#1  
قديم 01-25-2012, 12:41 PM
الصورة الرمزية Eng.Jordan
Eng.Jordan غير متواجد حالياً
إدارة الموقع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: الأردن
المشاركات: 25,392
افتراضي أثر مشاهدة البرامج الفضائية على المهارات الاجتماعية


أثر مشاهدة البرامج الفضائية على المهارات الاجتماعية
لدى عينة من الأطفال بدولة الكويت

المرجع كاملاً في المرفقات


د. فاطمة عبد الصمد دشتي
كلية التربية - جامعة الكويت
ملخص:
هدفت الدراسة الحالية إلى الكشف عن العلاقة بين نوعية البرامج الفضائية التي يشاهدها الأطفال وبين المهارات الاجتماعية لهؤلاء الأطفال، كما تحاول الدراسة التعرف على العلاقة بين عدد ساعات مشاهدة هذه البرامج الفضائية وبين المهارات الاجتماعية لهؤلاء الأطفال. واستخدمت الدراسة المنهج الوصفي، وتكونت عينة الدراسة من 200 طفل وطفلة ممن تتراوح أعمارهم بين 5-12 سنة بدولة الكويت بمدارس: الرقة والواحة وأم براء والجهراء. واستخدم الباحث استبانة برامج الأطفال التلفزيونية التي يشاهدها الأطفال. (ملحق1) إعداد الباحث ومقياس المهارات الاجتماعية: إعداد السمادوني وتعديل الجمعة (1996م) واعتمدت الدراسة على أسلوب تحليل التباين أحادي الاتجاه One way Analysis of Variance واختبار شيفيه للمقارنات المتعددة Multiple Comparison والذي أسفرت نتائجه عن عدم اختلاف المهارات الاجتماعية بالنسبة للأبعاد: التعبير الانفعالي، والحساسية الانفعالية، والضبط الانفعالي، والتعبير الاجتماعي، والحساسية الاجتماعية، والضبط الاجتماعي، والدرجة الكلية للمهارات الاجتماعية باختلاف نوع البرامج الفضائية التي يشاهده الأطفال. بالإضافة إلى عدم اختلاف المهارات الاجتماعية بالنسبة للأبعاد: التعبير الانفعالي، والحساسية الانفعالية، والتعبير الاجتماعي، والحساسية الاجتماعية، والدرجة الكلية للمهارات الاجتماعية، بينما اختلف الضبط الانفعالي والضبط الاجتماعي باختلاف عدد ساعات مشاهدة القنوات الفضائية، لصالح الأطفال الذين يشاهدون القنوات الفضائية بصورة أقل.
مقدمة:
تعيش المجتمعات البشرية في دوامة التغير التي فرضتها معظم معطيات العصر التقنية، هذا التغير كان نتيجة تطلع الإنسان إلى مواكبة عجلة التقدم العلمي والإفادة من تلك المعطيات، إلا أن المواكبة السليمة لتطور الأمم تتم من خلال التقويم المستمر لكل ما يعرض من تقنيات حديثة بحيث يتم اختيار ما يلائم احتياجات الفرد والتي هي جزء من احتياجات مجتمعه، دون أن يؤثر ذلك في القيم والمفاهيم الإنسانية للمجتمع الذي يعيش فيه. فمعين التقدم العلمي لا ينضب، ومجالاته المتعددة ضربت جذورها في أعماق المجتمع فأحدثت تغيراً في سلوك الفرد، وهذا التغير يجب أن يواكبه شيء من الحذر، فإذا كان تغيرا مرغوبا فهذا ما تسعى إليه المجتمعات للرقي بمعطياتها وأسلوب حياتها إلى الدرجة التي تكفل لها مواجهة التحديات التقنية، وتمكنها من استغلال الموارد الطبيعية والبشرية الاستغلال الأمثل. (الشاعر، 1996م)
ونتيجة للتقدم العلمي والتكنولوجي السريع الذي اجتاح العالم ، شهدت السنوات الأخيرة من القرن العشرين ظهور القنوات الفضائية وانتشارها على نطاق واسع ، مما أدى إلى تحول العالم إلى قرية كونية صغيرة تربطها شبكة اتصالات واحدة عبر الأقمار الصناعية، كما تنامت قوة الإعلام الفضائي ، وزادت المنافسة بين القنوات الفضائية على استقطاب المشاهدين أمام الأجهزة المرئية ، وذلك من خلال ما تبثه من برامج علمية وثقافية وترفيهية وأيديولوجيات متعددة موجهة إلى المشاهدين باختلاف مراحلهم العمرية.
