العودة   > >

شذرات إسلامية مواضيع عن الإسلام والمسلمين وأخبار المسلمين حول العالم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
  #22  
قديم 04-12-2012, 08:46 PM
الصورة الرمزية Eng.Jordan
Eng.Jordan غير متواجد حالياً
إدارة الموقع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: الأردن
المشاركات: 25,419
افتراضي

شذرات من السير ة النبوية المعطرة

22

بسم الله الرحمن الرحيم

حاول المتقاتلون كل الى الى موقعه الاصلي بعد ان توعد احدهما الاخر الحرب في العام القادم في احد فقد رجع القرشيون الى مكة بقيادة ابي سفيان ورجع المسلمون بقيادة النبي محمد صلى الله عليه وسلم الى المدينة .
وعند رجوع النبي صلى الله عليه وسلم خرجت النساء يتلقينه والمسلمين وقد قتل اقاربهن او اخوتهن او ازواجهن فعزاهن على ذلك ودعا لهن وجاءت امراة قد قتل ابوها وزوجها واخوها تسال عن النبي صلى الله عليه وسلم فقيل لها انه بحمد الله وفضله فقالت :
- اريد ان اراه
فلما راته قالت له :
- كل مصيبة بعدك جلل . اي كل المصائب تهون وتصغر
عاد المسلمون الى المدينة المنورة يحرسونها ويحرسون النبي محمد ويداوون جراحهم ويستراحون من اتعابهم في الحرب فلما اصبح الصباح نادى المسلمين للخروج للقاء الاعداء واشترط ان لا يخرج الا من شهد القتال في احد وساروا الى حتى وصلوا الى منطقة ( حمراء الاسد) التبي تبعد قرابة ثمانية اميال عن المدينة وعسكروا فيها وذلك النبي صلى الله عليه وسلم سمع ان القرشيين يحاولون الرجوع الى المدينة لمقاتلة المسلمين ويتاسوف على الفرصة ذهبت منهم وهي الاستمرار في القتال في احد وقد نزلوا في منطقة ( الروحاء) وهي قرابة خمسة وثلاثين ميلا عن المدينة وجاء معبد بن ابي معبد الخزاعي الى النبي صلى الله عليه وسلم في حمراء الاسد يعزيه على ما اصابه في احد فاشار اليه النبي بالذهاب الى ابي سفيان فيخذله وقومه ويخوفهم من المسلمين فسار معبد الى (الروحاء) فلقي فيها ابا سفيان وقومه يتاهبون للعودة الى المدينة فقال لهم :
- ان محمدا خرج في جمع لم ار مثله قط يتحرقون عليكم تحرقا فيهم الحنق عليكم شيء لم ار مثله قط ولا ارى ان ترحلوا حتى يطلع اول الجيش من وراء الاكمة .
فصدقوا قوله فخافوا وخارت قواهم ونهارت معنوياتهم فاسرعوا بالمسير قاصدين مكة خوف مطاردة المسلمين لهم .
بقي المسلمون يومين في ( حمراء الاسد) وفي صبيحة يوم الاربعاء رجعوا الى المدينة قال تعالى ( فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم *) \ 174
كانت خسارة المسلمين في احد قد منحت من حولهم من الاعداء الفرصة للنيل منهم لما لها من تاثير سيء عليهم .
ففي صفر من السنة الرابعة للهجرة ان ملاعب الاسنة او هكذا كنيته وهو ابو البراء عامربن عاصم قدم الى المدينة المنورة فدعاه النبي صلى الله عليه وسلم للاسلام فرفض الا انه عاد بعد عدة ايام وابدى رغبته في الاسلام كذبا وقال للنبي صلى الله عليه وسلم :
- ان اهل نجد سيسلمون معه ويجيبونه للاسلام ان بعث اليهم من يعلمهم الاسلام واني جار لهم اي كافلهم ومتعهد بهم .
فبعث النبي صلى الله عليه وسلم معه الى نجد سبعين رجلا من الدعاة ومن قراء القران لاجل تعليم من يدخل الاسلام في ارض نجد بكفالة عامربن مالك . فلما وصلوا الى( بئر معونة ) ذهب حرام بن ملحان بكتاب النبي صلى الله عليه وسلم الى عامر بن الطفيل فلم ينظر فيه وامر رجلا من اتباعه ان يطعن حرام بن ملحان من خلفه فطعنه فقتله فقال حرام بصوتعال : فزت ورب الكعبة.
واستنفر عامر بن الطفيل بني عامر فلم يجيبوه بسبب عهد حوار بينهم وبين ابي براء فاضطر لاستنفار بني سليم فاجابته بعض بطونها مثل ذكوان وعصية ورعل فاحاطوا بالمسلمين وقتلوهم جميعهم ولم ينجو منهم غير عمرو بن امية الضمري وكعب بن زيد فقد جرح زيد في المعركة هذه والتي سميت معركة ( بئر معونة ) وبقي بين القتلى فارتث من بينهم فعاش واما عمرو فقيل ان المنذر بن عقبة كان في السرح فشاهد الطييور تحوم على ارض الموقعة فعرف الامر فتقدم وقاتل قتالا الابطال حتى قتل فلم يبق الا عمروا بن امية الضمري فاسروه فلما تقدم الى عامر بن طفيل جز ناصيته وعرف انه مضري فاعتقه وقيل انه عتق عن رقبة كانت على امه لهم . فرجع الى المدينة فلما وصل الى ( القرقرة ) لاحظ في الطريق رجلين من بني كلاب فظن انهما من الاعداء جاءا ليقتلانه فقتلهما وكان هذين الرجلين لهما عهد من رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما وصل المدينة وقص الخبر علم رسول الله صلى الله عليه وسلم انهما الرجلان اللذان اعطاهما العهد .
و منها في نفس هذا الشهر من السنة الرابعة للهجرة قدوم رجال من( قارة وعضل ) القريبتين من المدينة وذكروا له ان فيهما مسلمين ورجوه ان يرسل معهم من يعلمهم الاسلام والقرآن فصد قهم وبعث معهم عشرة من اصحابه بامرة عاصم بن ثابت فساروا معهم حتى اذا وصلوا منطقة ( الرجيع ) غدروا بهم فاحاطوا بهم فقتل منهم سبعة وبقى ثلاثة لم يسلموا انفسهم فاعطوهم العهد بالامان فلما نزلوا اليهم غدروا بهم ايضا وربطوهم فقال احدهم :
- هذا ا ول الغدر
فقتلوه .
بقي منهم اثنان مربوطين هما زيد بن الدثنة و خبيب بن عدي فذهبوا بهم الى مكة فباعوهما . اما زيد بن الثنة فهو قاتل امية بن محرث يوم بدر فاشتراه ابنه صفوان بن امية فقتله في ابيه
واما خبيب بن عدي فقد قتل الحارث بن عامر بن نوفل في بدر فاشتراه اخوه وسجنه فترة ثم خرجوا به الى (التنعيم) ( وهي منطقة احرام لاهل مكة وفيها مسجد عائشة رضي الله عنها حاليا وعنده تحرم اهل مكة ومن وجد فيها لاجل الحج والعمرة وقد احرمنا منها لاداء عمرة اخرى كوننا قد سكنا في مكة اكثر من شهر فاعتمرنا مرة اخرى ) فطلب ان يمهلوه فترة وجيزة من الوقت فصلى ركعتين ثم دعا عليهم وقال :
ولست ابالي حين اقتل مسلما
على اي جنب كان في الله مصرعي

وذلك في ذات الاله وان يشأ
يبارك على اوصال شلو ممزع

فقال له ابو سفيان :
ايسرك ان محمدا عندنا نضرب عنقه وانك لفي اهلك؟
فقال له: والله ما يسرني اني في اهلي وان محمدا في مكانه الذي هو فيه تصيبه شوكة فتؤذيه .
عند ذلك قتله عقبة بن الحارث في دم ابيه .
حزن النبي صلى الله عليه وسلم حزنا شديدا على ما حدث في بئر معونة وفي الرجيع وقيل النبي صلى الله عليه وسلم ظل يدعو على القتلة ثلاثين يوما عند صلاة الفجر
وفي شهر ربيع الاول من السنة الرابعة للهجرة المباركة وقعت غزوة بني النضير وبنو النضير كانوا من يهود المدينة ويسكنون على مسافة ميلين منها كانوا قد عقدوا مع النبي صلى الله عليه وسلم صلحا مفاده ان يكون بنو النضير على الحياد لا له ولا عليه فلما انتصرالنبي صلى الله عليه وسلم على قريش يو م احد اظهروا الفرح والابتهاج وقالوا:
هذا هو النبي الذي قرانا نعته وصفته في التوراة ولما خسر المعركة يوم احد ارتابوا فيه ونقضوا العهد الذي كان بينهم وبينه وتحالفوا مع قريش لمحاربته ومحاولتهم اغتياله فقد تامروا اخبث مؤامرة فقد طلبوا من النبي صلى الله عليه وسلم ان يجتمع بهم في موضع هم يسمونه ويسمعون منه القران والاسلام فاذا اقتنعوا فسيسلمون فوافق النبي صلى الله عليه وسلم وقرر يهود بني النضير انه اذا خرج النبي صلى الله عليه وسلم اليهم فعلى كل رجل ان يحمل خنجرا تحت ملابسه فيغتالون النبي صلى الله عليه وسلم غيلة وبغتة . فلما علم النبي صلى الله عليه وسلم قرر اجلاؤهم من المدينة وفي رواية اخرى انه لما رجع عمرو بن امية الضمري واخبر النبي صلى الله عليه وسلم انه قتل رجلين من بني كلاب وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد اعطاهم العهد والامان فخرج النبي صلى الله عليه وسلم قاصدا بني النضير ليعينوه في دفع دية الرجلين الذين قتلهما الضمري وحسب العهد والميثاق بينهم فلما وصل اليهم اقعدوه في تحت جدار ينتظر لحين ما ي***ون له المعونة بينما قرروا فيما بينهم ان يقوم احدهم باخذ حجر رحى كبير ويلقيه عليه من فوق الجدار فيقتله فبعثوا اشقاهم عمرو بن جحاش ليقوم بهذا العمل فنزل جبريل عليه السلام ليخبر النبي صلى الله عليه وسلم بما اضمروه فقا م مسرعا وتوجه الى المدينة فتبعه اصحابه ثم اخبرهم بالمؤامرة وقرر اجلاؤهم . فبعث اليهم محمد بن مسلمة ليخبرهم بامرالجلاء وخلا ل عشرة ايام من لم يخرج سيقتل فارسل اليهم عبد الله بن ابي سلول ان لايخرجوا من ديارهم وان معه الفي مقاتل فما عليهم الا ان يدخلو حصونهم وديارهم وان بني قريضة وغطفان ينصرونهم فشعوا بالقوة وامتنعوا لذا ذهب النبي صلى الله عليه وسلم بجيشه وامرهم بالجلاء عن المدينة والتخلص من شرهم فابوا ان يخرجوا واصروا على حرب المسلمين فحاصرهم المسلمون واحد وعشرين يوما وقطع نخيلهم فخارت قواهم وضعفوا فطلبوا الصلح فوافق النبي صلى الله عليه وسلم على الصلح على شرط جلاءهم من المدينة فوافقوا على الجلاء ولكل ثلاثة بعير واحد ويحملون كل ما يحتاجونه من متاع وطعام فتم جلاء اكابرهم واكثرهم الى خيبر ونزلت طائفة منهم الحيرة والشام وقد نزلت فيهم سورة الحشر .
وقسم النبي صلى الله عليه وسلم ارضهم وديارهم بين المهاجرين بين المهاجرين الاولين- وقد وجد عندهم من السلاح خمسين درعا وخمسين بيضة وثلاثمائة واربعين سيفا - وتغطية نفقات الدولة الاسلامية وشراء السلاح والخيل والعدة للحرب مثل السيوف والدروع باعتبار هذا المال جاء فيئا وليست غنيمة .

كان النبي صلى الله عليه وسلم على موعد مع ابي سفيان رئيس قريش في تجديد القتال في احد كما بينا ه في الحلقة الحادية والعشرين في نهاية معركة احد . فلما حل شهر شعبان من السنة الرابعة للهجرة المباركة جهز النبي صلى الله عليه وسلم نفسه وخرج الى احد لملاقاة ابي سفيان ومشركي قريش في الف وخمسمائة مقاتل وعشرة افراس واعطى اللواء الى علي بن ابي طالب واستخلف عبد الله بن رواحة على المدينة ونزلوا ببدر ينتظرون قريش وقائدها ابا سفيان .
اما ابو سفيان فقد خرج في الفي مقاتل وخمسين فرسا الا انه قذف في قلبه الرعب منذ خروجه ولم تكن له الرغبة في الخروج الا عن موعد وعده المسلمين بملاقاتهم في السنة القادمة عند احد فنزل على ( مجنة ) وهي ماء معروف يقع في (مر الظهران ) وبعد استراحة التفت الى قريش وقادتها وقال :
والله ارى انه لا يصلحكم الا عام خصب ترعون فيه الشجر وتشربون اللبن وهذا عالم جدب واني راجع فارجعوا
فرجع الى مكة ورجع معه القرشيون وحلفاؤهم .
اما المسلمون فقد بقوا اياما ببدر وكان معهم اموالا فباعوها بارباح مجزية ورابحة عندما وصلهم خبر رجوع ابي سفيان وجيشه الى مكة ة ثم عادوا الى المدينة المنورة واستطاع النبي صلى الله عليه وسلم من فرض الامن في المدينة والتفرغ لتامين اقصى الحدود وتاديب من تحرك للنيل منها او الاتداء عليها واخر ما نؤشره خروجه صلى الله عليه وسلم الى (دومة الجندل) فبسط الامن والسلام .

