#1  
قديم 02-21-2016, 02:28 PM
الصورة الرمزية Eng.Jordan
Eng.Jordan غير متواجد حالياً
إدارة الموقع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: الأردن
المشاركات: 25,392
افتراضي البعد الأخلاقي للأزمة المالية العالمية (2008)


البعد الأخلاقي للأزمةالماليةالعالمية (2008)
عبد الحميد مرغيت
كلية العلوم الاقتصادية والتجارية وعلوم التسيير
جامعة محمد الصديق بن يحي،جيجل،الجزائر






حمل المرجع كاملاً من المرفقات
الملخص:
لقد كشفت الأزمةالماليةالعالمية لعام 2008 عن أهمية الأخلاق ومنظومة القيم في عالم الاقتصاد والمال مرة أخرى.فالأدبيات المتوفرة حول هذه القضية أوضحت بأن ضعف أو غياب الأخلاق والقيم في الماضي كان أحد الأسباب البارزة التي قادت إلى هذه الأزمة ومن ثم إلى الكثير من الصعوبات الاقتصادية التي تواجه المجتمع الدولي حاليا .وفي هذا السياق تهدف هذه الدراسة إلى التركيز على البعد الأخلاقي في الأزمة المالية والاقتصادية العالمية ،حيث تبرز ضرورة ربط الاقتصاد والتمويل بمنظومة من القيم و الأخلاق بما يسمح بمنع تكرار وتجدد هذه الأزمات و الكوارث الاقتصادية المنبوذة.
الكلمات المفتاحية:الأزمة المالية العالمية-الأخلاق-علم الاقتصاد.
Abstract
Global financial crisis of 2008 has revealed the importance of ethics in economy and finance once again. The available literature have established that a lack of or absence of ethics and values in the past was a serious cause of this cisis,and at the root of many of the problems facing the global community today. The aim of the study is to focus on the ethical elements underlying the global financial and economic crisis ,and emphasize the importance of ethics in economic and financial world,in order to prevent therenew of this unacceptable catastrophic crisis.
Keywords: Global Financial Crisis- Ethics- Economics.

