ماليزيا في القرن السابع عشر عند استحواذ بريطانيا على الأراضي الماليزية اذ باشروا بزراعة شجر المطاط (الذي يستخرج منه المطاط الطبيعي) وشجر النخيل (لاستخراج زيت النخيل) كباقي المستعمرات البريطانية في المنطقة, ومع مرور الزمن الى عهد ليس ببعيد اصبحت ماليزيا مصدره لهذه السلع الثلاثة.
كان النظام الذي ورثته ماليزيا من بريطانياً قسم الشعب الى ثلاثة أقسام.(www.knlogoolo.com)
1- الصينيون:الذين يمتهنون الزراعة والصناعة وهم اغنى طبقة في المجتمع الماليزي.
2-الهنود: ويمتهنون الزراعة والطب والتعليم وهم اقل مستوى من الصينيين.
3-الشعب الأصلي (البوميبترا): وكانوا يعيشون في قرى شعبية ومهنتهم الزراعة وهم الاكثر فقراً .
وضعت أحدى الدراسات الاحصائية ان نسبة السكان تحت خط الفقر في حدود(75%)من السكان,ومع سير البلد نحو الاستقلال بدأت الحكومة بتنفيذ الخطة الاقتصادية الخمسية لتنفذ عام (1965)، بعد أن جاءت أول حكومة وطنيه لتحكم ماليزيا.
2- واقع الاقتصاد الماليزي بعد عملية التنمية:بدأت ماليزيا في السبعينات بتقليد اقتصادات النمور الأسيوية, وألزمت نفسها بالانتقال من كونها تعتمد على الزراعة والتعدين الى اقتصاد يعتمد على التصنيع والتصدير. ومع وجود حكومة وطنية مؤمنة بالتغيير والتي تمثلت بجهود رئيس وزراء ماليزيا (محمد مهاتير) الذي قاد ماليزيا نحو التطور فلم تأتي تجربة ماليزيا الحضارية والتكنلوجية والاقتصادية من فراغ بل هي نتيجة لجهود القيادة الماليزيه فاستفادت من تجارب غيرها في التنمية فعلى سبيل المثال لم تدع التجربه اليابانية على اختلاف مراحلها دون الاستفادة منها وتجنب الوقوع في الاخطاء التي رافقت النهضة الصناعية الكبرى في اليابان ولم تكتفي ماليزيا بالاتجاه شرقاً بل اتجهت غرباً للاستفادة من التجارب الصناعية الكبيرة والطويلة لتلك الدول.
ان عملية التنمية في ماليزيا كان لها تخطيط دقيق ونظرة بعيدة المدى كما وان لها عوامل اقتصادية وسياسية ساعدت على نجاحها وهي:(الصاوي،2002:56).
أ‌-المناخ السياسي لدولة ماليزيا اذ ان الظروف السياسية ملائمة للتنمية الاقتصادية اذ انها لم تتعرض لانقلابات عسكرية والقادة السياسيين مؤمنين بالتغير والاصلاح.
ب‌-تتمتع ماليزيا بديمقراطية عالية إذ إن الأحزاب السياسية قائمة على أساس عرقي اذ تتخذ القرارات دائما ًمن خلال المفاوضات.
ت‌-توجه ماليزيا تمويلها نحو التنمية بشكل اساسي بدلاً من انفاقه على التسلح,اذ ان ماليزيا صديقة لكل الدول و تتجنب المشاكل لكي لا تعيق تقدمها.
ث‌-رفض الحكومة الماليزية تخفيض النفقات المخصصة لمشروعات البنية التحتية والتي هي سبيل الاقتصاد الى نمو مستقر في السنوات المقبلة.
ج‌-انتهجت ماليزيا استراتيجيه تعتمد على الذات بدرجة كبيرة من خلال الاعتماد على السكان الاصليين الذين هم الأغلبية.
ح‌-اهتمام ماليزيا بتحسن المؤشرات الاجتماعية لراس المال البشري,من خلال تحسين الاحوال المعيشية والتعليمية والصحية للسكان الاصليين.
خ‌-اعتماد ماليزيا على الموارد الداخلية بشكل كبير من خلال توفير رؤوس الاموال اللازمة لتمويل الاستثمارات اذ ارتفع الدخل المحلي الاجمالي بنسبة(40%) بين سنة(1970وسنة1993),كما ارتفع الاستثمار المحلي الاجمالي بنسبة (50%) خلال الفترة نفسها.
د‌-التعامل مع الاستثمار الاجنبي بشكل يعود لها بمنافع عديدة واستفادة كبيرة من خلال شروط تحليلية تصب في صالح الاقتصاد الوطني الماليزي .