يتبع

فالح نصيف الحجية
الكيلاني
29\3\2012

****************************************
__________________
(اللهم {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} (البقرة:201)
رد مع اقتباس
  #23  
قديم 04-12-2012, 08:47 PM
الصورة الرمزية Eng.Jordan
Eng.Jordan غير متواجد حالياً
إدارة الموقع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: الأردن
المشاركات: 25,419
افتراضي

23

بسم الله الرحمن الرحيم


اثبتت الاحداث بعد الهجرة النبوية ان اليهود كانوا اشد كراهية للنبي صلى الله عليه وسلم وللمسلمين – وهم كذلك في كل وقت وزمان _ من قريش وخاصة بعد اجلائه بني النضير من المدينة المنورة كما جاء في الحلقات السابقة فاخذوا يؤلبون قريش والقبائل العربية على محاربة المسلمين فخرج جماعة منهم وعلى راسهم حيي بن اخطب الى قريش ليحرضوهم على مقاتلة المسلمين ومحاربة محمد صلى الله عليه وسلم واصحابه ثم ذهبوا الى قبائل اشجع وسليم وغطفان وبني مرة وبني عامر وبني فزارة بل الى كل من لهم ثأر واستطاعوا ان يؤلبوا اكبر حشدا للقتال حيث بلغ هذا الحشد من قريش وحدها ستة آ لا ف مقاتل وعلى راسهم ابو سفيان وعدد كبير ايضا من القبائل العربية المذكورة يفوق عدده عن اربعة الاف بحيث اصبح عدد المقاتلين اكثر من عشرة الاف مقاتل قصدوا المدينة المنورة وتحت راية ابي سفيان وعند وصولهم الى المدينة اجتمع رؤساءالقبائل في رئاسة قيادة الحرب واتفقوا ان يكون لكل زعيم يوم على التوالي .
ولما بلغ النبي صلى الله عليه وسلم واصحابه فهالهم ما سمعوا من ائتلاف هؤلاء الالوف المؤلفة من جند وابل وخيل وعدة وذخيرة وميرة قال تعالى ( اذ جاؤوكم من فوقكم ومن اسفل منكم واذ زاغت الابصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا * هنالك ابتلي المؤمنون وزلزلوا زلزالا شديدا*) الاحزاب\10و11
فشاور اصحابه في القتال وما ذا يفعلون فاشار سلمان الفارسي بحفر خندقا كبيرا حول المدينة لما له من خبرة في امورالحرب عندما كان في فارس .
فامر النبي صلى الله عليه وسلم بحفر الخندق واشترك في عمليات الحفر وكان الجو باردا قارصا فلما راى النبي بهم شدة الجوع والتعب ارجز :

اللهم لا عيش الا عيش الاخرة
فاغفر للانصار والمهاجرة
فاجابوه وقد ذهب التعب عنهم :

نحن الذين بايعوا محمدا
على الجهاد ما بيقينا ابدا

بينما تباطأ اليهود والمنافقين وقد ا تم المسلمون حفر الخندق بستة ايام وقد تم اخلاء البيوت القريبة من الخندق .
ولما وصلت قريش وحلفاؤها الى المدينة تفاجؤوا بالخندق ولم يعهدوا بمثله في حروبهم وكان عائقا كبيرا ورأوا ان لا سبيل الى اجتيازه فعسكروا خلفه وخرج النبي صلى الله عليه وسلم في ثلاثة الاف مقاتل من المسلمين وجعلوا ظهورهم الى ( سلع ) فاقاموا فيها معسكرهم وبينهم وبين الاعداء الخندق وتبادل الفريقان الترامي بالنبال لعدة ايام .
كان الجو قارصا شديد البرد وكانت الحلفاء تتوقع انها ستحارب فترة قصيرة فيقضون على المسلمين ويعودون بينما خيب امالهم الخندق
وتوقع حيي بن اخطب ان هذه الفرصة في القتال ستفلت منه ومن جماعته اليهود فقصد كعب بن اسد سيد بني قريظة ويذكرهم بما فعله محمد وجماعته باليهود وما سيفعله بهم اذا لم تنجح هذه الاحزاب بالقضاء على المسلمين وطلب منه ان ينقض عهده مع المسلمين ويقطع المير ة و المدد عن المسلمين ويفتح الطريق للاحزاب فتحركت اليهودية في نفسيته فوافق على ذلك ونقض المعاهدة وتبرء من العهد بينه بين النبي صلى الله عليه وسلم .
علم النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمين انحياز بني قريظة الى الاحزاب ففزعوا وارسل النبي صلى الله عليه وسلم وفدا منهم سعد بن معاذ سيد الاوس فاخذ اليهود يخوضون في امرالنبي صلى الله عليه وسلم فقال له كعب :
- من رسول الله ؟؟؟ لا عهد بيننا وبين محمد ولا عقد .
وتشاءم الفريقان وعاد سعد بن معاذ مغضبا .
وعاد حيي بن اخطب الى الاحزاب واخبرهم بانضمام بني قريضة لهم على ان يمهلوهم عشرة ايام ليعدوا انفسهم للحرب والقتال فالفت الاحزاب ثلاث كتائب فكانت الاولى بقيادة ابن الاعور السلمي وموقعها من فوق الوادي من جهة الشرق والثانية بقيادة عيينة بن حصن الفزاري من اسفل الوادي من جهة الغرب واقام ابو سفيان على كتيبته اما م الخندق .
اشتد فزع المسلمون من ذلك وزلزلز زلزالا شديدا فقد جاءهم العدو من كل مكان من فوقهم ومن اسفل منهم وظن اهل المدينة الظنون واظهر المنافقون ما كانوا يضمرونه من الكيد والحقد للمسلمين فقال احدهم :
- كان محمد يعدنا على كنوز قيصر وكسرى بينما لا يامن احدنا على نفسه ان يخرج فيتبرز
وقال اخر للنبي صلى الله عليه وسلم علانية امام قومه :
- ان بيوتنا عورة معرضة لهجمات الا عداء فاذن لنا ان نرجع الىدورنا ندافع عنها. وقال الله تعالى( واذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسوله الا غرورا * وقالت طائفة منهم يااهل يثرب لامقام لكم فارجعوا ويسئذن فريق منهم النبي يقولون ان بيوتنا لعورة وما هي بعورة ان يريدون الا فرارا* ولو دخلت عليهم من اقطارها ثم سئلوا الفتنة لآتوها وما تلبثوا بها الا يسيرا* ولقد كانوا عاهدوا الله من قبل لا يولون الادبار وكان عهد الله مسؤولا * قل لن ينفعكم الفرار ان فررتم من الموت او القتل واذا لا تمتعون الا قليلا *) الاحزاب \ 12- 16
وهكذا خارت قواهم ومعنوياتهم وسمت معنويات الاعداء من الاحزاب قال الله تعالى ( ولما راى المؤمنون الاحزاب قالوا هذا وا وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله وما زادهم الا ايما نا وتسليما *) الاحزاب \23
حتى اندفع الاحزاب فقصدوا مكانا ضيقا من الخندق فاجتازوه بخيلهم ومنهم عمرو بن عبد ود العامري هذا الرجل البطل الذي كان يعده العرب بالف فارس وعكرمة بن ابي جهل حتى صاروا بين الخندق و(سلع) فخرج من بين صفوف المسلمين علي بن ابي طالب كرم الله وجهه فبارز عمرو بن عبد ود العامري فقتله فلما قتل ولى من معه هاربين .
اما النبي صلى الله عليه وسلم فقد راى ان يلجأ الى اسلوب المخادعة - والحرب خدعة – فقال لنعيم بن مسعود:
- انما انت رجل واحد فينا من غطفان فخذّل عنا القوم ان استطعت .
فخرج نعيم بن مسعود حتى اتي بني قريظة – وكان نديمهم في الجاهلية ولم يعلموا انه اسلم بعد - فذكرهم بما بينه وبينهم من محبة ومودة ثم قال لهم :
- انكم ظاهرتم قريشا وغطفان على محمد وربما لا تطيق قريش وغطفان المقام طويلا فيرتحلان عنكم فتواجهون محمدا وحدكم ولا قبل لكم به فينكل بكم فانصح لكم الا تقاتلون حتى تاخذوا من قريش وغطفان رهنا من اشرافهم يكونون عندكم .
فاقتنع بنو قريظة بهذا الراي بما اشار به عليهم نعيم بن مسعود ثم ذهب نعيم الى قريش فقال لهم :
- قد عرفتم محبتي وودي لكم وانكاري دين محمد وقد علمت امرا رأيت ان اقوله لكم نصيحة لكم فاسمعوه واكتموه عني .
فقالوا نفعل ذلك.
فقال لهم : ان بني قريظة قد ندموا على نكث عهدهم مع محمد وانهم يعملون على ا سترضائه الان وانهم راؤا ان ياخذوا من اشراف قريش عندهم رهينة فيقدموهم الى محمد فيضرب اعناقهم فاذا بعث بنو قريظة يطلبون منكم رجالا رهنا منكم فلا تبعثوا اليهم احدا فانهم سيقدمونهم الى محمد فيقتلهم .
ثم ذهب الى غطفان فقال لهم :
- يا معشر غطفان انتم اهلي وعشيرتي واحب الناس الي ولا اظن انكم تكذبوني بما اقوله لكم :
- قالوا نعم صدقت.
- قال فاكتموا عني .
ثم قال لهم مثل ما قال لقريش وحذرهم من بني قريظة شديدا ورجاهم ان لا يبعثوا رجا لا منهم اليهم رهنا فانهم سيسلمونهم الى محمد فيقتلهم .
ثم ارسل ابو سفيان وبعض قادة غطفان الى الى كعب سيد بني قريظة من يقول له انهم طالت اقامتهم وحصارهم ورايهم ان يفاجئي بنو قريظة المسلمين في غد الحرب وهم من ورائهم فرجع الرجال الى ابي سفيان فقالوا له :
- ان كعبا يقول ان غدا السبت ولا نقاتل في السبت ولسنا نقاتل حتى تعطونا رهنا من اشرافكم يكونون بين ايدينا .
فظنت قريش وغطفان ان ما قاله لهم نعيم صحيحا وانه على حق في نصحه لهم .
فلما جن الليل هبت ريح عاصف وهطل مطر غزير مع برق ورعد شديد فتقوضت الخيام وانقلبت القدور وتبعثرت ا لاموال فاخذ هم الرعب و قيل ان الملائكة كبرت في جوانب المقاتلين من قريش وغطفان قائلين : الله اكبر ... الله الكبر .. الله اكبر .. باصوات شديدة ومرتفعة فتزلزلو ا زلزالا شديدا فظنوا ان المسلمين قد هجموا عليهم فما كان من ابي سفيان الا ان نادى في قومه :
- الرحيل ... الرحيل...
فاضطر الاعداء الى الهزيمة ليلا وحملوا ما استطاعوا حمله من متاع وتركوا ما لا يستطيعون حمله . وتبعهم بقية الاحزاب فلما اصبح الصباح لن يكن احد موجودا في مكان المعركة الا المتاع الذي لم يقدروا عل ى حمله فتعجب المسلمون من ذلك اذ انهم لم يجدوا من الاحزاب احدا . وهكذا نصرالله دينه فقال تعالى (و رد الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيرا وكفى الله المؤمنين القتال وكان الله قويا عزيزا*)
اخذ النبي صلى الله عليه وسلم بعد رحيل الاحزاب وخذلانهم من الله تعالى يفكر في امر بني قريظة ونقضهم العهد . فلما اضحى النهار امر مؤذن يؤذن في المسلمين :
- من كان سميعا مطيعا فلا يصلين العصر الا ببني قريظة
نفر المسلمون للقتال سريعا رغم ما اصابهم من نصب وتعب في هذه المعركة في حفر الخندق وطول حصار الاحزاب لهم فحاصر المسلمون حصون بني قريظة خمسا وعشرين ليلة يتارمون بينهم بالنبال فلما احس بنو قريظة بالجهد والتعب ولم يجرؤ منهم على الخروج وايقنوا ان حصونهم لم تنفعهم ولا تجديهم نفعا مع طول الحصار تشاوروا بينهم فتشفعوا بالاوس حلفاؤهم القدامى فسار جماعة من الاوس الى النبي صلى الله عليه وسلم قائلين له :
- يارسول الله بني قريظه حلفاؤنا فاطلقهم كما اطلقت بني قينقاع حلفاء الخزرج
فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم :
- الا ترضون ان يحكم فيهم رجل منكم ؟؟
فقالوا: بلى يارسول الله .
فقال لهم : فقولوا لليهود فليختاروا من شاؤوا منكم فليحكم في ذلك.
فاختاراليهود سعد بن معاذ رئيس الاوس ونسوا ان سعدا هو الذي فاوضهم في عدم نقضهم العهد فاغلظوا له وخاضوا ماخاضوا في حق النبي صلى الله عليه وسلم وسبهم للمسلمين امامه . فاخذ سعد بن معاذ ا لعهد والميثاق من بني قريظة انهم يقبلوا بحكمه وينزلون عنده عند ذلك امر سعد بني قريظة ان ينزلوا من حصونهم ويلقوا سلاحهم ففعلوا . ثم حكم عليهم بان تقتل رجالهم وتسبى نساؤهم وذراريهم وتقسم اموالهم.
فلما رجع النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمون الى المدينة حبسوا رجال بني قريظة في بعض دور الانصار ثم حفرت لهم خنادق ثم قتل يهود بني قريظة ودفنوا في الخنادق وفرق النبي صلى الله عليه وسلم اموالهم ونساءهم واولادهم بين المسلمين . بعد ان اخرج خمسها كونها غنائم حرب .
قال تعالى : وانزل الله الذين ظاهروهم من اهل الكتاب من صياصيهم وقذف في قلوبهم الرعب فريقا تقتلون وتأسرون فريقا واروثكم ارضهم وديارهم واموالهم وارضا لم تطؤوها وكان الله على كل شيء قديرا *) الاحزاب \ 27