المقدمة
كثيرا ما تعتبر الأسواق المالية أماكن تهيمن فيها المصلحة الشخصية الجامحة ويعترف فيها المشاركون بقيمة واحدة لا غير –وهي النقود أو جمع المال -ذلك ان كل مستثمر يريد أفضل معدل للعائد ،وكل بنك يريد أعلى عائد على رأس المال ،والمحللون والمتاجرون يريدون أكبر مكافأة ،والجميع لن يدخروا جهدا في سبيل الوصول إلى غرضهم.
إلا أن هذا التقديس المفرط للمال قد نجمت عنه الكثير من الأنشطة غير القانونية والسلوكيات غير الأخلاقية في القطاع المالي،وهو ما كشفت عنه الأزمة المالية العالمية (2008)،التي تعتبر في نظر الكثير من الاقتصاديين وصناع السياسة الأسوء من نوعها مند أزمة الكساد الكبير سنة 1929 . فقد برزت بوادر هذه الأزمة عام 2007 في الولايات المتحدة الأمريكية عندما بدأت مشكلة الرهون المنخفضة الملاءة sub-prime mortgagees تتفاقم،وسرعان ما انطلقت شرارة الأزمة مع إعلان مؤسسة مالية عملاقة هي "ليمان برادرز" Lehman Brothersعن إفلاسها الوقائي، تلتها خسائر كبيرة لكافة المؤسسات المالية الخاصة من مصارف وشركات تأمين ومؤسسات استثمارية حيث وصل عدد البنوك المنهارة في أمريكا خلال عام 2008 حوالي 19 بنك.وامتدت آثار الأزمة من القطاع المصرفي إلى كافة أجزاء القطاع المالي. ثم انتقلت عدوى الأزمة إلى مختلف دول العالم لتشمل الدول الأوروبية والآسيوية والدول الخليجية والدول النامية التي يرتبط اقتصادها مباشرة بالاقتصاد الأمريكي مما حولها من أزمة مالية أمريكية إلى أزمة مالية عالمية .
مشكلة البحث
عادت الأخلاقعلىمايبدوإلىدائرةالضوءفيعلمالاقتصاد،والسببد ونشكهوالأزمةالماليةالعالميةالتي كشفتعنالكثيرمنالأنشطةغيرالقانونيةوالسلوكياتغيرالأخ لاقيةفيالقطاعالمالي الذي اعتبر المتسبب الرئيسي في هذه الأزمة التي كانت لها تداعيات كارثية على الاقتصاد العالمي وحياة الناس ،والتي لم يشهد لها العالم مثيلا منذ أزمة الكساد العظيم في ثلاثينيات القرن الماضي ،بل حتى أن الاقتصادي الأمريكي الشهير "بول كروغمان " (Paul Krugman)الحاصل على جائزة نوبل للاقتصاد عام 2008 أصدر كتابا حول هذه الأزمة عنوانه "العودة إلى الكساد العظيم"[1].ومن هذا المنطلق نتساءل :فيما يتجلى البعد الأخلاقي للأزمة المالية العالمية؟
فرضية البحث
ينطلقالبحثمنفرضيةمفادها : أن تجددالتركيزعلىالأخلاق عقب الأزمة المالية العالميةيعكسالشعورالعميقمن طرف الحكومات والمجتمعات بعدمالرضاإزاءالاقتصادالحديث عامة وسلوك القطاع المالي خاصة ، لاسيما بعد أن أظهرت الأزمة فكرةالتكلفةالاجتماعيةالأعمالتييمكنأنتترتبعلىسوءالس لوكالخاص.الذييقومفيمعظمه علىمذهبالنفعيةوالتركيزالضيقعلىالمصلحة الشخصية الجامحة.
هدف البحث
يهدف هذا البحث إلى استعراض بعض مظاهر السلوكيات غير الأخلاقية في القطاع المالي العالمي التي كشفت عنها الأزمة المالية العالمية الأخيرة ،ومن ثم إبراز أهمية السلوك و المعايير الأخلاقية ودورها في ضمان الاستقرار المالي العالمي.
منهجية البحث
لغرضالإجابة على مشكلة البحثوبلوغأهدافه،فقد تم اعتمادالمنهجالوصفي وذلكبالاعتمادعلىالمراجعوالمصادرالرسميةالصادرةعنالم ؤسساتالماليةالدولية،وعنمختلفالمصادرالرسميةوالعلمية الأخرى،سواءبالاطلاعالمباشرعلىمنشوراتهاأومنخلالمواق عهاعلىالإنترنت،وكذلكالمراجعالعلميةالأكاديمية.
تقسيمات البحث
