#1  
قديم 02-10-2012, 02:10 PM
الصورة الرمزية Eng.Jordan
Eng.Jordan غير متواجد حالياً
إدارة الموقع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
الدولة: الأردن
المشاركات: 25,392
افتراضي "سرية الحسابات" و"الملاذات الضريبية الآمنة" الدافع الأكبر لاستمرار نهب الشعوب


المصدر: الأهرام -الطبعة العربية
بقلم: أشرف أبوالهول

"سرية الحسابات" و"الملاذات الضريبية الآمنة" getsubpic.ashx?eassyid=553120&picno=1

رغم مرور حوالى خمسة أشهر على تنحى الرئيس محمد حسنى مبارك على وقع ثورة 25 يناير ومايقرب من ستة أشهر على فرار الرئيس التونسى زين العابدين بن على فإن المحققين بمصر وتونس مازالوا يلهثون لمعرفة مكان الأموال التى ربما يكونا قد نهباها او نهبها بقية أركان النظامين فالكلام يدور عن عشرات المليارات من الدولارات ولكن ماتم العثور عليه حتى الآن هو لاشيء تقريبا، والسر وراء ذلك يكمن فى وجود مايسمى بالملاذات الضريبية الآمنة والتى تسمح للطغاة والفاسدين والخائفين باخفاء اموالهم فى حسابات سرية ربما لا يمكن الوصول اليها أبدا أو على الأقل توفير وسيلة لغسيل تلك الأموال القذرة وإعادة تدويرها بصورة آمنة وبعيدة عن الشك وعلى رأس تلك الملاذات الآمنة للأموال المنهوبة من الشعوب تأتى سويسرا.
وتبدأ قصة تحول سويسرا إلى ملاذ آمن لأموال الطغاة فى عام 1934 وهو العام التالى لتولى ادولف هتلر المستشارية فى ألمانيا وبدء إضطهاد اليهود وغيرهم من الأجناس غير الآّرية وهنا عدلت السلطات السويسرية قوانينها لتستوعب الأموال التى يمكن أن يهربها اليهود اليها بحيث يتم استيعابها فى البنوك السويسرية بدون أن يتمكن الألمان من معرفة اصحابها وضمنت القوانين الجديدة انذاك مايعرف الآن باسم سرية الحسابات وسمحت سويسرا لأصحاب الحسابات أن يضعوا أموالهم فى بنوكها بأرقام وليس بأسماء وجعلت إفشاء سرية الحسابات فى البنوك جريمة وحتى الآن توجد أموال فى بنوك سويسرا لم يحدث عليها أى تعاملات منذ أكثر من 70 عاما فلم يضف إليها شيء ولم يسحب منها مما يشير إلى أن أصحابها من اليهود الألمان أو غيرهم ممن ماتوا فى الحرب العالمية الثانية.
وتوسعت سويسرا بعد ذلك فى مسألة سرية الحسابات فى البنوك مما شجع الحكام الطغاة واللصوص ومهربى الأموال ومن يقوم بغسلها على إيداع أموالهم فى بنوك سويسرا وعندما بدأت أوروبا وأمريكا فى زيادة الضرائب على رجال الأعمال بعد الحرب العالمية الثانية قاموا بنقل أموالهم إلى البنوك السويسرية.
ويعاقب القانون السويسرى منذ الثلاثينيات من القرن العشرين أى بنك أو مسئول يفشى - او حتى يلمح - بمعلومات مصرفية. بل إن البنوك هناك تتعامل بنظام مشفر لا يتيح حتى للموظفين معرفة اصحاب الحسابات التى يتعاملون معها - كما يتيح للعميل ذاته إيداع ثروته باسماء مستعارة او استبدال الاسماء بارقام سرية لا يعرفها غيره.
ويبدو أن المكاسب الهائلة التى حصدتها سويسرا بوصفها ملاذا آمنا لأموال الطغاة واللصوص والخائفين من الأنظمة فى بلدانهم قد شجعت العديد من الدويلات الصغيرة والفقيرة جدا لكى تطبق النموذج السويسرى ولكن تحت مسمى جديد هو الملاذ الضريبى وهو عبارة عن تحويل الدولة إلى منطقة تفرض قليلا من الضرائب أو لا تفرض أى ضرائب على الإطلاق وتتمتع أنظمتها المصرفية بقوانين صارمة لتحافظ على سرية حسابات عملائها الأجانب فتساعدهم على التهرب من دفع الضرائب فى بلادهم الأصلية وذلك بهدف جذب اموال المستثمرين لمصارفها أولا ولتسجيل اكبر عدد من الشركات على أراضيها ثانيا وبالتالى ايجاد فرص عمل لمواطنيها.
وتمنح هذه الملاذات حماية وحصانة للأثرياء من ملاحقات محققى ومحصلى الضرائب الدوليين، إذ يصعب على هؤلاء متابعة أموال الأثرياء التى يمكن أن تكون خاضعة لضرائب كبيرة فى بلدانهم الأصلية.
وظهر العديد من الدول فى البحر الكاريبى والمحيط الهاديء كملاذات ضريبية اّمنة أستخدمها الطغاة لإخفاء الأموال التى نهبوها من شعوبهم كما أستخدمها المهربون والمسئولون الفاسدون لغسل أموالهم وإعادة تدويرها كأموال مشروعة لايعرف أحد مصدرها الأصلى.
ويبلغ عدد الملاذات الضريبية الآمنة فى العالم حاليا 50 منطقة تحولت إلى حاضنات لنحو عشرة تريليونات دولار من الأصول المالية. وحسب منظمة الشفافية الدولية فى فرنسا فإن الملاذات الـ 50 فى العالم فيها أكثر من 400 مؤسسة مصرفية، ونحو ثلثى صناديق الاستثمار، ونحو مليونى شركة فى العالم. وتضم فيما بينها قرابة عشرة تريليونات دولار، أى ما يعادل 4 أضعاف الناتج المحلى الإجمالى فى فرنسا. وتشير آخر التصريحات من المسئولين الماليين الأوروبيين إلى أن الأجواء السياسية لم تعد تتحمل وجود هذه الملاذات الآمنة بعد الآن وأشهر تلك الدول جزر كايمان وجيرسى وناورو والباهامز.
وفى تقريره الصادر فى ديسمبر 2008 عن استخدام الملاذات الضريبية من قبل الشركات الأمريكية لم يستطع مكتب المحاسبة الحكومى الأمريكى العثور على تعريف واف للملاذ الضريبى لكنه حدد خمس خصائص ومؤشرات تدل على الملاذات الضريبية منها: ضرائب قليلة أو لا ضرائب نهائياً، عدم اتخاذ إجراءات فعالة لتبادل المعلومات الضريبية مع السلطات الضريبية الأجنبية، انعدام الشفافية فى العمليات التشريعية أو القانونية أو الإدارية. وكان المبرر الوحيد لصالح الملاذات الضريبية هو أنها تساعد فى الضغط على الدول المتقدمة للحد من معدلات الضرائب على الأثرياء.
والشيء المؤكد الذى يدركه الجميع هو ان إخفاء الأموال المختلسة من الشعوب أو الناتجة عن عمليات غير مشروعة كالاتجار فى المخدرات لايتم بشكل عشوائى حيث يتم استخدام خبراء قانونيين وماليين يعرفون بخفايا المعاملات المالية لتوفير ملاذات آمنة فى أماكن ومؤسسات تعمل بطريقة الأوف شور «المناطق الجديدة المستقلة الموجودة فى دول أخرى». وعادة تكون لمجموعات الجريمة المنظمة قاعدة عمل فى الدول التى تعتبر ملاذاً آمناً تستطيع من خلاله ممارسة عملياتها العابرة للقارات وهو ما يوفر قدراً إضافياً من الحماية من تطبيق القانون، ويمكّن تلك المجموعات من ممارسة نشاطاتها بأقل قدر من المخاطر.
ومنذ بداية الألفية الجديدة وقع حدثان مهما جعلا الكثير من الدول الكبرى خاصة الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا تنتبه إلى خطورة تلك الملاذات، وكان أول هذين الحدثين هو هجمات الحادى عشر من سبتمبر وبداية ماسمى بالحرب ضدالارهاب حيث أكتشف الغرب أن إلارهابيين استغلوا مبدأ سرية الحسابات فى الملاذات الآمنة لغسيل الأموال اللازمة لتمويل أنشطتهم وعملياتهم الإرهابية وتمثل الحدث الثانى فى تفجر الأزمة المالية العالمية وماحملته من تهديد لاقتصاديات الدول الكبرى بعد أن أكتشفت الكم الهائل لرجال الأعمال الذين يحتفظون بحسابات سرية فى الملاذات الآمنة علاوة على تسجيل شركاتهم فى تلك الملاذات حتى لايدفعوا الضرائب فى بلدانهم وبالفعل تحرك العالم أولا فيما يتعلق بالجانب الضريبى حيث فرضت فرنسا على بنوكها متطلبات قوية خاصة بالشفافية ورفع التقارير عن الأنشطة المصرفية فى الملاذات الضريبية الآمنة، فضلاً عن المعايير الدولية الخاصة بتبادل المعلومات ومؤخرا ظهر بصيص من الأمل فى الأفق، فاعتبارا من أول فبراير الماضى لم تعد أموال الطغاة السابقين آمنة فى الحسابات البنكية فى سويسرا. وأصبح هناك الآن قانون فى سويسرا يسمح بإرجاع الأموال إلى الحكومة الشرعية وليس لعائلات الديكتاتور السابق. وأصبحت هاييتى هى الدولة الأولى التى تستفيد من هذا القانون ولذا حمل أسم «قانون دوفالييه» الجديد، وستتلقى حكومة هاييتى ما يقرب من 4.4 مليون يورو من الأموال المجمدة فى المصارف السويسرية العائدة لعائلة "بابا وبيبى دوك" دوفالييه.
المصدر: ملتقى شذرات