يتبع

فالح نصيف الحجية
الكيلاني
30\ 3\2012

****************
__________________
(اللهم {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} (البقرة:201)
رد مع اقتباس
  #24  
قديم 04-12-2012, 08:47 PM
الصورة الرمزية Eng.Jordan
Eng.Jordan غير متواجد حالياً
إدارة الموقع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: الأردن
المشاركات: 25,419
افتراضي

شذرات من السيرة النبوية المعطرة

24

بسم الله الرحمن الرحيم

في شعبان من السنة الخامسة للهجرة المباركة ا خبر النبي صلى الله عليه وسلم أن رئيس بني المصطلق الحارث بن أبي ضرار الخزاعي سار في قومه ومن استطاع ان يجمعه معه من العرب - وبني المصطلق بطن من خزاعة - يرومون حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبعث بُرَيْدَة بن الحصيب الأسلمي للتحقق من الخبر، فلما وصل اليهم ولقي الحارث بن أبي ضرار الخزاعي وكلمه ثم رجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره بصحة الخبر‏ وفي رواية ابن اسحاق في السنة السادسة للهجرة .
‏فندب النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة، وأسرع في الخروج وكان خروجه في الثاني من شعبان، وخرج معه جماعة من المنافقين لم يخرجوا من قبل معه في معركة وكان معه ثلاثون من الخيل عشرة للمهاجرين وعشرون للأنصار. ، وخرجت معه زوجتاه عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما.
استعمل على المدينة زيد بن حارثة، وقيل‏:‏ أبا ذرالغفاري وقيل‏:‏ نُمَيْلَة بن عبد الله الليثي، وكان الحارث بن أبي ضرار قد وجه شخصا منهم ليأتيه بخير المسلمين فما كان من المسلمين الا ان القوا القبض عليه وقتلوه .
فلما بلغ الحارث بن أبي ضرار ومن معه مسير رسول الله صلى الله عليه وسلم وقتل المسلمين الشخص الذي ارسله للا ستطلاع خافوا خوفاً شديداً وتفرق عنهم من كان معهم من العرب ووصل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى (المُرَيْسِيع) ـ وهو ماء لبني خزاعة يقع في ناحية ( قُدَيْد) القريبة من الساحل ـ فتهيأوا للقتال‏.‏ وَصَفَّ النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه، و دفع راية المهاجرين الى أبي بكر الصديق وراية الأنصار الى سعد بن عبادة .
ترامى المتقاتلون بالنبل ساعة ثم أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالقتال فحمل المسلمون حملة رجل واحد وما هي الا ساعة من نهار حتى كان النصر للمسلمين فانهزم المشركون وقتل منهم من قتل وسبى رسول الله صلى الله عليه وسلم النساء والذراري والنعم و المتاع وقيل لم يستشهد من المسلمين إلا رجل واحد قتله عبادة بن الصامت رجل من الأنصار خطأ ظاناً أنه من العدو وهو هشام بن صبابة .
‏.‏
وفي رواية اخرى لم يجر بينهم قتال انما اغارالنبي صلى الله عليه وسلم عليهم في ( المريسيع) فلم يقا و موا فسبى ذراريهم ونساءهم وغنم اموالهم .
وكان من جملة السبي: جُوَيرية بنت الحارث بن أبي ضرار رئيس بني المصطلق، وكانت زوجة لمسافع بن صفوان وقد قتل في هذه الغزوة وكان اسمها ( برة) فسماها رسول الله صلى الله عليه وسلم ( جُويرية) .

وعن عائشة قالت: لما قسم رسول الله سبايا بني المصطلق وقعت (جويرية بنت الحارث) في السهم ( لثابت بن قيس بن شماس) أو لابن عم له فكاتبته على نفسها وكانت امرأة حلوة مُلاّحة لا يراها أحد إلا أخذت بنفسه، فأتت رسول الله تستعينه في كتابتها و قالت عائشة:
- فوالله ما هو إلا أن رأيتها فكرهتها وقلت:
- يرى منها ما قد رأيت.
فلما دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت:
- يا رسول الله أنا( جويرية بنت الحارث) سيد قومه وقد أصابني من البلاء ما لم يخف عليك، وقد كاتبت على نفسي فأعني على كتابتي.

فقال النبي صلى الله عليه وسلم :
- (أو خير من ذلك أؤدي عنك كتابتك وأتزوجك).
فقالت: نعم
ففعل رسول الله فبلغ الناس أنه تزوجها فقيل أصهار رسول الله فأرسلوا ما كان في أيديهم من بني المصطلق واخلوا سبيلهم فقد أعتق بها مائة من أهل بيت بني المصطلق فكانت امرأة مباركة ولا توجد امرأة أعظم بركة منها على قومها ولما تزوجها رسول الله حجبها وقَسم لها وكانت حين تزوجها رسول الله عمرها عشرين سنة وتوفيت في السنة الخمسين للهجرة وهي في الخامسة والستين وبسبب زواجها هدى الله أكثر بني المصطلق للإسلام ثم أسلم الحارث بن ضرار الخزاعي رئيس بني خزاعة و في هذا الزواج نلمس حكمة من حكم ****** المصطفى صلى الله عليه وسلم .
وفي هذه المعركة حدثت حادثة الافك ومفادها ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يصحب احدى زوجاته معه للمعركة – اي معركة - وعن طريق القرعة بينهم فكان في هذه القرعة تصيب زوجته عائشة بنت ابي بكرالصديق رضي الله عنهما

وملخص هذه الحادثة كما رواها الإمامان البخاري ومسلم في صحيحيهما عن كلام أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- قالت:
( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد سفراً أقرع بين أزواجه، فأيّهن خرج سهمها خرج بها رسول الله صلى الله عليه وسلم معه
قالت عائشة:
فأقرع بيننا في غزوة غزاها فخرج فيها سهمي فخرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ما أنزل الحجاب، فكنت أُحمل في هودجي وأنزل فيه فسرنا حتى إذا فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوته تلك وقفل، ودنونا من المدينة قافلين آذن ليلا بالرحيل فقمت حين آذنوا بالرحيل، فمشيت حتى جاوزت الجيش، فلما قضيت شأني أقبلت إلى رَحلي، فلمست صدري فإذا عقد لي قد انقطع، فرجعت فالتمست عقدي فحبسني ابتغاؤه.
وقالت: وأقبل الرهط الذين كانوا يرحلون لي، فاحتملوا هودجي فرحلوه على بعيري الذي كنت أركب عليه، وهم يحسبون أني فيه وكان النساء إذ ذاك خفافاً لم يَهْبلن، ولم يغشهنّ اللحم إنما يأكلن العلقة من الطعام، فلم يستنكر القوم خفة الهودج حين رفعوه وحملوه وكنت جارية حديثة السنّ. فبعثوا الجمل فساروا . ووجدت عقدي بعدما استمر الجيش. فجئت منازلهم وليس بها منهم داع ولا مجيب فيممت منـزلي الذي كنت فيه، وظننت أنهم سيفقدوني فيرجعون إليّ. فبينا أنا جالسة في منـزلي غلبتني عيني فنمت وكان صفوان بن المعطل السلمي الذكواني من وراء الجيش. فأدلج فأصبح عند منـزلي فرأى سواد إنسان نائم فعرفني حين قد رآني وكان قد رآني قبل الحجاب فقال ( لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم) فاستيقظت باسترجاعه حين عرفني فخمرت وجهي ب***ابي ووالله ما كلمني كلمة ولا سمعت منه كلمة غير استرجاعه وَهَوَى حتى أناخ راحلته، فوطيء على يديها، فقمت إليها فركبتها فانطلق يقود بي الراحلة حتى أتينا الجيش موغرين في نحر الظهيرة وهم نزول.
و قالت: فهلك من هلك، وكان الذي تولى كبر الإفك عبد الله بن أبيّ بن سلول
وقال عروة: أُخْبِرْتُ أنه كان يشاع ويتحدث به عنده فيقره ويستمعه ويستوشيه.
فقال عروة أيضا ً: لم يُسَمّ من أهل الإفك إلاّ حسان بن ثابت ومسطح بن أثاثة وحمنة بنت جحش، في ناس آخرين لا علم لي بهم غير أنهم عصبة كما قال الله تعالى وإن كِبْرَ ذلك يقال له عبد الله بن أبيّ بن سلول.
قال عروة: كانت عائشة تكره أن يسب عندها حسان وتقول:
إنه الذي قال:

فإن أبي ووالده وعرضي
لعرض محمد منكم وقاء

قالت عائشة -رضي الله عنها-: فقدمنا المدينة، فاشتكيت حين قدمت شهراً، والناس يفيضون في قول أصحاب الإفك، لا أشعر بشيء من ذلك، وهو يريبني في وجعي أني لا أعرف من رسول الله صلى الله عليه وسلم اللطف الذي كنت أرى منه حين أشتكي إنما يدخل عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم فيسلم ثم يقول: ((كيف تيكم؟)). ثم ينصرف فذاك الذي يريبني ولا أشعر بالشر حتى خرجت بعدما نقَهت، فخرجت معي أم مسطح قبل ( المناصع ) - وهو متبرزنا - وكنا لا نخرج إلاّ ليلاً وذلك قبل أن نتخذ الكنف قريباً من بيوتنا فكنا نتأذى بالكنف أن نتخذها عند بيوتنا- فانطلقت أنا وأم مسطح -وهي ابنة أبي رهم بن المطلب بن عبد مناف وأمها بنت صخر بن عامر خالة أبي بكر الصديق وابنها مسطح بن أثاثة بن عباد بن المطلب- فأقبلت أنا وأم مسطح قبل بيتي حين فرغنا من شأننا، فعثرت أم مسطح في مرطها فقالت:
- تعس مسطح .........
فقلت لها: بئس ما قلت! أتسبين رجلاً شهد بدراً؟
فقالت: أي هنتاه ولم تسمعي ما قال؟
قلت: وما قال؟
فأخبرتني بقول أهل الإفك،
فقالت: فازددت مرضاً على مرضي، فلما رجعت إلى بيتي ودخل عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلم ثم قال: (كيف تيكم؟).
فقلت له: أتأذن لي أن آتي أبويِّ؟
قالت: وأنا حينئذٍ أريد أن أستيقن الخبر من قِبلهما،
قالت: فأذن لي رسول الله صلى الله عليه وسلم فجئت أبويّ فقلت لأمي: يا أمتاه، ماذا يتحدث الناس؟
قالت: يا بنية هوني عليك فوالله لقلما كانت امرأة قط وضيئة عند رجل يحبها ولها ضرائر إلا كثرّن عليها
قالت: فقلت: سبحان الله، أو لقد تحدث الناس بهذا؟
قالت: فبكيت تلك الليلة حتى أصبحت لا يرقأ لي دمع ولا أكتحل بنوم حتى أصبحت أبكي.
فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب وأسامة بن زيد حين استلبث الوحي، يسألهما ويستشيرهما في فراق أهله
قالت: فأما أسامة فأشار على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالذي يعلم من براءة أهله، وبالذي يعلم لهم في نفسه من الودّ، فقال: يا رسول الله أهلك ولا نعلم إلا خيراً. وأما علي فقال: - يا رسول الله لم يضيّق الله عليك والنساء سواها كثير وإن تسأل الجارية تصدقك
قالت: فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بريرة
فقال: (أي بريرة، هل رأيت من شيء يريبك)
قالت له بريرة: لا والذي بعثك بالحق ما رأيت عليها أمراً قط غير أنها جارية حديثة السن تنام عن عجين أهلها، فتأتي الداجن فتأكله.
قالت: فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم من يومه فاستعذر من عبد الله بن أبيّ بن سلول وهو على المنبر، فقال: ( يا معشر المسلمين، من يعذرني من رجل قد بلغني عنه أذاه في أهل بيتي، فوالله ما علمت على أهلي إلا خيراً ولقد ذكروا رجلاً ما علمت عليه إلا خيراً وما كان يدخل على أهلي إلا معي).
قالت: فقام سعد بن معاذ أخو بني عبد الأشهل
فقال: أنا يا رسول الله أعذرك منه فإن كان من الأوس ضربت عنقه، وإن كان من إخواننا من الخزرج أمرتنا ففعلنا أمرك.
قالت: فقام رجل من الخزرج وكانت أم حسان بنت عمه من فخذه وهو سعد بن عبادة وهو سيد الخزرج،
قالت: وكان قبل ذلك رجلاً صالحاً ولكن احتملَته الحمية
فقال لسعد: كذبت لعمر الله لا تقتله ولا تقدر على قتله ولو كان من رهطك ما أحببت أن يقتل فقام أسيد بن حضير، وهو ابن عم سعد.
فقال لسعد بن عبادة: كذبت لعمر الله لنقتلنه، فإنك منافق تجادل عن المنافقين.
قالت: فتثاور الحيان الأوس والخزرج حتى همّوا أن يقتتلوا ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم على المنبر.
وقالت: فلم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يخفِّضهم حتى سكتوا.
قالت: فبكيت يومي ذلك كله لا يرقأ لي دمع ولا أكتحل بنوم. قالت: وأصبح أبواي عندي وقد بكيت ليلتين ويوماً لا أكتحل بنوم ولا يرقأ لي دمع حتى إني لأظن أن البكاء فالق كبدي، فبينا أبواي جالسان عندي وأنا أبكي فاستأذنت عليّ امرأة من الأنصار فأذنت لها فجلست تبكي معي.
قالت: فبينا نحن على ذلك دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم علينا فسلم ثم جلس.
قالت: ولم يجلس عندي منذ قيل ما قيل قبلها وقد لبث شهراً لا يوحى إليه في شأني بشيء.
قالت: فتشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم حين جلس ثم قال: (أما بعد: يا عائشة، فإنه قد بلغني عنك كذا وكذا فإن كنت بريئة فسيبرئك الله، وإن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله وتوبي إليه، فإن العبد إذا اعترف بذنبه ثم تاب إلى الله تاب الله عليه).
قالت: فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم مقالته قلص دمعي حتى ما أحس منه قطرة فقلت لأبي: أجب رسول الله صلى الله عليه وسلم عني فيما قال
فقال أبي: والله ما أدري ما أقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم
فقلت لأمي: أجيبي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما قال قالت أمي والله ما أدري ما أقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
فقلت وأنا جارية حديثة السنّ لا أقرأ من القرآن كثيراً: إني والله لقد علمت: لقد سمعتم هذا الحديث حتى استقر في أنفسكم وصدقتم به، فلئن قلت لكم إني بريئة لا تصدقوني بذلك ولئن اعترفت لكم بأمر والله يعلم أني منه بريئة لَتُصَدِّقُنِّي فوالله لا أجد لي ولكم مثلاً إلا أبا يوسف حين قال (فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ ) سورة يوسف\18
ثم تحولتُ فاضطجعتُ على فراشي والله يعلم إني حينئذٍ بريئة وأن الله مبرئي ببراءتي ولكن والله ما كنت أظن أن الله منـزل في شأني وحياً يتلى لشأني في نفسي كان أحقر من أن يتكلم الله فيّ بأمر يتلى ولكن كنت أرجو أن يرى رسول الله صلى الله عليه وسلم في النوم رؤيا يبرئني الله بها، فوالله ما رام رسول الله صلى الله عليه وسلم مجلسه ولا خرج أحد من أهل البيت حتى أنزل عليه فأخذه ما كان يأخذه من البرحاء حتى إنه ليتحدر منه من العرق مثل الجمان وهو في يوم شاتٍ من ثقل القول الذي أنزل عليه.
قالت: فسرِّي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يضحك فكانت أول كلمة تكلم بها أن قال:
- (يا عائشة أما الله فقد برأك)
- قالت: فقالت لي أمي: قومي إليه
- فقلت: والله لا أقوم إليه، ولا أحمد إلا الله -عز وجل-. قالت: وأنزل الله تعالى: (إِنَّ ٱلَّذِينَ جَاءوا بِٱلإفْكِ عُصْبَةٌ مّنْكُم) العشر الآيات كلها فلما أنزل الله هذا في براءتي.
- قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه وكان ينفق على مسطح بن أثاثة لقرابته منه وفقره:
- والله لا أنفق على مسطح شيئاً أبداً بعد الذي قال لعائشة ما قال.
- فأنزل الله ) وَلا يَأْتَلِ أُوْلُوا الْفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ أَن يُؤْتُوا أُوْلِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) سورة النــور\22
- قال: أبو بكر الصديق: بلى والله إني لأحب أن يغفر الله لي فأرجع إلى مسطح النفقة التي كان ينفق عليه
- وقال: والله لا أنزعها منه أبداً.
وهكذا برأ الله تعالى ام المؤمنين من فوق سبع سموات وكان حسان بن ثابت شاعر رسول الله صلى الله عليه وسلم تكلم في الافك في من تكلم به فقال يعتذر لعائشة وقال يمدحها :

حصان رزان ما ترن بريئة
تصبح غرثى من لحوم الغوافل

عقيلة حي من لؤي بن غالب
كرام المساعي مجدهم غير زائل

مهذبة قد طيب الله خيمها
طهرها من كل سوؤ وباطل

لئن كان ما قد قيل عني قلته
فلا رفعت سوطي الي اناملي

وكيف وودي ما حييت ونصرتي
لآل رسول الله زين المحافل

وقد ذكرت هذه الحالة في القران الكريم في سورة النور من الاية: (إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْأِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لا تَحْسَبُوهُ شَرّاً لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْأِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ) (النور:11) الى الاية ((وَللا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ)) النور 22

هذه هي القصة بتمامها والمعاناة بكاملها روتها أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها عن نفسها ذ وكما جاءت في الصحيحين اعلاه .

يتبع

فالح نصيف الحجية
الكيلاني
__________________
(اللهم {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} (البقرة:201)
رد مع اقتباس
  #25  
قديم 04-12-2012, 08:48 PM
الصورة الرمزية Eng.Jordan
Eng.Jordan غير متواجد حالياً
إدارة الموقع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: الأردن
المشاركات: 25,419
افتراضي

25

بسم الله الرحمن الرحيم


وفي شهر ذي القعدة من السنة الخامسة للهجرة بعد ان تم امر بني قريظة اجيبت دعوة سعد بن معاذ وكان في خيمة في المسجد النبوي الشريف لاجل ان يعوده النبي صلى الله عليه وسلم عن قرب باستمرار فمرت عليه شاة فنكأت جرحه العميق فانتقض وانفجر من لبته فسال الدم غزيرا فتوفي فيه . فحملت جنازته الملائكة مع المسلمين واهتز عرش الرحمن لموته .
وبعدها انتدب من المسلمين خمسة من الخزرج ليحوزا شرف قتل ابورافع سلام بن ابي الحقيق رئيس يهود خيبر وتاجر اهل الحجاز واحد المؤلبين والمحركين للاحزاب ضد المسلمين فلما وصل هؤلاء الى حصنه في جهة خيبر مساءا قال قائدهم عبد الله بن عتيك:
- مكانكم فاني سانطلق الى الحصن واتلطف للبواب لعلي ادخل.
فاقبل حتى دنا من الباب ثم تقنع بثوبه كأنه يقضي حاجته فهتف البواب به:
- يا عبد الله ان كنت تريد ان تدخل فا دخل فاني اريد ان اغلق الباب .
فدخل عبد الله بن عتيك واختبأ حتى نام الناس فأخذ المفاتيح وفتح الباب ليسهل عليه الهروب عند الحاجة فكان كلما فتح بابا اغلقه من الداخل خلفه على رأ ي انه كي لا يقدر احد لا يصل اليه لأنهم سيجدون الابواب مغلقة من الداخل فلما انتهى الى بيت سلام بن ابي الحقيق فاذا هو في بيت مظلم وسط عياله لايدري اين هو فناداه :
- يا ابا رافع يا ابا رافع .
قال : من هذا ؟؟؟
فاهوى نحو الصوت بالسيف وهو في دهشته فلم يصبه فخرج ثم جاء وقد غير صوته كأنه يغيثه وقال:
- ما هذا الصوت يا ابا رافع ؟؟
- فقال : لأمك الويل ان رجلا في البيت ضربني بالسيف.
فعمد اليه وضربه ضربة جرحته ثقيلا الا انه لم يمت فوضع السيف في بطنه ونام عليه من الخلف حتى اظهره من ظهره ثم خرج مسرعا يفتح الابواب التي قفلها واحدا واحدا وكان بصره ضعيفا والليل مقمرا فظن انه وصل الى الارض فقدم رجله فوقع من السلم فجرحت رجله فشدها بعمامته واختفى عند الباب فلما اصبح الصباح سمع رجلا فوق السور ينادي بوفاة ابي رافع تاجر اهل الحجاز فعرف انه مات فجاء الى اصحابه ثم رجعوا الى المدينة فجائوا الى رسول الله صلى الله عليه وسلم وحدثوه بما حدث فمسح النبي صلى الله عليه وسلم رجل عبد الله فشفيت فكأنها لم يشتكي منها ابدا .
اما ابو لبابة فقد ربط نفسه بجذع اتخذ سارية في المسجد النبوي ومضى عليه ست ليال تاتي زوجته كي تحله للصلاة ثم يعود فيربط نفسه بعدها بالجذع ثم نزلت توبته في بيت ( ام سلمة) فبشرته بها فجاؤوا الناس ليطلقوه فأبى حتى يطلقه ****** المصطفى صلى الله عليه وسلم ففعل حين مر عليه في صلاة الفجر .
وفي المحرم من السنة السادسة للهجرة خرج ثمامة بن اثال سيد اليمامة يريد اغتيال النبي صلى الله عليه وسلم بامر من مسيلمة الكذاب وكان ثمامة اشد الناس كراهية للنبي صلى الله عليه وسلم و للاسلام . وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد ارسل سرية من ثلاثين فارسا بأمرة محمد بن مسلمة لتاديب بني كلاب بن بكر الساكني في ناحية ( ضرية ) على مسافة سبعة ليال من المدينة في طريق البصرة فلما كانوا راجعين وجدوا ثمامة في طريقهم فاسروه وجاؤوا به الى المدينة المنورة وربطوه في سواري المسجد فمر به النبي صلى الله عليه وسلم فقال له :
-( ماعندك ياثمامة ؟؟)
فقال : عندي خيرا يامحمد ان تقتل تقتل ذا دم وان تنعم تنعم على شاكر وان كنت تريد المال فسل تعط منه ما شئت .
فتركه النبي صلى الله عليه وسلم مشدودا ومشى.
ثم مر به في اليوم الثاني فدار بينهما نفس الحديث .
ثم في اليوم الثالث دار بينهما نفس الحديث فقال النبي صلى الله عليه وسلم:
- اطلقوا ثمامة .
فاطلقوه فاغتسل واسلم فقال للنبي صلى الله عليه وسلم :
- والله ما كان على ظهر الارض من وجه ابغض الي من وجهك فقد اصبح وجهك احب الوجوه الي ووالله ما كان على وجه الارض من دين ابغض الي من دينك فاصبح دينك احب الاديان الي .
وعند العودة ذهب ثمامة الى مكة معتمرا فلاموه مشركو مكة على اسلامه فقال لهم:
- والله لا يأتيكم من اليمامة حبة حنطة حتى ياذن فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فلما انصرف الى اليمامة راجعا منع بيع الحنطة الى تجار مكة واهلها فتعبوا واستشرى الغلاء حتى كتبوا الى النبي صلى الله عليه وسلم يتوسلونه ويسأ لونه الرحمة في ارحامهم ان يكتب الى ثمامة بالسماح بيع الحنطة لهم ففعل.
وفي ربيع الاول من السنة السادسة للهجرة خرج النبي صلى الله عليه وسلم يريد غزو بني لحيان وهم الذين قتلوا المسلمين ب ( الرجيع) - كما بينت سابقا - وكانوا متوغلين في الحجاز الى حدود ( عسفان ) فأخر النبي صلى الله عليه وسلم امرهم الى ان تسنح الفرصة فخرج اليهم في ما ئتين من الصحابة ومعهم عشرين فرسا بعد ان استعمل ابن ام مكتوم على المدينة فاسرع اليها السير حتى بلغ ( بطن غران ) وهو وادي بين ( امج وعسفان ) حيث كان مصرع صحابته صلى الله عليه وسلم فترحم عليهم ودعا لهم واقام فيها يومين .
اما بنو لحيان فلما سمعوا بالخبر فروا الى رؤوس الجبال لذا لم يجدوا احدا فارسل عشرة فرسان الى عسفان لتسمع بهم قريش فيداخلهم الخوف والرعب فذهبوا الى ( كراع الغميم) .
ثم رجع النبي صلى الله عليه وسلم الى المدينة بعد ان غاب عنها اربع عشرة ليلة .
وفي جمادي الاولى من السنة ذاتها بعث النبي صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة الى ( العيص ) ومعه ومائة وسبعين راكبا بغية اعتراض عير لقريش قادمة من الشام كان يرأسها ابو العاص بن الربيع زوج ( زينب) ابنة النبي فوصلوا اليها وغنموها واسروا رجالها وأفلت ابو العاص فجاء الى المدينة ثم استجار ( بزينب) ورجاها ان تتوسل رسول الله صلى الله عليه وسلم وتسأله ان يرد عليه اموال العير ففعلت ورجت اباها فوافق النبي صلى الله عليه وسلم ورد عليه كل ما كان فيها .
ابو العاص من ابطال مكة المعدودين ورجالها - تجارة ومالا وامانة فرجع الى مكة وأدى الامانات الى اصحابها ثمن اعلن اسلامه ثم هاجر الى المدينة فرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم( زينب ) .
ثم ارسل النبي صلى الله عليه وسلم عدة سرايا لبسط الامن في المدينة وما حولها وكبح جماح الاعداء حتى بسط الامن والامان في كل الربوع .

