#1  
قديم 08-14-2016, 07:06 AM
الصورة الرمزية عبدالناصر محمود
عبدالناصر محمود غير متواجد حالياً
عضو مؤسس
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 55,968
ورقة نشاط الكنيسة.. نشاط المسجد


نشاط الكنيسة.. نشاط المسجد*
ـــــــــــــــ

11 / 11 / 1437 هـ
14 / 8 / 2016 م
ــــــــــــ

الكنيسة.. 2bd19e677fcda6608ade44456f21ca28-796x427.jpg






عقدت الكنائس الكاثوليكية، خلال الفترة 26- 31 يوليو (2016م)، بمدينة كراكوف في بولندا، فعاليات "اليوم العالمي للشباب - WYD" في دورته الـ26. وهي فعاليات دينية تستهدف جيل الشباب "المسيحي"، ويحضرها مئات الآلاف من رعايا الكنيسة الكاثوليكية برعاية البابا أو من ينوب عنه. وقد ترأس البابا فرنسيس القداس الذي أقيم بهذه المناسبة بحضور أكثر من مليون شخص –بحسب بعض التقديرات. وحضر القداس الأخير رئيس بنما "خوان كارلوس"، والذي ستستضيف دولته المناسبة عام 2019م. تقوم هذه الفعاليات في مجتمعات ديمقراطية وأنظمة علمانية دون أن توجه لها تهم التطرف والغلو، أو الطائفية والمذهبية. بل عادة ما تشارك الحكومات المستضيفة في خدمة هذه الفعاليات، وتذليل العقبات لها لتسهيل وصول الشباب المسيحي إليها والحصول على كافة الخدمات التي يحتاجها. ويحضر الشباب المسيحي –من الجنسين- لهذه الفعالية من جميع دول العالم، دون أي رقابة مسبقة، أو تحقيق لاحق، أو تصنيف تجاه حركات دينية!

انطلق هذا المؤتمر عام 1985م من روما، وأصبح يعقد -من ثمَّ- كل سنتين أو ثلاث سنوات. ويشارك في حضوره رؤساء ووزراء ومسئولين من دول مختلفة؛ ودون أي استنكار من قبل الحكومات والأحزاب. وتظهر فيه الخطب والصلوات والشعارات الدينية التي يقوم بها قساوسة وكهنة مسيحيون كاثوليك.

عودة البعث النصراني:
------------

يعيش المجتمع الغربي فراغا روحيا وجفافا إيمانيا على إثر عقيدة الإلحاد التي سادت عالمه، وحمأة الشهوات التي صبغت حياته. فالإلحاد السلبي لا يفيد الإنسان منظورا إيجابيا نحو الوجود والحياة والإنسان بقدر ما يضاعف حجم الألغاز التي تبرز في حركته في مواجهة الأقدار. كما أن صور الانحلال الأخلاقي والشهواني بلغت مداها ولم تشبع نهم "النفس الأمارة بالسوء" غير المتناهي.
من هنا يأت البحث عن دين جديد أو العودة إلى الدين القديم ليمثل ظاهرة متنامية في المجتمعات الأوروبية والأمريكية. علما بأن الكنيسة –رغم تراجع حضورها وفاعليتها في الحياة العامة والمجتمع- ظلت قائمة ونشطة في محاولة ملأ الفراغ الذي نشأ عن الإلحاد والنظم العلمانية التي سادت القرنين الماضيين. كما أنها طورت من خطابها وأدواتها ورضيت بالتعايش مع طبيعة الأفكار السائدة وأنماط العيش المتبعة في سبيل ألا تفقد ما تبقى لها من حضور.

إن القطيعة بين أوروبا والمسيحية لم تكن قطيعة تامة، فقد ظلت الشخصية الأوروبية ترى في المسيحية جزءا من هويتها القومية. وهي تستدعي هذا المكون الدفين في تاريخها عندما تتعلق القضية بالصراع مع الإسلام وحضارته. لذا ينادي البعض بالحفاظ على أوروبا خالية من أي وجود إسلامي، أكان على مستوى مجتمع أو دولة.[1]
وتجتهد الكنيسة الكاثوليكية في استعادة شيء من مكانتها ودورها في الواقع المعاصر، مسنودة بمواردها التي تمكنها من فتح القنوات الفضائية والإذاعات وطباعة المجلات والكتب ونشر الإرساليات عبر العالم. ويتنقل بابا الفاتيكان بين الدول الغربية كزعيم يحظى بحفاوة الاستقبال والتكريم.
لا يتوقف الأمر على الكنيسة الكاثوليكية، فالكنائس الإنجيلية تشهد حراكا أكبر وانتشارا أوسع، وتعتبر من أكثر الكنائس نموا في عدد المنتسبين إليها سنويا. وفي ظل التفوق الغربي المادي وعولمة نمط العيش الغربي إعلاميا تقع العديد من الشعوب تحت تأثير رهبة هذا التوفق الكبير الذي يسجل لصالح الغرب، وهذا بدوره يسهم في تسويق "المسيحية" كأحد جوانب الحياة الغربية المنشودة.

