البديل الثالث

الثالث , البديل

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

في أي حوار تتعالى الأصوات تارة ويتجاذب المتحاورين إطراف الحديث بهدوء تارة اخرى ، ولكن عندما يتحول الحوار الى تراشق عنيف فثمة مشكل ما ، قد طغى على مفهوم الحوار ، وهو ان هناك من يحاول فرض رأيه باستخدام كثير من المؤثرات أبرزها طبقة الصوت وقوة المفردات .

على مستوى المنتديات تجد أن الحوار يصل أحياناً الى طريق مسدود بين طرفين ، والسبب ان كل طرف يرأي ان رأيه اقرب الى الصواب ، وقد يحتاج كل طرف لأقناع الطرف الأخر ساعات طويلة قد يصاب فيها بالملل ، ومن ثم يبدأ في التهكم والسخرية من رأي الطرف الثاني بطريقه لا غير لائقة ، ولكن رأى ان ذلك التهكم والسخرية هو انتصارا لوجهة نظره التي رُفضت شكلاً ومضموناً من طرف الحوار الثاني .

هناك في عالم الحوار ما يسمى البديل الثالث ، وهو اتفاق ضمني على رأي مشترك ، بمعنى أن يتفق الاثنين على رأي موحد يشترك كلاهما في إخراجه .


فمثلا عندما أتحاور معك وتتحاور معي ونصل الى طريق مسدود في حوارنا فيفترض ان تترك رأيك جانبا واترك انا رأيي جانباً ونفكر في رأي ثالث مشترك بعيداً عن الآراء الانفرادية .

عادة ما يظهر البديل الثالث أجمل صورة من الآراء المنفردة والسبب ان تلك الآراء كانت تمثل اراء منفردة لعقل واحد ، أما البديل الثالث فهو يمثل رأي لعقلين وبالتالي هو سيظهر اكثر عمقاً نتيجة للعصف الذهني الذي استخدم من العقلين ليظهر في صورة جميلة .


اختلاف الأراء وتصلبها قد يؤدي الى خلاف كبير بين الناس ، و قد يتعدى ذلك الى خلافات كبيرة على مستوى الدول .


على سبيل المثال هناك دولتنا متجاورتين نشب بينهما خلاف على الحدود المائية والثروة السمكية ، حيث أن كل دوله ترى ان الثروة السمكية في تلك الحدود المائية ملكاً خاصا لها ، وعندما يتجاوز أحد صيادي الدولة قليلاً الى الدولة الاخرى دون قصد تثور ثارت الدولة الأخرى وتعلو التصريحات والتهديدات .
استمر الوضع سنين طويلة حتى رآى حكماء الدولتين ان يلجئوا الى البديل الثالث ، وهو رأي مشترك منبعه كلا الدولتين ، واتفقت الدولتان فعلاً على إقامة شركة برأس مال مشترك لصيد الأسماك ، تعود أرباح هذه الشركة لكلا الدولتان بالتساوي ، وحققت هذه الشركة أرباحاً طائلة استفاد منها الجميع ، وبذلك انتهى الخلاف الطويل فقط عندما تم اللجوء الى البديل الثالث .


خلاصة القول أننا عندما نختلف في حوارنا ونتصلب الى آراءنا سواء في حياتنا العامة أو حتى على مستوى المنتديات والحوارات الكتابية فيفترض ان نلجأ الى البديل الثالث فوراً ، الذي سيكون حتما مقبولاً من كلا الاطراف وسيحافظ ذلك البديل على المستوى العالي لسقف الاحترام والتقدير الذي يقبع تحته كل حوار وكل خلاف .


كرماً إخوتي وأخواتي الأعزاء :
أتمنى أن نطرح ايضاً بعض المواقف التي مرت بنا في حياتنا العامة سواء في البيت او العمل او الشارع والتي نشب فيها حوار حاد وصل الأمر من خلاله الى القطيعة والفرقة والسبب هو الابتعاد عن خيار البديل الثالث..!


دمتم برعاية الباري وحفظه
منقول بتصرف يسير

المصدر: ملتقى شذرات