#1  
قديم 01-29-2012, 10:13 PM
الصورة الرمزية Eng.Jordan
Eng.Jordan غير متواجد حالياً
إدارة الموقع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: الأردن
المشاركات: 25,413
افتراضي قراءة المنتوج الإبداعي الأول في ضوء مفهوم التطور الفني


هامشُ التقليد . . هامشُ الحداثة .

قراءة المنتوج الإبداعي الأول في ضوء مفهوم التطور الفني .

( مواسم الغربة ) لخليفة بن سلطان العبري نموذجاً.

بقلم : محمد مصطفى سليم .

mmseliem@hotmail.com

محاضر لغة عربية بجامعة الإمارات العربية المتحدة .

العنوان : الإمارات ــــ العـــــين

ص. ب : ( 18589 )

تليفون : موبايل : 7603105 ــ 050

منزل : 7625198 ــ 03

هامشُ التقليد . . هامشُ الحداثة .

قراءة المنتوج الإبداعي الأول في ضوء مفهوم التطور الفني .

( مواسم الغربة ) لخليفة بن سلطان العبري نموذجاً.



بقلم : محمد مصطفى سليم .

محاضر لغة عربية بجامعة الإمارات العربية المتحدة .

mmseliem@hotmail.com

تـوطِـئة :



ثمة انشطارات متناثرة ؛ تبدو مَوَّارة عند الولوج في النقاش المتمركز حول حركية الفن ، والأدب جزء منه ، أو تطوره في الحياة ، إذ تتعدد الآراء حول الموقف من تطور الأدب ، خاصة إذا ما كان التوجه السائد للنقاشِ مُنْصبّاً حول التعامل مع الفن عبر نطاقٍ تراكمِيّ تصاعدِيّ ؛ يَعبأ بتوليد الموروث الفني ، الذي خلفته الجماعة وطُوِّر أيضاً بفعل الجماعات المتتالية ، أو يميل في تحديد موقفه من التطور إلى الاتِّكاء على قفزات المُنجَز الإبداعي ؛ بما ينطوي عليه من آليات مبتكرة ؛ يقف خلفها مبدعٌ فردٌ ذو عبقريةٍ متفردةٍ ، يظل محافظاً على انتمائه للجنس الأدبي الذي يُمارس فيه كتابته ، ويُقَدِّم أشكالاً تجريبية مغايرة ، وقد تصطدم أحياناً بالموروث الفني للجنس نفسه .

وبعبارة أخرى يكاد النقاشُ يتمحور حول المُنْتَج الأدبي ، وطبيعة تطوره ، بوصفه فناً قائماً عبر مراحل زمنية وأجيال إنسانية ؛ إذ توزع موطن الخلاف إلى محورين ؛ أولهما يربط الفنَّ بالحالةِ الجماعيةِ ؛ التي يبدو فيها تطور الفن صنواً لتطور حركة المجتمعات ، منتهجاً لآلياتِ التَّوْليد ، وإذ بنا نقف أمام البنية الاجتماعية الكبرى ( الأم ) التي تفرز بنية ثقافية ، والبنية الثقافية تتولد منها بنية فنية ، والأدب جزء منها ، فيصبحُ خاضعاً للتطور . أما ثانيهما فيرد الفن إلى الذات والطابع الفردي ذي العبقرية المتفردة ، وما تحمله في طَيَّاتها من قدرة ؛ لا تتاح للكثير من الأنماط الاجتماعية الأخرى ، بها تستطيع أن تُلملم الشتات ، وتهضمه ، ثم تكتشف أفقاً فنياً مبتكراً ، وهو ما يسمى بالتطور .

ومن ثم يمكن توضيح ذلك ، ولاسيما المحور الخاص بالبعد الجماعي على أن عملية التطور فُهمت على أنها عملية مستمرة تتأتى عبر التحدر السلالي ، أو الانتقال من جيل إلى جيل آخذة البعد الجسدي في حالة التحدر السلالي ، والبعد الثقافي عن طريق المحاكاة في حالة التحدر الفني([1]) ، بل عدَّ البعض التطور على أنه ( قانون عام من قوانين الطبيعة )([2]) ، وفي ذلك ربط جَلِيٌّ بين التطور المادي للحياة وبين التطور الفني الذي هو مُفْرَزٌ من مُفْرَزات الواقع . وقد أكد ذلك فردينانز بونتيير ؛ إذ عدَّ الأثر الأدبي كائناً عضوياً ؛ يرتقي ثم يضمحل ، كما يفعل الكائن العضوي ، فهو مثل النوع البيولوجي([3]).