ويمكن إرجاع بداية التطوير للإذاعة المرئية لعام 1839م على يد العالم الفيزيائي (الكسندر أدموند بيكيل)، وفي عام 1884م اخترع العالم الألماني (بول نيكو) عملية المسح الصوري الأسطوري والمرئي والميكانيكي وطورها فدخل التلفزيون عصوراً تجريبية جديدة، كما واصلت شركات مثل شركةR. C. A أبحاثها الخاصة بالتلفزيون في مدينة نيويورك عام 1930م، وفي عام 1936م كان في استطاعة أجهزة الاستقبال المرئي التقاط الإشارة عن بعد ميل واحد ، لقد طُوّر استخدام التلفزيون بعد ذلك حيث أدخلت عليه تحسينات كبيرة وسارعت الدول في انتقائه كوسيلة إعلامية ذات أهمية كبرى للتأثير على الجماهير (الشال، 1993م، 9).
لقد أضحت الإذاعة المرئية في النصف الثاني من القرن العشرين مُعجزة القرن حيث بدأت التأثير على المشاهد بشكل واضح مؤثرة على تفكيره وعلى ثقافته وعلى سلوكه مُشكِلة لشخصيته من خلال ما يضخه المسيطرون على شركات الإعلام من ثقافات يريدون للمتلقي التشبع بها، ويقول (بورستين) إن الإذاعة المرئية تعد أروع عدسة لها هذه الزاوية المشعة التي اخترعها الإنسان، والتلفزيون له تأثير ساحق في نطاق مفهوم الإنسان المعاصر(رضا، 1998م، 77).
وتُعد الإذاعة المرئية أهم وسائل الاتصال في الوقت الحاضر، ومن أخطر الوسائل الإخبارية والتربوية والإعلامية لما تتمتع به من خصائص وإمكانات لا تتوفر في وسائل أخرى، ويمكن تحديد الخصائص المميزة للأجهزة المرئية باعتبارها وسيلة لعرض برامج القنوات الفضائية في النقاط التالية:
1) إن الجهاز المرئي يجمع بين الكلمة المسموعة والصورة المرئية مما يزيد من قوة تأثيره.
2)إن الجهاز المرئي يتميز بقدرته على جذب المشاهد وخاصة صغار السن وتحقيق درجة عالية من المشاركة من خلال ما يقدمه من مواد تعليمية وترفيهية إضافة إلى الدور التربوي الذي يقوم به.
3) يتعامل مع المشاهد مباشرة، فالمرسل في هذه الوسيلة يخاطب المستقبل وجهاً لوجه (الأصفر، 1993م، 212).
4) إمكانية نقل الأحداث الاجتماعية على الهواء ساعة وقوعها ونقل الكثير من الجوانب الثقافية والمعنوية والمادية للمشاهد ونقل خبرات الأشخاص ذوي المواهب والتخصصات النادرة، وبإلقاء المحاضرات وعرض البرامج والندوات والأفلام العلمية عن عالم الحيوان أو حياة الشعوب وأساليب حياتها (شراب، 1996م، 111).
5) الصورة المتحركة الناطقة التي يقدمها هذا الجهاز تجعل المشاهد يتابع الأحداث في مكانه دون أن يكلف نفسه عناء الخروج من منزله للبحث عنها.
6) يتميز الجهاز المرئي بقدرته على تحويل المجردات إلى محسوسات، ويُعد وسيلة جذابة للكبار والصغار ، فهو يمتلك القدرة الفنية التي تمكنه من تحويل الخيال إلى صورة واقعية.
وفي المنطقة العربية كان النظام الإعلامي العربي يستقبل الرسائل المرئية كوسيلة اتصال حديثة ، ومن الضروري الإشارة إلى نقطتين لعبتا دوراً كبيراً في نشأة التلفزيون العربي وهما (ابن عروس، 1997م، 13):
1) التلفزيون أصبح ضرورة إعلامية لعالمنا.
2) تفهم القادة والحكام العرب للدور الكبير الذي يلعبه التلفزيون كوسيلة مهمة لإدارة الشعوب سياسياً واجتماعياً.