لقد اشتملت الدراسة على ثلاثة مباحث تطلبها التحليل الدقيق للموضوع،فكان المبحث الأول قد تركز على تقديم لمحة حول الأزمة المالية العالمية (2008) وتداعياتها، في حين استعرض المبحث الثاني بعض مظاهر السلوكيات غير الأخلاقية في القطاع المالي التي كشفت عنها الأزمة المالية العالمية .أما المبحث الثالث فقد خصص لإظهار عودة الأخلاقإلىدائرةالضوءفيعلمالاقتصاد في الفكر الغربي الرأسمالي ومدى توافقها مع منظومة القيم والأخلاق في الإسلام.و قد انتهت الدراسة طبقا لمتطلبات المنهج العلمي بخاتمة و مجموعة من التوصيات.
المبحث الأول:لمحة حول الأزمة المالية العالمية (2008) وتداعياتها
لقد شهد العالم خلال عام 2008 أزمة مالية عالمية أعتبرت الأسوء منذ أزمة الكساد العظيم لعام 1929 حيث بدأت شرارتها في الولايات المتحدة الأمريكية ثم امتدت لتشمل مختلف الاقتصاديات العالمية ،مخلفة آثار وخيمة تمثلت أساسا في أزمة انهيار الأنظمة المالية وموجة من التباطؤ الاقتصادي الحاد.فقد برزت بوادر هذه الأزمة في الولايات المتحدة الأمريكية عام 2007 عندما بدأت مشكلة الرهون المنخفضة الملاءة sub-prime mortgagees[2] في الولايات المتحدة الأمريكية تلقي بظلالها على أسعار العقارات المتضخمة هناك. وسرعان ما انطلقت شرارة الأزمة مع إعلان مؤسسة مالية عملاقة هي "ليمان برادرز" Lehman Brothersعن إفلاسها الوقائي، تلتها خسائر كبيرة لكافة المؤسسات المالية الخاصة من مصارف وشركات تأمين ومؤسسات استثمارية حيث وصل عدد البنوك المنهارة في أمريكا خلال عام 2008 حوالي 19 بنك.وامتدت آثار الأزمة من القطاع المصرفي الأمريكي إلى كافة أجزاء القطاع المالي.
ولقد أسهمت بعض التشريعات المستحدثة في تعميق الأزمة المالية حين شجعت بعض التشريعات المصارف على المزيد من عمليات "التوريق" (securitization)، هته الأخيرة كانت سببا مباشرا في انتقال عدوى هذه الأزمة إلى الدول الأخرى[3]. حيث يعرف التوريق على أنه إمكانية الحصول على تمويل جديد عن طريق تحويل القروض إلى أوراق مالية في صورة أسهم أو سندات، ممّا يعطي للدّائن فرصة لترويج قروضه المستحقة اتجاه مدينيه بعد تحويلها إلى أوراق مالية قابلة للتّداول في مختلف البورصات العالمية سواء في أمريكا ،فرنسا،اليابان....وعليه انتقلت عدوى الأزمة إلى مختلف دول العالم لتشمل الدول الأوروبية والآسيوية والدول الخليجية والدول النامية التي يرتبط اقتصادها مباشرة بالاقتصاد الأمريكي مما حولها من أزمة مالية أمريكية إلى أزمة مالية عالمية[4] .
ومنالناحيتينالماليةو الإحصائيةكانت تأثيرات الأزمة كمايلي:[5]
-بلغتخسائرالمصارف 580 ملياردولار أمريكي أما خسائرالأسواقالمالية فبلغت بحدود ( 300 )ترليوندولار.
-إفلاسأكثرمنعشرينمصرفًافيالولاياتالمتحدةالأمريكيةذا تها،وأكثرمن ( 50 )مصرفًاعلىمستوىدولالعالممن ضمنهامصارفعريقةوعملاقة.
-انهياركلمنقطاعمصارفالاستثماروشركاتالتأميننظرًالكون هاتلقتاكبرحجممنالخسائرمنذبدايةالأزمة.
-إفلاسعددكبيرمنشركاتالطيرانلخسارتهاأكثرمنمليونبطاقة سفربسببالركودالاقتصاديوانخفاضأداءالقطاعالسياحي.
-ارتفعتكلفةالتأمينإلىمابين 300-600 نقطة.
-تراجعموجوداتصناديقالتحوطبحدود 20 % وخسرتأسواقالسلعوالعملاتكلمكاسبهاوتراجعتبشكلحاد.
-تقلبات حادة في أسواق الصرف الدولية حيث تصاعدتقيمةالدولاربسببتراجعأسعارالنفطصاحبهانخفاضالينو اليورو.
-التشكيكفيمصداقيةشركاتالتصنيف(التقييمالائتماني) وكذلكمعياربازل ( 2)لكونهماقدقيماالمصارفوالمخاطربأقلمنحقيقتيهماالموض وعية.