ذ‌-وجود درجة عالية من التنوع في البنية الصناعية وتغطيتها لمعظم فروع النشاط الصناعي (الصناعات الاستهلاكية - الرأسمالية - الوسيطة) وكان هذا بمثابة نجاح لسياسات التنمية في ماليزيا اذ اعتبر سببا ونتيجة في نفس الوقت.
ثانيا:- البرامج التنموية الماليزية:جاءت التنمية في ماليزيا ببرامج انمائية في سبيل تطوير الموارد البشرية أولاً والاقتصادية ثانياً فوضعت برامجها بشكل يعطي دفعة قوية للاقتصاد,فعالجت الفقر والجهل وحسنت الصحة والتعليم وطورت القطاعات الاقتصادية الزراعية منها و الصناعية وكذلك الخدمية ذلك للوصول الى رؤيا(2020) وهي الرؤيا التي وضعها رئيس الوزراء (مهاتير محمد) التي تقدم رؤيا وطنية للنمو الماليزي اذ يحاولون الوصول في(2020) الى ما وصلت اليه الدول الصناعية المتقدمة.
ومن الجدير بالذكر ان ما وصلت اليه ماليزيا هو بتدبير وحسن قيادة الدولة المتمثلة بـ (مهاتير محمد) الذي قادها في الفترة (1981-2003) اذ كانت سياسته فعالة وجديرة بالثقة,فمنذ البدايات الاولى لنشاطه السياسي والحزبي مهمته انقاذ شعبه ومواطنيه من الجهل والفقر والتخلف,فلم تكن مهمته سهلة اذ ورث مجتمع متعدد الأعراق والثقافات أبرزهم المسلمون والصينيون والهنود,فعمل على تحقيق التوازن الاجتماعي والعرقي والنهوض بالسكان الاصليين (الملاويين)الذين هم أكثر السكان فقراً وجهلاً ,ومع الانطلاقة الاولى من مرحلة التغيير بدأ بتنفيذ أفكاره على ارض الواقع, فتغيرت الكثير من المؤشرات اذ (كانت نسبة الأمية 36% وأصبحت 6%,وتبلغ نسبة التعليم في ماليزيا اكثر من 94% اذ تحتفظ أكثر من 11 جامعة حكومية و13 جامعة اهلية و600 كلية حكومية واهلية ومعاهد تقنية ).(عبد الوهاب،2003: 18).
وجاءت أزمة (1997) التي ضربت دول جنوب شرق اسيا ومنها ماليزيا، هذه الكارثة المالية كانت اختبار حقيقي لما أنجزه (مهاتير محمد)،اذ لم يهتم بتحذيرات الصندوق والبنك الدوليين اذ عالجت ماليزيا هذه الأزمة بأجندات وطنية فرضت من خلالها قيود على سياستها النقدية ,من خلال اشراف البنك المركزي على دخول وخروج النقد الاجنبي اذ ضيقت الخناق على خروجه بينما عملت على جذبه, وبذلك خرجت ماليزيا من الأزمة خلال سنتين لتواصل مسيرتها في التنمية بالشروط الوطنية, بينما عانت دول مثل اندونيسيا وتايلاند كثيراً من خلال رضوخهم لتعليمات صندوق النقد والبنك الدوليين،اذ رفضت ماليزيا اقتراحاتهم ومساعداتهم وشقت طريقها نحو التنمية الصحيحة من خلال ثقة وحنكة السياسيين.
واصل (مهاتير محمد) وعلى مدى (22) سنة من حكمه على رص صفوف الشعب والمحافظة على توحيدهم فلا نبالغ اذا اطلق عليه "أب الوحدة الماليزية"اذ اعتنى بكل شبر من الوطن وبكل فرد منهم فكانت مشاريع التنمية تشمل كل الولايات والطوائف لتكون التجربة الماليزية نموذجاً يحتذى به في الدول العربية والاسلامية.(عبد الواحد,2003: 12).
1- الفقر والجهل سلاح ضد التنمية:تعتبر تجربة مكافحة الفقر في ماليزيا من ابرز التجارب التي تكللت بالنجاح في دول العالم الاسلامي فقد استطاعت ماليزيا خلال ثلاثة عقود (1970-2000) تخفيض معدل الفقر من (52,4%- 5,5%) أي ان عدد الاسر الفقيرة انخفضت بنسبة عشرة أضعاف مما كانت عليه،اذ كان التفاوت الكبير في الدخول ,وعدم العدالة في توزيع الثروة سبب في وقوع اشتباكات دامية بين الملايو والصينيين في مايو1969,وبذالك ساهمت جهود تقليل الفقر في تقليل التوترات العرقية وترسيخ الاستقرار السياسي والاجتماعي والازدهار الاقتصادي, اذ كانت فلسفة ماليزيا في القضاء على الفقر هي"ان النمو الاقتصادي يقود الى المساواة في الدخل"، وعليه ان مكاسب التطور الاقتصادي يجب أن تنعكس ايجابا على المواطنين في تحسين حياتهم المعاشيه وتحسين الخدمات الصحية والتعليمية وتوفير الأمن واتخذت في هذا الجانب اتجاهين:(مركز الكوثر لمقاومة الفقرwww.siironline.org-)
