#1  
قديم 12-21-2014, 09:10 AM
الصورة الرمزية عبدالناصر محمود
عبدالناصر محمود متواجد حالياً
عضو مؤسس
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 56,039
ورقة المشهد العراقي ومتطلبات الوعي


المشهد العراقي ومتطلبات الوعي للخروج الآمن
ــــــــــــــــــــــ

(حارث الأزدي)
ـــــــ

29 / 2 / 1436 هــ
21 / 12 / 2014 م
ـــــــــــ

العراقي ومتطلبات _8937.jpg

يطلق السياسي تصريحه فتتلقفه الفضائيات عواجل وأخبارا جديدة على مدار الساعة، ثم تمطه أقلام الكتاب تحليلات بمقالات طويلة تسامر وتخامر الرأي العام خداعا وتحليلا وآراء.

ومن بعد ذلك تنتمي لطروحات الجميع مجاميع تردد التصريحات على عماها وتنتصر لها، وإن كانت غير مشمولة بمميزات من أطلقها، فهي كما يعلم الجميع تصريحات مدفوعة الثمن… وينظـّر للحل كتاب ومحللون بعضهم يناقش تفاصيل النتيجة، وبعضهم الآخر يزين تفاصيل الجريمة في ما تغيب عن التحليل والكتابات الأسباب التي أدت إلى تلك المصيبة الا قليلا مما ينشرون.

بهذه الكلمات التي تصف حال الخائضين في الوحل سعيا إلى الحل، يمكننا تفكيك المشهد العراقي، من خلال البحث في أسباب القوى الفاعلة، وإلى أين تسير البلاد في ظل حكم مستحكم للقوى الكبرى والثانوية بتنفيذ هذه الشراذم القاتلة.

غزت العراق بغزو الولايات المتحدة الأمريكية له عام 2003 أحزاب وأفكار وجماعات وشخصيات استحوذت على المشهد، بحكم الاعتماد الأمريكي لهذه المجاميع أحزابا وجماعات وأفرادا، ومن الداخل انبرت مثلهم كانت تنتظر الفرصة في الظهور من تحت أنقاض البلاد، وجميع هاتيك المجاميع فهمت المراد ووعت أسلوب الاعتماد والت**** وعرفت خطة التطبيق وأمعنت في خريطة التنفيذ، إراقة للدماء ونهبا للأموال وإشاعة للفساد بأنواعه، عبر تجارة معتمدة في ظل الديمقراطية التي صدرتها أمريكا إلى العراق متخفية تحت غبار دبابتها وآلتها العسكرية.

الطائفية والعرقية والتقسيم المزدوج تمثل فقرات العمود الفقري لمشروع استهداف بلد كان يمثل نقطة الاتزان على مر تاريخه بين الجهات الأربع، فهي الوصفة المعتمدة الموصى بها من مراكز الدراسات الغربية، فلم يكن تقسيم بول بريمر وليد لحظته، أو أنه من بنات أفكاره.

فالأمر مرتب ومخطط له وليس عشوائيا، كما أوحت كونداليزا رايس بأن الفوضى الخلاقة ستجعل الناس تتطاحن في ما بينها ليبقى الأقوى والأقدر على حكم البلاد يحكم الباقين منه، والتي تشير تقديرات دراساتهم إلى أنه سيكون بما لا يزيد عن خمسة ملايين نسمة، أو أن تتقسم البلاد إلى دويلات متناحرة على حدودها مناطق متنازع عليها شبيهة بمناطق الحياد والتنازع بين المقسمات من تركة الدولة العثمانية بين الدول العربية وغير العربية، عقب تقسيمات سايكس بيكو، ستبقى حروبها مستعرة لعقود وإن خبت هذه الحروب لضعف بعض أطرافها أو تعقلها يكون بمقدور المخطط إشعالها وقتما يشاء.

الأحزاب ذات الصفة الإسلامية لم نجد لها أثرا يذكر في الشارع العراقي ثقافة وأخلاقا، مما حوته أدبياتها التي تغنى بها دعاتها لعقود من الزمن، لم نجد غير أحزاب تعبوية تملأ الشارع ضجيجا للأخذ بالثأر ودعوات القتل والتنكيل والتحشيد نصرة لشخصية أو مذهب أو هدف وهمي، أو حتى تخويفا من عدو متخيل.

أما الأحزاب الليبرالية فلم نجد من تطبيقاتها في المشهد العراقي إلا التافه من الأمور حتى باتت أضحوكة لمن يأتي على ذكرها في خضم المشهد السياسي العراقي، ويكفي أن يحكى لك أن الحزب الشيوعي العراقي أفرد إحدى غرف مقره ليكون مصلى لأعضائه، تمشيا مع النفس الطائفي المعتمد في العملية السياسية في العراق، وليس لمجاميع الميليشيات التي ظهرت بكامل قياداتها المنشقة والملتحمة سوى هياكل فارغة تحركها أصابع لا تخفى على أي متتبع للمشهد العراقي في الداخل والخارج.

بل لا أكاد أن آتي بجديد إن قلت إنها بمجموعها تحاكي نموذج الكاريزما لشخصية آفلة عن المشهد الإقليمي، بعد دخوله في الصراع السوري فقد كان قبله يوهم الناس بمقاومته وممانعته، لكنهم فشلوا حتى في التقليد الذي لا يملكون غيره بضاعة للتسويق، وليس لهم سوى الانغماس بمزيد من الدماء لإبقائهم على قيد المشهد.

