#1  
قديم 01-21-2012, 05:17 PM
الصورة الرمزية Eng.Jordan
Eng.Jordan غير متواجد حالياً
إدارة الموقع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: الأردن
المشاركات: 25,392
افتراضي الاقتصاد في المستهلكات


الاقتصاد في المستهلكات


حمل المرجع من المرفقات



الدكتور / عبد الرحمن بن حسن النفيسه

بسم الله الرحمن الرحيم


تمهيد :-
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبيه الأمين • أما بعد :
فهناك من يقول: إن العالم سيواجه في المستقبل أعقد القضايا الدولية وأعنف المشكلات الإنسانية بسبب ما يمكن تسميته بـ (مصاعب الغذاء والمياه) التي ستواجه العديد من الأمم • ويذهب أصحاب هذا القول إلى عدة تصورات ، منها أن المصادر الطبيعية الموجودة في بعض البلدان الكبرى ستنحسر قريباً نتيجة استغلالها على نحو متسارع مما سيجعل سكانها يتطلعون إلى أماكن أخرى من العالم للنزوح إليها • ومنها- أن دورة الزمن (وكل ذلك بإرادة الله) ستجعل الشمس تغرب عن بلدان أخرى مما سيجعل سكانها يبحثون عن أماكن الشمس أينما وجدت فينزحون إليها • ومن هذه التصورات وجود قارة أو قارتين أو حتى بلدان تتمتع بمصادر طبيعية كبيرة لا يستطيع أهلها استغلالها مما يجعلها عرضة للنزوح إليها لاستثمارها • ومن هذه التصورات أن مصادر المياه ستنتهي في عدد من البلدان مما يجعل أهلها يبحثون عن مصادر لشربهم حتى لو أدى ذلك بهم إلى حروب طويلة •
نعم : هذه أقوال وتصورات تكتب أحياناً في عامود صغير في مجلة أو جريدة هنا أو هناك وكأنها تنذر بما سيكون عليه الإنسان في المستقبل من مجاعات وحروب تتصادم فيها الحضارات ، وتتنازع فيها الأمم • ويبدو أن بعض هذه الأقوال مجرد خيال ربما لا نتصوره الآن ، وبعضها -كما يقول أصحابه- يستند إلى حقائق التاريخ ووقائعه وما شهده الإنسان في ماضيه من حروب مختلفة •
ومهما قيل عن صحتها أو عدم صحتها فإن ضعف المصادر الطبيعية في العديد من بلدان العالم أصبح واقعاً محسوساً فالبحث عن مرحلة (الرفاه) الذي شهده العالم الصناعي لم يكن بحثاً مجرداً من المخاطر والآثار فقد استغل هذا البحث كل المصادر الطبيعية للوصول إلى تلك المرحلة، فالإسراف في صناعة الأثاث مثلاً أدى إلى قطع الأخشاب من الغابات مما جعلها تتحول أو تقترب من التصحر كما يسمى ، والإسراف في استغلال الأرض وإنباتها بالتقنية المعاصرة (من أسمدة وآلات) أدى إلى إضعاف مصادر المياه ، وإفساد التربة وضعفها هذا إلى جانب ما تشهده بيئة الإنسان المعاصر من تلوث متعدد الجوانب بسبب عمليات (الإحراق) الناتجة من الصناعة ومخلفاتها •
ولا شك أن الإنسان بدأ يدرك المخاطر التي تتعرض لها المصادر الطبيعية فاتخذ ثلاث وسائل تمثلت في عدد من الإجراءات الداخلية، والإقليمية ، والدولية •
الإجراءات الداخلية : لقد بدأت العديد من الدول تعمل للمحافظة على الغابات ومقاومة قطع الأشجار ومحاولة سد العجز في مصادر المياه بإعادة استعمال مياه المصانع والمجاري بعد تنقيتها ، وزرع الغيوم وتطعيم السحب وتحلية مياه البحار ، وتخزين الفائض من المياه في الآبار الجوفية لإعادة ضخها مرة أخرى إلى جانب إنشاء السدود والمحاجر لحجز مياه السيول •
ورغم ما لهذه الإجراءات من فوائد إلا أن لها آثاراً غير عملية فتنقية مياه المصانع والمجاري تحتاج إلى أموال ، إلى جانب ما قد ينتج من إساءة استخدامها من أضرار للصحة العامة • وتحلية مياه البحار ذات كلفة عالية، وزرع الغيوم وإمطار السحب تبدو أنها رغبة أكثر منها حقيقة علمية مجردة •