كما كان من الآثار المباشرة لهذه الأزمة تعطل التمويل مابين المصارف نظرا لفقدان ثقتها في بعضها البعض،ويصدق هنا المثل البلجيكي القائل(الثقةتغادرممتطيةجواداوتعودسيراعلىالأقدام[6]).حيث أن المصارف التي لديها فائض في السيولة أصبحت تتردد أو تحجم عن إقراض فوائضها للمصارف الأخرى خوفا من تداعيات الأزمة.
وبسبب أزمة الثقة بين المصارف تفاقمت ظاهرة انكماش الائتمان credit crunch بسبب انكماش السيولة و الائتمان مما أدى إلى تأثر الاقتصاد الحقيقي تبعا لذلك ، و إلى دخول اقتصاديات معظم الدول الصناعية في حالة ركود اقتصادي كما أشارت لذلك مختلف التقارير الاقتصادية العالمية كتقرير (Global Economic Prospects) الصادر عن البنك العالمي لعام 2009 وكذا تقرير (World Economic Outlook) الصادر عن صندوق النقد الدولي.
ولمواجهة هذا الوضع المتردي قامت البنوك المركزية العالمية والحكومات بالتنسيق في ما بينها لاتخاذ إجراءات غير عادية لتوفير السيولة والاستقرار في النظام المالي العالم تراوحت بين دفع فوائد على الاحتياطيات النظامية المودعة في البنوك المركزية (ما يعد ضخا مباشرا للسيولة للمصارف التجارية)، شراء الأدوات المالية الملوثة من بنوكها المتضررة ، قيام تلك البنوك المركزية بتخفيض معدلات الفائدة على قروضها للبنوك التجارية (سعر الخصم)، بل ووصلت في بعض الأحيان إلى تأميم بعض المؤسسات المالية بشكل كامل (مثل تأميم بنك Northern Rock في المملكة المتحدة )[7].
ولعل أهم شيء أبرزته هذه الأزمة الأمر هو فكرةالتكلفةالاجتماعيةالأعمالتييمكنأنتترتبعلىسوءالس لوكالخاصوهذا باستحواذقطاعالنشاط (القطاع المالي)علىالمكاسبفيالجانبالإيجابي،وقوعالخسائرعلىكا هلالعامةفيالجانبالسلبي.كما أبرزت الأزمة غياب منظومة القيم والأخلاق[8] في عالم الاقتصاد خلال العقود الأخيرة وبصورة خطيرة ،ويتجلى ذلك بالأساس من خلال الفضائح المالية التي تم اكتشافها في أعقاب انفجار هذه الأزمة وهو مانحاول تناوله في المبحث الثاني.
المبحث الثاني: بعض مظاهر السلوكيات غير الأخلاقية في القطاع المالي التي كشفت عنها الأزمة المالية العالمية
لقد كشفت الأزمة المالية العالمية (2008) عن العديد من الممارسات الغير أخلاقية[9] التي كانت سائدة في القطاع المالي لعدة فترات من الزمن ، والتي يمكن حصرها في مايلي:
1.تضليل شركات التصنيف للمستثمرين في الأسواق المالية العالمية
لقد ساهمت وكالات التصنيف العالمية المعروفة (Fitch-Moody’s-Standard and Poor's) في تضليل المستثمرين (شركات التأمين-صناديق التقاعد...) في الأسواق المالية بمنحها لبعض الأدوات المالية المسمومة مثل ” الأوراق المالية المضمونة بقروض عقارية“ علامة تصنيف جيدة (بمعنى أن خطرها ضعيف و مردوديتها عالية)، وبالتالي تهافت المستثمرون في مختلف الأسواق المالية الدولية على شرائها ولم تتوقع أبدا البنوك أو شركات التصنيف انهيار سوق العقارات لاحقا.ولكن مع بدأ تراجع سوق العقارات قامت وكالات التصنيف بمراجعة تصنيف هذه الأوراق المالية المضمونة بقروض عقارية، وخفضت من العلامة الممنوحة لها (خطر كبير و مردودية ضعيفة) وبالتالي اندفع المستثمرون الحاملون لهذه الأوراق المالية لبيعها نظرا لخطورتها ، ولكنها أصبحت مستحيلة التداول في البورصات وبالتالي لحقت بهم خسائر مالية فادحة[10].
وفي هذا السياق رفعت العديد من الشكاوي ضد شركات التصنيف العالمية أمام القضاء ، وتم تغريم بعض منها فعلى سبيل المثال وبتاريخ 03/02/2015 دفعت وكالة التصنيف "ستاندرد أند بورز S&P"غرامة 1.37 مليار دولار لخداعها مستمرين في الرهن العقاري.