وربما كان الموقف أكثر تحديداً لدى أصحاب نظرية الانعكاس، وما يُصَدِّرون به مبادِئَهم من أن عملية الإبداع الأدبي نتاج فعالية اجتماعية([4])، بما يتواءم مع ما ذكره إرنست فيشر وهو بصدد الحديث عن جوهر الفن وتطوره ، حيث أكد على أنه نتاجٌ جماعي ، وليس نتاجاً فردياً؛ لأنه النشاط الاجتماعي المشترك الذي يرفع الجميع فوق مستوى الطبيعة ، وفوق دنيا الحيوان ، ولم يفقد الفن هذا الطابع رغم انخراط المجتمع في تغيرات وتبدلات اجتماعية وطبقية ، فالفردية خطيئةٌ جوهرية([5]).

غير أن هناك من يتبنى رؤية مغايرة ؛ إذ يرى ، فيما سبق ذكره ، أنه يتنافى مع نظرية الإبداع الخاص المستقل ، التي تربط الإبداع بالعبقرية الفردية ، ولا يمكن له ؛ أي الإبداع ، أن يكون نتاجاً تراكمياً([6])، تسهم فيه مجموعة تحت ظرف واحد ، ومن منطلق دافع واحد .

وتولد عن ذلك النقاش سؤال حول ماهية القوانين الخاصة ، أو الكامنة ، في الأدب ، تلك التي تسمح بتطوره . . . وغيرها من الأسئلة ؛ التي لا يمكن لها أن تُقصي حقيقة تاريخية مستقرة ، ألا وهي حقيقة البعد الجماعي ؛ فالكثيرُ من كتب النقد الأدبي الحديث ونظرياته تتناقل ، أو تردد في جانبٍ كبيرٍ منها ، وعلى سبيل المثال ، عبارة ( النهضة الأيرلندية ) بوصفها اصطلاحاً يدلُّ على انتعاش الحركة الأدبية في أيرلندا ، ولا سيما مع القصة القصيرة التي شهدت انتعاشة جديرة بالرصد . وبدا التطور الفني للإبداع الأدبي ، ولأجناسه المختلفة ، وثيق الصلة بالبعد الاجتماعي وحركة التطور المجتمعي التي تفرزه ؛ لذا يبقى من الإنصاف التوفيق بين البعدين ، إذ ربما لا تؤتي الحركات الاجتماعية النهضوية ثمارها الثقافية والفنية إلا إذا توفر لها فصيلٌ من ذوي العبقرية الفردية ؛ التي تستجيب لآفاق التحديث والتطوير ، ومن زاوية أخرى ؛ قد تبهت العبقرية الفردية ، أو تنحرف ، إذا لم يُتَحْ لها المناخ الدَّاعم لانطلاقها المُكَرِّس للتطور والإضافة. كما ينبغي التنويه بأن الإقرار بالبعد الجماعي للتطور لا يعني نفي ، أو انتفاء التميز الفردي للمبدع ، أو المذاق الذاتي للفنان داخل المجموع .

وتبياناً لذلك ، فلقد عزا البعضُ من النقاد([7]) تأخر ظهور القصة القصيرة في عمّان إلى أنها لم تشهد تطوراً ثقافياً وحضارياً ملحوظاً إلا بعد تولي السلطان قابوس سُدَّة الحكم في يوليه 1970م ، إذ بعدها بدأت مسيرة التعليم العام والجامعي ، وظهرت الصحافة وغيرها من وسائل الإعلام ، وقد أحدثت النهضة الجديدة في عمان ازدهارة ثقافية شاملة بدأت ، في إطارها ، تتحرك مسيرة الأدب بأجناسه المختلفة ، ومنها القصة القصيرة .