الإجراءات الإقليمية : وقد تمثلت هذه الإجراءات في التزام عدد من الدول الواقعة في قارة أو في منطقة من العالم بالمحافظة على الطبيعة، وحماية البيئة من التلوث لتكون صالحة للتنمية في نوعها الاقتصادي والاجتماعي ، وقد اتخذ هذا الالتزام شكل اتفاقيات إقليمية ومنها الاتفاقية الإفريقية لحفظ الطبيعة والموارد الطبيعية (1)•
وبروتوكول برشلونة لحماية البحر المتوسط من التلوث (2)• واتفاقية الكويت الإقليمية حول حماية البيئة البحرية من التلوث (3)• واتفاقية ***** الطبيعة في جنوب المحيط الهادي (4)• واتفاقية جدة بشأن الحفاظ على البيئة البحرية للبحر الأحمر وخليج عدن (5)•
الإجراءات الدولية : وفي ظل عالم متشابك في اتصالاته ومصالحه، ورغم اختلاف هذه المصالح فقد بدأ يدرك أنه متشابك أيضاً في مشكلاته، وفي المخاطر التي يتعرض لها • ولمواجهة هذه المشكلات وجد أن من المهم تعميم الالتزام بحماية البيئة ومعالجة أخطار التلوث والحفاظ على المصادر الطبيعية للتنمية •• وفي هذا الإطار صدرت عدة بيانات دولية منها: الإعلان الخاص بالبيئة الإنسانية الذي صدر في السويد وينص على أن لكل إنسان الحق في العيش في بيئة طيبة وأن تدعم السياسات البيئية التطور المحتمل للبلدان النامية وأن تراعي الدول والهيئات الدولية الآثار الاقتصادية المترتبة على سياساتها ذات العلاقة بالبيئة هذا مع وجوب التنسيق بين مقتضيات التنمية وما يتطلبه الحفاظ على البيئة (6)•
ومن أهم الإجراءات الدولية الميثاق العالمي للطبيعة الذي صدر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2891م وينص هذا الميثاق بأن على الدول والمنظمات الدولية والأفراد والهيئات وغيرها أن تتعاون في سبيل الحفاظ على الطبيعة من خلال النشاط المشترك • كما ينص على وجوب الحفاظ على الطبيعة وحماية البيئة وعدّ حمايتها جزءاً لا يتجزأ من أي تخطيط للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والعمل على مقاومة مظاهر التبديد للموارد الطبيعية •
ومن هذه الإجراءات الإعلان الصادر عن مؤتمر (ريودي جانيرو) أو ما يسمى بـ(قمة الأرض) عام 2991م وقد نص هذا الإعلان على التزام الدول بوضع نظام وطني حول التعويض لضحايا التلوث وغيره من أضرار البيئة وأن تكون حماية البيئة جزءاً من عملية التنمية • كما نص هذا الإعلان على دعوة الدول للتعاون في حفظ سلامة النظام الأيكولوجي للأرض وحمايته وأن تقوم الدول بإخطار الدول الأخرى عن الكوارث الطبيعية التي قد تؤدي إلى إضرار بيئة تلك الدول (1)•
وإلى جانب هذه الإعلانات الدولية صدرت أيضاً عدة اتفاقيات دولية تهدف في غايتها إلى الحفاظ على الطبيعة وسلامة البيئة وحمايتها من التلوث ومن أهمها ما ورد في اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار حيث ينص الجزء الثاني عشر منها على عدد من الموارد الخاصة بالبيئة البحرية ومن ذلك ما نصت عليه المادة 291 بأن الدول ملزمة بحماية البيئة البحرية والحفاظ عليها • وما نصت عليه المادة 491 بأن تتخذ الدول منفردة أو مشتركة حسب الاقتضاء جميع ما يلزم من التدابير لمنع تلوث البيئة البحرية وخفضه والسيطرة عليه أياً كان مصدره مستخدمة لهذا الغرض أفضل الوسائل العلمية المتاحة لها ••
وأوجبت المادة 791 على الدول الموقعة لها بأن تتعاون على أساس عالمي وحسب الاقتضاء على أساس إقليمي مباشرة أو عن طريق المنظمات الدولية المختصة على صياغة قواعد ومعايير دولية وممارسات وإجراءات دولية لحماية البيئة البحرية والحفاظ عليها ••• (1)•