جيل "صليبي" جديد:
--------------

تعود الكنيسة مجددا لبث عقيدة الصليب وبقوة في نفوس الشباب الغربي المتعطش لدين يملأ روحه وقلبه. فالصليب حاضرا في كل فعاليات الكنيسة العامة والخاصة. وبمناسبة احتفالات الذكرى السادسة والعشرين ليوم الشباب العالمي تم عرض فيديو صليب الأيام العالمية "قوة الصليب"، والذي شاركت في إنتاجه وكالة "إيتش تو أو نيوز".

وفي مواعظه التي ألقاها البابا على الشباب قال: "هذه هي هويتنا الروحية: إننا أبناء الله المحبوبين، على الدوام"؛ وأضاف: "الله يحبنا على ما نحن عليه، وما من خطيئة أو عيب أو خطأ يجعله يغير رأيه"!.. "لأننا أبناؤه الأحباء على الدوام. لنتذكر هذا في بداية كل نهار". بمثل هذه العبارات تطرح الكنيسة تصور الرجل الغربي "الأبيض" عن نفسه، وعن عقيدته، في حين تصور الآخرين أشرارا وأتباعا للشيطان.
هذه المظاهر لا يمكن فصلها عن مظاهر الجنود الغربيين –أمريكان، روس، أوربيين- الذين يشاركون في الهجمة العسكرية ضد المنطقة تحت لافتة "محاربة الإرهاب" في حين يحملون الشعارات الصليبية معهم؛ وعن إشارة ساستهم -بصورة أو بأخرى- إلى قدسية هذه الحروب، أو إلى كونها امتدادا للحروب الصليبية.[2]

كما أنَّ حالة العداء المتنامية في أوروبا وأمريكا تجاه المسلمين تغذيها أحزاب يمنية مسيحية متطرفة، وكنائس تعتبر الإسلام خطرا على المجتمع الغربي. " في الوقت الحالي، يعد حزب الشعب الأوروبي، ذو التوجه الديمقراطي المسيحي، أكبر مجموعة برلمانية في البرلمان الأوروبي منذ عام 1999م، ويشكل الأغلبية في المجلس الأوروبي منذ عام 2002م، وهو أكبر حزب في الاتحاد الأوروبي. ويتكون من أكثر من 70 حزبًا عضوًا من 40 دولة، وأغلب رؤساء دول وحكومات الاتحاد الأوروبي ينتمون له، وله 13 عضوًا في المفوضية الأوروبية"[3].

قال بابا الفاتيكان بنديكتوس السادس عشر، في محاضرة علمية، ألقاها في جامعة ريجنسبورج الألمانية، أمام نخبة من المثقفين والأكاديميين، في 13 سبتمبر 2006م: "فقط أرني ما أتى به محمد وجاء جديدا، عندها ستجد فقط ما هو شرير ولا إنساني، كأمره نشر الدين الذي نادى به بالسيف". متهجما على الإسلام، وقادحا في جملة من الأمور التي تعتبر مسلمات وبديهيات في العقيدة الإسلامية، حيث قام بعقد مقارنة ضمنية بين الإسلام والمسيحية، ليخلص منها إلى إثبات أفضلية المسيحية على الإسلام.
ويلاحظ الكاتب والباحث المغربي محمد رضوان -في كتابه "أوهام الغرب عن الإسلام"- أن العقد الأخير من القرن العشرين والعقد الأول من القرن الحالي شهدا: "عدة أحداث ومواقف تشي بالأحقاد الغربية الدفينة تجاه العالم الإسلامي، فتعرض كثير من أجزاء هذا الأخير لعمليات تدمير ونهب ونشر للفوضى العارمة، كما لم تخل كثير من تلك الأحداث والمواقف من دوافع عدائية دينية وحضارية قديمة، برغم من محاولات إخفائها باعتبارات سياسية أو أمنية أو قانونية"[4].