2.تنامي نظام الظل المصرفي وصناديق المضاربة
"نظام الظل المصرفي" هو مصطلح جديد ظهر في أمريكا وأطلق على المؤسسات التي تمارس نشاطها مثل البنوك ولكنها لاتخضع للرقابة و الإشراف من طرف السلطات النقدية الأمريكية (الاحتياطي الفيدرالي)[11] .ووفقا لبول كروغمان[12] فقد كان لهذه المؤسسات دور مباشر في الأزمة المالية العالمية 2008.فمنذ منتصف سنوات التسعينيات تطور نشاط القروض خارج البنوك في أمريكا بشكل كبير ،كما كانت بعيدة عن أي تنظيم أو أي إخضاع لأي نسب أو مؤشرات احترازية ،مما جعل من حوالي نصف سوق القروض الأمريكي ينشط على هامش القواعد الاحترازية الكلاسيكية .
أما صناديق المضاربة التي يطلق عليها أيضا صناديق التحوط (hedge fund) فهي غالبا ما تبحث عن تحقيق عائد سنوي موجب ويكون أعلى ما يمكن ، مع مراعاة الحد من تقلبات قيمة الرأس مال المستثمر والحفاظ عليه . وقد نمت هذه الصناديق بشكل كبير فبعدما كانت سابقا تستقطب الأشخاص الأثرياء والمستثمرين التأسيسيين ،توسعت مؤخرا لتضم كل من صناديق التقاعد-الجامعات-المؤسسات .وقد تطور عددها بشكل كبير خلال العقود الأخيرة حيث انتقلت من 2800 صندوق عام 1995 إلى 8500 صندوق عام 2006.[13]
و في السنوات الأخيرة أصبحت هذه الصناديق مصدر انشغال وقلق بالغين في الاقتصاد الدولي نظرا لأثرها على زعزعة الاستقرار المالي العالمي وضعف خضوعها للرقابة والإشراف.فعلى سبيل المثال يعتبر "بول كروغمان" أن صناديق التحوط هذه وخلافا لتسميتها كانت من بين الأسباب الرئيسية التي فجرت العديد من الأزمات مثل: أزمة النظام النقدي الأوروبي (1992-1993)-أزمة جنوب شرق آسيا (1997) وكذا الأزمة المالية العالمية الأخيرة. وللتدليل على مخاطرها أشار "كروغمان"إلى الهجمات المنسقة التي قام بها "جورج سوروس" على الجنيه الإسترليني في عام 1992 عندما راهن بنجاح بمليار دولار أمريكي على الجنيه الإسترليني .حيث أنه تحت ضربات "جورج سوروس" ومضاربين أخريين كانوا يعتقدون أن الجنيه كان مقيما بأعلى من قيمته انهار الجنيه الإسترليني و قررت السلطات البريطانية تخفيض قيمته.[14]
3. تلاعب بعض البنوك الكبرى بأسعار الصرف و أسعار الفائدة[15]
لقد أظهرت الأزمة المالية العالمية أن بعضالبنوك والمؤسسات المالية البارزة عالميا متورطةفيفضائحتنتهكأبسطالمعاييرالأخلاقيةكالتلاعُببأ سعارليبوروأسعارالصرفالأجنبي،والتهرب الضريبي،وحبسالرهنغيرالقانوني.ففي 13/11/2014 أعلنت الهيئتان الأمريكية والبريطانية لضبط الأسواق المالية (اللجنة الأمريكية للتداول بالسلع الآجلة وهيئة الرقابة المالية البريطانية) عن تغريم خمسة مصارف دولية كبرى بدفع 250 مليون يورو لهيئة الرقابة المالية البريطانية وما يزيد عن 275 مليون دولار لمثيلتها الأمريكية،لتصل إجمالي هذه الغرامات الى 2.5 مليار يورو.
ويتعلق الأمر:بمصرفي "اتش اس بي سي" –"رويال بنك اوف سكوتلاند" البريطانيين ،ومصرفي "سيتيبنك" و"جي بي مورغان تشايس" الأميركيين ومصرف "يو بي اس" السويسري. كما أن هيئة الرقابة السويسرية فرضت على مصرف "يو بي اس" غرامة إضافية قدرها 111مليون يورو في القضية ذاتها.
ويعود سبب هذا التغريم إلى اتهام هذه المصارف بالتلاعب بسوق الصرف في عمليات جرت مطلع سنة 2008 و نهاية 2013 ، حيث دأبت علي دفع عملائها لاستخدام سعر مرجعي محدد في حين كان هناك سعر أفضل متاح، لتحصل البنوك علي هامش ربح أعلى.
وقد سبق معاقبة بعض من هذه البنوك في سياق فضيحة التلاعب بمعدل الفائدة السائد بين بنوك لندن أو الليبور(LIBOR ) عام 2012 من خلال سعيها لتخفيض هذا السعر المرجعي . وبعد اكتشاف أمرها تكبدت خمسة بنوك غرامات بقيمة3.5 مليار دولار من بينها "رابو بنك" ثاني أكبر بنك هولندي الذي دفع1.1 مليار دولار لتسوية التهم، وكذلك" يو بي اس" السويسري الذي دفع1.5 مليار دولار. كما أدت النزاعات المرتبطة بالقروض العقارية المشكوك في تحصيلها بالولايات المتحدة إلى فرض غرامة بقيمة 13 مليار دولار على مصرف جي بي مورغان.
وتعتبر هذه العقوبات المالية خطوة جديدة في سياق حملة تصحيح القطاع المالي الجارية منذ الأزمة المالية العالمية وذلك وفقا لما صرح به وزير المالية البريطاني "جورج اوزبورن" "إننا نتخذ اليوم تدابير صارمة للقضاء على فساد بعض الجهات بحيث يعمل النظام المالي من أجل الجميع" .
