العودة   > >

مقالات وتحليلات مختارة مقالات ..تقارير صحفية .. تحليلات وآراء ، مقابلات صحفية منقولة من مختلف المصادر

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
  #1  
قديم 11-06-2012, 09:50 PM
الصورة الرمزية Eng.Jordan
Eng.Jordan غير متواجد حالياً
إدارة الموقع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: الأردن
المشاركات: 25,422
افتراضي سياسات متباينة : أبعاد الخلاف بين أوباما ورومني حول قضايا الشرق الأوسط


دوف فريدمان

عرض: نسرين جاويش، باحثة في العلوم السياسية

تأتي انتخابات الرئاسة الأمريكية، المقرر لها في السادس من نوفمبر، وسط مشهد سياسي متوتر في منطقة الشرق الأوسط، تتمثل مفرداته في ثورات الربيع العربي التي صعدت بالإسلاميين ليكونوا في سدة الحكم في دول مثل تونس ومصر، وتسلم الحكومات الجديدة الحكم في دولتي ليبيا واليمن، وتحول الانتفاضة في سوريا إلى حرب أهلية يعجز المجتمع الدولي عن اتخاذ قرار بشأنها. ويأتي على رأس هذه التوترات الملف النووي الإيراني، وعدم تحديد سبيل لحله، وما إذا كان التعامل معه سيتم من خلال اللجوء للحل العسكري، أم من خلال التفاوض.

ويمثل المشهد السابق تحديات متصاعدة أمام الإدارة الأمريكية الجديدة، وهو ما يتطلب من الرئيس القادم، سواء كان أوباما أو ميت رومني، مواجهة التحديات الناشئة في المنطقة، لخدمة المصالح والأمن القومي الأمريكي بمنطقة الشرق الأوسط.

وفي هذا الشأن، يتناول دوف فريدمان في دراسته المعنونة "الانتخابات الرئاسية لعام 2012 والسياسة الخارجية الأمريكية في الشرق الأوسط" الصادرة في أكتوبر عن مؤسسة الأبحاث السياسية والاقتصادية والاجتماعية Foundation for Political, Economic and Social Researchعرض سياسات المرشحين والبيانات التي أدليا بها تجاه دول بعينها لتوضيح النهج المفضل لكل منهما في الشرق الأوسط، وكذا تأثير هذه البيانات والسياسات فى الفترة الرئاسية القادمة. وأخيراً، يختتم فريدمان تقريره بإيضاح اختلاف رؤى المرشحين تجاه مكانة الولايات المتحدة الأمريكية الدولية، وعملهما على كيفية تعزيز هذه المكانة في العالم.

ويُمهد فريدمان لتحليله بتناول نقاط محددة، أهمها: استمرار الصراع بين إيران من جانب، والولايات المتحدة وإسرائيل وأوروبا من جانب آخر، وتحول الانتفاضة لمدة عام في سوريا إلى حرب أهلية، وعدم انتقال السلطة في العراق، وعدم الحد من القوات الأمريكية الموجودة في أفغانستان، وكذا مستقبل العلاقات مع الحكومات الجديدة في مصر، وليبيا، وتونس، واليمن. وبالانتقال إلى القوى الأخرى المؤثرة في منطقة الشرق الأوسط، يتم الانتقال في هذا السياق إلى تركيا كقوة إقليمية مؤثرة، وعضو حلف شمال الأطلسي.

الملف النووي الإيراني والخيار العسكري

يُعد الملف النووي الإيراني أول التحديات التي تواجه السياسة الخارجية الأمريكية في الشرق الأوسط، خاصة مع اختلاف توجه إدارة أوباما عن نظيره السابق جورج دبليو بوش. ففي حين أعلن الأول أن إدارته على استعداد لاستئناف المفاوضات دون شروط سابقة، كان الثاني على العكس من ذلك، حيث طالب بوقف تخصيب اليورانيوم كشرط مسبق لاستئناف المفاوضات.