ولعل مقولة أن تكون جزءا من اللعبة هي مفتاح مغاليق الاعتماد لمن يقارن بسذاجة بين السماح لميليشيات ممارسة جرائمها بغطاء حكومي في ما يلاحق آخرون يريدون صد جرائمها، والسذاجة هنا لا تشمل الذين يطرحون التساؤل كشفا للرأي العام وإعلاما للناس، أن في الأمر لعبة بضوابطها الأمريكية، بل السذاجة كل السذاجة لمن يتصدى لها وهو غير مكتمل الأدوات فكرة وتطبيقا فيحاول التصدي لها ثم ينغمس في المشروع من حيث لا يدري.

ثمة متفائلون في الطرف الممسك بالسلطة الآن، بأنهم تمكنوا من فرض سيطرتهم على المشهد، وانهم باتوا ذراعا تطال بها إيران ما بعد عنها، أو أنها تحرص على ألا تكون في الصورة من باب الضرورة في ممارسة القيادة من الخلف والتحكم بخيوط اللعبة، ومثل هؤلاء في الطرف المقابل حالمون أو مستثمرون أو وصوليون يعملون على ترقيع الشق أو معالجة الفتق الذي أحدثته أمريكا في الجسد العراقي، عبر أكذوبة الإصلاح من الداخل، ولكنهم بمجموعهم مخدوعون وسيئون يؤمنون بقواعد اللعبة، ولا أحد منهم يفكر بتغيير قواعد اللعبة، فضلا عن المطالبة بذلك، وكلا الفريقين لا يمثلان سوى أدوات لعبة تستهدف العراق أرضا وشعبا.

وبعيدا عن ميدان المتفائلين والحالمين، ثمة من كان يقول قبل وصول هؤلاء واشتراكهم في هذه اللعبة، إن المنطقة مقبلة على كارثة، وإن أنهارا من الدماء ستسيل على أرضها لتخط حدودا جديدة، فترفع أقواما وتضع آخرين ويزيد في مقولته التي – لطالما وصفه بعض سامعيه أنه متشائم ونظرته سوداوية – بان شعوب هذه المنطقة ستتعرض لمجاعة وفقر حتى أن قرص الخبز سيكون بدينار (كان قرص الخبز وقتها بعشرة فلوس) أي أن الدينار به مئة رغيف خبز وقت مقولته وللتذكير فإن رغيف الخبز اليوم وصل الى 250 دينارا للقرص الواحد.

وإذا كنا قد تحدثنا عن الطرف الأول بفريقيه المتفائل والحالم، وكيف أنهما باحثان عن سراب ـ وعن الرجل المحذر من كارثة مستقبلية ربما نعيش بعض إرهاصاتها الآن كان لابد أن نتحدث عن طرف مقابل، فيه فرق كثيرة، إذ انبثقت عقب دخول الاحتلال حركات سياسية وعسكرية واجتماعية كثيرة، منها الصادق في نيته بطريق صحيح لكنها مستهدفة من جميع القوى اللاعبة في الساحة العراقية، لما تمثله من خطر داهم على مشروع المحتل وأدواته، وهي تعمل بجهود ذاتية تمثل في حدها الأدنى الإبقاء على قيد الحياة للشعب، وإعلانا بأن حياة لاتزال تدب في عروقه، ومنها الصادقة في نيتها لكنها بفهم مشوش مغلوط يريد حرق المراحل والوصول إلى الأهداف بأي وسيلة متاحة ولو كانت فيها شبهة فكانت منطقة استهدافه ومحاصرته، ومنها حركات ظاهرها الإخلاص وباطنها تتلاعب فيه أصابع الدول الكبرى ودول التمدد الإقليمي وباقي دول الجوار.

خلاصة القول، إن الوعي يشكل نقطة الخلاص، والإخلاص عموده الفقري الذي عليه يقوم، وإن سراب الرؤية للمتفائلين الممسكين بزمام السلطة حين تأخذهم نشوة الانتصار والتمكين إنما هي لمدة محدودة بحسب من خطط لهم، أما الحالمون بالإصلاح وهم منغمسون بالفساد.

فقد آن وقت إيقاظهم ولو بالقوة، فما عاد هناك وقت ليمارسوا فيه خداعم بالإصلاح، فللإصلاح شروطه والتزاماته وليس استثمارا في الفساد، لكن مراجعة ضرورية في تنظيف الصف لمن انطلق سابقا لحياة العراق عليه أن لا يعيد تكرار أخطائه، فلم يعد في الزمن متسع لتحمل الأخطاء أو إعادة انتاجها، وتبقى رؤية الرجل المتشائم ذي النظرة السوداوية، كما يصفه مناوؤه، محل دراسة وتمحيص فليس ما يجري عشوائيا من دون تخطيط، وإن الوعي بمفرده من دون خطوات تنفيذ محض خيال لا يصلح ما أفسده الفاسدون.

ـــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر: ملتقى شذرات

رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
المشهد, العراقي, الوعي, ومتطلبات


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
أدوات الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع المشهد العراقي ومتطلبات الوعي
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
أسس ومتطلبات إدارة الجودة الشاملة في سياسة التعليم بالمملكة العربية السعودية Eng.Jordan بحوث و مراجع و دراسات تربوية واجتماعية 1 04-28-2015 07:37 PM
تطورات المشهد الإسلامي بأنغولا عبدالناصر محمود المسلمون حول العالم 0 12-01-2013 08:43 AM
قراءة في المشهد السوري الساخن عبدالناصر محمود مقالات وتحليلات مختارة 0 08-29-2013 07:34 AM
المشهد الانتخابي في إسرائيل: 34 قائمة متنافسة Eng.Jordan أخبار الكيان الصهيوني 0 12-08-2012 10:18 PM
إدارة التغيير ومتطلبات التطوير في العمل الإداري Eng.Jordan بحوث ومراجع في الإدارة والإقتصاد 0 03-03-2012 12:24 PM

   
|
 
 

  sitemap 

 


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 03:43 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59