ولا شك أن وسائل الاتصال الجماهيري لها تأثير كبير على النشء وبالأخص التلفاز، فقد أصبح للتلفاز اليوم أهميه بالغة الأثر ليس على الصعيد الإعلامي فحسب وإنما على جميع أنماط الحياة، فهو يعمل بطريقه أو بأخرى في التأثير على حياتنا سلبا أو إيجابا. فلو أحسن استغلاله استغلالا جيدا فسوف يعكس دورا يشكل به سلوك النشء و إذا لم يستغل الاستغلال الجيد فإنه يكون معول هدم للأبناء. (البوهي والشنو، 1996م)، حيث تتعدد الأدوار التي تقوم بها وسائل الإعلام في الحياة الاجتماعية والثقافية المعاصرة وذلك لأن وسائل الإعلام أصبحت تقوم بدور كبير في تشكيل مفاهيم الناس وتصوراتهم عن كافة شئون الحياة، بالإضافة إلى ما تقوم به من تزويد الأفراد بالخبرات المتنوعة في كثير من المجالات، ويساهم التعليم بأدواره ومهامه المتعددة في تزويد الأفراد بالخبرات المتنوعة في كثير من المجالات و المعارف والقيم وذلك لإعدادهم لأداء الأدوار المستقبلية وتهيئتهم التهيئة الاجتماعية والثقافية المناسبة للمستقبل (البكري، 1996م).
ومع انتشار الصحون الفضائية في السنوات الأخيرة تحولت هذه الظاهرة إلى ظاهرة اجتماعية عامة مما دفع بالعديد من الباحثين في مجال علم النفس الاجتماعي وعلم الاجتماع الإعلامي والتربوي إلى دراستها كظاهرة لها آثارها الاجتماعية والنفسية والثقافية ، وتتبع هذه الآثار في أنماط تفكير وسلوك المشاهدين وفي مقدمتهم الأطفال ، ودراسة طبيعة الدور التربوي والتوجيهي الذي تلعبه القنوات الفضائية في تنشئة الأطفال وما قد تغرسه في شخصية الطفل من قيم وسلوكيات تؤثر في مظهره الخارجي ومستواه الدراسي وتوافقه الاجتماعي.
وتعد مرحلة الطفولة من المراحل الحرجة في نمو الفرد وفى تكوين شخصيته، حيث يبلغ تأثر الشخص بالمحيط الخارجي الذي يعيش فيه ذروته، فهو يتعلم كيفية التعامل مع آخرين بدءا بوالديه، ومرورا بتكوين الصداقات مع أقرانه وانتهاء بالتعاون مع المثيرات البيئية التي تحيط به، ومن أهمها في عصرنا الحاضر التليفزيون والفيديو والحاسوب (الشاعر، 1996م).
والأطفال متفاوتون في الاستعداد والتقبل والاستجابة والتأثر والتفاعل مع البيئة التي يعيشون فيها. ويرى بياجيه أن هناك أربع مراحل أساسية للاستعداد المعرفي لدى الطفل تتدرج وفق التسلسل الزمني للمرحلة العمرية التي تشكل مرحلة الطفولة وهى الحس حركية، وما قبل العمليات وتنقسم بدورها إلى مرحلة ما قبل العمليات والمرحلة الحدسية، ثم مرحلة العمليات الملموسة، ثم مرحلة العمليات الشكلية ( الرمزية ).(الشاعر، 1415هـ، 52-54)
ورغم الاختلاف على تحديد المراحل العمرية للطفل تظل السنوات الست الأولى من عمر الطفل مرحلة حرجة، والتأثر خلالها ينعكس على شخصية الفرد في المستقبل. ويعيش الطفل هذه السنوات من عمره في المنزل قبل التحاقه بالمدرسة وعادة ما يكون اتصاله في هذه الفترة منحصرا في والديه وأقرانه والبيئة المحيطة، بمعنى أن ما يتلقاه من أفكار وعادات وتقاليد وسلوك يصله بشكل عشوائي وغير منظم أو مراقب، فإذا ما اكتسب الطفل هذه الاتجاهات والقيم يكون من الصعب تعديلها أو تغييرها في المستقبل. وفى العصر الحاضر أصبح التليفزيون أحد أفراد الأسرة وتأثيره غيَّر كثيراً من أنماط العادات الأسرية بل والتركيب الأسري، وأكثر من يتأثر بهذا الجهاز هم الأطفال حيث سلبهم وقتهم وتفكيرهم ونشاطهم. (الشاعر، 1415هـ، 53)
وكان الطفل ولا يزال موضوع دراسة لعلماء التربية والاجتماع والإعلام وغيرهم، وذلك بغية إيجاد أسلوب علمي موضوعي وصحي للتعامل مع الطفل للوصول إلى جيل مترابط الجوانب الثقافية والصحية والاجتماعية. وتنصب معظم الدراسات حول الطفل في الجوانب التالية:
1- التفاعل الاجتماعي للطفل ودوره في تكوين شخصيته.
