العودة   > >

شذرات إسلامية مواضيع عن الإسلام والمسلمين وأخبار المسلمين حول العالم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
  #449  
قديم 01-23-2014, 08:08 AM
الصورة الرمزية عبدالناصر محمود
عبدالناصر محمود غير متواجد حالياً
عضو مؤسس
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 56,192
ورقة

تفسير سورة المؤمنون
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
مكية
ـــــــــــ


وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ قَلِيلا مَا تَشْكُرُونَ ( 78 ) وَهُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ( 79 ) وَهُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ وَلَهُ اخْتِلافُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ أَفَلا تَعْقِلُونَ ( 80 ) .
يخبر تعالى بمننه على عباده الداعية لهم إلى شكره، والقيام بحقه فقال: ( وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ ) لتدركوا به المسموعات، فتنتفعوا في دينكم ودنياكم، ( وَالأبْصَارَ ) لتدركوا بها المبصرات، فتنتفعوا بها في مصالحكم.
( وَالأفْئِدَةَ ) أي: العقول التي تدركون بها الأشياء، وتتميزون بها عن البهائم، فلو عدمتم السمع، والأبصار، والعقول، بأن كنتم صما عميا بكما ماذا تكون حالكم؟ وماذا تفقدون من ضرورياتكم وكمالكم؟ أفلا تشكرون الذي من عليكم بهذه النعم، فتقومون بتوحيده وطاعته؟. ولكنكم، قليل شكركم، مع توالي النعم عليكم.
( وَهُوَ ) تعالى ( الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الأرْضِ ) أي: بثكم في أقطارها، وجهاتها، وسلطكم على استخراج مصالحها ومنافعها، وجعلها كافية لمعايشكم ومساكنكم، ( وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ) بعد موتكم، فيجازيكم بما عملتم في الأرض، من خير وشر، وتحدث الأرض التي كنتم فيها بأخبارها ( وَهُوَ ) تعالى وحده ( الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ ) أي: المتصرف في الحياة والموت، هو الله وحده، ( وَلَهُ اخْتِلافُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ ) أي: تعاقبهما وتناوبهما، فلو شاء أن يجعل النهار سرمدا، من إله غير الله يأتيكم بليل تسكنون فيه؟ ولو شاء أن يجعل الليل سرمدا، من إله غير الله يأتيكم بضياء أفلا تبصرون؟. وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ .
ولهذا قال هنا: ( أَفَلا تَعْقِلُونَ ) فتعرفون أن الذي وهب لكم من النعم، السمع، والأبصار، والأفئدة، والذي نشركم في الأرض وحده، والذي يحيي ويميت وحده، والذي يتصرف بالليل والنهار وحده, أن ذلك موجب لكم، أن تخلصوا له العبادة وحده لا شريك له، وتتركوا عبادة من لا ينفع ولا يضر، ولا يتصرف بشيء، بل هو عاجز من كل وجه، فلو كان لكم عقل لم تفعلوا ذلك.

----------------------------
رد مع اقتباس
  #450  
قديم 01-23-2014, 08:10 AM
الصورة الرمزية عبدالناصر محمود
عبدالناصر محمود غير متواجد حالياً
عضو مؤسس
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 56,192
ورقة

تفسير سورة المؤمنون
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
مكية
ـــــــــــ


بَلْ قَالُوا مِثْلَ مَا قَالَ الأَوَّلُونَ ( 81 ) قَالُوا أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ ( 82 ) لَقَدْ وُعِدْنَا نَحْنُ وَآبَاؤُنَا هَذَا مِنْ قَبْلُ إِنْ هَذَا إِلا أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ ( 83 ) .
أي: بل سلك هؤلاء المكذبون مسلك الأولين من المكذبين بالبعث، واستبعدوه غاية الاستبعاد وقالوا: ( أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ ) أي: هذا لا يتصور، ولا يدخل العقل، بزعمهم.
( لَقَدْ وُعِدْنَا نَحْنُ وَآبَاؤُنَا هَذَا مِنْ قَبْلُ ) أي: ما زلنا نوعد بأن البعث كائن، نحن وآباؤنا، ولم نره، ولم يأت بعد، ( إِنْ هَذَا إِلا أَسَاطِيرُ الأوَّلِينَ ) أي: قصصهم وأسمارهم، التي يتحدث بها وتلهى، وإلا فليس لها حقيقة، وكذبوا - قبحهم الله- فإن الله أراهم، من آياته أكبر من البعث، ومثله، لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ
وَضَرَبَ لَنَا مَثَلا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ الآيات وَتَرَى الأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ الآيات.