الخلاصة:
=====

تتقدم المسيحية غربيا وعالميا، ويفسح لها المجال للتبشير في دولها الديمقراطية العلمانية، بينما يحارب الإسلام ويضيق عليه في بعض الدول الإسلامية، ويتهم حملته، ويمنعون من حقوقهم في الدعوة والتعبير. كل ذلك تحت ذريعة "الإرهاب" التي انطلقت منذ 2001م لتكون غطاء لتمرير كافة السياسات المعادية للإسلام، ولعسكرة المنطقة بصورة عبثية تهدد الاستقرار والأمن الإقليمي والدولي.
يتم هذا في الوقت الذي تختطف الإسلام فرق البدع والضلال وأصحاب الغلو والتطرف الذين يستحلون دماء مجتمعاتهم الإسلامية ويوجهون سهامهم عليها. لذا من الضروري أن تقف الدول الإسلامية خلف دعوة الإسلام، بسماحته واعتداله ووسطيته، كما هو الحال بين الكنيسة والدول الغربية إذا لم يكن بشكل أقوى، باعتبارها دولا مسلمة تنص دساتيرها على أن "دين الدولة الإسلام"، وعلى أن الشريعة مصدر القوانين.

إن الظروف الصعبة التي تمر بها المنطقة وتحمل في طياتها معاناة قاسية وصراعا داميا تتطلب خطابا دينيا راشدا يعزز الإيمان والقيم والأخلاق والحالة الروحية الإيجابية والنفسية المتزنة. ما لم فإن التطرف –بمختلف توجهاته- سيقود المنطقة إلى توحش خال من الدين والعقل والضمير.
------------------------------------------------------
[1] قام الصرب والكروات في العقد الأخير من القرن العشرين بإشعال حرب ضروس للقيام بعمليات إبادة جماعية ضد مسلمي البوسنة والهرسك والبلقان، من أجل تطهير أوروبا من الوجود الإسلامي. ونادى ساسة أوروبيون عدة بعدم قبول تركيا ضمن الاتحاد الأوروبي لكونها دولة مسلمة (رغم أن نظامها السياسي علماني)!
[2] في الأسابيع التي أعقبت هجمات 11 سبتمبر عام 2001م، على نيويورك وواشنطن، وصف الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش (الابن) حملته العسكرية ضد العالم الإسلامي بأنها: "حملة صليبية". وبعدها بسنوات امتدح خطاب مارك راسيكوت -رئيس الحملة الانتخابية لبوش ونائبه ديك تشيني، في 3 مارس 2004م، في ولاية فلوريدا، بوش (الابن) لقيادته "حملة صليبية" عالمية ضد ما وصفه بـ"الإرهاب".
وفي سبتمبر 2015م، أيدت الكنيسة الأرثوذكسية في روسيا قرار موسكو في التدخل العسكري بسوريا، والذي جاء تحت ذريعة "محاربة الإرهاب" أيضا، باعتبار الحرب "معركة مقدسة"!
[3] ماذا تعرف عن الأحزاب الدينية في أوروبا؟، موقع ساسة بوست، في: 5/11/2015م:
http://www.sasapost.com/politic-religion-european/
[4] ص: 80.






ـــــــــــــــــــــــــ
*{مركز التأصيل للدراسات والبحوث}
ــــــــــــــــــــ
المصدر: ملتقى شذرات

رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
المسجد, الكنيسة.., نشاط


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
أدوات الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع نشاط الكنيسة.. نشاط المسجد
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
هذه الصورة تزيد نشاط مخك وتركيزه عبدالناصر محمود الصور والتصاميم 0 05-30-2015 07:14 AM
حدث فى عهد حكومة حركة النهضة الاسلامية إيقاف نشاط جمعية العلوم العربية والشرعية بصفاقس ابو الطيب مقالات وتحليلات مختارة 0 09-23-2013 06:42 AM
هبوط نشاط القطاع الصناعي في الصين لأدنى مستوى في 9 أشهر ام زهرة أخبار اقتصادية 0 06-20-2013 05:56 PM
قلق بريطاني من قوة نشاط المنتدى الإسلامي الأوروبي Eng.Jordan مقالات وتحليلات مختارة 0 01-17-2013 09:12 PM
اللبان المر يفيد مرضى الروماتيزم ويوقف نشاط بعض الخلايا السرطانية Eng.Jordan رواق الثقافة 0 11-18-2012 11:04 PM

   
|
 
 

  sitemap 

 


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 01:41 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والمشاركات المطروحة تعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59