2- دور الأسرة وموقع الطفل في الخريطة الأسرية ونوع التفاعل الأسري معه ودوره في تنمية شخصيته.
3- البيئة وما تشتمله من جوانب ثقافية ودينية وعلمية وتقنية بما فيها الإعلام و دورها الفعال في بلورة شخصية الطفل.
ولقد أثار موضوع تأثير وسائل الإعلام على الطفل كثيراً من الاتجاهات الناقدة والمدعمة لهذا الدور الذي يقوم به التليفزيون كأحد وسائل الإعلام في حياة الأطفال، لعدم إمكانية الفصل النهائي في هذا الموضوع بالسلب أو بالإيجاب وخاصة أن الموضوع يحتاج إلى التحكم في جملة من المعطيات انطلاقا من دراسة شخصية واستعدادات الأطفال إلى دراسة محتويات البرامج في محطات الإرسال التليفزيوني المختلفة وانتهاء بأنماط الثقافات المتباينة (البوهي والشنو، 1996م).
ويعتقد بعض الآباء والمربين بأن كثيرا من برامج التليفزيون تشجع الأطفال على اكتساب مستوى منحط من الذوق لا يليق بالحياة الاجتماعية السليمة، بينما تضيف إحدى الباحثات أن البرامج الجيدة في التليفزيون أشبه بقطرات من الماء النقية الضائعة في محيط من النفايات.(خطاب، 1986م، 56) ويرى البعض أن التليفزيون يعطى الطفل مفهوما غير صحيح عن الصواب والخطأ بالنسبة للسلوك الاجتماعي للإنسان، وبما أن عقول الأحداث والمراهقين شديدة الحساسية والاستعداد للتأثر بما ترى والتكيف له، نتيجة الفاعلية الكبيرة التي تمتاز بها الوسائل السمعية البصرية في التربية والتعليم، فلو تُركت البرامج التليفزيونية بدون اختيار للموضوعات سيكون لها تأثير سلبي كبير على نفوس المشاهدين الصغار وستنعكس هذه الآثار على شخصياتهم وتكوينهم (البوهي والشنو، 1996م).
وإذا كان البعض يرى في التليفزيون جاذبا للطفل في المنزل وعاملا مساعدا على جمع شمل الأسرة لما له من قوة الجذب والتأثير، فهذا لا يمنع من كونه عاملا على تنمية السلوك الفردي ولا يساعد على السلوك الجماعي وبذلك يشجع الطفل على الانسحاب من عالم الواقع والانزواء أمام شاشة التليفزيون (البوهي والشنو، 1996م).
وهناك فريق آخر يرى أن مشاهدة التليفزيون أمر لا مشكلة فيه عدا التحكم في مشاهدة البرامج المناسبة والجيدة، ويرى بعض المدرسين والآباء أن التليفزيون أداة فعالة ونافعة في بناء القيم وخلق جو من التضامن والتفاهم في العلاقات الأسرية إذ لولاه لما اجتمع أفراد الأسرة الواحدة في أوقات عرض بعض البرامج كما أنه يساعد على تنمية قدرات التلاميذ بالنسبة لتقويم البرامج واختيارها (الدويك والفرجاني، 1986م، 62).
وللمهارات الاجتماعية أهمية كبيرة في حياة الناس اليوم، فالتغيرات الاجتماعية والاقتصادية السريعة التي يمر بها المجتمع تتطلب من الأفراد أن يكونوا مزودين بالمهارات التي تمكنهم من التلاؤم والتكيف مع ظروف المجتمع، فهي ضرورية في جميع مواقف الحياة المختلفة. حيث لا يمكن تصور أن يعيش الإنسان في كهف منعزل عن العالم، ولا يمكن تحقيق وجود إنساني سليم دون إدراك الوجود الاجتماعي بكل صوره، فالإنسان كائن اجتماعي مفطور على الحياة الاجتماعية، يحمل في أعماق نفسه غريزة حب الاجتماع والعيش ضمن الجماعة (البلوي ، 2004م : 111).