---------------------------
رد مع اقتباس
  #451  
قديم 01-23-2014, 08:12 AM
الصورة الرمزية عبدالناصر محمود
عبدالناصر محمود غير متواجد حالياً
عضو مؤسس
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 56,192
ورقة

تفسير سورة المؤمنون
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
مكية
ـــــــــــ

قُلْ لِمَنِ الأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ( 84 ) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلا تَذَكَّرُونَ ( 85 ) قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ( 86 ) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ ( 87 ) قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ( 88 ) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ ( 89 ) .
أي: قل لهؤلاء المكذبين بالبعث، العادلين بالله غيره، محتجا عليهم بما أثبتوه، وأقروا به، من توحيد الربوبية، وانفراد الله بها، على ما أنكروه من توحيد الإلهية والعبادة، وبما أثبتوه من خلق المخلوقات العظيمة، على ما أنكروه من إعادة الموتى، الذي هو أسهل من ذلك.
( لِمَنِ الأرْضُ وَمَنْ فِيهَا ) أي: من هو الخالق للأرض ومن عليها، من حيوان، ونبات وجماد وبحار وأنهار وجبال، المالك لذلك، المدبر له؟ فإنك إذا سألتهم عن ذلك، لا بد أن يقولوا: الله وحده. فقل لهم إذا أقروا بذلك: ( أَفَلا تَذَكَّرُونَ ) أي: أفلا ترجعون إلى ما ذكركم الله به، مما هو معلوم عندكم، مستقر في فطركم، قد يغيبه الإعراض في بعض الأوقات. والحقيقة أنكم إن رجعتم إلى ذاكرتكم, بمجرد التأمل، علمتم أن مالك ذلك، هو المعبود وحده، وأن إلهية من هو مملوك أبطل الباطل ثم انتقل إلى ما هو أعظم من ذلك، فقال: ( قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ ) وما فيها من النيرات، والكواكب السيارات، والثوابت ( وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ) الذي هو أعلى المخلوقات وأوسعها وأعظمها، فمن الذي خلق ذلك ودبره، وصرفه بأنواع التدبير؟ ( سَيَقُولُونَ لِلَّهِ ) أي: سيقرون بأن الله رب ذلك كله. قل لهم حين يقرون بذلك: ( أَفَلا تَتَّقُونَ ) عبادة المخلوقات العاجزة، وتتقون الرب العظيم، كامل القدرة، عظيم السلطان؟ وفي هذا من لطف الخطاب، من قوله: ( أَفَلا تذكرون ) ( أفلا تَتَّقُونَ ) والوعظ بأداة العرض الجاذبة للقلوب، ما لا يخفى ثم انتقل إلى إقرارهم بما هو أعم من ذلك كله فقال: ( قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ ) أي: ملك كل شيء، من العالم العلوي، والعالم السفلي، ما نبصره، وما لا نبصره؟. و « الملكوت » صيغة مبالغة بمعنى الملك. ( وَهُوَ يُجِيرُ ) عباده من الشر، ويدفع عنهم المكاره، ويحفظهم مما يضرهم، ( وَلا يُجَارُ عَلَيْهِ ) أي: لا يقدر أحد أن يجير على الله. ولا يدفع الشر الذي قدره الله. بل ولا يشفع أحد عنده إلا بإذنه ، ( سَيَقُولُونَ لِلَّهِ ) أي: سيقرون أن الله المالك لكل شيء، المجير، الذي لا يجار عليه.
( قُلْ ) لهم حين يقرون بذلك، ملزما لهم، ( فَأَنَّى تُسْحَرُونَ ) أي: فأين تذهب عقولكم، حيث عبدتم من علمتم أنهم لا ملك لهم، ولا قسط من الملك، وأنهم عاجزون من جميع الوجوه، وتركتم الإخلاص للمالك العظيم القادر المدبر لجميع الأمور، فالعقول التي دلتكم على هذا، لا تكون إلا مسحورة، وهي - بلا شك- قد سحرها الشيطان، بما زين لهم، وحسن لهم، وقلب الحقائق لهم، فسحر عقولهم، كما سحرت *****ة أعين الناس.

