صدرت طبعه جديده من روايه "موت
ايفان ايليتش" لتولستوي من ترجمه وتقديم مها جمال، ضمن سلسله "افاق عالميه" التي تصدرها
الهيئة العامة لقصور الثقافة، والروايه يعتبرها بعض النقاد اشهر روايات تولستوي بعد "الحرب والسلام"، فهي اكثر
الأعمال الادبيه اثاره للاسئله عن الحياه والوجود والموت بمناقشه ذات عمق سيكولوجي.
ورساله تولستوي في "موت ايفان ايليتش" تقول: من السهل ان تنسي الموت في خضمّ انشغالك بالحياه والاعمال اليوميه الروتينيه، ومع ذلك فاننا جميعا في طريقنا لان نموت في وقت ما، وحتي لو لم يقع لنا حادث سخيف يؤدّي بنا الي مرض طويل كما حدث لايفان ايليتش، فاننا ما نزال نواجه الموت. ان من السهل نسيان الموت عندما يبدو كلّ شيء علي ما يرام.
وهذا هو السبب في ان ايفان لم يكن يفكر فيه، ولكن هذا لا يهمّ، فالموت زحف اليه عندما لم يكن يتوقّعه.
ايفان ايليتش كان يلعب دوره المرسوم له سلفا في الحياه، كان ناجحا جدّا في عمله، لكنه، كقاض في المحكمه، لم يكن لديه سوي القليل من المشاعر. كان يجرّد الناس من انسانيتهم وينظر اليهم علي انهم مجرّد "قضايا" وليس اكثر.
الشكليات عنده كانت اكثر اهمّيه من ايّ نوع من الشعور الانساني، اطبّاؤه جلّ ما يشغلهم هو البحث في اسباب مرضه، وهم ليسوا منشغلين بما ان كان سيعيش او يموت، تماما مثلما ان ايفان نفسه لم يكن يهتمّ ابدا بما ان كانت احكامه القضائيه منصفه او ظالمه.
واذا كانت "موت ايفان ايليتش" اول عمل ادبيّ مهم كتبه تولستوي بعد تحوّله عن الدين، وكونها مواجهه قويّه مع مشكله الموت
ومعنى الحياة، تنطوي كذلك علي سخريه حادّه من
أسلوب حياة افراد الطبقه الوسطي الحديثه كما يجسّدها ايفان ايليتش، فكان تولستوي يراقب موقف هؤلاء من الحياه وهو يتشكّل في ايّامه، وكان يعتقد ان الذين يتبنّون هذه النوعيه من الحياه غير قادرين علي مواجهه الموت لانهم لم يفهموا الحياه.