وتعتبر المهارات الاجتماعية من العناصر المهمة التي تحدد طبيعة التفاعلات اليومية للفرد مع المحيطين به في السياقات المختلفة، والتي تعد في حالة اتصافها بالكفاءة من ركائز التوافق النفسي على المستوى الشخصي والمجتمعي. ومن أبرزالمزايا المترتبة على ارتفاع مستوى تلك المهارات: تمكين الفرد من إقامة علاقات وثيقة مع المحيطين؛ والحفاظ عليها، من منطلق أن إقامة علاقات ودية يعد من بين المؤشرات الهامة للكفاءة في العلاقات الشخصية . فالفرد يحيا في ظل شبكة من العلاقات التي تتضمن الوالدين والأقران والأقارب والمعلمين ومن ثم فإن نمو تلك المهارات ضروري للشروع في إقامة علاقات شخصية ناجحة ومستمرة معهم (السيد؛ فرج؛ محمود؛ 2003م : 115).
يضاف إلى ذلك أن ذوي المهارات الاجتماعية المنخفضة لديهم صعوبة في فهم وتفسير سلوك ومقاصد الآخرين على نحو قد يستدعي ردود أفعال دفاعية قد تؤثر سلبا على العلاقة معهم، كان من الممكن تجنبها في حالة الفهم الدقيق لسلوكهم. ومن هذا المنطلق فقد أصبح من المتفق عليه أن المهارات الاجتماعية من المحددات الرئيسية لنجاح الفرد أو فشله في المواقف المتنوعة، فهي التي تمكنه في حالة ارتفاعها من أداء الاستجابة المناسبة لموقف بفاعلية وفي المقابل فإن ضعفها يعد أكثر العوائق في سبيل توافق الفرد مع الآخرين (السيد؛ فرج؛ محمود؛ 2003م : 117).
ومن هنا نبعت مشكلة الدراسة الحالية والتي تحاول التعرف على العلاقة بين مشاهدة الأطفال للبرامج الفضائية وبين المهارات الاجتماعية لدى عينة من الأطفال بدولة الكويت.
مشكلة الدراسة:
يؤكد الباحثون أن الإعلام يرتبط بنائيا ووظيفيا بالظواهر الاجتماعية والثقافية السائدة في المجتمع، ويقوم بدور حيوي في التأمل الاجتماعي والسياسي، وإذا كان الهدف من العملية التعليمية هو تحقيق وظائف اجتماعية تتناسب وأهداف المجتمع الواقعية الحاضرة والمستقبلية، وأن أهداف أي مجتمع نام هو تأكيد الهوية الثقافية والاجتماعية والروحية والسياسية، فماذا نحن فاعلون إزاء ما يحدث الآن من انفتاح ثقافي وإعلامي، وما هو الأثر الذي سيخلقه ذلك الانفتاح عبر الفضاء على الأطفال وعلى مستقبلهم، خاصة وأن الباحثين يؤكدون على أنه لا يمكن أن يُوقف مسار الإعلام العالمي (لبيب، 1991م، 15).
ورغم أهمية الاتصال عن طريق الأقمار الصناعية وأهمية البث المباشر في تنمية الوعي الثقافي والاجتماعي للأفراد وبصفة خاصة للأطفال، وأهميته في إثراء الثقافات وتلميعها والإطلاع على الجيد دائماً والوقوف على الأحداث العالمية أولا بأول، إلا أن هناك بعض السلبيات التي يمكن أن تنجم عن ذلك الاتصال العالمي (البكري، 1996م).
فثمة دراسات تشير إلى أن العالم سيشهد اشتباكات حضارية وثقافية بعد اتساع قنوات البث الفضائي وتزايد الأقمار الصناعية ذات البث المباشر مما قد ينجم عنه كثير من الصراعات وكثير من التوتر والتمرد والاحتجاج، وما قد يؤثر على القيم التي سادت في المجتمع دوما وهى قيم التماسك والتكافل والتراحم والشعور بحاجات الآخرين والترابط الأسري الذي يتمتع به المجتمع، ثم ما قد يؤدي إليه ذلك من تهديد الهويات والثقافات السائدة، ولم يكن من المستغرب أو المزعج أن تعرب أمم كثيرة عن شديد قلقها بشأن النتائج المحتملة للبث المباشر عبر الفضائيات في وقت ما مستقبلا، فهذا القلق هو بمثابة تطور طبيعي للوضع الراهن الذي تسيطر فيه حفنة من تكتلات وسائل الإعلام في البلدان الرأسمالية الغنية على تداول الأنباء والأفلام والمجلات وبرامج التليفزيون وغيرها من المواد على الصعيد الدولي. (هربرت، 1993م، 20).