ومن هذا الإيجاز عن الإجراءات الدولية المنفردة والمشتركة يتبين أن العالم بدأ يدرك ما تتعرض له حياة الإنسان المعاصر من مخاطر نتيجة ما تتعرض له بيئته ومصادره الطبيعية من أضرار نتيجة عدد من العوامل أهمها سوء استغلاله ، وعدم اقتصاده سواء بالنسبة لكمية مستهلكاته أو بالنسبة للوسائل التي يستخدمها في هذه المستهلكات
مفهوم الإسلام للاقتصاد في المستهلكات :
والمهم في هذه القضية معرفة مفهوم الإسلام لمسألة الاستهلاك (2) وكيف عالج الشره المحتمل لدى الإنسان عندما تسيطر عليه رغباته ونزعاته خاصة في حال قوته وغناه •
والقول الحق في ذلك أن الله جل وعلا سخر للإنسان ما في الأرض من برار وبحار وأنهار وجبال وأشجار لتمكينه من السكن في الأرض واستعمارها للحصول على طعامه وشرابه وإقامته وسفره قال تعالى: هو الذي أنزل من السماء ماء لكم منه شراب ومنه شجر فيه تسيمون(3)، ينبت لكم به الزرع والزيتون والنخيل والأعناب ومن كل الثمرات إن في ذلك لآية لقوم يتفكرون (4)، وسخر لكم الليل والنهار والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون (1)، وما ذرأ لكم في الأرض مختلفاً ألوانه إن في ذلك لآية لقوم يذكرون (2)• وقوله تعالى: وهو الذي سخر البحر لتأكلوا منه لحماً طرياً وتستخرجوا منه حلية تلبسونها وترى الفلك مواخر فيه ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون (3)•
فالمراد من إنزال الماء من السماء (وهو مصدر الماء في الأرض) نفع الإنسان بما يحتاجه من الشراب والنبات لغذائه والمراد بالتسخير الوارد في الآيات الكريمة تذليل هذه المكونات الإلهية له فالنهار والليل مسخران لمعاشه ومنامه ، والشمس والقمر مسخران لصلاح بيئته وما فيها من المكونات • واقتضاء النفع المترتب من التسخير يقتضي سلامة الانتفاع، ولا يتحقق هذا إلا بكونه مشروعاً فالشراب المحرم شراب في ذاته ، ولكنه محرم في الانتفاع به ، ولا يكون الانتفاع مشروعاً إلا إذا كانت وسيلته أيضاً مشروعة فالماء مباح في ذاته ، ولكنه ليس مباحاً إذا كانت الآنية التي وضع فيها غير مشروعة للشرب فيها كما هو الحال في آنية الذهب• والزينة مطلوبة بدلالة أمر الله بها في قوله تعالى: يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد (4)• وسواء كان القصد منها ستر العورة أو ما يفهم منه في الجملة بأنه التزين بحسن الثياب وجمالها فإن الإسراف في ذلك محرم سواء كان هذا الإسراف في قيمتها ، أو في كيفية لبسها كما هو حال الذين يجرون ملابسهم علواً وخيلاء •
وقد بينت الشريعة أحكام الانتفاع بما سخره الله للإنسان ، وجاءت هذه الأحكام (وسطاً) تتفق مع التكوين العضوي والعقلي للإنسان ومع طبيعته التي تتنافى مع التفريط والإفراط • فالجوع والظمأ -مثلاً- تفريط في حفظ النفس يتنافيان مع حاجة الإنسان للطعام والماء فوجب عليه سد هذه الحاجة بالأكل والشرب ، ولكن هذا لا يعني الإفراط فيهما حتى لا ينقلب ذلك إلى ضرر للجسد والعقل وهكذا في الحالات المشابهة وسنورد ثلاثة من هذه الأحكام •
الحكم الأول - الأمر بالأكل والشرب دون إسراف :
وفي ذلك قال الله تعالى: وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين (1)• والنهي عن الإسراف في الأكل والشرب نهي وجوب وإلزام تستوجب مخالفته العقاب بدلالة قول الله تعالى: إنه لا يحب المسرفين ويقول الإمام فخر الدين الرازي في تفسيره (وهذا نهاية التهديد ، لأن كل من لا يحبه الله تعالى بقي محروماً عن الثواب ، لأن معنى محبة الله تعالى إيصاله الثواب إليه ، فعدم هذه المحبة عبارة عن عدم حصول الثواب، ومتى لم يحصل الثواب ، فقد حصل العقاب ، لانعقاد الإجماع على أنه ليس في الوجود مكلف ، لا يثاب ولا يعاقب) (2)•