يتبع

فالح نصيف الحجية
الكيلاني
1-4-2012



************************
__________________
(اللهم {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} (البقرة:201)
رد مع اقتباس
  #26  
قديم 04-12-2012, 08:49 PM
الصورة الرمزية Eng.Jordan
Eng.Jordan غير متواجد حالياً
إدارة الموقع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: الأردن
المشاركات: 25,419
افتراضي


شذرات من السيرة النبوية المعطرة

26

بسم الله الرحمن الرحيم


لم تخمد مشاعر المسلمين في المدينة شوقاً إلى مكة التي حيل بينهم
وبينها ظلماً وعدواناً وما برحوا ينتظرون اليوم الذي تُتاح لهم فيه فرصة العودة إليها والطواف ببيتها العتيق إلى أن جاء ذلك اليوم الذي طل فيه النبي صلى الله عليه وسلم على أصحابه ليخبرهم برؤياه فقد رأى في منامه دخوله مكة وطوافه بالبيت الحرام هو واصحابه امين محلقين رؤوسهم ومقصرين فاستبشر المسلمون بهذه الرؤيا لعلمهم أن رؤيا الأنبياء حق واخبرهم انه يريد العمرة فتهيّؤوا لهذه الرحلة العظيمة والفرح يغمرهم ..

وفي يوم الإثنين غرة ربيع الاول من السنة السادسة للهجرة المباركة خرج النبي صلى الله عليه وسلم يريد العمرة ومعه ألف وأربعمائة من الصحابة وليس معهم إلا سلاح السفر فأحرموا بالعمرة من( ذي الحليفة) وذو الحليفة ميقات اهل المدينة بحرمون منه اذا رغبوا بالحج والعمرة - وقد احرمنا منها في رمضان الماضي
بعد زيارتنا للحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم وبقائنا في المدينة المنورة خمسة ايام - فلما فلما بلغوا ( عسفان ) واقتربوا من مكة بلغهم عينه أن قريشاً جمعت الجموع لمقاتلتهم وصدهم عن البيت الحرام . وكانت قريش قد تهيات للقتال وقد جمعوا الاحابيش ليعينوهم في القتال ونزلوا ب ( ذي طوى ) وارسلوا خالد بن الوليد ومعه مائتي فارس الى ( كراع الغميم ) قريبا من عسفان ليسد الطريق النافذ الى مكة عليهم .
استشار ****** المصطفى صلى الله عليه وسلم اصحابه في الهجوم على اهل المجتمعين لقتاله من الاحابيش ام يقصد البيت الحرام فمن صده يقاتله فاشار عليه ابو بكرالصديق قائلا :
- يارسول الله جئنا معتمرين لا مقاتلين فمن حال بيننا وبين البيت الحرام قاتلناه
- قال النبي صلى الله عليه وسلم : (هذا هو الراي)
راى خالد بن الوليد ان الملسمين اثناء صلاة الظهر وهم يقومون ويسجدون فاراد ان ياخذهم على غفلة منهم وهم في صلاتهم ساجدون . ثم قرران يباغتهم في صلاة العصر. فشرعت صلا ة الخوف بين الظهر والعصر وهي ان ينقسم المسلمون في صلاتهم قسمين فاذا ام النبي صلى الله عليه وسلم المسلمين فيها يكونون باسلحتهم فيسجد قسم منهم والاخر يحرسهم ثم في الركعة الثانية يسجد الاخرون ويحرسهم الاولون وهكذا لحين تنتهي الصلاة
فيكونون في امان من العدو اثناء الصلاة .
اخذ ****** المصطفى صلى الله عليه وسلم طريقا غير طريقهم فيمم يمينا من اسفل مكة حتى بلغ ( ثنية المرار) وهي مهبط الحديبية فبركت ناقته القصواء فقال صلى الله عليه وسلم:
-( ما خلأت القصواء وما ذاك لها خلق ولكن حبسها حابس الفيل ) ثم قال :
-( والله لايسالوني خطة يعظمون فيها حرمات الله الا اعطيتهم اياها)
ثم زجر الناقة فوثبت وتقدم فنزل الحديبية .
فجاء بديل بن ورقاء الخزاعي في نفر من خزاعة – وكانوا ناصحين للمسلمين في اقوالهم- فاخبرالنبي صلى الله عليه وسلم ان قريشا تستعد لقتالهم وصدهم عن المسجد الحرام . فاخبرو النبي صلى الله عليه وسلم انه ماجاء الا معتمرا وما جاء لقتال قريش وانه مستعد للهدنة والمصالحة الا اذا ابت قريش فانه سيقاتلهم حتى يحكم الله وهو خيرالحاكمين .
ثم ارسلوا عروة بن مسعود الثقفي فقال له النبي صلى الله عليه وسلم مثلما قال لبديل قبله . فرجع الى قريش ونصحهم بقبول الهدنة فلما حل الليل تسلل بعض شباب قريش فهبطوا جبل ( التنعيم) الى معسكر المسلمين وارادو القضاء على محاولات الصلح فالقى المسلمون عليهم القبض ثم اطلقهم المنبي صلى الله عليه وسلم وعفا عنهم فكان هذا الفعل له اثره الكبير في نفوس القرشيين وتخويفهم من قوة المسلمين فمالت قلوبهم لعقد صلح بينهم قال تعالى ( وهو الذي كف ايديهم عنكم وايديكم عنهم ببطن مكة من بعد ان اظفركم عليهم وكان الله بما تعملون بصيرا *) الفتح \ 24
قرر النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك ان يرسل عثمان بن عفان رضي الله عنه إلى قريش وقال له :
-(أخبرهم أنا لم نأت لقتال وإنما جئنا عماراً ، وادعهم إلى الإسلام )
وأَمَرَه أن يأتي رجالاً بمكة مؤمنين ونساء مؤمنات ، فيبشرهم بالفتح ، وأن الله عز وجل مظهر دينه بمكة ، حتى لا يستخفى فيها بالإيمان . فانطلق عثمان حتى دخل في جوار ابان بن سعيد الاموي ولماء جاء قريش قالوا له :
- إلى أين ؟
- فقال : بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم أدعوكم إلى الله وإلى الإسلام ، ويخبركم : أنه لم يأت لقتال ، وإنما جئنا عماراً ).
- قالوا : قد سمعنا ما تقول فانفذ إلى حاجتك .
فعرضوا عليه ان يطوف بالبيت الحرام فابى ان يطوف النبي صلى الله عليه وسلم يمنع من الطواق ثم قالوا له :
- إلى أين ؟

ولكن عثمان احتبسته قريش فتأخر في الرجوع إلى المسلمين ، فخاف الرسول صلى الله عليه وسلم عليه وان قتل الرسول في الاعراف معناه اعلان الحرب فقال النبي صلى الله عليه وسلم
- ( لانبرح حتى نناجز القوم )
وخاصة بعد أن شاع أنه قد قتل
فدعا إلى البيعة فتبادروا إليه وهو تحت الشجرة فبايعوه على أن لا يفروا وهذه هي بيعة الرضوان وقد أنزل الله فيها قوله ) لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة ) سورة الفتح\ 18 .
ثم اطلقوا عثمان وكانت قد اخذت البيعة .
وأرسلت قريش عروة بن مسعود إلى المسلمين فرجع إلى أصحابه فقال لهم :
أي قوم ، والله لقد وفدت على الملوك -كسرى وقيصر والنجاشي- والله ما رأيت ملكاً يعظمه أصحابه كما يعظم أصحاب محمد محمداً . والله إذا أمر ابتدروا أمره وإذا توضأ كادوا يقتتلون على فضلة وضوئه وإذا تكلم خفضوا أصواتهم وما يحدون إليه النظر تعظيماً له .
ثم قال : وقد عرض عليكم خطة رشد فا قبلوها .
ولما سمع القرشيون بامرالبيعة داخلهم رعب شديد ثم أسرعت قريش في إرسال سهيل بن عمرو لعقد الصلح فلما رآه النبي صلى الله عليه وسلم قال :
-( قد سهل لكم أمركم أراد القوم الصلح حين بعثوا هذا الرجل )
فتكلم سهيل طويلاً ثم اتفقا على قواعد الصلح وهي :

الأولى : رجوع الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه من عامه هذا وعدم دخول المسلمين مكة فإذا كان العام القادم دخلها المسلمون بسلاح الراكب( وهو السيف في قرابه) فيقيمون بها ثلاثة ايام .
الثانية : وضع الحرب بين الطرفين عشر سنين ، يأمن فيها الناس .
الثالثة : من أراد أن يدخل في عقد مع محمد وعهده دخل فيه ومن أحب أن يدخل في عقد مع قريش وعهدهم دخل فيه .
الرابعة : من أتى محمداً من قريش من غير إذن وليه رده إليهم ومن جاء قريشاً ممن مع محمد لا ترده إليه .
ثم قال الرسول صلى الله عليه وسلم :
- (هات اكتب بيننا وبينك كتاباً )
فدعا الكاتب -وهو علي بن أبي طالب – فقال :
اكتب : (بسم الله الرحمن الرحيم).
فقال سهيل : أما الرحمن فما أدري ما هو ؟ ولكن اكتب : باسمك اللهم كما كنت تكتب .
فقال المسلمون : والله لا نكتبها إلا بسم الله الرحمن الرحيم
فقال صلى الله عليه وسلم : (اكتب : باسمك اللهم ).
ثم قال : اكتب : (هذا ما صالح عليه محمد رسول الله)
فقال سهيل : والله لو نعلم أنك رسول الله ما صددناك عن البيت ولكن اكتب محمد بن عبد الله.
فقال : إني رسول الله ، وإن كذبتموني . اكتب محمد بن عبد الله)
ثم تمت كتابة الصحيفة ودخلت قبيلة خزاعة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ودخلت بنو بكر في عهد قريش .