وقد قدم باندورا سنة 1977 Bandura نظرية للسلوك الإنساني وهي نظرية التعليم الاجتماعي حيث أوضح بأن عملية المحاكاة تلعب دورا هاما في اكتساب الطفل لعدد كبير من السلوك الاجتماعي مثل معايير تقييم الذات، ومساعدة الآخرين والعدوانية وغيرها من أنماط السلوك، وترجع أهمية هذه النظرية إلى أنها ترتبط بوسائل الإعلام وبشكل خاص التليفزيون وذلك لأن كثيرا من أنواع السلوك الذي يتعلمه الطفل يتم ملاحظته في وسائل الاتصال، ويلعب التليفزيون وما يبثه من مواد وفقرات وإعلانات دوراً كبيراً في نظرية التعليم الاجتماعي (Bandura, 1977, 17) حيث يقوم بعض الأطفال بمحاكاة بعض النماذج التي يتعرضون لها ويقدمها الإعلام في التليفزيون ويقومون بتقليدها ويحتفظون بها لتكرار هذا السلوك في مواقف أخرى، وهذا يعني أن نظرية التعلم الاجتماعي توضح كيفية التعلم من خلال الملاحظة.
وعلى الرغم من اهتمام العديد من الدراسات بالعلاقة بين مشاهدة التلفزيون وبين بعض المتغيرات الاجتماعية للأفراد كما في دراسة كل من شقير (1999م) وحافظ (1998م) ورأفت (1998م) وقبلان (1998م) ومحمد (2000م) وعوض (1997م) ودرويش (2001م) إلا أن أيا من هذه الدراسات لم تتناول المهارات الاجتماعية ومدى تأثرها بمشاهدة التلفزيون عند الأطفال بصفة عامة وبدولة الكويت بصفة خاصة.
وانطلاقاً مما سبق فإن هذه الدراسة تهدف إلى اختبار تأثير القنوات الفضائية في المهارات الاجتماعية للطفل من خلال ما يقدمه الإعلام الفضائي الموجه إلى الطفل بصفة خاصة، ومدى استفادة الطفل من هذا الزخم الإعلامي في تنمية مداركه الاجتماعية والسلوكية وفي تفاعله مع البيئة المحيطة به، وبذلك تحاول الدراسة التعرف على الآثار الإيجابية والسلبية التي قد تخلفها المادة الإعلامية من خلال ما تبثه القنوات الفضائية على المهارات الاجتماعية للطفل، وذلك من خلال الإجابة عن التساؤلات التالية:
السؤال الأول:
هل تختلف المهارات الاجتماعية للأطفال باختلاف عدد ساعات مشاهدة البرامج الفضائية؟.
السؤال الثاني:
هل تختلف المهارات الاجتماعية باختلاف نوع البرامج الفضائية التي يشاهدها الأطفال؟.
أهمية الدراسة:
ترجع أهمية الدراسة إلى ما يلي:
· إن مرحلة الطفولة تعد حلقة عمرية تتوقف عليها مراحل النمو الأخرى في المستقبل حيث إن ما يتم غرسه وتعلمه في الصغر يصعب تغييره في الكبر،كما أن مرحلة الطفولة المتأخرة والتي تبدأ من ست سنوات حتى بداية البلوغ في سن 12 هي سنة التمييز.
· تساهم في إثراء المكتبة الجامعية وإثراء التراث السوسيولوجي في مجال من أهم المجالات الاجتماعية وهو (دور الإعلام في التنشئة الاجتماعية).
· ما تقدمه نتائجها النابعة من الواقع من معطيات واقعية تفيد الجهات المختصة والقائمين على المجال التربوي ، والاستفادة منها في معالجة الإشكاليات التي تواجه التربويين والقائمين على التنشئة الاجتماعية .
· قلة الأبحاث العلمية التي تتناول دور القنوات الفضائية في تكوين شخصية الطفل .
· طبيعة التغيرات التي يشهدها العالم العربي بصفة عامة والمجتمع الكويتي بصفة خاصة في الآونة الأخيرة بين الأصالة والمحافظة من جهة والتغريب والتقليد من جهة أخرى.
أهداف الدراسة:
تهدف الدراسة الحالية إلى التعرف على:
1- العلاقة بين المهارات الاجتماعية للأطفال وعدد ساعات مشاهدة البرامج الفضائية.
2- العلاقة بين المهارات الاجتماعية ونوع البرامج الفضائية التي يشاهدها الأطفال.