وبالانتقال للشارع الإيراني، نجد أنه في حالة احتقان من نهج إدارة أوباما. ففي الوقت الذي خرج فيه العديد من المواطنين الإيرانيين في مظاهرات حاشدة في يونيو 2009 ، احتجاجا على إعادة انتخاب محمود أحمدي نجاد، أعرب أوباما في البداية عن انزعاجه بشأن تصرفات النظام، ولكنه سرعان ما تراجع عن موقفه، وأدان الحملة المضادة لنجاد، في إشارة واضحة من إدارته للقلق من أن أي تغيير محتمل بإيران قد يهدد استئناف عملية المفاوضات حول البرنامج النووي لإيران، وهو ما رآه الكثير من المحللين فرصة ضائعة لدعم الديمقراطية في إيران.

وبحلول عام 2010 ، اعترف أوباما بأن سياسته غير فعالة، وصدق مجلس الأمن الدولي على جولة رابعة من العقوبات عليها في يونيو 2010 استهدفت في معظمها المشتريات العسكرية والمعاملات الإسلامية مع الحرس الثوري، وتمت إضافة عقوبات أخرى من جانب الاتحاد الأوروبي، متمثلة في العقوبات المصرفية، والاستثمارات، والتجارة والتكنولوجيا طوال عام 2011 ، وكذا تقييد الحصول على النفط منها من خلال إقرار الاتحاد الأوروبي وقف واردات النفط بداية من صيف 2012.

وبالرغم من استئناف المفاوضات، فإن إدارة أوباما أعلنت "أن جميع الخيارات مطروحة"، بما في ذلك إمكانية توجيه ضربة عسكرية لإيران. وفي أبريل 2012 ، بدأت " كاثرين أشتون"، الممثل السامي للاتحاد الأوروبي للشئون الخارجية والسياسة الأمنية، محادثات القوى الست مع إيران لإيجاد حل دبلوماسي للملف النووي الإيراني، وقد أبدت إيران استعدادها لوقف تخصيب اليورانيوم إلى 20% مقابل الاعتراف بحقها في التخصيب، وقد رفضت الدول الست هذا الاقتراح.

تزامناً مع هذه المفاوضات، واستمرار دعم إدارة أوباما لدعم الحل الدبلوماسي، قامت القوى الست بتوسيع نطاق العقوبات المفروضة في الأول من يوليو الماضي بفرض حظر على النفط الإيراني، وكذا اتخاذ عقوبات ضد شركات التأمين التي تغطي شحنات النفط الإيراني في أي مكان بالعالم، ومن ثم أصبحت أولوية النظام الإيراني إزالة نظام العقوبات متعدد الأطراف.

وبمقارنة موقفي أوباما وتصريحات ميت رومني، تلاحظ أنه في حين أعلن الأول عن أن كل الخيارات مطروحة، بما فيها الحل العسكري، إلا أن بعض المحللين شككوا في صدق التزام أوباما باللجوء للحل العسكري، فهو قد قوض قدرة الردع للولايات المتحدة. وعضد وجهة نظر هذا الفريق من المحللين جرأة وزير الدفاع، ليون بانيتا، في منتدى سابان في ديسمبر 2011 ، بتصريحاته بأن الصعوبات المترتبة على اللجوء للحل العسكري كبيرة، والمخاطر الناتجة عن الهجوم الافتراضي على إيران كبيرة إلى الحد من عدم إمكانية الجزم للجوء إلى هذا الخيار.

وهو ما رآه البعض تصريحا جريئا، وفي الوقت نفسه يكشف عن الكثير من إصرار إدارة أوباما على اللجوء للمفاوضات. علي العكس من ذلك، يأتي موقف ميت رومني، أثناء المناظرات الجمهورية للانتخابات التمهيدية الرئاسية في 12 نوفمبر 2011، ووصفه سياسات أوباما تجاه إيران "بالفشل الأكبر". وانتقد سلبية أوباما، خلال احتجاجات 2009 ، وهو ما قوض من قوة الولايات المتحدة في عهده.