فبينما هم كذلك إذ جاء أبو جندل بن سهيل ، وقد خرج من أسفل مكة يرسف-يمشي مقيداً- في قيوده حتى رمى بنفسه بين أظهر المسلمين .
فقال سهيل : هذا يا محمد! أول ما أقاضيك عليه أن ترده إلي فقال النبي صلى الله عليه وسلم : إنا لم نقض الكتاب بعد) فقال : إذاً والله لا أصالحك على شئ أبداً.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم : فأجزه لي )
قال : ما أنا بمجيزه لك
. قال : بلى فافعل )
قال : ما أنا بفاعل .
قال أبو جندل : يا معشر المسلمين كيف أرد إلى المشركين وقد جئت مسلماً؟ ألا ترون ما لقيت ؟
وكان قد عذب في الله عذاباً شديداً
فقال النبي صلى الله عليه وسلم : اصبر واحتسب فان الله جاعل لك وامن معك من المستضعفين فرجا ومخرجا)
فلما فرغ من قضية الكتاب ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه :
-( قوموا فانحروا ثم احلقوا)
فما قام منهم رجل حتى قالها ثلاث مرات . فلما لم يقم منهم أحد قام ولم يكلم أحداً منهم حتى نحر بدنه وقد نحر النبي صلى الله عليه وسلم جملا كان لابي جهل في انفه حلقة من فضة لبغيض المشركين ودعا حالقه فحلق .
فلما رأوا ذلك قاموا فنحروا الابل عن سبعة افراد والبقرة عن سبعة ايضا وجعل بعضهم يحلق بعضاً حتى كاد بعضهم يقتل بعضاً كمدا . وقد حزن المسلمون لامرين :
الاول: رجوعهم الى المدينة منغير ان يعتمروا .
والثاني: ان صحيفة الحديبية لم تساوي بين الطرفين في احد بنودها وهو البند الرابع منها حيث ينص على ان المسلمين ملزمزن برد من جاء اليهم وقريش لايردون ما جاء اليهم من المسلمين فطمانهم النبي صلى الله عليه وسلم في الاول انهم سوف يعتمرون في العام القادم فرؤيا الانبياء حقيقة وصدق وطمانهم في الثاني بان من ذهب من المسلمين الى قريش فهو مرتد وقد ابعده الله عنهم ومن جاء من من قريش فسيجعل الله فرجا ومخرجا وفي قوله هذا بعد نظر وانتظار المستقبل .لكن في ظاهر الامر كان في صالح قريش مما كان له تاثير على نفوس المسلمين ومن ذلك مادار بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين عمر بن الخطاب فقد جاء اليه عمر الى النبي صلى الله عليه وسلم قال عمر بن الخطاب : والله ما شككت منذ أسلمت إلا يومئذ . فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت :
- يا رسول الله ! ألست نبي الله ؟
قال : بلى.)
قلت : ألسنا على الحق وعدونا على الباطل ؟
قال : بلى) .
قلت : علام نعطى الدنية في ديننا ؟ ونرجع ولما يحكم الله بيننا وبين أعدائنا ؟
فقال : (إني رسول الله وهو ناصري ولست أعصيه) .
قلت : ألست كنت تحدثنا : أنا نأتي البيت ونطوف به .
قال : (بلى أفاخبرتك أنك تأتيه العام ؟)
قلت : لا
قال : فإنك آتيه ومطوف به ).
قال : فأتيت أبا بكر ، فقلت له مثلما قلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، ورد علي كما رد علي رسول الله صلى الله عليه وسلم سواء وزاد : فاستمسك بغرزه حتى تموت فوالله إنه لعلى الحق .
ثم جاء نسوة مؤمنات فأنزل الله : (يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن الله اعلمك بايمانهن فان علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن الى الكفار لاهن حل لهم ولاهم يحلون لهن وءاتوهم نا انفقوا ولا جناح عليكم ان تنكحوهن اذا اتيتموهن اجورهن ولا تمسكوا بعصم الكوافر واسألوا ما انفقتم وليسالوا ما انفقوا ذلكم حكم الله يحكم بينكم والله عليم حكيم )) الممتحنة\ 10 .
وعند رجوع رسول الله صلى الله عليه وسلم الى المدينة : أنزل الله سورة الفتح : (إنا فتحنا لك فتحا مبينا * ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر *) الفتح \1
فقال عمر : أو فتح هو يا رسول الله ؟
قال : نعم )
قال الصحابة : هذا لك يا رسول الله ، فما لنا ؟
فأنزل الله : ( هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين ليزدادوا إيمانا مع إيمانهم فوزا عظيما*) الفتح \1-5.

ولما رجع إلى المدينة جاءه أبو بصير –رجل مسلم من قريش- فأرسلوا في طلبه رجلين الى النبي صلى الله عليه وسلم لاجل رده اليهم وقالوا :
- العهد الذي بيننا وبينك .
فدفعه إلى الرجلين ، فخرجا به حتى بلغا( ذا الحليفة ). فنزلوا يأكلون من تمر لهم فيه.
فقال أبو بصير لأحدهما:
- إني أرى سيفك هذا جيداً.
- فقال: أجل ، والله إنه لجيد ، لقد جربت به ثم جربت
- فقال : أرني أنظر إليه
فاخذ السيف فقتله بسيفه وانهزم الاخر
ورجع أبو بصير إلى المدينة
فقال : يا نبي الله ! قد أوفى الله ذمتك، قد رددتني إليهم فأنجاني الله منهم .
فقال صلى الله عليه وسلم ) ويل أمه مسعر حرب ، لو كان له أحد ) وزجره . فلما سمع ذلك عرف ابو بصير أنه سيرده إليهم خرج حتى أتى سيف البحر ثم تفلت أبو جندل من قريش فلحق بأبي بصير ثم اصبحت حالة جديد ة اي شخص يفلت من قريش يلتحق بابي بصير وابي جندل في سيف البحر حتى اصبحوا كثر واخذوا يهددون القوافل القرشية الذاهبة الى الشام والقافلة منها فأرسلت قريش إلى النبي صلى الله عليه وسلم تناشده الله والرحم أن أتاه منهم فهو آمن .
.
فلا يخرج من قريش رجل -قد أسلم- إلا لحق به حتى اجتمعت منهم عصابة . فما سمعوا بعير لقريش خرجت إلى الشام إلا اعترضوا لها فقاتلوهم وأخذوا أموالهم فأرسلت قريش إلى النبي صلى الله عليه وسلم تناشده الله والرحم أن أتاه منهم فهو آمن .

وكان هذا الصلح فتحاً عظيماً ، ونصراً مبيناً للمسلمين فقد دخل في الاسلام الكثير وقد اسلم اعظم وافضل قادة قريش وكبرائها هثل خالد بن الوليد و عمرو بن العاص و عثمان بن طلحة ، وذلك لما ترتب عليه من منافع عظيمة حيث اعترفت قريش بالمسلمين وقوتهم وتنازلت عن صدارتها الدنيوية وزعا متها الدينية فلا عجب إذاً أن يسمّيه الله تعالى في القران الكريم ( فتحا مبينا) .

يتبع


فالح نصيف الحجية
الكيلاني


__________________
(اللهم {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} (البقرة:201)
رد مع اقتباس
  #27  
قديم 04-12-2012, 08:52 PM
الصورة الرمزية Eng.Jordan
Eng.Jordan غير متواجد حالياً
إدارة الموقع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: الأردن
المشاركات: 25,419
افتراضي

شذرات من السيرة النبوية المعطرة

27

بسم الله الرحمن الرحيم

بعد ابرام صلح الحديبية عاد النبي صلى الله عليه وسلم الى المدينة المنورة فقد امن جانب قريش واصبح له متسعا من الوقت للعمل وتنسيق الامور والدعوة الى الاسلام واهم حدث يذكر في هذا المجال قيام النبي صلى الله عليه وسلم بارسال رسائل الى الملوك والامراء يدعوهم الى الاسلام ويذكرهم بمضاعفة مسؤلياتهم وكان اول رسائله الى هرقل امبراطورالروم البيزنطي وقد
وقد بعث الكتاب مع دحية ابن خليفة الكلبي يحمله الى ملك الروم وامره ان يدفعه الى عظيم بصرى ليدفعه الى القيصر وكان القيصر قد جاء من حمص الى بيت المقدس مشيا على الاقدام شكرا لله على ما حصل عليه من الانتصار على الفرس فلما جاءه ارسل الى رجل من العرب له معرفة كبيرة بمحمد صلى الله عليه وسلم فوجد ابا سفيان وجماعته من قريش فاتوا بهم الى هرقل فدعاهم هرقل الى مجلسه وكان حوله عظماء وكبراء ورؤساء الروم فسالهم بحضورهم ايهم اقرب الى النبي صلى الله عليه وسلم نسبا فاشاروا الى ابي سفيان فادناه القيصر واجلس بقية القرشيين خلفه وقال لهم :
اني سائل الرجل يعني اباسفيان عن الرجل ويعني به النبي صلى الله عليه وسلم فان كذبني فكذبوه فاستحى ابو سفيان ان يكذب فيرد عليه احدهم بانه كاذب
فقال القيصر:
- كيف نسبه فيكم ؟
- هو فينا ذونسب
- فهل قال هذا القول منكم احدج قبله؟
- لا.
- افاشراف الناس اتبعوه ام ضعفاؤهم؟
- بل ضعفاؤهم
- ايزيدون ام ينقصون؟؟
- بل يزيدون
- فهل يرتد احد منهم سخطة لدينه بعد ان يدخل فيه ؟
- لا
- فهل كنتم تتهمونه بالكذب قبل ان يقول ما قال ؟
- لا
- فهل يغدر؟
- لا لكنا منه في مدة لاندري ماهو فاعل فيها
- فهل قاتلتموه؟؟
- نعم
- فكيف كان قتالكم اياه ؟
- الحرب بيننا وبينه سجال ينال منا وننال منه
- وماذا يامركم؟
- يقول اعبدوا الله ولاتشركوا به شيئا واتركوا مايقول اباؤكم ويامر بالصلاة والصدق والعفاف والصلة.
فقال هرقل معلقا على هذا الحوار: ذكرت انه فيكم ذو نسب وكذلك الرسل تبعث في نسب قومها . وذكرت انه لم يقل احد منكم هذا القول قبله. وذكرت انه لم يكن من ابائه من ملك: قلت فلو كان من ابائه من ملك قلت يطلب ملك ابيه
وذكرت انكم لم تكونوا تتهمونه بالكذب فعرفت انه لم يكن ليذر الكذب علىالناس ويكذب على الله وذكرت ان ضعفاء الناس اتبعوه وهم اتباع الرسل وذكرت انهم يزيدون وكذلك الايمان حتى يتم وذكرت انه لايغدر وكذلك الرسل لايغدرون وذكرت انه يامركم ان تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وينهاكم عن عبادة الاوثان ويامركم بالصلاة والصدق والعفاف فان كان ماقلت حقا فسيلك موضع قدمي هاتين وقد كنت اعلم انه خارج ولم اكن اظنه منكم فلو اني اعلم اني اخلص اليه لتجشمت لقاءه ولو كنت عنده لغسلن عن قدميه .
ثم دعا بالكتاب فقراه وهذا نصه :
(( بسم الله الرحمن الرحيم
(( من محمد عبدالله ورسوله إلى هرقل عظيم الروم، سلام على من اتبع الهدى
أما بعد:
فإني أدعوك بدعاية الإسلام، أسلم تسلم، يؤتك الله أجرك مرتين، فإن توليت فإن عليك إثم الأريسيين، (يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئاً ولا يتخذ بعضنا بعضاً أرباباً من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون.))
فارتفعت الاصوات وكثراللغط فاخرج ابو سفيان ومن معه فلما خرج ابو سفيان قال لاصحابه:
لقد امر امر ابن كبشة انه ليخافه ملك بني الاصفر ولم يزل ابو سفيان موقنا بعده بظهور امر النبي صلىالله عليه وسلم وحتى وفقه الله تعالى بالاسلام .
ثم اجاز هرقل دحية بن خليفة الكلبي بمال وكسوة ثم جمع عظماء الروم في دسكرة وامر بغلق ابوابها فاغلقت . فقال لهم :
- يامعشرالروم هل لكم من الفلاح والرشد وان يثبت ملككم فتتابعوا هذا النبي فحاصوا حيصة حمر الوحش الى الابواب فوجدوها مغلقة فلما راي قيصر نفرتهم قال:
- ردوهم علي.
فقال لهم : اني قلت مقالتي اختبر بها شدتكم عن دينكم فقد رايت فسجدوا له ورضوا عنه .
من هنا يتبين ان القيصر عرف انه النبي المرسل الموجود هة صفاته في التوراة والانجيل وصدق بنبوته بتمام المعرفة ولكنه ان صرح به والزم الناس بما اعتقد يذهب ماله وملكه فباء باثم نفسه واثم الاخرين من رعيته الى يوم القيامة كما اخبر****** المصطفى صلى الله عليه وسلم .
اما ماكان من امر دحية الكلبي فانه سلك الطريق راجعا الى المدينة فلما وصل (بني جذام ) خرج عليه قطاع طرق وانتهبوا ماله فلم يتركوا له شيئا الاانه واصل مسيره الى ان وصل المدينة فمثل بين يدي رسول الله صلى لله عليه وسلم فاخبره بما جرىله فبعث النبي صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة وبامرته خمسمائة مقاتل الى (بني جذام ) فاغاروا عليهم فقتلوهم وغنموا غنائم كثيرة منها الف بعير وخمسة الاف شاة ومن السبي مائة صبي وامراة فاسرع زيد بن رفاعة الجذامي رئيسهم الى المدينة واسلم هو ورجاله و وكانوا قد نصروا دحية الكلبي حين قطع الطريق عليه. فرد النبي صلى الله عليه وسلم الى زيد بن رفاعة الغنائم والسبايا .