الاول:السياسات والتوجهات في مكافحة الفقر......والتي وضعت جراء الاشتباكات العرقية الدامية وركزت على هدفين الأول تقليل الفقر والثاني اعادة هيكلية المجتمع،ووجدت هذه السياسة استراتيجيات معينه لتقليل الفقر مثل زيادة امتلاك الفقراء للأراضي ورفع مستويات تدريب العماله وزيادة الرفاهيه العامه وتم التركيز على تحسين الزياده النوعيه والكميه في عوامل الانتاج المتاحة للفقراء,وكانت هناك مجموعات عديدة من السكان الفقراء في الريف والحضر محل عنايه خاصه باعتبارها الأشد فقرا,كما تزايد الاهتمام القومي بمشكلة الفقر في(1974) عقب احتجاجات طلابية نتيجة تدهور اوضاع صغار مزارعي المطاط نتيجة انخفاض الاسعار وزيادة تكلفة الإنتاج واستمر هدف مكافحة الفقر في الخطط القومية للتنميه حتى انه تم تعديل تعريف خط فقر الدخل عام (1986) في النصف الثاني من الخطة الخمسية ليأخذ في حساباته احتياجات الحياة الضرورية من غذاء وغيرها, وذلك حتى يعكس المؤشر الأبعاد المتعددة لطبيعة الفقر ونوعيه الاحتياجات الأساسية (الغذاء والمسكن والخدمات الأساسية من مياه الشرب وخدمات الصحه والتعليم والمواصلات...) وفرص المساهمة الايجابية المتاحة امام الفقراء ومحدودي الدخل في عملية التنميه الاقتصاديه, كما تم تبني استراتيجيه لتوزيع الدخول في كل السياسات والخطط التنموية المشار اليها, وهدفها مكافحة الفقر المدقع وإعادة هيكلية العماله وزياده تنميه الاعمال التجارية والصناعية للاغلبية الفقيرة من السكان الاصليين مما افضى الى نتائج مهمة,منها انخفاض معدلات الفقر وتناقص فوارق الدخول بين المجموعات السكانية المختلفة.
في الوقت نفسه تضمنت السياسه الضريبية في ماليزيا بعدا أجتماعيا يستفيد منه الفقراء, وذلك بتأكيد مبدأ التصاعديه في ضريبة الدخل,اذ بلغ الحد الادنى من الدخل الخاضع للضريبة حوالي(658 دولار أمريكي) في الشهر,وتؤخذ الضريبه بعد خصم أقساط التامين الصحي, ونسبة عدد الاطفال, ونفقات تعليم المعوقين, كما أن الدوله الماليزيه شجعت المواطنين المسلمين (أفرادا وشركات) على دفع الزكاة لصالح صندوق جمع الزكاة القومي الذي يدار بواسطة ادارة الشؤون الاسلاميه في مقابل تخفيض نسبة ما يؤخذ من ضريبة الدخل،وعليه اتخذت الحكومة فلسفة وسياسة لمواجهة الفقر هي:-
أ- برامج دعم الفقراء:نفذت الحكومه في اطار فلسفتها وسياستها المواجهة للفقر برامج عديدة أبرزها:(ابو الفحم،2008: 59)
vبرنامج التنميه للأسر الأشد فقراً:ويقدم فرصا جديدة للعمل المولد للدخل بالنسبة للفقراء,وزيادة الخدمات الموجهة للمناطق الفقيرة بهدف تحسين نوعية الحياة, وقام البرنامج بانشاء العديد من المساكن للفقراء وترميم بعضها, وتوفير خدمات المياه النقية والكهرباء والصرف الصحي.
vبرنامج أمانة أسهم البوميبوترا:وهو برنامج تمويلي يقدم قروضاً بدون فوائد للفقراء من السكان الاصليين (البوميبوترا) وبفترات سماح تصل الى اربع سنوات ,ويمكن للفقراء ان يستثمروا بعضاً من هذه القروض في شراء اسهم بواسطة المؤسسة نفسها.
vبرنامج امانة اختيار ماليزيا:وهو برنامج غير حكومي تنفذه مجموعه من المنظمات الأهليه الوطنية من الولايات المختلفة, ويهدف الى تقليل الفقر المدقع عن طريق زيادة دخول الاسر الاشد فقرا, وتقديم قروض بدون فوائد للفقراء, وتقدم الحكومه من جانبها قروض للبرنامج بدون فوائد من اجل تمويل مشروعاته للفقراء في مجال الزراعه ومشروعات الاعمال الصغيرة .