الأزمة السورية.. من الصراع إلى الحرب الأهلية

يعقب الملف النووي الإيراني في التحديات المستقبلية للولايات المتحدة في السنوات الأربع المقبلة في منطقة الشرق الأوسط الملف السوري، خاصة حملة القمع التي شنتها الحكومة السورية ضد المواطنين المناهضين لحكم الرئيس السوري بشار الأسد. ولا تزال إدارة أوباما ترتكز على محاولة إيجاد حل للعنف من خلال الجهود الدبلوماسية، من خلال الدفع بمنسق دولي لمحاولة إنهاء الأزمة التي تجتاح الأراضي السورية، وكذا فرض العقوبات الاقتصادية.

تقاوم إدارة أوباما دعوات التدخل العسكري المباشر في الصراع الدائر في الأراضي السورية. ففي أواخر مارس من عام 2011، استنكرت وزيرة الخارجية، كلينتون، العنف ضد المُحتجين، وأعلنت أن الأسد لا يزال بإمكانه إصلاح الوضع. وبازدياد العنف من جانب قوات النظام في أبريل، قامت الولايات المتحدة من جانبها بتوسيع نطاق العقوبات المُطبقة منذ عام 2004. وفي مايو من العام نفسه، قامت بتوسيع نطاق العقوبات ليشمل ستة من كبار المسئولين السوريين، بمن في ذلك الرئيس الأسد، ثم أعقب ذلك دعوة أوباما للأسد بالتنحي في أغسطس، بالإضافة إلى تجميد أصول أعضاء الحكومة السورية.

وبازدياد العنف الذي يجتاح جميع المدن السورية، نظر مجلس الأمن في مشروع قرار خاص بحقوق الإنسان المُنتهكة، وأدان فيه " انتهاكات حقوق الإنسان الجسيمة والممُنهجة" في سوريا، ودعا آنذاك القيادة السورية إلى ضرورة الاستجابة لتطلعات الشعب السوري. إلا أن حق الفيتو المزدوج من روسيا والصين حال دون تمرير هذا القرار، فاستأنفت إدارة أوباما الجهود الدبلوماسية لمحاولة التفاوض مع النظام للوصول إلى حل سياسي يرضي جميع الأطراف، وكذا استمرت في نظام العقوبات المفروض على النظام السوري، وتبنت خطة السلام التي تبناها أنان، والتي لم تدخل حيز التنفيذ في ظل المعارضة لأي تدخل عسكري في الأراضي السورية من جانب كل من روسيا والصين.

وعلى الرغم من المشاورات ما بين القوي الدولية، فإن إدارة أوباما لم تستطع تبني خطة أكثر فعالية لمعالجة الوضع في الأراضي السورية. وعلى الرغم من مساعي إدارة أوباما الحثيثة نحو إقناع الرئيس الروسي بوتين بأن إدارته لا تسعى للإضرار بمصالح روسيا الاستراتيجية، أو تقويض علاقاتها مع سوريا، فإن بوتين أشار إلى أن مرحلة ما بعد الأسد لا تحمل أي ملامح واضحة، كما هو الحال في كل من مصر وليبيا.