* اما الرسالة الاخرى فقد ارسلها النبي صلى الله عليه وسلم الى النجاشي اصمحة بن الابجر ملك الحبشة فقد اوكل به عمرو بن امية الضمري فلما وصل الكتاب اليه اخذه النجاشي ووضعه على عينيه ونزل عن السرير واسلم على يد جعفر بن ابي طالب وكتب الى النبي صلىالله عليه وسلم باسلامه وبيعته وزوج ام المؤمنين ام حبيبة لنت ابي سفيان الىالنبي صلى الله عليه وسلم واصدقها من ماله اربعمائة دينار وارسلها مع المهاجرين في سفينتين مع عمرو بن امية الضمري فلما وصلوا المدينة كان النبي صلى الله عليه وسلم في خيبر . وهذا نص الرسالة:
(( بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الإسلام إلى النجاشى ملك الحبشة: سلام عليك إنى أحمد الله إليك ،الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن، وأشهد أن عيسى بن مريم روح الله وكلمته ألقاها إلى مريم البتول الطيبة الحصينة، فحملت بعيسى فخلقه الله من روحه كما خلق آدم بيده، وإنى أدعوك وجنودك إلى الله عز وجل، وقد بلغت ونصحت فاقبلوا نصحى، والسلام على من اتبع الهدى. وقد أدت الرسائل كلها مهمتها خير أداء.))
مات النجاشي في رجب من السنة التاسعة للهجرة المباركة فنعاه النبي صلى الله عليه وسلم يو م وفاته وادى عليه صلاة الغائب فخلفه على الحبشة نجاشي اخر فكتب اليه يدعوه للاسلام.

* اما الر سالة الاخرى فقد ارسلها النبي صلى الله عليه وسلم الى كسرى ابرويز ملك الفرس وقد ندب لحملها عبد الله بن حذافة السهمي وامره ان يدفعه الى عظيم البحرين ليدفعه عظيم البحرين الى كسرى انو شروان .
فلما وصل الكتاب الى كسرى فقرأه وهذا نصه:

(( بسم الله الرحمن الرحيم . من محمد رسول الله إلى كسرى عظيم فارس، سلام على من اتبع الهدى، وآمن بالله ورسوله، وشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، وأدعوك بدعاية الله، فإني أنا رسول الله إلى الناس كافة، لينذر من كان حيا ويحق القول على الكافرين فأسلم تسلم، فإن أبيت فإن إثم المجوس عليك.))
ثم مزقه ورماه لحقده على العرب والذي يعتبرهم عبيدا من عبيده وقال:
- عبد حقير من رعيتي يكتب اسمه قبل اسمي .
فلما بلغ النبي صلى الله عليه وسلم الخبر فقال داعيا عليه :
-( مزق الله ملكه )
فكان كما احب النبي صلى الله عليه وسلم فقد انهزم جيشه امام جيش الروم هزيمة منكرة ثم اتلب عليه ابنه (شيرويه) فقتله واخذ ملكه واسمتر تمزق مملكته حتى جاء الفتح الاسلامي في معركة القادسية زمن الخلفة عمر
بن الخطاب فقضى عليهم وذهب ملكهم ولم تقم للفرس قائمة لحد هذا اليوم ببركة دعاء النبي صلى الله عليه وسلم عليه .

وكذلك وجه كتابا الى المقوقس ملك الاسكندية في مصر حيث بعث بالكتاب حاطب بن ابي بلتعة فلما وصل حاطب وابلغ الكتاب اكرمه المقوقس ووضع الكتاب في حق من عاج اكراما للحبيب المصطفى وختم عليه واحتفظ به وهذا نصه :
((بسم الله الرحمن الرحيم. من محمد رسول الإسلام إلى المقوقس عظيم القبط: سلام على من اتبع الهدى، أما بعد فإني أدعوك بدعوة الإسلام، أسلم تسلم يؤتك الله أجرك مرتين ﴿قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ).))
ثم كتب الى رسول الله صلى الله عليه وسلم يقر فيه بان نبيا قد بقي كما تشير رسالته وانه كان يظن انه سيخرج في الشام الا انه لم يسلم وبقي على دينه كما انه اهدى الى رسول الله صلى الله عليه وسلم جاريتين ( مارية القبطية)و( سيرين ) وكانت لهما في القبط مكانة عظيمة واهدى اليه كسوة وبغله اسمها ( دلدل ) فاختار النبي صلى الله عليه وسلم ( مارية) وركب البغلة اما سيرين فقد وهبها الى شاعره حسا ن بن ثابت .


* اما الرسالة الاخرى فقد كتبها النبي صلى الله عليه وسلم الى امير بصرى في الشام بعث فيها الحارث بن عمير الازدي فلما بلغ الحارث ( بلدة مؤتة) من اعمال ( البلقاء) جنوب الاردن تعرض له شرحبيل بن عمرو الغساني فقتله .
وقد انزعج النبي صلى الله عليه وسلم اينما انزعاج من هذه الحادثة الاليمة وكان ذلك احد اسباب معركة ( مؤتة ) التي سناتي انشاء الله على ذكرها وتعد هذه الحادثة حادثة قتل الرسل اول حادثة من نوعها فما كان قد قتل لنبي او رسول قبله .

*وكتب النبي صلى الله عليه وسلم رسالة الى هوذة بن علي صاحب اليمامة وبعث بها اليه مع سليط بن عمرو العامري فلما وصل سليط اكرمه هوذه بن علي واجازة وقيل انه كساه من نسيج هجر المشهور وكتب جوابا الى النبي صلى الله عليه وسلم هذا نص الجواب :
( ما احسن ماتدعوا اليه واجمله وانا شاعر قومي وخطيبهم والعرب تهابني اجعل لي بعض الامر اتبعك .)
فحمل سليط العامري الجواب الى النبي صلى الله عليه وسلم فقال :
( لو سألني قطعة من الارض ما فعلت باد وباد ما في يديه )
وقد مات سليط العامري في فتح مكة .

*و كتب النبي صلى الله عليه وسلم الى ملك البحرين المنذر بن ساوي بعث فيها العلاء بن الحضرمي فاسلم المنذر واسلم اهل البحرين وبقي منهم من على دين اليهودية والمجوسية . وهذا نص الرسالة :
(( بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله، إلى المنذر بن ساوى، سلام على من اتبع الهدى، أما بعد: فإني أدعوك إلى الإسلام، فأسلم تسلمْ يجعل الله لك ما تحت يديك. واعلم أن ديني سيظهر إلى مُنتهى الخفّ والحافر»
«بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد رسول الله إلى المنذر بن ساوي، سلام عليك، فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً عبده ورسوله. أما بعد فإني أذكرك الله عز وجل، فإنه من ينصح فإنما ينصح لنفسه، ومن يطع رسلي ويتبع أمرهم فقد أطاعني، ومن ينصح لهم فقد نصح لي، وإنّ رسلي قد أثنوا عليك خيراً، وإني قد شفعتُكَ في قومكَ، فاتركْ للمسلمين ما أسلموا عليه، وعفوتُ عن أهل الذنوب فاقبل منهم، وإنك مهما تصلح، فلن نعزلكَ عن عملك، ومن أقام على يهودية أو مجوسية فعليه الجزية.))

وكتب المنذر ملك البحرين الى النبي صلى الله عليه وسلم يستفتيه فكتب له المبي صلى الله عليه وسلم يامره بترك المسلمين وما اسلمو عليه وياخذ الجزيةمن اليهود والمجوس .


* وقد بعث النبي صلى الله عليه وسلم بعد فتح مكة بايام قلائل برسالة الى ملكي عمان جيفر واخيه. وقد انتدب لايصالها اليهما عمرو بن العاص فلما وصل الى عمان لقي عبد بن الجلندي فساله عبد عما يدعو اليه فقال:
- الى الله وحده لاشريك له وتخلع ما عبد من دونه وتشهد ان محمدا عبده ورسوله.
بعد حوار طويل بينهما ساله عبد الجلندي عما يا مر به النبي صلى الله عليه وسلم فقال له :
يامر بطاعة الله وينهى عن العدوان والزنى وشرب الخمرة وعن عبادة الحجر والوثن والصليب .
فقال له عبد : ما احسن هذا الذي يدعو له لوكان اخي يتابعني عليه لركبنا حتى نؤمن بمحمد ونصدق به لكن اخي اضن بملكه من ان يدعه ويصير ذنبا – اي تابعا لغيره -
فقال عمرو بن العاص : ان اسلم اخوك ملكه رسول الله صلى الله عليه على قومه فاخذ الصدقة من غنيهم فيردها على فقيرهم .
فقال له -:ان هذا لخلق حسن.
ثم ساله عن الصدقة فاخبره عمرو بن العاص بتفاصيلها واحكامها فلما جاء على ذكرالمواشي قال له :
- ما اظن ان قومي يرضون بهذا .
ثم اوصل عبد عمرو بن العاص الى اخيه جيفر فاعطاه الكتاب فقراه وسال عمرا عما فعلته قريش فاخبره انهم اسلموا وانه ان اسلم يسلم والا وطاته الخيل وتبيده خضراءه .
فارجأ جيفر امره الى الغد فلما كان الغد ابدى القوة والصمود ولكنه اختلى باخيه للاستشارة . ثم اسلم الاثنان وخليا بين عمرو بن العاص وبين اخذه الصدقة وكانا عونا عمن خالفه او امتنع عنها .

يتبع

فالح نصيف الحجية
الكيلاني

4-4-2012
__________________
(اللهم {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} (البقرة:201)
رد مع اقتباس
  #28  
قديم 04-12-2012, 08:53 PM
الصورة الرمزية Eng.Jordan
Eng.Jordan غير متواجد حالياً
إدارة الموقع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: الأردن
المشاركات: 25,419
افتراضي


28

بسم الله الرحمن الرحيم

من فضائل صلح الحديبية على المؤمنين انهم تفرغوا واستراحوا من اكبر واعظم عدو لهم في الجزيرة العربية وهم قريش حيث تفرغ النبي صلى الله عليه وسلم لأخبث عدو للاسلام وهم اليهود وكانوا يسكنون في ( خيبر ) وما خلفها من جهة الشام .
فبينما كان النبي صلى الله عليه وسلم يستعد للخروج الى( خيبر ) حدثت معركة جديدة هي( معركة الغابة ) .
وسببها ان النبي صلى الله عليه وسلم قد ارسل ا بلا لقاحا ترعى في جهة الغابة بناحية جبل ( احد) ومعها غلامه رباح وكان راعي الابل سلمة بن الاكوع فأغار عبد الرحمن بن عيينة بن حصن الفزاري في بني عبد الله بن غطفان على الابل اللقاح للنبي صلى الله عليه وسلم التي ترعى بالغابة فاستاقها واعطى الراعي فرسه الى رباح ليسرع الى المدينة فيخبر النبي صلى الله عليه وسلم بالامر وقام الراعي على اكمة واخذ يصيح باعلى صوته :
- ياصباحاه .. ياصباحاه .. ياصباحاه..
ثم خرج في اثارالقوم وهو يرميهم النبال ويرتجز :

خذها انا ابن الاكوع اليوم يوم الرضّع

واستمر في رميه عليهم حتى رجع اليه احدهم فجلس الى اصل شجرة ورماه ثم دخلوا في مضيق جبل فاصبح سلمة فوق الجبل وهو مستمر في رميهم بالنبال وفي رواية اخرى في النبل والحجارة حتى تركوا الابل كلها ولم يزل يتبعهم حتى ألقوا ثلاثين بردا وثلاثين رمحا فاضطر اربعة منهم ان يصعدوا اليه وهو يجمع الحجار ة ليرميهم بها فجلسوا في ثنية لا يراهم فجلس سلمة بن الاكوع على راس قرن في الجبل فقال لهم :

- هل تعرفونني ؟؟ انا سلمة بن الاكوع لا اطلب منكم رجلا الا ادركته ولا يطلبني احد فيدركني .
فرجعوا عنه.
ثم التفت صوب المدينة فراى فرسان النبي صلى الله عليه وسلم قادمون اليه وفيهم الاخرم وقتادة و المقداد والتقى اخرم وعبد الرحمن الفزاري فعقر اخرم فرس عبد الرحمن وطعنه عبد الرحمن فقتله فلحقه ابو قتادة فقتله طعنا . وانهزم رجاله . فطاردهم الفوارس وسلمة معهم يركض برجليه حتى وصلوا قبيل الغروب الى ماء يسمى ( ذي قرد) حيث نزل عليه فرسان العدو ليشربوا منه لعطشهم فاجلاهم سلمة بنبله ولحق بهم النبي صلى الله عليه وسلم فقال سلمة ابن الاكوع للنبي صلى الله عليه وسلم :
- يارسول الله القوم عطاشى فلو بعثتني في مائة رجل اخذت باعناقهم فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ملكت فاسجع ) - تريث
ثم قال صلى الله عليه وسلم : انهم ليقرون الان في بني غطفان) واعطاه سهم الفارس والراجل واردفه العضباء وقال صلى الله عليه وسلم : خير فرساننا اليوم ابو قتادة وخير رجالتنا سلمة)
وفي رواية اخرى قال النبي صلى الله عليه وسلم
-( ياخيل الله اركبي ..)
ثم ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم مقنعا في الحديد فكان أول من قدم إليه المقداد بن عمرو في الدرع والمغفر. فعقد له رسول الله صلى الله عليه وسلم اللواء في رمحه وقال :
( امض حتى تلحقك الخيول إنا على أثرك قادمون )
واستخلف النبي صلى الله عليه وسلم ابن أم مكتوم ثم أدرك سلمة بن الأكوع القوم وهو على رجليه فجعل يرميهم بالنبل ويقول:

( خذوها وانا ابن الأكوع واليوم يوم الرضع )

حتى انتهى إلى( ذي قرد) وقد استنقذ منهم جميع اللقاح وثلاثين بردة . و قال سلمة :
فلحقنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وفوارسه ينوون فتحاً لحِصْون ( خَيْبَر)
بعد أن نقض اليهود العهد مع المسلمين في معركة الخندق وعاقبهم رسول الله في غزوة بني قريظة وتم طردهم خارج المدينة فاتجه أغلبهم إلى (خيبر)
ما كاد رسول الله عليه وسلم يعود من صلح الحديبية ، ويستريح بالمدينة حتى أمر بالخروج إلى (خيبر) وليتخلص من هذه البؤرة الوسخة فاليهود اظهروا العداء للاسلام من اول يوم ولد فيه وهم يعلمون انه الحق من ربهم وكان سلاحهم الاقوي المكائد والحيل والنفاق ولا يزالون لحد الان فقد كان يهود خيبر يعادون المسلمين وقد بذلوا جهدهم في جمع الأحزاب في غزوة( الخندق) لمحاربة المسلمين يوم خرج رسول الله صلى الله عليه الصلاة والسلام للقتال .
ففي مطلع محرم الحرام من السنة السابعة للهجرة المباركة وبعد ثلاثة ايام من انتهاء معركة( الغابة ) استخلف النبي صلى الله عليه وسلم على المدينة سباع بن عرفطة الغفاري ونادى في الناس الا يخرجوا معه الا رغبة في الجها د اما الغنيمة فلا يعطي لهم منها شيئ فلم يخرج للقتال الا اصحاب الشجرة وكان عددهم الف واربعمائة مقاتل .
كانت( خيبر) مدينة يهودية تبعد عن المدينة المنورة قرابة \ مائة وسبعين كيلومترا باتجاه الشام شمال المدينة متكونة من عدة محلات اهمها ثلاث: الكتيبة والنطاة والشق وكل منها مكون من عدة حصون وقلاع
فالكتبية متكونة من : حصن القموص وحصن السلالم ومحصن النزار
والنطاة متكونة من : حصن ناعم وحصن الصعب بن معاذ وحصن قلعة الزبير.
والشق متكونة من : حصن القموص وحصن الوطيح وحصن السلالم
فخرج النبي صلى الله عليه وسلم لغزو ( خيبر ) وسلك الطريق الموصل اليها حتى وصل الى منتصف الطريق ثم غير طريقه باخر يوصله الى ( خيبر ) من جهة الشام ليحول بينهم وبين هروبهم الى الشام . وفي الطريق اليها قال رجل لعامر بن الاكوع الا تسمعنا من هنياتك فنزل يحدو ويقول :
لاهم لولا انت ما اهتدينا
ولا تصدقنا ولا صلينا
فانزلن سكينة علينا
وثبت الاقدام ان لاقينا
انا اذا صيح بنا اتينا
وبالصيح عولوا علينا
وان ارادوا فتنة ابينا
فقال النبي صلى الله عليه وسلم :
( من هذا السائق؟؟ )
قالوا: عامر بن الاكوع
فقال صلى الله عليه وسلم: رحمه الله)
فقال رجل من القوم : وجبت يارسول الله لولا متنعا به ؟
فلما وصلوا الى خيبر باتوا ليلتهم قريبا منها ولم تشعر اليهود بهم فلما فجرالفجر اقام صلاة الفجر صلى الله عليه وسلم بغلس ثم ركب بالمسلمين متجهين الى مساكن( خيبر) فلما وصلوها كان اليهود يهمون بالذهاب كل الى عمله الاعتيادي فلما رأؤا الجيش رجعوا هاربين وهم يرددون بخوف وفزع : محمد محمد الله محمد والخميس . ..
فقال النبي صلى الله عليه وسلم : الله اكبر انا اذا نزلنا بساحة فساء صباح المنذرين )

ولما دنا رسول الله صلى الله عليه وسلم من (خيبر) قال للجيش (قفوا ) فوقف الجيش فرفع النبي صلى الله عليه وسلم يديه الى السماء قائلا
( اللهم رب السموات السبع وما اظللن ورب الارضين السبع وما اقللن ورب الشياطين وما اضللن ورب الرياح وما اذرين فانا نسألك خير هذه القرية وخير اهلها ونعوذ بك من شر هذه القرية وشر اهلها وشر مافيها . اقدموا باسم الله ..)
فحاصر المسلمون اليهود في( خيبر ) عشرين ليلة وكانت ارضا وخمة شديدة الحر فجهد المسلمون جهدا وتعبا شديدا فقام النبي صلى الله عليه وسلم فيهم فوعظهم وحرضهم على القتال ( وحرض المؤمنين على القتال ) وكان بين المسلمين عبد اسود فقال :
- يارسول الله اني رجل اسود اللون قبيح الوجه منتن الريح لا مال لي فان قاتلت هؤلاء حتى اقتل ادخل الجنة ؟؟)
فقال النبي صلى الله عليه وسلم له : نعم )
فقاتل حتى قتل فقال النبي صلى الله عليه وسلم لما راه قد قتل:
( لقد حسن الله وجهك وطيب ريحك وكثر مالك ) وقال ايضا ( لقد رايت زوجتيه من الحور العين تتنازعان جبة عليه وتدخلان بين جلده وجبته )
وكانت حصون (خيبر ) صعبة المرتقي و فيهم مرحب فارس يعد بالف رجل فوقعت بينهم المراماة عدة ايام ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم للمسلمين بعد ان بشرهم بالفتح :
( لاعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله) فبات المسلمون يتشوقون اليها وكل يتمنى ان يعطيها له فلما اصبح الصباح قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( اين علي ؟؟)
قالوا : هو يشتكي عينيه...
فارسل اليه فلما حضر فبصق خفيفا في عينيه ودعا له فبرئ وكانه لم يكن فيه وجع او الم من ذي قبل فاعطاه الراية امره ان يدعوهم الى الاسلام قبل ان يقاتلهم . وكان اليهود قد نقلوا نساءهم واولادهم الى حصن اخر ليلا فلما ذهب اليهم علي بن ابي طالب ودعاهم للاسلام رفضوا بشده ودعا مرحب- وهو مقاتل يهودي يعد بالف فارس- الى المبارزة وهو يلاعب سيفه ويقول :
قد علمت خيبر اني مرحب
شاكي السلاح بطل مجرب
اذا الحروب اقبلت تلهب
فنزل اليه عامر بن الاكوع وهو يرتجز :
قد علمت خيبر اني عامر
شاكي السلاح بطل مغامر
ثم اشتبكا بضربتين فوقع سيف مرحب في ترس عامر فعضه فذهب عامر يسفل له- وكان سيفه قصيرا- فرجع اليه سيف فاصاب ركبته فمات فيها فقال سلمة بن الاكوع للنبي صلى الله عليه وسلم :
- زعموا ان عامرا حبط عمله
فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( كذب من قال ذلك ان له اجران-وجمع بين اصبعيه- انه لجاهد مجاهد قل عربي مشى بها مثله )
فنزل علي بن ابي طالب لمبارزة مرحب وهو يرتجز:
انا الذي سمتني امي حيدرة
كليث غابات كريمه منظره
اوفيهم بالصاع كيل السندرة
ثم ضرب راس مرحب فقتله شر قتلة ثم خرج اخو مرحب واسمه ياسر يدعو المبارزة فبرز له الزبير بن العوام والحقه باخيه ثم دارالقتال المرير فقتل فيه عدد من فرسان اليهود فانهارت قواهم فانهزموا من حصن الى حصن اخر والمسلمون يتبعونهم ويغنمون كثيرا من الطعام والسلاح والتمر .
فحاصرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى ايقنوا بالهول والفجيعة فسالوه الصلح ونزل اليه سلام بن ابي الحقيق . فصالحهم النبي صلى الله عليه وسلم على حقن الدماء وعلى الذرية ويخرجون من( خيبر) ويتركون ماكان لهم من مال وارض وعلى الصفراء والبيضاء والحلقة الا ثوبا على ظهر انسان اي يخرجون بثيابهم التي عليهم ولا يحملون شيئا .
فغنم المسلمون مائة درع واربعمائة سيف والف رمح وخمسمائة درع وصحفا كثيرة من التوراة وزعوها على من ارادها وكان ان غدر كل ابن ابي الحقيق واخوه حيث اخفوا الذهب والفضة والجواهر فبرئت منهما الذمة فقتلا لغدرهما . فلما اراد النبي صلى الله عليه وسلم ان يجليهم منها قالوا : نحن اعلم بهذه الارض منكم فدعنا نكون فيها. فاعطاها لهم على شرط مناصفة الغلة او شطر ما يخرج من ثمارها وزرعها
وكان عدد قتلى اليهود في هذه المعركة ثلاثة وتسعين رجلا وقتلى المسلمين خمسة عشر شهيدا وقيل ثمانية عشر .
وفي هذا الوقت عاد المسلمون المهاجرون الى الحبشة الى المدينة المنورة صحبة عمرو بن امية الضمري حامل كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الى النجاشي ملك الحبشة فاتجه طائفة منهم الى ( خيبر) وهم ستة عشر رجلا فيهم جعفر بن ابي طالب وابو موسى الاشعري لموافاة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم حين فتح ( خيبر) وقبل ان يقسم الغنائم فقبل النبي صلى الله عليه وسلم جعفرا وقال :
-( والله ما ادري بأيهما افرح ؟؟ بفتح خيبر ام بقدوم جعفر فلما قسم الغنائم اعطاهم منها وكذلك وافي النبي( بخيبر ) صلى الله عليه وسلم بعد فتحها ابو ذرالغفاري فاسلم واستاذن النبي صلى الله عليه وسلم فاعطاه المصطفى صلى الله عليه وسلم من غنائم( خيبر) اما ابان بن سعيد الذي كان قد خرج بسرية الى نجد فقد عاد بعد انجاز مهمته ووافى النبي صلى الله علبيه وسلم ا لا ان( خيبر) كانت قد فتحت . واما القسم الاخر من مهاجري الحبشة فذهبوا مع نسائهم وذراريهم الى المدينة المنورة فدخلوها مرحب بهم من قبل الانصار المهاجرين كثيرا .
قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم غنائم ( خيبر ) الى ستة وثلاثين سهما كل سهم مجموع مائة سهم ثم قسمها الى قسمين فاخذ ثمانية عشر سهما الى امور المسلمين عامة بما فيها احتياجات الفقراء والنوائب التي تصيبهم والنصف الاخر قسمه على الغزاة فاعطى للراجل سهما واحدا والفارس اعطاه ثلاثة اسهم اثنين لفرسه وواحد له وكان عدد الفوارس مائتي فارس فكان نصيبهم ستة اسهم والراجلة الفا ومائتين فكان نصيبهم اثنا عشر سهما .
يتبع

فالح نصيف الحجية
الكيلاني
6\4\2012
__________________
(اللهم {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} (البقرة:201)
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
الشجرة, العطرة, الوثنية, شذرات


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع شذرات من السيرة النبوية العطرة
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
السيرة النبوية للسرجاني كتاب الكتروني رائع عادل محمد كتب ومراجع إلكترونية 2 03-17-2016 08:22 AM
حظر كتب السيرة النبوية واعتبارها مادة متطرفة عبدالناصر محمود المسلمون حول العالم 0 05-04-2014 08:04 AM
اخلع عباءتك أولا قبل دراسة السيرة النبوية العطرة علاء سعد حميده دراسات ومراجع و بحوث اسلامية 2 11-09-2013 05:43 PM
أصول وضوابط في دراسة السيرة النبوية الشريفة Eng.Jordan دراسات ومراجع و بحوث اسلامية 5 11-08-2013 05:44 PM
السيرة النبوية ... لماذا؟ جاسم داود شذرات إسلامية 0 04-20-2012 02:58 PM

   
|
 
 

  sitemap 

 


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 01:34 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59