----------------------------------------
رد مع اقتباس
  #452  
قديم 01-23-2014, 08:14 AM
الصورة الرمزية عبدالناصر محمود
عبدالناصر محمود غير متواجد حالياً
عضو مؤسس
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 56,192
ورقة

تفسير سورة المؤمنون
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
مكية
ـــــــــــ


بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِالْحَقِّ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ( 90 ) مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ ( 91 ) عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ( 92 ) .
يقول تعالى: بل أتينا هؤلاء المكذبين بالحق، المتضمن للصدق في الأخبار، العدل في الأمر والنهي، فما بالهم لا يعترفون به، وهو أحق أن يتبع؟ وليس عندهم ما يعوضهم عنه، إلا الكذب والظلم، ولهذا قال: ( وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ )
( مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ ) كذب يعرف بخبر الله، وخبر رسله، ويعرف بالعقل الصحيح، ولهذا نبه تعالى على الدليل العقلي، على امتناع إلهين فقال: ( إِذًا ) أي: لو كان معه آلهة كما يقولون ( لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ ) أي: لانفرد كل واحد من الإلهين بمخلوقاته, واستقل بها، ولحرص على ممانعة الآخر ومغالبته، ( وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ ) فالغالب يكون هو الإله، وإلا فمع التمانع لا يمكن وجود العالم، ولا يتصور أن ينتظم هذا الانتظام المدهش للعقول، واعتبر ذلك بالشمس والقمر، والكواكب الثابتة، والسيارة، فإنها منذ خلقت، وهي تجري على نظام واحد، وترتيب واحد، كلها مسخرة بالقدرة، مدبرة بالحكمة لمصالح الخلق كلهم، ليست مقصورة على مصلحة أحد دون أحد، ولن ترى فيها خللا ولا تناقضا، ولا معارضة في أدنى تصرف، فهل يتصور أن يكون ذلك، تقدير إلهين ربين؟ «
» ( سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ ) قد نطقت بلسان حالها، وأفهمت ببديع أشكالها، أن المدبر لها إله واحد كامل الأسماء والصفات، قد افتقرت إليه جميع المخلوقات، في ربوبيته لها، وفي إلهيته لها، فكما لا وجود لها ولا دوام إلا بربوبيته، كذلك، لا صلاح لها ولا قوام إلا بعبادته وإفراده بالطاعة، ولهذا نبه على عظمة صفاته بأنموذج من ذلك، وهو علمه المحيط، فقال: ( عَالِمِ الْغَيْبِ ) أي: الذي غاب عن أبصارنا وعلمنا، من الواجبات والمستحيلات والممكنات، ( وَالشَّهَادَةِ ) وهو ما نشاهد من ذلك ( فَتَعَالَى ) أي: ارتفع وعظم، ( عَمَّا يُشْرِكُونَ ) به، من لا علم عنده، إلا ما علمه الله .

------------------------------------------------
رد مع اقتباس
  #453  
قديم 01-24-2014, 07:45 AM
الصورة الرمزية عبدالناصر محمود
عبدالناصر محمود غير متواجد حالياً
عضو مؤسس
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 56,192
ورقة

تفسير سورة المؤمنون
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
مكية
ـــــــــــ

قُلْ رَبِّ إِمَّا تُرِيَنِّي مَا يُوعَدُونَ ( 93 ) رَبِّ فَلا تَجْعَلْنِي فِي الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ( 94 ) وَإِنَّا عَلَى أَنْ نُرِيَكَ مَا نَعِدُهُمْ لَقَادِرُونَ ( 95 ) .
لما أقام تعالى على المكذبين أدلته العظيمة، فلم يلتفتوا لها، ولم يذعنوا لها، حق عليهم العذاب، ووعدوا بنزوله، وأرشد الله رسوله أن يقول: ( قُلْ رَبِّ إِمَّا تُرِيَنِّي مَا يُوعَدُونَ ) أي: أي وقت أريتني عذابهم، وأحضرتني ذلك ( رَبِّ فَلا تَجْعَلْنِي فِي الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ) أي: اعصمني وارحمني، مما ابتليتهم به من الذنوب الموجبة للنقم، واحمني أيضا من العذاب الذي ينزل بهم، لأن العقوبة العامة تعم - عند نزولها- العاصي وغيره ، قال الله في تقريب عذابهم: ( وَإِنَّا عَلَى أَنْ نُرِيَكَ مَا نَعِدُهُمْ لَقَادِرُونَ ) ولكن إن أخرناه فلحكمة، وإلا فقدرتنا صالحة لإيقاعه فيهم.