__________________
(اللهم {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} (البقرة:201)
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
الملاذ الضريبي ، الأموال ، الفساد


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
أدوات الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع "سرية الحسابات" و"الملاذات الضريبية الآمنة" الدافع الأكبر لاستمرار نهب الشعوب
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
"أوبر" تضيف خاصية "سرية" مثيرة للقلق إلى تطبيقها Eng.Jordan أخبار منوعة 0 12-11-2016 01:09 PM
"الحياة":"الاخوان" يحاكمون "زمزم" غيابياً ولجنة "حكماء" تفشل في رأب الصدع Eng.Jordan الأردن اليوم 0 02-13-2014 09:57 AM
مفتي"جبل لبنان": تدخل "إيران" و "حزب الله" في الشأن السوري "عمل إرهابي" ابو الطيب أخبار عربية وعالمية 0 12-09-2013 10:14 AM
" عبقرية الشر " و "مرسى وابتسامتى " الأكثر مبيعا بـ"اكتب" Eng.Jordan أخبار ومختارات أدبية 0 02-13-2013 10:10 AM
حملة سعودية ضد الحسابات "المشبوهة" على "تويتر" Eng.Jordan مواقع التواصل الاجتماعي 0 11-27-2012 08:41 PM

   
|
 
 

  sitemap 

 


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 04:34 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59