وتجلت ثمار التحولات الاجتماعية أو التطور النهضوي في مجال القصة القصيرة إذ قَدَّمت في إهاب مشهدها الإبداعي طرحاً ثرياً متنوعاً ؛ يضمُّ العديد من المواهب التي تسعى بتأنٍ نحو تأسيس ، أو صياغة أكثر وعياً ورصانة للأدب العماني ، إذ منذ ظهور أول مجموعة([8]) تحت عنوان ( سور المنايا ) لأحمد بن بلال بحار عام 1981م ، ثم ( قلب للبيع ) للكاتب الشاعر محمود الخصيبي عام 1983م ، وما تلاهما من أعمال مثل ؛ ( لا يا غريب ) و ( الرجل العائد من الموت ) لأحمد بلال ، و ( صراع مع الأمواج ) للكاتب علي بن عبدالله الكلباني عام 1987م. ، تعددت بعد ذلك المجموعات القصصية المتنوعة ، وطالع القارئ العربي أسماءً عديدة منها : سليمان المعمري ، و محمد علي البلوشي ، و علي بن هلال المعمري ، و سيف الرحبي ، و محمد القرمطي ، و صادق حسن عبدواني ، و حمد بن الرشيد بن راشد ، و سعود بن سعد المظفر ، و إحسان بن صادق بن سعيد ، وعبدالحكيم البلوشي ، و محمد اليحيائي ، و يونس الأخزمي ، و يحيى بن سلام المنذري ، و بدرية بنت إبراهيم الشحي ، و طيبة بنت عبدالله الكندي ، و عائشة بنت علي النعيمي ، و زكية بنت سالم العلوي ، و صفية بنت محمد الحارثي ، و تركية البوسعيدي ،وإبراهيم بن ماجد الفارسي ، وأحمد بن درويش ، وأحمد الزبيدي ، وأحمد المعشني ، وإسماعيل السالمي ، وآمنة بنت ربيع بن سالمين ، وبدر بن علي الشيباني ، وبدر الشيدي ، وجوخة بنت محمد الحارثي ، وحمود بن علي الطوقي ، وحمود العويدي ، وحمد الناصري ، وحمود بن سالم السيابي ، وخالد العزري ، والخطاب المزروعي ، وخميس بن عبدالله الفارسي ، وخولة حمدان الظاهري ، وفاطمة بنت أنور بن خميس ، وزوينة خلفان ، ورفيعة الطالعي ، وطاهرة عبدالخالق ، وسلطان العزري ، وسمير العريمي ، وسلطان الفزاري ، وسالم آل تويه ، وسالم بن عبدالله الحميدي ، وسالم ربيع الغيلاني ، و غيرهم الكثير.

وهكذا ترسمت ملامح المشهد الإبداعي للقصة القصيرة في عمان على يد هؤلاء الكتاب ، وعبر نتاجهم الآخذ في النضج والتجريب ، وقدمت الإبداعات الأولى لمن شكَّلوا خارطة القصة القصيرة في عمان الكثير من سمات الكتابة البائنة في احتواء البنى السردية على قدرٍ من المباشرة في التصوير ، والبساطة في الحكي ، واتضحت في بعض نماذجها الخطابية في التعبير ، وأبرزت من حيث الموقف هَمّاً كبيراً ربط بينها وبين قضايا المجتمع ذات الطابع المحلي ، وخاصة القضايا الناجمة عن التحولات الاجتماعية والصراع المتفاقم بين العادات الأصلية للمجتمع القبلي والعادات المستحدثة / الطارئة في المجتمع المعاصر ، كما حملت القصة بعض الموضوعات الوطنية والإنسانية ، بالإضافة إلى أنها اتسمت بحسٍّ نقدي عالي الدرجة من أجل الإسهام في تجديد مسيرة الحياة([9]) .

غير خافٍ أن التطور الاجتماعي في النموذج العماني حدا بإمكانية التسليم بأن التطور الفني عملٌ جماعيٌّ ، أو فعلٌ جماعيٌّ ، وان التأمل المتأني لهؤلاء المبدعين يعطينا مؤشراً صادقاً للحكم على تطور العناصر الفنية لجنس القصة القصيرة ، كما لا يعني أن الجميع موسومون بالسمات نفسها ؛ إذ لايعدم التمايز الفني الفارق بين قاص وآخر ، لكن السؤال الذي يطرح نفسه ، وبعد مرور ما يزيد على عقد من الزمان ، بين إصدار أول مجموعة قصصية في الأدب العماني ، وهي ( سور المنايا ) لأحمد بن بلال بحار عام 1981م ، وبين مجموعة ( مواسم الغربة )([10]) للكاتب الصحفي / خليفة بن سلطان العبري ، والسؤال هو : هل أسهمت نصوص المجموعة في اتساع رقعة التطور الفني لجنس القصة القصيرة في عمان أم أنها لم تتخلص بعد من مسالب التجربة الإبداعية الأولى ؟ ، أو بعبارة أخرى ؛ يمكن طرح السؤال على النحو الآتي : كيف يمكن تصنيف العمل الإبداعي الأول فنياً ؟ .

وربما تبدو قيمة التساؤل ثريةً بوصفه ارتحالة مقصودة صوب الوقوف عند ملامح التطور الفني للقصة القصيرة في عمان ، خاصة إذا سلمنا سلفاً بأن ( سور المنايا ) لأحمد بن بلال بحار محملةٌ بالكثير من سمات التجارب الرائدة ؛ مثلها مثل (قلب للبيع ) للخصيبي التي ( تجمع بين الحكاية والحدوتة والقصة القصيرة مع حرص الكاتب على أن تكون النهاية سعيدة ، بغض النظر عن المقدمات ؛ مما يدل على بساطة في التناول )([11]).