وبالإضافة إلى ماسبق ،تفجرت مؤخرا فضيحة بطلها مصرف «إتش إس بي سي» البريطاني الذي اتهم بتهرب ضريبي وتبييض أموال في ما باتت تعرف باسم «سويس ليكس» ، وهذا بعد كشف معلومات في التاسع من فبراير (شباط)2015 مجموعة من الصحف الأجنبية في مقدمتها «لوموند» الفرنسية. حيث راجعت هذه الصحف طيلة أشهر بيانات سربها في 2007 خبير معلوماتي سابق في المصرف يدعى "إيرفيه فالسياني".
وكشفت هذه البيانات عن نظام تهرّب ضريبي واسع، أتاحه المصرف في سويسرا يتعلق بمليارات الدولارات العائدة لأكثر من مائة ألف زبون وشخصية اعتبارية مرت عبر هذا المصرف بين نوفمبر (تشرين الثاني) 2006 ومارس (آذار) 2007 من خلال شركات وهمية أو هيئات «أوف شور» [16].
4. فضيحة وول ستريت: فضيحة "برنارد مادوف"[17] (Bernard Madoff )
أعلن عن هذه الفضيحة المالية التي تعد الأكبر في التاريخ الأمريكي و العالمي يوم 14 ديسمبر 2008 أي أي في عز الأزمة المالية العالمية، حيث أظهر تقرير أن الرئيس السابق لبورصة "ناسداك " الالكترونية المعروف باسم "برنارد مادوف" ،الذي يملك شركة استثمارات خاصة به في البورصة ، كان يملك شركة أخرى موازية غير شرعية تعمل بمنتهى السرية في طابق منفصل من مبنى الشركة الأصلية .وقد احتال بمبلغ 50 مليار دولار من صناديق استثمارية تضم استثمارات كبار البنوك العالمية و أثرى و أبرز المستثمرين العالميين.
ويرتكز النظام الاحتيالي الذي أرساه "مادوف " على ما يسمى نظام "البيع الهرمي" أو " سلسلة بونزي "ponzi "[18] الذي يعتمد على آلية في منتهى البساطة وهي: دفع عوائد مغرية للمستثمرين الذين وظفوا أموالهم في صندوق "مادوف " الاستثماري ، من خلال استخدام رؤوس الأموال الجديدة الموظفة من قبل المستمرين الجدد في هذا الصندوق. كما كان يستخدم في إطار نشاطه كسمسار في البورصة المعلومات التي يحصل عليها لحسابه الخاص وهي ممارسات غير قانونية يطلق عليها "front running".فعلى سبيل المثال عندما يطلب الزبون من "مادوف" أن يشتري له عدد معين من أسهم شركة ما ومهما كان الثمن ،يقوم "مادوف" قبل تنفيذ أمر شراء الزبون بشراء هذه الأسهم لحسابه الخاص ثم يعيد بيعها للزبون مع تحقيق فائض قيمة .
وقد استمر نظام "مادوف " الاحتيالي لعدة سنوات دون أن يتمكن أحد من اكتشافه ، ويعود السبب في ذلك إلى العوائد العالية جدا (أكثر من 10بالمائة) التي كان يدفعها "مادوف" لزبائنه لعدة سنوات وهذا مهما كانت حالة أسواق المال يضاف إلى ذلك استغلال "مادوف" الصورة والثقة التي كان يتمتع بها لدى مختلف شرائح المستثمرين ،لاسيما و أنه شغل سابقا منصب رئيس مجلس إدارة بورصة "ناسداك" الالكترونية.كما أنه كان ينظر له على أنه عصامي ناجح فقد كون شركة وساطة في البورصة عام 1960 وعمره أنذلك 22سنة و بمبلغ 5000دولار،لتتطور هذه الشركة لاحقا وتصبح صندوق استثماري ضخم جدا لها مكانته وسمعته العالمية في أسواق المال .
وقد شكك البعض في قانونية نشاط "مادوف" ،فعلى سبيل المثال قام "Harry Markopolos " وهو مدير صندوق تحوط بإرسال رسالة إلى هيئة الأوراق المالية الأمريكية (SEC ) عام 1999 أبلغها فيها بأن الاداء الذي يحققه صندوق مادوف غير معقول ومستحيل تحقيقه رياضيا،وقد يكون مجرد غش واحتيال.
ولكن مع اندلاع الأزمة المالية في أمريكا عام 2008 على اثر انهيار مصرف "ليمان برادرز" ، و انتشار الذعر والخوف في أوساط المستثمرين ،الذين سارعوا لاسترجاع أموالهم الموظفة في مختلف الصناديق الاستثمارية ، فقد تم اكتشاف احتيال "مادوف" الذي لم يكن قادرا على إرجاع الأموال لأصحابها لاسيما في ظل غياب مستثمرين ورؤوس أموال جديدة داخلة لصندوقه الاستثماري.وتبعا لذلك تم توقيفه من طرف مكتب التحقيقات الفيدرالي FBI بتاريخ 12 ديسمبر 2008. وقد اعترف "مادوف" بأنه أسس شركة موازية غير شرعية و أنه "انتهى" وخسر كل شي يملكه. في يونيو 2009 قضت محكمة أميركية بالسجن لمدة 150 عاما على "برنارد مادوف"، بعد أن اعترف بـ11 تهمة وجهت إليه منها الاحتيال والحنث باليمين والسرقة.
ويوضح الجدول الموالي أهم المؤسسات المالية العالمية التي تكبدت خسائر جمة نتيجة احتيال "مادوف":
الجدول (01):أهم المصارف العالمية المتضررة من احتيال "برنارد مادوف"