مصطلحات الدراسة:
المهارات الاجتماعية:
يمكن تعريف المهارات الاجتماعية على أنها مجموعة من السلوكيات التي تعلمها الفرد من البيئة والتي تمكنه من التكيف مع المجتمع لتجنبه الاستجابات المؤدية إلى العقوبة أو النبذ من الآخرين كما تدفعه على إدراك حاجات ورغبات وانطباعات الآخرين بدقة. وهي مجموعة من الاستجابات التي تحقق قدراً من التفاعل الناتج مع البيئة سواء في المجتمع أو الأسرة أو في المدرسة أو مع الرفاق أو حتى مع الغرباء وتؤدي إلى تحقيق أهدافه التي يقبلها المجتمع (إبراهيم ، 1994م : 9).
ويمكن النظر إلى المهارات الاجتماعية على أنها مجموعة السلوكيات اللفظية وغير اللفظية التي تحقق للفرد قدراً من التفاعل الاجتماعي مع الرفاق وتؤدي إلى تقبل الرفاق له. (أبو قورة، 1998م: 7) وتعرف المهارات الاجتماعية في هذه الدراسة إجرائيا بأنها الدرجة التي يحصل عليها الطفل في مقياس المهارات الاجتماعية الذي يتكون من الأبعاد التالية (السمادوني، 1991م، 2-4؛ الجمعة، 1996م، 33-35):
أ‌. التعبير الانفعالي:
عبارة عن مهارة في الإرسال غير اللفظي والتي تشتمل على المهارة في إرسال الرسائل الانفعالية، ويعكس هذا البعد قدرة الفرد على التعبير بتلقائية وصدق عما يشعر به من حالات انفعالية، كما تشتمل أيضا على التعبير غير اللفظي للاتجاهات والسيطرة وملامح التوجه الشخصي.
ب‌. الحساسية الانفعالية:
عبارة عن مهارة في استقبال انفعالات الآخرين وقراءة وتفسير رسائلهم الانفعالية غير اللفظية.
ج. الضبط الانفعالي:
عبارة عن القدرة على ضبط وتنظيم التعبيرات غير اللفظية والانفعالية، ويشتمل على القدرة على إخفاء الملامح الحقيقية للانفعالات والقدرة على التحكم فيما يشعر به الفرد من انفعالات.
د. التعبير الاجتماعي:
عبارة عن مهارة التعبير اللفظي والقدرة على لفت أنظار الآخرين عند التحدث في المواقف الاجتماعية.
هـ‌. الحساسية الاجتماعية:
عبارة عن القدرة على الإنصات اللفظي والحساسية والوعي بالقواعد المستترة وراء أشكال التفاعل الاجتماعي والفهم الكامل لآداب السلوك الاجتماعي والاهتمام بالسلوك بالطريقة اللائقة في المواقف الاجتماعية.
و‌. الضبط الاجتماعي:
عبارة عن مهارة لعب الدور وتحضير الذات اجتماعيا، أي أنه نوع من التمثيل الاجتماعي، وتعتبر هذه المهارة هامة لتنظيم عملية الاتصال في التفاعل الاجتماعي.
الدراسات السابقة:
أجريت العديد من الدراسات التي اهتمت ببحث أثر وسائل الإعلام المختلفة وعلى رأسها التلفزيون على كثير من المتغيرات، ففي دراسة جومز (Gomez, 1988) حول التليفزيون التجاري وتعليم الأطفال في المكسيك، هدفت الدراسة للتعرف على أثر برامج التليفزيون على تحصيل تلاميذ المرحلة الابتدائية وما قبلها، واشتملت العينة على 174 طفلا من مختلف الطبقات الاجتماعية واستخدم لذلك الاستبانات والمقابلات، وتبين أن الأطفال من الطبقات الدنيا ( الفقراء) هم أكثر الأطفال لمشاهدة لبرامج التلفاز وأن عائلاتهم ومدرسيهم يعتبرونه أقل فاعلية ويؤثر سلبا على تحصيل التلاميذ.
وفي دراسة هام(Hamm, 1988) عن دور التليفزيون في تعريف التلاميذ بأهم القضايا العلمية التي أجريت على عينة من 100 من تلاميذ الصفين السادس والسابع من مرحلة التعليم الأساسي بولاية كاليفورنيا بالولايات المتحدة، تبين أن التليفزيون هو أكثر مصادر المعلومات للتلاميذ بالنسبة لموضوعات مثل الخطر النووي، مرض الإيدز، المجاعة في العالم، وتلوث المياه والبيئة، حيث إن الكتب المدرسية لا تخصص إلا 2% من حجمها لمثل هذه المواضيع.