-------------------------------------------------------
رد مع اقتباس
  #454  
قديم 01-24-2014, 07:47 AM
الصورة الرمزية عبدالناصر محمود
عبدالناصر محمود غير متواجد حالياً
عضو مؤسس
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 56,192
ورقة

تفسير سورة المؤمنون
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
مكية
ـــــــــــ


ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ ( 96 ) وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ ( 97 ) وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ ( 98 ) .
هذا من مكارم الأخلاق، التي أمر الله رسوله بها فقال: ( ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ ) أي: إذا أساء إليك أعداؤك، بالقول والفعل، فلا تقابلهم بالإساءة، مع أنه يجوز معاقبة المسيء بمثل إساءته، ولكن ادفع إساءتهم إليك بالإحسان منك إليهم، فإن ذلك فضل منك على المسيء، ومن مصالح ذلك، أنه تخف الإساءة عنك، في الحال، وفي المستقبل، وأنه أدعى ل*** المسيء إلى الحق، وأقرب إلى ندمه وأسفه، ورجوعه بالتوبة عما فعل، وليتصف العافي بصفة الإحسان، ويقهر بذلك عدوه الشيطان، وليستوجب الثواب من الرب، قال تعالى: فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وقال تعالى: ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا أي ما يوفق لهذا الخلق الجميل إِلا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ
وقوله ( نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ ) أي بما يقولون من الأقوال المتضمنة للكفر والتكذيب بالحق قد أحاط علمنا بذلك وقد حلمنا عنهم وأمهلناهم وصبرنا عليهم والحق لنا وتكذيبهم لنا فأنت - يا محمد- ينبغي لك أن تصبر على ما يقولون وتقابلهم بالإحسان هذه وظيفة العبد في مقابلة المسيء من البشر وأما المسيء من الشياطين فإنه لا يفيد فيه الإحسان ولا يدعو حزبه إلا ليكونوا من أصحاب السعير فالوظيفة في مقابلته أن يسترشد بما أرشد الله إليه رسوله فقال ( وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ ) أي اعتصم بحولك وقوتك متبرئا من حولي وقوتي ( مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ * وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ ) أي أعوذ بك من الشر الذي يصيبني بسبب مباشرتهم وهمزهم ومسهم ومن الشر الذي بسبب حضورهم ووسوستهم وهذه استعاذة من مادة الشر كله وأصله ويدخل فيها الاستعاذة من جميع نزغات الشيطان ومن مسه ووسوسته فإذا أعاذ الله عبده من هذا الشر وأجاب دعاءه سلم من كل شر ووفق لكل خير

----------------------------
رد مع اقتباس
  #455  
قديم 01-24-2014, 07:49 AM
الصورة الرمزية عبدالناصر محمود
عبدالناصر محمود غير متواجد حالياً
عضو مؤسس
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 56,192
ورقة

تفسير سورة المؤمنون
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
مكية
ـــــــــــ




حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ ( 99 ) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ( 100 ) .
يخبر تعالى عن حال من حضره الموت، من المفرطين الظالمين، أنه يندم في تلك الحال، إذا رأى مآله، وشاهد قبح أعماله فيطلب الرجعة إلى الدنيا، لا للتمتع بلذاتها واقتطاف شهواتها وإنما ذلك يقول: ( لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ ) من العمل، وفرطت في جنب الله. ( كَلا ) أي: لا رجعة له ولا إمهال، قد قضى الله أنهم إليها لا يرجعون، ( إِنَّهَا ) أي: مقالته التي تمنى فيها الرجوع إلى الدنيا ( كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا ) أي: مجرد قول باللسان، لا يفيد صاحبه إلا الحسرة والندم، وهو أيضا غير صادق في ذلك، فإنه لو رد لعاد لما نهي عنه.
( وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ) أي: من أمامهم وبين أيديهم برزخ، وهو الحاجز بين الشيئين، فهو هنا: الحاجز بين الدنيا والآخرة، وفي هذا البرزخ، يتنعم المطيعون، ويعذب العاصون، من موتهم إلى يوم يبعثون، أي: فليعدوا له عدته، وليأخذوا له أهبته.

-----------------------------
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
السعيد, تفسير


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع تفسير السعدي
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
من هو السعيد حقاً صابرة الملتقى العام 0 12-17-2015 08:07 AM
الجانب الفقهي في تفسير التحرير والتنوير المعروف بـ (تفسير ابن عاشور) Eng.Jordan دراسات ومراجع و بحوث اسلامية 0 02-12-2013 09:28 AM
تفسير السعدي [ قراءة صوتية ] تراتيل شذرات إسلامية 0 06-23-2012 10:03 PM
البيت السعيد جاسم داود الملتقى العام 2 06-12-2012 10:28 PM
مجموعة البيت السعيد Eng.Jordan شذرات إسلامية 0 03-25-2012 08:24 PM

   
|
 
 

  sitemap 

 


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 08:41 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59