وبمقارنة موقف أوباما وتصريحات ميت رومني، يتلاحظ أن الأول لا يزال يعارض التدخل العسكري الأمريكي مباشرة في الصراع، على الرغم من قتل نظام الأسد للكثير من المدنيين، بينما يعتقد رومني أن حالة النظام السوري مختلفة كليا عن حالة النظام الليبي، ويعتقد أن منطقة حظر الطيران التي طُبقت في يونيو 2012 هي سياسة غير فعالة، وأنه حان الوقت للتدخل الأمريكي بتسليح أجزاء مختارة من المعارضة السورية. وكذا، يتعين على الولايات المتحدة، من وجهة نظره، أن تتدخل بشكل مباشر من خلال القوات الخاصة. ولم يكتف رومني فقط بتبني هذا الموقف، بل ذهب لأبعد من ذلك من خلال اقتراح حملته أنه ينبغي على الولايات المتحدة تجاوز توافق الأمم المتحدة، علي الرغم من أنه يعارض التدخل في الوقت الحالي، من خلال عمل عسكري مباشر.

يرى فريدمان أنه إذا ما أحل رومني مكان أوباما، فسيجد نفسه في وضع مماثل لأوباما، وأنه في وضع حرج مقابل رفض مشروع القرار من جانب كل من روسيا والصين. وعلى الرغم من إعلان رومني في وقت سابق، وتحديدا في نوفمبر 2011 ، عن دعمه للعمليات السرية في سوريا للحث على تغيير النظام، فإن اقتراحه أقل عدوانية من اقتراح كل من السيناتور الجمهوري، جون ماكين، وليندسي جراهام، بضرورة تسليح المعارضة، وهو ما ترفضه إدارة أوباما، خوفاً من زيادة العسكرة.

خصوصية الثورة المصرية

بالنظر إلي ملامح علاقة إدارة أوباما مع نظام مبارك، فيما قبل الثورة، يتلاحظ أن أساس سياسة إدارة أوباما قامت بالأساس على تعزيز الاستقرار، ومفردات هذا الاستقرار، وتعزيز السلام مع إسرائيل، وتحييد المشاعر الإسلامية، وهو ما دفع بالرئيس الأمريكي إلى استقبال الثورة المصرية بحذر في البداية، حتى إن تصريحات كلينتون كان مفادها استقرار حكومة حسني مبارك. وبعد أيام من زيادة حدة الاحتجاجات واجتياحها لكافة المدن المصرية، تغيرت تصريحات كلينتون بدعوة مبارك إلى العمل على الانتقال المنظم نحو الديمقراطية، ولكن من خلال تحويل السلطة إلى نائب الرئيس، عمر سليمان، الذي عين من قبل مبارك بعد أيام من الاحتجاجات والمظاهرات ضد النظام الحاكم لتخوف إدارة أوباما من حدوث فراغ سياسي قد يؤدي إلى صعود قوى معادية للولايات المتحدة إلى سدة الحكم. وما إن أعلن تنحيه، حتى سارعت إدارة أوباما، وأعربت عن دعمها للتحول الديمقراطي ودعمها للمتظاهرين ومطالبهم المشروعة في التحول نحو الديمقراطية وتداول السلطة.

وصاحب ذلك إعلان الولايات المتحدة آنذاك لحزم تحفيزية من المساعدات والحوافز لمساندة الديمقراطية الوليدة. وفي سبتمبر 2012 ، وافقت الولايات المتحدة على التنازل عن مليون دولار من الديون المصرية. وعلى الرغم من امتناع إدارة أوباما عن أي تصريحات تخص الحكومة الانتقالية، بقيادة المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية، فإنه إبان أزمة فبراير 2012 ، والمتمثلة في القبض على أفراد 16 منظمة غير حكومية عاملة في الأراضي المصرية، دون الحصول علي تراخيص للعمل، فإن إدارة أوباما أدانت الاعتقالات، وأعلنت ضرورة إعادة النظر في برنامج المساعدات الأمريكية لمصر، وقد عملت من وراء الكواليس والتفاوض للإفراج عن مواطنيها، وهو ما حدث بالفعل، إضافة إلى تأمين مغادرتهم الأراضي المصرية.