وقد ذم رسول الله صلى الله عليه وسلم الأكل بما جاوز حاجة الجسد في قوله: (ما ملأ آدمي وعاء شراً من بطن بحسب ابن آدم أكلات يقمن صلبه فإن كان لا محالة فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنَفَسه) (3)• ولما تجشأ أبا جحيفة في مجلسه قال عليه الصلاة والسلام: (اكفف عنا جشأك أبا جحيفة فإن أكثر الناس شبعاً في الدنيا أطولهم جوعاً يوم القيامة) (4)•
وفي مذهب الإمام أبي حنيفة يحرم الأكل فوق الشبع إلا إذا قصد التقوي على صوم الغد أو لئلا يستحي الضيف (1)، كما يحرم الإسراف في استعمال الماء للوضوء ومن ذلك الزيادة على ثلاث غسلات مع اعتقاد أن ذلك هو السنة واستدلوا على تحريم الإسراف بما روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بسعد وهو يتوضأ فقال: (ما هذا السرف يا سعد ؟) قال: أفي الوضوء سرف ؟ قال: (نعم وإن كنت على نهر جار) (2)، (3)•
ومن آداب الأكل في مذهب الإمام مالك جعل البطن ثلثاً للطعام وثلثاً للشراب وثلثاً للنفس وذلك لاعتدال الجسد وخفته لما يترتب على الشبع من ثقل البدن المورث للكسل عن العبادة(4)• وتطهير الأعضاء يكون بمرة واحدة لأن بحصولها يكون فاعلاً وبعدمها يخرج عن وقوع الاسم عليه فإذا ثبت أن عليه أن يغسل أعضاءه لقول الله تعالى: فاغسلوا وجوهكم(5)• وبالأخبار والإجماع وكان أقل ما يتناوله الاسم مرة وفي انتفائها انتفاء الاسم فوجب فعلها • وكذلك روي أنه صلى الله عليه وسلم توضأ مرة وقال: (هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة إلا به) (6)، (7)• والزيادة على المرة في الوضوء فضيلة بدليل قول رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما توضأ مرتين مرتين: (هذا وضوء من يؤتى أجره مرتين) (1)• وما زاد على الثلاث فلا فضيلة فيه لقوله عليه الصلاة والسلام لما توضأ ثلاثاً: (هذا وضوئي ووضوء الأنبياء قبلي)(2)• ولقوله عليه الصلاة والسلام حينما سأله الأعرابي عن الوضوء فأراه ثلاثاً ثلاثاً ثم قال: (هذا الوضوء فمن زاد على هذا فقد أساء وتعدى وظلم)(3)،(4)•
المصدر: ملتقى شذرات

الملفات المرفقة
نوع الملف: doc الاقتصاد في المستهلكات.doc‏ (149.0 كيلوبايت, المشاهدات 3)
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
المستهلكات, الاقتصاد


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
أدوات الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع الاقتصاد في المستهلكات
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الصدمة في الاقتصاد Eng.Jordan مقالات وتحليلات مختارة 0 01-18-2017 04:01 PM
لمحة في الاقتصاد عبدالناصر محمود بحوث ودراسات منوعة 0 09-15-2015 05:05 AM
بحث عن الاقتصاد العام سعاد بن علو بحوث ومراجع في الإدارة والإقتصاد 1 06-18-2012 01:30 PM
الاقتصاد المصرى سعاد بن علو أخبار اقتصادية 0 06-14-2012 12:18 AM
[doc] في الاقتصاد الكلي أمير الحرف بحوث ومراجع في الإدارة والإقتصاد 3 01-23-2012 11:03 AM

   
|
 
 

  sitemap 

 


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 06:21 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59