حقيقة الوضع الإقتصادي للأردنيين

للأردنيين , الإقتصادي , الوضع , حقيقة

سلامة الدرعاوي [ 2013\08\05 ]

صديقي العزيز فهد الخيطان عنون مقالته في الزميلة الغد ليوم الاثنين "ما هي حقيقة الوضع الاقتصادي للأردنيين" ، احتار فيه من تضارب الأنباء والتصريحات الإقتصادية الإيجابية والسلبية التي ظهرت في الأشهر القليلة الماضية.
بعض الأنباء أظهرت أن الأردنيين فقراء وتعساء، والبعض الآخر أظهرهم رجال أعمال وأثرياء وكبار المستهلكي، فما هي حقيقة الوضع الإقتصادي للأردنيين.
لا يمكن لنا أن نقيس الحالة المعيشية للأردنيين دون اللجوء إلى الاحصاءات الرسمية التي تقول أحدهما أن جيوب الفقر في المملكة ارتفعت من 20 جيبا في سنة 2008 الى 31 جيبا في سنة 2012 .
واحصاء اخر يقول ان معدل حد الفقر المطلق ارتفع من 655 دينار في سنة 2008 الى 880 دينار في سنة2011.
لا بل ان احصاء معدل رواتب العاملين في القطاع العام يكشف في سنة 2006 كان اكثر من 83 بالمائة من هؤلاء الموظفين الحكوميين يقل راتبهم عن 300 دينار شهريا ، من المؤكد انه ارتفع خلال الاعوام الاخيرة ، ولكن لن يصل الى اكثر من 450 او 500 دينارا شهريا.
الملفت في احد احصاءات الدخل للقطاعات الاقتصادية ان قطاع مثل الاتصالات يعمل به مباشرة ما يقارب العشرة الاف شخص ، تبلغ حصة الفرد من دخل القطاع ما يزد عن سبعة الاف دينار ، والامر مشابه في قطاع البنوك الذي يعمل به مايزيد عن 15 شخص العائد على الفرد يزيد بقليل عن 3500 دينار شهريا ، في حين ان قطاع التعدين الذي يبلغ عدد العاملين فيه ما يقارب ال9 الاف شخص ، العائد للفرد العامل يقارب ال2300 دينار .
طبعا ، هذه عوائد عالية مقارنة بالعوائد في القطاعات الاخرى ، فعلى سبيل المثال قطاع النقل الذي يعمل به اكثر من 32 الف شخص، العائد على الفرد 180 دينارا ، في حين قطاع السياحة والفندقه يبلغ عدد عامليه ما يقارب ال40 الف ، بمعدل العائد على الفرد يبلغ 320 دينارا، لا بل ان قطاع تجارة التجزئة التي يعمل بها مايزيد عن 22الف شخص ، فان العائد على العامل فيها لا يتجاوز ال250 دينارا.
واضح ان هناك سوء توزيع كبير في عملية النمو الاقتصادي بين شرائح المجتمع، والامر ينعكس كذلك على الثروات، ف85 بالمائة من ملكية الودائع الفردية في البنوك الاردنية تعود الى 5 بالمائة من المودعين، لا بل ان 60 بالمائة من قيمة الدعم الحكومة على المواد الغذائية والمحروقات يذهب الى اغنى 20 بالمائة من الاردنيين حسب دراسات البنك المركزي.
اما عن الاردنيين بانهم ياتون في المرتبة الثانية من حيث الاستثمار في دبي، فالامر مشكوك به لدرجة كبيرة ، لان السعودية حسب احصاءات امارة دبي هي من يحتل هذه المرتبة ، واما موضوع السفر الى لبنان، فهو لا يدل على اي شيء في رفاهية الاردنيين ابدا ، لانه يوجد في الاردن 150 الف شخص تقريبا يحصلون على رواتب عالية، هم اصحاب الحظوة في تنمية "حراك" المطاعم الراقية والسياحة الداخلية والخارجية معا .
اما نمو ارباح قطاع البنوك في النصف الاول بنسبة 80 بالمائة ، فالامر لا يعدو كونه فتح الدفاتر القديمة في البنوك المحلية لتحصيل القروض المتعثرة في اطار تسويات مالية محددة ، اضافة الى ذلك ارتفاع اسعار الفائدة خلال الاشهر الماضية ساهم برفع ارباح المصارف التي لم نسمع عنها خلال العامين الماضيين اية عمليات اقراض لمشاريع كبرى ، باستثناء حصول الحكومة على ما يزيد 40 بالمائة من حجم التسهيلات المصرفية ، لذلك باتت الحكومة " زبونا محترما" للبنوك التي تقرضها باسعار فائدة وصلت الى 8.3 بالمائة .
وبنفس اتجاه المقارنة، ارباح قطاع التعدين تراجعت 55 بالمائة في النصف الاول، والاتصالات الاردنية 38 بالمائة في نفس الفترة، فعلى ماذا يدلل ذلك ؟.
صحيح ان هناك مظاهر انفاق مشوهة لدى الاردنيين جميعا، من اتصالات ودخان ومشروبات روحية وسيارات وطلب شديد على المواد الغذائية ، لكن لا يمكن لنا ان نقيسه او نعتبره مؤشر على التنمية او الحالة المعيشية للاردنيين ، بل هو تشوه في سلة الاستهلاك، وخلل بالانفاق في ظل غياب سياسات الترشيد والتوعية الاستهلاكية.
حقيقة ان هناك اعوجاجا تنمويا كبيرا صاحب العملية الاقتصادية في المملكة ، لكن الامر ليس مقتصرا على الاردن ، فهذه حالة عامة سادة معظم الدول النامية التي لجات لبرامج صندوق النقد الدولي التي تهدف اولا واخيرا الى معالجات مالية للخزينة بغض النظر عن الابعاد الاجتماعية .
Salamah.darawi@gmail.com

المصدر: ملتقى شذرات