وما إن استطاع حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، الوصول إلى الحكم، بنجاح رئيسه محمد مرسي في الانتخابات الرئاسية، أعلنت الإدارة الأمريكية التزامها بمساعدة الاقتصاد المصري المضطرب، بالإضافة إلى ترحيبها بدعم مرسي للمعاهدات الدولية، وبالأخص مع إسرائيل.

وعلى العكس من موقف أوباما، يأتي موقف رومني، الذي صرح في العديد من وسائل الإعلام، إبان الأيام الأولي للثورة المصرية، بأن حسني مبارك صديق وحليف للولايات المتحدة الأمريكية، وأنه لا ينبغي دعوة الرئيس المصري للاستقالة، وأنه سيعمل لصالح عملية التحول الديمقراطي، وأكد أن المتظاهرين المصريين يريدون معرفة ما إذا كان الشعب الأمريكي يقف مع مطالبهم من الحرية والديمقراطية من عدمه. هذا، وقد أبدى رومني رأيه بشأن مقولة اختطاف الإسلاميين للثورات العربية "بأنه ليس جميع الحركات الإسلامية معادية للديمقراطية"، على الرغم من تصنيفه للقاعدة وحزب الله تحت عنوان "الجهادية". هذا، وقد أعلن أن الحكومة الإسلامية في مصر مقبولة، ويؤكد في برنامجه "القرن الأمريكي" أن له التعريف الخاص به، والذي يعرف من خلاله الحكومة الإسلامية، منتقداً سياسة إدارة أوباما في التعامل مع الحكومات الإسلامية الناتجة عن الانتفاضات العربية، دون تحديد صريح "لجماعة الإخوان المسلمين في مصر". وانتقد إدارة أوباما أساسا في عدم دعم القوى العلمانية والليبرالية في فترة الانتخابات وما قبلها.

وبهذا، يتضح أن مكمن الخلاف الرئيسي بين أوباما ورومني يكمن في "المرونة الأيديولوجية" في مواجهة النتائج الديمقراطية، وفي كيفية دعم الديمقراطية الوليدة، ودعم أوباما لقادة الإخوان، وإجراء الاتصالات معهم.

أمن إسرائيل من أمن الولايات المتحدة:

حافظت إدارة أوباما، والتزمت بدعم أمن إسرائيل كالتزام مستمر منذ عقود. وقد أكد أوباما، وكلينتون، ووزير الدفاع السابق، روبرت جيتس، أن هذا الالتزام "لا يتزعزع"، وليس أدل على ذلك من زيادة المساعدات الأمريكية لإسرائيل في موازنة 2010 لتصل إلي ما يقارب الـ 30 مليون دولار، بالإضافة إلى أنها في عام 2009 باعت لإسرائيل سراً قنابل خارقة للتحصينات، الأمر الذي أثار التكهنات بأنها تسهل الهجوم الإسرائيلي على إيران، عندما كشف النقاب عن الأمر في عام 2011، بالإضافة إلى اعتماد الولايات المتحدة لأكثر من 200 مليون دولار لإسرائيل لبناء قبة نظام الدفاع الصاروخي. وفي يوليو 2012 ، وافق أوباما على زيادة المساعدات لتعزيز النظام بنحو 70 مليون دولار.

وعلى الرغم من ممارسة إدارة أوباما الضغط على إسرائيل لاتخاذ خطوات ذات مغزي تجاه السلام، وإحرازه تقدما ملموسا بالضغط على رئيس الوزراء الإسرائيلي لقبول دولة فلسطينية من حيث المبدأ وتجميد الاستيطان في عام 2010، فإن المحادثات سرعان ما انهارت في خريف 2010. وعلى الرغم من الإحباطات المتوالية لإدارة أوباما تجاه التعنت الإسرائيلي، واستمرار بناء المستوطنات، فإنه عندما أعلن الرئيس الفلسطيني اللجوء للأمم المتحدة في خريف 2011 للحصول علي حقهم في إيقاف بناء المستوطنات، أعلنت الإدارة أنها سوف تستخدم حق الفيتو.