وفيما هو آتٍ استكشاف آليات القصِّ في المجموعة موطن الدراسة :

تجليات الحداثة . . تجليات التقليد في ( مواسم الغربة ) :

لم ينل العمل الإبداعي الأول قبولاً فنياً مُقنعاً حتى من مبدعه نفسه ، فالغالبية من كبار الكتاب يبدون ـ أحيانا ـ بعض الخجل ، أو الاعتذار غير المباشر عند ذكر الإصدار الأول ، ومرد رضاهم عنه يعود إلى قناعة محدودة بأنه قدم اسمهم للقارئ ، حيث كان بمثابة بطاقة تعريف أولية ينبغي استثمارها فنياً فيما هو تالٍ من أعمال ، وكأن علماء النفس يقصدون التجربة الإبداعية الأولى عندما فصَّلو القول فيما هو معروف بـ ( العملية الأولية Primary Process) واسمين إياها باللاشعورية واللاعقلانية ؛ فهي ( تجهل حدود الزمان والمكان ، ويتحكم فيها مبدأ اللذة والألم ، فخلالها يندفع المرء تجاه اللذة ويبتعد عن الألم )([12])،إذ يمكن تفسير اللذة بأنها الكتابة ، أو الإشراق ؛ حيث تظهر فيها الأفكار ( بطريقة مفاجئة وغير متوقعة . . ولا تستطيع أن تؤثر فيها بأي مجهود إرادي مباشر ، وهي تحدث بعد عدد كبير من المحاولات والتداعيات غير الناضجة )([13]).

وبالإضافة إلى ذلك ، فإن المخزون الكتابي للعمل الأول موكول إلى الذات ، فهي كتابة ــ في المقام الأول ــ ذاتية ، ومن ثم يكون صوت المؤلف عالياً ، والنبرة الخطابية الوعظية حاضرة في جنبات العمل ، إذ يتبدى له وكأن الكون منقاد إلى الهاوية والخراب ؛ لذا يأتي الصراخ والاستغاثة ، ويُحَمِّل النص أبعاداً شعاراتية بوصفها مسوغات تحتمها ضرورة الانتماء والموقف .

كما تمنح غالبية المكاشفات الفنية لهذه الكتابات مؤشراً واضحاً على أن الكتابة الأولية ليست حرفةً فنية تتصدر السُلَّم التراتبي من حيث ضرورات الكتابة ودوافع الفعل الإبداعي ، وإنما من حيث كونها رؤية الذات للعالم ، فتكون بمثابة الخلاص والانفجار والرغبة المُلِحَّة في اقتحام المجهول . وربما تكمن هنا معادلة اللذة والألم عند النفسيين ؛ فاللذة هي اقتحام المجهول / عالم الكتابة ، وأما البعد عن الألم فينعكس من خلال التركة المُثقلة التي يحملها بغية خلاص العالم ، والبحث عن وجود .

إن ( مواسم الغربة ) باكورة إبداعية للكاتب والصحفي خليفة بن سلطان العبري ؛ تَنَسَّمت وجودَها الفنيَّ بعد أنْ عُبِّدَ لها درب القصة القصيرة العمانية عبر عقد من الزمان أو أكثر ، فكان لها من محاولات التجريب الفني السابق ما يُحقِّقُ أجواءً فنية تسهم ، بشكل أو بآخر ، في إنضاج آليات القص وتعدد مستوياته ، إضافةً إلى انغماس المجتمع العماني وحركته المادية في عالم التطور المُتفاقم والتفجر المعرفي المتزايد ، فجاءت المجموعة وفية لهذه الأجواء من ناحية ، ووفية لتجليات الرواسب المصاحبة للتجربة الإبداعية الأولى ، حيث قلت ، ولم تنعدم ، مسالب التجربة الأولى ، بل ربما يكون الوقوف بها ، وأمامها ، في منطقة وسطى ، أمراً قريباً من الإنصافِ ؛ إذ بقدر ما حققت طفرات تقدمية فنية بقدر ما تمسكت بتلابيب بعض الأداءات الفنية ذات الطابع الكلاسيكي أو التقليدي .

وكان تقديم الناشر للعمل على أنه مركب مزدوج ؛ اختلطت فيه القصة بالقصيدة الشعرية ، لغةً وتصويراً وخيالاً ؛ يتناغم والتعبير الرشيق عن الحال المجسدة ، أو الومضة الموبوسانية الخاطفة ، والمكتظة بالأحاسيس الجوانية ، وهي ــ أي المجموعة ــ ذات تكنيك فني ينتمي إلى آليات القصة الحديثة . . . . . كل هذا لا يمكن التقليل منه ، ولكن في الوقت نفسه يصعب التعامل معه برؤية أحادية القطب ، أو الانكفاء عليها دون إنعام النظر في حرفية القص ووفاء المجموعة لآلياته .