vمنحت الحكومة إعانات مالية للفقراء أفراداً وأسر, مثل تقديم اعانة شهريه تتراوح ما بين (130الى 260) دولاراً شهرية,لمن يعيل أسرة وهو غير قادر على العمل لسبب أو لأخر.
vتقديم قروض بدون فوائد لشراء مساكن قليلة التكلفة في المناطق الحضرية, وأسست الحكومة صندوقاً لدعم الفقراء المتأثرين بأزمة العملات الاسيوية في عام (1997) تحدد اعتماداتها في الموازنة العامة للدولة سنويا.الى جانب اعتمادات مالية اخرى تدعم مشروعات اجتماعية موجهه لتطوير الريف والأنشطة الزراعية الخاصة بالفقراء.
vتوفير مرافق البنية الاساسية الاجتماعية والاقتصادية في المناطق النائية والفقيرة بما في ذالك مرافق النقل والاتصلات, المدارس,الخدمات الصحية, الكهرباء ونجحت في توسيع قاعدة الخدمات الاساسية في المناطق السكنية الفقيرة في اطار استراتيجية (2020).
vدعم أكثر الأدوية التي يستعملها الفقراء والأدوية المنقذة للحياة كما وأتاحت فرص للقطاع الخاص في فتح مراكز صحية وعيادات خاصة وجعل الدوله تركز على العمل الصحي في الريف في المناطق النائية وتقديم خدمات مجانية في رعاية الصحة للحوامل والاطفال.
vالقيام بأنشطة يستفيد منها السكان الفقراء مثل اقامة المدارس الدينية التي تتم بالعون الشعبي وتساهم في دعم قاعدة خدمات التعليم و تشجيع التلاميذ الفقراء على البقاء في المدارس.
ب- نموذج في معالجة الفقر:لقد شرعت الحكومة الماليزية وقياداتها الوطنية الى معالجة الفقر المستشري في البلاد, لتحقيق أهداف التنمية الاقتصادية والاجتماعية وكان الفقر من العقبات الاولى التي يجب تخطيها, ولمعرفة استراتيجية الحكومة بهذا الصدد سوف نتعرف على قرية شنكال وهي من ابرز القرى التي كافحت الحكومة فيها الفقر,اذ تقع على بعد (12) ميل من مدينة كوتابارو (عاصمة ولاية كنتان) التي تقع في الجزء الشمالي الشرقي من شبه الجزيرة الماليزية كما تشارك الحدود من جهة الشمال مع تايلاند ويبلغ عدد سكان القرية حوالي (2230 نسمة)70% منهم يعمل في زراعة المطاط والبساتين التجارية و10% يعمل في مرافق حكومية مختلفة و10% لديهم إعمال عائلية صغيرة و2% يعملون في القطاع الخاص و8% عاطلون عن العمل,أما من ناحية التوزيع العمري للسكان فيبلغ (497) شخص تصل أعمارهم الى45 سنة واكثر, والذين تتراوح أعمارهم من(17 الى 44 حوالي 810 شخص) والذين تتراوح اعمارهم من (16الى21حوالي 286 شخص) اما الذين تقدر اعمارهم اقل من(21) سنة منهم فهم حوالي(640) شخص يبلغ متوسط عدد أفراد الأسرة الواحدة (6)افراد.(ابو الفحم,2008:61).
يتضح مما تقدم أن فئات الشباب والاطفال الذي هم في سن التعليم يشكلون النسبة الاكبر من الفئات العمرية الاخرى بين السكان وقامت وزارة التنمية الريفية الماليزية بالتعاون مع مؤسسة مكافحة الفقر بولاية (كنتان) بأقناع سكان القرية بالعمل سويا من أجل تحسين أوضاعهم المعيشية, وتم تشكيل لجنة تنفيذية من اهالي القرية للقيام بالعمل المطلوب,وقام معهد التقدم الريفي بتدريب اعضاء اللجنة على تنفيذ الاعمال الموكلة اليهم.
وقد تم شرح اهداف برنامج "حركة الرؤية الريفية" الذي تعمل من خلاله الوزارة على تقليل الفقر وأن عملهم يتركز في تقليل عدد الاسر الاشد فقراً وتقليل معدل البطالة من خلال توفير فرص عمل المنتج,وتطوير حقول الخضراوات والفواكه الى مزارع تجارية, وزيادة وعي الشباب بأهمية التعليم,وفوائد تقنية المعلومات ومحو الأمية واستخدام أجهزة الحاسوب.
جدول (1):أهداف برنامج حركة الرؤيه الريفيه حسب المجموعه المستهدفه