وفي خطابه الخاص بالسياسة الخارجية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، أعلن أوباما بشكل لا لبس فيه عن "أن إقامة دولة يهودية وديمقراطية مستحيل مع الاحتلال الدائم"، ودعا إسرائيل للتفاوض على اتفاق الوضع النهائي باستخدام حدود عام 1967، وتبادل الأراضي لاستيعاب المراكز السكانية الرئيسية، وهو ما أثار غضب المحافظين في كل من الولايات المتحدة وإسرائيل بقيادة الليكود. وفي حين دعمت إدارة أوباما جهود المصالحة بين فتح وحماس، فإن موقف رئيس الوزراء الإسرائيلي كان على العكس، حيث أعلن أن على الرئيس الفلسطيني الاختيار ما بين استئناف المفاوضات مع إسرائيل، أو السلام مع حماس.

أما علي صعيد تطرق الأمر إلى أمن إسرائيل، في ظل مخاوفها من البرنامج النووي الإيراني، فليس أدل على ذلك من مؤتمرAIPAC في أبريل 2012 الذي أعلن فيه أوباما " أن أمن كل من الولايات المتحدة وإسرائيل في غاية الأهمية"، وصاحب ذلك تأكيد حق إسرائيل في اتخاذ الإجراءات التي تراها ملائمة للدفاع عن أمنها.

وعلى الرغم من محاولة أوباما الحفاظ على التوازن بين الالتزام تجاه أمن إسرائيل وانتقاد إجراءاتها الاستيطانية علناً، فإن رومني انتقد سياسات إدارة أوباما بشكل صريح، مُعلناً دعمه غير المشروط لسياسات إسرائيل، ورأى أن ضغط إدارة أوباما يأتي في اتجاه واحد فقط نحو إسرائيل بمطالبتها بتجميد الاستيطان قبل استئناف المفاوضات، في حين أنه ينبغي تقليص المساعدات المقدمة للفلسطينيين، إذا كانت الحكومة الفلسطينية بصدد تشكيل حكومة وحدة مع حماس. وفي إطار ملاحظاته على خطاب السياسة الخارجية لأوباما تجاه الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وصف رومني تصريحات أوباما تجاه إسرائيل "بأنها قد ألقت إسرائيل تحت الحافلة"، ومن ثم تقويض قدرتها على التفاوض على السلام.

ووصف تبني الولايات المتحدة لعملية المفاوضات بين إسرائيل وفلسطين بالخيانة لإسرائيل، وأكد أنه حال فوزه بالرئاسة، ستكون أول رحلة له خارج الولايات المتحدة لإسرائيل، فهي الرمز للرؤية الأمنية للسياسة الخارجية للولايات المتحدة.ويؤكد فريدمان أنه حال فوز أوباما بفترة ولاية ثانية، فسوف يكون أكثر ضغطاً على إسرائيل للمواءمة مع رؤية السياسة الخارجية الأمريكية تجاه محادثات السلام، وكذا تجاه إيران.

قوة العلاقات بين تركيا والولايات المتحدة:

ما إن تم تنصيب أوباما رئيساً للولايات المتحدة، إلا وقد أضاف تركيا إلى رحلته الخارجية الأولي إلى أوروبا بهدف توثيق العلاقات الناشئة بين الدولتين، وأكد أهمية التعاون في معالجة قضايا متنوعة، يأتي على رأسها الطاقة، والإرهاب، والصراع الإسرائيلي- الفلسطيني. وفي مقدمة خطابه في يونيو 2009 بالقاهرة، أكد دعم وتأييد مساعي تركيا للانضمام للاتحاد الأوروبي.

انتقدت إدارة أوباما بقيادة كلينتون الاتفاق النووي بين تركيا والبرازيل وإيران في مايو 2010، واصفة إياه بتقويض جهود الإجماع الدولي على فرض العقوبات والاستمرار فيها على إيران، بالإضافة إلى أن تصويت تركيا ضد زيادة العقوبات على إيران في الأمم المتحدة من شأنه زيادة التوترات بين البلدين.