إن التأمل المتأني في القصص العشرة للمجموعة بغية لَمْلَمَة التقنيات الفنية والعناصر المُهَيْكلة لبنية القصة القصيرة الحديثة ، بدءاً من القصة الأولى ( رائحة يوم فائت ) وانتهاءً بقصة ( في قريتنا غريب ) ؛ يشي ــ منذ الوهلة الأولى ــ بأن هناك تجاوراً ثنائياً للعناصر الحداثية ( ويُقصد بها الآفاق التجريبية المواكبة للتطور الفني المضطرد في بنية القصة القصيرة ) مع كلاسيكيات القص ، أو السمات التقليدية لإبداع القصة القصيرة في الأدب العربي عامة ، والأدب العماني خاصة ، وذلك في قصص المجموعة كلها ، وأحيانا يجتمعان في القصة الواحدة ، حتى لكأن المجموعة ، في كونها بنية كلية ، تطمح نحو بناء خصوصية لها بالقدر الذي تحمل فيه أيضاً عناصر هدم تلك البصمة الخاصة .

إن تجليات السمات الحداثية ؛ الساعية صوب كسر هندسة الحكي المُمَنْطَق في بعده التدريجي الصَّاعد بالأحداث ، بما ينطوي عليه من تدرج وصعود متنامٍ بالحالة المُقْتَنَصة ، تبدو بائنة فيما يسمى بالبعثرة المنهجية أو ظاهرة ( التَّفْتِيت Atomization) بالنسبة للحدث المقصوص ، سواء أكان ذلك بارزاً على مستوى الشكل الخارجي كما في قصة ( مواسم الطيور القرمزية ) التي صُدِّع فيها الحدث ، وبعثره الكاتب خليفة بن سلطان العبري عَبْرَ فقرات مُرَقَّمة ، تفاوت حجمها دون معيار يُحْتكم إليه في هذا التفاوت سوى عمق اللقطة ، وقدر حاجتها للتوصيفِ المُكَثِّف ، أو كان مُتَضَفراً ببنية سردية كلية ؛ تُتيح التنقل عبر بنايات جزئية ، مُقَطَّعة الدلالة مثلما هو واضح في قصة ( العودة ) .

كما يوجد اقترابٌ ــ بدرجات متفاوتة ــ من نمط القصة القصيدة في ثوبها اللغوي ، وربما لجأ إليه الكاتب إبرازاً للأجواء النفسية ومنحنيات الذات الداخلية ، على شاكلة ( طويا كل الطرق وراءهما كسِجَّادة . . . وقلق الدروب . . . ضجرها . . . والهمس السوقي . . . والأحاديث التي كُسِرَت كالقدح الذي صار شظايا )([14]). وغيره في كثير من القصص التي قدمت لوحاتٍ تصويريةً للنفس وللذات الإنسانية دون تجاهل عصب هذا النمط وهو الاقتضاب والتكثيف ، بما يصلان إلى حد الشفرة أحياناً ، وكأن خليفة العبري يُفرغ ما بداخله من ضجر فنياً ولغوياً ، إذا جاز لنا ذلك ، حتى يسحب القارئ بلا هوادةٍ إلى عالم القصة ؛ لِيُفَتِّش عما يمكن أن يملأ به الفراغاتِ المتروكةَ له ـ قصداً ـ من قِبَلِ المؤلف .

وتبرز سمة حداثية أخرى متمثلة في البوح بالصورةِ وتجسيد التداعيات بامتطاء الخيال الخصب ، المستمد لمعينه من قرية ( العراقي ) مسقط رأس الكاتب بسلطنة عمان ، فيما ينعكسُ عن المأثور الفولكلوري لمفرداتِ الحياة ، وأنماطها المعيشة ، وتوصيف ظلال المكان والطبيعة القروية الخلابة ، وكذلك التراث الشفهي المتمثل في المثل الشعبي ، والأقوال المتناثرة ، والألفاظ أو المفردة المُغَبَّرة بتراب قرية العراقي ، وكان الكاتب يتكئ ــ أحياناً ــ على المثل الشعبي ، مع الاستفادةِ مما تمنحه القاعدة البلاغية القديمة/الجديدة (بلاغة الحذف أقوى من بلاغة الذكر ) من مدلولاتٍ تَصبُّ في جوهرِ العلاقةِ بين ثالوثِ الفنِّ ( الكاتب / النص / القارئ ) فيطالعنا ــ قاصداً ــ بإيراد الأمثال غير كاملة التركيب ، كما في قصة ( رائحة يوم فائت ) حيث يقول ( يا غراب الباطنة شلني مع . . . . / العِشْرة لا ينساها سوى . . . )([15]) . . وغيرهما الكثير من الدّوال الطارحةِ لوعي المؤلفِ بأنَّه يُقبِلُ على قارئ إيجابيٍّ ؛ ينبغي التعاملُ معه بمبدأ التكثيف ، أو المراوغة الفنية ، التي تُحيلُ القارئُ إلى [ مُرْسِل إليه ] ، وليس [ مستقبل ] فقط ؛ لما في الثانيةِ من إيحاءاتِ دالةٍ على أن [ المُرسلَ ] / الكاتبَ لا يُقَدِّم [ الرسالة ] / النَّص بوصفها قالباً محدداً كامل التكوينِ ، بل على كونها حاملةً لقدرٍ من التشويش ، أو عدم الكمال ، وعلى القارئ [ المرسل إليه ] ، وليس [ المستقبِل ] أن يُتِمَّ ما بها من فراغاتٍ أو نقصانٍ وفق ثقافته ووعيه ، وهنا تتحولُ الرسالةُ إلى شفرةٍ ؛ تسمو بدور القارئ والمُرْسِل .