أما دراسة شارلز (Charles, 1988) حول نوعية البرامج التليفزيونية وعلاقاتها بإنجاز وتصرف الأطفال بطيئي التعلم واستخدمت الدراسة عينة من تلاميذ الصفين الخامس والسادس الابتدائي بانجلترا، وتم تحليل محتوى 279 برنامجاً تليفزيونياً بواسطة 9 محكمين متخصصين، وباستخدام مقياس للإنجاز والتصرف للتلاميذ، تبين أن برامج التليفزيون تقدم راحة غير واقعية للمشاهدين، وإن كان الإنجاز الدراسي للتلاميذ يتحسن لدى بطييء التعلم.
وفي دراسة ديبورا (Deborah, 1989) العادات المكتسبة من خلال وسائل الإعلام المختلفة تبين أن أطفال ما قبل المدرسة الابتدائية (225طفلا بتايوان) يبدون اتجاها عدائيا ضد بعضهم البعض عند مقارنتهم بأطفال لم يشاهدوا أفلاما تحوي مشاهد عنف، كما وجدت علاقة إيجابية بين نسبة العنف وعدد ساعات مشاهدة أفلام العنف.
وفى دراسة سميث ( Smith, 1989 ) حول تأثير البرامج والإعلانات على مدى تجاوب الأطفال (302طفل بأمريكا) مع أهداف الإعلان التجاري بالتليفزيون، يشكل الأطفال سوقا هامة لسببين أولهما: أنهم يشترون بضائع لأنفسهم، والثاني: لأنهم يؤثرون على أعضاء الأسرة لأن يشتروا لهم البضائع التي يريدونها وباعتبار التليفزيون هو وسيلة الدعاية الذي يشاهده الأطفال أكثر من غيرهم فإن معظم الإعلانات موجهة للأطفال وتجذبهم، وأوضحت الدراسة بأن الأطفال أكثر تجاوبا مع مواد البرامج المقدمة بالتليفزيون وإعلاناته سواء كانت أكثر أم أقل عنفا، وأجريت الدراسة على عينة من الأطفال أعمارهم تنحصر بين 3 -9 سنوات، واتضح أن الأطفال الذين يتأثرون أكثر ببرامج العنف تقل استجاباتهم لبرامج الإعلانات والعكس بالعكس.
وفي دراسة إدوين (Edwine, 1991) حول العلاقة بين مشاهد العنف في التليفزيون والنزاعات العدوانية للأطفال التي أجريت على 386زوجاً من المراهقين الأخوة بمنطقة ليستر بجنوب ايرلندا، تبين عدم وجود علاقة بين درجة القرابة ومشاهدة برامج العنف في التليفزيون على فهم النزاعات العدوانية لدى المراهقين، وأن هناك ارتباطاً قدره 0.48 بين مشاهدة برامج العنف وبين نمو النزاعات العدوانية لدى المراهقين بصرف النظر عن العوامل الوراثية.
وأجرى ليبرلر (Libler, 1991) دراسة حول فاعلية التلفاز كوسيلة أساسية لتعليم العلوم وأجرت الدراسة للطلاب الدارسين عن بعد بجامعة ولاية بول، والتي يعتمد فيها على التليفزيون بشكل أساسي وبلغت العينة 85 طالبا، وتبين أن اتجاهاتهم نحو استخدام التليفزيون كوسيلة تعليمية كانت إيجابية، ولكن أداء الطلاب على اختبارات العلوم كانت أقل من نظائرهم المنتظمين بالمدارس.
المصدر: ملتقى شذرات

الملفات المرفقة
نوع الملف: doc 1-103.doc‏ (276.5 كيلوبايت, المشاهدات 37)
__________________
(اللهم {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} (البقرة:201)
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
أثر, مشاهدة, المهارات, الاجتماعية, البرامج, الفضائية, على


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
أدوات الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع أثر مشاهدة البرامج الفضائية على المهارات الاجتماعية
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
أطفالنا والقنوات الفضائية عبدالناصر محمود بحوث و مراجع و دراسات تربوية واجتماعية 0 05-15-2016 09:00 AM
اضرار مشاهدة التلفازللاطفال صابرة البيت السعيد 0 05-01-2015 02:28 PM
ألعاب العقل وتطوير المهارات Eng.Jordan علوم وتكنولوجيا 0 02-01-2015 03:41 PM
تنمية المهارات القرائية Eng.Jordan بحوث و مراجع و دراسات تربوية واجتماعية 0 02-18-2012 08:04 PM
خطر القنوات الفضائية جاسم داود شذرات إسلامية 3 01-28-2012 05:28 PM

   
|
 
 

  sitemap 

 


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 08:40 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59