وعلى الرغم من العلاقات الباردة بين تركيا وإسرائيل، فإن أوباما نجح في الحفاظ على العلاقات الوثيقة بين كلا الجانبين. ورغم محاولة أوباما الضغط على إسرائيل للاعتذار لاستعادة تطبيع العلاقات ورفضها ذلك، فإنه في الوقت نفسه حذر أردوغان من أن معارضة العقوبات الأمريكية على إيران؛ وكذا العداء تجاه إسرائيل، سوف يدفعان الولايات المتحدة للحذو في المسار الصعب للعلاقات الثنائية بينهما.

وافقت الإدارة علي بيع مروحيات هجومية لتركيا، وحصلت علي موافقة الكونجرس كذلك على بيع طائرات بدون طيار في وقت مبكر من عام 2012 . هذا، ولم يدع أوباما التوتر بين الحلفاء المقربين يؤثر في قوة العلاقات بين الولايات المتحدة وتركيا من جانب، وبينها وبين إسرائيل من الجانب الآخر.

وعلى صعيد عمل حلف شمال الأطلسي، يؤكد فريدمان أن تركيا عارضت في البداية التدخل ضد نظام القذافي في ليبيا، ولكن سرعان ما عينت الولايات المتحدة تركيا كقوة حماية للمصالح الأمريكية في الأراضي الليبية، وظهرت تركيا أثناء إدارتها لعدد من المحادثات مع مجموعة الاتصال الليبية في اسطنبول كشريك وحليف رئيسي، وتعهدت أثناء هذه الاجتماعات بتوفير 200 مليون دولار من القروض للمجلس الوطني الانتقالي، وكذا الإفراج عن الأصول الليبية لديها.

وفي سبتمبر 2011 ، وافقت تركيا على استضافة نظام رادار للإنذار المبكر كجزء من نظام الناتو للدفاع الصاروخي، متزامناً ذلك مع فرض الولايات المتحدة عقوبات أقسي على صناعة النفط بإيران، إلا أنها منحت تركيا، بالإضافة إلى مجموعة مختارة من الدول، الإعفاء من هذه العقوبات لمدة ستة أشهر. هذا، وفي يونيو 2012، أعلن رومني تشجيعه لتركيا والمملكة العربية السعودية على تسليح جماعات المعارضة في سوريا، معلناً أن إسرائيل تواجه بعض مشاكل "الأمن الإقليمي" بالرجوع بشكل جزئي إلى العلاقات المتدهورة مع تركيا ومصر، وأنه سيعمل إبان توليه الحكم، بالتنسيق مع كل من تركيا ومصر، بشكل مكثف، على دعم العلاقات مع إسرائيل، بالعمل على توضيح أنه ليس من مصلحتهما عزل إسرائيل.

الأمن القومي والاستراتيجية الدفاعية للولايات المتحدة:

ينهي فريدمان تحليله بعرض الاستفادة من قدرات الولايات المتحدة الدفاعية لتحقيق الأمن القومي لها، بادئا تحليله بالإشارة إلى حقيقة، مفادها أنه "في السنوات الثلاث الأولي من حكم أوباما، فقد أمر بنحو 248 هجمة على باكستان وحدها من جانب الطائرات بدون طيار، وهو ما يعادل ست مرات ما أمر به جورج بوش الابن علي مدى أربع سنوات".

يشير ذلك إلى اختلاف نهج أوباما عن سلفه ونهجه في مكافحة الإرهاب، من خلال الضربات الدقيقة التكتيكية، بالإضافة إلى سابقة قتل خارج نطاق الفضاء الأمريكي، من خلال الهجوم على أنور العولقى. هذا، وقد تحولت استراتيجية الدفاع في عهد أوباما من مكافحة الإرهاب، وخوض غمار حربي العراق وأفغانستان، إلى تحديد أعداء الولايات المتحدة بشكل دقيق ومباشر، مثلما حدث إبان اغتيال أسامة بن لادن في باكستان في الأول من مايو 2011.