وكم هي عودة حميدة لممارسة تلك اللعبة الحداثية ، حيث يُعَوِّل الكاتب على القارئ لتحقيق التواصل ، فيستقطبه إلى أجواء النص ليشاركه فعل الإبداع والبحث عن مخرج ، وفي ذلك إبراز لنمط من أنماط التطور الفني ، الذي يتحدّدُ من زاوية تَوَجُّه الكاتب بالعمل الإبداعي للقارئ الواعي ، لا للقارئ السلبي ، في ظل ثورة المعلومات وعصر التراكمات المعرفية ، إذ على القارئ أيضاً أن يُقبل على قراءة العمل وهو مُزَوَّدٌ بمخزونٍ ثقافي وشعبي يُعينه على فك طلاسم العمل ؛ لأن منطق الحدوتة أصبح مُتَجاوزا بالعديد من الأشكال والبنى القصصية العديدة .

وأبان خليفة بن سلطان العبري عن وجه حداثي آخر يتمثل في التقاط اللقطة القصصية الحادة ؛ ذات الأبعاد النفسية المتشابكة ، دون اللجوء إلى تيمات قصصية مستهلكة أو مطروقة من قبل ، ففي قصة ( هاجس شرف ) بُني الحدث على التقاط خيط رفيع يبدو هامشياً وهو أثر البيئة الخارجية في إِحداث التحولات والانقلابات المُغَيِّرة لمسار الشخصية داخل العمل القصصي ؛ فيأخذ هذا الخيط ثم ينتقل به إلى داخل الإنسان ويُفجر به طاقات نفسية ومشاعرية كامنة ، يثيرها بحدة ؛ مما يقود الشخصية إلى تغير حاد أو انقلاب غير متوقع ، خاصة إذا كانت الشخصية قد ضربت سياجاً حول نفسها يمنعها من الانغماس في التفاصيل اليومية للبيئة من حولها ، فـ( صابرة ) الشخصية المحورية في القصة ، والخجولة ، تنقلب إلى الضّد والتمرد بسبب كلام أخيها المستمر عن علاقتها بقاسم الوسيم ؛ الذي حرك بداخلها عاطفةً مكبوتة ، تسببت في تكوين هذه العلاقة بينهما ، وهي التي لم تخرج من بيتها قط .

والغريب أننا نرصد سمات مضادة تماماً لما سبق ذكره ، ومنتزعة لجانب كبير من التجربة الإبداعية في غالبية قصص المجموعة ، بحيث تتجاور سمات الحداثة مع عناصر التقليد ؛ بما يجعلنا نعاين تكافؤ الاتجاهين كثيراً داخل المجموعة ؛ مما يُقلِّلُ ـ في بعض الأحيان ـ من ملامح التطور الفني ، أو من تَرْكِ بصمة قوية على إبداع القصة القصيرة .