[1] بول كروغمان،العودة إلى الكساد العظيم... أزمة الاقتصاد العالمي، ترجمة: هاني تابري: دار الكتاب العربي،بيروت ،2009.

[2]قروض" sub-prime " ،هي نوع من القروض تمنح للأسر الأمريكية التي ليس لها مأوى بهدف شراء مسكن، ودون الأخذ بعين الاعتبار لحجم دخلها أو مقدرتها على سداد القرض .وتقدر مدة هذه القروض ب30سنة ،ففي السنتين أو الثلاث الأولى تكون معدلات الفائدة ضعيفة وبعدها تبدأ في الارتفاع، ونتيجة لذلك ترتفع الأعباء الشهرية للقرض الشهرية بحوالي 25% إلى 40% عن مستواها الابتدائي.


[3]راجع في هذا السياق :
-Michel Aglietta , " 10 clés pour comprendre la crise " ,disponible sur le site :www.cepii.fr
-Michel Aglietta, " Comprendre la crise du crédit structurés ", la Lettre de CEPII, No.275, Fév.2008.

[4] Ibid.

[5]وليدعيديعبدالنبي،مهديمحمدعليعبدالسادة ،"الأزمةالماليةالعالميةأثارهاوالدروسالمستقاةمنها،و إجراءاتمواجهتهامنقبلالبنكالمركزيالعراقي". ص ص.2-3.متاح على الموقع الالكتروني الآتي:
http://www.cbi.iq/documents/waleed%202.pdf

[6] La confiance part à cheval et revient à pied.

[7]مؤسسة النقد العربي السعودي، التقرير السنوي ،45، ،2009، ص ص.26-28.