وفي يناير 2012، نشرت وزارة الدفاع الأمريكية أولويات الدفاع للقرن الحادى والعشرين، وتدعو فيها لتغيير حجم قوات الدفاع للسماح للولايات المتحدة بالتفاوض بنجاح لمنع الصراعات، وسحب القوات الأمريكية من أفغانستان والعراق، حيث إن ميزانيات الدفاع للإدارة العسكرية بعد الحرب، في ظل اقتصاد ما بعد الركود، تعد مكلفة للغاية.

وفي إطار خطة إدارة أوباما لإعادة التوازن الاستراتيجي، وتقليص عدد قوات الدفاع، فقد اعتمد على القوات الخاصة، ولاسيما في العملية التي استهدفت بن لادن. وقد أكد رومني اتفاقه مع سياسة الرئيس في الاغتيالات التي استهدفت المواطنين الأمريكيين، ومن ثم تعقبهم مثل أنور العولقى، واستخدام الطائرات بدون طيار.

وعلى الرغم من دعم أوباما لاستراتيجية إعادة التوازن تجاه منطقة شرق آسيا ومنطقة المحيط الهادى، بالإضافة إلى تغيير حجم القوة، فإن رومني يدعم سياسة الزيادة في الإنفاق العسكري، وبناء السفن، وزيادة القوات. وفي المناقشات التمهيدية في نوفمبر 2011 ، انتقد رومني أداء أوباما في وقف وتأخير ترقيات أفراد سلاح البحرية الأمريكية في سبيل حفظ 350 مليار دولار، وهو ما وصفه بالفشل، ووعد رومني بوضع ميزانية للدفاع تزيد بمقدار 4% للإنفاق، رافضاً ما وصفه أوباما بالجهود الرامية إلى تحقيق "التوازن في الميزانية على حساب الجيش".

ويعتقد أن أوباما يحاول جني أرباح السلام في الوقت الذي تواجه فيه الولايات المتحدة تهديدات من أعدائها في الخارج. وتعهد رومني كذلك بإعادة بناء البحرية الأمريكية، من خلال زيادة عدد السفن التي يتم بناؤها في السنة الواحدة من تسع سفن إلى خمس عشرة سفينة.
تعريف الكاتب:

خبير أمريكي في شئون الشرق الأوسط


المصدر

المصدر: ملتقى شذرات

__________________
(اللهم {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} (البقرة:201)
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
متباينة, أبعاد, أوباما, الخلاف, الشرق, بين, يوم, سياسات, ورومني, قضايا


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع سياسات متباينة : أبعاد الخلاف بين أوباما ورومني حول قضايا الشرق الأوسط
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
بطارية صواريخ ثاد إلى الشرق الأوسط عبدالناصر محمود أخبار عربية وعالمية 0 03-07-2015 07:50 AM
صوملة الشرق الأوسط عبدالناصر محمود مقالات وتحليلات مختارة 0 09-27-2014 07:05 AM
الشرق الأوسط - «داعش ـ بيكو»! Eng.Jordan مقالات وتحليلات مختارة 0 06-17-2014 10:36 AM
قرن من العنف في الشرق الأوسط ؟ عبدالناصر محمود مقالات وتحليلات مختارة 0 02-17-2014 08:51 AM
مشروع الشرق الأوسط الكبير: إدارة أوباما الديمقراطية تنجح فيما فشلت إدارة بوش الابن اليمينية المحافظ Eng.Jordan مقالات وتحليلات مختارة 0 05-01-2012 01:49 PM

   
|
 
 

  sitemap 

 


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 10:24 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59