في قصة ( دماء الحقيقة ) عودة قويةٌ إلى البنية التقليدية والتكنيك القصصي القديم ، الذي يتقاطع أحيانا مع ماوصلت إليه الأشكال التجريبية القصصية الحديثة . فلقد بنى خليفة العبري قصته وفق طريقة المعالجة السينيمائية التي لم تتخلص من غرابةٍ شديدةٍ في مادة الحدثِ ، أو بناء العقدة في شكلها التقليدي غير مُقنعٍ ، فبطلُ القصة يُجْبَر على الوقوف بسيارته ؛ ليركب شخصٌ مطعون بسكين في بطنه ، وإذ بالبطل يمسك بالسكين ليخرجها من بطنه ، بينما يلتف حوله في اللحظة نفسها البوليس ، ويصبح ببساطة شديدة هو القاتل ، وبسذاجة أشد يعترف أمامهم ، على وعد منهم بأن يتركوه ليعود إلى أبنائه ، ولكنه لا يفيق من ذلك إلا ورأسه محشورة ( داخل كيس صوفي شد عليه من عنقه وثبت على ظهره في عمود صلد )([16]) وبينما يطلق عليه الرصاص تنفيذاً للإعدامِ ينقبض قلب الزوجة في اللحظة ذاتها ، وفجأة ينقلنا نقلةً بصريةً حادة إلى هذا المشهد حيث ( يسقط إبريق الشاي من يدها ، ويحرق أصابع قدمها اليمنى )([17]) دون أن تدري عن زوجها شيئا ، أو يبرزها الكاتب قلقة عليه ، والأدهى من ذلك يختم القصة بعبارات إخبارية تقريرية مباشرة ، ولا تؤدي شيئا سوى التكريس لحالة عدم الاقتناع وفقدان التواصل مع النَّصِّ ، ومع البناء الفني لقصة حديثة ، على شاكلة قوله ( كمية من الدماء خرجت من أحد أجزاء جسده . . وكأن هناك من دفعها بيده لتخط على الأرض أحرفاً لأول مرة يراها الحاضرون بهذا الشكل في هذا المكان في مثل هذه الحالات : م ظ ل و م . ) ([18]) ، وإذا سلمنا بمنطقية المذكور ، فإن حرفية القص مؤسسة على المسار السُّلَمي للحدث بمنحاه التاريخي المُتَصاعد ، لكن الكاتب لم يعتمد في تصاعده بحركية الحدث إلى الأمام على إدغام النقلات والمشاهد الحدثية في بنية سردية تنشغل بأمور الوصف ، وتعطل مكونات القص التقليدي العائد بتوصيف القصة إلى بدايات الجنس الأدبي نفسه ؛ ولعل إدغام البنى الجزئية للحدث في هيكلة سردية هو الذي يُذيبُ هذا التدرج المكشوف لمنطق البناء ، وكم سيكون الأمر مُقنعاً لو أنَّ الكاتبَ لجأ إلى فصل المشاهد الموجودة بالقصة ، وتنقل بينها عبر خلفية دلالية ؛ تتخلق عبر علاقة القارئ الواعي بالكاتب ، ومن ثم يقوم القارئ نفسه بربط هذه المشاهد بعضها ببعض ؛ ليقيمَ نسقاً بنائياًً من الدلالات المتسقة ، وليس هذا النمط بغريبٍ على الكاتب ؛ لأنه مارسه في أكثر من قصة بالمجموعة. بالإضافة إلى أنه أهمل عنصراً فنياً ثري الدلالة ، وهو ما يسمى بعنصر [ الكولاج القصصي ] ، الذي يتطابق تماماً مع عنصر [ المونتاج ] في المجال السينمائي ؛ إذ يرتبط بمحاولة الربط بين المشاهد المتعددة لخلق بنية درامية ذات بعد هرموني متسق .

كما تَكْثر بعض العبارات المستهلَكة ، ذات القوالب اللغوية الجامدة والمطروقة ، دون مبررٍ فنِّيٍّ لها ، مثل ( لا يجود الدهر بمثل هذه الساعة / نافضاً جلَّ غضبه ) ([19]) ، وتنتشر كذلك أدوات العطف التي تُسهم في تمدد النسيج القصصي فيترهل ، إضافة إلى انفلات الأداة اللغوية المحكمة وهو يوصّف الملامح النفسية لبعض الشخصيات ، فحينما يعبر عن ضيق أفق ( صابرة) ومحدودية إدراكها لبعض أمور الحياة ، يقول في عبارة صحفية إخبارية لا تتناسب وطاقات التخييل التي من المفترض أن تتحلى بها القصة الحديثة ( فتاة لا تزال في مرحلة التشكيل الفكري ، إذ تظل الكلمة تعمل في أذنها ([20]) .

وهكذا يدور القاص فنياً بين الصعود والهبوط ، وتتجلى تجربته الإبداعية في الاستقرار عند حيز البحث عن انتماء فني ، مثلما ينشغل مضمونياً ، ومع كل قصة ، بالبحث عن وجود وخلاص للعديد من القضايا ، أوالقلاقل ، الناجمة عن تطور حركة المجتمع .

الهوامش :



(1) شكري عزيز الماضي: في نظرية الأدب، دار المنتخب العربي، بيروت، ط1، 1993م، ص:113،114(بتصرف).

(2) قال بذلك هربت سبنسر نقلاً عن كتاب:

ــ توماس مونرو: التطور في الفنون، ترجمة: محمد أبو درة وآخرون، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة ، 1971م،ج1، ص: 75،76.