حمل المرجع كاملاً من المرفقات

التجربة التنموية الماليزية المستفادة 34.gif

المصدر: ملتقى شذرات

الملفات المرفقة
نوع الملف: doc paper_ed30_88.doc‏ (358.5 كيلوبايت, المشاهدات 0)
__________________
(اللهم {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} (البقرة:201)
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
منها, الماليزية, المستفادة, التجربة, التنموية, عربياً, والدروس


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
أدوات الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع التجربة التنموية الماليزية والدروس المستفادة منها عربياً
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
عن التجربة الماليزية Eng.Jordan بحوث ودراسات منوعة 0 04-03-2017 10:44 PM
التجربة الماليزية Eng.Jordan التعليم والتدريب 0 04-03-2017 10:39 PM
للأسف هي ضربة بارعة.. ليت الموساد كان عربياً! عبدالناصر محمود أخبار عربية وعالمية 1 12-18-2016 10:00 AM
اسثمار أموال الزكاة وأثره في معالجة الفقر: التجربة الماليزية نموذجاً Eng.Jordan دراسات ومراجع و بحوث اسلامية 0 08-28-2016 12:02 PM
التوثيق و الإدارة التنموية Eng.Jordan بحوث ومراجع في الإدارة والإقتصاد 0 02-13-2012 06:59 PM

   
|
 
 

  sitemap 

 


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 06:53 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59