[8] يقصد حيث يقصد بالقيم محمل المعتقدات والأخلاق و التفضيلات والآراء السياسية والمشاعر، الخاصة بشخص أو مجموعة من الأشخاص. كما ان هناك قيم معنوية وقيم مادية.(للاطلاع أكثر راجع: رفيق يونس المصري، القيم في الاقتصاد بين الإظهار والإخفاء، ندوة حوار الأربعاء ، مركز أبحاث الاقتصاد الإسلامي، كلية الاقتصاد والإدارة، جامعة الملك عبد العزيز، الأربعاء15/7/1419هـالموافق 4/11/1998م.

[9] يمكن الإشارة هنا إلى ما قاله رجل الأعمال الأمريكي وارين بافيت (Warren Buffett) أغنى رجل في العالم عام 2009 وأحد كبار المستثمرين في بورصة نيويورك في مقابلة تليفزيونية مع قناة cnbcيوم الجمعة 22اوت 2008،مايلي""تعرف دائما من كان يسبح عاريا عندما ينحسر المد. اكتشفنا أن وول ستريت كانت شاطئا للعراة نوعا ما".للاطلاع أكثر راجع الموقع التالي:http://ara.reuters.com/article/busin...24390320080822


[10]Michel Aglietta , " 10 clés pour comprendre la crise " ,Op.Cit.


[11]للاطلاع بشكل مفصل حول هذا المفهوم راجع :لورا كودريس،"ماهو نظام الظل المصرفي؟"،مجلة التمويل والتنمية،عدد يونيو 2013،ص ص.42-43.

[12]بول كروغمان ،المرجع السابق.

[13] Angel Ubide, Démythifions les fonds spéculatifs, Finances & Développement Juin 2006,pp.41-43.

[14]بول كروغمان ،المرجع السابق.

[15] راجع في هذا السياق :
-الأهرام الاقتصادي، فوركس:صفحة جديدة من مسلسل فضائح البنوك العالمية ،24/11/2013 ،متاح على الموقع : http://economic.ahram.org.eg/NewsQ/1590.aspx
-ميدل ايست أونلاين،عقوبات مالية قاسية على بنوك دولية بتهمة التلاعب بأسعار الصرف،12نوفمبر 2014.متاح على الموقع : http://www.middle-east-online.com/?id=187960

[16] راجع جريدة الشرق الأوسط الصادرة يوم الأربعاء - 28 شهر ربيع الثاني 1436 هـ - 18 فبراير 2015 مـ.

[17] راجع في هذا السياق:
-ويكيبيديا، الموسوعة الحرة،فضيحة مادوف،متاح على الموقع : http://ar.wikipedia.org/wiki/
-Easy borse, L’affaire Madoff,disponible sur le site :https://www.easybourse.com/bourse/pe...ire-madoff-137

[18] نسبة إلى الأمريكي "تشارلز بونزي" الذي اشتهر بعد القيام بعملية تزوير عقاري في ولاية كاليفورنيا على أساس هذا المبدأ.

المصدر: ملتقى شذرات

الملفات المرفقة
نوع الملف: docx الأزمة-المالية-والاخلاق.docx‏ (99.5 كيلوبايت, المشاهدات 69)
__________________
(اللهم {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} (البقرة:201)
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
(2008), للأزمة, المالية, الأخلاقي, البعد, العالمية


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
أدوات الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع البعد الأخلاقي للأزمة المالية العالمية (2008)
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الأزمة المالية العالمية وأثرها على علي العالم العربي Eng.Jordan بحوث ومراجع في الإدارة والإقتصاد 1 02-23-2013 11:09 PM
بحوث حول الازمة المالية العالمية Eng.Jordan بحوث ومراجع في الإدارة والإقتصاد 0 05-04-2012 02:13 PM
أثر الأزمة المالية العالمية على جهات تشريع معايير المحاسبة Eng.Jordan بحوث ومراجع في الإدارة والإقتصاد 0 02-27-2012 02:49 PM
الشفافية والإفصاح في الأزمة المالية والاقتصادية العالمية وتأثيرها على مصر Eng.Jordan بحوث ومراجع في الإدارة والإقتصاد 0 02-27-2012 02:33 PM
الأزمة المالية العالمية Eng.Jordan بحوث ومراجع في الإدارة والإقتصاد 0 01-10-2012 01:26 AM

   
|
 
 

  sitemap 

 


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 01:27 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59