(3) المرجع السابق : ج1 ، ص: 75،76.وللمزيد من التفاصيل يمكن العودة إلى :ج2، ص:22، 23، 33 .

(4) شكري عزيز الماضي : المرجع السابق ، ص: 120.

(5) إرنست فيشر : ضرورة الفن ، ترجمة : أسعد حليم، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 1968م، ص:54،55،56(بتصرف).

(6) شكري عزيز الماضي : المرجع السابق ، ص:118:120(بتصرف).

(7) من بين هؤلاء النقاد :

ــ أحمد درويش في كتابه : تطور الأدب في عمان ، دار غريب ، القاهرة ، 1998م.

ــ طــه وادي في كتابه : القصةُ ديوان العرب ، الشركة العالمية للنشر ـ لونجمان ، الجيزة ، 2001م.

ــ يوسف الشاروني في كتابه :في الأدب العماني الحديث ، رياض الريس ، لندن ، 1990م.

ويمكن الرجوع حول الموضوع في طابعه العام إلى : د.سمير هيكل : القصة القصيرة في عمان في عصر النهضة. . دراسة تاريخية موضوعية ، و د.سعيد علوش :أبعاد الأطروحة الوطنية في القصة القصيرة العمانية ، و سعيد يقطين : الواقع والمتخيل في التجربة القصصية في عمان ،وإبراهيم خمود الصبيحي : تاريخ القصة القصيرة وتطورها في عمان ، و إبراهيم اليحمدي : القصة القصيرة في عمان ، و اعتدال عثمان : التجربة القصصية العمانية ، ومحسن الكندي : التجربة القصصية الجديدة في عمان ، ود.عبدالواحد لؤلؤة : رؤية حول القصة القصيرة في عمان ، ود. سعيد مصلح السريحي : القصة القصيرة في عمان ، البدايات : الدور الاجتماعي والقصور الفني .

(8) دار خلاف على العمل القصصي الأول في السلطنة ، إذ نسبه يوسف الشاروني للخصيبي وتبعه الكثير من النقاد دون تمحيص تاريخي لهذا الحكم ، علماً بأن العمل الأول كان من نصيب سور المنايا لأحمد بلال ، وكاتب هذه السطور كان ممن تبع الشاروني ،لولا قراءته لمقال: الدراسات الخاصة بالقصة القصيرة في عمان بين الاجتزاء والاحتذاء، للكاتب شبر بن شرف الموسوي في موقععه: http://www.geocities.com/adaboman1/akhbar1.htm

(9) طه وادي: القصة ديوان العرب، الشركة العالمية للنشر ـ لونجمان، الجيزة، 2001م، ص:139:142(بتصرف).

(10) صادرة عن : المجموعة الصحفية للدراسات والنشر ، القاهرة ، شتاء 1994م.

(11) يوسف الشاروني : في الأدب العماني الحديث ، رياض الريس ، لندن ، 1990م ، ص:20.

(12) شاكر عبدالحميد:الأسس النفسية للإبداع الأدبي في القصة القصيرة،الهيئةالعامة للكتاب،القاهرة،1992م،ص:53

(13) المرجع السابق : ص :44 ، 45 ( بتصرف ).

(14) مواسم الغربة : ص : 28 ، 29 .

(15) مواسم الغربة : ص : 18 .

(16) مواسم الغربة : ص : 42 .

(17) مواسم الغربة : ص : 42 .

(18) مواسم الغربة : ص : 43 .

(19) مواسم الغربة : ص : 49 .

(20) مواسم الغربة : ص : 53 .
المصدر: ملتقى شذرات

__________________
(اللهم {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} (البقرة:201)
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
مفهوم, الأول, الأنثوي, التطور, الفني, الإبداعي, ضوء, قراءة


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع قراءة المنتوج الإبداعي الأول في ضوء مفهوم التطور الفني
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
قراءة في التطور التاريخي لنظرية صدام الحضارات Eng.Jordan بحوث ودراسات منوعة 0 01-15-2016 08:50 AM
ما نعانيه من أخطار العفن الفني... صباح الورد الملتقى العام 0 11-02-2014 07:55 AM
البناء الفني في شعر سعدي يوسف Eng.Jordan دراسات و مراجع و بحوث أدبية ولغوية 1 04-12-2013 07:17 PM
قراءة في مفهوم الشعر في للنقد العربي الإيحائي Eng.Jordan دراسات و مراجع و بحوث أدبية ولغوية 2 01-29-2012 08:23 PM
النقد الأنثوي العربي Eng.Jordan دراسات و مراجع و بحوث أدبية ولغوية 0 01-29-2012 07:58 PM

   
|
 
 

  sitemap 

 


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 05:06 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59